ليس للقراءة فوائد محصورة، لكن من أعظمها بالنسبة لي تمديد العقل على بُعدي التاريخ والجغرافيا، حينما تفكر وأنت في ذهنك أفكار وآراء وأقوال واهتمامات قيلت من قبل وهي ممتدة على خط التاريخ، وبلدان وسياسات ودول على امتداد الجغرافيا تعلم كيف أن هذا الكون كبير وشاسع، وما أنت ومن معك إلا بقعة صغيرة على هامش هذا التنوع.

حينها وفقط حينها ستعلم كيف أن كثيراً من معاركك التي تخضوها - بكل عنفوان - هي في الحقيقة فارغة المضمون بالنسبة للخطوط العريضة لصناعة التاريخ والجغرافيا، كنملةٍ تتشاجر مع أخواتها وتظن أن الكون كله يراقب شجارها الأسطوري هذا، والحقيقة أنها تحيا وتموت وتلد ويموت نسلها ويباد ولا أحد يهتم بها أساساً!

ما راقبوكَ ولكن أنتَ مُنفَعِلٌ
يا مِحوَرَ الكَونِ إنَّ الكَونَ مَشغولُ

القراءة والمعرفة تجعلك في قدرك الحقيقي، ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه وتفاهة صراعاته الشخصيّة، وانشغل بما يفيده حقيقةً.

لاحظت كثيراً أنه لا يفتح الله لجند الشام مدينةً إلا وفيها التماثيل والصور والمجسّمات لبشار وأبيه حافظ بصورة متكررة حدّ العبثية، ما كل هذا في بلد فقير يحتاج الناس فيه لكل ليرة ليعيشوا؟!

لكن هي النفس البشرية تصل في الطغيان مع شهوة السلطة والملك حداً ترى في جنباتها ترفّعاً يصل إلى القدسيّة والتألّه يبعدهاً من الأنسنة، وهذه سنة كونية في الملوك الفسدة، انظر للإمبراطورية الرومانية والفارسية وكيف كانوا يرون أنفسهم جزءاً من الآلهة وأن دم الإله يجري في نسلهم، وانظر كثيراً لتناول القرآن المكثّف لهذا المعنى في النمرود بن كنعان الذي حاج إبراهيم في ربه أن أتاه الله الملك، وفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى واستخف قومه فأطاعوه، وقارون الذي آتاه الله الكنوز فقال إنما أوتيته على علم عندي .. وهكذا للملك شهوة وثيقة الصلة بالنزعة للتأله واستخدام الدين برؤيتهم، وقد صدق ابن المبارك:

وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ * وأحبارُ سوءٍ ورهبانُها؟

وصدق تميم لما قال:

فمن جَوهرِ التوحيدِ نفيُ ألوهةِ
الملوكِ لذا ما زالَ ديناً محرّماً

ولم يؤمن الأملاكُ إلا تقيةً
وفي الملكِ شركٌ يُتعب المُتكتِّما

هذا الكلام (في المنشور) متكرر في جلسات العلمانيين لذا أحببتُ مشاركة نقده هنا:

أي قراءة في متن من متون أصول الفقه الصغيرة ستجد فيها الكلام عن مفهوم الاجتهاد والتقليد، ومن هو المجتهد؟ وما هي شروط الاجتهاد؟

الأمر ليس مهملاً كما تتصور، بل موجود في أصغر المتون الابتدائية في أصول الفقه مثل الورقات ونظائرها، وليس حتى مجرد المتوسطة بله المطولة كالمحصول والمستصفى والإرشاد وغيرها.

هناك مرتبتان - بصورة عامة - هما المقلد والمجتهد.

المقلد هو من لا يملك آلة الاجتهاد، وحقه سؤال المجتهدين، والمجتهد هو من يملك آلة الاجتهاد.
وآلة الاجتهاد هي معنى ظاهر يمكن الحصول عليه لأي أحد وليس سلطة كهنوتية مغلقة، فشروطه مبثوثة في مظانها المذكورة آنفاً مثل كونه عدلاً وكونه عالماً باللغة وأدلة الأحكام وموارد الإجماع والاختلاف .. إلخ
وللمجتهد مراتب منها مجتهد المذهب ومجتهد الفتوى والمجتهد المطلق، ولكل مرتبة منها حدودها.

لكن من خلال منشور لك سابق ذكرت أن في زمن الذكاء الاصطناعي لا يحتاج الناس للمفتين، هذا التعليق - مع احترامي لشخصك الكريم - لكنه يدل على أنك غير مدرك لآلية سير العملية الاجتهادية، وهو أشبه بمن يقول يمكن الاستغناء عن الطبيب تماماً في زمن الذكاء الاصطناعي، هكذا بكل بساطة ضارباً عرض الحائط بمرحلة التكييف ثم النظر في الأدلة وصحتها وبيان وجه الدلالة وصحة المدلول وتحقيق المناط وغيرها من العمليات التي لم ولن تجيدها إلا عقلية متشبعة بروح الشريعة وشروطها الموضوعية.

والكلام هنا عن العلم الذي تصدر عنه الفتوى، وليس مجرد الوعظ والإرشاد العام فهذه يجيده من هو غارق في التقليد بلا إشكال.

لذلك في التلقي الشرعي كانت ولا زالت هناك مفاهيم متعلقة بـ"الإجازة"، كقول مالك: "ما جلست في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم للفتوى إلا بعد أن شهد لي سبعون محنّكاً أني أهلٌ لذلك". وإلى اليوم يتلقى العلماء هذه الإجازات في الفتيا والتفقه بسند متصل من أهلها في مدارس التعليم العتيق.

وعلى هذا قام - على صعيد آخر - سوق علم الحديث مثلاً إذ يقول ابن المبارك: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء". وكقول ابن سيرين: "سموا لنا رجالكم".

وفي أي مجال مهما كان حتى الفنون والمهارات يحترم الناس الشروط الموضوعية للتخصص، وينقدون المتسّلقين على تلك الشروط، وليس الأمر خاصاً بالدين، إلا اللهم إن كنّا نريد شيوع مفاهيم أناركية فوضوية في شتى المجالات المعرفية.

والآن نحن في كل مرة حين تحصل أحداث كبرى نعاني من تصدر اللايفاتية وناقلي الأخبار والمحللين الذين ينتقلون بصورة ناعمة للكلام في كل مجال حرفياً وإن لم تكن لهم بضاعة فيه.

يقول صلاح الدين الأيوبي:

"ما سُررت بفتح قلعةٍ أعظم من سروري بفتح قلعة حلب، فإذا فتحت حلب فتحت الشّام كلها بعون الله"

البداية والنهاية ( ١٦ / ٥٦٤ )

سقوط دمشق بهذه السرعة؟

نعم، كما انهارت كابول في ظرف أيام قلائل، لأن هذه أنظمة وظيفية لا تقوم إلا بحبل من الناس، كرزاي انهار في رمشة عين أمام تقدمات طالبان بسبب انسحاب كفيله الأمريكي حتى تعلق حشمه بتلابيب الطائرة في ذلك المشهد الأيقوني.

والأسد الآن ينهار في ظرف أسبوع بسبب انقطاع روسيا وإيران عن دعمه.
هذا هو المعنى الحرفي (للنظام الوظيفي).

ده مفهوم محاربة الإرهاب من منظور النظام النصيري العلوي:
بتصلي الفجر في جماعة؟ طوالي نسجلك في محضر المخابرات كإرهابي واعد ..

رسالة للطُرش الما فاهمين مصطلح إرهاب عند الأنظمة الوظيفية دي يعني شنو؟ ورسالة للبلطشوا مصطلحات شريفة دقيقة المأخذ زي ولي الأمر وبلصقوا في جنس ديل!

لا أدري هذا حلم أم حقيقة؟

لكن بالفعل عاصمة سوريا الآن حرة أبية لأول مرة منذ أكثر من ٤٠ عاماً من حكم الطاغية النصيري العلوي وأعوانه!

من كان يظن أن الأمر سيكون بهذه الطريقة!

لا إله إلا الله.. اللهم لك الحمد والشكر

شام الإسلام والعروبة وعاصمة الأمويين والمسرى والمحشر والمنشر .. الشام تعود لأول مرة عقب استعمارها البريطاني الفرنسي لأيدي أهل السنة !

أي يوم هذا ؟ وأي فرح هذا ؟

اللهم لك الحمد والشكر..

مشهد كسر سجن صيدنايا أعظم في تاريخنا المعاصر من مشهد سقوط سجن الباستيل كرمزية أوربية..

يا قراء التاريخ، اكتبوا هذا يوم لله، هذا نصر الله، فاللهم لك الحمد يا كريم ..

الشام وما أدراك ما الشام ؟

لم يرد كثرة ذكر منطقة في السنة مقروناً بالبركة والخير مثلها قط.

إن الفرح ليس فقط لتحرر أهل سوريا من الظلم، بل الفرح الأكبر بعودة هذا البعد الحضاري لحاضنة الإسلام مرة أخرى، فهذا حدث له ما بعده، وليس عاديا بالمرة.

ومفاتيح بيت المقدس في الشام ومصر. إذا نهضت الشام ومصر فقد نهضت عواصم الإسلام سياسياً كلها.

هكذا تقول عجلة التاريخ الإسلامي.

بشارة خير

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ ، حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ ، بِالشَّامِ )

رواه الإمام أحمد في "المسند" (36 / 62). وصححه محققو المسند، وصححه الألباني في " تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق " (ص 13).

قال الحافظ ابن كثير الدمشقي - رحمه الله - في تفسيره (1/444) : " تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني - رحمه الله - :

"والنبي صلى الله عليه وسلم ميَّز أهل الشام بالقيام بأمر الله دائماً إلى آخر الدهر، وبأن الطائفة المنصورة فيهم إلى آخر الدهر، فهو إخبار عن أمر دائم ، مستمر فيهم ، مع الكثرة والقوة . وهذا الوصف ليس لغير أهل الشام من أرض الإسلام ... ؛ فلم يزل فيها العلم والإيمان، ومن يقاتل عليه ، منصوراً مؤيداً ، في كل وقت" مجموع الفتاوى (4/449) .

اللهم اجعله فتحاً خالصاً ..

تم كسر الهلال الرافضي الإيراني..

طالبان وفتح كابول...
تحرير الشام وفتح دمشق...

أكبر شواهد معاصرة على أن الأمة قادرة بإذن الله على فعل الكثير لكنها لا تريد ...
أزمتنا في الفكر والإرادة لا القوة والقدرة ..

كل الدمار والخراب الذي حصل في سوريا كان سببه هو نظام بشار الأسد، وليس الجموع الهادرة من الثورة السورية.

الآن تم فتح المدن مدينة تلو الأخرى على يد المعارضة بدون أي قتل أو إراقة دماء أو إحداث فوضى أو تدمير بنى تحتية، بل سيتم إصلاح كل تلك المؤسسات والعمل على مستقبل راشد بإذن الله.

من الغباء المستفحل أن تأتي وتنسب الخراب للضحية وتبرأ الجاني، وهذا ما يفعله خَدَمة هذه الأنظمة الوظيفية من جموع المنتفعين والمغيبين تاريخياً.

الذي جلب روسيا وإيران وألقى البراميل والقذائف وهجر الأسر وقتل الأطفال هو النظام النصيري؛ لذلك كان من أواجب الواجبات شرعاً وعقلاً إزالته، وقد حصل ولله الحمد.

﴿فَأَمَّا عَادࣱ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ﴾ [فصلت ١٥]


قاعدة للتاريخ:

كل الطغاة يقرؤون من كتاب واحد، ويكررون نفس الحجج، ويظنون أنهم استثناء عن سنة الله الكونية؛ حتى تجرفهم الرياح ذراً كذرّ الرماد.

الأمة كلها فَرِحة بهذا النصر، إلا طائفة واحدة يعلمون أنفسهم جيداً.
😃

إلى إسلاميي (محور المقاومة)..

من المضحك أن تعارض حكم أسرة آل دقلو وتعتبر أن المعركة معه معركة كرامة ثم نجدك حزيناً كئيباً على سقوط أسرة آل الأسد!

وهل كان لآل دقلو أمنية أكبر من أن يصيروا متحكمين في مفاصل السودان مثل آل الأسد؟

وهل ترك آل الأسد شيئاً من الجرائم في السوريين مما يمارسه آل دقلو الآن في السوادنيين؟

"الشفشفة" عند آل دقلو هي "التعفيش" عند آل الأسد..

السرقة والتهجير وسكنى المنازل في حماة وحلب وحمص إلى لحظة التحرير كما فعله بالضبط آل دقلو في الجزيرة وسنار والخرطوم ..

"العصبية القبلية" عند آل دقلو هي "العصبية العلوية" عند شبيحة آل الأسد ..

آل الأسد مارسوا جرائمهم خلال 50 سنة، وآل دقلو مارسوها خلال سنتين فقط من بداية الحرب ..

إذا جلب آل دقلو الإمارات فقد جلب آل الأسد روسيا وإيران ولأول مرة رموا البراميل والكيمياوي والقذائف في المدنيين..

إذا كانت النقطة محور المقاومة:

فهاهي الجولان من 67م محتلة ولم يحرك الأسد تجاهها شيئاً، ومنذ انطلاق الطوفان لم يحرك ساكناً، وكل ما يمكن أن يحسب له في هذا الباب فهو حسنة مغمورة في بحار سيئاته ..

بالله عليكم بلا محور مقاومة بلا بقلاوة .. المشروع الإيراني مشروع عقدي استيطاني متوحش ..

ونسأل الله أن يمكّن لأهل السنة في الشام ويقودوا الطريق إلى بيت المقدس فتحاً سنياً خالصاً كما فعل نور الدين زنكي ومحمود وتلميذهما الناصر صلاح الدين...

باختصار شديد
السعادة كبيرة، والأمل في الله أكبر

الدروس كثيرة
دوري أن أركز على ما نستفيده نحن في السودان من هذه الدروس
🇸🇾 وقد أبدع المشايخ من أهل البلد ومن عاش معهم وعايشهم في الآيات العظيمة والدروس العامة المستفادة

🇸🇩 دعوة للتركيز سودانيا
استمتعوا بفرحكم ونلتقيكم بعد سويعات إن شاء الله

https://www.tgoop.com/kalim1439?livestream