Telegram Web
قال الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله في شرح شروط لا إله إلا الله:

معنى الإله


أله في اللغة معناه: عبد.
والإله: هو المعبود.
يقال: أله يألَه ـ بالفتح ـ بمعنى عبد يعبد.
والتأله: التنسك والتعبد.
والتأليه: التعبيد(3).
قال ابن فارس: «الهمزة واللام والهاء أصل واحد وهو التعبد فالإله الله تعالى، وسمي بذلك لأنه معبود، ويقال: تأله الرجل إذا تعبد»(4) .
وقال الزجاج: «معنى قولنا: (إله) إنما هو الذي يستحق العبادة وهو تعالى المستحق لها دون سواه»(5) .
وقال الفيروز أبادي: «أله يأله إلهة وتألها كعبد يعبد عبادة وتعبدًا»(6) .
وقال ابن جرير: «أله بمعنى عبد، والإله مصدره من قول القائل: أله الله فلان إلاهة كما يقال: عبد الله فلان عبادة»(7) .
وبهذا يتضح أن لفظة (إله) مأخوذة من التأله وهو التعبد ومعناه المعبود المطاع سواء كان بحق أو بغير حق، فكل ما عبد بأي نوع من أنواع العبادات ولو كان المعبود جمادًا فهو إله عند عابده كما قال تعالى: ﴿ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيرَ تَتْبِيبٍ ﴾ [هود:101].
ولكن هذا اللفظ غلب على المعبود بحق وهو الله سبحانه وتعالى، وهذا هو التفسير الصحيح لكلمة الإله.
وقيل في اسم الباري سبحانه: إنه مأخوذ من ألِه يأله إذا تحير، لأن العقول تأله في عظمته.
ولا يطلق لفظ الجلالة «الله» إلا على المعبود بحق وهو الله سبحانه وتعالى، وهو مختص به لا يطلق على غيره.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية معنى الإله الحق فقال: «فالإله هو الذي تألهه القلوب عبادة واستعانة ومحبة وتعظيمًا وخوفًا ورجاءً وإجلالاً وإكرامًا، والله عز وجل له حق لا يشاركه فيه غيره فلا يعبد إلا الله ولا يدعى إلا الله ولا يخاف إلا الله ولا يطاع إلا الله»(8) .
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: «الإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالاً ومحبة وخوفًا ورجاءً وتوكلاً عليه وسؤالاً له ودعاءً له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل، فمن أشرك مخلوقًا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية، كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قوله: «لا إله إلا الله»، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك»(9) .
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله ـ رحمه الله ـ: «ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا إله واحد»(10).
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن ـ رحمه الله ـ: «لا إله إلا الله، أي: لا معبود حقٌّ إلا الله»(11) .
وشهادة التوحيد لا تنفي مطلق الآلهة من الوجود، وإنما تنفي مطلق الآلهة التي تستحق وصف الإلهية، التي تستحق أن تُعبد من دون ـ أو مع ـ الله تعالى.
وندرك من خلال هذا التعريف بطلان من فسر شهادة التوحيد بقوله: «لا خالق إلا الله» أو «لا رازق ـ أو لا نافع ـ إلا الله»، فإن هذا المعنى كان المشركون يقرون به، ويعترفون به قال تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يؤْفَكُونَ ﴾ [العنكبوت:61].
وقال تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يعْقِلُونَ ﴾ [العنكبوت:63].
وقال تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيهِ يتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [الزمر:38].
وقال تعالى: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يؤْفَكُونَ ﴾ [الزخرف:87]، فهم لم يخالفوا الرسل والأنبياء في ذلك، وإنما كان الخلاف في معنى «الإله» ومن يستحق العبادة خالصة.
_________________________
(3) بتصرف من «لسان العرب» (13/467).
(4) معجم «مقاييس اللغة» (1/127).
(5) «تفسير أسماء الله الحسنى» (ص26).
(6) «بصائر ذوي التمييز» (2/14).
(7) «تفسير ابن جرير» (1/54).
(8) «الفتاوى» (1/365).
(9) «قرة عيون الموحدين» (ص25).
(10) «تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد» (ص53).
(11) «فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد» (1/121).

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
كلمني أحد من أطال الله بعمره، فحدثني أنه كان جالسًا في المسجد يقرأ القرآن فجاءه أعمى وشدّه بقوة وقال له قراءتك جيدة، فهل تقرأ لي كل يوم من بعد صلاة العصر إلى أذان المغرب على أن أعطيك ريالين في كل يوم (وكان وقتها مبلغًا ضخمًا ٦٠ ريالاً في الشهر) فقال نعم ..
وظلّ يقرأ على الشيخ الزاد والألفية وغيرها من كتب العلم .. وكان الشيخ يأخذ الصبي هذا بعد المغرب إلى السوق ليشتري له أنواعًا من البشوت، فاستعمل الشيخ الصبي كعامل عنده، يأكله ويطعمه على أن يقرأ عليه ..

والشيخ هذا هو الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله، سألته: أنهرك يومًا؟ أو ضربك؟ فقال: لا، لم يغضب علي في يوم من الأيام.

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
حديث الدكتور عبدالله النفيسي عن الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله.

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي
إلى عموم المسلمين عما يدور في فلسطين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد
فإن ما تقوم به عصابات يهود من مجازر فظيعة ومذابح مريعة ضد إخواننا في فلسطين مع فظاعتها ووحشيتها ومخالفتها لطباع البشر السليمة إن ذلك لا يستغرب لأمرين:
الأول :
أن عصابات يهود جبلت على هذه الأخلاق الشريرة.
الثاني :
أمن اليهود المحاسبة والمعاقبة من قادة العرب والمسلمين.
أما السبب الأول فإن من له أدنى إلمام بتاريخ هذه العصابات المجرمة فإنه يدرك أنهم يمتازون على سائر البشر بهذه الصفات القذرة التي هي الغدر والمكر والخيانة ونقض العهود والمواثيق وسفك دماء الأنبياء والرسل، فقد ثبت في التاريخ أنهم قتلوا كثيرًا من أنبيائهم وحاولوا صلب المسيح وقتله صلوات الله عليه وسلامه .. إلا أن الله أنجاه من كيدهم وخلصه من مكرهم برفعه إليه.
وكذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حاولوا قتله أكثر من مرة وسحروه إلا أن الله سبحانه صرف عنه كيدهم وخلصه من شرهم.
حتى إن رب العالمين سبحانه وتعالى لم يسلم من شرهم .. وقد آذوه ووصفوه بشتى أنواع النقائص والعيوب إذ قالوا إنه فقير وبخيل وموصوف بالعجز والتعب وأنه لما أغرق الطوفان أهل الأرض حزن وبكى حتى رمدت عيناه وزارته الملائكة .. فرد الله سبحانه وتعالى عليهم وكذبهم فيما نسبوه إليه من نقص وعيب فقــال سبحانــــه: ﴿ وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ﴾ الآية، وقال سبحانه: ﴿ لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحري ﴾ ق الآية. ولما قالوا إن الله أصابه التعب والإعياء لما خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع رد الله سبحانه وتــــعالى عليهم بقولــه: ﴿ ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ﴾ الآية.
ولو لم يأت في بيان شرهم وخبث طويتهم ولؤمهم إلا قـوله تعالى: ﴿ قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانًا وأضل عن سواء السبيل ﴾ لكفى في الحكم عليهم بأنهم أخبث أهل الأرض .. فكيف والقرآن مملوء بمثل هذه الآيات .. علمًا أننا لم نستعرض كل ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

أما السبب الثاني والذي من أجله لا يُستغرب ما تمارسه عصابات صهيون على أرض فلسطين من نقض للعهود والمواثيق وسفك لدماء الأبرياء العزل أطفالاً وشيوخًا إذ لم يكن ذلك إلا لأمنهم من معارضة حكام العرب والمسلمين ومعرفتهم لذلك مسبقاً عن طريق دراسة أحوالهم وسياساتهم فكانت النتيجة أن خرج الصهاينة بقناعة أنه لا خوف من هؤلاء الحكام ولا خشية من أن يقوموا بإخراجهم من فلسطين، أو أن يدافعوا عن أعراض المسلمين، وقد كشف هذا الخذلان من حكام العرب والمسلمين أمورًا منها:
1- اختلاف كلمتهم وسياساتهم تجاه موقفهم وعلاقتهم بالدول الكافرة.
2- ركونهم إلى الدنيا ولذاتها وانغماسهم في نعيمها فلما كان كذلك كان الجهاد ومحاربة العدو من أصعب الأشياء عليهم فاكتفوا بالشجب .. وعقد المؤتمرات الموهمة .. وكان الجبن منهم أظهر سجية.
3- قناعة حكام المسلمين أن اليهود الصهاينة قوة لا تقهر بامتلاكهم أعظم ترسانة نووية في الشرق الأوسط، وما علم أصحاب هذه المقالة الانهزامية أن قوة الإيمان بالله هي القوة التي لا تقهر، والمتمثلة بالصدق مع الله والتمسك بسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، ولو استعرضنا التاريخ لوجدنا أنه حفظ لنا نماذج تبين أن القوة المادية مهما بلغت في قوتها لا تقاوم قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
ومن تلك النماذج:
أ- غزوة اليرموك كان عدد المسلمين فيها لا يتجاوز أربعين ألفًا، وقد كان سلاحهم بدائيًا يتمثل بالسيف والرمح وغيره، أما قوة الروم فكانت تبلغ مائتين وأربعين ألفًا، وسلاحهم من أحدث أنواع الأسلحة وأكثرها تطورًا كالمنجنيق وقاذفات اللهب وغيرها، ومع هذا كله انهزمت الروم هزيمة منكرة إذ لم تنفعها قوتها المادية.
ب- لما استولى الصليبيون على بلاد المسلمين وساموهم سوء العذاب في مدة تزيد على مائتي سنة لم يفكر أحد من حكام المسلمين وأمرائهم في مقاومته في ذلك الوقت بحجة أن أوربا وراء الصليبيين وأن أوربا قوة لا تقهر عندها قيض الله سبحانه وتعالى للمسلمين قائدًا شجاعًا ألا وهو صلاح الدين الأيوبي رحمه الله ورضي عنه، فحارب الصليبيين وطرهم من بلاد المسلمين صاغرين ولم تجد عنه قوتهم المادية الهائلة.
ج- وفي عصرنا هذا كانت دولة الاتحاد السوفييتي أقوى قوة في العالم، وعندما اعتدت على دولة أفغانستان المسلمة تصدى لها أبطال أفغانستان مع مناصريهم من أبطال العرب ..
هذا مع قلة عدد المسلمين وضعف عدتهم، فقد طردوا المعتدي فخرج ذليلاً وترتب على هذه الهزيمة أن انهار اتحادهم وتمزقت دولته.
ثم إنه لا يخفى ما للإعلام من أثر بالغ في نصرة القضايا الإسلامية إذا صلحت نية القائمين عليه وكانوا على مستوى المسئولية من طرح قضايا المسلمين ومشاكلهم.
والناظر في الإعلام العربي يجد أنه لم يهتم بشئون المسلمين وقضاياهم ولم يرفع بها رأسًا وكأن ما يحصل في العالم الإسلامي من حملات ظالمة من قِبَلْ دولة الكفر باغتصاب أراضيهم وانتهاب خيراتهم وتقتيل شعوبهم أن ذلك لا يعنيهم من قريب ولا بعيد، إنما المهم عندهم هو إقامة الحفلات الغنائية والمسلسلات الهابطة وعرض الصور الخليعة والمباريات الرياضية والهتاف والتصفيق للحكام وكيل المديح لهم والإشارة بمنجزاتهم وبطولاتهم التي لم يكن لها وجود إلا في أذهان من يقوم بهذا التصفيق وهذا الهتاف، أما على أرض الواقع فلا وجود لها.
إن من يستمع إلى إذاعات الدول العربية يجد أن المذيع قد يمكث ساعة في قراءة النشرة الإخبارية والتي معظمها في الثناء والمدح حتى يغلق المستمع جهاز الإعلام وهو لم يستفد شيئًا.
ومما يهتم به الإعلام العربي وخصوصًا في الإذاعات برامج مشاركات المستمعين والتي تمكث الساعات، وهي عبارة عن معاكسات وغزل وتغنج بين المشاركين والمذيع أو المذيعة مما يصك الأسماع ويؤذي المستمع .. هذه هي اهتماماتهم ولا أدري هل هذا عجز من القائمين عليها من إحداث برامج هادفة؟! أو أن هذا حب لهذه الممارسات؟!

أخيرًا ..
ليعلم أن التجارب التي مرت عبر السنين تثبت فشل الأساليب التي تتخذ لمعارضة استيطان اليهود في فلسطين سواء المؤتمرات التي تنعقد أو اللجوء للهيئات الكافرة كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن أو ما يسمى بهيئة حقوق الإنسان .. كل هذه الأساليب فشلت بل كان لها أكبر الأثر في ترسيخ استيطان الصهاينة في فلسطين. والأسلوب الناجع في تطهير أرض فلسطين من يهود يتمثل فيما يلي:
1- إعلان الجهاد من قِبَلْ العرب والمسلمين وفتح حدود الدول المجاورة لفلسطين للمتطوعين المجاهدين، وتسليح الشعب الفلسطيني الأعزل الذي لا يملك إلا الحجارة بكل أنواع الأسلحة، ومعلوم أن المسلمين يبلغ عددهم مليار ومائتي مليون نسمة فلو بصقوا على دولة يهود لأغرقوها، ولو نفخوا عليها لأطاروها.
2- إذا جبن قادة المسلمين والعرب عن إعلان الجهاد تحتم مقاطعة دولة يهود دبلوماسيًا واقتصاديًا وتجاريًا.
3- مقاطعة الشركات اليهودية الداعمة لدولة الصهاينة بالمال.
4- وحيث إن أمريكا هي الداعم الأكبر لليهود فإنها تجب مقاطعتها مقاطعة كاملة .. اقتصاديًا وتجاريًا وثقافيًا، ومقاطعة كل ما تستورده منها الدولة الإسلامية والعربية من بضائع وسيارات وما شابه ذلك.
5- استعمال سلاح البترول وذلك بإيقاف إنتاجه وتصديره إليها أو تخفيفه تخفيفًا يضر بها، وإذا خفف الإنتاج إلى النصف فإن الدول المنتجة لن تتضرر لأن ما ينقص من إنتاجها يعوض عنه ارتفاع الأسعار.
أسأل الله جلت قدرته أن ينصر الإسلام والمسلمين وأن يذل اليهود ومن أعانهم ووقف معهم إنه ولي ذلك والقادر عليه .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أملاه
فضيلة الشيخ
أ. حمود بن عقلاء الشعيـبي
11/8/1421 هـ

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
#يصدر_قريبا

شرح العقيدة الطحاوية

لفضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
أحداث 11 سبتمبر وجرأة الشيخ حمود الشعيبي رحمه الله

فمن جرأته رحمه الله لما ناقشه أحد الحضور عما حدث لأمريكا ومخالفته لذلك الفعل أجابه الشيخ ورد على تلك الشبه بإجابة مختصرة فأحاله على فتواه المشهورة(1) في ذلك ولما أكثر في الجدال، وكان رحمه الله أثناء نقاشه يأكل تمرات رمى ما بيده من نوى، وقال له اسمع يا أخي: (نحن لا نريد أن يبقى في أمريكا ولا طوبة).. وكان مجلسه ذلك رحمه الله عامرا بالحضور.

———————
(1) https://www.tgoop.com/Hamoud1346/255

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
يقول الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله في بيانه بشأن تحطيم الأصنام:

"فألقوا الشبه التي تدل على جهلهم وغباوتهم ليضللوا بها الجهلة من الحكام والمحكومين ، كقول المدعو يوسف القرضاوي : إن الأصنام التي يجب تحطيمها هي التي يصنعها المسلمون بأيديهم .. اهـ أليس هناك أحد يفهم هذا الغبي أن المسلمين لا يصنعون الأصنام إذ الأصنام التي حطمها الرسول عليه الصلاة والسلام من صنع الجاهلية؟".

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
#صدر_حديثا
(متوفر في معرض الكتاب اسطنبول لدى جناح دار الجذور C50 )

شرح العقيدة الطحاوية

لفضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله

(مجلد) لونين

https://www.tgoop.com/Hamoud1346
بسم الله الرحمن الرحيم
 رسالة في مشروعية قنوت النوازل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
إلى فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته   وبعد
[1] سبب الكتابة إليكم التوضيح والبيان وإبراء للذمة ، وذلك أنني قرأت أوراقا لكم فرغت من شريط منسوب لمعاليكم عن حكم القنوت في النوازل وقد لاحظت عليه عدة ملاحظات ، فإن كان صدر عن معاليكم فأرجو إعادة النظر فيما قلتموه وعرضه على كلام العلماء وموافاتي بذلك وإلا فسوف أضطر إلى نشره ، لا سيما وأنكم أظهرتم أن هذا القول لكم سوف تلزمونه أئمة المساجد باعتبارهم تحت ولايتكم كما قلتَ ذلك مرتين ، بل قلتَ إنك لن تتركهم يمضون على ماكان سابقا وهذا ينبئ عن خطر عظيم في مسألة القنوت للمسلمين في نوازلهم ومصائبهم ، إذ هو تقليص عظيم لهذه المسألة إن لم يكن محواً لذلك ، كما سوف ترون في مناقشة ما ذهبتم إليه ، وهو أمر لم تسبقوا إليه في هذه البلاد التي تبنى أهلها مساندة المسلمين في كل مكان ، ومن أقل ذلك القنوت لهم في نوازلهم وما أكثرها ، وقد نقل ابن القيم في كتاب الصلاة في فصل في صفة القنوت : قال إسحاق الحربي : سمعت أبا ثور يقول لأبي عبد الله احمد بن حنبل : ما تقول في القنوت في الفجر ، فقال أبو عبد الله : إنما القنوت في النوازل ، فقال له أبو ثور : أي نوازل اكثر من هذه النوازل التي نحن فيها ؟ قال : فإذا كان كذلك فالقنوت .

ونحن نقول اليوم : ما أكثر نوازل المسلمين فكيف يضّيق أمر القنوت لهم ويحجّم أو يُسيَّس والله تعالى يقول : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) وقال تعالى ( والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض ) .

علما بأن القنوت له مقاصد عظيمة كثيرة يختلف عن مجرد الدعاء لهم في السجود أو الخطب أو غيرها ، حيث إن من أهدافه ومقاصده المشاركة المعنوية وحفز الهمم والاهتمام بالمسلمين وإظهار التعاطف والتعاون ، ويتقوى بذلك المجاهدون وهذا مشاهد وملموس وسمعناه كثيرا من المجاهدين أنهم يفرحون بدعاء إخوانهم المسلمين إذا كان علنا في القنوت بل إنهم دائما يطالبون بذلك ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري في فصل القنوت : ( وظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأمومُ الإمام في الدعاء ولو بالتأمين ومن ثم اتفقوا على أن يجهرَ به ) والقنوت نوع استنصار ونصرة وقد صح عن علي بن أبي طالب لما قنت في حروبه قال : إنما استنصرنا على عدونا . رواه ابن أبى شيبه 2/103 رقم 6981 .

بل إن هناك من أهل العلم من قال بوجوب قنوت النوازل وقال إنه فعل الأئمة ، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 6/202 بسنده عن يحي بن سعيد انه كان يقول : يجب الدعاء إذا وغلت الجيوش في بلاد العدو ( يعني القنوت ) قال : وكذلك كانت الأئمة تفعل .
وبعد ..

فسنذكر إن شاء الله تعالى المآخذ عليكم فيما ذهبتم إليه في مسألة القنوت .

أولا :
في المسألة الثالثة من كلامكم قلت : إنه ليس من مفهوم قنوت النازلة عند الصحابة والسلف إذا وقعت نازلة في طرف من بلاد المسلمين قنت الجميع .... وقلت أيضا : والصحابة رضوان الله عليهم لم يكن من هديهم أنه إذا وقعت نازلة في طرف بلاد المسلمين قنت جميع المسلمين ... وأن من تمام بحث المسألة أن قنوت النوازل لكل أهل بلد بحسبه . إهـ

ومقتضى هذا الكلام أنه إذا وقعت نازلة في المسلمين في أي طرف من أطراف البلاد الإسلامية أنه لا يقنت إلا أهل تلك النازلة ، لأن القنوت لكل أهل بلد بحسبه !!

ويَردُ على كلامكم هذا عدة أدلة :
أ – أين دليل التخصيص ومنع ماعدا أهل النازلة ، والمُخصِّـص مطالب بالدليل .

ب – يُرَدُّ عليكم باستدلالكم نفسه ، حيث استدللتم بقصة قنوت النبي صلى الله عليه وسلم للقراء لما قتلوا ، والقراء قتلوا في أطراف الدولة الإسلامية ، بل قتلوا في مكان خارج ولاية الدولة الإسلامية ، مما يدل انه يُقنت لما هو ليس بأطراف الدولة الإسلامية فحسب بل ما هو خارجها .

ج – قصة قنوته صلى الله عليه وسلم للمستضعفين في مكة ( وكان ذلك بعد صلح الحديبية وفتح خيبر كما قاله ابن تيمية في الفتاوى ( 23/105 ) فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول : سمع الله لمن حمده يدعو لرجال فيسميَهم بأسمائهم فيقول : اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين ، اللهم اشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف . متفق عليه .

قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكة حينئذ دار كفر ، فقنت لأناس ليسوا في أطراف الدولة الإسلامية بل في بلاد الكفر .
د – قصة الخرمية ، وكانوا في أطراف الدولة الإسلامية في شمال فارس قرب أذربيجان ، فقد جاء في كتاب المغني لابن قدامة في فصل القنوت وقت النوازل قال الأثرم سمعت أبا عبد الله ( أحمد بن حنبل ) سئل عن القنوت في الفجر فقال : لو قنت أياما معلومة ثم يترك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . قال أحمد : أو قنت على الجرمية ، وذكر هذه الرواية ابن القيم في كتاب الصلاة فقال قال الاثرم : سمعت أبا عبد الله يقول : القنوت في الفجر بعد الركوع ، وسمعته قال لما سئل عن القنوت في الفجر فقال إذا نزل بالمسلمين أمر قنت الإمام وأمّن من خلفه ، ثم قال : مثل ما نزل بالناس من هذا الكافر ، يعني بابك الخرمي الخارجي إهـ . وقد قاتلهم المأمون ثم المعتصم فقضى عليهم . فهذه واقعة في أطراف الدولة الإسلامية . والقنوت كان في بلد الإمام احمد . ومما يدل على العموم وأنه لكل نازلة في أي بلد من بلاد المسلمين أن الصحابة الذين رووا أحاديث قنوت النوازل ، وأشهر من روى ذلك أنس وأبو هريرة أنهما فعلا القنوت بأنفسهما ، بل وحثوا الناس على الاقتداء بهما كما فعل أبو هريرة وسوف يأتي إن شاء الله بعد قليل ، بل إنهما رويا أحاديث القنوت بألفاظ عامة تدل على العموم ، وقد جاء عن أنس فيما روى عنه ابن خزيمة قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم ، وهذه ألفاظ عموم ، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت وهذه الفظ عموم . هـ - كلام أئمة المذاهب الفقهية المعروفة فإنهم كلهم يذكرون أنه إذا وقع نازلة بالمسلمين ويذكرون كلمة ( بالمسلمين ) بالألف واللام الدالة على العموم في أي طرف أو جزء من بلاد المسلمين وإليك نصوصهم : 1 – الحنابلة : قال ابن قدامة في المغني : فصل فإن نزل بالمسلمين نازلة فللإمام أن يقنت في صلاة الصبح نص عليه أحمد . وتابعه علي هذا صاحب الشرح الكبير : المغني والشرح الكبير 1/788 . وقال في زاد المستقنع : ويكره قنوت في غير الوتر إلا أن تنـزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيقنت الإمام في الفرائض ، وجميع كتب الحنابلة تنص على لفظة ( المسلمين ) في النازلة ثم تذكر الروايات عن الإمام احمد فيمن يقنت وهي أربع روايات . 2- المالكية : ذكر ابن عبد البر في الاستذكار 6/201 في باب القنوت في الصبح مذهب مالك وانه يرى القنوت ، وقال ابن رشد في بداية المجتهد في فصل أقوال الصلاة في المسألة التاسعة ، قال : ومذهب مالك أن القنوت في صلاة الصبح مستحب 1/131 وذكر الزرقاني في شرح الموطأ في باب القنوت في الصبح أن هذا معتقد مالك القنوت في الصبح 1/223 . وجاء في المدونة الكبرى 1/103 وذكر مذهب مالك القنوت في الصبح بالدعاء على الكفار والاستعانة بالله عليهم . بل إن مالكا يرى دوام قنوت النوازل في الفجر كما قال ابن العربي في شرحه للموطأ في كتابه القبس 1/348 في ذكر رأي مالك في قنوت النوازل ، قال ابن العربي : ورأي احمد بن حنبل أن قنوت النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لسبب فيما كان ينزل بالمسلمين والأحكام إذا كانت معلقة بالأسباب زالت بزوالها ورأي مالك والشافعي أن ذلك من كلَب العدو ومقارعته معنى دائم فدام القنوت بدوامه إهـ . وقال ابن تيميه في الفتاوى 23/106 : قول مالك القنوت في النوازل مشروع دائما والمداومة سنة وان ذلك يكون في الفجر قبل الركوع بعد القراءة سرا . وهذا يدل أن المالكية يرون قنوتا دائما ولكل إمام جماعة في صلاة الفجر فما بالك بوقت النازلة بالمسلمين . 3- الشافعية : قال في المهذب : وأما غير الصبح من الفرائض فلا يقنت فيه من غير حاجة فإن نزلت بالمسلمين نازلة قنتوا في جميع الفرائض ، قال النووي في المجموع شرح المهذب على الكلام السابق ، قال : والصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور إن نزلت بالمسلمين نازلة كخوف أو قحط أو وباء أو جراد ونحو ذلك قنتوا في جميعها وإلا فلا . 3/493 ، وذكر النووي نفس كلامه السابق في شرح مسلم في باب استحباب القنوت بجميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة والعياذ بالله اهـ . وقال الغزالي في الوسيط 2/133 وإذا نزلت بالمسلمين نازلة و أرادوا القنوت في الصلوات الخمس جاز ، وقاله الشيرازي الشافعي في التنبيه 1/33 وقاله الشربيني الشافعي في الإقناع 1/141 . بل إن الشافعية من أوسع المذاهب في القنوت كالمالكية يرونه دائما في النوازل وغير النوازل . 4- الحنفية : قال ابن عابدين في حاشيته 2/11 في مطلب القنوت في النازلة ، قال : إن نزل بالمسلمين نازلة قنت الإمام في صلاة الجهر .... ونقل عن الطحاوي في القنوت إن وقعت فتنة أو بلية فلا بأس به ( وراجع إعلاء السنن 6/95 ) . وقال في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح 1/252 : إذا نزل بالمسلمين نازلة قنت في صلاة الفجر ، وهو قول الثوري واحمد . وقال اللكنوي في كتابه التعليق الممجد 1/636 ، قال : إن قول أبى حنيفة وأصحابه لا قنوت في شيء من الصلوات إلا في الوتر وإلا في نازلة .
وقال في البحر الرائق للحنفية 2/48 : وإن نزل في المسلمين نازلة قنت الإمام في صلاة الجهر . وذكر التهانوي في إعلاء السنن 6/84 ، 95 أن عين مذهب الحنفية والجمهور هو القنوت في النوازل مؤقتا . وبعض الحنفية يرى أن القنوت للنوازل منسوخ كالطحاوي في شرح معاني الآثار وينقله عن بعض أئمة الحنفية 1/254 مع أن كلام الطحاوي هذا ناقشه التهانوي في إعلاء السنن 6/96 وبين اختيار المذهب وهو القنوت . والخلاصة من هذا النقل من أقوال المذاهب التدليل على أن القنوت لكل نازلة تحصل في المسلمين أن يقنت الجميع ، وليس القنوت لكل بلد بحسبه ، وقد مر بك ألفاظ كلام العلماء الدالة على العموم وليس فيها أدنى كلام في تخصيص كل بلد بنازلته ، أما كلام العلماء المستقلين فقد قال ابن حزم في المحلى 4/ 138وما بعدها ، المسألة رقم 459 : إن القنوت فعل حسن . وقال الشوكاني في نيل الأوطار 2/345 : القنوت عند النوازل مشروع عند النازلة ، وقال في السيل الجرار 1/229 : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله إذا نزلت في المسلمين نازلة فيدعو لقوم أو على قوم ، أما كلام ابن تيميه وبن القيم فكثير فمنه مافي الفتاوى 23/111 : والقنوت فيها إذا كان مشروعا كان مشروعا للإمام والمأموم والمنفرد . بل إن ابن تيميه له رسالة مستقلة في القنوت في مشروعيته وعموميته ، وكذا ابن القيم في زاد المعاد جعل فصلا مستقلا في هديه صلى الله عليه وسلم في قنوت النوازل . وقال الصنعاني في السبل 1/378 رقم 288 قال : فالقول بأنه يسن القنوت في النوازل قول حسن . ومما يجمع خلاصة كلام المذاهب قول اللكنوي في كتابه التعليق الممجد 1/636 : ولا نزاع بين الأمة في مشروعية القنوت ولا في مشروعيته للنازلة إنما النـزاع في بقاء مشروعيته لغير النازلة ، ونقل ابن عبد البر في الاستذكار 6/202 عن يحي بن سعيد أن القنوت إذا دخلت جيوش المسلمين هو فعل الأئمة . ثانيا : ذكرتم في المسألة الثانية أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت لم يأمر مساجد المدينة بالقنوت – قنوت النوازل – ولم يأمر مسجد قباء ومسجد ( زريق ) ومسجد العالية . والجواب : نفْيكم هذا يحتاج إلى إثبات خاص فهل هناك دليل صريح انه قال لهم لا تقنتوا أو انهم قنتوا فنهاهم ، فالنفي مثل الإثبات يحتاج إلى دليل لأن النفي قضية سلبية تحتاج إلى برهان كالقضية الموجبة وكون المستدل ليس لديه دليل على القضية المعينة لا يلزم منه انتفاء تلك القضية إذ قد تكون ثابتة بدليل لم يعلمه المستدل كهذه القضية إذ من المعلوم قطعا أن الصحابة رضي الله عنهم لا يخالفون قول الرسول ولا فعله ، وقد ثبت عنه انه قنت فلا بد أن يقتدوا به في ذلك القنوت ، يدل على هذا قصة استدارة أهل مسجد قباء حينما أبلغوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم استقبل الكعبة ففعلوا ذلك عندما علموا من غير أن يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. ويقال أيضا لكم على وجه التنزل إذ لم يأت حديث بالأمر فأيضا لم يأت حديث بالنهي إنما هو شيء مسكوت عنه ، والمسكوت عنه يرجع فيه للقواعد والأصول ، والأصل أن الصحابة يقتدون بالرسول صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) والأصل في الرسول انه مُتَبع ، وما فعله شرع يعمل به مالم يدل دليل على خصوصيته به وإلا على كلامكم يلزم منه لوازم باطلة تؤدي إلى تعطيل بعض الشرائع فيقال صلاة التراويح فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده بعض الليالي وفعلها عمر رضي الله عنه في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا تفعل في المساجد الأخرى لأنه لم يرد دليل أن المساجد الأخرى اُمرت بذلك ، ومثلها صلاة الكسوف صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده ولم يأت دليل انه أَمر المساجد الأخرى ، وكذا صلاة الخوف ، فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين الدليل أنه أمر السرايا والجيوش الأخرى بصلاتها ، ويقال أيضا البلاد التي فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الدليل أنه أمر مساجدهم بإقامة الجمعة وغيرها من الشعائر الظاهرة ، وهكذا من اللوازم الباطلة التي ليس المخرج منها إلا أن يقال الأصل الاقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم ، والأصل أن الصحابة والمسلمين فعلوا ما فعله صلى الله عليه وسلم إلا إذا جاء دليل خاص بالمنع أو النهي لا مجرد السكوت وعدم النقل . ثالثا : ذكرتم في المسألة الثانية قولكم إنما قنت هو عليه الصلاة والسلام شهرا ، ولهذا استدل به عدد من الأئمة منهم الإمام أحمد أنه إنما يقنت الإمام الأعظم في المسجد الأعظم ما يقنت كل مسجد ، وقلت أيضا إن السنة ظاهرة في انه لا يقنت في البلد الواحد إلا مسجد واحد فقط وهو المسجد الأعظم في البلد .
والجواب : ما هو الدليل أنه لا يقنت إلا الإمام الأعظم ؟!! وأنه لايقنت إلا مسجد الإمام الأعظم فقط !! بل إن فقه الصحابة رضي الله عنهم على أن القنوت ليس من خصائص الإمام الأعظم ومسجده فقط ، بل ثبت عن أنس بن مالك وأبى هريرة وابن عباس والبراء بن عازب ومعاوية وأبى موسى أنهم قنتوا ، وليسوا بالإمام الأعظم ومسجدهم ليس بمسجد الإمام الأعظم كما سوف نذكره إن شاء الله بعد قليل : أ – فقد صح عن انس بن مالك رضي الله عنه انه كان يقنت في صلاة الفجر رواه ابن المنذر في الأوسط 5/ 209 وغيره ، علما بأن أنسا ممن روى أحاديث قنوت النازلة فكان بفعله هذا يرى أنها ليست من خصائص الإمام الأعظم ولا مسجده ، بل صح عنه رضي الله عنه أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر فذكر هنا انه فعل جمع من الصحابة والمقصود بذلك قنوت النازلة . ب – وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه انه كان يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح رواه الطبراني في تهذيب الآثار مسند ابن عباس 1/345 رقم 576 فيدعوا للمؤمنين ويلعن الكفار ، وقال لأقرِّبن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم متفق عليه ، وفي رواية عند الطحاوي في شرح الآثار 1/241 ( لأرينكم ) ، فصلى بهم وقنت حتى يعلّمهم أن القنوت مشروع لكل إمام في النازلة ولذا قال : لأرينكم ، مع انه ليس بالإمام الأعظم ومسجده ليس بالمسجد الأعظم ، علما بأن أبا هريرة رضي الله عنه ممن روى أحاديث القنوت للنازلة ، فهذا فهمهم رضي الله عنهم ، بل فعله هو بنفسه تدريبا لأصحابه عليها . قال ابن القيم في زاد المعاد : ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ( أي القنوت ) ثم تركه ، فأحب أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة . اهـ ج – صح عن البراء بن عازب انه كان يقنت . رواه بن أبي شيبة 2/106رقم 7016 و صفحة 108 رقم 7034 ، وعبدالرزاق في مصنفه 3/109وابن المنذر في الأوسط 5/209 والبيهقي في سننه 2/206 مع أن البراء ممن روى أحاديث قنوت النازلة . د – صح عن ابن عباس رضي الله عنه انه صلى الغداة في إمارته على البصرة فقنت . رواه بن أبي شيبه 2/105 رقم 7003 وعبدالرزاق في مصنفه 3/113 وبن المنذر في الأوسط 5/209 علما بأن ابن عباس في البصرة كان أميرا لعلي بن أبي طالب ، فلما قنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما حارب أهل الشام قنت ابن عباس تبعا له ذكر ذلك الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/252 في باب القنوت ، وذكره التهانوي في إعلاء السنن 6/ باب القنوت ، وقال الكاندهلوي في كتابه أوجز المسالك 3/175 نقلا عن الدار قطني عن سعيد بن جبير ، قال أشهد أني سمعت بن عباس يقول : أن القنوت في صلاة الفجر بدعة . إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة ، فانظر إلى كلام بن عباس هذا وما فيه من عمومية القنوت للنوازل ، بل لا يَبعد أن يكون هذا الكلام له حكم الرفع . هـ - جاء عن معاوية رضي الله عنه أنه قنت في صفين وما بعدها ، يقنت هو ومن معه مع أنه ليس الإمام الأعظم في ذلك الوقت ، وذكر قنوته الطحاوي في معاني الآثار وكذا الطبري في تاريخه 3/113 ، قال البيهقي في كتابه معرفة السنن في فصل القنوت : وقنت معاوية في الشام يدعو في صفين ، فأخذ أهل الشام عنه ذلك . ز – وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار عن أبي موسى الأشعري أنه قنت وذكره عنه ابن القيم في زاد المعاد ورواه بن أبي شيبة 2/105 رقم 7001 بسنده عن عبد الله بن معقل قال : قنت في الفجر رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وأبو موسى . فهؤلاء ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم ممن روى أحاديث قنوت النازلة وفعلها ، وكلهم يرون أن لغير الإمام الأعظم فعله ، فأين المخالف لهم من الصحابة ممن منع قنوت النوازل أو رأى انه خاص بالإمام الأعظم أو مسجده . أما الخلفاء الراشدون فقد صح عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم انهم قنتوا في النوازل فعن العوام بن حمزة سألت أبا عثمان عن القنوت فقال بعد الركوع قلت عمن ؟ قال عن أبي بكر وعمر وعثمان . رواه بن أبي شيبة 2/106 رقم 7011 وابن المنذر في الأوسط 5/210 وحسنه البيهقي في معرفة السنن 2/79وقال ابن تيميه في الفتاوى 23/108 أن النبي عليه الصلاة والسلام قنت لسبب نزل به ثم تركه عند عدم ذلك السبب النازل ، فيكون القنوت مسنونا عند النوازل ، وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم .. ثم قال : فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تدل على شيئين ، أحدهما : أن دعاء القنوت مشروع عند السبب الذي يقتضيه ، وقال ابن القيم في الزاد في هديه صلى الله عليه وسلم في القنوت : إن المروي عن الصحابة في قنوت النوازل قنوت الصديق رضي الله عنه في محاربة مسيلمة وعند محاربة أهل الكتاب ، ( راجع كتاب إعلاء السنن 6/83 ) أما قنوت عمر فقد ذكره ابن تيميه في الفتاوى 23/108 وابن القيم في الزاد انه قنت لما حارب النصارى .
وقال ابن تيميه في الفتاوى 23/108 وكان عمر إذا أبطأ عليه خبر جيوش المسلمين قنت ، ونقل الكاندهلوي في أوجز المسالك 3/176 عن كتاب الآثار لمحمد بن حسن قال : كان عمر رضي الله عنه إذا حارب قنت وإذا لم يحارب لم يقنت رواه الطحاوي وإسناده حسن . وكذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قنت لما حارب من حارب من الخوارج ، قاله ابن تيميه في الفتاوى 23/103 ، وقنت أيضا لما حارب أهلَ الشام في صفين ، قال البيهقي في كتابه معرفة السنن في فصل القنوت أن عليا قنت في حرب يدعو فأخذ أهل الكوفة ذلك عنه . فهذا هدي الخلفاء الراشدين والصحابة المرضيين ، بل لو قال قائل انه لا يعرف لهم مخالف لكان هو عين الصواب ، وهو مذهب الناس في زمن علي بن أبي طالب وعليه أهل الكوفة تبعا له ، و أهل البصرة تبعا لأبن عباس ، وأهل الشام تبعا لمعاوية فقد روى محمد بن الحسن في الآثار عن إبراهيم النخعي بسند صحيح ، قال : إن أهل الكوفة إنما اخذوا القنوت من علي حينما حارب وأهل الشام اخذوا القنوت عن معاوية ، ذكره صاحب إعلاء السنن 6/88 ،وهو فعل الأمراء زمن انس رضي الله عنه كما ذكر ذلك ابن حزم في المحلى 4/141 رقم 459 وقال : فإن قيل فقد روي عن انس انه سئل عن القنوت : أقبل الركوع أم بعده ؟ فقال : قبل الركوع ، قال ابن حزم : إنما اخبر بذلك انس رضي الله عنه عن أمراء عصره اهـ والشاهد أن فعل القنوت للنوازل من فعل أمراء عصر انس رضي الله عنه وليس خاصا بالإمام الأعظم . وقبل ذلك هو فعل الناس زمن عمر حيث قنت عدة مرات ،وهو فعل الناس زمن أبي بكر حيث فعله فيهم ، فأي إجماع اعظم من هذا وجاء في الاستذكار 5/170 أن أبا عبدالرحمن السلمي قنت في الفجر يدعو على قطري بن الفجاءة الخارجي ( وأبو عبدالرحمن هذا مقرئ الكوفة من أولاد الصحابة اخذ القرآن عن عثمان وعلي رضي الله عنهما ، ورواه ابن أبي شيبة 2/109 رقم 7047 ، وقنت من التابعين أيضا نفر كثير ليسوا بأئمة ومساجدهم ليست بمسجد الإمام الأعظم ، وقال ابن عبدالبر في الاستذكار 5/172 : ( ومِن فعل الصحابة وجلة التابعين بالمدينة في لعن الكفرة في القنوت أخذ العلماء لعن الكفرة في الخطبة الثانية من الخطبة والدعاء عليهم ) . وممن نقل الإجماع الكاندهلوي في أوجز المسالك في شرح موطأ مالك 3/ 177 قال النيموي : تدل الأخبار على أن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه لم يقنتوا في الفجر إلا في النوازل ، وقال اللكنوي في كتابه التعليق الممجد 1/636 ولا نزاع بين الأمة في مشروعية القنوت ولا في مشروعيته للنازلة إنما النزاع في بقاء مشروعيته لغير النازلة ، ونقل بن عبدالبر في الاستذكار 6/202 عن يحي بن سعيد أن القنوت فعل الأئمة ، وذكر ابن أبي شيبة برقم 7006 بسنده عن ابن أبي ليلى قال : القنوت سنة ماضية ، وقال ابن تيميه في الفتاوى 23/108 أن القنوت مسنون عند النوازل وهذا القول هو الذي عليه فقهاء أهل الحديث وهو المأثور عن الخلفاء الراشدين . وقال التهانوي في إعلاء السنن 6/96 واما دعوى نسخ القنوت في الفجر مطلقا فتردها آثار الصحابة وقنوتهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أحيانا ، ونقل عن صاحب كتاب الحجة البالغة : وكان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه إذا نابهم أمر دعوا للمسلمين وعلى الكافرين بعد الركوع أو قبله اهـ . وبعد هذا يقال أيضا لماذا يخصص القنوت بالإمام الأعظم ومسجده مع أن اصل القنوت دعاء واستنصار ، فتكثير من يدعو من المقاصد الشرعية ، ومن أسباب قبول الدعاء لا سيما وانه قد يوجد في غير مسجد الإمام من هو اقرب للإجابة وافضل ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : وهل تنصرون إلا بضعفائكم ، بل قد يكون الإمام أو مسجده فيه من موانع قبول الدعاء ما يفوّت الهدف من القنوت وهو تحري الاستجابة ، ثم يقال ليس في تعدد مساجد القنوت ضرر في ذلك ، وليس هو مثل إقامة الحدود ونحوها التي في تعددها مفاسد ، ولذا تخصص بالإمام أو نائبه لمنع المفاسد . ويقال أيضا : لو كان قنوت النازلة خاص لكان النبي عليه الصلاة والسلام لما قنت في قصة القراء لقال للصحابة بعد الصلاة إن هذا الدعاء خاص بالإمام أو نحو ذلك لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فلو كان هناك مخصص لبينه المصطفى المبلغ عليه الصلاة والسلام . ومن أعجب الأمور أنكم تقولون عند النوازل : ادعوا في الخطب والمحاضرات ولا تدعوا في الصلاة إلا بإذن الإمام فتمنع الناس مما هو مشروع لهم بالإجماع ثم تحثهم على أمر آخر وإن كان جيدا ومطلوبا لكن المشروع أولى منه ، وأخشى أن يجيء وقت لا قدر الله فيقال : وأيضا الخطب والمحاضرات لا يدعى إلا بإذن الإمام ، أو انه خاص بالإمام ولا حول ولا قوة إلا بالله .
رابعا : قلتم في المسالة الثانية : إن القنوت للإمام الأعظم استدل به عدد من الأئمة منهم الإمام احمد على أنه إنما يقنت الإمام الأعظم في المسجد الأعظم ! ويقال لكم إن الإمام احمد له عدة روايات في المسألة ، فقد قال المرداوي في الإنصاف 2/175 لما ذكر عن احمد انه يقنت الإمام قال : وعنه يقنت نائبه بإذنه ، وعنه يقنت إمام جماعة ، وعنه كل مصل . اختاره تقي الدين ، وقال في المحرر وهل يشرع لسائر الناس ؟ على روايتين . والله تعالى يقول ( وان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) ومن البحث السابق وعمل الصحابة يتضح اقرب الروايات للسنة وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته العموم ونفيد فائدة هنا وهي أن المتتبع لأقوال أهل العلم حسب اطلاعنا في الكتب المتيسرة بين أيدينا وحسب البحث السابق أن القول بأن قنوت النوازل خاص بالإمام الأعظم انه من مفردات الحنابلة في إحدى الروايات . ثم اختياركم لهذا القول على خلاف مراد الإمام احمد ، فإن معنى الإمام الأعظم عند احمد وغيره هو الخليفة الواحد الذي يحكم المسلمين جميعا ، وهذه هي فائدة صفة الأعظم ، واليوم ليس إمام اعظم يحكم المسلمين كلهم ، فعلى هذا القول الذي اخترتموه وأردتم تطبيقه هذا اليوم على غير مراد الإمام احمد الذي اخترت قوله وهو إحدى الروايات يؤدي إلى تعطيل القنوت تماما ، وهذا القول لم تسبقوا إليه ولا حول ولا قوة إلا بالله . واخيرا .. نحن اليوم نعرف اختلاف أهواء الحكام وماهي توجهاتهم فربط القنوت للنوازل بهم يجعل قضايا المسلمين خاضعة للسياسة و مصالح الحكام ، وأنت ترى في الواقع اليوم تخاذل كثير من الحكام وعدم نصرتهم للمسلمين في نوازلهم بل انهم يخجلون من دعم قضايا الجهاد والمجاهدين ، فكيف ينتظر منهم أن يأذنوا بالقنوت لهم إلا أن وافق مصالحهم وأهواءهم . كتبت هذا لكم لكي تراجعوا أنفسكم فيما قلتم وتعودوا إلى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والعلماء بعده وتعلنوا للناس ذلك وإلا سوف نعلن هذا الرد للناس لبيان ما هو الحق في المسألة ونحن بالانتظار .. نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية . وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
أملاه فضيلة الشيخ أ. حمود بن عقلاء الشعيبي 17/10/1421هـ -------------------------------------------------------------------------------- [1] ) لقد مضى اكثر من شهر ولم يأت الرد خلاله ولذا لزم نشره إعذارا وإبراء للذمة في 28 / 11 / 1421 هـ
#صدر_حديثا


الإمامة العظمى

لفضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله


https://www.tgoop.com/Hamoud1346
2024/06/29 21:53:35
Back to Top
HTML Embed Code: