Forwarded from رَزْنَة
بين يدي الحياة، يقف المرء بروح خاوية، يلهث تحت شمس الابتلاءات. يمد يديه إلى التراب بحثًا عن قطرة ماء تغسل روحه، ويسير خلف سراب يعلم أنه وهم، فقط ليُقنع نفسه بالاستمرار في العيش. ينظر إلى كفيه، يعلّق ملامحه على جدار العمر، ويتمتم: “لا شيء هنا قادر على إنقاذي.”
يتجرع الصبر من كأس أيامه، ويسقط على ركبتيه متعبًا، لكنه ينهض مجددًا. يتقدم بخطوات ثقيلة، كل حركة تزيد أوجاعه، حتى يصل إلى النهاية. يتساءل في داخله: “أين المفر؟” لكنه لا يجد جوابًا. لا طريق يفتح أمامه، لا بوابة، ولا نافذة، ولا صوت يُخرجه من عزلته. فقط الصمت الجاثم حوله، وصوت بغيض يهمس له: “هنا البداية، وهنا النهاية.”
يتوقف للحظة، يغمض عينيه بقوة، ويصرخ بصوت داخلي متقطع: “ماذا تبقى لي؟ أين الطريق؟ هل انتهيت؟” تتقاذفه الأفكار كأمواجٍ عاتية، يلتفت حوله فلا يرى سوى فراغ يبتلعه. يسأل نفسه : “هل أصبحت وحدي؟ أين الذرات التي تغطيني حين أموت؟”
يصمت للحظة، ثم يجرّ جسده المُنهك، يكمل المسير ببطء، يشعر بالألم يمزق أعماقه. لكنه يقاوم: “لا خيار أمامي، يجب أن أستمر، حتى لو كنت أنزف.”
تتبلل الرمال بعرق تساؤلاته. “لمن هذا الصوت؟” وفجأة، يصطدم جسده بالصمت الذي يُحيط به، ويُباغته همسٌ بارد: “ألم تدرك بعد؟ أنت على وشك الهلاك!”
لكن الحلم يُربّت على قلبه المثقل، يُحدثه بلطف: “هذه ليست النهاية، ليس بعد.”
في الظلال، الشيطان يضحك بصوت خافت، يقول له بخبث: “أنت تراوغ. انتهيت، وكل شيء انتهى.”
ينهار جسده المُتعب، يترك ما تبقى منه على الأرض، ويتمتم بصوت خافت: “انتهى. حقًا انتهى.”
وفي تلك اللحظة، يبتسم الهوى بأنيابه الصفراء، ويتمتم بسخرية: “هلكت يا هذا، هلكت.”
ولكن فجأة…
ينبعث نور من بعيد، يحتضن قلبه المرتجف. يغمره شعور بالأمل، يتسرب إلى داخله كنسيم الفجر. يرفع رأسه ببطء، يلمس السماء لأول مرة، ويكتشف أنه لم يكن وحيدًا أبدًا.
يتقدم بخطوات ثابتة هذه المرة، وقد عرف الوجهة. يملأ قلبه يقينًا، وتتطهر روحه من أوجاعها. يتحرر من أغلاله، وتحلق نبضاته عالياً. تسقط أثقاله قطعةً تلو الأخرى، وتتساقط تفاحة وجوده، لكنها هذه المرة تستقر على أبواب الجنة.
يتأكد أن الله لا يترك عباده. فقط عليه أن ينظر… ويؤمن.
#رزنة_صالح
يتجرع الصبر من كأس أيامه، ويسقط على ركبتيه متعبًا، لكنه ينهض مجددًا. يتقدم بخطوات ثقيلة، كل حركة تزيد أوجاعه، حتى يصل إلى النهاية. يتساءل في داخله: “أين المفر؟” لكنه لا يجد جوابًا. لا طريق يفتح أمامه، لا بوابة، ولا نافذة، ولا صوت يُخرجه من عزلته. فقط الصمت الجاثم حوله، وصوت بغيض يهمس له: “هنا البداية، وهنا النهاية.”
يتوقف للحظة، يغمض عينيه بقوة، ويصرخ بصوت داخلي متقطع: “ماذا تبقى لي؟ أين الطريق؟ هل انتهيت؟” تتقاذفه الأفكار كأمواجٍ عاتية، يلتفت حوله فلا يرى سوى فراغ يبتلعه. يسأل نفسه : “هل أصبحت وحدي؟ أين الذرات التي تغطيني حين أموت؟”
يصمت للحظة، ثم يجرّ جسده المُنهك، يكمل المسير ببطء، يشعر بالألم يمزق أعماقه. لكنه يقاوم: “لا خيار أمامي، يجب أن أستمر، حتى لو كنت أنزف.”
تتبلل الرمال بعرق تساؤلاته. “لمن هذا الصوت؟” وفجأة، يصطدم جسده بالصمت الذي يُحيط به، ويُباغته همسٌ بارد: “ألم تدرك بعد؟ أنت على وشك الهلاك!”
لكن الحلم يُربّت على قلبه المثقل، يُحدثه بلطف: “هذه ليست النهاية، ليس بعد.”
في الظلال، الشيطان يضحك بصوت خافت، يقول له بخبث: “أنت تراوغ. انتهيت، وكل شيء انتهى.”
ينهار جسده المُتعب، يترك ما تبقى منه على الأرض، ويتمتم بصوت خافت: “انتهى. حقًا انتهى.”
وفي تلك اللحظة، يبتسم الهوى بأنيابه الصفراء، ويتمتم بسخرية: “هلكت يا هذا، هلكت.”
ولكن فجأة…
ينبعث نور من بعيد، يحتضن قلبه المرتجف. يغمره شعور بالأمل، يتسرب إلى داخله كنسيم الفجر. يرفع رأسه ببطء، يلمس السماء لأول مرة، ويكتشف أنه لم يكن وحيدًا أبدًا.
يتقدم بخطوات ثابتة هذه المرة، وقد عرف الوجهة. يملأ قلبه يقينًا، وتتطهر روحه من أوجاعها. يتحرر من أغلاله، وتحلق نبضاته عالياً. تسقط أثقاله قطعةً تلو الأخرى، وتتساقط تفاحة وجوده، لكنها هذه المرة تستقر على أبواب الجنة.
يتأكد أن الله لا يترك عباده. فقط عليه أن ينظر… ويؤمن.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
إلهي، ها أنا أقلب وجهي نحو السماء، كما فعل نبيك وحبيبك محمد ﷺ، فأجبته وجبرت قلبه، وحولت القبلة لأجله حتى ترضيه.
إلهي، وإن كنت لستُ بمنزلته العظيمة، ولا بمنزلة عبادك الصالحين، إلا أنني عبدٌ يأوي إلى رحمتك، ويطرق بابك متوسلًا. أقف بين يديك بعجز السائل وحاجة المُفتَقِر، فأسألك يا كريم أن تريني وجهتي التي تليق برضاك، وأن تثبّت قلبي على سبيلك المستقيم.
يا الله، اجبر كسور الفؤاد، واكتب لي نصيبًا من نورك يهديني، وارزقني ثغرًا يشرق بابتسامة تُرضيك، وسكينةً تغمر بها أعماقي، فإنك تعلم ما تخفيه النفوس، وتملك القلوب، وأنت أرحم الراحمين.
#رزنة_صالح
إلهي، وإن كنت لستُ بمنزلته العظيمة، ولا بمنزلة عبادك الصالحين، إلا أنني عبدٌ يأوي إلى رحمتك، ويطرق بابك متوسلًا. أقف بين يديك بعجز السائل وحاجة المُفتَقِر، فأسألك يا كريم أن تريني وجهتي التي تليق برضاك، وأن تثبّت قلبي على سبيلك المستقيم.
يا الله، اجبر كسور الفؤاد، واكتب لي نصيبًا من نورك يهديني، وارزقني ثغرًا يشرق بابتسامة تُرضيك، وسكينةً تغمر بها أعماقي، فإنك تعلم ما تخفيه النفوس، وتملك القلوب، وأنت أرحم الراحمين.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
في الجنة تنتهي الغربة وتشرق الأرواح بلقاء الأحبة، تزول الوحدة ويعم الأنس، تنطفئ الدموع وتجف منابع الأحزان، يُمحى المرض ويُدفن الموت، تنقضي الآلام كأنها لم تكن، ويعيش الإنسان في نعيم سرمدي، جزاءً لمن أفنى عمره جهادًا وسعيًا شوقًا لتلك الدار الباقية.
في الجنة فقط ينتهي كل شيء ليبدأ أجمل شيء.
#رزنة_صالح
في الجنة فقط ينتهي كل شيء ليبدأ أجمل شيء.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
عوضًا عن عدّ الإنجازات لهذا العام، عدّ النعم التي أحاطك الله بها، ثم اجلس جلسة خاشعة تشكره فيها على كل ما تفضل به عليك، وادعه بدوام الستر والعافية، وزيادة النعم، والتوفيق لما يحب ويرضى، واجعل شُكرك مقرونًا بحسن العمل، وسعيًا دائمًا لتكون مستحقًا لنِعَمِه، فهو الكريم الذي يعطي بلا حدود، ويمنّ بلا حساب.
#رزنة_صالح
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
“وصية”
يا بني، أهمس لك بكلمات تنبع من جوف حرصي، علّها تصل إلى روحك قبل أذنيك. كلمات نسجتها التجارب، وخطّتها الحكمة على صفحات أيامي. إنها ليست مجرد حروف، بل وصايا تحمل بين طياتها ما أرجو أن يكون نورًا يهديك في ظلمات الحياة، وعونًا لك في دروبها المتعرجة.
يا بني، لا تظن أن الابتلاء مجرد صعوبة تمر بها، أو أن تهالك روحك وسقم جسدك بلا معنى. كل جرح في أعماقك، وكل صبر في نفسك، هو علامة قرب من الله. لا تظن أن محاولاتك للرضا والصبر قد تذهب سدى؛ بل كلما سعيت، وكلما ابتُليت وتألمت، كان ذلك تمحيصًا لإخلاصك.
الشيطان قد يهمس لك بأن الله لا يحبك، لكن الحقيقة هي أنه كلما اقتربت من الله، زادت ابتلاءاتك، لأنها اختبار لعزيمتك. فهل ستبقى متمسكًا بنور الله؟ أم ستسقط في ظلمة القنوط وتستسلم لليأس؟
يا بني، الجنة لا تأتي بالراحة، والنعيم لا يُنال بمجرد التمني، والخلود لا يُحصل بالهروب من الألم. لست وحدك من يعاني؛ فهذا الطريق إلى الله يمر عبر الابتلاء. فلا يرحل الإنسان إلى الجنة إلا بعد أن يُختبر ويُطهَّر. أنت في معركة من أجل تطهير نفسك، لأن الجنة لا تُعطى إلا لمن صبر واحتسب.
يا بني، ألم تسمع قول الله تعالى:
“أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”؟
لذلك، يختبرك الله لأنه يحبك. فالابتلاء ليس عقابًا، بل هو محك يُقربك إليه. فلا تستسلم في ظلمة القنوط، بل ابحث عن النور في صبرك واحتسابك.
واعلم أن بعض الابتلاءات حب، وإن بدا لك غير ذلك.
#رزنة_صالح
يا بني، أهمس لك بكلمات تنبع من جوف حرصي، علّها تصل إلى روحك قبل أذنيك. كلمات نسجتها التجارب، وخطّتها الحكمة على صفحات أيامي. إنها ليست مجرد حروف، بل وصايا تحمل بين طياتها ما أرجو أن يكون نورًا يهديك في ظلمات الحياة، وعونًا لك في دروبها المتعرجة.
يا بني، لا تظن أن الابتلاء مجرد صعوبة تمر بها، أو أن تهالك روحك وسقم جسدك بلا معنى. كل جرح في أعماقك، وكل صبر في نفسك، هو علامة قرب من الله. لا تظن أن محاولاتك للرضا والصبر قد تذهب سدى؛ بل كلما سعيت، وكلما ابتُليت وتألمت، كان ذلك تمحيصًا لإخلاصك.
الشيطان قد يهمس لك بأن الله لا يحبك، لكن الحقيقة هي أنه كلما اقتربت من الله، زادت ابتلاءاتك، لأنها اختبار لعزيمتك. فهل ستبقى متمسكًا بنور الله؟ أم ستسقط في ظلمة القنوط وتستسلم لليأس؟
يا بني، الجنة لا تأتي بالراحة، والنعيم لا يُنال بمجرد التمني، والخلود لا يُحصل بالهروب من الألم. لست وحدك من يعاني؛ فهذا الطريق إلى الله يمر عبر الابتلاء. فلا يرحل الإنسان إلى الجنة إلا بعد أن يُختبر ويُطهَّر. أنت في معركة من أجل تطهير نفسك، لأن الجنة لا تُعطى إلا لمن صبر واحتسب.
يا بني، ألم تسمع قول الله تعالى:
“أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”؟
لذلك، يختبرك الله لأنه يحبك. فالابتلاء ليس عقابًا، بل هو محك يُقربك إليه. فلا تستسلم في ظلمة القنوط، بل ابحث عن النور في صبرك واحتسابك.
واعلم أن بعض الابتلاءات حب، وإن بدا لك غير ذلك.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
"وصية"
2
السلام على قلبك الطاهر وروحك السامية، السلام على سعيك المستمر وخطواتك التي تقترب بها إلى الله.
السلام على تساؤلاتك المثقلة تحت جسد الصمت.
تخنقني الكلمات يا بني، فيخذلني صوتي الذي يلبس وشاح الشيخوخة. ولكني أبيت إلا أن تخرج المفردات المرتجفة إليك، لتدفئ بوشاح شبابك.
يا بني، سمعت أنك تستصغر الأعمال الصغيرة التي تقوم بها، وتتمتم قائلاً: “كيف لهذه أن تدخلني الجنة؟” فتغرق تساؤلاتك في كأس من الحزن. ولكن، ما ظنك بربك؟ ألم تعلم أنه يحسب لك حتى الذرة إذا صدقت في نيتك؟
الأعمال التي تأتي كالبنيان المرصوص، إن خلت من النية الصادقة لله، لا تساوي شيئًا أمام الأعمال الصغيرة التي قد لا تراها أنت. ولكن، إذا أخلصتها لله، فإن الله يراها ويقبلها.
يا صغيري، لا تنسَ أن أعمالك محاطة بنيّاتك. فحتى إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فكيف بما دون ذلك؟ اجعل قلبك معلقًا بالله في كل حركة وسكون، فالله لا يضيع أجر من أخلص له في عمله.
لا تستصغر حتى التبسم، فإنك يا صغيري لا تدري بأي عمل تدخل الجنة. وإياك، ثم إياك، أن تؤجل أعمالك حتى يبيض رأسك ويضعف عظمك، وتصبح غير قادر على العمل. فإن للعمر حقه، وللزمان حقه، وللعمل حقه.
ولا تنسَ يا بني أن الفراغ نعمة عظيمة. فلا تلهيك نفسك وتقول: “إن الأعمال التي لا تُرى في هذا الفراغ لا تحسب.” لا والله، فالفراغ له نصيبه من السعي فمن عمل الصغير اليوم، غدًا بدأ بالكبير.
لا تصدق الكلمات الفارغة التي تقول: “الفراغ نقمة على صاحبه.” فقد قال النبي ﷺ: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” (رواه البخاري). أنت على حسب استخدامك لفراغك وصحتك يكون حالك.
أوصيك يا بني بالنية الصادقة، فإنها تسند القلب، وتملأ الفراغ، وتقيم اعوجاج العمل بإذن الله.
#رزنة_صالح
2
السلام على قلبك الطاهر وروحك السامية، السلام على سعيك المستمر وخطواتك التي تقترب بها إلى الله.
السلام على تساؤلاتك المثقلة تحت جسد الصمت.
تخنقني الكلمات يا بني، فيخذلني صوتي الذي يلبس وشاح الشيخوخة. ولكني أبيت إلا أن تخرج المفردات المرتجفة إليك، لتدفئ بوشاح شبابك.
يا بني، سمعت أنك تستصغر الأعمال الصغيرة التي تقوم بها، وتتمتم قائلاً: “كيف لهذه أن تدخلني الجنة؟” فتغرق تساؤلاتك في كأس من الحزن. ولكن، ما ظنك بربك؟ ألم تعلم أنه يحسب لك حتى الذرة إذا صدقت في نيتك؟
الأعمال التي تأتي كالبنيان المرصوص، إن خلت من النية الصادقة لله، لا تساوي شيئًا أمام الأعمال الصغيرة التي قد لا تراها أنت. ولكن، إذا أخلصتها لله، فإن الله يراها ويقبلها.
يا صغيري، لا تنسَ أن أعمالك محاطة بنيّاتك. فحتى إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فكيف بما دون ذلك؟ اجعل قلبك معلقًا بالله في كل حركة وسكون، فالله لا يضيع أجر من أخلص له في عمله.
لا تستصغر حتى التبسم، فإنك يا صغيري لا تدري بأي عمل تدخل الجنة. وإياك، ثم إياك، أن تؤجل أعمالك حتى يبيض رأسك ويضعف عظمك، وتصبح غير قادر على العمل. فإن للعمر حقه، وللزمان حقه، وللعمل حقه.
ولا تنسَ يا بني أن الفراغ نعمة عظيمة. فلا تلهيك نفسك وتقول: “إن الأعمال التي لا تُرى في هذا الفراغ لا تحسب.” لا والله، فالفراغ له نصيبه من السعي فمن عمل الصغير اليوم، غدًا بدأ بالكبير.
لا تصدق الكلمات الفارغة التي تقول: “الفراغ نقمة على صاحبه.” فقد قال النبي ﷺ: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” (رواه البخاري). أنت على حسب استخدامك لفراغك وصحتك يكون حالك.
أوصيك يا بني بالنية الصادقة، فإنها تسند القلب، وتملأ الفراغ، وتقيم اعوجاج العمل بإذن الله.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
أجلس هنا في الظلام وحيدة، أسأل نفسي: كم تبقى من الوقت؟
كم تبقى من الجهد؟
كم لديّ من الطاقة لأواصل الركض؟
أعد خصلات الشيب التي تظهر على قلبي،
واحد، اثنان، ثلاثة…
وألف تجربة مريرة تستعمر هذه الروح.
أتلمس ملامح عمري، فأجد أن الشيخوخة قد استحلت كل شيء، وسقطت مني عضلات الشباب المزعومة.
أجلس هنا وحيدة، أتكئ على جدار صلب بارد، وأسأل: كم يجب أن يصمد المرء؟
لكن، ماذا لو كانت الإجابة هي أنني يجب أن أترك كل شيء؟ أن أرحل مثلما تأتي الرياح، دون أن أسأل عن النهاية؟
هل الموت نهاية كل شيء؟
تجيبني نفسي:
“النهاية لا تحتاج إلى سؤال، فالموت ليس إلا بداية، أنت الآن تركض في ميدان الحياة، مجبر على الإكمال، تسابق الزمن كي تصل إلى النهاية التي لا تعرفها، التي سكنت خلف سجون الحياة. كل خطوة تأخذك إلى ما وراء الظلام، إلى حيث لا ينتهي المسير ولا يتوقف الركض. الموت ليس خروجًا، بل تحولًا. أنت لا تموت، بل تتجدد في مكان آخر، حيث تبدأ من جديد. أينما حاولت الهروب، ستجد أنك ما زلت تسير في نفس الدائرة. وكل شيء، حتى النهاية، مجرد وهم.
#رزنة_صالح
20/1/2025
كم تبقى من الجهد؟
كم لديّ من الطاقة لأواصل الركض؟
أعد خصلات الشيب التي تظهر على قلبي،
واحد، اثنان، ثلاثة…
وألف تجربة مريرة تستعمر هذه الروح.
أتلمس ملامح عمري، فأجد أن الشيخوخة قد استحلت كل شيء، وسقطت مني عضلات الشباب المزعومة.
أجلس هنا وحيدة، أتكئ على جدار صلب بارد، وأسأل: كم يجب أن يصمد المرء؟
لكن، ماذا لو كانت الإجابة هي أنني يجب أن أترك كل شيء؟ أن أرحل مثلما تأتي الرياح، دون أن أسأل عن النهاية؟
هل الموت نهاية كل شيء؟
تجيبني نفسي:
“النهاية لا تحتاج إلى سؤال، فالموت ليس إلا بداية، أنت الآن تركض في ميدان الحياة، مجبر على الإكمال، تسابق الزمن كي تصل إلى النهاية التي لا تعرفها، التي سكنت خلف سجون الحياة. كل خطوة تأخذك إلى ما وراء الظلام، إلى حيث لا ينتهي المسير ولا يتوقف الركض. الموت ليس خروجًا، بل تحولًا. أنت لا تموت، بل تتجدد في مكان آخر، حيث تبدأ من جديد. أينما حاولت الهروب، ستجد أنك ما زلت تسير في نفس الدائرة. وكل شيء، حتى النهاية، مجرد وهم.
#رزنة_صالح
20/1/2025
Forwarded from رَزْنَة
يضع المرء يديه على ملامح عمره، يتحسس بأنامله المرهقة تجاعيد تلك الملامح التي نقشتها السنين. يضع عليها مساحيق التجميل، عله يخفي خدوش الأيام التي أبت أن تُمحى. يرتب بدلة أيامه، يمشط خصلات أمنياته المبعثرة، يحدق في مرآة الأمل التي بدأت تتشقق، ثم يتأمل…
يسقط، حاملًا كل تلك الأثقال التي لم تعد الأكتاف تقوى على حملها. ينهض مجددًا ليجد أن تابوت الذكريات يحتضن جسده الهزيل، وأن روحه عالقة بين السماء والأرض، تبحث عن مخرجٍ فلا تجده.
يعود مرة أخرى، يُرتب جدول أيامه، يجمع بقايا نفسه من ركام اليأس، ويتمتم بصوت مبحوح: “غدًا، سأضمد الجرح، وأضع عليه بعض المعقم لعله ينسى وينام!”
لكن الأيام تأبى إلا أن تصفعه بيدين مبللتين من واقع مرير، لتُخبره أن الجراح لا تنتهي، وأن الحياة سكين مسنونة تُجيد الطعن دون هوادة، وأنه خُلق ليُبتلى، لا ليُضمد جراحه ويُغلقها.
يقبل جبين الرضا في محاولة يائسة للتصالح مع نفسه، يحاول التماسك على حافة الانهيار، لكن داخله يردد:
ولكنك إنسان…
والحزن، يا هذا، لم يمزق قميص صبر يعقوب عليه السلام، فكيف له أن يمزق ثياب روحك؟
#رزنة_صالح
يسقط، حاملًا كل تلك الأثقال التي لم تعد الأكتاف تقوى على حملها. ينهض مجددًا ليجد أن تابوت الذكريات يحتضن جسده الهزيل، وأن روحه عالقة بين السماء والأرض، تبحث عن مخرجٍ فلا تجده.
يعود مرة أخرى، يُرتب جدول أيامه، يجمع بقايا نفسه من ركام اليأس، ويتمتم بصوت مبحوح: “غدًا، سأضمد الجرح، وأضع عليه بعض المعقم لعله ينسى وينام!”
لكن الأيام تأبى إلا أن تصفعه بيدين مبللتين من واقع مرير، لتُخبره أن الجراح لا تنتهي، وأن الحياة سكين مسنونة تُجيد الطعن دون هوادة، وأنه خُلق ليُبتلى، لا ليُضمد جراحه ويُغلقها.
يقبل جبين الرضا في محاولة يائسة للتصالح مع نفسه، يحاول التماسك على حافة الانهيار، لكن داخله يردد:
ولكنك إنسان…
والحزن، يا هذا، لم يمزق قميص صبر يعقوب عليه السلام، فكيف له أن يمزق ثياب روحك؟
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
على طاولةٍ محطّمةٍ أجلسُ، مرهقة من عبث الأيام،
أبحثُ عن نفسي في زوايا الفوضى، أَدورُ حولَها،
فلا أجدُ إلّا قلبًا مُبعثَرًا،
وظلًّا بعيدًا،
وجدرانًا خاوية،
وأجسادًا مهجورة.
وتساؤلاتٌ مبتورة،
لا جواب،
لا حنجرة،
لا صوت،
صمتٌ يعمّ المكان،
فقط الفراغ، وبعضٌ مني يتناثر بين الذكريات.
تردد روحي في أفقٍ جاف،
غدًا، يا هذه، تطير العصافير،
وتحلّق الأجوبة بين غيوم الحروف،
لتجدين الوجهة،
عند مفترق الأمل، حيث تشرق الشمس من جديد.
#رزنة_صالح
أبحثُ عن نفسي في زوايا الفوضى، أَدورُ حولَها،
فلا أجدُ إلّا قلبًا مُبعثَرًا،
وظلًّا بعيدًا،
وجدرانًا خاوية،
وأجسادًا مهجورة.
وتساؤلاتٌ مبتورة،
لا جواب،
لا حنجرة،
لا صوت،
صمتٌ يعمّ المكان،
فقط الفراغ، وبعضٌ مني يتناثر بين الذكريات.
تردد روحي في أفقٍ جاف،
غدًا، يا هذه، تطير العصافير،
وتحلّق الأجوبة بين غيوم الحروف،
لتجدين الوجهة،
عند مفترق الأمل، حيث تشرق الشمس من جديد.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
أجلسُ بين الكثير من البشر، أتكئُ على ملامحهم العابرة، كعابرِ سبيلٍ لا يُلقي السلامَ على الطريق.
يتلحَّف الصمتُ لساني، يتشبَّثُ بي وكأنه يخشى الانزلاقَ في فوضى الكلام.
أسأل نفسي: أين أنا؟
أمِن هذا الضجيجِ أنا، أم مِن سكونٍ لا يُسمَعُ له صدى؟
أحيانًا، أتمتمُ بصوتٍ خافتٍ لا يسمعه أحد: من أنا؟
لكنَّ الصدى يظلُّ مفقودًا، كأنَّ المكانَ لا يعترفُ بي.
تلتهمني الكلماتُ محاولةً الخروج، تتزاحمُ عند شفتي، ثم تموتُ قبل أن تُولَد.
كم كلمةً انكسر ظهرها تحت وطأة السكوت؟
وكم نظرةً احترقتْ بنارِ اللاشيءِ حتى تلاشتْ؟
أتساءل حقًا، أبحثُ عن إجابةٍ بين ثنايا الصمت، بين حروفٍ لم تُكتَب، ونظراتٍ لم تُفسَّر.
لكنِّي لا أجدُ الجواب، أو ربما أخافُ أن أجده.
أعودُ مرة أخرى…
أُقلبُ ناظري نحو ملامح الدهر، فأرى كونًا يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونهايةً تشرقُ من أفواج البدايات.
أُبصرُ رحيلًا من هنا، ووصولًا هناك.
أرى الأنهار، الغيوم، الخيول…
أرى الكوثر، فتغرقُ روحي بالسكينة، وأسأل الله الوصول.
#رزنة_صالح
يتلحَّف الصمتُ لساني، يتشبَّثُ بي وكأنه يخشى الانزلاقَ في فوضى الكلام.
أسأل نفسي: أين أنا؟
أمِن هذا الضجيجِ أنا، أم مِن سكونٍ لا يُسمَعُ له صدى؟
أحيانًا، أتمتمُ بصوتٍ خافتٍ لا يسمعه أحد: من أنا؟
لكنَّ الصدى يظلُّ مفقودًا، كأنَّ المكانَ لا يعترفُ بي.
تلتهمني الكلماتُ محاولةً الخروج، تتزاحمُ عند شفتي، ثم تموتُ قبل أن تُولَد.
كم كلمةً انكسر ظهرها تحت وطأة السكوت؟
وكم نظرةً احترقتْ بنارِ اللاشيءِ حتى تلاشتْ؟
أتساءل حقًا، أبحثُ عن إجابةٍ بين ثنايا الصمت، بين حروفٍ لم تُكتَب، ونظراتٍ لم تُفسَّر.
لكنِّي لا أجدُ الجواب، أو ربما أخافُ أن أجده.
أعودُ مرة أخرى…
أُقلبُ ناظري نحو ملامح الدهر، فأرى كونًا يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونهايةً تشرقُ من أفواج البدايات.
أُبصرُ رحيلًا من هنا، ووصولًا هناك.
أرى الأنهار، الغيوم، الخيول…
أرى الكوثر، فتغرقُ روحي بالسكينة، وأسأل الله الوصول.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
ليلة البارحة، وأنا أستعد للنوم، خطر ببالي شيء غريب، آلمني كثيرًا، لكنه في الوقت ذاته أنار لي طريقًا جديدًا أسلكه نحو الله.
تذكرت أمرًا كنت قد تمنيت حدوثه قبل سنوات، بل سعيتُ له بكل ما أوتيت من قوة، وربما فعلت لأجله أشياء لم أكن لأفعلها لولا يقيني بأنه الخير لي. بلّلت أقدام قلبي في نهر الركض، أبحث عن استجابة طرية، وأترقب فرجًا كنت أظنه قريبًا، لكن في النهاية لم يحدث. واليوم، بعد أن تبدّلت الأيام، أحمد الله كثيرًا على عدم حدوثه، وأحمده أكثر على اختياره لي.
أيـقنتُ بأن تأخر الأماني ليس إلا لطفًا خفيًا، وبأن بعض ما نركض خلفه قد يكون هلاكًا لو نلناه، ولو حدث ما كنت أرجوه يومها، لكنت الآن بائسة، أتآكل كالسوس الذي ينخر صدر الشجرة، أبحث عن طريق للعودة ولا أجده. سبحانه! ما أرحمه بنا!
آمنتُ بأن اختيارات الله هي عين الحكمة، وأننا وإن كنا في البداية في ظلام لا نرى إلا ما نريد، فإن الأيام تضعنا أمام حقيقة واحدة: أن اختيارات الله هي الأجمل، ولو مزّقتنا في البداية، ستجبرنا النهاية.
تعلمت أننا مِنْ منظورنا الشخصي، لا نبصر إلا في محيط محدود، أما الله سبحانه، فيرى ما لا نرى، يُقدّر بحكمته، ويمنع بحنانه، ويدبّر الأمور بلطفه، أشياء غيبية لو كشفها لنا، لبقينا أعمارنا نلهج بالحمد والثناء.
سبحانك ما أعظمك يا الله! ما عبدناك حق عبادتك، وما شكرناك كما يليق بعطاياك.
فاغفر لنا تقصيرنا، وألهمنا الرضا بحكمتك، وأرزقنا يقينًا يملأ قلوبنا طمأنينة بأن ما اخترته لنا هو الخير، وإن لم تبصره أعيننا الآن.
#رزنة_صالح
تذكرت أمرًا كنت قد تمنيت حدوثه قبل سنوات، بل سعيتُ له بكل ما أوتيت من قوة، وربما فعلت لأجله أشياء لم أكن لأفعلها لولا يقيني بأنه الخير لي. بلّلت أقدام قلبي في نهر الركض، أبحث عن استجابة طرية، وأترقب فرجًا كنت أظنه قريبًا، لكن في النهاية لم يحدث. واليوم، بعد أن تبدّلت الأيام، أحمد الله كثيرًا على عدم حدوثه، وأحمده أكثر على اختياره لي.
أيـقنتُ بأن تأخر الأماني ليس إلا لطفًا خفيًا، وبأن بعض ما نركض خلفه قد يكون هلاكًا لو نلناه، ولو حدث ما كنت أرجوه يومها، لكنت الآن بائسة، أتآكل كالسوس الذي ينخر صدر الشجرة، أبحث عن طريق للعودة ولا أجده. سبحانه! ما أرحمه بنا!
آمنتُ بأن اختيارات الله هي عين الحكمة، وأننا وإن كنا في البداية في ظلام لا نرى إلا ما نريد، فإن الأيام تضعنا أمام حقيقة واحدة: أن اختيارات الله هي الأجمل، ولو مزّقتنا في البداية، ستجبرنا النهاية.
تعلمت أننا مِنْ منظورنا الشخصي، لا نبصر إلا في محيط محدود، أما الله سبحانه، فيرى ما لا نرى، يُقدّر بحكمته، ويمنع بحنانه، ويدبّر الأمور بلطفه، أشياء غيبية لو كشفها لنا، لبقينا أعمارنا نلهج بالحمد والثناء.
سبحانك ما أعظمك يا الله! ما عبدناك حق عبادتك، وما شكرناك كما يليق بعطاياك.
فاغفر لنا تقصيرنا، وألهمنا الرضا بحكمتك، وأرزقنا يقينًا يملأ قلوبنا طمأنينة بأن ما اخترته لنا هو الخير، وإن لم تبصره أعيننا الآن.
#رزنة_صالح
Forwarded from ثغَّر🔻
Forwarded from رَزْنَة
سبحان من جعل في السجود نهوضًا
يدخل الليل، ويثقل التعب على الجسد كجبل جاثم، تتباطأ الخطوات، وتنهك الروح من كثرة الركض خلال النهار، والسعي في دروب الحياة الوعرة. يهمس في نفسه: كيف أقوى على الوقوف للصلاة، وقد خارت قواي، وتكاد أطرافي تتكئ على بعضها اتكاء العجوز على عصاه؟
يجلس قليلًا، ثم يقوم، وما إن يكبر للصلاة حتى ينساب في عروقه شعور عجيب، كأنما تسللت الحياة من جديد إلى أوردته، وكأن مفاصله أُعيد بناؤها، وكأن روحًا من الطمأنينة تدب في كيانه، فيجد نفسه واقفًا بقوة لم يكن يظنها فيه قبل لحظات.
يركع، يسجد، وفي كل سجدة يشعر أن ثقل الدنيا يُنزع من على كتفيه، أن همومه تذوب كما يذوب الجليد تحت دفء الشمس. بين السجدتين، يلتقط أنفاسه وكأنها أنفاس الحياة الأولى، ثم يهمس في نفسه بعد كل ركعة:
سبحان من جعل في السجود نهوضًا.
وما إن ينتهي من الصلاة وقراءة القرآن حتى يعود إليه نشاطه كما يعود النهر إلى مجراه بعد انحساره، وكأن كل ما أثقل روحه قد تبدّد، وكأن السكون الذي غمر قلبه أعمق من كل ضجيج الحياة.
سبحان من مَنَّ علينا بالإسلام، وكرَّمنا بالعبادة، وجعل لنا في الصلاة راحةً وسكونًا ونهضةً وفرجًا.
سبحان من أذن لنا بأن نعبده، وسمح لنا بأن ندعوه.
#رزنة_صالح
يدخل الليل، ويثقل التعب على الجسد كجبل جاثم، تتباطأ الخطوات، وتنهك الروح من كثرة الركض خلال النهار، والسعي في دروب الحياة الوعرة. يهمس في نفسه: كيف أقوى على الوقوف للصلاة، وقد خارت قواي، وتكاد أطرافي تتكئ على بعضها اتكاء العجوز على عصاه؟
يجلس قليلًا، ثم يقوم، وما إن يكبر للصلاة حتى ينساب في عروقه شعور عجيب، كأنما تسللت الحياة من جديد إلى أوردته، وكأن مفاصله أُعيد بناؤها، وكأن روحًا من الطمأنينة تدب في كيانه، فيجد نفسه واقفًا بقوة لم يكن يظنها فيه قبل لحظات.
يركع، يسجد، وفي كل سجدة يشعر أن ثقل الدنيا يُنزع من على كتفيه، أن همومه تذوب كما يذوب الجليد تحت دفء الشمس. بين السجدتين، يلتقط أنفاسه وكأنها أنفاس الحياة الأولى، ثم يهمس في نفسه بعد كل ركعة:
سبحان من جعل في السجود نهوضًا.
وما إن ينتهي من الصلاة وقراءة القرآن حتى يعود إليه نشاطه كما يعود النهر إلى مجراه بعد انحساره، وكأن كل ما أثقل روحه قد تبدّد، وكأن السكون الذي غمر قلبه أعمق من كل ضجيج الحياة.
سبحان من مَنَّ علينا بالإسلام، وكرَّمنا بالعبادة، وجعل لنا في الصلاة راحةً وسكونًا ونهضةً وفرجًا.
سبحان من أذن لنا بأن نعبده، وسمح لنا بأن ندعوه.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
يا رب، إليك أتوجه، وقد ضاقت بي السبل، وخارت قواي، فلا سند لي سواك، ولا ملجأ إلا رحمتك. أتيتك بقلب منكسر، وروح تائهة، ترجو نورك وهداك. يا من لا يرد سائلاً، ولا يخذل متضرعًا، ها أنا بين يديك، أرفع حاجتي، وأبث ضعفي، فأنت الكريم الذي لا تنفد خزائنه، وأنت الرحيم الذي لا يملّ مناجاة عباده.
يا رب، وإن أغلقتَ بابك في وجهي، فمن ذا يفتحه لي؟ وإن رددتني مخذولة، فمن ينصرني؟ ألستَ من قلتَ: “ادعوني أستجب لكم”؟ ألا تستجيب لأمة ضعيفة، مكسورة، مقهورة؟ إن لم تصطفيها بلطفك، فأين تلجأ؟ وإن لم تحمِها بكرمك، فمن ذا يحميها؟
يا رب، وإن تركتني، فمن يأنسني؟ هل تترك عبدًا لجأ إليك؟ هل تترك عبدًا قال: “إني ذاهب إلى ربي”؟
أنتَ أنتَ الله، الكريم، العظيم، العزيز، القوي، الوهاب، وأنا أنا أمتك الضعيفة، الذليلة، الحقيرة. إن تركتَ أمةً لا ركن تلجأ إليه، فمن يؤويها؟
يا رب، ولو لم يكن أنسك بساط قلبي، فبمن أأنس؟
يا رب، أنت أنت الله، أسقيتَ إسماعيل بعد ظمأ، آويتَ إبراهيم بعد هجرة، نصرتَ محمدًا بعد قهر، وأخرجتَ يونس من الظلمات. أيعجزك عبدٌ محاولٌ صغيرٌ ضعيفٌ مثلي؟
حاشاك، أنت أنت الله، وأنا أنا عبدٌ محاول.
#رزنة_صالح
يا رب، وإن أغلقتَ بابك في وجهي، فمن ذا يفتحه لي؟ وإن رددتني مخذولة، فمن ينصرني؟ ألستَ من قلتَ: “ادعوني أستجب لكم”؟ ألا تستجيب لأمة ضعيفة، مكسورة، مقهورة؟ إن لم تصطفيها بلطفك، فأين تلجأ؟ وإن لم تحمِها بكرمك، فمن ذا يحميها؟
يا رب، وإن تركتني، فمن يأنسني؟ هل تترك عبدًا لجأ إليك؟ هل تترك عبدًا قال: “إني ذاهب إلى ربي”؟
أنتَ أنتَ الله، الكريم، العظيم، العزيز، القوي، الوهاب، وأنا أنا أمتك الضعيفة، الذليلة، الحقيرة. إن تركتَ أمةً لا ركن تلجأ إليه، فمن يؤويها؟
يا رب، ولو لم يكن أنسك بساط قلبي، فبمن أأنس؟
يا رب، أنت أنت الله، أسقيتَ إسماعيل بعد ظمأ، آويتَ إبراهيم بعد هجرة، نصرتَ محمدًا بعد قهر، وأخرجتَ يونس من الظلمات. أيعجزك عبدٌ محاولٌ صغيرٌ ضعيفٌ مثلي؟
حاشاك، أنت أنت الله، وأنا أنا عبدٌ محاول.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
اليوم، وأنا عائدة من مكة إلى الطائف، وجدتني عالقة بين ثنايا الكلمات، بين وقع الخطى وعبق الذكريات. كم خطوة خطاها النبي ﷺ بصحبة زيد بن حارثة على هذه الأرض؟ كم جبلًا عبر؟ كم دمعة انسكبت، وكم ألمًا احتواه صدره الشريف؟ نظرتُ طويلًا إلى الطريق، وتساءلت: هل حظيت هذه البقعة بوقع قدميه؟ هل اختلط ترابها بقطرات دمه الطاهر؟
أحسستُ بصدى دعائه يتردد في أرجاء المكان، وكأنه لا يزال معلقًا بين السماء والأرض:
“اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس… إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي…”
هذا الدعاء، كلما مرّ بقلبي، اعتصره ألمًا. كم كان قهره عظيمًا وهو يبثّ شكواه للسماء؟ وكم كان يقينه أعظم وهو يسلّم أمره لله؟
دخل الطائف يومًا يبحث عن نصير، فخرج منها وحيدًا، مثخنًا بالجراح، غارقًا في الدم. لم ينتصر له أحد، ولم يواسيه إلا ظله الممتد على التراب. ومع ذلك، لم يدعُ عليهم، بل رفع يديه شاكيًا، لا يطلب انتقامًا، بل رحمة وهداية.
وقفتُ عند جبال الطائف، وغصّة تختنق في صدري. هنا جاء الحبيب ﷺ، وهنا خرج حزينًا، وهنا عاد الإسلام عاليًا. وددتُ لو أخبره الآن:
يا حبيبنا، لم تكن وحدك… اسمك اليوم يملأ الآفاق، ويزيّن المكان، ويشرّف الأرض كلها. الطائف التي ردّتك يومًا، تصدح اليوم بالأذان، ويهتف أهلها بحبك. جاءتك مستكبرة، وعادت إليك خاشعة.
#رزنة_صالح
أحسستُ بصدى دعائه يتردد في أرجاء المكان، وكأنه لا يزال معلقًا بين السماء والأرض:
“اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس… إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك أوسع لي…”
هذا الدعاء، كلما مرّ بقلبي، اعتصره ألمًا. كم كان قهره عظيمًا وهو يبثّ شكواه للسماء؟ وكم كان يقينه أعظم وهو يسلّم أمره لله؟
دخل الطائف يومًا يبحث عن نصير، فخرج منها وحيدًا، مثخنًا بالجراح، غارقًا في الدم. لم ينتصر له أحد، ولم يواسيه إلا ظله الممتد على التراب. ومع ذلك، لم يدعُ عليهم، بل رفع يديه شاكيًا، لا يطلب انتقامًا، بل رحمة وهداية.
وقفتُ عند جبال الطائف، وغصّة تختنق في صدري. هنا جاء الحبيب ﷺ، وهنا خرج حزينًا، وهنا عاد الإسلام عاليًا. وددتُ لو أخبره الآن:
يا حبيبنا، لم تكن وحدك… اسمك اليوم يملأ الآفاق، ويزيّن المكان، ويشرّف الأرض كلها. الطائف التي ردّتك يومًا، تصدح اليوم بالأذان، ويهتف أهلها بحبك. جاءتك مستكبرة، وعادت إليك خاشعة.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
“أمي”
في زاوية الغرفة أجلس، أعد خصال العمر المتناثرة بين يدي، أستحضر الطفولة، فلا أدري… أكانت مريرة أم جميلة؟ أم أنها ذلك الخليط العجيب من الأمل والخذلان؟
أتذكر كيف كانت أحلامنا يافعة، وكيف كانت أمي تحملنا بين ذراعيها، تنقلنا من منزل إلى آخر، كطائر مذعور يحمل بيضه من عش إلى عش، هربًا من فخاخ الحياة. كم قاست لأجلنا، كم دفعت من صحتها، من عمرها، من روحها… كم تلقت من صفعات القدر، وكم قهرت قهرًا صامتًا لا يسمعه إلا الله.
أتساءل: كيف احتملت؟ كيف استطاعت أن تكون صخرة، ونحن معاول ننهال عليها دون أن ندري؟ أما كان يجدر بي أن أكون صبورًا مثلها؟ أن أتعلم الصمود من امرأة حملت الحياة على كتفيها ومضت؟
وددت لو أعود إلى تلك الأيام، أجلس إلى جوارها، أهمس لها: “أشعر بكِ الآن… أشعر بالغصة التي كانت تعتصر قلبكِ حين كنتُ أطلب شيئًا لا تملكينه، حين كنتُ أمد عيني إلى ما لدى غيري، فأطالبكِ ببراءة طفولية أن تأتيني به، غير مدرك أن طلبي لم يكن إلا جمرة أخرى تضاف إلى حريقكِ الصامت.”
أعيد ترتيب أثاثها، مرة تلو أخرى، كأنني أفتش في زوايا الذكريات، فأعثر على بقايا الحزن متناثرة هنا وهناك. تتبلل جدران الذاكرة، أبحث عن الدموع التي خنقتها يومًا، فلا أجد إلا نظراتها المثقلة بالتعب.
ركضت كثيرًا… ركضت بنا كثيرًا، تحملنا على ظهرها، تقاتل لأجلنا، والآن… لم تعد قادرة على المشي.
يخنقني هذا الشعور، يثقل صدري السؤال: كيف لي ألا أكون عكازها؟ كيف لا أكون قدميها اللتين تحملانها كما حملتنا؟
آه، يا أماه… كم يبدو عجز الأمهات قاتلًا!
#رزنة_صالح
في زاوية الغرفة أجلس، أعد خصال العمر المتناثرة بين يدي، أستحضر الطفولة، فلا أدري… أكانت مريرة أم جميلة؟ أم أنها ذلك الخليط العجيب من الأمل والخذلان؟
أتذكر كيف كانت أحلامنا يافعة، وكيف كانت أمي تحملنا بين ذراعيها، تنقلنا من منزل إلى آخر، كطائر مذعور يحمل بيضه من عش إلى عش، هربًا من فخاخ الحياة. كم قاست لأجلنا، كم دفعت من صحتها، من عمرها، من روحها… كم تلقت من صفعات القدر، وكم قهرت قهرًا صامتًا لا يسمعه إلا الله.
أتساءل: كيف احتملت؟ كيف استطاعت أن تكون صخرة، ونحن معاول ننهال عليها دون أن ندري؟ أما كان يجدر بي أن أكون صبورًا مثلها؟ أن أتعلم الصمود من امرأة حملت الحياة على كتفيها ومضت؟
وددت لو أعود إلى تلك الأيام، أجلس إلى جوارها، أهمس لها: “أشعر بكِ الآن… أشعر بالغصة التي كانت تعتصر قلبكِ حين كنتُ أطلب شيئًا لا تملكينه، حين كنتُ أمد عيني إلى ما لدى غيري، فأطالبكِ ببراءة طفولية أن تأتيني به، غير مدرك أن طلبي لم يكن إلا جمرة أخرى تضاف إلى حريقكِ الصامت.”
أعيد ترتيب أثاثها، مرة تلو أخرى، كأنني أفتش في زوايا الذكريات، فأعثر على بقايا الحزن متناثرة هنا وهناك. تتبلل جدران الذاكرة، أبحث عن الدموع التي خنقتها يومًا، فلا أجد إلا نظراتها المثقلة بالتعب.
ركضت كثيرًا… ركضت بنا كثيرًا، تحملنا على ظهرها، تقاتل لأجلنا، والآن… لم تعد قادرة على المشي.
يخنقني هذا الشعور، يثقل صدري السؤال: كيف لي ألا أكون عكازها؟ كيف لا أكون قدميها اللتين تحملانها كما حملتنا؟
آه، يا أماه… كم يبدو عجز الأمهات قاتلًا!
#رزنة_صالح