هذا وقد جرت سُنَّة اللّٰه التي لا تبديل لها : أنَّ مَن آثر مَرضاة الخَلق على مرضاته: أن يسخط عليه من آثر رضاه، ويخذله من جهته،ويجعل محنته على يديه، فيعود حامده: ذامًا، ومن آثر مرضاته: ساخطًا ، فلا على مقصوده منهم حصل، ولا إلى ثواب مرضاة ربه وصل، وهذا أعجز الخلق وأحمقهم .
هذا مع أن رضا الخلق مستحيل؛ بل لا بد من سخطهم عليك، فَلأَنْ يسخطوا عليك وتفوز برضا اللّٰه عنك: أحب إليك وأنفع لك من أن يسخطوا عليك والله عنك غير راض .
هذا مع أنه إذا آثر رضا اللّٰه كفاه اللّٰه مؤنة غضب الخلق، وإذا آثر
رضاهم لم يكفوه مؤنة غضب اللّٰه عليه.
📚الأنس بالله ص ١٦٦

‏من ابتعد عن الله تعالى اقتربت منه الشياطين, تُغويه وتصدّه عن الحقّ وتبغّضه فيه, وتزيّن له الباطل, كما قال سُبْحانَهُ: {وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين وإنهم ليصدّونهم عَن السَّبِيل وَيَحْسبُونَ أنهم مهتدون} فَأخْبر سُبْحانَهُ أنّ عُقُوبَة من أعرض عَن ذكر الرَّحْمن ودينه وكتابه أنْ يقيّض لَهُ شَيْطَانا يُصاحبه فيصدّه عَن سَبِيل ربه وَطَرِيق فلاحه وسعادته.
ومن قرب من الله قرُبت منه ملائكته، يحفظونه ويعينونه, وخافت منه الشياطين وهربت منه, كما كان عمر رضي الله عنه إذا سلك طريقًا سلك الشيطان طريقًا آخر؛ خوفًا ورهبةً منه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وكلما كان أفْجرَ وأكْفرَ كان أقرب له إلى الشياطين, كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}.
وإذا كان من أولياء الله المتّقين المطيعين لله ورسوله هربت منه هذه الشياطين, وكان أعوانُه جنْدَ الله من الملائكة والجن المؤمنين وغيرهم".
اللهم اجعلنا من أوليائك المتّقين, وحزْبك المفْلحين.

📻 | خطبة الجمعة
🗓 | ٦ / ١٠ / ١٤٤٦ هـ
🎙 | أحمد الطيار
📝 | مسائلُ هامّة في قضاء رمضان
https://youtu.be/18w8VEFn8iw

‏لقد أثنى الله تعالى على من أُوتي الحكمة فقال: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ‌وَمَنْ ‌يُؤْتَ ‌الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، فهل تحبّ أن تكون منهم؟ وهل تعرف متى تكون قد أُوتيت الحكمة بفضلٍ من الله ومنَّة؟
الحكمة: هي معرفة الحقّ والعمل به، والحق مصدره واحد فقط، وهو كتابُ الله تعالى، وسنّةُ نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم اعمل بما علمت: تكون حكيمًا، وأوتيت خيرًا كثيرًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حكماءُ المسلمين: هم أهلُ العلم بما بَعث الله به رسوله وأهلُ العمل به، قال مالك: الحكمة: معرفة الدين والعمل، وقال ابن قتيبة وغيره: الحكمة في اللغة هي العلم والعمل.
فمن علم ما أخبرت به الرسل فآمن به وصدّق بعلمٍ ومعرفةٍ وعَلِم ما أُمر به فسمع وأطاع فقد أُوتي الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. الصفدية (ص566)
اللهم هبنا لنا حكمةً ورحمة وعلمًا من عندك، وثبّتنا على دينك حتى نلقاك، وقد رضينا عنك ورضيت عنا..
آمين.

‏أثرُ وأجرُ الابتسامة والكلمة الطيبة:
إنّ من كرم الله وجزيلِ عطائه: أنه يُثيب على بعض الأعمال اليسيرة السهلة أجورًا عظمية, ومن ذلك الابتسامة الصادقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ", ومن أعظم بركاتها وأثرها: أنها تكون غالبًا مصحوبةً بكلمة طيبة, فالذي يبتسم في وجه غيره غالبا ما يقول له كلمة طيبة, كالتحية والسلام, والكلمةُ الطيبة صدقة, كما قال ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم.
ومن أعظم شؤم العُبوس أو اختفاءِ الابتسامة: أنه يمنع الكلمة الطيبة غالبًا, فلا يكاد العابس يتفوَّه بكلمة طيبة.
والابتسامة الصادقة والكلمة الطيبة سهلة لا تُكلف المسلم أيّ جهد وعمل, ومع ذلك فأجرها عظيم جدًّا.
فربما ابتسمتَ في اليوم خمسين مرة, وتكلّمت بخمسين كلمةٍ طيبة, فيُكتب لك أجرُ مائة صدقة, ولو سمعت أنّ أحدًا يتصدق في اليوم مائة مرة لَتعجّبت كثيرًا، ولا يُحرم من هذا الفضل الكبير العظيم إلا محروم.
فأكثِر من الصدقات بكثرة كلماتك الطيبة, وابتساماتك الصادقة, ولا تحرم غيرك السرور والأنس والسعادة بإسماعهم كلامًا جميلا منك, ورؤيتهم لوجهك المشرق بالابتسامة الصادقة, ولا تحرم نفسك اللذة والأنس والأجر عند إدخالك السرور على غيرك.
والابتسامة والكلمة الطيبة ليست سُلُوكًا نكسب بهما وُدّ الناس, وإنما هما عبادةٌ نتقرّب بها إلى الله تعالى.
والبشاشة تجلب السعادة على الْمُبتسم نفسِه، وتجلب له انشراحَ النفس، وزوال الهمّ والغمّ.
وتجلب السعادة على الآخرين، فهي من أعظم أسباب سعادتهم وفرحهم وابتهاجهم، وذهاب الأضغان من قلوبهم.
وقد خرجت مرةً من دائرة حكوميّة، فتوقفت بجانبي سيارة، فنزل صاحبها إليّ مرحبًا ومعانقًا بحرارة، وقال لي: لقد قابلتك قبل سبعة أعوام، فابتسمتَ في وجهي ابتسامةً جميلة انشرح لها صدري، وصلحَ بسببها خاطري، فلم أنس تلك الابتسامة، وكان لها كبيرٌ على نفسي.
أخي المسلم: إنّ الكلامَ الطيب اللين, وإبداءَ المشاعر الطيبةِ للناس, وتَعاهُدَهم بذلك: من أعظم أسباب دوام العشرة, وتقوية روابط الأخوة, وذَهاب الضغائن والخواطر السلبية من النفوس.
احرصْ على حفظِ القلوب مِن الأذى ... فرجوعُها بعد التَّنافر يَعْسُر
إنَّ القلوبَ إذا تنافر وُدُّها ... مثلُ الزجاجةِ كسرها لا يُجْبَرُ
اجعل هذا اليوم بدايةَ رَسْمِ البَشَاشَةِ في وجهك, وبدايةَ كرمِ لسانك بالكلام الطيب, وإن كنت لم تعتد على ذلك فحاول وصابر, فالحلم بالتحلم, والصبر بالتصبر.
وأحقّ الناس بكلامك الطيب، وبشاشة وجهك: أهلك وأولادك وأقاربك، فالأقربون أولى بالمعروف.

‏واختر صديقك ملائما لخُلُقِكِ وتَوجهك، مناسبا لطبعك، فإن التباين والاختلاف مدعاة للتنافر، مُحرِّضةٌ للقطيعة -غالبا-؛ وقد قيل:
"الصاحب كالرقعة في الثوب فاطلبه مشاكلا".

[ حقوق الصديق، ص٢٠، ‎@ahmdtay ]

‏من أعظم ثمار ومنافع الإكثار من ذكر الله تعالى: انشراح الصدر، وزوال الهم والغم والاكتئاب، الذي جثم على صدور كثير من الناس، كما قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ‌أَلا ‌بِذِكْرِ ‌اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
وأفضلُ الذكر: القرآنُ الكريم، وذلك بكثرة تلاوته وتدبّره والعمل به.
ومن ذكره سبحانه دعاؤه واستغفاره وحمده وتسبيحه وتكبيره.
جاءني شابٌّ قد ظهر على وجهه الهمّ والغمّ، حتى إنه يكاد يبكي من شدّة ما يجد، وطلب مني علاجًا لهذا الهمّ والغمّ الذي جثم على قلبه منذ أكثر من سبعة أشهر، لا يكاد يُفارقه.
فقلت له: إنّ من عقوبة الإعراض عن الله ومعصيته الهمّ والغمّ والمعيشة الضنك، كما قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا}، وقد يؤخر الله هذه العقوبة، فما تحُسّ به أنت من هذه الهموم والأحزان هي جزاءُ تلك الذنوب التي اقترفتها.
وأعظم سبب لذهابها وزوالها من قلبك: عدة أمور:
الأمر الأول: التوبة النصوح من كل ذنوبك، فتب إلى الله بصدق، واندم على ما فعلت، واعزم على ألا تعود لتلك الذنوب.
الأمر الثاني: العناية بالصلاة بخشوع وحضور قلب في وقتها ومع الجماعة.
الأمر الثالث: الإكثار من ذكر الله تعالى بقلبك ولسانك، ولا تفتر عنه ما استطعت.
فذهب من عندي وأتى إليّ بعد يومين، وقد بدا على وجهه البهجة والفرح، وقال: جزاك الله عني خير الجزاء، لقد نفعني الله بنصيحتك، فقد واظبت على ذكر الله تعالى في جميع أحوالي، ولا يكاد ذكر الله يفارق لساني، فأذهب الله عني الهمّ والغم، وانشرح صدري، فالحمد لله.
اللهم اجعلنا لك ذاكرين، ولنعمك شاكرين, وعلى بلائك صابرين, وإليك أوّابين، إنك ربنا رؤوف رحيم.

خدمة تقدمها دار ابن الجوزي لشراء كتابي (تقريب فتاوى ورسائل شيخ الإسلام ابن تيمية) و (حياة السلف بين القول والعمل)
بالتقسيط بلا فوائد.
رابط شراء (تقريب الفتاوى)
https://ibnaljawzi.com/wNgaaX
رابط شراء (حياة السلف) https://ibnaljawzi.com/PXoBAG?from=search-bar

‏ليكن همك أن تعمل بعلمك وأن تسارع إلى مرضاة ربك، فما العلم إلا وسيلة إلى العمل، وسبب موصل إليه، فإذا كان جلّ وقتك في العلم والقراءة، وتساق للعمل سوقًا كالمكره: فقد جعلت العلم غايتك، والقراءة مقصدك، وهذا حرمان وخذلان.

[ نثر الخواطر، ص٨٠، ‎@ahmdtay ]

خطبة مختصرة بعنوان:
(ما خُلقت لترتاح، بل خلقت للكفاح).
https://www.tgoop.com/ktab_ahmdty/142
أسأل الله تعالى أن ينفع بها.

‏مبدأ وكمال صلاح المؤمن من الصلاة، فمتى اعتنى بها استقامت حاله.
قال ابن تيمية رحمه الله: "ما يجتمع للعبد في الصلاة لا يجتمع له في غيرها من سائر العبادات".

[ نثر الخواطر، ص٢٧٢، ‎@ahmdtay ]

‏لن تجد شخصا دخل الإيمان قلبه عاش في نكد وهمّ وضيق، ولو كان فقيرا مريضًا سجينا.
ولكن ستجد أعدادًا كثيرةً ممن لم يدخل الإيمان قلوبهم عاشوا في نكد وهموم وضيق، وكانت نهاية كثير منهم الانتحار، وكثير من هؤلاء أغنياء وأصحاء.
فلا سعادة لك والله بلا إيمان..

[ نثر الخواطر، ص٥٠، ‎@ahmdtay ]

خطبة مختصرة بعنوان: (التحذير من الإسراف وتصوير الولائم).
https://www.tgoop.com/ktab_ahmdty/144
أسأل الله تعالى أن ينفع بها.

‏كنت قبل طلب العلم قد أرحت بدني وذهني, فأظلم قلبي, وكثُر همّي.
وبعد أن أكرمني الله بطلب العلم أتعبت بدني وأشغلت ذهني, فاستنار قلبي, وزال همّي.
من يطلب راحةَ بدنه وذهنه ظنًّا أنه سيجد الراحة فهو واهم, كمن يبحث عن السراب.
لا تجد صاحب الهمّة الذي أتعب بدنه وأشغل ذهنه فيما ينفعه إلا سعيد القلب, مرتاح البال, قرير العين.
ولا تجد ضعيف الهمّة الذي يطلب راحة بدنه وذهنه إلا ضيّق الصدر, مكدّر الخاطر, كثير الهمّ.
لكنه يهرب من هذا الهم ونكد العيش, ويتشاغل باللعب واللهو بجواله أو مع أصدقائه، الذي لو تركه ولو ربع ساعة لهجم عليه الهمّ والنّكد هجومَ الأسد على فريسته.
فنصيحتي لك يا أخي ويا أختي: املأ وقتك فيما ينفعك, ونظّم وقتك, وحدّد لك هدفًا ساميًا نبيلاً، واعْمل بجدّ على تحقيقه, وانظر بعد ذلك إلى كميّة السعادة والراحة النفسيّة التي ستجدها.
وإذا كان الهدف الذي تسعى إلى الوصول إليه فيه مرضاةٌ لله: فستتضاعف كمية السعادة والراحة النفسية, وستعيش في جنة معجّلة.

تقريب فتاوي ورسائل ابن تيمية المجموعة الثانية والثالثة مدموجة.pdf