Telegram Web
الحمد لله وحده.

إن لم نتعلم حقيقة الدنيا وزينتها من فتن خمسة عشر مضت؛ فنخشى أن نكون قد متنا.
ما زلنا نسعى في الدنيا بكل حرص، وما زالت تقلبنا بكل جد، وآفة الإنسان نسيان الموعظة، والغفلة عن آيات الله البينات بعد أن تبينت له، وطول الأمل حتى يظن أنه يقدر على نفسه بعد حين.

ووعظنا الله تعالى أن تأتينا الآية بعد الآية، فلا نخشع لها، ونكون كالذين من قبلنا، طال عليهم الزمان، وأتتهم الآية بعد الآية، لم يخشعوا، فقست قلوبهم.
ثم قال تعالى عقب ذلك: {اعلموا أن الله يحىِ الأرض بعد موتها قد بينّا لكم الأيٰت لعلكم تعقلون}.
لعلكم تعقلون.

وكل ميت فإن الله قادر أن يحييه، وميت الدنيا يحييه الله إن كان منه استماع واتباع.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

تقبل الله منك يا أستاذ أنس.
الحمد لله وحده.

محاضرات "تفاعلية" عن طريق الإنترنت، يلقيها "رجل"، وهي قاصرة على "النساء".
هذا فساد عريض، وأوسع باب في عصرنا للشهوات المحرمة، كما وقع مرات.

ولا أعلم سببا واحدا وجيها يحمل رجلا على تخصيص درس تفاعلي للنساء عبر الإنترنت، يخاطب النساء وتخاطبنه.
وكم وقعت فتن بسبب هذا وبسبب مجموعات "الواتس" ونحوها، مع أنها للدرس الشرعي أو الفتاوي.
وهذه كلها مصائب وذرائع الحرام والإثم، فلتحذر كل متقية ومتق.
وكفاكم، يرحمكم الله.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

رأيت في صلاة الجمعة من يومين شابا طويلا، أعتقد أن طوله جاوز المترين.
لفتني طوله، بارك الله في بدنه وعمره صالحا مستقيما.
وبارك الله له وفيه وعليه.

استدعى طوله مني ذكرى قديمة، لم أكن أظن أنها باقية في قلبي، إذ لم تخطر ببالي منذ أغسطس النكبة.

ذكرى أطول رجل كان، قالت له زوجته: انحَنِ، فأنت ظاهر، فقال: لن أنحني، بل أموت واقفا.
ما زالت الكلمة تتردد في أذني منذ صلاة الجمعة "لن أنحني، بل أموت واقفا" .
مات واقفا، رحمه الله وإخوانه.
الحمد لله وحده.

اجتمع للنبي صلى الله عليه وسلم الفقر والغنى،
فقام بحق عبادة الصبر في حال الفقر، وبحق عبادة الشكر في حال الغنى، أتم قيام.
ولذلك فهو أعبد الناس، وهو خير من أغنياء الأنبياء، وخير من فقراء الأنبياء، صلى الله عليهم جميعا وسلم.

فمن أحوال الغنى وأسبابه: الخُمس من الغنائم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفقه، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقته في النفقة وما يحبه من عدم كنز المال ولو كان كثيرا، فيحب أن ينفقه كله تقربا لله.
وذلك في أحاديث مشهورة ثابتة، كقوله صلى الله عليه وسلم عن جبل أحد: (ما أحب أنه يحوَّل لي ذهبا، يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث، إلا دينارا أرصده لدين)، ونحو ذلك.

كذلك قد ثبت في صحيح مسلم أنه خرج من بيته جائعا، لم يخرجه إلا شدة الجوع، وحلف على ذلك.

فلقي أبا بكر وعمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة)؟
قالا: الجوع يا رسول الله!!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنا، والذي نفسي بيده، لأخرجني الذي أخرجكما)!

ثم ذهب بهما لبعض الصحابة فاستضافهم وأطعمهم تمرا ورطبا ولحما، فلما شبعوا وروُوا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر، وعمر:
(والذي نفسي بيده، لتُسألُنَّ عن هذا النعيم يوم القيامة!! أخرَجَكم من بيوتكم الجوعُ، ثمَّ لم ترجِعوا حتى أصابكم هذا النعيم)!!

ومات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة.
فهذه الأحاديث ونحوها كثير أيضا، تبين أحوال الفقر والصبر التي أتت عليه صلى الله عليه وسلم، بأبي هو وأمي ونفسي.
فالمقصود أنه قد جُمع له الابتلاءان، فراوح بينهما في مدة حياته، وقام بحق كل، وبذلك كملت أحواله وعبادته، صلى الله عليه وسلم، فكان هذا من أوجه تفضيله على من لزمه الغنى من الأنبياء ومن لزمه الفقر منهم.
وهذا سائر على قاعدة التفضيل بين الأشياء والأشخاص والأوقات.
والله أعلم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

عمائم إفساد تدين الناس.
أدخلوا الطبل والمعازف المساجد، واستعملوها فيها احتفالا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم زعموا، خالطين بين الرجال والنساء المتبرجات اللاتي حرصن على التصفيق.
وهذا فعل اجتمعت فيه بدع ومحرمات.
نافحوا عنها.

ونافحوا عن كبير المعممين الذي خرج يحتفل بالمولد ينتقص من منزلة رسول الله صلى الله عليه التي أنزله الله تعالى إياها، وينتقص من شريعته التي أجمع المسلمون أنها خير شريعة لكمالها وثباتها وشمولها.

نافحوا عن الأمرين معا.
هذا ليس تناقضا، هذا تحقق قول الله تعالى: {اتخذوآ أحبارهم ورهبٰنهم أربابا من دون الله}.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله وحده.

كان يوسف عليه السلام نبيّا، يوحي الله تعالى إليه وينصره ويحوطه ويهديه.
كان يوسف عليه السلام، صدّيقا.

قال يوسف الصِّدِّيق عليه السلام: يا ربّ، البلاء البدني الشديد بالسّجن، أنا أحبُّه أشدّ من معصيتك.

يوسف عليه السلام، نبيّ صدّيق، اجتباه الله ربّ العالمين، وكان يجد في نفسه حبّ طاعة الله وبُغضَ العصيان، حتى إنّ السّجن أحبّ إليه من العصيان.

لم يعتمد يوسف على مقام الاجتباء والاصطفاء بالنبوة، ولا على ما في أعطاه الله له من الإيمان وحبّ الطاعة وبغض العصيان.

ذهب يوسف عليه السلام إلى الله، يقرُّ بضعفه وفقره، والتجأ للقويّ الغنيّ سبحانه.
احتمى يوسف من نفسه بالذي بيده نفوس العالمين، ومقادير الخلائق، الذي لا تكون طاعة إلا بتوفيقه، ولا تكون معصية إلا بإذنه وتقديره.

طرح يوسف عليه السلام نفسه بين يدي الله، متوكلا على الوكيل، رغم النبوة وما في نفسه من بغض المعصية التي يُدعى إليها، وما يجده من حبّه الله.

قال يوسف النبيُّ الصِّدِّيق عليه السلام: {وإلّا تصرفْ عنّي كيدَهنّ أصبُ إليهنّ وأكن من الجاهلين}!

كان يوسف عليه السلام صدّيقا نبيّا من أولى أولياء الله.
فعلم نفسه ما هي، وعلِم ربّه تبارك وتعالى من هو.

لحظة توكلك على نفسك أو اعتدادك بقوتك، وإن كانت الأسباب متهيئة لك؛ هي لحظة سقوط تبرهن على جهلك بنفسك ما أنت، وجهلك بالله من هو.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

علامة الامتحان العام أن يدخل بيوتا كثيرة، ويبلغ قوما كثيرين، كما بلغ ذِكر محمد رسول الله ﷺ بيوتا كثيرة وأقواما كثيرين، منذ بعثته ﷺ.

والفتنة العامة، والبلاء العام: إنذار عام، وآية عامة، للخاصة والعامة.
وما تعيشه الأرض من (عام)؛ قد دخل البيوت الكثيرة، وبلغ سمع كثير من الناس، على وجه الأرض كلها.
وهو أيضا: حادث جلل، في أرض ليست كسائر الأرض.
فقام قوم ثم خمدوا، وانتهضوا ثم خلدوا، واتعظوا ثم انتكسوا، أو طال عليهم الأمد فقسوا!
أو قسوا وما طال.


نعوذ بالله أن تكون قلوبنا قد مرضَتْ، حتى صارت لا تتعظ بالآيات، ولا تنتبه عند الفتنة العامة إذا وقعَتْ، ولا تخشى من الاستبدال إذا استحقّ عليها بتفريطها في الفتنة!

بل: تنظر للفتنة العامة، والأمر العام، كأنه مصارعة بين البشر حسْب، أو سنة الدنيا والحياة فقط، نظرة الملحد، الذي يغفل عن ربط ذلك بالقدر، وإذن الله، وإرادة الله، وعلم الله، وصنع الله، وعذاب الله أو ثوابه تعالى.

نعوذ بالله أن نكون كذلك، فتبقى قلوبنا في غفلتها، أو في الركض مع الأسباب والتعلق بها وحدها لا غير، مأذون فيها أو غير مأذون.

أما ربنا تعالى، فلا يفعل شيئا عبثا، ولا يخلق أمرا سدى، وعلى عباده مع كل حادث عبادة واجبة ومستحبة!

وأعظم مطلوب عند البلاء العام، وهو الامتحان العام، هو: الاعتصام بالوحي، كما منّ الله عليّ فذكرت مرارا، في فتن عامة سبقت، مع ذكر برهانه ومثاله في التاريخ، بقدر الطاقة وما يسمح به الحال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقد كانت السحابة تغيم السماء، أيام رسول الله ﷺ، فيتغير لونه، قلقا وخشية، من هذه الآية العامة، التي نراها أو نحوها كل يوم!
كان يتغير لونه ﷺ مع السحابة! فيخرج.. ويدخل!
ويذهب، ويأتي!!
حتى تمطر، فيطمئن، ويهدأ.
وهو رسول الله! صلى الله عليه وسلم.
والحديث في الصحيحين.

اكشف عنا يا رب، وارزقنا سلامة الحاسة، وأيقظ قلوبنا لنفقه عنك تذكيرك، واعصمنا بالوحي يا رب، وبصرنا بما تحب يا رب، وصبرنا عليه يا رب.
واستعملنا يا رب، ولا تستبدل بنا يا رب!

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

هو إن شاء الله من تربية الله لأهل الحق، حتى يخلصوا الاستعانة به وحده، ويعلموا أنه الناصر الوكيل سبحانه وتعالى.

وقد شدد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في إدخال الرافضة في عسكر أهل السنة، وبين أنهم لا أمان لهم ولا يكونون إلا عونا على المسلمين، هكذا تاريخهم إلى وقت شيخ الإسلام رحمه الله، على الأقل.
ولا أعلم أن الحال بعده اختلف.

ونعم مسألة إدخالهم في عسكر المسلمين ليست هي ومسألة التحالف معهم بلا إدخال شيئا واحدا.
كما أنها ليست ومسألة الفرح بكون عدوهم هو عدو أهل السنة في وقت ما ومكان ما؛ واحدا.

لعل مقتله تربية من الله وتمحيص وخلق للسبب الأوحد لنصر الله لهم، وهو إخلاص الدين لله.

وحتى يعلم أهل السنة أن النصر من الله وحده، وبنصر المسلمين لله وحده، كما قال تعالى: {يٰأيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}، والخطاب يومئذ لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم!
ثم لمن جاء بعدهم.

ولا يكون نصر لله مع مدح أو مؤاخاة المحارب لدين الله، أو الشاتم لدين الله، أو الواقع في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أو القاتل لأولياء الله في بلاد الله، المعين لأهل الفسق عليهم بكل ما يقدر عليه، فإن هؤلاء إخواننا حقا، ونصرتهم واجبة علينا، ليس غيرهم من أهل السنة بأولى منهم في دمائهم ولا أعراضهم ولا أولادهم، يا عباد الله!

النصر في الدنيا بالله، ومن الله، وباتباع رسول الله صلى الله عليه حسب.

والنصر هو الموت على ذلك، ولو من غير علو في الدنيا، ولو من غير تحقيق شيء من الدنيا، إلا ترك هذه الحقائق لمن يتسلم راية العمل لدين الله.

ترك منهج: انصر دين الله، تدخل الجنة، فبذلك ينصرك الله.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

هو عمرك، فأفنِه فيما شئتَ، وليس لك عودة.
الحمد لله وحده.

باع دينه بعرض من الدنيا، وضل سعيه في الحياة الدنيا، وهو يحسب أنه يحسن صنعا.
نسأل الله العافية.

من يأمن الوقوع إذا فتن؟ والناس يفتنون كل يوم، وقد زُينت لهم الدنيا؟
وزين الشيطان للكافرين أعمالهم.
بل يزين الله الضلال لمن شاء، يستدرجه حتى يقضي له بالعذاب!

من يضمن أن يموت مسلما؟
أن يثبت على العلم بالحق أنه الحق ثم يتبعه؟ والباطل أنه الباطل ثم يجتنبه؟
ويحافظ على التوبة إذا زل؟
والناس يزلون!

اللهم عافيتك، فإنه لا يهتدي إلا من هديت.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الحمد لله وحده.
المسلمين!

بارك الله فيك يا ابنة الكرام.
اللهم احفظ وبارك.
الحمد لله وحده.

استهدوا بالله وصلوا على النبي يا جماعة.

اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا لما اختلف فيه من "الحق"، اللهم علمنا ما ينفعنا، اللهم انفعنا بما علمتنا، اللهم زدنا علما ينفعنا.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله وحده.

ذهب النّاس إلى أنس بن مالك رضي الله عنه، يشكون ما يجدون من ظلم الحجاج، فصبّرهم وأخبرهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شرٌّ منه، حتى تلقوا ربّكم).

سئل الحسن البصري، عن هذا الحديث:
كيف جاء عمر بن عبدالعزيز بعد الحجّاج؟
فقال: (لا بدّ للنّاس من تنفيسٍ)!

يا ربّ.
الحمد لله وحده ..

(ومنصب الإفتاء: انحطّت مرتبته، وتسوّره كلُّ مَن أرادَ).
أحمد بن قاسم العبّادي الشافعي، ت 992 هـ.
الحمد لله وحده.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله العبد المجاهد يحيى السنوار، وأخلف على المؤمنين خيرا.
الحمد لله الذي أشهدنا بأعيننا في زماننا قائدا نحكي لأولادنا عنه لنقرب لهم معنى قول الله تعالى: {والسابقون السابقون}..
{ثلة من الأولين ( ) وقليل من الأٰخرين}.

اللهم أخرج من أبنائنا يحيى بعد يحيى.
وهكذا دين الإسلام الحق، لا يقف عند الأشخاص، وبعد كل يحيى يرزق الله بيحيى، ويسلم يحيى الراية ليحيى آخر، وبعد الآخر خامس، وسادس، وما شاء الله، علمنا به أو لم نعلم، حتى يأتي أمر الله.
الحمد لله وحده.

لو كان السّخط على أقدار الله تعالى يغيِّر منها شيئًا فينتفع الإنسان في الدُّنيا، لكان حرامًا وإثمًا وحماقة، مع نفع الدُّنيا.
فكيف والسَّخط لا يؤثِّر في شيء؟!

قضاء الله نافذ، وربُّنا تعالى يحكم ما يريد، ويفعل ما يشاء.
إذا رضيتَ أو صبرتَ، فالقدر نافذ.
وإذا سخطتَ أو جزعتَ، فالقدر نافذ.

وإنَّما ينتفع الراضي الصابرُ والشَّاكرُ: بعمله، ويضرُّ الساخطَ والكافرَ عملُه.

فإذا كرهتَ ما أنت فيه من المرض أو الضِّيق أو السُّوء؛ فارض بالقضاء واصبر تؤجر.
وإذا رضيت بما أنت فيه من النعمة والإحسان؛ فارض بالقضاء واشكر تؤجر.
وخلاف ذلك إثم بلا طائل ولا فائدة.
الحمد لله وحده.
إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم ائْجُرني في مصيبتي، وأخلِفْ لي خيرًا منها.
هذا يوم غم عظيم.
يليق بأبي إسحق الحويني أن يموت وهو علَمٌ على السُّنَّة والاتباع، وحبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم.

وإني أحسِب الشيخ قد أحسنَ تزكيةَ نفسِه حتى تملَّكَها، وما زال منذ ظهرَ في رفعةٍ وحسن سيرة عند المؤمنين، لا تزيده الأيام إلا إخباتًا وإقبالًا على شأنه.

وددتُ والله أن يبقى الشيخ في الناس، حتى نُسمعَ صوتَه لأولادنا فيخشعون، ويذكرون الله، ويصلُّون على رسوله.

يَسمعونه فيؤمنون بالله، ويذكرون الله، ويتوبون لله، ويرجو الواحد منهم لو بذل نفسَه وماله والدنيا كلَّها في سبيل الله!
ويسمعونه، ثم لا يقوم الواحد منهم إلا وهو يرجو أن يكون "أبا إسحاق" يومًا ما.

وددت والله لو بقي الشيخ، فيسمعه الناس، فيحبُّون السُّنَّة والحديث، ويبغضون البدعة، ويريدون أن يعيشوا أيامهم حرس الحدود، وأن يبذلوا دماءهم في سبيل الله.

وإني أحمد الله العظيم الكريم، الذي يَصنع لدينه ما شاء أن يَصنع، أحمده أن الشيخ قد مات اليوم ولا نعلمه إلا قائمًا على حدود الله، لم يعط الدنيّة، ولا نزَل يومًا في ذمّة فاسقٍ أو مبدِّل، اللهم ألحقه بالصالحين.

وددت لو بقي الشيخ، لكن؛ اللهُ يفعل ما يريد، والله يحكم ما يشاء، والله يقبض الناس، والله يقبض العلم، واللهُ يبعث الناس، والله يجزي الناس.
فالحمد لله رب العالمين، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه.

اللهم إن حجازي بن محمد في ذمتك، وحبل جوارك، فقِهِ من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم.

اللهم لا تحرم أجره، ولا تفتن بعده.
اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين!
إنا لله وإنا إليه راجعون.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الحمد لله وحده.

تدبرت فإذا الناس يوم الحساب أصناف مذكورون في الكتاب والسنة، وقد نبه عليهم علماء المسلمين في مواضع متفرقة.
ويحشَر الخلق يوم الدين، في انتظار مجيء رب العالمين ليفصل ويحكم ويقضي ويحاسِب!
ولن يقع شيء من ذلك حتى يقع ما نبَّأ به سيد القوم يوم القيامة، قال ﷺ:
(يجمع الله الناس! الأولين والآخرين في صعيد واحد، يَسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما قد بلغكم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟) رواه البخاري ومسلم.

فإذا شفع سيد القوم ﷺ، الشفاعة العظمى، انتفع بها الخلق، مسلمهم وكافرهم، وصاروا إلى أصناف مختلفين.

فأما أهل الإسلام فيكونون على ثلاثة أصناف:
■الصنف الأول: هم أعلى أهل الإسلام من أمة محمد ﷺ توكلا على الله، والتوكل سيد أعمل القلوب.
وهؤلاء لا يُحاسَبون، بل يُصرَفون من أرض المحشر إلى الجنة، قد ذكرهم النبي ﷺ في حديثين مشهورين.
- قالﷺ: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون) رواه البخاري ونحوه عند مسلم.
- والحديث الآخر حديث الشفاعة، فيه بيان أن انصرافهم كان من أرض المحشر، عقب الشفاعة!
قال ﷺ في حديث الشفاعة الطويل: (... فأنطلق فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي عز وجل، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحدٍ قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب، فيقال: يا محمد أدخل مِن أمَّتك مَن لا حساب عليهم، من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ...) [البخاري ومسلم].

وأما الصنفان الباقيان، فهم الذين يشملهم قول سيد القوم ﷺ:
(ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة). [البخاري ومسلم].

■ فالصنف الثاني، أصحاب الحساب اليسير:
وهم الذين قضى الله تعالى لهم بالمغفرة والستر، فيدخلون الجنة من غير سابقة عذابٍ، وإنما يقررهم الله بذنوبهم، حتى يظن الواحد منهم أنه هالك، ثم يُبشر بالمغفرة!!
(يُدنَى المؤمنُ يوم القيامة من ربه عز وجل، حتى يضعَ عليه كنفَه، فيقرِّره بذنوبه! فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أيْ ربِّ أعرف! قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، فيعطَى صحيفة حسناته) [البخاري ومسلم].
وقال الفضيل بن عياض باكيًا: وا سوأتاه منك، وإن عفوت!
والله أعلم كم مدة وقوف كل امرئ أمام الله، يقرره بذنوبه، ويذكره بها، ذنبًا ذنبًا، حتى يظن أنه هالك !

■ والصنف الثالث، أصحاب سوء الحساب:
وهذا حسابٌ لمن قضى الله تعالى له أن يعذَّب بالنار، من أهل الكبائر، وهو مراد النبي ﷺ بقوله: (ليس أحد يحاسَب إلا هلك)، وقوله: (من نوقش الحساب هلك)، وفي رواية في الصحيحين: (من نوقش الحساب عُذِّب).
فيُعذَّب بالنار بعد حسابه هذا، وهو سوء الحساب، الوارد في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}.

وقد دعوت الله ما شاء الله أن أدعو في رمضان وغيره، أن يدخلني الجنة بلا حساب، وقد شرح بعض أهل العلم: أنه لا يلزم أن يكون هؤلاء هم أصحاب أعلى الدرجات في الجنات، بل في الذين يدخلون الجنة بعد الحساب اليسير من يكون أعلى درجة منهم، والله أعلم بما هو كائن!

وأنا (والله) أدعوه تعالى أن يجنبني الحساب، وفي خاطري أن لا جواب عندي على ذنوب كثيرة، والسوأة من الله عظيمة وهو يقرر بها ويسأل عنها، وإن عفا!
غير أن أعظم ما في خاطري؛ أن لا جواب عندي إذا سئلتُ: ما صنعتَ للمسلمين يذبّحون ويجوّعون وتقطّع أيديهم وأرجلهم وتستباح حرماتهم وأنت شاهد..
وصار غاية رجائي أن يشملني رب العالمين بتوبة صالحة، ودعاء لهم مستجاب فأجعله لهم، أو يلهمني الله عذرًا، لست أجده الآن ولا أعرفه!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
2025/04/07 06:56:40
Back to Top
HTML Embed Code: