Telegram Web
.
الحمد لله الذي أعطى وأفضل، وأكرم وأجزل..

أشرقت شمس اليوم العشرين
والتي بغروبها تبزغ العشر الأواخر من شهرنا المبارك..
وأغاث الله بعض البلاد بغيث مدرار، تفتقت عنه مزن السماء، وبرد به الطقس والماء..
وكأنها فاتحة طيبة مباركة ميمونة..
كأنها هدايا العشر تهطل على المسلمين الموحّدين بكل مكان..
كأنها وخالقي رسائل طمأنة فوق الذي في صدور الموقنين من ربهم..

ويا لجلال التوقيت والميقات!!

يقترن الميعاد العظيم بليلة الجمعة العظيمة..

وتصبح شمسه بعد ليلة وترية قد تكون ليلة القدر؛ شمس يوم فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تبارك وتعالى إلا أعطاه الله سؤله!

فيا الله! يا الله!

يا ضيعة من فرط، واستحكمت على قلبه مغاليق قنوطه..
ويا حسرة من غفل، ففاته موسم يودّ الموتى أن لو أدركوا منه لحظة واحدة..

ويكأن صوت النبي صلى الله عليه وسلم في أذن المؤمن المشتاق الراغب اللهفان، التائق الطالب الظمآن ؛ يتردد بقوله لأم حارثة رضي الله عنها: " إنها جنـــــــــــان"
وقلبه يطوف حول مستقرّ الحديث: " وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى"!

يحدوه يقينه أن يصيب كما أصاب حارثة رغم حداثة سنه، يهتاج صدره كلما وقف بين يدي أكرم الأكرمين وقد جعل له الجنات مفتحة أبوابها، والأسحار مبسوطة ألبابها، والأفضال مسبلة أثوابها، والحسنات متهيئ ثوابها..!

ينادي رب العالمين بصوت خفي في سجدته متذللًا، و يجأر به عاليًا في وقفته راجيًا مبتهلًا..

وعلى يمينه ممرغ لربه وجهه في مواطئ الأقدام ساجدًا يقول : سيدي ومولاي ها ناصيتي الخاطئة بين يديك؛ أعترف باقترافي، فارغة دلائي وخفافي، خفيفة موازيني ثقيلة أكتافي، فهل ترحم العبد المستغفر الندمان؟!!

وعلى يساره تالٍ ما جفّ لسانه من قطر الآي يبلّ به عمره وروحه وشغافه، يكاد أن يصل ليله بنهاره يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه!!

وأمامه واقف حتى لا يكاد ينثني من طول وقفته، وانحناء رقبته، وتكرار دمعته، وتتالي رجفته، يراه مرتجفًا يغشاه حال الخائف، ويعلوه تعب الآسف!

وخلفه أمّة من العباد، على اختلاف حاجاتهم، وتباين حالاتهم، غير أنهم كلهم ذلك الوجل من الإعراض والإبعاد، والخذلان والكساد..!

وهكذا..
يتقلب بين عبد وعبد..
وكلهم له عبد..

فادخل باب الله ببطاقة العبودية!
وقف على أعتاب الملك بحُلة المساكين!
واخلع علائقك عليقة عليقة!
واخجل أن تقف بقلب غافل!
وروح متورطة بالزائل!
ونفس موزّعة!
وسريرة مشوبة لا تفقه من السجود إلا ملامسة الأرض وانخفاض الجسد!!

واستعذ بالله من يأسك؛ حتى وإن أحبط روحك ما تراه عيانًا!
فالله فوق كل شيء
"وهو القاهر فوق عباده "

ولئن تدخل العشر بقلب كله حسن ظن بالله ولو قل العمل؛ خير لك من قيام كل ليلة بقلب منصّف!
جزء في الشك وجزء في اليقين!!


وتبارك الذي بلّغك هذه العشر، ومبارك عليك الدخول من باب الأحياء في رمضان!!

فأحيِ الليالي والأيام؛ فقد تكون آخر الليالي والأيام في عمرك!!


.

#في_ظلال_العشر 🕋🌧️


أتحسب أن يقينك لن يُبتلى؟!!

ما فهمت اليقين على حقيقته إذن!

وما اليقين سوى محصول اعتراك اليأس وحسن الظن بفاطر السماوات والأرض؛ فيهيمن الظن الحسن، ويغلب التصديق، وتهزم الثقة اليأس هزيمة تلو هزيمة!!

ستُدكّ مزيد من الجسور بينك وبين مستحيلك!

ستتسع رقعة الفراغ لتهابها فتُحبط وتخور قواك..!

ستُحشد ضدك أسباب تمعن في إقصاء مطلوبك..!

سترى بابًا عاليًا منتهاه!
فوق إمكانات وصول بصرك!
ولا وجود لمفتاحه حتى في نسج خيالك!

ستعلو كثبان قفارك! وتهيج الريح لتذروها في وجهك وعينك!
ستعميك!
وتُلهب صدرك!

ستحصل نتائج عكسية مهولة بعد طويل إلحاحك، فتراها من خلفك جيوشًا ترهبك!
تخيّل إليك أن يقينك وهم، وأن صمودك هلوسات!

سينصحك الأقربون أن تفلت مرغوبك العزيز الخالص، وما نذرته ليكبر في نفسك عمرًا لم يكن هينًا..!

سيشير عليك حكماء الأرض أن ترتدّ عينك كسيرة هذه المرة؛ فحتمًا ستعيد إرسالها إلى سماء تليق؛ لتتماهى بنجمك الذي لك مرة جديدة!

سيعطف عليك محبوك؛ فيذرونك تنظر في ظاهر الأقدار نظرة المستعيض لتسلو وتترك يقينك!

سيبدل حاسدوك وجوههم ليتقنّعوا ويصبحوا ناصحين؛ فيدسّون تثبيطهم في كلمات تشيد بك قويًا لا يستضعفك مطلوب، وحرّا لا يستعبدك مرغوب، لتخلد إلى الأرض بعد ذلك! فثمَ إفلاسك!!

ونفسك!
آخ من نفسك إذا تعبت!
هي القاصمة، لا من حولك!
وحتى هي! ولّها ظهرك!
ويمم قلبك في محرابك شطر القبلة وارفع كفّك
أو اهبط ساجدًا
أو مرغ وجهك في موطئ قدمك!
نعم!
مرغ وجهك في موطئ قدمك لرب العزة والجلال! فحيث ذلّك بين يديه يكون العز، وهناك في مهبطك تعلو حيث المراد..!

سله حثيثًا لا تزاحم صدرك ذرة من شك!
واتخذ لك إليه وهو القهار القدير سبيلك!

إلى الله القهار..!!

ويحك!!
" أتدري ما الله" ؟!!
" هو الحق"
" له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير "
" له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرًا"

فأين تذهب بثقة قربتها إليه في خلوات نجواك زلفى؟!!
وماذا سيكون عذرك إن سقط من يقينك مقدار ذرة؟!!

ألم يلهمك الدعاء في وقت لهى فيه غيرك؟!

ألم يخترك قائمًا بين صفوف المبتهلين، في حين كره انبعاث كثير عداك؟!!

ألم يمنّ عليك بثقة به شعرت بشاشتها في روح روحك؟!!
وتلمست نورها في رؤاك وآرائك؟!!

ألم يجدك طريح يأسك فآواك إلى رحاب العلم بأسمائه وصفاته وآياته ومشاهد قدرته وآثار رحمته؟!

ألم يحيِ في قلبك اليقين ساعة أماته في قلب قانط أرعى أبالسة الأرض أذنيه، وذلّل لهم نفسه؟!!

ألم يسخر لك عبدًا من عباده الموقنين ليذكرك إذا نسيت، ويعلمك إذا جهلت، ويستحثك مُجدّا تشد العزم إن لمح في قوتك فتورًا وخورًا..؟!!

" فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم "
تعالى الله عن بشريتك الملولة..!
تعالى الله عن جبلّتك العجولة..!
وتعالى الله العليّ عن يأس تسلل إلى نُسكك..!
وتعالى الله القادر عن مشهدك خائرًا ترجع القهقرا..!

يا للشقاء..!!
قد أثبتوك أرضًا وعند المجيد في سماواته لك محراب لا يُحدّ..!

وضيّقوا عليك بتزيين الزهادة في غير موضعها، وباب الواسع مفتوح لا يُسد..!

وآذنوك ببوادر المنع، وما اجتزتَ بعدُ امتحان يقينك، وأنت تعرف أن أول التمكين ابتلاء..!
يطول أو يقصر!
لا تسل!
لا يُسأل الله عما يفعل..!

آخ!
أضاقت فصرت أضيق منها وأنت عبد الواسع..؟!

أأرهبتك حيّات الظنون إذ نحوك رأيتها تسعى؛ وأنت الملحّ أبدًا بقول موسى: " كلّا "..؟!

أسئمت؟!
والدعاء إيناسك، وأنت الذي ترى في نجواه غسول وجدانك، وتلهج كل مقام لك بين يديه: ( واجعل مناجاتك أحب إليّ من الماء البارد على الظمأ..!)

يا مسكين!
قربات الأولياء محفوفة بعظيم البلاء..!
كربات الأصفياء محشوّة بأشد أحوال العناء..!

والنائلون تحت مشيئته على ضربين:
ثلة ينالون مذ تُرفع الأكفّ؛ أو يمكثون زمنًا يسيرًا، وذلك فضل وليّهم يؤتيه من يشاء!!

وقليل ممن يمكثون على الأعتاب طويلا طويلا، راضين..!

تعرف معنى الرضا..؟!

المحبّون يرضون..!

راضين، نَسُوا في حضرة الأنس به؛ مطالب أوحشتهم الدنيا بخلوها منها، فإذا نالوا؛ تركوا المنال وبقيت محاريبهم بهم عامرة!!

مستأنسين!! :)

:)
تبسمْ عجبًا لهم!
هؤلاء
هناااااااااااااااااااااااااااااااااك في منتهى ما يكون عليه المؤمن المكين!


فطِر إليهم إذا استويت
وإلا؛ فاشتغل بصنع جناحك!

وأبحر في أحوالهم إذا قدرت..
وإلا فالزم صناعة فلكك!
وانج بيقينك!
ولا تلتفت!

واترك العبيد..!

فمن هوان العبد على نفسه، وهوانه على عبد مثله؛ طلبه شيئًا من مثيله يقدر الله عليه، وما من شيء إلا عليه الله قدير.

واستغفر ربك العلي العظيم من طول مناجاة عبد عبدًا، أو طول بث وشكوى، أو طول وقفة عند عتبات المخلوقين!


فـ " الله لا إله إلا هو " الملك الحق!

وكل ما يعلّقون به ظنونهم هو الباطل!
مجرد ألفاظ؛ خالية الوفاض!
مكتظة بالنقص والشك والجهل واليأس والتشاؤم والاعتراض!
وحدودهم لا تتجاوز التخمين والاحتمال والتنبؤ والافتراض!

أما ربنا..!
فربنا على كل شيء قدير.

آمنت أو لم تؤمن!
إما شقي أنت بما تظن



وإما سعيد.


.







٢٤ رمضان | ١٤٤٦هـ🌲
.
.


📨🎈••

رُؤي الهلال..
وبزغ شوال..
و أينعت ٢٩ روضة أنبتها غيث الجليل المتعال..!

واستودعنا الله غراسنا، نسقيه عامًا ونرقب رمضانًا يليه بلهفة لم تغادرنا، وشوق لم يبرح أفئدتنا، وتوق لم يزل فينا مقيمًا..!


أقبل العيد..
وهو وجه الإسلام، ووجهه أبدًا حميد..
فالإسلام عيد العمر..!
وعيد الروح..!
والعيد الزاهر العامر..!
هو العيد الذي لا يخلَق سعده..
ولا يبلى مجده..
ولا يكدر وِرده..


أقبل السعد بعد ذوق الشهد..
حيث الفرح بأثر الطاعة بعد الاستيناس بها..
والبهجة بتمام النعمة، والوصول إلى منتهاها..
والمسرات التي تتوالى على المسلم المتفائل بربه؛ بعد الدعوات الصادقات التي صعدت من قلب قلبه..!

ولذا..
نفرح…
حمدًا لله تبارك وتعالى أن بلغنا شهرنا المصطفى بعد طول ظمأ إليه، فلما التقى الوارد بالموارد العِذاب؛ ذهب الظمأ، وابتلت الروح، وثبت الأجر إن شاء الله!

💌
عيد المسلمين؛ عَوْدٌ حميد إلى أواصر نالها الشيطان بهمزه ونفثه ونفخه..

ومبعث يتكرر في العام مرتين؛ يولد فيه المرء بعد المواسم المعظّمة، وقد وجد لنفسه قدم استصلاح لها، مستشفيًا مستسقيا، مستغنيًا مستكفيا..
لا يضرّه من بعد - إن شاء الله وتفضّل- خاذل يثبط، ولا مفسد يخلّط..!

فتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال..
وأعاد أعيادكم وأنتم في دينكم ودنياكم بخير مقام وحال..

وجمع كل قلب بقلبه وُدًّا وانسجامًا، وتدانٍ وسلامًا..

فإنما عيد المرء:
دوام إسلامه.
وحياة وئامه.

💌
عيدكم مبارك..
عيدكم حب، وأيامكم فرح..🎈


.

١ شوال | ١٤٤٦ هـ 🌲♥️



وتالله؛ لم أنس وأنا أكبّر الله؛ أهلنا في فلسطين، وفي سائر البقاع التي يضُام فيها مسلم موحّد لربنا الكبير الأعلى.

ولولا أن شعيرة العيد شعيرة معظمة؛ ما سُطّرت الأحرف إلا في مواساتكم..
ولا كُتبت التهاني إلا لشهدائكم وأهليهم..

الله أكبر ما طغى كافر وتجبر
الله أكبر بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يُجار عليه..
الله أكبر، فالأرض له يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين..
الله أكبر يجزي الصابرين يوم العرض عليه أجورًا يغرفونها بغير حساب..

وفي الله العوض العظيم، وعنده العزاء الذي يربط على قلب كل مؤمن رضيه ربًا مدبرًا، عظيمًا حكيمًا..

أهلنا، إخوتنا، من لم ننس آلامهم فهي آلامنا، ولم نسمع أصواتنا تعلو في المساجد جؤارًا بالدعاء مثل ما سمعنا أصواتنا بالدعوات الصادقات الملحّات لهم:
يا أخيار الأرض - ولا نزكي على ربنا أحدًا-، وأشد الناس بلاءً - نحسبهم كذلك والله حسيبهم-:
الكلام بالإيمانيات عند كثير من خلق الله يسير، ونطقه سهل، أما أنتم فبراهين الإيمان - إن صدقتم ربكم-.
والموت صعب، والفقد أصعب، وأنتم تلقونه هولًا فوق هول؛ غير أن أهل الرباط تتغير حساباتهم، فالمشهد رغم احتدامه واضطرامه؛ زفاف عند الشهيد، تُغفر ذنوبه مع أول قطرة دم، فما الدنيا ومن أهلها؟!! يود من شدة الفرح بما يرى أن لو يرجع الدار البئيسة فيختطف منها أشلاءه أخرى، ويجمعها أخرى؛ لتتفرق أخرى، وتتكرر لذة اللقاء الأول بمشهد النعيم الخالد!

والمشهد رغم احتدامه واضطرامه؛ يمين ربانية تمسح على صدور المكلومين - إن صدقوا احتسابهم-، فيجد المكروب سلوانًا يعجب هو من نفسه كيف ضم بين جنبيه صدرًا صار مستراحه، وهو المكان نفسه الذي رأى كل شيء من حوله خرابًا ويبابًا..!!

إن الله يا إخوتنا عظيم!
وشأن صدور المؤمنين إذا مسح عليها شأن عجيب..!
يخسف بحسابات الغليان والنار خسفًا يثير ذهول العاقل!!
يبعثر أرقام الإحصاء، وصور الأشلاء، وكلمات النعي والرثاء، ويجمع القلب حول سكينة لم تُعجن من طين الأرض!
سكينة تنزل من السماء!
تغيّر المعاني، وتبدّل المشاعر، وتثوّر الإيمان ليقهر كل قاهر!

من أجل ذلك نرى ثباتًا عزّ مثيله، ونرى في الرجال صبرًا أشد من الجبال الرواسي، ونرى امرأة هي في احتسابها أجلد من ألف رجل، ونرى أطفالًا يصرخون في سمع الزمان بخطب فتّاكة ترتّب المقامات من جديد، وتخفض ما ارتفع، وترفع ما انخفض!!!

هل يظن ظانٌّ أن هذا الثبات تفتّق عن مضغة مهزومة مرجومة؟!!

لا ومنزل القرآن العظيم بالحق:

إن هذا الثبات لمتفتق عن جبال!
أجيال كالجبال بل أشد قوّة..!!

فهنيئًا ورب الكعبة المشرفة لمن صدق الله إيمانه، وصحّ إسلامه، وكان لوجه الله تعالى صبره وكظمه، ورباطه وعزمه.

إخوتنا، أهلنا المستضعفين في دينهم في كل مكان:

تقبل الله صالح أعمالكم..
تقبل الله رضاكم وصبركم ورباطكم..
تقبل الله شهداءكم، وعافى الله جرحاكم، وفك الله أسراكم، وأطعم الله جائعكم، وقضى الله حوائجكم، وكفاكم خبث عدوكم، ونصركم الله نصرًا عظيمًا مؤزرًا عاجلًا غير آجل..
وأبرد الله أكبادنا وأكبادكم بفتح عظيم عاجل من عنده، فهو الرحمن المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


••

📨
أختكم: أفنان.
١ شوال ١٤٤٦هـ
المملكة العربية السعودية
2025/04/01 06:35:04

❌Photos not found?❌Click here to update cache.


Back to Top
HTML Embed Code: