Telegram Web
Forwarded from رَزْنَة
في ساعةٍ متأخرةٍ من الليلِ تباغتك اللحظة بيديها؛ لتجعلك تستوعب بأنك من الممكن أن تكون كبش الفداء الذي قد يُضحى بهِ لأجل سعادة أحدهم، للحظة تستوعب بأنك المتهم الوحيد بكل الحزن الذي قد يُصيبهم، للحظة ترى بأنهم قد يُعيدونك إلى ظلمة هربت منها وعانيت للخروج؛ لأنهم يظنون بأنك من يصد النور عنهم، للحظة ترى المرآة وتبصر تجاعيد أيامك التي وضعوها لك في إطار فارغ، وسلبوا منك عنفوان شبابك دون أن يهتموا، للحظة فقط تكتشف بأنك كرسي زائد على الطاولة، وورقة زائدة في دفتر العائلة، وضحكة متصنعة في ميدان الحقيقة، وثوب لم يأتِ على مقاس واقعهم، للحظة تشعر بأنك يجب أن تترك كُلَّ شيء وترحل؛
ولكنك
تكتشف
بأنهُ لا
يوجد
مكانٌ
لكي
ترحل
إليه!

للحظة فقط!

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
اليوم وأنا أستمع إلى القرآن وأتنقل في المطبخ، كانت الآيات تتردد على مسامعي، سور كثيرة تُتلى في الراديو. كنتُ أتتبع آيات سورة يوسف-عليه السلام- القصة بتفاصيلها، وتخيلتُ كل جزء منها؛ سافرت مع الأحداث، من البئر إلى السجن، ومن الذئب إلى القميص.

القميص كان أكثر من مجرد قطعة قماش، كان رمزًا يحمل في طياته تحولات مصيرية. من على جسد نبيّ إلى دليلٍ على موته! تخيلتُه يتحدث، يخبر سيدنا يعقوب القصة كاملة؛ تخيلت أن الدماء تحولت إلى كلمات، والحزن إلى ثَغر يروي الحقيقة. تساءلت: أين ذهب القميص بعد أن جاءوا به كدليل؟ هل امتزج بياضه مع بياض عيني يعقوب عليه السلام، ليعكس ألم الفراق؟ لم يكن مشقوقًا، وهذا بحد ذاته يحمل معنى أعمق؛ يشير إلى أن الدليل إن لم يكن صادقًا فهو حتمًا ناقص. كيف لا توجد شقوق؟ وكيف خدش الذئب صدر يوسف؟

قفزت أفكاري إلى الذئب، ما هذه التهمة التي وُجّهت إليه؟ كيف كان سيصبح صوته لو أنهُ تحدث إلى يعقوب عليه السلام؟ هل كان صوته سيرتجف؟ هل كان سيفتح فمه محاولاً تبرئة نفسه من الذنب الذي ألصقوه به؟

ثم انتقلت أفكاري إلى البئر؛ تلك البقعة العميقة المظلمة. كيف كانت الليالي على يوسف وهو وحيد في أعماق البئر؟ كيف كانت دقات قلبه، وهل تحدث البئر معه ليطمئنه؟ هل كانت الأفاعي ترافقه كأعداء أم كرفاق؟

حتى الدراهم، تلك التي باع بها إخوة يوسف أخاهم، شعرتُ وكأنها تحمل خيانة ثقيلة، وكأنها تحمل جزءًا من الذنب.

تنقلت في القصة، وكانت تتمحور دائمًا حول قميص يوسف -عليه السلام- ذلك الدليل الذي كان مرةً إثباتًا على موتٍ لم يحدث، ومرةً دليلًا على براءة نبيّ من تهمة امرأة العزيز، ثم أصبح رمزًا أعاد البصر إلى يعقوب. قميصٌ حمل رسائل كثيرة وأصبح عنوانًا في قصة نبيّ كاملة.

سورة يوسف عليه السلام تحمل الكثير من الرسائل، الكثير من القصص، والكثير من الأهداف، والكثير من الجمال. هي دعوة لنا للتأمل في كل تفصيلة، لأن كل جزء منها يحمل حكمة، وكل حكمة منها تمثل درسًا خالدًا في الحياة.

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
المُقدمات، والمفردات، والحروف، جميعها تُدون للخطابات البشرية، ولكن لك أنت يجب أن نبدأ بوضع الروح جانبًا، وننتزع الجسد من بهرجة الدنيا، بين يديك تترك اليدين دورها لتتعلَّق الروح، تركض الكلمات في رصٍّ واحد ثُمَّ تهتز لتنال شرف المُقدمة،
كُل شيء هُنا يا الله، متهالك، أصبحت الدُّنيا بثغرها الواسع تبتلعنا دون حتى محاولات للمضغ، أركض بجسد خاوٍ وعيني ابيضتا من الحزن، حاولت ألَّا أترك هذا المكان إلَّا وقد التحفت الكثير من الأعمال الصالحة، ولكن الأيَّام هُنا مصبوغة بلون رماديّ، البنيان مبلَّلة في نهر من الغفلة، الغيوم كثيرة ولكنها لا تمطر، النباتات عقيمة لا تلد، الثياب ممُزَّقة، كُل شيء هُنا مُحاط بالصدى، حاولت كثيرًا يا إلهي، أن أخلع هذا الجسم الفضفاض ولكنهُ يمتلك كُل شيء سوى مخرج يسمح لي بالهرب!
لا يوجد هُنا أصوات، وكأنَّ الحناجر مُعاقة، حِجاب الليل طويل يسيطر على المكان في كلِّ لحظة، الذي أعرفه بأنَّ المكان بدونك يصبح جحيمًا هالكًا، وأعرف أيضًا بأن محاولتي في القرب منكَ تُصنع على عينكَ؛ لذلك أقف كلَّما تجرَّحت قدماي من الحبو، أقف لأنَّ الطريق الذي لا يذكر فيه اسمك سراب بعيدٌ عن بوصلة الحقّ، أقف وأنا أنظر إليكَ وأهرول متمسكًا بأضلعي حتى أستنير بحبِّكَ المشرق داخلي، دائمًا أتحدث وأتذكر "أن تعبد الله كأنَّك تراه" لذلك أرتب بدلة مفرداتي حتى تليق بجلالكَ، وما أن أقف بين يديكَ تتلاشى هيئة الترتيب وأعود أنا كما أنا؛ لأنِّي أعلم أنَّكَ تعرفني أكثر منِّي حتَّى!
أعلم أنَّكَ لن تتركني أذهب إلى الهاوية، إن أردت، فأنتَ تهدي مَن تشاء، ولأنِّي أثق بكَ، أمشي هذا الدرب الطويل بقلب ضعيف يستظلُّ بقوَّتكَ.
ولسان حالي يقول:
"بئس العبدِ أنا ونعم الربّ ربّي!"
#رزنة_صالح
كل ما حبك عم اتبهدل
تاري الحب بطل انجاز ...
Forwarded from رَزْنَة
مساء الخير يا حبيب الروح وخالقها،
الليلة كنت أقرأ قوله تعالى: “كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ”.
بكيت، خفت، وتحسرت. خفت حقًا ألا أرى وجهك، ألا أرى نورك، ألا أرى تلك الملامح التي تمنيت بحق أن تملأ عيني. تخيلت نفسي واقفًا بين فوج عظيم ممن تفتح لهم أبواب الشوق والحنين إليك، إلى وجهك الكريم، إلى لقياك.

يا الله، كم يبدو الأمر عظيمًا أن تحتضن الأبصار نور وجهك، وكم يبدو الأمر مخيفًا أن تخونني أعمالي فلا أراك.

أتوكأ بيدي على قلبي كي لا يقع، تغمرني المخاوف، تغسلني رهبة المشهد. تتعرى الأرض وتخلع ملابسها الزاهية، تجف الغيوم وتنفتح أبواب السماء. كل هذه المشاهد المهيبة تلبس مهجتي كليل طويل. أخشى أن يكون خشب العمر الذي بنيت عليه أملي متهالكًا، فلا تنال عيني شرف النظر إليك.

أفكاري تتجرجر على ذهني كأنها مكبلة بأسئلة حائرة:
• هل يا ترى تستحم عيني برؤية وجهك الكريم فتتطهر من دنس الدنيا وكربتها؟
• هل يموت الوقت وأبقى ناظرة إلى كرسيك العظيم؟
• هل سأرى عرشك والملائكة الذين يحملونه؟

أتحسس الكلمات، أُحيك منها خيوطًا يرقص عليها الضوء فوق تلال أفكاري. يتسرب الخشوع إلى أعماقي، فتسجد روحي قبل أن تسجد عيناي، وكأن كل شيء في الكون ينحني لعظمتك، تُلقي القلوب أثقالها، وترتعد الأجساد بخشية لقائك. اللحظة مهيبة كأنها تسكن الزمن بأكمله، حيث لا صوت إلا همس الرجاء ولا شعور إلا خضوع مطلق.

ثم أردد بوجل وحنين:
“وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ”.
فاطمئن، لأنك يا الله برحمتك التي وسعت كل شيء تغمر الإنسان لا بعمله، وأنا واقف على بابك منكسرًا، أطرق أبواب رحمتك العظيمة بثقة الواثق بمغفرتك، متيقنًا أن فضلك أعظم من أن تحجبه خطايانا، وأن رحمتك تسبق كل شيء.

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
كلما رفعت عينيك، تجد أمامك الكثير من الوجوه، أصوات تختلط كضجيج غير مفهوم، وحركات تسير بإيقاع متسارع. تراهم يصفقون، يتجاهلون، يستندون إلى بعضهم، وكأنهم يدركون كل تفاصيل حياتهم. لكنك تقف هناك، تتساءل: كيف لهم أن يروا كل شيء حولهم، لكنهم لا يرونني؟
هل أنا شفاف إلى هذا الحد؟
الوحدة… هل تتحول عادةً مع الوقت؟ وسط هذا الزحام، لماذا أشعر بالغربة؟
كم من وجع علينا أن نخفيه خلف ثوب البهجة كي نستمر؟
وفي نهاية هذا الطريق الطويل، هل هناك حقًا مخرج؟ أم أن البوصلة تحطمت، ولم يبقَ إلا السراب يخدعنا بدلًا من أن يرشدنا؟
لا إجابة تُثلج الصدر سوى قول الله:
“إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى” (طه: 46)
إنه يراني… يراني حقًا.

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
وفي لحظةٍ ما، تشعر أن جسدك قد أنهك، وروحك باتت مثقلة، فتقرر أن تخلع ثوب الركض في ميدان الحياة. تقف على الهامش، تراقب العالم وهم يواصلون السباق المحموم، خطواتهم لا تعرف التوقف، ووجوههم مغطاة بظلال السعي. تنظر إليهم بصمت، وكأنك تراقب مشهدًا من خلف زجاج نافذةٍ بعيدة.
ثم تتساءل هل تستحق الحياة كل هذا الركض؟ أم أننا نركض فقط لننسى أننا يوماً سنقف؟

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
بين يدي الحياة، يقف المرء بروح خاوية، يلهث تحت شمس الابتلاءات. يمد يديه إلى التراب بحثًا عن قطرة ماء تغسل روحه، ويسير خلف سراب يعلم أنه وهم، فقط ليُقنع نفسه بالاستمرار في العيش. ينظر إلى كفيه، يعلّق ملامحه على جدار العمر، ويتمتم: “لا شيء هنا قادر على إنقاذي.”

يتجرع الصبر من كأس أيامه، ويسقط على ركبتيه متعبًا، لكنه ينهض مجددًا. يتقدم بخطوات ثقيلة، كل حركة تزيد أوجاعه، حتى يصل إلى النهاية. يتساءل في داخله: “أين المفر؟” لكنه لا يجد جوابًا. لا طريق يفتح أمامه، لا بوابة، ولا نافذة، ولا صوت يُخرجه من عزلته. فقط الصمت الجاثم حوله، وصوت بغيض يهمس له: “هنا البداية، وهنا النهاية.”

يتوقف للحظة، يغمض عينيه بقوة، ويصرخ بصوت داخلي متقطع: “ماذا تبقى لي؟ أين الطريق؟ هل انتهيت؟” تتقاذفه الأفكار كأمواجٍ عاتية، يلتفت حوله فلا يرى سوى فراغ يبتلعه. يسأل نفسه : “هل أصبحت وحدي؟ أين الذرات التي تغطيني حين أموت؟”

يصمت للحظة، ثم يجرّ جسده المُنهك، يكمل المسير ببطء، يشعر بالألم يمزق أعماقه. لكنه يقاوم: “لا خيار أمامي، يجب أن أستمر، حتى لو كنت أنزف.”

تتبلل الرمال بعرق تساؤلاته. “لمن هذا الصوت؟” وفجأة، يصطدم جسده بالصمت الذي يُحيط به، ويُباغته همسٌ بارد: “ألم تدرك بعد؟ أنت على وشك الهلاك!”

لكن الحلم يُربّت على قلبه المثقل، يُحدثه بلطف: “هذه ليست النهاية، ليس بعد.”

في الظلال، الشيطان يضحك بصوت خافت، يقول له بخبث: “أنت تراوغ. انتهيت، وكل شيء انتهى.”

ينهار جسده المُتعب، يترك ما تبقى منه على الأرض، ويتمتم بصوت خافت: “انتهى. حقًا انتهى.”

وفي تلك اللحظة، يبتسم الهوى بأنيابه الصفراء، ويتمتم بسخرية: “هلكت يا هذا، هلكت.”

ولكن فجأة…

ينبعث نور من بعيد، يحتضن قلبه المرتجف. يغمره شعور بالأمل، يتسرب إلى داخله كنسيم الفجر. يرفع رأسه ببطء، يلمس السماء لأول مرة، ويكتشف أنه لم يكن وحيدًا أبدًا.

يتقدم بخطوات ثابتة هذه المرة، وقد عرف الوجهة. يملأ قلبه يقينًا، وتتطهر روحه من أوجاعها. يتحرر من أغلاله، وتحلق نبضاته عالياً. تسقط أثقاله قطعةً تلو الأخرى، وتتساقط تفاحة وجوده، لكنها هذه المرة تستقر على أبواب الجنة.

يتأكد أن الله لا يترك عباده. فقط عليه أن ينظر… ويؤمن.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
إلهي، ها أنا أقلب وجهي نحو السماء، كما فعل نبيك وحبيبك محمد ﷺ، فأجبته وجبرت قلبه، وحولت القبلة لأجله حتى ترضيه.
إلهي، وإن كنت لستُ بمنزلته العظيمة، ولا بمنزلة عبادك الصالحين، إلا أنني عبدٌ يأوي إلى رحمتك، ويطرق بابك متوسلًا. أقف بين يديك بعجز السائل وحاجة المُفتَقِر، فأسألك يا كريم أن تريني وجهتي التي تليق برضاك، وأن تثبّت قلبي على سبيلك المستقيم.
يا الله، اجبر كسور الفؤاد، واكتب لي نصيبًا من نورك يهديني، وارزقني ثغرًا يشرق بابتسامة تُرضيك، وسكينةً تغمر بها أعماقي، فإنك تعلم ما تخفيه النفوس، وتملك القلوب، وأنت أرحم الراحمين.
#رزنة_صالح
فَـوضى-Ḿess 🍃
Photo
اللهم آمين
Forwarded from رَزْنَة
في الجنة تنتهي الغربة وتشرق الأرواح بلقاء الأحبة، تزول الوحدة ويعم الأنس، تنطفئ الدموع وتجف منابع الأحزان، يُمحى المرض ويُدفن الموت، تنقضي الآلام كأنها لم تكن، ويعيش الإنسان في نعيم سرمدي، جزاءً لمن أفنى عمره جهادًا وسعيًا شوقًا لتلك الدار الباقية.
في الجنة فقط ينتهي كل شيء ليبدأ أجمل شيء.

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
عوضًا عن عدّ الإنجازات لهذا العام، عدّ النعم التي أحاطك الله بها، ثم اجلس جلسة خاشعة تشكره فيها على كل ما تفضل به عليك، وادعه بدوام الستر والعافية، وزيادة النعم، والتوفيق لما يحب ويرضى، واجعل شُكرك مقرونًا بحسن العمل، وسعيًا دائمًا لتكون مستحقًا لنِعَمِه، فهو الكريم الذي يعطي بلا حدود، ويمنّ بلا حساب.

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
“وصية”

يا بني، أهمس لك بكلمات تنبع من جوف حرصي، علّها تصل إلى روحك قبل أذنيك. كلمات نسجتها التجارب، وخطّتها الحكمة على صفحات أيامي. إنها ليست مجرد حروف، بل وصايا تحمل بين طياتها ما أرجو أن يكون نورًا يهديك في ظلمات الحياة، وعونًا لك في دروبها المتعرجة.

يا بني، لا تظن أن الابتلاء مجرد صعوبة تمر بها، أو أن تهالك روحك وسقم جسدك بلا معنى. كل جرح في أعماقك، وكل صبر في نفسك، هو علامة قرب من الله. لا تظن أن محاولاتك للرضا والصبر قد تذهب سدى؛ بل كلما سعيت، وكلما ابتُليت وتألمت، كان ذلك تمحيصًا لإخلاصك.

الشيطان قد يهمس لك بأن الله لا يحبك، لكن الحقيقة هي أنه كلما اقتربت من الله، زادت ابتلاءاتك، لأنها اختبار لعزيمتك. فهل ستبقى متمسكًا بنور الله؟ أم ستسقط في ظلمة القنوط وتستسلم لليأس؟

يا بني، الجنة لا تأتي بالراحة، والنعيم لا يُنال بمجرد التمني، والخلود لا يُحصل بالهروب من الألم. لست وحدك من يعاني؛ فهذا الطريق إلى الله يمر عبر الابتلاء. فلا يرحل الإنسان إلى الجنة إلا بعد أن يُختبر ويُطهَّر. أنت في معركة من أجل تطهير نفسك، لأن الجنة لا تُعطى إلا لمن صبر واحتسب.

يا بني، ألم تسمع قول الله تعالى:
“أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”؟

لذلك، يختبرك الله لأنه يحبك. فالابتلاء ليس عقابًا، بل هو محك يُقربك إليه. فلا تستسلم في ظلمة القنوط، بل ابحث عن النور في صبرك واحتسابك.

واعلم أن بعض الابتلاءات حب، وإن بدا لك غير ذلك.

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
"وصية"
2

السلام على قلبك الطاهر وروحك السامية، السلام على سعيك المستمر وخطواتك التي تقترب بها إلى الله.
السلام على تساؤلاتك المثقلة تحت جسد الصمت.

تخنقني الكلمات يا بني، فيخذلني صوتي الذي يلبس وشاح الشيخوخة. ولكني أبيت إلا أن تخرج المفردات المرتجفة إليك، لتدفئ بوشاح شبابك.

يا بني، سمعت أنك تستصغر الأعمال الصغيرة التي تقوم بها، وتتمتم قائلاً: “كيف لهذه أن تدخلني الجنة؟” فتغرق تساؤلاتك في كأس من الحزن. ولكن، ما ظنك بربك؟ ألم تعلم أنه يحسب لك حتى الذرة إذا صدقت في نيتك؟

الأعمال التي تأتي كالبنيان المرصوص، إن خلت من النية الصادقة لله، لا تساوي شيئًا أمام الأعمال الصغيرة التي قد لا تراها أنت. ولكن، إذا أخلصتها لله، فإن الله يراها ويقبلها.

يا صغيري، لا تنسَ أن أعمالك محاطة بنيّاتك. فحتى إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فكيف بما دون ذلك؟ اجعل قلبك معلقًا بالله في كل حركة وسكون، فالله لا يضيع أجر من أخلص له في عمله.

لا تستصغر حتى التبسم، فإنك يا صغيري لا تدري بأي عمل تدخل الجنة. وإياك، ثم إياك، أن تؤجل أعمالك حتى يبيض رأسك ويضعف عظمك، وتصبح غير قادر على العمل. فإن للعمر حقه، وللزمان حقه، وللعمل حقه.

ولا تنسَ يا بني أن الفراغ نعمة عظيمة. فلا تلهيك نفسك وتقول: “إن الأعمال التي لا تُرى في هذا الفراغ لا تحسب.” لا والله، فالفراغ له نصيبه من السعي فمن عمل الصغير اليوم، غدًا بدأ بالكبير.

لا تصدق الكلمات الفارغة التي تقول: “الفراغ نقمة على صاحبه.” فقد قال النبي ﷺ: “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ” (رواه البخاري). أنت على حسب استخدامك لفراغك وصحتك يكون حالك.

أوصيك يا بني بالنية الصادقة، فإنها تسند القلب، وتملأ الفراغ، وتقيم اعوجاج العمل بإذن الله.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
أجلس هنا في الظلام وحيدة، أسأل نفسي: كم تبقى من الوقت؟
كم تبقى من الجهد؟
كم لديّ من الطاقة لأواصل الركض؟
أعد خصلات الشيب التي تظهر على قلبي،
واحد، اثنان، ثلاثة…
وألف تجربة مريرة تستعمر هذه الروح.
أتلمس ملامح عمري، فأجد أن الشيخوخة قد استحلت كل شيء، وسقطت مني عضلات الشباب المزعومة.
أجلس هنا وحيدة، أتكئ على جدار صلب بارد، وأسأل: كم يجب أن يصمد المرء؟
لكن، ماذا لو كانت الإجابة هي أنني يجب أن أترك كل شيء؟ أن أرحل مثلما تأتي الرياح، دون أن أسأل عن النهاية؟

هل الموت نهاية كل شيء؟

تجيبني نفسي:
“النهاية لا تحتاج إلى سؤال، فالموت ليس إلا بداية، أنت الآن تركض في ميدان الحياة، مجبر على الإكمال، تسابق الزمن كي تصل إلى النهاية التي لا تعرفها، التي سكنت خلف سجون الحياة. كل خطوة تأخذك إلى ما وراء الظلام، إلى حيث لا ينتهي المسير ولا يتوقف الركض. الموت ليس خروجًا، بل تحولًا. أنت لا تموت، بل تتجدد في مكان آخر، حيث تبدأ من جديد. أينما حاولت الهروب، ستجد أنك ما زلت تسير في نفس الدائرة. وكل شيء، حتى النهاية، مجرد وهم.

#رزنة_صالح
20/1/2025
Forwarded from رَزْنَة
يضع المرء يديه على ملامح عمره، يتحسس بأنامله المرهقة تجاعيد تلك الملامح التي نقشتها السنين. يضع عليها مساحيق التجميل، عله يخفي خدوش الأيام التي أبت أن تُمحى. يرتب بدلة أيامه، يمشط خصلات أمنياته المبعثرة، يحدق في مرآة الأمل التي بدأت تتشقق، ثم يتأمل…
يسقط، حاملًا كل تلك الأثقال التي لم تعد الأكتاف تقوى على حملها. ينهض مجددًا ليجد أن تابوت الذكريات يحتضن جسده الهزيل، وأن روحه عالقة بين السماء والأرض، تبحث عن مخرجٍ فلا تجده.
يعود مرة أخرى، يُرتب جدول أيامه، يجمع بقايا نفسه من ركام اليأس، ويتمتم بصوت مبحوح: “غدًا، سأضمد الجرح، وأضع عليه بعض المعقم لعله ينسى وينام!”
لكن الأيام تأبى إلا أن تصفعه بيدين مبللتين من واقع مرير، لتُخبره أن الجراح لا تنتهي، وأن الحياة سكين مسنونة تُجيد الطعن دون هوادة، وأنه خُلق ليُبتلى، لا ليُضمد جراحه ويُغلقها.
يقبل جبين الرضا في محاولة يائسة للتصالح مع نفسه، يحاول التماسك على حافة الانهيار، لكن داخله يردد:
ولكنك إنسان…
والحزن، يا هذا، لم يمزق قميص صبر يعقوب عليه السلام، فكيف له أن يمزق ثياب روحك؟

#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
على طاولةٍ محطّمةٍ أجلسُ، مرهقة من عبث الأيام،
أبحثُ عن نفسي في زوايا الفوضى، أَدورُ حولَها،
فلا أجدُ إلّا قلبًا مُبعثَرًا،
وظلًّا بعيدًا،
وجدرانًا خاوية،
وأجسادًا مهجورة.
وتساؤلاتٌ مبتورة،
لا جواب،
لا حنجرة،
لا صوت،
صمتٌ يعمّ المكان،
فقط الفراغ، وبعضٌ مني يتناثر بين الذكريات.
تردد روحي في أفقٍ جاف،
غدًا، يا هذه، تطير العصافير،
وتحلّق الأجوبة بين غيوم الحروف،
لتجدين الوجهة،
عند مفترق الأمل، حيث تشرق الشمس من جديد.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
أجلسُ بين الكثير من البشر، أتكئُ على ملامحهم العابرة، كعابرِ سبيلٍ لا يُلقي السلامَ على الطريق.
يتلحَّف الصمتُ لساني، يتشبَّثُ بي وكأنه يخشى الانزلاقَ في فوضى الكلام.
أسأل نفسي: أين أنا؟
أمِن هذا الضجيجِ أنا، أم مِن سكونٍ لا يُسمَعُ له صدى؟
أحيانًا، أتمتمُ بصوتٍ خافتٍ لا يسمعه أحد: من أنا؟
لكنَّ الصدى يظلُّ مفقودًا، كأنَّ المكانَ لا يعترفُ بي.
تلتهمني الكلماتُ محاولةً الخروج، تتزاحمُ عند شفتي، ثم تموتُ قبل أن تُولَد.
كم كلمةً انكسر ظهرها تحت وطأة السكوت؟
وكم نظرةً احترقتْ بنارِ اللاشيءِ حتى تلاشتْ؟
أتساءل حقًا، أبحثُ عن إجابةٍ بين ثنايا الصمت، بين حروفٍ لم تُكتَب، ونظراتٍ لم تُفسَّر.
لكنِّي لا أجدُ الجواب، أو ربما أخافُ أن أجده.

أعودُ مرة أخرى…
أُقلبُ ناظري نحو ملامح الدهر، فأرى كونًا يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونهايةً تشرقُ من أفواج البدايات.
أُبصرُ رحيلًا من هنا، ووصولًا هناك.
أرى الأنهار، الغيوم، الخيول…
أرى الكوثر، فتغرقُ روحي بالسكينة، وأسأل الله الوصول.
#رزنة_صالح
Forwarded from رَزْنَة
ليلة البارحة، وأنا أستعد للنوم، خطر ببالي شيء غريب، آلمني كثيرًا، لكنه في الوقت ذاته أنار لي طريقًا جديدًا أسلكه نحو الله.
تذكرت أمرًا كنت قد تمنيت حدوثه قبل سنوات، بل سعيتُ له بكل ما أوتيت من قوة، وربما فعلت لأجله أشياء لم أكن لأفعلها لولا يقيني بأنه الخير لي. بلّلت أقدام قلبي في نهر الركض، أبحث عن استجابة طرية، وأترقب فرجًا كنت أظنه قريبًا، لكن في النهاية لم يحدث. واليوم، بعد أن تبدّلت الأيام، أحمد الله كثيرًا على عدم حدوثه، وأحمده أكثر على اختياره لي.
أيـقنتُ بأن تأخر الأماني ليس إلا لطفًا خفيًا، وبأن بعض ما نركض خلفه قد يكون هلاكًا لو نلناه، ولو حدث ما كنت أرجوه يومها، لكنت الآن بائسة، أتآكل كالسوس الذي ينخر صدر الشجرة، أبحث عن طريق للعودة ولا أجده. سبحانه! ما أرحمه بنا!
آمنتُ بأن اختيارات الله هي عين الحكمة، وأننا وإن كنا في البداية في ظلام لا نرى إلا ما نريد، فإن الأيام تضعنا أمام حقيقة واحدة: أن اختيارات الله هي الأجمل، ولو مزّقتنا في البداية، ستجبرنا النهاية.
تعلمت أننا مِنْ منظورنا الشخصي، لا نبصر إلا في محيط محدود، أما الله سبحانه، فيرى ما لا نرى، يُقدّر بحكمته، ويمنع بحنانه، ويدبّر الأمور بلطفه، أشياء غيبية لو كشفها لنا، لبقينا أعمارنا نلهج بالحمد والثناء.
سبحانك ما أعظمك يا الله! ما عبدناك حق عبادتك، وما شكرناك كما يليق بعطاياك.
فاغفر لنا تقصيرنا، وألهمنا الرضا بحكمتك، وأرزقنا يقينًا يملأ قلوبنا طمأنينة بأن ما اخترته لنا هو الخير، وإن لم تبصره أعيننا الآن.
#رزنة_صالح
2025/02/19 07:59:30
Back to Top
HTML Embed Code: