Telegram Web
قناة | محمد خلف الله
رغم أن المغرب من أكثر البلاد الإسلامية التي ينتشر فيها الفقه التراثي والتعليم العتيق، فهي بلاد المالكية بامتياز، وقد قيل: مذهب مالك شرق في الحجاز وغربت شمسه بالمغرب، كما رجح بعضهم مدرستَه في المذهب على المصرية والحجازية والعراقية، وفي هذا يقول النابغة الغلاوي…
هناك سؤال صار يدور في ذهني كثيرا بحكم أني أدرس العلوم الشرعية التراثية أغلب وقتي:

هل صارت العلوم الشرعية اليوم دراسات استشراقية؟ أي أن الدارس لها يقرأ مثلا ربع الأقضية والجنايات وربع النكاح والطلاق من مختصر خليل أو زاد المستقنع أو أبي شجاع أو أي متن فقهي في المذاهب الأربعة المعتمدة ثم لا يجد أي أثر لتلك الأحكام في واقع حياته اليوم، بل يُحكم بالأقضية المدنية وفلسفات الغرب واتفاقيات الأمم المتحدة والنظام العالمي من سيداو وحقوق الطفل ووو ؟

هل قراءة تلك الأبواب مجرد قراءة نظرية للفائدة المعرفية البحتة ؟
هل هذه الأبواب من العلوم الشرعية نتعامل معها كأي نص أدبي أو تاريخي عفا عليه الزمن؛ نحترمه ونقدسه، ثم هو لا علاقة له بتفكيرنا وحياتنا وواقعنا ؟

ما فائدة العلم وقتها ؟

أو بصورة أدق:

ما الفرق بين دراسة العلوم الشرعية كعبادة، والدراسات الاستشراقية التي يكون فيها الطالب قارئا متقنا للعلوم الشرعية لكن لا أثر لهذه العلوم في حياته أبدا!

ما هي قيمتك كعالم بالشريعة الإسلامية إذا كان لا فرق بينك وبين أي مبشر ديني أو مقدم نصائح في الحياة أو مدرب روحي في اليوغا أو الكابلا يحدث الناس في مشتركات ومواعظ عامة، لا تمس أصل تغيير عقيدة وفكر الإنسان في الحياة ؟

العلمانية الدينية هي الصورة الأكثر تناقضا من بين كل العلمانيات الأخرى، فلا هي أقصت الدين كليا من الحياة كما تفعل العلمانية، ولا هي التزمت أوامر الشرع وسياسة العلم الديني بجعله مشتبكا مع الحياة فصاروا كرهبان النصارى يجعلون الدين شأنا فرديا وخلاصا روحيا فقط!

هذا السؤال يبرز فقط في أزمنة الضعف، وإلا أي قراءة في تاريخ الصحابة والتابعين ستجد أن الأفاضل والعلماء كانوا هم أهل الشأن والسياسة والتأثير في الفضاء العام، فما كان أبوبكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي منعزلين منزوين عن واقع أمتهم، بل كانوا رؤوس الحضارة، وفرسان الحلقة، ومقارعي الفرس والروم والجبهات الداخلية من خوارج وشيعة ومنافقين ومرتدين.

لابد وأنت تسلك طريق طلب العلم الشرعي أن تفهم أن العلم إنما يراد به العمل فإن أجابه وإلا ارتحل، وأن أول من تُسعّر بهم النار عالم بالشرع، وأن أكثر منافقي أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم قراؤها، وأن القرآن حجة لك أو عليك، وأن الرفعة عند الله ليست بكثرة المعلومات المجردة، بل بكثرة العلم المحقق في قلبك وحياتك وواقع أمتك:" وجعلني مباركا أينما كنت"، وأن الإسلام رسالة تمكين وصعود ورفعة وعلو وليست رسالة شخصية فردية، رسالة واقعية مشتبكة مع الحياة وليست نصا تاريخا معرفيا مدرجا بين أرفف المكتبة.

وللحديث بقية، ولكن هذه زفرة أسف لعلها تلاقي مسمعا...
من مظاهر غياب المفاهيم القرآنية في حياتنا اليوم هو حالة الاستغراب من الأحداث السياسية الكبرى المفاجئة، حيث صار بعض الناس يستبعد ذلك تماماً ويبدأ في الولوج للطريق الأسهل والأكسل دائماً لتفسير الأحداث وهو نظرية المؤامرة، فلابد أن يكون هناك يد خفية مادية حركت الأحجار على رقعة الشطرنج، لابد أن يكون وراء الحدث قوى عظمى لها مصالح...إلخ

وطبعاً مبدأ المؤامرة صحيح وموضوعي وواقع لا ينكره عاقل، لكن الولع بالمؤامرة في كل حدث بلا بينة ولا برهان قد يؤدي لخلل في توحيد الربوبية بأن الله خالق ومدبر وقادر وعزيز ذو انتقام وينصر أولياءه المستضعفين، وأن له سننا كونية لا يفهمها إلا من تشبع وارتوى من حياض المعين القرآني.

إن قصص هلاك الطغاة الظالمين كثيرة في القرآن من فرعون إلى قارون إلى النمرود إلى ثمود إلى عاد، والملاحظ أن النص القرآني كثيرا يركز على نقطة أن نهايتهم كانت غير متوقعة، فهي تأتي بغتة وهم لا يشعرون، وتأتي ضحى وهم يلعبون، وتأتي بياتا وهم نائمون، وهكذا من التعبيرات التي تفوق التحليل المادي الطبيعي، وهذه دلالة على سنة الله الكونية التي لا يؤمن بها من أوغل في المؤامرة؛ وهي عامل المفاجأة وعدم القدرة على الاستيعاب.

بل حتى نظام نبي الله سليمان - عليه السلام - الذي وهب الله له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده حينما خرّ ميتا لم تدرك الجن - رغم كيدها وقدراتها - موته حتى جاءت دابة الأرض تأكل منسأته فسقط فعلموا للتو!

فرعون الذي تجبر وملأ الأرض زمجرة وكبرا وعلوا جعل الله هلاكه في غلام تربى في حجره فالتقطه ليكون لهم عدوا وحزنا، هل كان فرعون يتصور أن ذلك التابوت الملقى على البحر يحمل عوامل سقوطه؟

إن سنة الله الكونية في نصره لعباده تأتي بغتة فجأة مدهشة غير متوقعة في كثير من الأحيان، فهل يستوعب المحللون هذا البعد اللا مادي ؟


إننا مأمورن بالعمل واستمراريته، فجدوى العمل وجوده واستمراريته، ثم لحظة النصر أمر إلهي لا يكاد يتوقعه أحد من الناس، فحتى الرسل استيأسوا قبل أن يأتي الفرج.

ثم إن الله إذا جاء أمره هيأ له أسبابه، فترى الأمور بطريقة غير مفهومة تلتهب وتتواءم مع بعضها لتيسير جريان سنته النافذة، فتأمل كيف اصطرعت روسيا مع أوكرانيا، وفُتحت جبهة طوفان الأقصى ودخلت لبنان في الخط، ثم تهيأ فتح دمشق في ١١ يوماً بما لا يكاد يستوعبه متابع، وما زالت الأيام حبلى بالكثير، ولكن يبقى أن تعمل وترجو ثواب الله.
معنى أن تكون طبيباً رسالياً، سلمك الله أبا صفية..
كباحث في العلم والمعرفة فأغلى نصيحة هي أنه مهما حصل لا تجعل طاقتك البحثية مستنفدة في الدفاع عن شخص أو كيان أو حزب أو تيار، فقط كن مدافعا عن الإسلام كحقيقة مطلقة تشكل حياتك الفكرية.

العمر أغلى من أن يضيع في صراعات تافهة مؤدلجة، تحرر علميا وكن ذا راحة نفسية.

وهب الله العقل في الإنسان ليفكر ويحلل وينقد، لا أن يجعله أسيراً لغيره، متعصباً لعمى حزبه.
نسبة عدد المسيحيين في السودان من 3% إلى 5.4% فقط، ونحن في السودان خصوصاً بعد انفصال الجنوب ما عندنا مشكلة عنف ديني ضد المسيحيين زي دول أخرى بتعاني من المشكلة دي .. بل المسيحيين عايشين عادي في أمان الله في كنائسهم وصلواتهم وشعائرهم، ومتعايشين مع عموم الشعب المسلم بدون أي امتهان ليهم على أساس دينهم.

ففكرة إنه لابد أهنئهم بعيد الكريسماس عشان التعايش السلمي فكرة ما صحيحة ولا منطقية ، أنت أصلا متعايش معاهم هههه عادي؛ فماف أي مبرر يخليك كقائد سياسي تقع في محظور شرعي مجمع على حرمته عند علماء المسلمين، ماف مبرر شرعي إلا لو عايز تفكر بعقلية غربية عايشة في واقع ليبرالي منفصل عن الوضع المحلي لبلدنا وما مستوعبة لمشاكلنا وين، وبتعمل عملية نسخ لصق وأنا متسامح أهو شوفوني!

التهنئة بالكريسماس حرام، ومحاولات الاجتهاد الشحروري ما بتنفعك .. لأنه في ناس عاملين فيها بتاعين مذهبية فقهية، لكن من تجي تقاطعات مع الحداثة زي التهنئة والدين الإبراهيمي وفقه المرأة برموا المذهبية في أقرب زبالة وبركبوا ديكور الاجتهاد الشحروري الممكن يصادم عادي إجماع الأمة، مع إنه كان بكلمنا طول السنة إنه باب الاجتهاد اتقفل لحدي يجي المهدي آخر الزمن.

والموضوع ما هيّن .. ماف زول برضى الإساءة لنفسه، وممكن يزعل ويعمل جوطة لمن يسيئوا ليهو؛ فكيف تقدم تهنئة في عيد قرآنك المنزل عليك بيكلمك إنه ناسه بيقولوا فيه كلام تكاد السموات والأرض والجبال تتفطر من إساءتهم لربك؟

والمدخل بتاع مناقشة الموضوع ما فقهي .. أنا عارف النقطة دي في عقلية الناس البهنئوا خصوصاً الساسة، فالقضية ما مدخلها (حلال/حرام) عندهم ، المدخل المحرك هو سطوة ثقافة الغرب وأسئلته المتعالية البيحاصر بيها المسلمين، وإلا السؤال ده مستحيل تلقاهو مطروح بصورة جادة قبل حوالي 100 أو 200 سنة من الآن؛ لأنه معروف وما يعتبر مشكلة تستحق الجدل أساسا، دولة المدينة والخلافة الراشدة والأموية والعباسية والأندلس .. وكل الدول دي عادي كانت متعايشة والله مع نصارى بلدهم وبرضو السؤال ده ما كان مطروح عندهم، تخيل المفاجأة دي؟ هههه ممكن عادي تتعايش بدون تهنئة وده تاريخك كمسلم كان كده قبل تغلب الغرب عليك وابتزازه ليك إنه لابد تهنئهم عشان تكون كيوت وحلو ومتسامح ليبرالي!
للمهتمين بالبرمجة خصوصاً :) وكذلك لغيرهم يمكن أن يستفيدوا، هذا البودكاست جميل جداً من م.أحمد فتحي، سياحة علمية عملية بين البرمجة والدين وفهم الحياة والمغزى من العمل والزواج والتربية وطلب العلوم الشرعية والتعلم الذاتي ومشاكل بيئة العمل، تجربة غنيّة عن شاب كان تائهاً مشتتاً ففهم الحياة في لحظة واجتهد في دينه ودنياه:

https://youtu.be/MMF5e9I_86s?si=qdSdbezWCKycKaNL
هلاك جيمي كارتر الرئيس الأمريكي السابق الذي شهد 40% من تاريخ أمريكا السياسي، والذي كان من مقولاته:

- "إن تأسيس إسرائيل المعاصرة هو تحقيق للنبوءة التوراتية".
- وأمام الكنيست الإسرائيلي خطب قائلاً: " إن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل متأصلة في ضمير الشعب الأمريكي نفسه وفي أخلاقه وفي دينه وفي معتقداته"، وقال لهم: "نتقاسم معكم تراث التوراة".

اليوم إذا قال فاعل سياسي مسلم مثل هذا البعد الديني للقرآن والإسلام في السياسة لقام عليه العلمانيون بالنعال والعويل: كيف تُدخل الدين في السياسة؟!

الحقيقة هي أن العالم كله يمشي بالدين والمعتقدات، إياك أن تستمع لمخرّف علماني لا يفقه نفسه ولا عدوه!

هم فقط لايريدون دين الإسلام، لأنهم تحالف مسيحي بروتستانتي مع اليهود؛ فالمعركة في جذرها عقدية، وهذا لا يتنافى مع وجود المصالح والبراجماتية.

نحن في عصر: "ما بعد العلمانية (Post-Secular Age) " كما يقول المُنظّر الاجتماعي هابرماس.
Forwarded from د. إياد قنيبي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الشباب الذين ينبهرون بـ"العلماء الغربيين" الذين أهم أهداف حياتهم إقناع الناس أنه لا هدف ولا إله!
الشباب الذين ينبهرون بالممثلين والمغنين الغربيين، خاصة إذا كان عندهم جانب "إنساني"..
أما آن لكم أن تعلموا أن لكم في أمة محمد ﷺ نماذج أرقى من هذا كله؟ ممن جمعوا مع الإيمان بالله تعالى وبرسوله ﷺ قلوباً رقيقة وتضحية وإيثاراً وثباتاً ورضاً وتسليماً لأمر الله تعالى.
أما آن لكم أن تصححوا معايير الحب والبغض والتقدير والاقتداء؟
أبو إلياس، الدكتور حسام أبو صفية، استشاري طب الأطفال، والذي أصر على خدمة أبناء غزة وابتُلي في سبيل ذلك واستُهدف وأصيب، واعتُقل قبل أيام...هذا المقطع من شهر 10 الماضي وهو يصلي على ابنه إبراهيم رحمه الله وتقبله في الشهداء. اللهم فرج عن عبدك حسام واجمعه بابنه في جنات عدن.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
مقتطفات | الحرب ضد الزواج
2025/01/01 17:51:43
Back to Top
HTML Embed Code: