"من جَميل تأمُّلات رحمات الله المُمتزجة باللّطف والتدبير؛ هو تكفّله بأعمال الخَلق مُضاعفةً، وزيادةً، ومغفرةً، وعفوًّا، حتى إن العبد يصل إلى درجة أن يرى ما كان عليه وليس له؛ حقًّا ورحمةً وعدلًا، ويَجد ما هو له من الله؛ عطاءً وخيرًا وزيادةً في الشّكر باللّسان والعمل، ويتلمّس ذلك دائمًا في أحواله وأعماله! فما أن يتأمّل العبد لهذا كثيرًا، وجدَ حالُه مقابل هذه العطايا، والرّحمات المنزلات، وسخرته له من حيث شاء، ولطفه به؛ تفكُّرًا يستوجب لقلبه أن يَذلّ لربّه، وأن يُنيب راجعًا خاضعًا، وخافضًا رأسه له وحده؛ وتِلك هيَ المرادات من هذه النعم! نسأل المولى أن يستعملنا فيها، ويجعلنا ممن يقيم حقّها كما ينبغي وجهه وحده جلّ في عَليائه".
أفَـانِـينٌ
Voice message
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
"ذكرَ الله وكلامِه سبحانه وتعالى؛ يَروي القلب، ويُوجّه بوصلته إلى آخرته، وهمّه إلى المَخافة في ذهاب البضاعة سُدَى مما يعلمه ومما لا يعلمه!".
"ما صَدق العبد في خطوة؛ إلّا وحازَ منها ما يُرضي فؤاده، ويطمئن قلبه، ويُبلّغه الانشراح فيها، ويوفّقه لما بَعْد! وهكذا يسير في مَحطات من الجهاد؛ لحضور قلبه وعقله أثناء الخطوة الواحدة، وحاشاه ربّ العزّة أن يُضيّع سير العبد بقلبه الصّادق قبل بدنه!".
"إنّما الغايةُ في كلّ حال.. هل المَولى راض؟
مَن جعل تلك الأنفس أمانةً.. هل من عملٍ وجهادٍ عليها؟
والعمل عليها بسياج الإيمان؛ هو بسُقياها بالإخلاص، وبعد إذ تفيض بالثّمار، وإن خلَا من ذلك ففي حُطَامٍ وقُعود!".
مَن جعل تلك الأنفس أمانةً.. هل من عملٍ وجهادٍ عليها؟
والعمل عليها بسياج الإيمان؛ هو بسُقياها بالإخلاص، وبعد إذ تفيض بالثّمار، وإن خلَا من ذلك ففي حُطَامٍ وقُعود!".
"لا يَزال سلطان اللّيل غلّاب، وأشدّ ناشئةً على العقل والقلب! كأنّه خُلِقَ للفكر والفكرة! ولحياة قلبٍ جديدة؛ تبدأ بعقد النيّة، وعمل الجوارح طُهرًا واغتسالًا من الأدران! وفي ظلّ كنف الرحمن ومشاهدته؛ ويَا لها من لحظات!".
أفَـانِـينٌ
Voice message
( 0:41 )
"من عظيم هذه الآية؛ أنّها تُعرّف وتُصوّر إحاطته وعنايته بنا كيفما كنا وإينما صرنا! ذلك الكمال الإلهي أمام هذا الضعف البشريّ؛ إنّهُ لكفيل بإشعال فتيل هذا القلب؛ كسرًا وذُلًّا وخفضًا يُعيد النّفس إلى حقيقة أمرها، وأنّها بحاجة دائمًا إلى وضع عينيها إلى سمائه، ورفع يديها إليه، وإلحاح لسانها رجاء معيّته ورحمته! ذلك الزّاد الروحي واللّجأ الحقيقي؛ كاف بأن يُجدّد حياة هذا القلب، ويُطهّره، ويُقوّمه مِن حسنةٍ إلى حسنة! ومن حيطةٍ إلى حيطة من السيّئة! فاللّهم اغفر وارحم وأنت خيرُ الراحمين!".
"من عظيم هذه الآية؛ أنّها تُعرّف وتُصوّر إحاطته وعنايته بنا كيفما كنا وإينما صرنا! ذلك الكمال الإلهي أمام هذا الضعف البشريّ؛ إنّهُ لكفيل بإشعال فتيل هذا القلب؛ كسرًا وذُلًّا وخفضًا يُعيد النّفس إلى حقيقة أمرها، وأنّها بحاجة دائمًا إلى وضع عينيها إلى سمائه، ورفع يديها إليه، وإلحاح لسانها رجاء معيّته ورحمته! ذلك الزّاد الروحي واللّجأ الحقيقي؛ كاف بأن يُجدّد حياة هذا القلب، ويُطهّره، ويُقوّمه مِن حسنةٍ إلى حسنة! ومن حيطةٍ إلى حيطة من السيّئة! فاللّهم اغفر وارحم وأنت خيرُ الراحمين!".
"من محبّة الله تعالى لعبده؛ حُسن التدبير له، يُربّيه على الشدائد، يكتب الإيمان في قلبه، ينوّر له عقله، فيجتبيه لمحبّته، ويستخلصه لعبادته، فيشغل لسانه بذكره وجوارحه بطاعته، فتراه يتبع كل ما يقرّبه إلى مَحبوبه؛ وهو الله عزّ وجل؛ فيتولّاه ربّه بتيسير أموره من غير ذلّ للمخلوق، ويسدّد ظاهره وباطنه، ويجعل هَمّه همًّا واحدًا، بحيث تشغله محبّة ربّه عن كلّ شيء!
ومن جَمال عنايته بعبده المَحبوب: حمايته له من الدّنيا إن كانت تفسده، فحبُّ الله تعالى وحبُّ الدّنيا والتعلُّق بها لا يجتمعان في قلب امرئ اختصَّه الله تعالى بالمصافاة والمحبّة! ومن لطف الله تعالى بعبده المؤمن الذي لاحت له بوارقُ المحبّة والاصطفاء؛ أن يَقيَه الدُنيا وأعراضها، ويصرفَ عنه مشاغلها، ليبقى قلبُه نقيًّا طاهرًا مستقبلًا لتجليات الله تعالى وفيوضاته! كما قال نبيّنا ﷺ:"إذا أحبَّ الله عبدًا حماهُ الدنيا؛ كما يَظَلُّ أحدُكم يحمي سقيمَه الماء". ففيه صيانة للعبد عن حلال الدّنيا وحسابه، وحرامها وعقابه، فهو دفع له عن ضررها؛ وهذا ما تُفسده الدنيا! فمن كانت دنياه في يده ولم تشغله عن الله تعالى؛ فلا يضرّه أن يملكها ولو مَلك ما مَلك، وهو ما أكّده رسول الله ﷺ لعمرو بن العاص -رضي الله عنه-: «يا عَمْرو، نِعم المالُ الصالحُ للمَرء الصالح»".
ومن جَمال عنايته بعبده المَحبوب: حمايته له من الدّنيا إن كانت تفسده، فحبُّ الله تعالى وحبُّ الدّنيا والتعلُّق بها لا يجتمعان في قلب امرئ اختصَّه الله تعالى بالمصافاة والمحبّة! ومن لطف الله تعالى بعبده المؤمن الذي لاحت له بوارقُ المحبّة والاصطفاء؛ أن يَقيَه الدُنيا وأعراضها، ويصرفَ عنه مشاغلها، ليبقى قلبُه نقيًّا طاهرًا مستقبلًا لتجليات الله تعالى وفيوضاته! كما قال نبيّنا ﷺ:"إذا أحبَّ الله عبدًا حماهُ الدنيا؛ كما يَظَلُّ أحدُكم يحمي سقيمَه الماء". ففيه صيانة للعبد عن حلال الدّنيا وحسابه، وحرامها وعقابه، فهو دفع له عن ضررها؛ وهذا ما تُفسده الدنيا! فمن كانت دنياه في يده ولم تشغله عن الله تعالى؛ فلا يضرّه أن يملكها ولو مَلك ما مَلك، وهو ما أكّده رسول الله ﷺ لعمرو بن العاص -رضي الله عنه-: «يا عَمْرو، نِعم المالُ الصالحُ للمَرء الصالح»".
من مَشاهد أهوال يوم القيامة: ﴿فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾.
فاليوم نفعل بهم فعل الناسي بالمنسى من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار تركا كليًا بسبب تركهم الاستعداد لهذا اليوم، وبسبب جحودهم لآياتنا التي جاءتهم بها أنبياؤهم. فالنسيان في حق الله-تبارك وتعالى- مستعمل في لازمه، بمعنى أن الله لا يجيب دعاءهم، ولا يرحم ضعفهم وذلهم، بل يتركهم في النار كما تركوا الإيمان والعمل الصالح في الدنيا.
-تفسير الوسيط
فاليوم نفعل بهم فعل الناسي بالمنسى من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار تركا كليًا بسبب تركهم الاستعداد لهذا اليوم، وبسبب جحودهم لآياتنا التي جاءتهم بها أنبياؤهم. فالنسيان في حق الله-تبارك وتعالى- مستعمل في لازمه، بمعنى أن الله لا يجيب دعاءهم، ولا يرحم ضعفهم وذلهم، بل يتركهم في النار كما تركوا الإيمان والعمل الصالح في الدنيا.
-تفسير الوسيط
من أجمع ما قيل في محبّة الله تعالى
يقول ابن القيّم –رحمه الله-: "قال أبو بكر الكتاني: جرت مسألة في المحلة بمكة أعزها الله تعالى -أيام الموسم- فتكلّم الشيوخ فيها وكان الجُنيد أصغرهم سنًا فقالوا: هات ما عندك ياعراقي! فأطرق رأسه، ودمعت عيناه ثم قال:« عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه، مُتّصل بذكر ربّه، قائم بأداء حقوقه، نظرَ إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هيبته، وصفا شربه من كأس ودّه، وانكشف له الجبّار من أستار غيبه، فإن تكلّم فبالله، وإن نطق فعن الله، وإن تحرّك فبأمر الله، وإن سكن فمع الله؛ فهو بالله ولله ومع الله، فبكى الشيوخ وقالوا: ما على هذا مزيد ».
(مدارج السالكين 18/ 3).
يقول ابن القيّم –رحمه الله-: "قال أبو بكر الكتاني: جرت مسألة في المحلة بمكة أعزها الله تعالى -أيام الموسم- فتكلّم الشيوخ فيها وكان الجُنيد أصغرهم سنًا فقالوا: هات ما عندك ياعراقي! فأطرق رأسه، ودمعت عيناه ثم قال:« عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه، مُتّصل بذكر ربّه، قائم بأداء حقوقه، نظرَ إليه بقلبه، أحرقت قلبه أنوار هيبته، وصفا شربه من كأس ودّه، وانكشف له الجبّار من أستار غيبه، فإن تكلّم فبالله، وإن نطق فعن الله، وإن تحرّك فبأمر الله، وإن سكن فمع الله؛ فهو بالله ولله ومع الله، فبكى الشيوخ وقالوا: ما على هذا مزيد ».
(مدارج السالكين 18/ 3).
"ما أن تَنصب هذه المعرفة بالله عزّ وجل إلى أرجاء الرُّوح حقًّا؛ إلا ورأت مخرجًا من كلّ حفرة! ورأت النّور من كلّ ظلام! ورأت اليُسر من كلّ ضيق! ورأت الغنى يمدّها من كلّ غواءٍ يحيقها! وهكذا تثمر المعرفة به سبحانه وتعالى إلى أن تتجسد فعليًا؛ فلا يجد بعد ذلك شيء أحقّ من العمل لأجل هذه الثّمرة في كلّ خطوة سعي ومُحاسبة، فَسُبحانك اللَّهُمَّ!".
أفَـانِـينٌ
( 28:01 )
"والمَعرفة بالرَّب لا تصرف العبد تعظيمًا وطاعةً وحُبًّا خالصًا إلّا له سبحانه وتعالى، ومع ذلك العقل لم يبلغ إدراكه وتصوّره إلى عَظمة قدرته جلّ وعلّا بهذا الوصف! فنسألك من رحمتك ومغفرتك يا ربّ!".
"والمَعرفة بالرَّب لا تصرف العبد تعظيمًا وطاعةً وحُبًّا خالصًا إلّا له سبحانه وتعالى، ومع ذلك العقل لم يبلغ إدراكه وتصوّره إلى عَظمة قدرته جلّ وعلّا بهذا الوصف! فنسألك من رحمتك ومغفرتك يا ربّ!".
أفَـانِـينٌ
Voice message
( 0:20 )
سُئل ابن عباس: أيّ الصدقة أفضل؟
فقال: الماء! ألم تروا إلى أهل النّار حين استغاثوا بأهل الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) ؟
قال الإمام القرطبي: في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال.
وقال بعض التّابعين:
"من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء".
سُئل ابن عباس: أيّ الصدقة أفضل؟
فقال: الماء! ألم تروا إلى أهل النّار حين استغاثوا بأهل الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) ؟
قال الإمام القرطبي: في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال.
وقال بعض التّابعين:
"من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء".
أفَـانِـينٌ
- 13:41
(فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)
"عقوبة الاقتراف تتآتى من حيث لا تشعر النّفس، لذلك كان حريٌّ على القلب أن يعزم بالنيّة الصالحة قبل أن يَصدع به الدّاء الخفيّ، الذي لا يأتي إلا بفراغه من الحصن الذي يبلغ به قبل العمل!".
(فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)
"عقوبة الاقتراف تتآتى من حيث لا تشعر النّفس، لذلك كان حريٌّ على القلب أن يعزم بالنيّة الصالحة قبل أن يَصدع به الدّاء الخفيّ، الذي لا يأتي إلا بفراغه من الحصن الذي يبلغ به قبل العمل!".
"مُباشرة الأعضاء بتيسير المحبّة له، وحفظ جوارحه وعصمتها عن مواقعة ما يكره الله، ومن البطش فيما لا يحلّ له بيده، ومن السّعي إلى الباطل برجله؛ كلّها من محض توفيق الله عزّ وجلّ لعبده، ولذا وقع في رواية:"فَبِيّ يسمع، وبي يَبطش، وبي يمشي". فكلّما تقرّب العبد من ربه بالفرائض ثم النوافل؛ ترقّى إلى درجات، وأعظم درجة هي درجة الإحسان، فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة كأنه يراه؛ فيمتلئ قلبه بمعرفة الله تعالى، ومحبّته، وعظمته، وخوفه، ومهابته، وإجلاله، والأنس به، والشّوق إليه حتى يصير له بعين البصيرة.. فحينئذ لا ينطقُ العبد إلا بذكره، ولا يتحرّك إلا بأمره، فإن نطق نطق بالله، وإن سمع سمع به، وإن نظر نظر به، وإن بطش بطش به، وهذا المراد بقوله في الحديث:"كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها".
يقول الإمام الغزالي:"اعلم أنّ المحبّة لله تعالى هي الغاية القصوى من المقامات، فما بعد إدراك المحبّة مقام إلّا وهو ثمرة من ثمارها، وتابع من توابعها؛ كالشّوق، والأنس، والرّضا، ولا قبل المحبّة مقام إلا وهو مقدّماتها؛ كالتوبة، والصّبر، والزهد وغيرها. ومن شواهد المحبّة قوله تعالى:(يحبّهم ويحبّونه)، وقوله:(والذين ءامنوا أشدُّ حُبًّا لله) وهذا دليل على إثبات الحبّ لله، وإثبات التفاوت فيه.
فطوبى لمن ملأت قلبَهُ محبّةُ مَولاه، حتى لم تُبقِ فيه مكانًا لسواه!".
فطوبى لمن ملأت قلبَهُ محبّةُ مَولاه، حتى لم تُبقِ فيه مكانًا لسواه!".