‏مُنذ شهور، والحزنُ يفتكُ بنا وينهشنا بلا توقف، واليوم اُدرك أننا فقدنا بعد كل هذا الوقت الإحساس بالكثير من المشاعر، أو نسيناها تماماً، لا أحد يذكر حقّاً كيف كنّا نشعر بالفرح، بالصدمة، بالمفاجأة، بالترقب لشيء جميل، كيف كنّا نبتسم قبل أن نشعر فوراً بالذنب، وكأنّ كل المشاعر صارت علينا حراماً، ومجرد التفكير بها صار ذنباً يلاحقنا.

‏كلنا نمارس الحياة كما يجب، نلبس الأقنعة المطلوبة منّا للتظاهر بأننا أحياء، نعمل وننجز ونتفاعل مع الآخرين، نخلع أقنعتنا نهاية اليوم، وندرك كم نشغر بالفراغ داخلنا، أشعُر حرفياً بهذا الشعور، فراغ كبير وفقدان الإحساس بقيمة كل شيء حولي.

‏وأكاد أجزم أننا كلنا، خسرنا شيئاً لن يعود طوال الحياة، خسرنا شيئاً لا تصفهُ الكلمات أبداً، ولكنَّ القلوب بِه أعلم. 🥺💔

لن أتخيل نفسي نهائي، عندما أسمع الجميع من حولي يقول هدنة رسمية والجيش انسحب من القطاع، ربما لن أصدق وانفجر بالضحك؛ لأنني نسيتُ كيف أن أعيشَ حياة طبيعية بحرية وبراحة، تعودت على العذاب والنزوح والمعاناة، وسأتجمدُ أرضاً، وربما أنفجر من البكاء، لا أعرف لماذا أبكي؟ أبكي لما حدث لنا من فقدان أحباب وأصدقاء، ودمار بيوتنا، وعذاب ومعاناة الخيام، أصبحنا عندما شخص حولنا يضرب شيء ما بقوة وبصوت عالي أو يحرك شيء بشكل مفاجئ، ينتابنا شعور بأنه صاروخ قد يسقط، وأضع يداي على رأسي بشكل لاإرادي، ولا أبكي فرحاً على هذا الخبر الجميل والمحزن بنفس الوقت، سيمر شريط أحداث الحرب بسرعة أمامي كالبرق، وربما الجميع لن يتحمل الصدمة ويسقطوا أرضاً، ما بعد وقف إطلاق النار بغزة حرب أخرى ونيران ولوعة الفقدان وحزن كبير كفيل بأن يهدَّ جبال ثِقال.

شعب غزة عانى الكثير، الله يكون بعوننا وعون الجميع. 🥺