الطّبع العجول ضدٌّ للسّكينة والتأنّي والذّكر، وقلّما وجدت عجولًا حسن الذّاكرة ساكن الطبع؛ فالنّزق والنسيان قرينا العجلة لا ينفكّان "فأنساه الشّيطان ذكر ربّه".
أمّا التأنّي ففاصلٌ شعوريّ بينك وبين العالم، يحصّن الذّاكرة، ويمدّ الرّوح، فالذّكر حضورٌ للقلب، ولا حضور لمن لم يتوقف وينظر ويتأمّل، ومن هنا كانت الأذكار المصاحبة للأحوال الإنسانيّة المختلفة، وكانت الصلاة، وكان الجلوس للذّكر بعدها، امدادًا للذّاكرة، وتوقّفًا للنّفس، وحضورًا للقلب..
أمّا التأنّي ففاصلٌ شعوريّ بينك وبين العالم، يحصّن الذّاكرة، ويمدّ الرّوح، فالذّكر حضورٌ للقلب، ولا حضور لمن لم يتوقف وينظر ويتأمّل، ومن هنا كانت الأذكار المصاحبة للأحوال الإنسانيّة المختلفة، وكانت الصلاة، وكان الجلوس للذّكر بعدها، امدادًا للذّاكرة، وتوقّفًا للنّفس، وحضورًا للقلب..
بعض الأفكار الذكيّة مرعبة، لها كسوة شفيفةٌ، فصاحبها يورد المعنى عريًا قاتمًا مرًّا، تورطك بداهتُه ويكسرك قوله، وبعض الأفكار الذكية "صلواتٌ" لها حلية بهيّة ورائحة شذيّة ومستطاب عذب، يُشجيك صدقه، ويشفيك قوله، "وكل كلام يخرج وعليه كسوة القلب الذي منه خرج".
من الإشارات اللطيفة التي أوردها الإمام ابن عاشور في تفسيره للآية: "وإن يمسسك الله بضرٍّ فلا كاشف له إلا هو، وإن يمسسك بخير فهو على كلّ شيء قدير"، قال: أنّ الله عزّ وجلّ ذكر الضرّ مقابل الخير، في حين أنّ ما يقابل الضّر هو النّفع وما يقابل الشرّ هو الخير كما هو معلوم، فالضرّ جزء من الشرّ (استعان بالجزئي لفهم الكلي)، والنفع جزء من الخير (فيكون استعان بالكلي لفهم الجزئيّ)، فانظُر هذا الإيجاز البارع!
ومما انقدح في خاطري من مراد الآية أنّه عز وجل لا يريد لك الشرّ؛ وإنما يبتليك ببعضه ليردّك إليه، وهو يريد لك الخير (كلّه) سبحانه.
ومما انقدح في خاطري من مراد الآية أنّه عز وجل لا يريد لك الشرّ؛ وإنما يبتليك ببعضه ليردّك إليه، وهو يريد لك الخير (كلّه) سبحانه.
"One of the prerequesiste for caryying out acts that are evil is to shed responsibilty from your shouldres and hand it over to the person in charge".
..
"إنّه لصحيح أنّ الإنسان يمكن أن يكيّف نفسه حتى مع الشروط غير المرضية، ولكنه في عملية التكيّف هذه يُظهر ردود فعلٍ عقليّة وانفعاليّة محددة تنبع من الخواص النوعيّة في طبيعته، وقد يكيّف الإنسان نفسه مع العبوديّة، ولكنه يستجيب لذلك بتخفيض خصائصه الفكريّة والأخلاقيّة؛ وقد يتكيّف مع ثقافة يتفشّى فيها تبادل سوء الظنّ والعداوة، ولكنه يستجيب لهذا التكيّف بأن يصبح ضعيفًا وعقيمًا، ويستطيع أن يتكيف مع أي نموذج ثقافي تقريبًا، ولكن بقدر ما تكون هذه النماذج مناقضة لطبيعته يتكشّف عن اضطرابات عقلية وانفعالية".
[إريك فروم]
"إنّه لصحيح أنّ الإنسان يمكن أن يكيّف نفسه حتى مع الشروط غير المرضية، ولكنه في عملية التكيّف هذه يُظهر ردود فعلٍ عقليّة وانفعاليّة محددة تنبع من الخواص النوعيّة في طبيعته، وقد يكيّف الإنسان نفسه مع العبوديّة، ولكنه يستجيب لذلك بتخفيض خصائصه الفكريّة والأخلاقيّة؛ وقد يتكيّف مع ثقافة يتفشّى فيها تبادل سوء الظنّ والعداوة، ولكنه يستجيب لهذا التكيّف بأن يصبح ضعيفًا وعقيمًا، ويستطيع أن يتكيف مع أي نموذج ثقافي تقريبًا، ولكن بقدر ما تكون هذه النماذج مناقضة لطبيعته يتكشّف عن اضطرابات عقلية وانفعالية".
[إريك فروم]
في الصّحراء، التشابه والرتابة قرينا الأصالة والفرادة، كثبان بعد كثبان وطريق طويل ممتّد لا نهاية له، ويا للعجب كيف للتشابه في المدى أن يبصّرك في الأصالة فيك!
وكيف للحنِ الصّامت، أن يصيّرك تسبيحةً متناغمة مع كل الأشياء والمخلوقات في الوجود.
أمّا في المدينة فيشذّ اللحن، ويتأصّل الاختلاف، تعمُّ الرتابة والتشابه، كأنّك تسبيحة هاربة من كفّ جبريل.
وادي رمّ- 8/10/2022
وكيف للحنِ الصّامت، أن يصيّرك تسبيحةً متناغمة مع كل الأشياء والمخلوقات في الوجود.
أمّا في المدينة فيشذّ اللحن، ويتأصّل الاختلاف، تعمُّ الرتابة والتشابه، كأنّك تسبيحة هاربة من كفّ جبريل.
وادي رمّ- 8/10/2022
Forwarded from أرواحُ المعاني.
"الآلام أنواع: فهناك آلام تخفّض قيمتنا أو تنقص قدرنا، كالجوع مثلًا؛ فالنّاس تحب أن تصدقنا في ما يتعلق بهذا النوع من الآلام؛ ليجعلوا من أنفسهم محسنين إلينا بعد ذلك. أمّا إذا كان الألم أرفع من هذا درجة أو درجتين، إذا كان ألمًا نحتمله في النّضال من أجل فكرة مثلاً، فإنّ الناس يرفضون أن يصدقوه، باستثناء قلّة قليلة. وهم لا يصدقونه لأنهّم حين نظروا إلى صاحبه رأوا أن رأسه ليس رأس من يتألّم في سبيل قضية رفيعة تلك الرفعة كلها. وهم عندئذ يأبون أن يتعاطفوا معه أيّ تعاطف؛ دون أن يكون في موقفهم هذا شيء من روح الشّر على كل حال".
[ الإخوة كارامازوف]
[ الإخوة كارامازوف]
يجنح الروائيّ للخيال أحيانًا، لكن تظلّ الأرض رقعته ومحلّه، فهو في رباط وعروج بين عالمين، يستكشف الحياة الممكنة على أمّه الأرض.
أما الشاعر فهو ابن السّماء، لا أمّ له سواها؛ بها يحيا ويتنّفس ويقتات، فإن أخلد إلى الأرض ضمرت روحه؛ هل كانت الأرض إلا منفاه؟
أمّا الفنّان -لله روح الفنّان- فهو تائه بين سماء وأرض، بل هو غريب العالمين، يحرقه حنينه إلى موطنه الأول السماء، وتأسره الأرض بروحها الفاتنة، فتراه هائمًا بين عالم هو منزعه، وعالم هو موطنه، فلا عجب أن يبعث الفنّ أشجانك ويثير أشواقك.
أما الشاعر فهو ابن السّماء، لا أمّ له سواها؛ بها يحيا ويتنّفس ويقتات، فإن أخلد إلى الأرض ضمرت روحه؛ هل كانت الأرض إلا منفاه؟
أمّا الفنّان -لله روح الفنّان- فهو تائه بين سماء وأرض، بل هو غريب العالمين، يحرقه حنينه إلى موطنه الأول السماء، وتأسره الأرض بروحها الفاتنة، فتراه هائمًا بين عالم هو منزعه، وعالم هو موطنه، فلا عجب أن يبعث الفنّ أشجانك ويثير أشواقك.
"إن حضور الذكر خيرٌ من ذهول النسيان، لأنّ نور الوجود خيرٌ من ظلمة العدم، والذكر وجود والنسيان عدم؛ وإنّ الإنسان العموديّ أوسع وجودًا من الإنسان الأفقيّ، لأنّ مجال الفضاء أفسح من مدى المكان، والإنسان العموديّ في فضاء، والإنسان الأفقيّ في مكان؛ فهل من سبيل للخروج من هذا العالم الناسي، وقد أُشربت قلوب أهله بمقولاته ومسلّماته وقضاياه ودعاويه، حتى لا تكاد تتصوّر بديلًا، ساكنة تحت مجاريه، راضية بمراضيه كأنّما هو القدر المحتوم الذي لا يخطئ أحدًا؟".
[روح الدّين| د. طه عبدالرحمن]
[روح الدّين| د. طه عبدالرحمن]
قلتُ: كيف ترى كتابنا أعني القرآن؟ وأنت رجلٌ قد أشرفت على غاية هذا الباب، واستوعبْتَ جميع ما فيه.
قال: ذاك كلامٌ ليس فيه أثرٌ للصَّنعة، ولا علامة للتكلُّف، وهو كلام منسكب انسكابًا، وجارٍ جريًا يزيد من لُطفه على الطبع، بقدر ما يزيد الطبع على التصنُّع، قليله كثير، وكثيره غزير، ومعناه أقوَم من لفظه، ولفظه أرشق من وزنه، ووزنه أعدل من نظمه، ونظمه أحلى من نثره، ومجموعه أبْهى من مفرّقه، ومُفرّقه أظرف من مجموعه، وبعضه أغرب من كله، وكلّه أعجب من بعضه؛ وهو شيء يستوي تعجّب الجاهل، وتحيُّر العالم، ويستعلي الذهن ويستغرق الفهم، ويحجب الرُّؤية عن الإدراك، ويرُدُّها إلى البديهة في التسليم، وهذا يصحُّ ويبينُ لمن كان ذا أداة تامّة، وعقلٍ ثابت، وعلمٍ غزير، وطبعٍ سجيح.
[أخلاق الوزيرين]
قال: ذاك كلامٌ ليس فيه أثرٌ للصَّنعة، ولا علامة للتكلُّف، وهو كلام منسكب انسكابًا، وجارٍ جريًا يزيد من لُطفه على الطبع، بقدر ما يزيد الطبع على التصنُّع، قليله كثير، وكثيره غزير، ومعناه أقوَم من لفظه، ولفظه أرشق من وزنه، ووزنه أعدل من نظمه، ونظمه أحلى من نثره، ومجموعه أبْهى من مفرّقه، ومُفرّقه أظرف من مجموعه، وبعضه أغرب من كله، وكلّه أعجب من بعضه؛ وهو شيء يستوي تعجّب الجاهل، وتحيُّر العالم، ويستعلي الذهن ويستغرق الفهم، ويحجب الرُّؤية عن الإدراك، ويرُدُّها إلى البديهة في التسليم، وهذا يصحُّ ويبينُ لمن كان ذا أداة تامّة، وعقلٍ ثابت، وعلمٍ غزير، وطبعٍ سجيح.
[أخلاق الوزيرين]
"ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشّر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشرَّ الشّرين".
"علينا أن نحترز من الاعتقاد بأن ديانة أهل العصر الحجري القديم كانت مجرد مرآة لمجتمعهم. ولنتخيل علماء الآثار بعد عشرة آلاف سنة من الآن منقّبين عن بقايا مجتمعنا ويحاولون تفسير فكرنا ومشاعرنا بناء على فنوننا، فلنتصور أولئك العلماء المتخصصين في الآثار وقد توصلوا إلى بقايا كشك من أكشاك بيع الصحف وهم يهنئون أنفسهم على قيمة ما اكتشفوه. ألا تكون دهشتهم، على الأرجح، كبيرة حين يكتشفون أنّ معظم
فنوننا مكرّسة لتصوير الأنثى العارية، وقد لا يكون من الخطأ بالنسبة لعلماء المستقبل أن يستنتجوا أنّ الأمريكيين في القرن العشرين كانوا يعبدون شكل الأنثى. لكنهم يخطئون إذا استنتجوا أن هؤلاء الأمريكيين كانوا يعيشون في مجتمع تسوده النساء. فوجود هذا العدد الضخم من المجلات الإباحية، والجاذبية التي تمارسها «ربات» السينما في المجلات السينمائية، وصحف الفضائح بل والصحف اليومية، لن تزوّد علماء الآثار إلا بالقليل من المعلومات عن سلطة النساء الحقيقية ومكانتهن في مجتمعنا".
[الغرب والعالم| كافين رايلي]
فنوننا مكرّسة لتصوير الأنثى العارية، وقد لا يكون من الخطأ بالنسبة لعلماء المستقبل أن يستنتجوا أنّ الأمريكيين في القرن العشرين كانوا يعبدون شكل الأنثى. لكنهم يخطئون إذا استنتجوا أن هؤلاء الأمريكيين كانوا يعيشون في مجتمع تسوده النساء. فوجود هذا العدد الضخم من المجلات الإباحية، والجاذبية التي تمارسها «ربات» السينما في المجلات السينمائية، وصحف الفضائح بل والصحف اليومية، لن تزوّد علماء الآثار إلا بالقليل من المعلومات عن سلطة النساء الحقيقية ومكانتهن في مجتمعنا".
[الغرب والعالم| كافين رايلي]
قد يتلبّس الطفل الفضيلة دون اختيار واعٍ منه لأنّ دوافع نفسه لم تستحكم منه، أو لأنّ ما اكتسبه من خبرات لم تعينه على استكشاف المساحات المظلمة في نفسه بعد.
نعم، قد تخالط نفوس الأطفال الغيرة أو الحسد أو الطّمع وقد يكذبون، لكنّها في حدود مشاعرهم الطفوليّة الغضّة وفي حدود انفعالاتهم البشريّة الصِّرفة، وفي حدود ما يفهمون من لعبة الحياة، وفي حدود ما يدركون من متعها وأطماعها، فإذا تعاظم الوعي بقواعد اللعبة وشروطها-دون عاصمٍ من خُلُق- لربما انحسرت مساحة الخيّرية لصالح القوّة/ الظروف، تحت ذرائع ومبرّرات الأوهام، بل وكثيرًا تحت سلطة الهوى.
ولهذا كلّما تعاظمت مساحة اشتغالك في الحياة، كلّما تطلب ذلك جهدًا أكبر في مراجعة النفس وتهذيبها وتقويمها، نستصحب في هذا الميدان العسر، هدي القرآن: "والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم".
ودعاء النبي عليه السلام: "ربّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
نعم، قد تخالط نفوس الأطفال الغيرة أو الحسد أو الطّمع وقد يكذبون، لكنّها في حدود مشاعرهم الطفوليّة الغضّة وفي حدود انفعالاتهم البشريّة الصِّرفة، وفي حدود ما يفهمون من لعبة الحياة، وفي حدود ما يدركون من متعها وأطماعها، فإذا تعاظم الوعي بقواعد اللعبة وشروطها-دون عاصمٍ من خُلُق- لربما انحسرت مساحة الخيّرية لصالح القوّة/ الظروف، تحت ذرائع ومبرّرات الأوهام، بل وكثيرًا تحت سلطة الهوى.
ولهذا كلّما تعاظمت مساحة اشتغالك في الحياة، كلّما تطلب ذلك جهدًا أكبر في مراجعة النفس وتهذيبها وتقويمها، نستصحب في هذا الميدان العسر، هدي القرآن: "والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم".
ودعاء النبي عليه السلام: "ربّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
"فخَيْر الكلام - على هذا التصفُّح والتحصيل - ما أيّده العقل بالحقيقة، وساعده اللفظ بالرّقة، وكان له سهولة في السّمع، ووَقْع في النّفس، وعذوبة في القلب، ورَوْح في الصدر؛ إذا ورد لم يُحجب، وإذا صدر لم يُنْسَ، وإذا طال لم يُملّ، وإذا قصُر لك يُحقر، له غَنج كغنج العين، ودلّ كدلِّ الحبيب، ولذّة كلذّة الغِناء، وانقياد كانقياد الذّليل، وتيهٌ كتيه العزيز، ووقارٌ كوقار الشّيخ، وحلاوة كحلاوة العافية، وأخذٌ كأخذ الخمر، وولوجٌ كولوج النسيم، ووقعٌ كوقع القطر، وريحٌ كريح العِطر، واستواءٌ كاستواء السَّطر، وسبْكٌ كسبك التِّبر، يجمعُ لك بين الصّحة والبهجة والتّمام".
[أخلاق الوزيرين]
[أخلاق الوزيرين]
Forwarded from صومعة.
..
"وإذا تمكنت الشهوة من النفس، فلا بد أن تحدث أثرها في العقل، شعر بذلك أو لم یشعر، وهذا من لوازم الضعف البشري، ولكن كمال البشر هو بتضييق مداخلها على العقل؛ حتى لا تظهر في صورة واضحة الخطأ؛ بل إن دورانها يكون من مكان بعيد عن حمى الوضوح حتى تحقق شهوتها ومطمعها، وذلك يتعسر على الأذكياء معرفه وتقييده، وهذا غالبًا يكون من العفو لأن دخول العقول في تعظيمه وتضخيمه وشدة الحذر منه يُدخلها في وسواس، وهو من الأمراض التي تعتري الأذكياء؛ يوغلون في الدقة فيما لا تنبغي فيه الدقة؛ حتى تمرض عقولهم، فتعطل أفعالاً عظيمة؛ خوفًا من عواقب دقيقة".
[الفصل بين النّفس والعقل| الطّريفي]
"وإذا تمكنت الشهوة من النفس، فلا بد أن تحدث أثرها في العقل، شعر بذلك أو لم یشعر، وهذا من لوازم الضعف البشري، ولكن كمال البشر هو بتضييق مداخلها على العقل؛ حتى لا تظهر في صورة واضحة الخطأ؛ بل إن دورانها يكون من مكان بعيد عن حمى الوضوح حتى تحقق شهوتها ومطمعها، وذلك يتعسر على الأذكياء معرفه وتقييده، وهذا غالبًا يكون من العفو لأن دخول العقول في تعظيمه وتضخيمه وشدة الحذر منه يُدخلها في وسواس، وهو من الأمراض التي تعتري الأذكياء؛ يوغلون في الدقة فيما لا تنبغي فيه الدقة؛ حتى تمرض عقولهم، فتعطل أفعالاً عظيمة؛ خوفًا من عواقب دقيقة".
[الفصل بين النّفس والعقل| الطّريفي]
وحين نُحبّ، فنحنُ نحاولُ مدّ ذواتِنا، أي نُضيفُ إلى ذاتِنا مساحةً أخرى، تكمّل فيها نقصا، أو تأمن بها من خوف، أو تخفّف بها من غربة عالَم موحِشٍ وقاسٍ. لا يبحثُ النّاس، غالبا، عن حبيب يُناظِرونه فكريّا، أو يُناقشونه فلسفيّا، أو يخوضوا معه حوارا دينيّا، أي لا يبحثُ النّاس عن "آخَر" أو "موضوع" ليحبّوه. يُحبّ النّاس من لا يرونَ فيه آخَرا تماما، ومن لا تحتاجُ ذواتُهم في حضرتِه إلى أن تتسلّح بدفاعاتِها وأقنعتِها وحِجاجاتِها وحيلِها المعتادة حين تواجهُ العالم.
يشيعُ القولُ بأنّ حبيبَك هو من تستطيعُ في وجودِه أن تكونَ أنت، لكن يُمكِنُنا أن نرى الأمر من زاوية مُقابِلة تماما، فالحبيب هو من لا تحتاجُ في حضرتِه إلى أن تكون "أنت"، ولا تحتاجُ في وجودِه إلى استحضار "أناك"، بل يمكنُك أنت تكونَ حالة مخفّفة جدّا من ذاتك، بلا أقنِعةٍ ودفاعات وحجج وحيل، حالة من "الخفّة الوجوديّة" التي يمكنُ أن تعيشَها مؤقَّتا بلا تبعات.
[همّام يحيى]
يشيعُ القولُ بأنّ حبيبَك هو من تستطيعُ في وجودِه أن تكونَ أنت، لكن يُمكِنُنا أن نرى الأمر من زاوية مُقابِلة تماما، فالحبيب هو من لا تحتاجُ في حضرتِه إلى أن تكون "أنت"، ولا تحتاجُ في وجودِه إلى استحضار "أناك"، بل يمكنُك أنت تكونَ حالة مخفّفة جدّا من ذاتك، بلا أقنِعةٍ ودفاعات وحجج وحيل، حالة من "الخفّة الوجوديّة" التي يمكنُ أن تعيشَها مؤقَّتا بلا تبعات.
[همّام يحيى]
الانحياز الغربي للرواية الصهيو.نية مقيتٌ جدًا، لكن الأشدّ مقتًا هو تبرير جرا.ئم الاحتلا.ل وفق مسطرتهم الأخلاقيّة تطول وتقصر أنّى شاؤوا وكيف شاؤوا، بدمٍ بارد ومنطقٍ جافٍّ وضمير فاسد وبصيرةٍ عمياء واستعلاءٍ أخلاقيّ وقيميّ أجوف، يسأل بيرس مورغان أحد محاوريه، كم عدد الأشخاص الذين يجب قتلهم لإنهاء هذا الصراع؟ فأجاب: بقدر ما يتطّلبه الأمر!
ثم تابع قائلًا: أنّ الطريقة الوحيدة لجعل الحرب مبرّرة أخلاقيًّا هي بالفوز بها، ضاربًا في عرض الحائط المعضلات الأخلاقيّة التي شغلت الفلاسفة دهرًا، إزهاق الأرواح خسائر جانبيّة للحرب، قصف المستشفيات وتدمير المنازل وتهجير النّاس ضرورة لا بُدّ منها!
في كتاب الشرّ السائل بيّن باومان أنّ اللامبالاة حالة من الدمار الأخلاقيّ والمرض الاجتماعي في العالم الحديث، إذ يُقال أنّ موت شخص واحد إنّما هو مأساة، أما موت ملايين الناس فهو عمليّة إحصائيّة، إنّ الصراع بين "العمى الأخلاقي" وقدرتنا على رؤية الناس"ككائنات أخلاقيّة" هو محكّ حقيقيّ للنّفوس اليقظة النبيلة.
وكأمّة مسلمة نعلمُ أنّ الإيمان هو أساس رؤيتنا للعالم وهو مفتاح صناعتنا للتّاريخ، إنّ هذا الميراث الروحيّ هو زادنا ونورنا، ونفرح للمقاومة وقد ملكت علينا جوانحنا بهذا المنجز العظيم، وبخطابها الإيمانيّ الرّصين، أما أنتم يا أهل غزة فقد أحييتم الإنسان الذي كاد يموت في هذا العالم وألهمتم النفوس الحرّة، وألهبتم النفوس الثائرة، وعلّمتم الأجيال جيلًا بعد جيلٍ، كيف تُصان الأرض وتحفظ الحُرُمات وتُلهب المروءات، أمّا إسرا.ئيل عديمة الحياء، لا تحفظ كرامة لله فكيف تحفظ كرامة الإنسان؟!
ولكن عزاءنا أنّ الأيّام دولٌ والحرب سجال.
وأن الله مولانا ولا مولى لكم.
ثم تابع قائلًا: أنّ الطريقة الوحيدة لجعل الحرب مبرّرة أخلاقيًّا هي بالفوز بها، ضاربًا في عرض الحائط المعضلات الأخلاقيّة التي شغلت الفلاسفة دهرًا، إزهاق الأرواح خسائر جانبيّة للحرب، قصف المستشفيات وتدمير المنازل وتهجير النّاس ضرورة لا بُدّ منها!
في كتاب الشرّ السائل بيّن باومان أنّ اللامبالاة حالة من الدمار الأخلاقيّ والمرض الاجتماعي في العالم الحديث، إذ يُقال أنّ موت شخص واحد إنّما هو مأساة، أما موت ملايين الناس فهو عمليّة إحصائيّة، إنّ الصراع بين "العمى الأخلاقي" وقدرتنا على رؤية الناس"ككائنات أخلاقيّة" هو محكّ حقيقيّ للنّفوس اليقظة النبيلة.
وكأمّة مسلمة نعلمُ أنّ الإيمان هو أساس رؤيتنا للعالم وهو مفتاح صناعتنا للتّاريخ، إنّ هذا الميراث الروحيّ هو زادنا ونورنا، ونفرح للمقاومة وقد ملكت علينا جوانحنا بهذا المنجز العظيم، وبخطابها الإيمانيّ الرّصين، أما أنتم يا أهل غزة فقد أحييتم الإنسان الذي كاد يموت في هذا العالم وألهمتم النفوس الحرّة، وألهبتم النفوس الثائرة، وعلّمتم الأجيال جيلًا بعد جيلٍ، كيف تُصان الأرض وتحفظ الحُرُمات وتُلهب المروءات، أمّا إسرا.ئيل عديمة الحياء، لا تحفظ كرامة لله فكيف تحفظ كرامة الإنسان؟!
ولكن عزاءنا أنّ الأيّام دولٌ والحرب سجال.
وأن الله مولانا ولا مولى لكم.
•
عييت بطب الأحمقين وجهلهم
بأنّ (النفوس الخيرات عجابُ)
فهنّ إذا ما الأمر هان أباطحٌ
وهن اذا ما الجدُّ جدّ هضابُ
يضيق بها كونٌ وهن شوامخٌ
وسبع سموات وهنّ رحابُ
يساقين أجيالًا وهنّ ظوامئٌ
ويُشبعن أحقابًا وهنّ سغابُ!
[الجواهري]
عييت بطب الأحمقين وجهلهم
بأنّ (النفوس الخيرات عجابُ)
فهنّ إذا ما الأمر هان أباطحٌ
وهن اذا ما الجدُّ جدّ هضابُ
يضيق بها كونٌ وهن شوامخٌ
وسبع سموات وهنّ رحابُ
يساقين أجيالًا وهنّ ظوامئٌ
ويُشبعن أحقابًا وهنّ سغابُ!
[الجواهري]