Telegram Web
أننا كمسلمين إذا ما فرطنا فإننا سنضرب من جهتين..

#الشهيد_القائد
ملزمة ((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثالث عشر))
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹معرفة الله – وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الثالث
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 5/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
المؤمن نفسه إذا ما ذكر بآيات الله، كأن تذكره بموقفٍ هو لديه معرفة - نوعاً ما – عنه. فإن تذكيـره بآيات الله سيظهـر له أهمية أكثر وأكثر أن يكـون له عمل، أن يكون له موقف أن ينطلق بجدية.
وعندما يقول: {خَرُّوا سُجَّداً} أولئك الذين يخرون لله سجداً هم من يرفعون رأس الأمة. ليس معنى أن آيات الله هي تنكس الناس، وأن آيات الله هي التي تضع الناس فيخرون إلى الأرض. الناس الذين يخرون إلى الأرض سجداً لله خشوعاً لله وخضوعاً لله لا يستكبرون أبداً.. هم أولئك الذين يعلون كلمة الله، هم أولئك الذين يعلون رأس الأمة، هم الذين يعلون الدين ويظهرونه فوق الأديان كلها، هم هؤلاء {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَـرُّوا سُجَّــداً وَسَبَّحُــوا بِحَمْــدِ رَبِّهِــمْ وَهُـمْ لا يَسْتَكْـبِـرُونَ}(السجــدة: 15) هـم مـن سينطلقــون انطلاقة فاعلة.
فما هو الذي ينقصنا ونحن نجمد، ونحن لا نتكلم سواء من كان منا باسم عالم، أو متعلم، أو عابد، أو أي لقب يحمله: أستاذ، أو نحوه، فلأنا لم نصل إلى هذه الدرجة بعد: الخشوع الكامل لله الذي لا يحصل إلا من خلال معرفته بشكل جيد، التسبيح لله بألسنتنا وقلوبنا، الثناء على الله هذا هو ما ينقصنا، أن هذه ليست حالة مترسخة في أعماق أنفسنا. فإذا ترسخت في نفوس الناس تراهـم أمـة قابلـة للنهـوض، تجتمـع كلمتهـم بسهولة، يتحركون بمسارعة.
ألم نتحدث سابقاً عن بعض آيات حول صفات المتقين أنهم يسارعون {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}(البقرة: 148) {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}(آل عمران: 133) قلنا في ذلك الدرس: أن هذه الآيات في [سورة آل عمران] من عند قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} إلى آخر الصفحة فيها من الحديث عن المتقين مطبوعة كلها بطابع المسارعة حتى في صيغها.. نحن نرى أنفسنا نتثاقل الآن.. أليس كذلك؟
نتحدث جميعاً عندما نجلس هنا، أو نجلس في المدرسة، وقد يقول البعض: أنه يود أن يكون هناك من يسمع هذا الحديث، لكن هل انطلقنا بجدية ومسارعة إلى أن نعمل العمل الكثير الذي يجعل الآخرين يسمعـون هذا الحديـث الذي قد تراه حديثاً مناسباً أن يسمعه الآخرون؟ حالة التثاقل، التباطؤ، وهي حالة سيئة عواقبها سيئة، لا تزال ماثلة.. لماذا؟ لسنا بعد ممن وصل إلـى هـذه الدرجـة: {إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً} لعظم تأثيرها في نفوسهم {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} لا يستنكفون أمام أي شيء من آيات الله يسمعونه.
وأحيانا قد يكون موقف الإنسان موقف المستكبر، لكنه يبحث عن أي تبرير لموقفه، وهو يقعد أو وهو يعارض عملاً مثل هذا يراه الآخرون أنه عمل فيه إرضاء لله، وفيه نصر لدينه، أو يعبر عن موقف ما في مواجهة أعدائه ينطلق للتبريرات يعملها؛ لأنه في واقعه مستكبر، كلام سمعه من صغير وهو يحمل لقباً أكبر من لقب هذا، علامة مثلا، أو شيخ، أو فلان. فهو إذا ما قبل؛ لأن معنى {ذُكِّرُوا} من طرف آخر.. أليس كذلك؟
{الّذيْنَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً} ذكروا من طرف آخر ذكرهم بها، والله سبحانه وتعالى يعتبر للتذكير أهميته من أي طرف كان ولو من صغير {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا}(المائدة: 23) ألم يقل هكذا في القرآن؟ {رَجُلانِ}، مؤمن آل فرعون، ذلك الرجل العظيم يصدر كلامه وكلام أولئك الرجال كما يصدر كلام الأنبياء في صفحات القرآن الكريم {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}(غافر: 28) وهكذا يتحدث كلام طويل في [سورة غافر] قريباً من صفحة أو أكثر.
المؤمن لا يستكبر إذا ما ذكّر من صغير أو ذكر من طرف آخر يراه وضيعاً، يراه دونه في المراتب الاجتماعية، يراه دونه فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أنا تاجر وهذا فقير، أنا من أعيان القبيلة وهذا مواطن بسيط، أنا علاّمة وهذا لا يزال طالب علم، وهكذا.. كلمة: رجلان {قَالَ رَجُلانِ} تجعل للتذكير قيمته من رجل يحمل اسم رجل أقل شيء فيه، لم يقل قال عالمان، قال أستاذان، قال شيخان، قال الملأ من أصحاب موسى، أو بعبارات من هذه.. ألم يقل القرآن رجلان؟ يعتد بكلام الرجل مهما كان، يعتد بتذكير الرجلين مهما كان مقامهما.
ولأنه عادة يأتي التذكير بآيات الله في مقامات عملية، والأعمال - عادة - تكون شاقة على كثير من الكبار من الوجهاء وأصحاب المكانة الاجتماعية؛ لأنه ينظر إلى وضعيته وضعية محترمة لا يريد أن يخرج منها؛ ولهذا تجد في القرآن الكريم الكثير من أخبار من كانوا يعارضون الأنبياء معارضة شديدة هم الملأ الذين استكبروا من قومه، {قَالَ الْمَلأً الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}(الأعراف: 66) {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ}(الأعراف:109) {قَالَ الْمَلأُ} يرد كثيراً في [سورة الأنبياء] وغيرها. ومن كانوا ينطلقون أنصاراً لدين الله وفي أول المستجيبين لدعوة الرسل والمجاهدين بين أيدي الرسل من هم؟ كانوا هم المستضعفين، المواطنين البسطاء، الناس العوام، هم من كانوا ينطلقون ويستجيبون.
المؤمن إذا ذكر بآيات الله من أي طرف كان يتقبل، ويكون للتذكير قيمته، ويشكر من ذكره، ويعتبر أنه أسدى إليه جميلاً، نصحه، وصَّاه، ذكَّره، عمل على إنقاذه، يعني: أنه عمل على إنقاذه، لكن لا يكون للتذكير قيمته عند كثير ممن يواجهون تذكيرك من الوجهاء إذا كـان لديهـم استكبـار في أنفسهم، ألسنا نرى أننا بحاجة إلى أن نقول لأولئك الكبار؟ ونرى بأننا لو قلنا لهم: لو انطلق علماء، وانطلق مشايخ، وانطلق وجهاء ووقفوا هذا الموقف، أو قالوا هذا [الشعار]، أو عمموا هذا [الشعار]، لرأينا أنه سيكون أكثر فاعلية وأكثر تأثيراً.
لكن أولئك الذين تعتقد أنهم أكثر تأثيراً هم من في أوساطهم عراقيل تمنعهم عن أن يستجيبوا لك، فانطلق انطلاقة الأنبياء تحدث مع الناس جميعاً وعلى صعيد واحد ولا تحتقر أحداً، تحدث حتى مع ذلك الشخص الذي ترى أنه فيما لو قبل مني هذا الكلام ماذا يمكن أن يعمـل، الذين يعملون الأعمال الكبيرة هم صغار الناس، هم المستضعفون، الموعودون بالنصر الإلهي هم من؟ المستضعفون، الذين تتحرك رسالات الله لإنقاذهم من هم؟ المستضعفون، {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِيـنَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}(القصص5-6).
أنت لا تجلس دائماً ترى نفسك صغيراً، أو ترى الآخرين صغاراً، أو ترى تجمعاتهم قليلة تحتقرها؛ لأنها ليس فيها شخصيات فلان وفلان وفلان. أولئك هم من لا يتحـرك لك الواحد منهم إلا في الوقت الذي قد يمكنك أن تحرك مئة شخص من الآخرين. وهو إذا ما تحرك قد لا يكون له تأثير كتأثير الأشخاص الصغار، الذين آمنوا وانطلقوا بفاعلية، أولئك الكبار هم من لديهم اعتبارات معينة يحافظون عليها، ممن ينظر إليك وأنت تذكره أنك تحت، أنك دونه فلا يكاد يسمع منك، ولا يكاد يستفيد منك، حتى ولو دخل كلامك إلى أعماق نفسه سيتجاهلك، يتجاهلك، لأنه لا يريد أن يحسسك بأنه تأثر من قبلك، ممكن يتأثر بطرف آخر، يريد أن يرى واحداً أكبر منك ليتأثر به! نوعية متعبة.
ولهذا تجد كيف أن القرآن الكريم يحكي لنا أنه كان يعرض على عدد من الأنبياء من قبل الكبار [المـلأ] أن اطـرد أولئـك النـاس مـن مجلسـك، الضعاف هؤلاء الضعاف المساكين اطردهم من مجلسك ونحن سنؤمن، قالوا لنوح وقالوا لغيره من الأنبياء، وقالوا لمحمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، الله وقف مع أولئك، لا يمكن إطلاقاً أن تطرد ولا شخصاً واحداً من ضعاف الناس وإن كان مقابل أن يؤمن مائة شخص من هؤلاء الكبار، و[سورة عبس] تحكي لنا السخرية من أولئك: لا تهتم بهم، التفت إلى هذا المسكين الأعمى هو يريد أن يستفيد منك {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى}(عبس: 5 - 7) اتركه. إن أحب أن يؤمن كما يؤمن الناس.. فهذا دين للناس وليس للملأ الذين استكبروا، هذا دين للناس جميعاً، ومن انطلق فيه وتحرك فيه فهو كبير، هو كبير عند الله سبحانه وتعالى.
الله لا ينظر إلى رأس ماله، ولا ينظر إلى مكانته الاجتماعية، ولا ينظر إلى الطبقة أو الفئة التي هو منها، إذا استجاب فهو كبير عند الله مكرم عند الله، في مصاف أوليائه.. لم يسمح الله أبداً لأنبيائه أن يطردوا أحداً.
وأنت تتحرك في هذا الميدان كما يتحرك الآخرون في الميدان الثقافي. لا تربط مشاعرك أبداً بالكبار، لا يكن همك أن يدخل هؤلاء الكبار، ولو بواسطة أن نقدم تنازلات لهم، أن نسلمهم زمام أمورنا، أن نمجدهم، أن نشجعهم، أن نُنَخِطَهُمْ بعباراتنـا، نفـرح - فـي هـذا الوقـت - ونفـرح، ونفـرح، هـذا هـو الخلل الكبيـر؛ لأن مـن دخـل بإملاءات وشروط هـو ذلك الـذي يريـد أن تكون حركة الناس على وفق ما يريد وبالشكـل الذي يراعي مشاعره ومصالحه.
أما أولئك الصغار من الناس الذين هم صغار في نظر الآخرين، هم من ينطلقون وليس لديهم قائمة من المصالح المادية والمعنوية، يريدون أن يسخروا هذا العمل الثقافي، أو الاجتماعي، أو الجهادي، لمصالحهم.
الصغار تكون عادة نفوسهم طاهرة أكثر من الكبار، صغار الناس - إن صح التعبير - أي عوام الناس، وهذه هي كانت نظرة الإمام علي (عليه السلام) كان يقول: ((وإنما قوام الدين العامة من الناس)) كان يقول لـ[مالك الأشتر] - وانظروها في عهد الإمام علي لمالك الأشتر في [نهج البلاغة] - : ((فليكن صغوك إليهم.. وليكن.. كذا)) يوجهه لأن يهتم بالعامة من الناس، لا تشغل نفسك بأولئك الكبار.
لاحظنا أخطاء حصلت في الماضي في عملنا الثقافي، وكم سمعنا من زملائنا من محاولات - بحسن نية - قد توقعنا في أخطاء أيضاً، ورأينا الآخرين هم يتحركون باسم الدين يغلطون أيضاً وهم يحاولون أن يسكتوا عن هذه من أجل أن نكسب فلاناً، ونتماشى مع هذا من أجل أن نكسبه، ومن أجل نكسب هذا الحزب، ونكسب هذا الشيخ، ونكسب هذا الشخص، هم لم يعرفوا أنهم في الأخير إنما سخروا هذا الدين الذي يتحركون باسمه لأولئك الكبار.

www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر 3-6
السيد حسين بدرالدين الحوثي
🎧 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر)) 3-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
3-6 وعده ووعيده - الدرس الثالث عشر.pdf
470.6 KB
📚 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر)) 3-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
📄 دروس من هدي القرآن الكريم
ملزمة الأسبوع
((معرفة الله - وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر)) 3-6
الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي

www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
🔴 هام 🔴

انطلاق حملة تغريدات واسعة لكشف الوجه الإرهابي لأمريكا قائدة العدوان على غزة بهشتاقات

#الولايات_المتحدة_الإرهابية
#TerroristUSA

بنك التغريدات: bit.ly/ustrorst

🔹 www.tgoop.com/AnsarAllahMC
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📹 خطورة تفريطنا كمسلمين

#الشهيد_القائد
ملزمة ((معرفة الله - وعده ووعيده - الدرس الثالث عشر))
www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
دروس من هدي القرآن الكريم
🔹معرفة الله – وعده ووعيده – الدرس الثالث عشر🔹
ملزمة الأسبوع | اليوم الرابع
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 5/2/2002م | اليمن - صعدة
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
تحرك في أوساط الناس الذيـن لا يريـدون منك أن تسخر دينك لهم، ليس لديهم قائمة من المصالح المادية والمعنوية، لا يستجيبون إلا بقدر ما يكون عملك - كيفما كان - في مصالحهم، هؤلاء هم الذين سينصرون الإسلام. الإسلام يريد نوعية من هذه، هؤلاء من سيستجيبون لله استجابة كاملة؛ لأنهم ليس لديهم المشاعر التي يمكن أن تجعلهم مستكبرين.
{وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}(السجدة: 15). ليس لديهم ما يحملهم على الاستكبار، هؤلاء هم القريبون جداً، هؤلاء هم من كانوا أنصار الأنبياء والأئمة، وكل أولياء الله في كل زمان، وراجعوا القرآن الكريم {قَالَ الْمَلَأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ}(الأعراف:75). تجد أن نوحاً (عليه السلام) الذي لبث في قومه تسعمائة وخمسين عاماً شكا في الأخير من أولئك الكبار {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً}(نوح: 21) كان أولئك الناس مرتبطين بكبارهم، والكبار عادة تكون لديهم قائمة طويلة عريضة من الأشياء في نفوسهم، لا يريدون أن يستجيبوا، وإن عرفوا الحق ولا يدعون الآخرين من أتباعهم أن ينطلقوا في الاستجابة للحق؛ لأنهم كما يقال في زماننا هذا: [سيأخذون أصحابك]، يتواصون فيما بينهم الملأ هنا والملأ هناك: [انتبه اشتد في مواجهة هذا وإلا سيأخذ عليك أصحابك]. هي من ذلك اليوم قديمة هذه قديمة من ذلك الزمان.
عندما ربط الصغار أنفسهم بالكبار ألم يضلوا؟ وتسعمائة وخمسون سنة لم يهتدِ فيها إلا القليل القليل {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}(هود: 40)، احتوتهم [سفينة] واحتوت أيضاً حيوانات أخرى من كل جنس، بعد تسعمائة وخمسين سنة، إن تلك الآيـات تقـول لنـا: لا تربطـوا أنفسكـم أبـداً بالمستكبرين، أو بمن يتوقع أن يكون لديهم في نفوسهم قائمة طويلة عريضة، وسيستكبرون إذا وجدوا أن الاستجابة ستؤثر على مضمون تلك القائمة الطويلة العريضة في نفوسهم من المصالح المادية والمعنوية.
ضلت أمة لأنها ارتبطت بكبار من هذا النوع، لكن كبيراً ينزل معي، وندخل سوياً في هذا الدين الذي هو دين للكبير والصغير، والواجب فيه على الكبير والصغير، لنكن فيه كباراً أمام الله جميعاً عندما نكون من أوليائه يكرمنا، بل نرى أنفسنا صغاراً أمام عظمة الله جميعاً. ونرى داخل هذا الدين أيضاً عزتنا والحفاظ على كرامة بعضنا بعض، والحفاظ أيضاً على المقامات حتى المقامات المعنوية والاجتماعية للبعض الآخر.
متى ما دخلت معنا هنا بدون إملاءات، وسلمت نفسك لله، وانطلقت كانطلاقتنا حينئذ ستحظى باحترام كبير من جانبنا، لكن أما أن يكون كبرك هو الذي يدفعك إلى أن تحول بيننا وبين الاهتداء كما حال أولئك الملأ بين قوم نوح وبين الاهتداء على مدى تسعمائة وخمسين سنة، حتى قيل إنه كان يوصي الرجل منهم أولاده بعد عمر طويل مائتين سنة، أو أربعمائة سنة، يوصي أولاده أن لا يستجيبوا لنوح (عليه السلام)، يكبر أولاده فيوصوا أولادهم قبيل الموت أن لا يستمعوا لنوح (عليه السلام)؛ لأنه بقي زماناً طويلاً معهم.
لا تربط نفسك بكبار من هؤلاء ولا تربط عملك الثقافي بكبار من هؤلاء، ولا تربط عملك الجهادي بكبار من هذا النوع، ليشترك الكبار والصغار ويدخلوا سوياً من هذا الباب، ومتى ما دخلنا سوياً من هذا الباب فنحن من سيقدر بعضنا بعضاً أكثر تقديراً مما يتطلبه أولئك الكبار منا، وهو التقدير الذي يريدون أن نضحي بديننا في مقابله، نقول ستحظون بتقديرنا وسنحظى جميعاً بتقدير بعضنا بعض وإجلال بعضنا بعض إلى درجة الأخوة الإيمانية هل هناك أرقى منها؟
الأخوة الإيمانية هي أرقى درجات الولاء، احترام متبادل، تقدير متبادل، بذل للمعروف متبادل، نصيحة، تواصي، أخوة تصافي، تآلف للقلوب.
خطير جداً أن يعشعش في ذهنك وأنت تطمع في هذا العمل أن يكبر، أو في ذلك العمل الثقافي أن يكبر، فتحرص على أن يدخل هذا الكبير، وهذا الكبير، وتدخل هذا الحزب وتضم هذا الحزب إليك، أو تنضم إلى هذا الحزب من أجل أن توسع هذا العمل.. خطير جداً.
[سورة عبس] من تأملها سيدرك الخطورة البالغة، ألم تأت آيات عتاباً للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأنه بحرصه على الهداية وبحرصه على أن يسلم أكبر عدد ممكن من الناس ليهتدوا ليس ليضمهم إلى مقامه أنه يريد أن يتزعم أو أن هذا هو همه، إنما لينجوا من عذاب الله، ليهتدوا بهذا الدين العظيم فيسعدوا في الدنيا والآخرة، هو حريص على الأمة.
عندما اجتمع مع ملأ من أولئك وتوجه إليهم بكل مشاعره حريص على أن يسلموا، جاء ذلك الأعمى، فكأنه رأى أنه جاء في غير الوقت المناسب، قطع الموضوع، فكأنه حصل لديه نوع ما من التقزز والاستياء أنه جاء في غير الوقت المناسب قطع عليه حديثه، وجعل أولئك يأنفون من مجيئه، وينفرون من أن يروا هذا الأعمى عنده، تأتي هذه الآيات: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى}(عبس: 1- 5).
لأن المهم هو: أن تجد الرجل الذي تنفعه الذكرى، هذا هو المهم. هنا: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}.
فليكن عملك في هذا الوسط مع هذه النوعية، ولو شخصاً واحداً، سيكون مكسبا كبيراً من هذه النوعية. {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ}(عبس: 5 - 11) كلا: انزجر عن هذا الأسلوب، وهو من قال الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}(القلم: 4) وهو من انطلق بحرصه الشديد على هداية الناس؛ لأن الخطورة بالغة.
هؤلاء الذين يرون أنفسهم إذا ما دخلوا دخلوا من فوق، وبشروط وإملاءات، هم من سيكونون عقبة دائمة في ميدان العمل، هم من سيجعلونك تصنف كلامك مع الناس، كما نجده لدى الكثير، فخطاب مع الكبار يقدم إليهم نسبة من الدين فقط التي لا تثير مشاعرهم، ويتخاطب مع عامة الناس خطابا شديداً بلهجة قاسية، فينطلق على المنبر يخاطب أولئك المساكين بلهجة قاسية فيحذرهم من جهنم وكلام من هذا، ويخاطب أولئك الكبار الذين قد حرص على أن يضمهم إلى جانبه - كما يتصور - خطاباً لطيفاً رقيقاً لا يثير مشاعرهم، فسيكون خطابك للناس منوعاً ومشكلاً، والدين هو واحد، وليكن منطقه واحداً أمام الناس جميعاً.
وهكذا كان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ينطلق في مسجده ويتحدث مع الناس سوياً بعبارات واحدة وكلاماً واحد يوجه للجميع، لكن انظر إلى علماء آخرين ممن يؤمنون بشرعية هذا، حكم هذا ممن يؤمنون بضرورة أن يتماشى مع هذا، كيف تجد خطابه هنا يختلف عن خطابه مع الآخرين، كيف يقدم الدين مشكلاً ومنوعاً على حسب مزاج هؤلاء الكبار، وعندما نسمع في هذه الآية: {وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} كأنها تقول لنا: ليكن اتجاهكم إلى أولئك الناس الذين أنتم لا تتوقعون أن في أنفسهم ما يدفعهم إلى الاستكبار، فهم من سيبنون صرح الأمة لبنات، كل شخص منهم قابل أن يكون لبنة في هذا الصرح.
لكن ذلك لا يقبل إلا أن يكون اللبنة العليا، قبل أن يكون هناك لبنات تريد أن تضعه لا يرضى، لا يقبل، لا يقبل أن يكون ضمن اللبنات الأولى، دعه هناك لبنة بمفرده، ليبتني صرح الأمة من اللبنات التي تقبل. والله تحدث في القرآن الكريم عن البنيان: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}(الصف: 4) من أين تتجمع هذه اللبنات في البنيان المرصوص إلا من أولئك الذين لا يستكبرون. أما اللبنة التي تستكبر فهي لا تقبل، لا تقبل أبداً أن تكون هنا، بل قد لا تقبل أن تكون لبنة عند لبنة أخرى، يريد أن يكون لبنة وحده فوق [القِرَة] وستراه لبنة منفردة وحدها فوق [القِرَة] هل لها أثر؟ ليس لها أثر، ليست أكثر من إضافة ثقل على بقية اللبنات الأخرى، بعض الناس لا يقبل أن يكون لبنة مع هذا ومع هذا في مَصف واحد.
يريد أن يكون لبنة هناك، فأنت تراه يريد أن يكون لبنة وحده، يريد أن يتربع فوق ذلك البنيان أو في ذلك الموضع الذي لا يفيد ذلك البنيان، متى ما أكمل الناس بناء طابق وبقيت حجر ووضعت هناك فوق [القِرَة] كل الناس يرون أنها لا تأثير لها.. أليس كذلك؟ لكن الحجر التي تحتها ضمن أحجار أخرى في الصفة من الأحجار هي حجر لها قيمتها.. أليس كذلك؟ هؤلاء يريدون أن يكونوا لبنات لحالها، فليكونوا لبنات هناك، وليبنى الصرح من أولئك الذين يقبلون، ليروا أنفسهم - هم في الأخير - لبنات وحدها بعيدة لا وزن لها، ولا قيمة لها، وهذا ما حصل؟ أولئك المستكبرون الذين كانوا يقولون لمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله): اطرد أولئك الضعاف، تغيرت الأوضاع وإذا بهم يرون الضعاف يجثمون على صدورهم في بدر ويحتزون رؤوسهم.
هكـذا الأحـداث كلها تنبئنا، وآيـات القـرآن أيضـاً تنبئنا بأنه لا تطمع في الكبار بالشكل الذي تضحي بعملك من أجل أن ينضموا إلى صفك، أو يقبلوا أن يكونوا من يتحركون ضمن هذا العمل. رأينا آخرين ممن يعملـون مـع [مشائـخ]، تجد ذلك الشيـخ في واقعه لم يتغير ولم يتبدل إلى الأفضل هو هو، ولديه مركز في بيته أو قريباً منه مركز يدعمه مـن المراكـز الأخـرى، أو لديـه داعيـة من أولئك الدعاة، لا يزال هو هو الأول، لم يتغير فيه شيء، أولئك يفرحون بأنهم كسبوه وهو يرى نفسه أنه كسبهم هـو، وأنـه يريـد من خلالهـم أن يلمع وجهه أمام الآخرين، ليقولوا أصبح من أولياء الله. تراه لا يزال في مكره وخداعه، وإثارة المشاكل بين الناس، وظلم هذا وظلم هذا، تراه لا يصبغ نفسه بصبغة المتقين ولا يتأثر حتى بأولئك الذين يفتـح لهـم مجلساً في بيته لا يتأثر بهم، لكن عندما تقول لهم: ما بالكم؟ يقولون: نريد أن نكسب هذا، ونكسب هؤلاء.
ويرون أنفسهم في الأخير أنهم أصبحوا أصحاب عمل مهم؛ لأنهم كسبوا هذا وهذا وهذا، وهم لا يدرون أنهم في الواقع إنما كسبهم أولئك الأشرار، هم الذين كسبوهم، وأن هؤلاء المساكين الذين ينطلقون - وقد يكون بحسن نية - هم من ضحوا بالدين وقدموه بالشكل الذي يخدم أولئك الأشرار، يلمعون أنفسهم أمام الآخرين فيحصلون على ما يحافظ على مصالحهم ومكانتهم الاجتماعية.

www.tgoop.com/KonoAnsarAllah
2025/07/14 15:28:45
Back to Top
HTML Embed Code: