Telegram Web
Forwarded from تزكية
قال ابن رجب في لطائف المعارف :

ولَمَّا كانَ شَعبانُ كالمُقَدِّمَةِ لرَمضانَ شُرِعَ فيهِ ما يُشرَعُ في رَمضانَ من الصِّيامِ وقِراءَةِ القُرآنِ ليَحصُلَ التَّأهُّبُ لتَلَقِّي رَمضانَ وتَرتاضَ النُّفُوسُ بذلِك على طاعَةِ الرَّحمَنِ ... يا مَن فَرَّطَ في الأوقاتِ الشَّريفَةِ وضَيَّعَها وأودَعَها الأعمالَ السَّيِّئَةَ وبِئسَ ما استَودَعَها :

مَضَى رَجَبٌ وَمَا أحْسَنْتَ فِيهِ
وَهَذَا شَهْرُ شَعْبَانَ المُبَارَكْ

فَيَا مَنْ ضَيَّعَ الأوْقَاتَ جَهْلًا
بِحُرْمَتِهَا أفِقْ وَاحْذَرْ بَوَارَكْ

فَسَوْفَ تُفَارِقُ اللَّذَّاتِ قَهْرًا
وَيُخْلِي المَوْتُ كَرْهًا مِنْكَ دَارَكْ

تَدَارَكْ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الخَطَايَا
بِتَوْبَةِ مُخْلِصٍ وَاجْعَلْ مَدَارَكْ

عَلَى طَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ جَحِيمٍ
فَخَيْرُ ذَوِي الجَرَائِمِ مَنْ تَدَارَكْ
#شعبان
قال الإمام أحمد :

لَا نَتَعَدَّى الأثَرَ وَالاتِّبَاعَ.

[السنة للخلال].
عن أبي بكر المروذي قال :

كَانَ أبُو عَبْدِاللهِ كَثِيرَ التَّوَاضُعِ ... وَكَانَ إذَا بَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ صَلَاحٌ أوْ زُهْدٌ أوِ اتِّبَاعُ الأثَرِ سَألَ عَنْهُ وَأحَبَّ أنْ يُجْرِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَعْرِفَةً.

[الآداب الشرعية والمنح المرعية].
قال الإمام أحمد :

قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ : أنْتُمْ أعْلَمُ بِالحَدِيثِ وَالرِّجَالِ مِنِّي ، فَإذَا كَانَ الحَدِيثُ صَحِيحًا فَأعْلِمُونِي كُوفِيًّا كَانَ أوْ بَصْرِيًّا أوْ شَامِيًّا ؛ حَتَّى أذْهَبَ إلَيْهِ إذَا كَانَ صَحِيحًا.

[مناقب الشافعي لابن أبي حاتم].

روى ابن أبي حاتم في المناقب أن الشافعي قال : كُلُّ مَا قُلْتُ وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ خِلَافُ قَوْلِي مِمَّا يَصِحُّ فَحَدِيثُ النَّبِيِّ ﷺ أوْلَى وَلَا تُقَلِّدُونِي. وروى كذلك عن الربيع بن سليمان المرادي قال : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ وَذَكَرَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : تَأخُذُ بِهِ يَا أبَا عَبْدِاللهِ؟. فَقَالَ : سُبْحَانَ اللهِ! ، أرْوِي عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ شَيْئًا لَا آخُذُ بِهِ؟! ، مَتَى عَرَفْتُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ حَدِيثًا وَلَمْ آخُذْ بِهِ فَأنَا أُشْهِدُكُمْ أنَّ عَقْلِي قَدْ ذَهَبَ!. وروى صاحب ذم الكلام وأهله عن أبي بكر الحميدي قال : كُنَّا عِنْدَ الشَافِعِيِّ فَأتَاهُ رَجُلٌ فَسَألَهُ عَنْ مَسْألَةٍ ، فَقَالَ : قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَجُلٌ لِلشَّافِعِيِّ : مَا تَقُولُ؟. قَالَ : سُبْحَانَكَ! .. تَرَانِي فِي كَنِيسَةٍ؟! ، تَرَانِي فِي بِيعَةٍ؟! ، تَرَى عَلَى وَسَطِي زُنَّارًا؟! ، أقُولُ لَكَ قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأنْتَ تَقُولُ لِي مَا تَقُولُ أنْتَ؟!. وقد قال الشافعي كما في كتاب الأم : وَلَيْسَتْ تَدْخُلُنِي أنَفَةٌ مِنْ إظْهَارِ الانْتِقَالِ عَمَّا كُنْت أرَى إلَى غَيْرِهِ إذَا بَانَتِ الحُجَّةُ فِيهِ بَلْ أتَدَيَّنُ بِأنَّ عَلَيَّ الرُّجُوعَ عَمَّا كُنْت أرَى إلَى مَا رَأيْتُهُ الحَقَّ. ومما نُقل عنه واشتهر : «إذَا صَحَّ الحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي» ، وكذلك : «أجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى أنَّ مَنِ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ لَهُ أنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ».
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾.

«اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ، واقْدُرْ لَنَا الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أرْضِنَا بِهِ ، وَارْزُقْنَا العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ».
قال الإمام أحمد :

كَانَ الشَّافِعِيُّ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ الخَبَرُ قَلَّدَهُ ، وَخَيْرُ خَصْلَةٍ كَانَتْ فِيهِ لَمْ يَكُنْ يَشْتَهِي الكَلَامَ وَإنَّمَا هِمَّتُهُ الفِقْهُ.

[مناقب الشافعي لابن أبي حاتم].

روى صاحب ذم الكلام وأهله عن إسماعيل بن يحيى المزني قال : سَألْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ مَسْألَةٍ مِنَ الكَلَامِ فَقَالَ : سَلْنِي عَنْ شَيْءٍ إذَا أخْطَأتُ فِيهِ قُلْتَ أخْطَأتَ وَلَا تَسْألْنِي عَنْ شَيْءٍ إذَا أخْطَأتُ فِيهِ قُلْتَ كَفَرْتَ!. وروى ابن أبي حاتم في المناقب أن الشافعي قال : لَأنْ يُبْتَلَى العَبْدُ بِكُلِّ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ سِوَى الشِّرْكِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الكَلَامِ ، وَلَقَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ أصْحَابِ الكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مَا ظَنَنْتُ أنَّ مُسْلِمًا يَقُولُ ذَلِكَ!. قال أبو القاسم الزنجاني في رائيته : «وَلَا تَسْمَعَنْ دَاعِي الكَلَامِ فَإنَّهُ .. عَدُوٌّ لِهَذَا الدِّينِ عَنْ حَمْلِهِ حَسَرْ» ، «وَأصْحَابُهُ قَدْ أبْدَعُوا وَتَنَطَّعُوا .. وَجَازُوا حُدُودَ الحَقِّ بِالإفْكِ وَالأشَرْ» .. ثم قال شارحًا : لَمْ يَزَلْ أهْلُ الدِّينِ وَالعِلْمِ مِنْ أوَّلِ الزَّمَانِ إلَى آخِرِهِ مُنْكِرِينَ لِهَذَا العِلْمِ الَّذِي يُسَمَّى الكَلَامَ وَهُوَ الجَهْلُ الصَّرِيحُ وَالمُرُوقُ مِنَ الدِّينِ مُجْمِعُونَ كُلُّهُمْ عَلَى ذَمِّهِ وَالتَّبَرِّي مِنْ أهْلِهِ وَهِجْرَانِ مَنْ عَرَفُوا أنَّهُ يَرَى ذَلِكَ دِينًا للهِ وَقُرْبَةً إلَيْهِ ... وَكَانَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مِنْ أشَدِّ النَّاسِ ذَمًّا لِلكَلَامِ وَتَنْفِيرًا عَنْهُ وَنَهْيًا عَنْ مُجَالَسَةِ أهْلِهِ.
﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

«اللَّهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَإمَامِ المُتَّقِينَ وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ إمَامِ الخَيْرِ وَقَائِدِ الخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ ، اللَّهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا يَغْبِطُهُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ شَفَاعَتَهُ الكُبْرَى وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ العُلْيَا وَآتِهِ سُؤْلَهُ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى كَمَا آتَيْتَ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى .. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
عن الفضل بن زياد قال :

سَمِعْتُ أبَا عَبْدِاللهِ أحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : قَالَ مَالِكُ بْنُ أنَسٍ : «اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ». فَقُلْتُ : مَنْ أخْبَرَكَ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا؟. فَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ سُرَيْجِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ نَافِعٍ.

[الشريعة للآجري].

روى الإمام أحمد في العلل كما في رواية ابنه عبدالله عن عبدالله بن نافع قال : كَانَ مَالِكٌ -يَعْنِي بْنَ أنَسٍ- يَقُولُ : «الإيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ». وَيَقُولُ : «القُرْآنُ كَلَامُ اللهِ». وَيَقُولُ : «مَنْ يَقُولُ القُرْآنُ مَخْلُوقٌ يُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ». وَقَالَ مَالِكٌ : «اللهُ فِي السَّمَاءِ ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ». وروى كذلك عن إسحاق بن عيسى الطباع قال : رَأيْتُ مَالِكَ بْنَ أنَسٍ يَعِيبُ الجِدَالَ وَالمِرَاءَ فِي الدِّينِ ، قَالَ : أفَكُلَّمَا كَانَ رَجُلٌ أجْدَلَ مِنْ رَجُلٍ أرَدْنَا أنْ نَرُدَّ مَا جَاءَ بِهِ جِبرِيلُ إلَى النَّبِيِّ ﷺ؟!. وروى الآجري في الشريعة عن معن بن عيسى قال : انْصَرَفَ مَالِكُ بْنُ أنَسٍ يَوْمًا مِنَ المَسْجِدِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِي فَلَحِقَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أبُو الجُوَيْرِيَةِ كَانَ يُتَّهَمُ بِالإرْجَاءِ فَقَالَ : يَا أبَا عَبْدِاللهِ ، اسْمَعْ مِنِّي شَيْئًا أُكَلِّمُكَ بِهِ وَأُحَاجُّكَ وَأُخْبِرُكَ بِرَأيِي. قَالَ لَهُ مَالِكٌ : فَإنْ غَلَبْتَنِي؟. قَالَ : إنْ غَلَبْتُكَ اتَّبَعْتَنِي. قَالَ : فَإنْ جَاءَنَا رَجُلٌ آخَرُ فَكَلَّمَنَا فَغَلَبَنَا؟. قَالَ : نَتَّبِعُهُ. فَقَالَ مَالِكٌ : يَا عَبْدَ اللهِ ، بَعَثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِينٍ وَاحِدٍ وَأرَاكَ تَنْتَقِلُ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ! ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِالعَزِيزِ : «مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلخُصُومَاتِ أكْثَرَ التَّنَقُّلَ».
عن الفضل بن زياد قال :

سَألْتُ أبَا عَبْدِاللهِ عَنِ الكَرَابِيسِيِّ وَمَا أظْهَرَ فَكَلَحَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ : إنَّمَا جَاءَ بَلَاؤُهُمْ مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ الَّتِي وَضَعُوهَا ، تَرَكُوا آثَارَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَأصْحَابِهِ وَأقْبَلُوا عَلَى هَذِهِ الكُتُبِ.

[المعرفة والتاريخ للفسوي].

روى ابن بطة في الإبانة الكبرى عن الإمام أحمد قال : مَنْ تَعَاطَى الكَلَامَ لَمْ يُفْلِحْ ، وَمَنْ تَعَاطَى الكَلَامَ لَمْ يَخْلُ مِنْ أنْ يَتَجَهَّمَ.
• سَألْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاسْتَفْهَمْتُهُ وَاسْتَثْبَتُّهُ ، قُلْتُ : يَا أبَا عَبْدِاللهِ ، قَدْ بُلِينَا بِهَؤُلَاءِ الجَهْمِيَّةِ ، مَا تَقُولُ فِي مَنْ قَالَ إنَّ اللهَ لَيْسَ عَلَى العَرْشِ؟. قَالَ : كَلَامُهُمْ كُلُّهُمْ يَدُورُ عَلَى الكُفْرِ. قُلْتُ : مَا تَقُولُ فِي مَنْ قَالَ إنَّ اللهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى؟. قَالَ : كَافِرٌ لَا يُشَكُّ فِيهِ. قُلْتُ : مَنْ قَالَ إنَّ أسْمَاءَ اللهِ مُحْدَثَةٌ؟. قَالَ : كَافِرٌ. ثُمَّ قَالَ لِي : «اللهُ» مِنْ أسْمَائِهِ ، فَمَنْ قَالَ إنَّهَا مُحْدَثَةٌ فَقَدْ زَعَمَ أنَّ اللهَ مَخْلُوقٌ!. وَأقْبَلَ يُعَظِّمُ أمْرَهُمْ وَيُكَفِّرُ ، وَقَرَأ : ﴿اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾. وَذَكَرَ آيَةً أُخْرَى ، قُلْتُ : مَنْ قَالَ إنَّ اللهَ كَانَ وَلَا عِلْمَ؟. فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ فِي هَذَا كُلِّهِ وَكَانَ فِي هَذَا أشَدَّ تَغَيُّرًا وَأكْثَرَ غَيْظًا ثُمَّ قَالَ لِي : كَافِرٌ. وَقَالَ : فِي كُلِّ يَوْمٍ أزْدَادُ فِي القَوْمِ بَصِيرَةً.

[العلل للإمام أحمد - رواية الميموني].

قال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل عليها إجماع أهل العلم في عصره -وهو من تلاميذ الإمام أحمد- : وَالجَهْمِيَّةُ أعْدَاءُ اللهِ وَهُمُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أنَّ القُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأنَّ اللهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى وَأنَّ اللهَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يُرَى وَلَا يُعْرَفُ للهِ مَكَانٌ وَلَيْسَ للهِ عَرْشٌ وَلَا كُرْسِيٌّ وَكَلَامٌ كَثِيرٌ أكْرَهُ حِكَايَتَهُ وَهُمْ كُفَّارٌ زَنَادِقَةٌ أعْدَاءُ اللهِ فَاحْذَرُوهُمْ.
• قَالَ الشَّيْخُ أبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالمَلِكِ الكَرَجِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ «الفُصُولُ فِي الأصُولِ عَنِ الأئِمَّةِ الفُحُولِ إلْزَامًا لِذَوِي البِدَعِ وَالفُضُولِ» وَذَكَرَ اثْنَا عَشَرَ إمَامًا وَهُمُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأحْمَدُ وَالبُخَارِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَابْنُ المُبَارَكِ وَالأوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَإسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأبُو زُرْعَةَ وَأبُو حَاتِمٍ ، قَالَ فِيهِ : سَمِعْتُ الإمَامَ أبَا مَنْصُورٍ مُحَمَّدَ بْنَ أحْمَدَ يَقُولُ : سَمِعْتُ الإمَامَ أبَا بَكْرٍ عَبْدَاللهِ بْنَ أحْمَدَ يَقُولُ : سَمِعْتُ الشَّيْخَ أبَا حَامِدٍ الإسْفَرَايِينِيَّ يَقُولُ : مَذْهَبِي وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَفُقَهَاءِ الأمْصَارِ أنَّ كَلَامَ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ ، وَالقُرْآنُ حَمَلَهُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسْمُوعًا مِنَ اللهِ تَعَالَى وَالنَّبِيُّ ﷺ سَمِعَهُ مِنْ جِبْرِيلَ وَالصَّحَابَةُ سَمِعُوهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، وَهُوَ الَّذِي نَقُولُهُ نَحْنُ بِألْسِنَتِنَا وَفِيمَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ وَمَا فِي صُدُورِنَا مَسْمُوعًا وَمَكْتُوبًا وَمَحْفُوظًا وَمَنْقُوشًا ، وَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهُ كَالبَاءِ وَالتَّاءِ كُلُّهُ كَلَامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ. .. قَالَ الشَّيْخُ أبُو الحَسَنِ : وَكَانَ الشَّيْخُ أبُو حَامِدٍ شَدِيدَ الإنْكَارِ عَلَى البَاقِلَّانِيِّ وَأصْحَابِ الكَلَامِ. قَالَ أبُو الحَسَنِ : وَلَمْ يَزَلِ الأئِمَّةُ الشَّافِعِيَّةُ يَأنَفُونَ وَيَسْتَنْكِفُونَ أنْ يُنْسَبُوا إلَى الأشْعَرِيِّ وَيَتَبَرَّءُونَ مِمَّا بَنَى الأشْعَرِيُّ مَذْهَبَهُ عَلَيْهِ وَيَنْهَوْنَ أصْحَابَهُمْ وَأحْبَابَهُمْ عَنِ الحَوْمِ حَوَالَيْهِ عَلَى مَا سَمِعْت عِدَّةً مِنْ المَشَايِخِ وَالأئِمَّةِ مِنْهُمُ الحَافِظُ المُؤْتَمَنُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السَّاجِيُّ يَقُولُونَ : سَمِعْنَا جَمَاعَةً مِنَ المَشَايِخِ الثِّقَاتِ قَالُوا : كَانَ الشَّيْخُ أبُو حَامِدٍ أحْمَدُ بْنُ طَاهِرٍ الإسْفَرَايِينِيُّ إمَامُ الأئِمَّةِ الَّذِي طَبَّقَ الأرْضَ عِلْمًا وَأصْحَابًا إذَا سَعَى إلَى الجُمُعَةِ مِنْ قَطِيعَةِ الكَرْخِ إلَى جَامِعِ المَنْصُورِ يَدْخُلُ الرِّيَاضَ المَعْرُوفَ بِالرَّوْزِيِّ المُحَاذِي لِلجَامِعِ وَيُقْبِلُ عَلَى مَنْ حَضَرَ وَيَقُولُ : اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأنَّ القُرْآنَ كَلَامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَمَا قَالَ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا كَمَا يَقُولُ البَاقِلَّانِيُّ. وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي جَمَاعَاتٍ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ : حَتَّى يَنْتَشِرَ فِي النَّاسِ وَفِي أهْلِ الصَّلَاحِ وَيَشِيعَ الخَبَرُ فِي البِلَادِ أنِّي بَرِيءٌ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ -يَعْنِي الأشْعَرِيَّ- وَبَرِيءٌ مِنْ مَذْهَبِ أبِي بَكْرٍ البَاقِلَّانِيِّ ؛ فَإنَّ جَمَاعَةً مِنْ المُتَفَقِّهَةِ الغُرَبَاءِ يَدْخُلُونَ عَلَى البَاقِلَّانِيِّ خُفْيَةً فَيَقْرَءُونَ عَلَيْهِ فَيُفْتَنُونَ بِمَذْهَبِهِ فَإذَا رَجَعُوا إلَى بِلَادِهِمْ أظْهَرُوا بِدْعَتَهُمْ لَا مَحَالَةَ فَيَظُنُّ ظَانٌّ أنَّهُمْ مِنِّي تَعَلَّمُوهُ وَأنَا قُلْتُهُ! ، وَأنَا بَرِيءٌ مِنْ مَذْهَبِ البَاقِلَّانِيِّ وَعَقِيدَتِهِ. ... قَالَ : وَسَمِعْت الفَقِيهَ الإمَامَ أبَا مَنْصُورٍ سَعْدَ بْنَ عَلِيٍّ العِجْلِيَّ يَقُولُ : سَمِعْت عِدَّةً مِنْ المَشَايِخِ وَالأئِمَّةِ بِبَغْدَادَ أظُنُّ الشَّيْخَ أبَا إسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ أحَدَهُمْ قَالُوا : كَانَ أبُو بَكْرٍ البَاقِلَّانِيُّ يَخْرُجُ إلَى الحَمَّامِ مُتَبَرْقِعًا خَوْفًا مِنْ الشَّيْخِ أبِي حَامِدٍ الإسْفَرَايِينِيِّ.

[الفتاوى الكبرى لابن تيمية].
• وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الحَرَمَيْنِ أبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالمَلِكِ الكَرَجِيُّ ... «إنَّ فِي النَّقْلِ عَنْ هَؤُلَاءِ إلْزَامًا لِلحُجَّةِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ إمَامٍ يُخَالِفُهُ فِي العَقِيدَةِ ؛ فَإنَّ أحَدَهُمَا لَا مَحَالَةَ يُضَلِّلُ صَاحِبَهُ أوْ يُبَدِّعُهُ أوْ يُكَفِّرُهُ ، فَانْتِحَالُ مَذْهَبِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لَهُ فِي العَقِيدَةِ مُسْتَنْكَرٌ وَاللهِ شَرْعًا وَطَبْعًا ، فَمَنْ قَالَ : أنَا شَافِعِيُّ الشَّرْعِ أشْعَرِيُّ الاعْتِقَادِ. قُلْنَا لَهُ : هَذَا مِنْ الأضْدَادِ ، لَا ، بَلْ مِنَ الارْتِدَادِ! ؛ إذْ لَمْ يَكُنِ الشَّافِعِيُّ أشْعَرِيَّ الاعْتِقَادِ. وَمَنْ قَالَ : أنَا حَنْبَلِيٌّ فِي الفُرُوعِ مُعْتَزِلِيٌّ فِي الأُصُولِ. قُلْنَا : قَدْ ضَلَلْتَ إذًا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ فِيمَا تَزْعُمُهُ! ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ أحْمَدُ مُعْتَزِلِيَّ الدِّينِ وَالاجْتِهَادِ. وَقَدِ افْتُتِنَ أيْضًا خَلْقٌ مِنْ المَالِكِيَّةِ بِمَذَاهِبِ الأشْعَرِيَّةِ وَهَذِهِ وَاللهِ سُبَّةٌ وَعَارٌ وَفَلْتَةٌ تَعُودُ بِالوَبَالِ وَالنَّكَالِ وَسُوءِ الدَّارِ عَلَى مُنْتَحِلِ مَذَاهِبِ هَؤُلَاءِ الأئِمَّةِ الكِبَارِ! ، فَإنَّ مَذْهَبَهُمْ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ تَكْفِيرِهِمُ الجَهْمِيَّةَ وَالمُعْتَزِلَةَ وَالقَدَرِيَّةَ وَالوَاقِفِيَّةَ وَتَكْفِيرِهِمُ اللَّفْظِيَّةَ».

[الانتصار لأهل الأثر لابن تيمية].
• وَاعْلَمْ أنَّ الإجْمَاعَ وَالحُجَّةَ وَالسَّوَادَ الأعْظَمَ هُوَ العَالِمُ صَاحِبُ الحَقِّ وَإنْ كَانَ وَحْدَهُ وَإنْ خَالَفَهُ أهْلُ الأرْضِ ... وَقَدْ شَذَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ زَمَنَ أحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إلَّا نَفَرًا يَسِيرًا فَكَانُوا هُمُ الجَمَاعَةَ وَكَانَتِ القُضَاةُ حِينَئِذٍ وَالمُفْتُونَ وَالخَلِيفَةُ وَأتْبَاعُهُ كُلُّهُمْ هُمُ [الشَّاذِّينَ] وَكَانَ الإمَامُ أحْمَدُ وَحْدَهُ هُوَ الجَمَاعَةَ ، وَلَمَّا لَمْ يَتَحَمَّلْ هَذَا عُقُولُ النَّاسِ قَالُوا لِلخَلِيفَةِ : يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، أتَكُونُ أنْتَ وَقُضَاتُك وَوُلَاتُك وَالفُقَهَاءُ وَالمُفْتُونَ كُلُّهُمْ عَلَى البَاطِلِ وَأحْمَدُ وَحْدَهُ هُوَ عَلَى الحَقِّ؟!. فَلَمْ يَتَّسِعْ عِلْمُهُ لِذَلِكَ فَأخَذَهُ بِالسِّيَاطِ وَالعُقُوبَةِ بَعْدَ الحَبْسِ الطَّوِيلِ .. فَلَا إلَهَ إلَّا اللهُ ، مَا أشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالبَارِحَةِ! ، وَهِيَ السَّبِيلُ المَهْيَعُ لِأهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ حَتَّى يَلْقَوْا رَبَّهُمْ ، مَضَى عَلَيْهَا سَلَفُهُمْ وَيَنْتَظِرُهَا خَلَفُهُمْ ، ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّنْ يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

[إعلام الموقعين لابن القيم].
قيل لما سُجن الإمام أحمد في المحنة :

تَبَارَكَ مَنْ لَا يَعْلَمُ الغَيْبَ غَيْرُهُ
ومَنْ لَمْ يَزَلْ يُثْنَى عَلَيْهِ وَيُذْكَرُ

عَلَا فِي السَّمَاوَاتِ العُلَى فَوْقَ عَرْشِهِ
إلَى خَلْقِهِ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ يَنْظُرُ

سَمِيعٌ بَصِيرٌ لَا نَشُكُّ مُدَبِّرٌ
وَمَنْ دُونَهُ عَبْدٌ ذَلِيلٌ مُدَبَّرُ

يَدَا رَبِّنَا مَبْسُوطَتَانِ كِلَاهُمَا
تَسُحَّانِ وَالأيْدِي مِنَ الخَلْقِ تَقْتُرُ

إذَا فِيهِ فَكَّرْنَا اسْتَحَالَتْ عُقُولُنَا
فَأُبْنَا حَيَارَى وَاضْمَحَلَّ التَّفَكُّرُ

وَإنْ نَقَّرَ المَخْلُوقُ عَنْ عِلْمِ ذَاتِهِ
وَعَنْ كَيْفَ كَانَ الأمْرُ ضَلَّ المُنَقِّرُ

فَلَوْ وَصَفَ النَّاسُ البَعُوضَةَ وَحْدَهَا
بِعِلْمِهِمُ لَمْ يُحْكِمُوهَا وَقَصَّرُوا

فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَقْدُرُ الخَلْقُ قَدْرَهُ
وَمَنْ هُوَ لَا يَبْلَى وَلَا يَتَغَيَّرُ

نُهِينَا عَنِ التَّفْتِيشِ وَالبَحْثِ رَحْمَةً
لَنَا وَطَرِيقُ البَحْثِ يُرْدِي وَيُخْسِرُ

وَقَالُوا لَنَا قُولُوا وَلَا تَتَعَمَّقُوا
بِذَلِكَ أوْصَانَا النَّبِيُّ المُعَزَّرُ

فَقُلْنَا وَقَلَّدْنَا وَلَمْ نَأتِ بِدْعَةً
وَفِي البِدْعَةِ الخُسْرَانُ وَالحَقُّ أنْوَرُ

وَلَمْ نَرَ كَالتَّسْلِيمِ حِرْزًا وَمَوْئِلًا
لِمَنْ كَانَ يَرْجُو أنْ يُثَابَ وَيَحْذَرُ

شَهِدْنَا بِأنَّ اللهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ
وَأحْمَدَ مَبْعُوثٌ إلَى الخَلْقِ مُنْذِرُ

وَأنَّ كِتَابَ اللهِ فِينَا كَلَامُهُ
وَإنْ شَكَّ فِيهِ المُلْحِدُونَ وَأنْكَرُوا

شَهِدْنَا بِأنَّ اللهَ كَلَّمَ عَبْدَهُ
وَلَمْ يَكُ غَيْرُ اللهِ عَنْهُ يُعَبَّرُ

غَدَاةَ رَأي نَارًا فَقَالَ لِأهْلِهِ
سَآتِي بِنَارٍ أوْ عَنِ النَّارِ أُخْبِرُ

فَنَادَاهُ يَا مُوسَى أنَا اللهُ لَا تَخَفْ
وَأرْسَلَهُ بِالحَقِّ يَدْعُو وَيُنْذِرُ

وَقَالَ انْطَلِقْ إنِّي سَمِيعٌ لِكُلِّ مَا
يَجِيءُ بِهِ فِرْعَونُ ذُو الكُفْرِ مُبْصِرُ

وَكَلَّمَهُ أيْضًا عَلَى الطُّورِ رَبُّهُ
وَقُرِّبَ وَالتَّوْرَاةُ فِي اللَّوْحِ تُسْطَرُ

كَذَلِكَ قَالَ اللهُ فِي مُحْكَمِ الهُدَى
وَإسْنَادُهُ الرُّوحُ الأمِينُ المُطَهَّرُ

وَإنَّ وَلِيَّ اللهِ فِي دَارِ خُلْدِهِ
إلَى رَبِّهِ ذِي الكِبْرِيَاءِ سَيَنْظُرُ

وَلَمْ نَرَ فِي أهْلِ الخُصُومَاتِ كُلِّهَا
زَكِيًّا وَلَا ذَا خَشْيَةٍ يَتَوَقَّرُ

وَلَمْ يَحْمَدِ اللهُ الجِدَالَ وَأهْلَهُ
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ عَنْ ذَاكَ يَزْجُرُ

وَسُنَّتُنَا تَرْكُ الكَلَامِ وَأهْلِهِ
وَمَنْ دِينُهُ تَشْدِيقُهُ وَالتَّقَعُّرُ

وَكُلُّ كَلَامِيٍّ قَلِيلٌ خُشُوعُهُ
لَهُ بَيْعٌ فِيهِ وَسُوقٌ وَمَتْجَرُ

تَفَرَّغَ قَوْمٌ لِلجِدَالِ وَأغْفَلُوا
طَرِيقَ التُّقَى حَتَّى غَلَا المُتَهَوِّرُ

وَقَاسُوا بِآرَاءٍ ضِعَافٍ وَفَرَّطُوا
وَرَأيُ الَّذِي لَا يَتْبَعُ الحَقَّ أبْتَرُ

جَزَى اللهُ رَبُّ النَّاسِ عَنَّا ابْنَ حَنْبَلٍ
وَصَاحِبَهُ خَيْرًا إذَا النَّاسُ أُحْضِرُوا

سَمِيُّ نَبِيِّ اللهِ أعْنِي مُحَمَّدًا
فَقُلْ فِي ابْنِ نُوحٍ وَالمَقَالَةُ تَقْصُرُ

سَقَى اللهُ قَبْرًا حَلَّهُ مَا ثَوَى بِهِ
مِنَ الغَيْثِ وَسْمِيًّا يَرُوحُ وَيُبْكِرُ

هُمَا صَبَرَا لِلحَقِّ عِنْدَ امْتِحَانِهِمْ
وَقَامَا بِنَصْرِ اللهِ وَالسَّيْفُ يَقْطُرُ

وَأرْبَعَةٌ جَاءُوا مِنَ الشَّامِ سَادَةٌ
عَلَيْهِمْ كُبُولٌ بِالحَدِيدِ تُسَمَّرُ

دُعُوا فَأبَوْا إلَّا اعْتِصَامًا بِدِينِهِمْ
فَأُجْلُوا عَنِ الأهْلِينَ طُرًّا وَسُيِّرُوا

إلَى البَلَدِ المَشْحُونِ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ
وَفِي السِّجْنِ كَالسُّرَّاقِ أُلْقُوا وَصُيِّرُوا

فَمَا زَادَهُمْ إلَّا رِضًا وَتَمَسُّكًا
بِدِينِهِمُ وَاللهُ بِالخَلْقِ أبْصَرُ

= = = = =
= = = = =

إذَا مُيِّزَ الأشْيَاخُ يَوْمًا وَحُصِّلُوا
فَأحْمَدُ مِنْ بَيْنِ المَشَايِخِ جَوْهَرُ

رقِيقٌ أدِيمُ الوَجْهِ حُلْوٌ مُهَذَّبٌ
إلَى كُلِّ ذِي تَقْوَى وَقُورٌ مُوَقَّرُ

أبِيٌّ إذَا مَا حَافَ ضَيْمٌ مُؤَمَّرٌ
وَمُرٌّ إذَا مَا خَاشَنُوهُ مُذَكَّرُ

لَعَمْرُكَ مَا يَهْوَى لِأحْمَدَ نَكْبَةً
مِنَ النَّاسِ إلَّا نَاقِصُ العَقْلِ مُعْوِرُ

هُوَ المِحْنَةُ اليَوْمَ الَّذِي يُبْتَلَى بِهِ
فَيُعْتَبَرُ السُّنِّيُّ فِينَا وَيُسْبَرُ

شَجًا فِي حُلُوقِ المُلْحِدِينَ وَقُرَّةٌ
لِأعْيُنِ أهْلِ النُّسْكِ عَفٌّ مُشَمِّرُ

فَقَا أعْيُنَ المُرَّاقِ فِعْلُ ابْنِ حَنْبَلٍ
وَأخْرَسَ مَنْ يَبْغِي العُيُوبَ وَيَحْقِرُ

جَرَى سَابِقًا فِي حَلْبَةِ الصِّدِقْ وَالتُّقَى
كَمَا سَبَقَ الطِّرْفَ الجَوَادُ المُضَمَّرُ

وَبَلَّدَ عَنْ إدْرَاكِهِ كُلُّ كَوْدَنٍ
قَطُوفٍ إذَا مَا حَاوَلَ السَّبْقَ يَعْثُرُ

إذَا افْتَخَرَ الأقْوَامُ يَوْمًا بِسَيِّدٍ
فَفِيهِ لَنَا وَالحَمْدُ للهِ مَفْخَرُ

فَقُلْ لِلأُلَي يَشْنَوْنَهُ لِصَلَاحِهِ
وَصِحَّتِهِ وَاللهُ بِالعُذْرِ يَعْذِرُ

جُعِلْتُمْ فِدَاءً أجْمَعِينَ لِنَعْلِهِ
فَإنَّكُمُ مِنْهَا أذَلُّ وَأحْقَرُ

أرَيْحَانَةَ القُرَّاءِ تَبْغُونَ عَثْرَةً
وَكُلُّكُمُ مِنْ جِيفَةِ الكَلْبِ أقْذَرُ

فَيَا أيُّهَا السَّاعِي لِتُدْرِكَ شَأوَهُ
رُوَيْدَكَ عَنْ إدْرَاكِهِ سَتُقَصِّرُ

تَمَسَّكَ بِالعِلْمِ الَّذِي كَانَ قَدْ وَعَى
وَلَمْ يُلْهِهِ عَنْهُ الخَبِيصُ المُزَعْفَرُ

وَلَا بَغْلَةٌ هِمْلَاجَةٌ مَغْرِبِيَّةٌ
وَلَا حُلَّةٌ تُطْوَى مِرَارًا وَتُنْشَرُ

وَلَا مَنْزِلٌ بِالسَّاجِ وَالكِلْسِ مُتْقَنٌ
يُنَقَّشُ فِيهِ جِصُّهُ ويُصَوَّرُ

وَلَا أمَةٌ بَرَّاقَةُ الجِيدِ بَضَّةٌ
بِمَنْطِقِهَا يُصْبَى الحَلِيمُ وَيُسْحَرُ

حَمَى نَفْسَهُ الدُّنْيَا وَقَدْ سَنَحَتْ لَهُ
فَمَنْزِلُهُ إلَّا مِنَ القُوتِ مُقْفِرُ

فَإنْ يَكُ فِي الدُّنْيَا مُقِلًّا فَإنَّهُ
مِنَ الأدَبِ المَحْمُودِ وَالعِلْمِ مُكْثِرُ

وَقُلْ لِلأُلَي حَادُوا مَعًا عَنْ طَرِيقِهِ
وَلَمْ يَمْكُثُوا حَتَّى أجَابُوا وَغَيَّرُوا

فَلَا تَأمَنُوا عُقْبَى الَّذِي قَدْ أتَيْتُمُ
فَإنَّ الَّذِي جِئْتُمْ ضَلَالٌ مُزَوَّرُ

فَيَا عُلَمَاءَ السُّوءِ أيْنَ عُقُولُكُمْ
وَأيْنَ الحَدِيثُ المُسْنَدُ المُتَخَيَّرُ

ألَا إنَّنِي أرْجُو النَّجَاةَ بِبُغْضِكُمْ
وَكُلُّ امْرِئٍ يَشْنَى الضَّلَالَةَ يُؤْجَرُ

تَأسَّى بِكُمْ قَوْمٌ كَثِيرٌ فَأصْبَحُوا
لَكُمْ وَلَهُمْ فِي كُلِّ مِصْرٍ مُعَيِّرُ

وَيَا تِسْعَةً كَانُوا كَتِسْعَةِ صَالِحٍ
نَبِيِّ الهُدَى إذْ نَاقَةُ اللهِ تُعْقَرُ

نَكَصْتُمْ عَلَى الأعْقَابِ حِينَ امْتُحِنْتُمُ
وَلَمْ يَكُ فِيكُمْ مَنْ لِذَلِكَ مُنْكِرُ

كَتَبْتُمْ بِأيْدِيكُمْ حُتُوفَ نُفُوسِكُمْ
فَيَاسَوْءَتَا مِمَّا يَخُطُّ المُقَدِّرُ

وَأشْمَتُّمُ أعْدَاءَ دِينِ مُحَمَّدٍ
وَلَمْ تُضْرَبِ الأعْنَاقُ مِنْكُمْ وَتُنْشَرُ

فَسُبْحَانَ مَنْ يُعْصَى فَيَعْفُو وَيَغْفِرُ
ويُظْهِرُ إحْسَانَ المُسِيءِ وَيَسْتُرُ
2025/02/25 04:46:26

❌Photos not found?❌Click here to update cache.


Back to Top
HTML Embed Code: