{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَـا كُـلَّ نَفْـسٍ هُدَاهَا} هل تريد أن ترى هدى من هذا النوع الذي كنت تقترحه على الله سبحانه وتعالى. وهو الشيء الذي لا يمكن أن يعملـه. انظـر إلى السجون إلى التعذيب هناك هدى بوسائل التعذيب، أليس السجان يحاول فيك أن يهديك لأن تطيع السلطـة. بتلـك الطريقـة بتعذيبـك بالقيـود وبالكهرباء وبوسائل أخرى. هل ذلك تكريم للسجين؟ أو أنه إهانة ممن يفعله؟ هو إهانة. الله لا يمكن أن تكـون هدايتـه للآخريـن علـى هـذا النحـو، لأنـه الكريم وهـو العزيـز هـو مـن يريـد أن يكـون أولياؤه كرماء وأعزاء.
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَـا كُـلَّ نَفْـسٍ هُدَاهَـا} يجب أن نفهم هذه: أن الله قد هدانا وشاء هدايتنا لكن على الشكل الذي فيه كرامتنا، حتى وهو يعبّدنا لنفسه سبحانه وتعالى يقول لنا: أن تعبيد أنفسنا له هو حريتها. هو كرامتها. هو عزتها وقد وضع في الحياة في الحاضر والماضي من الحياة أمام كل جيل الشواهد، الشواهد على أن العبودية لله هي الكرامة وهي العزة، وهو سبحانه وتعالى يعبدك لنفسه ليس كأي ملِك آخر يحاول أن يطوعك لنفسه، هنا إذلال. هنا إهانة. هنا قهر. أمـا مـن جانـب الله سبحانـه وتعالى فهو تكريم وعزة وتكريم الله لنا وعزته لنا تمثلت في هدايته على هذا النحو الذي قدمه لنا.
ثم انظر في القـرآن الكريـم تجـد أن خطابـه معـك على الشكل الذي يراعي تكريمك، يراعي كرامتك حتى وهو يوجهك إلى أن تنفق في سبيله. ألم يقل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} (البقرة: 245). ويقول: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} (الزمر: 16) يتحـدث مـع النـاس بمنطـق لطيـف، وبأسلوب رحيم، وبأسلوب يخجل الإنسـان أمـام الله. لمـاذا؟ كـم الفرق بيننا وبين الله، من نحن؟ من نحن في واقع أنفسنا بالنسبة لله؟ لا مقارنة لكنه كرمنا وهو يتحدث معنا بنحو يوحي بتكريمه لنا.
نحن من نرى أنفسنا أذلاء أمام أشخاص يذلون أنفسهم لأمريكـا وإسرائيـل، نبـدو أعزاء أمـام الله سبحانـه وتعالى، ونبدو كباراً في مواجهة الله سبحانه وتعالى. نبدو كباراً ونتحدى ونرفض وكم هو الفارق بين الله وبين أولئك الذين نذلل أنفسنا لهم، ونطوع أنفسنا لهم. أليس الفارق كبيراً؟ أليسوا هم في واقعهم إنما هم عبيد أذلاء لله، وقد يكون الكثير منهم في قائمة {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (الفرقان: 44).
فنذلل أنفسنا لمن هم أضل من الأنعام ولا نذلل أنفسنا لله سبحانه وتعالى، وتذليل أنفسنا له هي الكرامة، هي العزة.
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة:13). هناك في الوسط أشياء كثيرة جداً بين {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَـا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَـا} وبيـن {وَلَكِـنْ حَـقَّ الْقَـوْلُ مِنِّي} لا تعني العبارة بأنـه كان بإمكاني أن أهدي كل شخص. ولكن سبق مني يمين أن أعذبهم وسأعذبهم. لا. ليست القضية على هذا النحو.
لقد هدى الهداية الكافية، وتوعد هنا في الدنيا أولئك الذين قدم إليهم هداه {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: 24) {وَأَطِيعُوا ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ} (الِ عِمرَانَ:١٣٢) ألـم يكـرر حديثـه مـع الناس وهو يهديهم؟ وفي الوقت نفسه قال إذا سرتم في طريق الشيطان إذا اتبعتم الشيطان فإني قد أقسمت {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة: 13) ممن تبع الشيطان {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف: 18) أقسم أن يملأ جهنم من أين؟ ممن تبع الشيطان، ممن أعرض عن الهدى، ممن أعرض عن ذكر الله، ممن رفض الإذعان والتسليم لله سبحانه وتعالى.
سبق القول منه ليس كما يقول الواحد منا: [لا بأس والله إنه حقيقة لكن قد زلت كلمة مني ما عاد سبر إلا كذا. تريد أفجر] لا. قد سبق القول في الدنيا، أنه سيملأ جهنم ممن يتبعون الشيطان وقد علمنا طريقة الشيطان وحذرنا من الشيطان. ألم يقل إنه لكم عدو فاتخذوه عدوا {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (فاطر: 6) لقد سبق كل شيء منه، وعده هو لا يمكن أن يتخلف، وسيرى هؤلاء أيضاً الذين وقفوا منكسين لرؤوسهم ويقولون هذا الكلام سيرون أنفسهم عندما يساقون إلى جهنم أنـه لا عـذر لهـم إطلاقـاً، وأنهم جديرون بـأن يساقـوا إلى جهنم. {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَـا قَـالَ فَذُوقُـوا الْعَـذَابَ} (الأنعام: 30) {وَلَكِنْ حَـقَّ الْقَـوْلُ مِنِّـي لَأَمْـلَأَنَّ جَهَنَّـمَ مِـنَ الْجِنَّـةِ وَالنَّـاسِ أَجْمَعِينَ} {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} (السجدة: 14).
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَـا كُـلَّ نَفْـسٍ هُدَاهَـا} يجب أن نفهم هذه: أن الله قد هدانا وشاء هدايتنا لكن على الشكل الذي فيه كرامتنا، حتى وهو يعبّدنا لنفسه سبحانه وتعالى يقول لنا: أن تعبيد أنفسنا له هو حريتها. هو كرامتها. هو عزتها وقد وضع في الحياة في الحاضر والماضي من الحياة أمام كل جيل الشواهد، الشواهد على أن العبودية لله هي الكرامة وهي العزة، وهو سبحانه وتعالى يعبدك لنفسه ليس كأي ملِك آخر يحاول أن يطوعك لنفسه، هنا إذلال. هنا إهانة. هنا قهر. أمـا مـن جانـب الله سبحانـه وتعالى فهو تكريم وعزة وتكريم الله لنا وعزته لنا تمثلت في هدايته على هذا النحو الذي قدمه لنا.
ثم انظر في القـرآن الكريـم تجـد أن خطابـه معـك على الشكل الذي يراعي تكريمك، يراعي كرامتك حتى وهو يوجهك إلى أن تنفق في سبيله. ألم يقل: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} (البقرة: 245). ويقول: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} (الزمر: 16) يتحـدث مـع النـاس بمنطـق لطيـف، وبأسلوب رحيم، وبأسلوب يخجل الإنسـان أمـام الله. لمـاذا؟ كـم الفرق بيننا وبين الله، من نحن؟ من نحن في واقع أنفسنا بالنسبة لله؟ لا مقارنة لكنه كرمنا وهو يتحدث معنا بنحو يوحي بتكريمه لنا.
نحن من نرى أنفسنا أذلاء أمام أشخاص يذلون أنفسهم لأمريكـا وإسرائيـل، نبـدو أعزاء أمـام الله سبحانـه وتعالى، ونبدو كباراً في مواجهة الله سبحانه وتعالى. نبدو كباراً ونتحدى ونرفض وكم هو الفارق بين الله وبين أولئك الذين نذلل أنفسنا لهم، ونطوع أنفسنا لهم. أليس الفارق كبيراً؟ أليسوا هم في واقعهم إنما هم عبيد أذلاء لله، وقد يكون الكثير منهم في قائمة {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (الفرقان: 44).
فنذلل أنفسنا لمن هم أضل من الأنعام ولا نذلل أنفسنا لله سبحانه وتعالى، وتذليل أنفسنا له هي الكرامة، هي العزة.
{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة:13). هناك في الوسط أشياء كثيرة جداً بين {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَـا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَـا} وبيـن {وَلَكِـنْ حَـقَّ الْقَـوْلُ مِنِّي} لا تعني العبارة بأنـه كان بإمكاني أن أهدي كل شخص. ولكن سبق مني يمين أن أعذبهم وسأعذبهم. لا. ليست القضية على هذا النحو.
لقد هدى الهداية الكافية، وتوعد هنا في الدنيا أولئك الذين قدم إليهم هداه {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: 24) {وَأَطِيعُوا ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُم تُرحَمُونَ} (الِ عِمرَانَ:١٣٢) ألـم يكـرر حديثـه مـع الناس وهو يهديهم؟ وفي الوقت نفسه قال إذا سرتم في طريق الشيطان إذا اتبعتم الشيطان فإني قد أقسمت {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة: 13) ممن تبع الشيطان {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} (الأعراف: 18) أقسم أن يملأ جهنم من أين؟ ممن تبع الشيطان، ممن أعرض عن الهدى، ممن أعرض عن ذكر الله، ممن رفض الإذعان والتسليم لله سبحانه وتعالى.
سبق القول منه ليس كما يقول الواحد منا: [لا بأس والله إنه حقيقة لكن قد زلت كلمة مني ما عاد سبر إلا كذا. تريد أفجر] لا. قد سبق القول في الدنيا، أنه سيملأ جهنم ممن يتبعون الشيطان وقد علمنا طريقة الشيطان وحذرنا من الشيطان. ألم يقل إنه لكم عدو فاتخذوه عدوا {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (فاطر: 6) لقد سبق كل شيء منه، وعده هو لا يمكن أن يتخلف، وسيرى هؤلاء أيضاً الذين وقفوا منكسين لرؤوسهم ويقولون هذا الكلام سيرون أنفسهم عندما يساقون إلى جهنم أنـه لا عـذر لهـم إطلاقـاً، وأنهم جديرون بـأن يساقـوا إلى جهنم. {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَـا قَـالَ فَذُوقُـوا الْعَـذَابَ} (الأنعام: 30) {وَلَكِنْ حَـقَّ الْقَـوْلُ مِنِّـي لَأَمْـلَأَنَّ جَهَنَّـمَ مِـنَ الْجِنَّـةِ وَالنَّـاسِ أَجْمَعِينَ} {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} (السجدة: 14).
ليست كلمة زلة مني وضحت في الدنيا كل شيء، وهداي كان شاملاً لكل شيء وعلى أبين ما يمكن أن يكون الخطاب معكم أنتم من كنتم تتناسون. إذاًُ {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} يومكم هـذا ما هـو؟ يوم القيامة. {إِنَّا نَسِينَاكُمْ} كنتم في الدنيا ناسين لهذا اليوم لا تحسبون حسابه ينذركم المنذرون عن خطورة هذا اليوم، ويبيّنون لكم طريق النجاة في ذلك اليوم، فكنتم تنسون كل شيء، وتتناسون كل شيء. إذاً فذوقوا أثر نسيانكم {إِنَّا نَسِينَاكُمْ} وإن كنتم تنكسون رؤوسكم بين يدي وتقولون: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} لا سماع لكلامكم هذا، أنتم منسيون أنتم متروكون، لأنكم أنتم من نسيتم أنفسكم. هكذا يعني الكلام من الله سبحانه وتعالى فيما نفهم.
{فَذُوقُوا} يقول لمن؟ لأولئك الذين هم ناكسوا رؤوسهم عند ربهم {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} يقول لهم: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُـمْ هَـذَا إِنَّـا نَسِينَاكُـمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (السجدة: 14). بأعمالكم أنتم يا من تقولون نريد أن نرجع فنعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل، كنتم تعملون الأعمال السيئـة، وكانـت قائمـة الأعمـال الصالحـة أمامكـم واضحة، فكنتم من تنصرفون عنها، وتذوبون في تلك الأعمال الباطلة القبيحة الشريرة التي أوصلتكم إلى هذه العاقبة السيئة. {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (السجدة: 14). الله لا يظلـم أحـداً. لا يظلم الناس مثقال ذرة لا في الدنيا ولا في الآخرة، فهـذا العـذاب هـو بأعمالكـم أنتـم، وأعمالكـم التي كنتم تنطلقون فيها بكل جرأة.
أوليس الناس في هـذه الدنيا في الباطل ينطلقون في الأعمـال الباطلـة برغبــة؟ وينفقـون أموالهـم فـي الباطل، ويتحركون في الباطل، بل يلومون من يتحرك في الحق أليس كذلك؟ هل أحد هنا في الدنيا يكره الناس علـى الباطـل؟ هـم مـن ينطلقـون فـي أعمال الباطل برغبتهم وبشوقهم ويبذلون من أجله نفوسهم وأموالهم.
هذه آثار أعمالـك تلـك التـي كنت في الدنيا لا تكره عليها من جانب أحد، وكنت في الدنيا أيضاً قد حذرت من عواقبها، إذاً هي تلك الأعمال التي أضعتها، التي لم تكن تنساق إليها إلا كرهاً ومجاملةً، لـم تكـن تنطلق فيها إلا بتثاقل، إلا بتحيل وتملص، هي الأعمال التي ستطالب بها يوم القيامة.
أوليس الناس هنا في الدنيا كل من تحرك ليرشد الناس لينذر الناس تلمس من الناس تثاقل نحو الأعمال الصالحة؟ أوليس الناس هكذا؟ يتثاقلون ويتباطؤون، بينما هو يقول أن المفترض هو أن الناس يتسابقون نحو الأعمال الصالحة، ويسارعون إليها، لكن الأعمال الباطلة كلمة واحدة، واتجهوا إليها. أليس كذلك؟
أليـس النـاس ينطلقـون فـي الأعمـال الباطلـة دون توجيه ودون إرشاد؟ بل يكتفي الشيطان وأولياء الشيطان بوسوسة وأنت ستنطلق أوتوماتيكياً وبكل رغبة، الشيطان يوسوس لكن الله هنا يصدر آياته ويملؤها إنذاراً، ويملؤها هدايةً، وتتكرر على مسامع عباده دائماً، فـلا ينطلقـون، لا ينطلقـون فـي أداء الأعمال التي ترشد إليها كما ينطلقون في الأعمال التي يوسوس لها الشيطان وسوسة!
المنافقون أليسوا يؤثرون في الناس أكثر مما يؤثر المصلحون؟ لأننا نحن لم نتهيب من الأعمال الباطلة، ولم نروض أنفسنا على الرغبة في الأعمال الصالحة، وعلى الانطلاق فيها من خلال معرفتنا لآثار هذه، وآثار تلك فننطلق في الأعمال الباطلة ونتثاقل في الأعمال الصالحة، ثم يوم القيامة ستكتشف المسألة أننا سنذوق وبال أعمالنا. هل ستبقى لأحد منا حجة على الله سبحانه وتعالى إذا مـا قيـل لـه: {وَذُوقُـوا عَـذَابَ الْخُلْـدِ بِمَـا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ}؟ سترى نفسك أنت أنه [والله فعلاً. فقد كنا ننطلق في هذه الأعمال التي جرتنا إلى هذه العاقبة السيئة ولا نرضى نتوقف، ولا نسمع من ينذرنا، ولا نتوقف إذا مـا انطلق أحد من الناس يحذرنا عواقبها، ولا نقبل على الأعمال الصالحة التي نحن الآن نبحث عنها].
{فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} سترى أنت نفسك أنه لا حجـة لـك علـى الله سبحانه وتعالى، لأنه قال لك: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ومن منا سيرى نفسه أنه كان في الدنيا يكره على الباطل؟ ثقلت عليك الأعمال فقيل لك: ذق بما كنت تعمل تلـك الأعمـال التـي كنـت تنطلـق فيهـا برغبتـك واختيارك، وتنساق من تلقاء نفسك. هل سترى أن لك عذراً؟ وأنت من كنت تعمل تلك الأعمال على هذا النحو.
لا تتصور بأنها {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أنني كنت في الدنيا أكره على هذه الأعمال، لو كنت تكره لما حسبت عليك، أوليس هذا ملغياً في التشريع؟ أن مـا أكرهـت عليه، كثير من الأشياء التـي تكـره عليهـا لا تؤاخـذ عليها، كثير من الأشياء تكره عليها لا تعد نافذة لو أكرهت على أن تبيع مبيعاً معيناً، أو أكرهت على أن تطلق زوجتك. لا ينفذ، أليس هذا من رحمة الله؟
{فَذُوقُوا} يقول لمن؟ لأولئك الذين هم ناكسوا رؤوسهم عند ربهم {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} يقول لهم: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُـمْ هَـذَا إِنَّـا نَسِينَاكُـمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (السجدة: 14). بأعمالكم أنتم يا من تقولون نريد أن نرجع فنعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل، كنتم تعملون الأعمال السيئـة، وكانـت قائمـة الأعمـال الصالحـة أمامكـم واضحة، فكنتم من تنصرفون عنها، وتذوبون في تلك الأعمال الباطلة القبيحة الشريرة التي أوصلتكم إلى هذه العاقبة السيئة. {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (السجدة: 14). الله لا يظلـم أحـداً. لا يظلم الناس مثقال ذرة لا في الدنيا ولا في الآخرة، فهـذا العـذاب هـو بأعمالكـم أنتـم، وأعمالكـم التي كنتم تنطلقون فيها بكل جرأة.
أوليس الناس في هـذه الدنيا في الباطل ينطلقون في الأعمـال الباطلـة برغبــة؟ وينفقـون أموالهـم فـي الباطل، ويتحركون في الباطل، بل يلومون من يتحرك في الحق أليس كذلك؟ هل أحد هنا في الدنيا يكره الناس علـى الباطـل؟ هـم مـن ينطلقـون فـي أعمال الباطل برغبتهم وبشوقهم ويبذلون من أجله نفوسهم وأموالهم.
هذه آثار أعمالـك تلـك التـي كنت في الدنيا لا تكره عليها من جانب أحد، وكنت في الدنيا أيضاً قد حذرت من عواقبها، إذاً هي تلك الأعمال التي أضعتها، التي لم تكن تنساق إليها إلا كرهاً ومجاملةً، لـم تكـن تنطلق فيها إلا بتثاقل، إلا بتحيل وتملص، هي الأعمال التي ستطالب بها يوم القيامة.
أوليس الناس هنا في الدنيا كل من تحرك ليرشد الناس لينذر الناس تلمس من الناس تثاقل نحو الأعمال الصالحة؟ أوليس الناس هكذا؟ يتثاقلون ويتباطؤون، بينما هو يقول أن المفترض هو أن الناس يتسابقون نحو الأعمال الصالحة، ويسارعون إليها، لكن الأعمال الباطلة كلمة واحدة، واتجهوا إليها. أليس كذلك؟
أليـس النـاس ينطلقـون فـي الأعمـال الباطلـة دون توجيه ودون إرشاد؟ بل يكتفي الشيطان وأولياء الشيطان بوسوسة وأنت ستنطلق أوتوماتيكياً وبكل رغبة، الشيطان يوسوس لكن الله هنا يصدر آياته ويملؤها إنذاراً، ويملؤها هدايةً، وتتكرر على مسامع عباده دائماً، فـلا ينطلقـون، لا ينطلقـون فـي أداء الأعمال التي ترشد إليها كما ينطلقون في الأعمال التي يوسوس لها الشيطان وسوسة!
المنافقون أليسوا يؤثرون في الناس أكثر مما يؤثر المصلحون؟ لأننا نحن لم نتهيب من الأعمال الباطلة، ولم نروض أنفسنا على الرغبة في الأعمال الصالحة، وعلى الانطلاق فيها من خلال معرفتنا لآثار هذه، وآثار تلك فننطلق في الأعمال الباطلة ونتثاقل في الأعمال الصالحة، ثم يوم القيامة ستكتشف المسألة أننا سنذوق وبال أعمالنا. هل ستبقى لأحد منا حجة على الله سبحانه وتعالى إذا مـا قيـل لـه: {وَذُوقُـوا عَـذَابَ الْخُلْـدِ بِمَـا كُنْتُـمْ تَعْمَلُونَ}؟ سترى نفسك أنت أنه [والله فعلاً. فقد كنا ننطلق في هذه الأعمال التي جرتنا إلى هذه العاقبة السيئة ولا نرضى نتوقف، ولا نسمع من ينذرنا، ولا نتوقف إذا مـا انطلق أحد من الناس يحذرنا عواقبها، ولا نقبل على الأعمال الصالحة التي نحن الآن نبحث عنها].
{فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} سترى أنت نفسك أنه لا حجـة لـك علـى الله سبحانه وتعالى، لأنه قال لك: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ومن منا سيرى نفسه أنه كان في الدنيا يكره على الباطل؟ ثقلت عليك الأعمال فقيل لك: ذق بما كنت تعمل تلـك الأعمـال التـي كنـت تنطلـق فيهـا برغبتـك واختيارك، وتنساق من تلقاء نفسك. هل سترى أن لك عذراً؟ وأنت من كنت تعمل تلك الأعمال على هذا النحو.
لا تتصور بأنها {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أنني كنت في الدنيا أكره على هذه الأعمال، لو كنت تكره لما حسبت عليك، أوليس هذا ملغياً في التشريع؟ أن مـا أكرهـت عليه، كثير من الأشياء التـي تكـره عليهـا لا تؤاخـذ عليها، كثير من الأشياء تكره عليها لا تعد نافذة لو أكرهت على أن تبيع مبيعاً معيناً، أو أكرهت على أن تطلق زوجتك. لا ينفذ، أليس هذا من رحمة الله؟
إذاً فهذه الأعمال بما كنتم تعملون، هي الأعمال التي كنا لا أحد يوقفنا عن الانطلاق فيها، ولا نصغي لأحد يطلب منا أن نرفضها وأن نتركها، وأن ننطلق في الأعمال الصالحة {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا هنا في الدنيا، أن يجعلنا ممن يبصرون ويسمعون، وأن يجعلنا من أوليائه الذيـن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن ينجينا من جهنم، وأن ينجي كل واحد منا من أن يكون ممن يقول هذه الكلمة: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}، وأن يزيدنـا يقينـاً في الدنيا، وبصيرةً في الدنيا، ونحـن مـا نـزال فـي هذه الدنيا نستطيع أن نعمل، ونستطيع أن ننطلق على هداه، إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا هنا في الدنيا، أن يجعلنا ممن يبصرون ويسمعون، وأن يجعلنا من أوليائه الذيـن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن ينجينا من جهنم، وأن ينجي كل واحد منا من أن يكون ممن يقول هذه الكلمة: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}، وأن يزيدنـا يقينـاً في الدنيا، وبصيرةً في الدنيا، ونحـن مـا نـزال فـي هذه الدنيا نستطيع أن نعمل، ونستطيع أن ننطلق على هداه، إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر 6-6
السيد حسين بدرالدين الحوثي
🎧 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
6-6 وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر.pdf
481.7 KB
📚 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
📄 (1) دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
📄 (2) دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثاني عشر)) 6-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹معرفة الله – وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الأول
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 5/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. الحمد لله الذي هدانـا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله.
وصلنا حول الآيات من [سورة السجدة] إلى قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً}(السجدة: 15).
وكلامنا حول الآيات سواء هذه أو غيرها، ليس على نمط التفسير، إنما هو كلام أشبه شيء بالاستيحاء من الآيات، وحديث حول الآيات.
التفسير المعروف له نمـط معيـن، ولـه قواعد معينة، والكثير من التفاسير تجعل الفائدة من القرآن الكريم قليلة جداً، إذا لم يربط القرآن الكريم بواقع الناس، إذا لم يكن الحديث حول آياته واسعاً، فإنه في الأخير يصبح كتاباً لا أثـر له ولا فاعليـة له في حياة الناس، ولا في أنفسهم.
القرآن هو كتاب للحياة كلها، وكل أحداث الحياة لا يخلو حدث منها عن أن يكون للقرآن نظرة إليه وموقف منه، ونحن نريد - إن شاء الله - جميعاً أن نحيي القرآن في أنفسنا، فإذا ما عدنا إلى تلاوته - كما هو المعتاد - سواء في شهر رمضان أو في غيره تكون تلاوتنا له تلاوة إيجابية، نتأمل، نتدبر، نستفيد من آياته، ولا شك أن أي حديث حول آيات القرآن الكريم لا يزال حديثاً قاصراً وناقصاً، لا أحد يستطيع مهما بلغ في العلـم والمعرفـة أن يحيـط علماً بعمـق القرآن الكريم؛ لأن كثيراً مما يمكن أن يعطيه القرآن، مما هو من مكنون أسراره، إنما يساعد على كشفه وتجليه، المواقف، والمتغيرات والأحداث.
قراءة كتاب الله بتأمل، وقراءة أحداث الحياة بتأمل، وقراءة النفوس، وسلوكيات الناس بتأمل هي ما يساعد الإنسان على أن يهتدي، على أن يسترشد، على أن يستفيد من خلال القرآن الكريم.
بعد تلك الآيات العظيمة من أول السورة من [سورة السجدة] والتي تحدثنا حولها بالأمس بمقدار ما نفهم يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (السجدة: 15).
آيات الله هي: أعلام على حقائق، هي حقائق ثابتة، وسميت آيات: لأنها أعلام على حقائق، حقائق في واقع النفوس، حقائق في الحياة، حقائق في مجالات الهداية كلها، حقائق تتحدث عما سيحدث يوم القيامة، أنها أشياء لا بد أن تحصل، وأن هناك من سيقول: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}(السجدة: 12). والآيات القرآنية هداياتها واسعة جداً، تهدي في عدة اتجاهات. كما فهمنا من أن قول الله تعالى حاكياً عن أولئك الذين سيقولون وهم منكسون لرؤوسهم: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}. أنها تكشف حقيقة نحن عليها في واقعنا في هذه الدنيا.
أولئك الناس - وهم أكثرنا - الذين لا يؤمنون بالخطورة إلا متى ما دهمتهم، لا يعملون الاحتياطات اللازمة، ولا يعدون العدة لمواجهة الخطر، وإنما يسوفون ويتناسون حتى يدهمهم الخطر.
قلنا أيضاً: أن هذه إذا كانت طبيعـة لدينـا، إذا كانت حالة نفسية ثابتة لدينا فهي خطيرة جداً علينا؛ لأنها لن تكون في الدنيا، بل ستكون في الآخرة أيضاً، مَن هذه حالته، من هذا واقعه هكذا: لا يهتم بالإعداد للخطر المحتمل فإنه أيضاً لن يهتم، ولن يعد للخطر المتيقن.
نحن نقول كلمتين في الدنيا: نقول أمام الخطورة المحتملة: [عسى ما في خله] ألسنا نقول هكذا؟ [عسى أن الباري سيهلكهم].. ونقول أمام الخطورة المتيقنة: [الله غفور رحيم] أليست حالة واحدة؟
يجب أن نروض أنفسنا هنا، نفسيتك في الدنيا هي النفسية التي ستحشر بها يوم القيامة، ستحشر أنت وأنت أنت، كما لو قمت من مرقدك الصباح، النفسية التي كنت عليها هي هي التي ستبعث عليها يوم القيامة [ما في خلة] [الله غفور رحيم] تأتي الخلة وأنت لم تعد لها عدة فتكون خلة كبيرة جداً، [الله غفور رحيم] سيأتي يوم القيامة وترى بأنه كان موضع الرحمة والغفران هنا في الدنيا أن تتسبب هنا في الدنيا، فيرى الناس أنفسهم بأنه لا كلمة [ما في خلة] ولا كلمة [الله غفور رحيم] هي التي ستنفعهم.
🔹معرفة الله – وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الأول
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 5/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. الحمد لله الذي هدانـا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله.
وصلنا حول الآيات من [سورة السجدة] إلى قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً}(السجدة: 15).
وكلامنا حول الآيات سواء هذه أو غيرها، ليس على نمط التفسير، إنما هو كلام أشبه شيء بالاستيحاء من الآيات، وحديث حول الآيات.
التفسير المعروف له نمـط معيـن، ولـه قواعد معينة، والكثير من التفاسير تجعل الفائدة من القرآن الكريم قليلة جداً، إذا لم يربط القرآن الكريم بواقع الناس، إذا لم يكن الحديث حول آياته واسعاً، فإنه في الأخير يصبح كتاباً لا أثـر له ولا فاعليـة له في حياة الناس، ولا في أنفسهم.
القرآن هو كتاب للحياة كلها، وكل أحداث الحياة لا يخلو حدث منها عن أن يكون للقرآن نظرة إليه وموقف منه، ونحن نريد - إن شاء الله - جميعاً أن نحيي القرآن في أنفسنا، فإذا ما عدنا إلى تلاوته - كما هو المعتاد - سواء في شهر رمضان أو في غيره تكون تلاوتنا له تلاوة إيجابية، نتأمل، نتدبر، نستفيد من آياته، ولا شك أن أي حديث حول آيات القرآن الكريم لا يزال حديثاً قاصراً وناقصاً، لا أحد يستطيع مهما بلغ في العلـم والمعرفـة أن يحيـط علماً بعمـق القرآن الكريم؛ لأن كثيراً مما يمكن أن يعطيه القرآن، مما هو من مكنون أسراره، إنما يساعد على كشفه وتجليه، المواقف، والمتغيرات والأحداث.
قراءة كتاب الله بتأمل، وقراءة أحداث الحياة بتأمل، وقراءة النفوس، وسلوكيات الناس بتأمل هي ما يساعد الإنسان على أن يهتدي، على أن يسترشد، على أن يستفيد من خلال القرآن الكريم.
بعد تلك الآيات العظيمة من أول السورة من [سورة السجدة] والتي تحدثنا حولها بالأمس بمقدار ما نفهم يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (السجدة: 15).
آيات الله هي: أعلام على حقائق، هي حقائق ثابتة، وسميت آيات: لأنها أعلام على حقائق، حقائق في واقع النفوس، حقائق في الحياة، حقائق في مجالات الهداية كلها، حقائق تتحدث عما سيحدث يوم القيامة، أنها أشياء لا بد أن تحصل، وأن هناك من سيقول: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}(السجدة: 12). والآيات القرآنية هداياتها واسعة جداً، تهدي في عدة اتجاهات. كما فهمنا من أن قول الله تعالى حاكياً عن أولئك الذين سيقولون وهم منكسون لرؤوسهم: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}. أنها تكشف حقيقة نحن عليها في واقعنا في هذه الدنيا.
أولئك الناس - وهم أكثرنا - الذين لا يؤمنون بالخطورة إلا متى ما دهمتهم، لا يعملون الاحتياطات اللازمة، ولا يعدون العدة لمواجهة الخطر، وإنما يسوفون ويتناسون حتى يدهمهم الخطر.
قلنا أيضاً: أن هذه إذا كانت طبيعـة لدينـا، إذا كانت حالة نفسية ثابتة لدينا فهي خطيرة جداً علينا؛ لأنها لن تكون في الدنيا، بل ستكون في الآخرة أيضاً، مَن هذه حالته، من هذا واقعه هكذا: لا يهتم بالإعداد للخطر المحتمل فإنه أيضاً لن يهتم، ولن يعد للخطر المتيقن.
نحن نقول كلمتين في الدنيا: نقول أمام الخطورة المحتملة: [عسى ما في خله] ألسنا نقول هكذا؟ [عسى أن الباري سيهلكهم].. ونقول أمام الخطورة المتيقنة: [الله غفور رحيم] أليست حالة واحدة؟
يجب أن نروض أنفسنا هنا، نفسيتك في الدنيا هي النفسية التي ستحشر بها يوم القيامة، ستحشر أنت وأنت أنت، كما لو قمت من مرقدك الصباح، النفسية التي كنت عليها هي هي التي ستبعث عليها يوم القيامة [ما في خلة] [الله غفور رحيم] تأتي الخلة وأنت لم تعد لها عدة فتكون خلة كبيرة جداً، [الله غفور رحيم] سيأتي يوم القيامة وترى بأنه كان موضع الرحمة والغفران هنا في الدنيا أن تتسبب هنا في الدنيا، فيرى الناس أنفسهم بأنه لا كلمة [ما في خلة] ولا كلمة [الله غفور رحيم] هي التي ستنفعهم.
وقلنا: هؤلاء هم كانوا عرباً، هم عرب الذين سيقولون: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}. تتحدث عن مجرمين، ممن يقولون: {أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}(السجدة: 10) هذه حالة كانت عند العرب القدامى ولا تزال قائمة فينا، ولكن يبدو أنها تعمقت وترسخت أكثر وأكثر مما كان لدى الماضين. ونجد لهذه أثرها السيء في مجال المقارنة بين واقعنا نحن وواقع أعدائنا من اليهود والنصارى، تراهم لا يفكرون هذا التفكير إطلاقاً، يضعون الخطط وينطلقون في الأعمال التي تحول دون أن يدهمهم خطر محتمل ولو بعد مائتي سنة؛ لهذا فاقونا، ولهذا ضربونا، ليس عندهم [ما في خلة].
القـرآن يعتبرونه مشكلة لديهـم، الإسـلام يعتبرونـه مشكلة لديهم، يشكل خطورة بالغة؛ لأنه فيما إذا رجعت هذه الأمة إلى الإسلام تلتزم بدينها، وإلى القرآن الكريم تعمل به، وتهتدي به فإنها فعلاً ستصبح (هذه الأمة) قوية جداً، لا تستطيع تلك الدول مهما كان لديها من أسلحة، مهما كان لديها من إمكانيات أن تقهر هذه الأمة.
فهم يعملون جاهدين من زمان منذ مئات السنين، بل بلغ بهم الحال في بعض مراحل التاريخ في اسبانيا بعد أن ضربوا المسلمين هناك، أرغموهم في الأخير على تغيير أسمائهم، وأسماء أبنائهم، تغيير الأسماء الإسلامية إلى أسماء أخرى أوروبية، من نحو [جورج] ونحوها.. أسماء أخرى؛ لأنه حتى المفردات الإسلامية، المفردات العربية، المفردات القرآنية، الألفاظ، هم يرون أنها تترك شعوراً، أو أثراً أحياناً قد يكون أثراً لا شعوري، وأن هذا يبذر بذرة ارتباط داخل أعماق النفس، فتهيئ الإنسان للاستجابة في أي زمن. فهذه خطورة؛ يغير الاسم، تغير المصطلحات مهما أمكن كما وجدنا من تغيير كلمة: [جهاد] ونحوها.
لماذا يعملون هم على أن تضيع كلمة: [جهاد] من أوساط المسلمين ونحن المسلمون نرى أنفسنا نقرؤها كثيراً في القرآن الكريم ولا نتأثر! أليس كذلك؟
هم يرون أنها وإن كنت الآن تقرؤها ولا تتأثر بها، لكن تكرارها على مسامعك سيترك أثراً ولو كان أثراً لا شعوري، أقل ما يمكن أن يترك هذا هو: أن يكون هذا المبدأ مقبولاً لديك، متى ما جاء من يحركك، ومتى ما وجدت الإمكانيات بين يديك، أليس كذلك؟ أليس هذا ما نجده في أنفسنا أحياناً متى ما وجدنا من يتكلم معنا، أو وجدنا من يتحدث عن واقعنا، أو وجدنا من يعمل على إحياء هذا المبدأ في نفوسنا، ألسنا نتأثر؟
هذه الخطورة: هم لم يكتفوا بأن يقولوا: ها هم الآن يقرؤون القرآن ولم يتأثروا به أو ربما أنت لا تتأثر به، تموت وأنت غير متأثر به، لكن ابنك ما زال وابن ابنك أيضاً سيقرأ القرآن وسيجد فيه الكلمات هذه: [جهاد.. جهاد.. جهاد..] الخ.
حتى الربط بالأعلام، الربط بالأعلام أيضاً عندهم قضية خطيرة؛ ولهذا رأينا نحن وأنتم جميعاً كيف غيب الحديث عن الإمام علي وأهل البيت في المناهج الدراسية، وغيب الحديث عنهم في وسائل الإعلام، وغيب الحديث عن آثارهم عن طريق الثقافة، ولم تبدِ وزارة الثقافة في أي بلد - خاصة في اليمن - اهتماماً بالآثار آثار أعلام أهل البيت!! لأن الربط بالأعلام أيضاً مهم جداً، إذا ما رسخ في أنفسنا عظمة علم من أعلام الإسلام المتكاملين والكاملين فعلاً، فلو كان مجرد اسم يتردد على ألسنتنا لكن قد يأتي من يجعل هذا الاسم فاعلاً ومؤثراً.
كان الإمام الحسين (صلوات الله عليه) يتردد كثيراً في أيام عاشوراء، وفي غير عاشوراء في أوساط الشيعة الجعفرية كثيرا ويبكون، ويلطمون.. لكن كانت كلها مظاهر عاطفية، جاء الإمام الخميني فاستطاع أن يجعلها ذات تأثير كبير، إحياء عاشوراء، الحديث عن الحسين عليه السلام لدرجة أنه قال: ((كل ما بين أيدينا من بركات الحسين)). أو بعبارة تشبه هذه. إذاً ذلك الاسم الذي تردد مئات السنين في أجواء عاطفية بحتة، لم يربط به جهاد، ولم يربط به اتخاذ موقف، ولم يربط به عمل لرفع معنويات الأمة، لاتخاذ موقف ما من أعداء الأمة وأعداء الدين.. ألم يصبح فاعلاً؟ عندما جاء من يجعل له حيوية في نفوس الناس؟
وهكذا الآن في جنوب لبنان في أوساط [حزب الله] يصرخون باسم الحسين عليه السلام، بل أصبحوا يتذوقون عاشوراء بشكل آخر يختلف عما كانوا عليه يوم كانوا يتحدثون عن عاشوراء من الجانب العاطفي فقط، وأصبحوا يستلهمون من كربلاء ومن عاشوراء، ومن الحسين الأشياء الكثيرة جداً جداً، التي تدفع بهم وبشبابهم إلى ميادين الجهاد.
الحسين عليه السلام الذي عاش مئات السنين داخل الطائفة الاثني عشرية جامداً في نفوسهم، ألم يفعل في مرحلة من التاريخ، واستطاع أن يحرك أمة؟ وها نحن نرى إيران أليست إيران تشكل عقبة أمام الغرب فيما ننظر إليها نحن وفيما نفهم؟ أن الغرب ينظر لإيران شيئاً، ولبقية العرب المسلمين شيئاً آخر.
القـرآن يعتبرونه مشكلة لديهـم، الإسـلام يعتبرونـه مشكلة لديهم، يشكل خطورة بالغة؛ لأنه فيما إذا رجعت هذه الأمة إلى الإسلام تلتزم بدينها، وإلى القرآن الكريم تعمل به، وتهتدي به فإنها فعلاً ستصبح (هذه الأمة) قوية جداً، لا تستطيع تلك الدول مهما كان لديها من أسلحة، مهما كان لديها من إمكانيات أن تقهر هذه الأمة.
فهم يعملون جاهدين من زمان منذ مئات السنين، بل بلغ بهم الحال في بعض مراحل التاريخ في اسبانيا بعد أن ضربوا المسلمين هناك، أرغموهم في الأخير على تغيير أسمائهم، وأسماء أبنائهم، تغيير الأسماء الإسلامية إلى أسماء أخرى أوروبية، من نحو [جورج] ونحوها.. أسماء أخرى؛ لأنه حتى المفردات الإسلامية، المفردات العربية، المفردات القرآنية، الألفاظ، هم يرون أنها تترك شعوراً، أو أثراً أحياناً قد يكون أثراً لا شعوري، وأن هذا يبذر بذرة ارتباط داخل أعماق النفس، فتهيئ الإنسان للاستجابة في أي زمن. فهذه خطورة؛ يغير الاسم، تغير المصطلحات مهما أمكن كما وجدنا من تغيير كلمة: [جهاد] ونحوها.
لماذا يعملون هم على أن تضيع كلمة: [جهاد] من أوساط المسلمين ونحن المسلمون نرى أنفسنا نقرؤها كثيراً في القرآن الكريم ولا نتأثر! أليس كذلك؟
هم يرون أنها وإن كنت الآن تقرؤها ولا تتأثر بها، لكن تكرارها على مسامعك سيترك أثراً ولو كان أثراً لا شعوري، أقل ما يمكن أن يترك هذا هو: أن يكون هذا المبدأ مقبولاً لديك، متى ما جاء من يحركك، ومتى ما وجدت الإمكانيات بين يديك، أليس كذلك؟ أليس هذا ما نجده في أنفسنا أحياناً متى ما وجدنا من يتكلم معنا، أو وجدنا من يتحدث عن واقعنا، أو وجدنا من يعمل على إحياء هذا المبدأ في نفوسنا، ألسنا نتأثر؟
هذه الخطورة: هم لم يكتفوا بأن يقولوا: ها هم الآن يقرؤون القرآن ولم يتأثروا به أو ربما أنت لا تتأثر به، تموت وأنت غير متأثر به، لكن ابنك ما زال وابن ابنك أيضاً سيقرأ القرآن وسيجد فيه الكلمات هذه: [جهاد.. جهاد.. جهاد..] الخ.
حتى الربط بالأعلام، الربط بالأعلام أيضاً عندهم قضية خطيرة؛ ولهذا رأينا نحن وأنتم جميعاً كيف غيب الحديث عن الإمام علي وأهل البيت في المناهج الدراسية، وغيب الحديث عنهم في وسائل الإعلام، وغيب الحديث عن آثارهم عن طريق الثقافة، ولم تبدِ وزارة الثقافة في أي بلد - خاصة في اليمن - اهتماماً بالآثار آثار أعلام أهل البيت!! لأن الربط بالأعلام أيضاً مهم جداً، إذا ما رسخ في أنفسنا عظمة علم من أعلام الإسلام المتكاملين والكاملين فعلاً، فلو كان مجرد اسم يتردد على ألسنتنا لكن قد يأتي من يجعل هذا الاسم فاعلاً ومؤثراً.
كان الإمام الحسين (صلوات الله عليه) يتردد كثيراً في أيام عاشوراء، وفي غير عاشوراء في أوساط الشيعة الجعفرية كثيرا ويبكون، ويلطمون.. لكن كانت كلها مظاهر عاطفية، جاء الإمام الخميني فاستطاع أن يجعلها ذات تأثير كبير، إحياء عاشوراء، الحديث عن الحسين عليه السلام لدرجة أنه قال: ((كل ما بين أيدينا من بركات الحسين)). أو بعبارة تشبه هذه. إذاً ذلك الاسم الذي تردد مئات السنين في أجواء عاطفية بحتة، لم يربط به جهاد، ولم يربط به اتخاذ موقف، ولم يربط به عمل لرفع معنويات الأمة، لاتخاذ موقف ما من أعداء الأمة وأعداء الدين.. ألم يصبح فاعلاً؟ عندما جاء من يجعل له حيوية في نفوس الناس؟
وهكذا الآن في جنوب لبنان في أوساط [حزب الله] يصرخون باسم الحسين عليه السلام، بل أصبحوا يتذوقون عاشوراء بشكل آخر يختلف عما كانوا عليه يوم كانوا يتحدثون عن عاشوراء من الجانب العاطفي فقط، وأصبحوا يستلهمون من كربلاء ومن عاشوراء، ومن الحسين الأشياء الكثيرة جداً جداً، التي تدفع بهم وبشبابهم إلى ميادين الجهاد.
الحسين عليه السلام الذي عاش مئات السنين داخل الطائفة الاثني عشرية جامداً في نفوسهم، ألم يفعل في مرحلة من التاريخ، واستطاع أن يحرك أمة؟ وها نحن نرى إيران أليست إيران تشكل عقبة أمام الغرب فيما ننظر إليها نحن وفيما نفهم؟ أن الغرب ينظر لإيران شيئاً، ولبقية العرب المسلمين شيئاً آخر.