Telegram Web
13_( الأصل الثالث عشر ) :
إنَّ الرضا بالكفرِ كفر ٌ أكبر ،صاحبه مُخلَّد في النار إنْ ماتَ عليه، ودليلُه :
قالَ تعالىٰ :{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }
النساء[ 140 ]
فمَن جالسَ أُناساً يُكَذِّبون بالدين أو يطعنونَ فيه أو يستهزِئُون فيه أو يسبُّونَه أو يَعِيبونَه أو يُشركون باللّٰه، وكانَ راضياً بفعلهِم فهو كافرٌ .
14_( الأصل الرابع عشر ) :
إنَّ الشكَّ في صدق شيء من الشريعة الثابتة بالقرآن والسنة كفرٌ أكبر ،صاحبه مُخلَّد في النارِ إن ماتَ عليه ، ودليلُه :
قالَ تعالىٰ :{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) } الحجرات[ 15 ]
لم يرتابوا : أي لم يشكُّوا في دينهم .
وقال تعالىٰ : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) } الكهف[ 37 ]
فقد كفر هذا الرجل لأنَّه شكَّ في قيام الساعة، وأمّا قوله: لئن رُددت إلى ربّي ، أي لئن رددت إلى ربي كما تزعم أيها المؤمن.
وعن ابنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُمَا قَالَ : ومِنَ النَاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّٰهَ عَلَى حَرْفٍ، قَالَ : كَانَ الرجُلُ يَقدُمُ المَدينَةَ، فَإِنْ وَلَدَت امرَأَتُهُ غُلَامَاً ونُتِجَتْ خَيلُهُ قَالَ : هَذا دِينٌ صَالِحٌ، وإنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنتَج خَيْلُهُ قَالَ : هَذا دِيْنُ سُوء. رواهُ البُخاري
ومعنى يعبد الله على حرف :أي على شكٍّ.
15_ (الأصل الخامس عشر ):
إنَّ التشريعَ في استحلالِ ماحرَّم اللّٰهُ، أو تحريمِ ما أحلَّ اللّٰهُ منْ غيرِ حُجَّةٍ ولا دليلٍ كُفرٌ أكبر، صاحبه مُخلَّد في النارِ إنْ ماتَ عليه ،ودليلُه :
قال تعالى :{ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) } النحل[ 116 ]
وقال تعالى :{ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) }
المائدة[ 103 ]
أي: ما شرعَ اللّٰه للمشركينَ ما ابتدعُوه في بهيمة الأنعامِ من تركِ الانتفاعِ ببعضها وجعلِها للأصنامِ وهي البحيرة التي تقطع أذنها إذا ولدت عدداً من البطون، والسائبةُ هي التي تُتْرَك للأصنامِ،
والوصيلةُ هي التي تتَّصلُ ولادتُها بأُنثى بعد أنثى، والحامي وهو الذكرُ من الإبلِ إذا وُلِدَ من صُلْبهِ عددٌ من الإبل .
وقال تعالى :{ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) }
التوبة[ 37 ]
والمقصود بالنسيء الذي كان يفعله المشركون: تأخيرُ الشهر الحرام إلى شهرٍ آخرَ إذا احتاجوا إلى القتال في الشهر الحرام.
قالَ ابنُ تيمية : والإنسانُ متى حلَّلَ الحَرَامَ المُجمعِ عليهِ، أو حرَّمَ الحلالَ المُجمَعَ عليهِ، أو بدَّلَ الشرعَ المُجْمعَ عليه كانَ كافراً مُرتدَّاً باتِّفاقِ الفُقهاءِ .
16_( الأصل السادس عشر):
إنَّ الطاعةَ لِمَن يُشرّع _ فيستحلُّ ماحرَّم اللّٰه أو يُحرِّم ما أحلَّ اللّٰه _ كُفرٌ أكبر صاحبه مُخلَّدٌ في النار إنْ ماتَ عليه ،ودليلُه :
قالَ تعالىٰ :{ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} اﻷنعام[ 121 ]
أيْ لا تأكلوا ممَّا لم يُذكرِ اسمُ اللّٰه عليه كالميتة، وإنّ الشياطين ليُلقُونَ إلى أوليائهم أن يقولوا للمسلمين في جدالهم: إنَّ المَيْتةَ قتلَها اللّٰه، فكيفَ تأكلون ماتذبحونه أنتم ولا تأكلون ما قتله اللّٰه ،فيقول اللّٰه عزَّ وجلَّ : فإنْ أطعتموهم في تحليل المَيتةِ فأنتُم مُشركون مثلُهم.
وقالَ تعالىٰ :{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) } آل عمران[ 64 ]
وعن عَديِّ بنِ حَاتِم قالَ :( أتَيتُ النبِيَّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمِعتُهُ يقرَأُ في سُورَةِ برَاءَة:{ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ..} قَالَ : أَمَا إنَّهُم لمْ يكُونُوا يَعْبُدُونَهُم، ولكِنَّهم كانُوا إذا أحلُّوا لَهُم شَيْئاً استَحَلُّوه، وإذا حرَّمُوا علَيهم شيئاً حرَّموه.) رواه الترمذي
17_ (الأصل السابع عشر) :
إنَّ الحُكمَ بغير شرعِ اللّٰه كُفرٌ أكبرُ ،والحاكمُ به والمُتَحاكمُ إليه كُفارٌ مُخلَّدون في النار إنْ ماتُوا عليه، ودليلُه:
عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الجُلَّاسُ بْنُ الصامِتِ قَبْلَ توْبَتِهِ، ومُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْر، ورَافِعُ بْنُ زَيْدٍ، وبَشِير، كَانُوا يَدَّعُونَ الإِسْلامَ، فَدَعَاهُمْ رِجَالٌ مِنْ قَومِهِم مِنَ المُسْلِمينَ فِي خُصُومَةٍ كَانَتْ بيْنَهُم إلَى رَسُوْلِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَعَوْهُمْ إِلَى الكُهَّانِ حُكَّامِ الجَاهِلِيةِ، فَأَنْزَلَ اللّٰهُ تَعَالَى فِيهِمْ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) }
النساء[ 60 ]. رواهُ ابنُ أبي حاتم.
وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مُرَّ علَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا _ والمقصودُ بالتحميم تسويد الوجه بالفحم _ ، فَدَعَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي في كِتَابِكُمْ؟ قالوا: نَعَمْ، فَدَعَا رَجُلًا مِن عُلَمَائِهِمْ، فَقالَ: أَنْشُدُكَ باللَّهِ الذي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ علَى مُوسَى، أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي في كِتَابِكُمْ قالَ: لَا، وَلَوْلَا أنَّكَ نَشَدْتَنِي بهذا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُهُ الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ في أَشْرَافِنَا، فَكُنَّا إذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ، وإذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عليه الحَدَّ، قُلْنَا: تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ علَى شيءٍ نُقِيمُهُ علَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ، وَالْجَلْدَ مَكانَ الرَّجْمِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَوَّلُ مَن أَحْيَا أَمْرَكَ إذْ أَمَاتُوهُ، فأمَرَ به فَرُجِمَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ }
يقولُ: ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فإنْ أَمَرَكُمْ بالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ، وإنْ أَفْتَاكُمْ بالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} {وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} في الكُفَّارِ كُلُّهَا. رواهُ مُسلم
وعنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قَالَ كَعْبُ أَسَدٍ وعبدُ اللّٰهِ بن صُورِيَا ، وشَأْسُ بنُ قَيْس بَعْضُهُم لبَعْضٍ : اذْهَبُوا بِنَا إلَى مُحَمَّدٍ لَعَلَّنَا نَفْتِنُه عَن دِينِه. فَأَتَوْهُ فقالوا : يا مُحَمَّد ، إنَّك قَد عرفت أنّا أحبار اليهودِ وأشرافُهم وسادَتُهُم ، وأنَّا إِِنِ اتّبَعْنَاكَ اتَّبَعَنَا اليهودُ ولم يُخالفُونا ، وإنّ بيننا وبين قومِنا خُصُومَةً، فنُحَاكمُهم إليكَ فتقضي لنا عليهم ، و نُؤمنُ لك ونُصَدِّقُك. فأبَى رَسُولُ اللّٰهِ صَلَّى‌اللّٰه‌ُعلَيه‌ِوَسَلَّم ، فأنزل الله: { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) } رواه الطبري.
قالَ ابنُ حَزم: لا خلافَ بينَ اثْنين من المسلمين ،أنّ من حكمَ بحكم الإنجيل ممَّا لم يأتِ بالنص عليه وحيٌ في شريعةِ الإسلام ، فإنّه كافرٌ مُشرك خارجٌ عنِ الإسلام.
قالَ ابنُ تيمية: نُسَخ هذه التوراة مُبدَّلة، لا يجوز العملُ بما فيها، ومَن عمِلَ اليومَ بشرائِعِها المبدَّلة والمنسوخة فهو كافر.
قالَ ابنُ كثير: فمَن تركَ الشرعَ المُحْكَم المُنزَّلَ على محمَّد بن عبد الله خاتَمِ الأنبياء وتحَاكمَ إلى غيرِه من الشرائعِ المنسوخةِ كَفرَ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدَّمها عليه ، من فعل ذلك كفرَ بإجماع المسلمين.
والياسا أو الياسِق هو كتابٌ ألَّفه جنكيز خان، ومِن أحكَامِه : مَن تعمَّد الكذب قُتِل، ومَن أكلَ ولم يُطعِم مَن عنده قُتِل .
قالَ الشنقيطي صاحبُ التفسير: وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يَظهرُ غايةَ الظهورِ أنّ الذين يتَّبعون القوانينَ الوضعية التي شرَعَها الشيطانُ على ألسنةِ أوليائه مُخالَفةً لما شَرَعه اللّٰه جلَّ وعَلا على ألسنةِ رُسلِه صلّى اللّٰه عليهم وسلّم، أنّه لا يَشُكُّ في كُفرهم وشِركهم إلّا من طَمَسَ اللّٰه بصيرتَهُ، وأعماهُ عن نور الوحي مثلَهُم.
قالَ أحمد شاكر: إنّ الأمرَ في هذه القوانين الوضعية واضحٌ وُضوحَ الشمس، هي كُفرٌ بَوَاح لا خفاء فيه ولا مُداورة ولا عُذر لأحدٍ ممّن ينتسبُ للإسلام _ كائناً من كان _ في العمل بها أو الخضوعِ لها أو إقرارِها.
18_ (الأصل الثامن عشر):
إنَّ مُناصرةَ الكفَّار ومعاونتَهُم في حربِهم على المسلمين كُفرٌ أكبرُ، صاحبُه مُخلَّد في النار إنْ ماتَ عليه ،ودليلُه:
قالَ تعالىٰ : { تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) }
المائدة[ 81 ]

وقَالَ تعالىٰ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) }
المائدة[ 51 ]
قال الطبري: فإنَّ مَنْ توَلَّاهُم ونَصَرهم على المُؤمنينَ فهوَ منْ أهلِ دينِهِم وملَّتهِم، فإنَّه لا يتَوَلَّى مُتَوَلٍّ أحداً إلَّا وهُوَ بهِ وبدِينِه وماهُوَ عليه راضٍ ، وإذا رضِيَهُ ورضِيَ دينَه فقد عادَى ماخالفَهُ وسَخِطَهُ، وصارَ حُكمُهُ حُكمَهُ .
قالَ ابنُ حزم : وصحَّ أنَّ قوْلَ اللّٰه تعالَىٰ: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } إنَّما هو على ظاهرِه بأنَّه كافرٌ مِنْ جُملةِ الكفَّار فقط، وذا حقٌّ لايختلف فيه اثنان من المسلمين .

وقالَ تعالىٰ : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) }
النساء[ 98 ]
قالَ ابنُ عبَّاس : أنَّ ناساً مِن المسلمين كانوا مع المشركين يُكَثِّرون سوَادَ المُشركين على عهدِ رسولِ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليْه وسلَّم، يأتي السهمُ فيُرمى به، فيُصيبُ أحدَهم فيقتله، أو يُضربُ فيُقتل، فأنزل الله : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ..} رواه البخاري
وقال ابن عباس : كانَ قومٌ من أهلِ مكَّة أسلَمُوا، وكانوا يَسْتَخْفون بالإسلام ، فأخرجهُم المشركين
يوم بدر معهم.

قال ابن تيمية: فمَن قفزَ عنهم _ أي عن المسلمين _ إلى التتار كانَ أحقَّ بالقتالِ مِنْ كثيرٍ منَ التتار، فإنَّ التتار فيهم المُكره وغيرُ المكره، وقد استقرَّت السنَّة بأنَّ عقوبة المرتدِّ أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوهٍ متعددة .
19_ (الأصل التاسع عشر ) :
إنَّ مَن ماتَ على الكفر فهو مخلَّد في النار لا يخرُجُ منها ابداً، ودليله :

قال تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) }
فاطر[ 36 ]

وقال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ (162) }
البقرة[ 162 ]

وقالَ رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم : يلقَى إبراهيمُ أباهُ فيقولُ: ياربّ إنَّكَ وعدتَني ألَّا تُخزيَني يومَ يُبعَثون، فيقولُ اللّٰهُ: إنِّي حَرَّمتُ الجنَّةَ علَى الكافِرِين. رواهُ البخاري

وعن عبدِ اللّٰه بنِ عُمَرَ قالَ: جاءَ أعرَابِي إلَىٰ النبيِّ صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم، فقالَ: يارسولَ اللّٰه إنَّ أبي كانَ يَصلُ الرحِمَ وكانَ وكانَ، فأينَ هو، قالَ: في النار، قالَ: فكأنَّهُ وَجدَ من ذلك، فقالَ: يارسولَ اللّٰه فأينَ أبوك ،فقال رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: حيثُما مرَرْتَ بقبرِ كافرٍ فبشِّرهُ بالنارِ، قال: فأسلَمَ الأعْرابي بعْدُ، وقالَ: لقَد كلَّفني رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم تَعَبَاً، ما مررْتُ بقبرِ كافرٍ إلَّا بشَّرتُه بالنارِ. رواهُ ابنُ ماجه.
أذكار النوم والاستيقاظ


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ ، فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ : بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، فَإِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي فِي جَسَدِي ، وَرَدَّ عَلَيَّ رُوحِي ، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ .
رواه الترمذي

عَنْ حُذَيْفَةَ ، قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ ، قَالَ : بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ ، قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ".
رواه البخاري

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ يَقُولُ : إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ، وَإِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ "
رواه الترمذي

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا ، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ " ،
رواه البخاري

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا ، فَقَالَ : " إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ ، فَقُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَا وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ " .
رواه البخاري

تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ.
رواه البخاري


عَنْ عَائِشَةَ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا ، فَقَرَأَ فِيهِمَا : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " .
رواه البخاري

عَنْ سُهَيْلٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ " وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه مسلم

عَنْ أَنَسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ ، قَالَ : " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا ، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ ؟ " .
رواه مسلم
20 _ (الأصل العشرون) :
إنّ أهلَ الكتابِ من اليهود والنصارى الذين لم يدخلوا في الإسلام كُفارٌ مُخلَّدون في النار، ودليله:
قال تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمْ شَرُّ ٱلْبَرِيَّةِ}
وقال تعالى : { فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) }
آل عمران[ 20 ]
وقال تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) }
المائدة[ 68 ]
وقوله تعالى: (وما أُنزل إليكم من ربكم)أي : القرآن .
وقالَ رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار. رواه مسلم
21_(الأصل الحادي والعشرون):
إنّ المنافقين _ وهم الكفار الذين يُظهرون الإسلام _ مخلّدون في النار، ودليلُه:

قال تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (68) }
التوبة[ 68 ]

وقال تعالى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) }
النساء[ 145 ].
٢٢_ الأصل الثاني والعشرون:
إنّ المرتدّين _ وهم المسلمون الذين يتركون الإسلام ويموتون على الكفر _مخلّدون في النار، ودليله:
قال تعالى : { .. وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) }
البقرة[ 217 ]
٢٣_ الأصل الثالث والعشرون :
إنّ المسلمين الذين يموتون على الإسلام كلُّهم يدخلون الجنة، ويُخلَّدون فيها، ودليله :

قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) }
التوبة[ 72 ]

وعن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِن عَبْدٍ قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ علَى ذلكَ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ قُلتُ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: وإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ علَى رَغْمِ أنْفِ أبِي ذَرٍّ. رواه البخاري
٢٤_ الأصل الرابع والعشرون:
إنّ من المسلمين من يُدْخَلُ النار بسبب ذنوبه، ثمّ يُخرَجُ منها، ويُدْخَلُ الجنَّة ويُخلَّد فيها، ودليله:
عن أبي سعيدٍ الخدري قال: قال رسول اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه وسلَّم: أمَّا أهْلُ النارِ الذينَ هُم أهْلُها فَإنَّهُم لايَمُوتونَ فيها ولا يحيَوْن، ولكن نَاسٌ أصَابَتْهم النارُ بذنُوبِهم _ أو قال: بخطاياهم _ فأمَاتَهُم إماتة، حتَّى إذا كَانُوا فَحْمَاً أُذِنَ بالشفاعة، فجيءَ بهم ضبائرَ ضبائرَ، فبُثُّوا على أنهارِ الجَنَّة، ثمَّ قيلَ: يا أهلَ الجنَّة أفيضُوا عليهِم، فيَنْبُتون نباتَ الحِبَّةِ تكونُ في حَمِيلِ السَيْل. رواه مسلم
ضبائر : أي جماعات
بُثُّوا: أي فُرِّقوا
أفيضوا: أي صبوا عليهم من ماء أنهار الجنة.
الحبة تكون في حميل السيل: أي التي يحملها السيل وتكون سريعة الإنبات.

وقال النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ‏ "‏ يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الْجَهَنَّمِيِّينَ ‏"‌‏ رواه البخاري

وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: لَيُصِيبَنَّ أقْوامًا سَفْعٌ مِنَ النَّارِ، بذُنُوبٍ أصابُوها عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الجَنَّةَ بفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقالُ لهمُ الجَهَنَّمِيُّونَ. رواه البخاري
٢٥_ الأصل الخامس والعشرون :
إنَّ الإيمانَ اعتقادٌ وقولٌ وعملٌ، اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح، ودليلُه :

عن أبي هريرة قال: قالَ رسُولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: الإيمانُ بِضْعٌ وسَبْعُونَ أو بضعٌ وسِتُّون شُعْبةً، فأفضلُها قَوْلُ لا إلـٰه إلَّا اللّٰه، وأدْناها إمَاطَةُ الأذَى عنِ الطريقِ، والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِن الإيمَانِ. رواه مسلم
فالحياءُ في القلب، وقولُ: (لا إله إلا الله) باللسان، وإماطة الأذى عن الطريق بالجوارح.

وقاْلَ رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: مَن سرَّتْهُ حسَنتُهُ وسَاءتْهُ سيِّئتُهُ فذلك المؤمنٌ. رواه الترمذي
والسرور والاستياء محله القلب.

وقَالَ رَسُولُ اللّٰهِ صلَّى اللّٰهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ. رواه البخاري
وقول الخير محله اللسان.

وقالَ رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: : (لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ). رواه ابن ماجه
والوضوءُ محلُّه الجوارح.
٢٦_ الأصل السادس والعشرون:
إنّ الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ودليله:

قال تعالى: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) }
اﻷنفال[ 2 ]

وقالَ رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليه وسلَّم: أكمَلُ المُؤمِنينَ إيمانَاً أحسَنُهُم خُلُقَاً . رواه أبو داود
وقالَ رَسولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: لا يزْنِي العبْدُ حينَ يزنِي وهوَ مؤْمِن، ولا يَسْرقُ حينَ يسرِقُ وهُو مُؤمِن، ولا يشْربُ حينَ يشْرَبُ وهوَ مؤمِن، ولا يقْتُلُ وهُو مُؤمِن. رواه البخاري

وقَالَ رَسُولُ اللّٰهِ صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: لا يؤمنُ أحدكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه)
رواه البخاري
ونفيُ الإيمان في الأحاديث السابقة نفي كمال الإيمان، أي لايؤمن إيماناً كاملاً.

عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضْحَى أو فِطْر إلى المُصَلَّى، فَمَرَّ على النساء، فقال: «يا مَعْشَرَ النساء تَصَدَّقْنَ فإني أُرِيتُكُنَّ أكثر أهْل النار». فقُلن: وبِمَ يا رسول الله؟ قال: «تُكْثِرْن اللَّعن، وتَكْفُرْن العَشِير، ما رَأَيْت من ناقِصَات عَقْل ودِين أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُل الحَازم من إحدَاكُن». قُلْن: وما نُقصَان دِينِنَا وعَقْلِنَا يا رسول الله؟ قال: «ألَيْس شهادة المرأة مثل نِصف شَهادة الرَّجُل». قُلْن: بَلَى، قال: «فذَلِك من نُقصان عقْلِها، ألَيْس إذا حَاضَت لم تُصَلِّ ولم تَصُم». قُلْن: بَلَى، قال: «فذَلِك من نُقصان دِينِها». رواه البخاري
فنقص إيمان المرأة وهي معذورة هو بسبب نقص عبادتها.

وعن عبدِ الرزَّاقِ بنِ هَمَّام قال: سمعتُ ابْنَ جُرَيج وسُفيانَ الثوري ومَعْمَرَ بنَ راشد وسُفيانَ بنَ عُيَيْنة ومالكَ بنَ أنس يقولون : الإيمانُ قولٌ وعملٌ، يزيدُ وينقُص.

وعن الربيع قال: سمعتُ الشافعي يقول: الإيمانُ قولٌ وعملٌ واعتقادٌ بالقلب، ألَا ترى قولَ اللّه عزّ وجلّ:{ .. وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ .. (143) }، يعني صلاتَكُم إلى بيتِ المَقْدس، فسمّى الصلاة إيماناً وهي قولٌ وعملٌ وعقدٌ.
قال الربيع: وسمعت الشافعي يقول: الإيمان يزيد وينقص.

وقال ابن حنبل: والإيمانُ قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص، كما جاء في الخبر : أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلُقاً.

وعن الحسَنِ بنِ إسماعيلَ الربَعِيّ قال: قال لي أحمدُ بنُ حنْبل: أجمعَ تسعونَ رجلاً منَ التابعين وأئمةِ المسلمين وأئمة السلف وفقهاء الأنصار على أن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة وينقصُ بالمعصية.
٢٧_ الأصل السابع والعشرون:
إنَّ المؤمنين متفاوتون في الإيمان، ودليله:

قال رسولُ اللّٰه صلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ» قَالُوا: مَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الدِّينَ». رواه البخاري

وقالَ رَسولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ شَعِيرَةٍ مِن خَيْرٍ، ويَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ بُرَّةٍ مِن خَيْرٍ، ويَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ. رواه البخاري.
٢٨_الأصل الثامن والعشرون:
إنَّ المسلمَ إذا أُكرِه على فعل الكفر _ من غير ان يقصد الكفر بقلبه_ فإنَّه يبقى على إسلامه، ودليله:
قال تعالى: { مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) } النحل[ 106 ]

وقالَ رَسولُ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰه عليهِ وسلَّم: إنَّ اللّٰهَ تجَاوَزَ عنْ أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ ومَا اسْتُكرِهوا عَلَيه. رواه ابن ماجه

ولكن لايعدُّ مكرهاً على الكفر إلّا من يُعذَّبُ عذاباً لاطاقة له به، كالضرب الشديد أو التحريق أو القيد أو السَّجن، أو من يهدَّد بالقتل أو القطع،ولا يُعَدُّ مكرهاً إلّا العاجز عن الدفاع عن نفسه أو الهرب أو الاستغاثة بغيره، ولايعدُّ مكرهاً إلّا إذا كان الذي يُكرِهُه قادراً على تحقيق تهديده، ولا يُعدّ مُكرهاً إلّا من غلب على ظنّه أنّ من يكرِهُه سيوقع تهديده به ، ويجب أن يغلب على ظنّه أنّ إظهار الكفر سيُخلِّصه من التعذيب، ولا يجوز له أن يزيد في إظهار الكفر على القدر الذي يُكرَهُ عليه.
٢٩_ الأصل التاسع والعشرون:
إنّ الامتناع عن إظهار الكفر لمن يُعذَّب أولى من إظهاره ولو أدى إلى قتله، ودليله:

عن أبي الدرداء قال: أوصاني خليلي صلّى اللّٰه عليه وسلّم أن: (لا تشرك بالله شيئاً، وإن قُطِّعتَ وحُرِّقْتَ..). رواه ابن ماجه.
٣٠_ الأصل الثلاثون:
إنَّ المسلم إذا وقع في أمر كفري خطأً من غير أن يقصد فإنّه يبقى على إسلامه، ودليله:
قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ. رواه مسلم.
2024/12/23 08:47:20
Back to Top
HTML Embed Code: