tgoop.com/Newsyemen2015/709417
Last Update:
تدبير واسع جداً، وشؤون واسعة جداً جداً، في اليوم الواحد يدبر الله فيه من الأمور ما لا يستطيع الناس أن يدبروا مثله إلا في ألف سنة. لماذا وأنت المخلوق المستخلف في هذا العالم؟ لماذا وأنت من خلقت على أحسن تقويم؟ لماذا وأنت من أنيطت بك مهام كبيرة وواسعـة ومسؤوليـات عظيمـة جـداً؟ تريـد أن تنفر وحدك من بين كل المخلوقات الأخرى التي خلقهـا الله ويدبـر شؤونهـا إلا أنـت وحـدك وأنت المخلوق الأساسي وأنت المخلوق الرئيسي؟ وأنت العنصر المهم في هـذا العالـم؟ أتستنكـر من الله أن يدبـر شأنـك؟ أتستغرب أن ينزل كتباً إليك وأن يبعث رسلاً إليك؟ لماذا؟
يجب أن ترى نفسك أيها الإنسان باعتبار أنك المخلوق الرئيسي في هذا الكون، في هذا العالم، الذي سُخر له هذا العالم بكله، أن تنظر إلى نفسك بأنك أحوج إلى ربك من أي مخلوق آخر في أن يتولى تدبير شؤونك ويهديك. الـذي {يُدَبِّـرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (السجدة:5) هل يمكن أن يهملك؟ بل تريد منه أن يهملك، إنه يدبر شؤون تلك المخلوقات الصغيرة. تلك النملة وتلك الفراشة وتلك الشجرة. المخلوقات الصغيرة هو الذي يدبر أمرها، وهي هي من مسؤوليتها محدودة ومهمتها محدودة ووجودها محدود.
أنت أيها الإنسان تريد أن تنفر من ربك ألا يدبر شأنك؟ وإذا ما أردت أن يدبر شأنك فإنما تريد أن يتجه إلى الجانب الخدمي فقط. أريد منه أن يمنحني أولاداً، أن يرزقني أولاداً أن يرزقني أموالاً، أن ينزل لي مطراً، أن ينبت لي أشجاراً، أن يجعلها تثمر، أن يبـارك لـي في مالي، أن يبارك لي. هذا الذي أريده. أليس هذا التدبير الذي يريده الناس؟
لماذا هذا الجانب فقط؟ هذا الجانب إنما هو ملحق للجانب المهم الواسع جـداً فـي حياتك، وهذا التدبير الذي تريده من إلهك هو سيأتي تلقائياً إذا ما اهتديت بهديه، إذا ما سلمت نفسك له أن يدبر شأنك بالشكل الآخر الذي أنت تنفر منه وهو جانب الإنذار، وجانب الهداية، جانب الإرشاد، جانب التوجيه، جانب التعليم. أليس هذا هو الجانب الذي يهرب منه الناس؟
تأملوا في هذه - مما يدلنا على غرابة موقفنا من الله سبحانه وتعالى - نحن جميعاً بني البشر مسلمون بأن التدبير هو لله، لكن نريد منه فقط أن يدبر شؤون المخلوقات من حولنا، أما شأننا نحن وهو الشأن الواسع، شأن جانب الهداية، رسم المنهجية في الحياة، الخطة التي نسير عليها في حياتنا، فنحن نتهرب من الله ولا نتركه هو أن يكون هو الذي يختص بوضعها لنا. أليس الناس هم من ينطلقون الآن ليصيغوا الدساتير والقوانين و التشريعات لأنفسهم؟ هم يريدون أن يتولوا هذا الجانب هم، وهذا هو الجانب المهم، هذا هو الجانب الأكبر.
كيف تنظر إلى الله هذه النظرة الغريبة. تريد منه أن يدبر شؤون المخلوقات من حولك ثم لا يتدخل في شؤونك كما يقال الآن: [الدين لا علاقة له بالحياة] أليس هذا ما يقال؟ علماء الدين لا علاقة لهم بالحياة. لا علاقة لهم بشـؤون الأمـة. لا علاقة لهم بحكم الأمة. أليس هذا إبعاداً للدين، إبعاد لهداية الله، إبعاد لله عن أن يتولى شؤون الإنسان؟ كيف لا يتولى شأنك وأنـت أنـت المخلـوق في هذه الدنيا الذي إذا استقمت ستستقيم الحياة كلها، وإذا فسدت ستفسد الحياة كلها {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَـتْ أَيْـدِي} من؟ البقر، أو الحمير، أو الطيور، أو مَـن؟ مَـن مِـن المخلوقات هذه الكثيرة جـداً فـي هـذا العالم الـذي ظهـر الفسـاد في البر والبحر على يده؟ إنهم الناس {بِمَا كَسَبَتْ أَيْـدِي النَّـاسِ} (الروم: 41).
إذاً فاعلـم بأنـك أنت المخلوق الذي لا بد من أن تسلم كل شؤونك لإلهك ليدبرها هو. أم أنك ترى نفسك أكبر من خلق السماوات والأرض! {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} (غافر: 57) إذا كـان الله هو الذي يدبر شؤون السماوات والأرض وهي أكبر من خلقك، ثم هي كلها مسخرة لـك، كـل مـا فيها، ثم استقامتها، أو فسادها مرتبط بك، فإنك من يجب أن يتوجـه التدبيـر الرئيسي إليه، وأن يتوجه التدبير على أوسع نطاق إليه، لتهتدي، لتستقيـم، فـإذا مـا استقمت ستستقيم الحياة كلها، حياتك أنت وحياة المخلوقات كلها من حولك، سينطلق كل شيء من حولك يؤدي مهمته على النحو الذي رسم له.
أليس هذا موقفاً غريباً منا جميعاً؟ من الناس جميعاً بما فيهم المسلمون، المؤمنون بهذا القرآن العظيم. أليسوا هم الآن من يصيغون لأنفسهم دساتير وقوانين؟ أليسوا هم من أبعدوا أنفسهم عن الله فيما يتعلق بالجانب المهم، جانب الهداية، جانب التشريع، جانب الإرشاد، جانب الإنذار؟ ثم هم من نزلوا قاعدة: [لا علاقـة للديـن بالحيـاة] [لا علاقـة للديـن بالدولة].
BY شبكة الاخبار العاجلة
Share with your friend now:
tgoop.com/Newsyemen2015/709417