Telegram Web
من أجمل ما يمكنك فعله عندنا يفتح اليوم ستائره وقد التقطتَ أنفاسَك النقية، أن تُكرم نفسَك بسترها وإضفاء الفأل عليها ودعمها مهما كان ليلها البارحة.

لطفًا بنفسِك!

إنّ النفس تعطيك بقدر ما تعطيها، فإن سخطتَ عليها أسخطتك، وإن شققت عليها أفلتت منك دون رجعة، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إنّ لنفسك عليك حقًّا"
جاء في شرح ابن رسلان : "إشارة إلى أن النفس وديعة لله عند ابن آدم، وهو مأمور أن يقوم بحقها، ومن حقها اللطف بها حتى توصل صاحبها إلى المنزل.
قال الحسن: نفوسكم مطاياكم إلى ربكم فأصلحوا مطاياكم توصلكم إلى ربكم فمن وفى نفسه حظها من المباح بنية التقوي بها على تقويتها على أعمال الطاعات كان مأجورًا في ذلك كما قال معاذ: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.
ومن قصر في حقها حتى ضعفت وتضررت كان ظالمًا لها".

تمهّل لئلا تحترق وتحرقها.
توقّف مليًّا وانظر كم مرة آتاك الله منها حُسنًا وكانت لك عونًا فلم تشكر لها، فآن لك أن تكرمها.
ليس المراد الخطاب الحديث "أحب نفسك" إلى درجة ممجوجة ساذجة فينقلب الهُمَام إلى فارغ.
إنما الالتفات للتوازن بين مطالب الحياة وبين أن تلتذّ بشيء تحبه معنويًّا أو حسيًّا، أن تأخذ وقتك كافيًا في المراح كما تأخذه في الجد وأن يكون لك فيه سعة دينا ودنيا.

أعط نفسك الأمان
إن أكثرت عليها من الحزم والجلْد فأطاعت فثمة دقائق استأنس بمحابها لتعطيك همة وجلَدا، وتقوى على قضاء أمرك.

من الأحاديث التي تبهرني في الأدب مع النفس حتى في انتقاء الألفاظ المناسبة، وتعمّق أثر البلاغة، وتنبه على سماع أذنك للسانك، وسماع ضميرك لأفكارك ونتاج ذلك ما جاء في صحيح البخاري: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : خَبُثَتْ نَفْسِي. وَلَكِنْ لِيَقُلْ : لَقِسَتْ نَفْسِي ".

جاء عند ابن الأثير: " لقِسَت :أَيْ غَثَت: واللَّقْس: الْغَثَيَان، اللَّقِس:
السّيء الخُلُق.وَقِيلَ: الشَّحِيح. ولَقِسَت نَفْسُه إِلَى الشَّيء، إِذَا حَرَصَت عَلَيْهِ ونَازَعَتْه إِلَيْهِ".
قال ابن حجر في الفتح:
"فيه استحباب مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء، والعدول إلى ما لا قبح فيه، والخبث واللقس وإن كان المعنى المراد يتأدى بكل منهما لكن لفظ (الخبث) قبيح ويجمع أمورا زائدة على المراد، بخلاف (اللَّقْس) فإنه يختص بامتلاء المعدة.
وفيه أن المرء يطلب الخير حتى بالفأل الحسن، ويضيف الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما، ويدفع الشر عن نفسه مهما أمكن، ويقطع الوصلة بينه وبين أهل الشر حتى في الألفاظ المشتركة.
قال: ويلتحق بهذا أن الضعيف إذا سئل عن حاله لا يقول: (لست بطيب)؛ بل يقول: (ضعيف)؛ ولا يخرج نفسه من الطيبين فيلحقها بالخبيثين".

أيُّ رقيٍّ هذا وأيُّ أناقة نفسية سيشعرها الإنسان؟
تعامَل مع النفس تعامل المتأدّب مع شخص يحبّه ويخاف عليه، فهو كما يؤدبه يتأدّب معه.
ولك أن تعرف أنّ أوّل ما تنحرف النفس وتحترف طريقًا خاطئًا يكون بإشعار الإنسان نفسه أنها سيئة فلا يرجى منها خير، فلا يزال الإنسان يكثر عليها التهمة حتى ينزع منها الخير فتصدّق ما قيل عنها فلا تُعينه .
والعكس صحيح بفضل الله ومعيته.
نفسك تأخذ القالب الذي تضعها أنت فيه، فقوْلبها على المعالي تنلها بإذن الله" قد أفلح من زكاها".

وفي ميدان التعامل مع النفس بينما نحن نصبح على ترقّب الفرَج على إخواننا ونعلم قلة حيلتنا فممّا يهوّن على أنفسنا أن نذكر وسعنا ونستنفده دون مطالبة لها بما ليس في إمكانها فثمة مساحة قريبة هنالك للضعف نصارع كي لا نصلها ، حتى تستطيب الأمل وتظلّ في فأل دون خيبة وتستمرّ بالدعاء دون خوَر، وحتى لا يتمكن اليأس، فكلّما كانت النفوس قوية كان الرجاء عندها أشدّ توقن بالقادر أن ميعاد الفرج عنده، والله غالب على أمره.

نواياك كنز فاستثمرها ثم تذكر أن حسابك سيكون على سعيك ووسعك " لا يكلّف الله نفسًا إلا ما آتاها"، فإذا بذلت فلا عليك ألّا تصل للنتائج فهي لله إن كانت خيرًا أوصلك إليها، لكنّك لن تُبخس أبدا.
فَتُق للمعالي واسع لها سعيها اللائق في حدود وسعك.

أتذكّر قول عمر بن عبدالعزيز :
"إنّ لي نفسًا تواقة"؛ لا عجب أن يكرم عمر نفسه ويعلم تطلعها العالي في الدنيا والآخرة، فكان سخيًّا معها فبادلته مع توازنه الذي لا يخفى في زهده وورعه وتقواه.

"تلك الأماني والأحلام مركبها
مازال قائدها يشتدّ في الطلبِ

والنفس ولهى ولم تبْرح أعنّتها
في كفّهِ أينما يقذف بها تثِبِ"

#خاطرة

https://www.tgoop.com/Sha6eAlraghad
شاطئ الرغد
Photo
حافيان
جائعان
تقديري من الصورة أنها جائعة أكثر منه لأنها تولّت حمل القدر وجلست هاهنا لتطعَم وتُطعمه، فجاءت بإيثارٍ آسرٍ يكسوها حنانًا أنثويًّا فريدًا، وأمومة مبكّرة، ولطفًا من الله قبل كلِّ شيء جعل من يديها عونًا لأخيها، وكأني بها:

كُلْ يا فديتُكَ صحّةً وسرورا
كُلْ يا أخي فغدًا أراكَ كبيرا

إني نفثتُ على القليل أمومتي
فإذا بقِدْر المكرماتِ كثيرا

كلْ يا حبيبي إنّ قلبي راحِمٌ
وبحالنا ربّ العباد بصيرا

كلْ مِن يَدِي وغدًا أزيدكَ لقمةً
فَلَنا العجينُِ يعجّلُ التخميرا

عِدني بأنْ نبقى معًا أسقيكَ مِن
عَصْرِ انتصارِكَ في الغداة عصيرا

فاذكُر معي هذا الركام نعيده
بيتًا ونرفعُ إثْرَهُ التكبيرا

أشتاقُ بيتًا فيه صوتُ ضجيجنا
أشتاق نومًا هادئًا وسريرا

أشتاق روحًا للطفولة فارقتْ
فاحتْ بغزّةَ في السماء عبيرا



#شعر رغدة
#غزة

حاولتُ أن أهرب..
أن أقنع نفسي أنني لن أكتب في هذا الألم مجددًا..
وأنّ موعدنا النصر..
فتجتاحني مشاعري إعصارًا على ورق..
لتبعثر صورةٌ كلُّ اتفاقٍ كان بالأمس..
إيه هذه الصوَرُ تستكتِب..
تستكتب حتى تلك الأخشاب المهملة..
أفتح غطاء القلم المقيّد فيفرّ مني
ولا يعود إليّ مجددًا..

كنت أحاول
مجرد محاولة
ألا تكون صوَرهم مادةً لقصائد عاجزة..

لكن..
ما هي الحيلة وهذا جزء من الوِسعْ!
لعلّ بعض المشاعر حشاشة من الضمير
وقصاصةً من الخاطر
فالحمدلله الذي يحييها لنا مع كل صباح كما يحيينا ..
ونعوذ بك يارب من أن تموت فينا..
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى "-صحيح مسلم-

توادّهم
وتراحمهم
وتعاطفهم!

اللهم غفرانك

https://www.tgoop.com/Sha6eAlraghad
يحصل أن ترتبك النفس على إثر آية ويقشعرّ الجلد مهابة ثم يطمئن القلب و تجدد المعاني..
وتضيف إلى اليوم الكنف الحاني..

"ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَٰبًا مُّتَشَٰبِهًا مَّثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ۚ"

مازلتُ أوصي نفسي أنّ ورد القراءة شيء وورد السماع شيئ آخر..
وانظر إلى آثار ذلك!
لا عجب أن تقرأ الشيء فيعجبك وعندما تسمعه يعجبك من وجه آخر، فريد كأن لم تقرأه من قبل، فللنبر أثره، وللتلوين الصوتيّ إيقاعه، وللمزاج السامع قصص لا تُشبه تلك التي تشغل مزاج القارئ، وأوقات الصفاء تختلف، وخواطرنا وما يمرّ بنا يغيّر من أحوالنا وسبل التأثير فينا..
ثمّ سرٌّ آخر يحويه قلة من الناس، أولئك الذي لا يتكلّفون لكنهم يوفَّقون وهم يقرؤون بإحساسهم، فيقرأ أحدهم وهو يعرف يقينًا أنه لا يقرأ الحروف فحسب إنما يحرّك لك المعاني، ويعرضها أمامك، بل إن شئتَ قل يسكبها حلاوةً في وجدانك، أو يمزجها بقلبك مزجًا..
ويعلو على ذلك أنّ الله جعل لأصواتٍ من التأثير وانفتاح القلوب ما لم يجعل لغيرهم..

أتذكر في شأن القرآن أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشتهي أن يسمعه من غيره كما قال لعبدالله بن مسعود فيما رواه البخاري: " اقْرَأْ عَلَيَّ ". قَالَ : قُلْتُ : أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟ قَالَ : " إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي "… الحديث.
.
.
عند الظهيرة بينما تشتبك أوقات الذروة بالسيارات، تنساب من إذاعة القرآن قراءة شيخٍ لم أميّز اسمه..
قراءة جعلتني دون مبالغة لا آبه للزحام.. بعثتْ هيبةً وأنسًا ومشاعر مجتمعة متحرّكة مع توقّف السير المتكرر في شوارع الرياض.. قراءة أوقفت إعصار أفكاري في زوايا الحياة ، لتأخذني بصوت قارئها الرخيم وهو يحبس أنفاسه فيفيض إحساسه يقرأ : "واستغنى الله" ثم يقف عندها، ثم يعيدها فتطرق مسامعي كأن لم يقرأها قبل ثواني، ثم يعيدها الثالثة بالخاتمة التي تأسر بلاغة وتناسبًا " واستغنى الله والله غني حميد".

هذا المقطع من قوله تعالى: ﴿ذَ ٰ⁠لِكَ بِأَنَّهُۥ كَانَت تَّأۡتِیهِمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَقَالُوۤا۟ أَبَشَرࣱ یَهۡدُونَنَا فَكَفَرُوا۟ وَتَوَلَّوا۟ۖ وَّٱسۡتَغۡنَى ٱللَّهُۚ وَٱللَّهُ غَنِیٌّ حَمِیدࣱ﴾ [التغابن ٦].

فظلّت على لساني بقدر ذلك المعنى المخيف للإنسان الضعيف الفقير الذي لا يملك من أمره شيئًا ، ثم هو على ضعفه لا يكتفي بالجحود والبينات تُعرض بل يتولّى ، فكيف حاله وخالقه وصاحب الغنى والقوة يقول له:
"واستغنى الله والله غنيّ حميد"؟

لم ترد هذه الصياغة "استغنى الله" سوى في هذا الموضع في القرآن.
قال الطبري: "واستغنى الله عنهم، وعن إيمانهم به وبرسله، ولم تكن به إلى ذلك منهم حاجة ".
وقال القرطبي: "أَيْ بِسُلْطَانِهِ عَنْ طَاعَةِ عِبَادِهِ،... وَقِيلَ: اسْتَغْنَى اللَّهُ بِمَا أَظْهَرَهُ لَهُمْ مِنَ الْبُرْهَانِ وَأَوْضَحَهُ لَهُمْ مِنَ الْبَيَانِ، عَنْ زِيَادَةٍ تدعو إلى الرشد وتقود إلى الهداية".
وأجمل البقاعي في قوله: "أطْلَقَ الِاسْتِغْناءَ لِيَعُمَّ كُلَّ شَيْءٍ".

ثم تأتي الفاصلة البليغة " والله غنيٌّ حميد":غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ فِيما طَلَبَ مِنهم، حَمِيدٌ لِمَنِ امْتَثَلَ وشَكَرَ". -ابن عاشور-
"لَهُ صِفَةُ الغِنى المُطْلَقِ والحَمْدِ الأبْلَغِ الَّذِي هو الإحاطَةُ بِجَمِيعِ أوْصافِ الكَمالِ على الدَّوامُ أزَلًا وأبَدًا"- البقاعي-

غنيٌّ عنّا وعن أعمالنا ويريد لنا أن نتقرّب إليه لنجاتنا ثم يحمد لعبده ويشكره؛ "والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما".

أيقظ بها قلبك وأنت تراجع خطط طاعاتك التي أهملتَها..
وخطواتك التي قطعتها في الفضائل ثم اخترتَ أن تتراجع عنها..
أعلِها أمام نفسك التي تعرف أنها تجرّأتْ ولا زالت تمضي حيث لا يرضى الله..
"واستغنى الله والله غنيّ حميد"

ثمّ أبشِر وأنت بين جناحيْ خوفك ورجائك بفتح الله لقلبك الطيّب
ونواياك الصالحة المختبئة

فربّ كلمة.. كانت وصالًا بين الإنسان ويقظته!
وربّ يقظة.. كانت ميعادًا بين الإنسان وولادته!

#وقفة_قرآنية

https://www.tgoop.com/Sha6eAlraghad
علمني الشعر (١)*
الاختيار والتوازن..

إذا أطلّ بدر الشعور وبات متدثّرًا بالأوزان فلا عجب أن تستيقظ شمس الشعر .
في صباح يوم ما أذكره جيدًا دخلتُ في فضاء جديد،
لم أختر مدرسة الشعر، ولم أقف على عتباتها، ولم أعرف أين تقع بوابتها مطلقًا.
الحقيقة أنني وجدت نفسي في إحدى الفصول فجأة، وكانت البداية.
أخذته بالتدرّج
كتبتُ شيئًا مضحكًا أول مرة حتى صار المكتوب شعرًا.

وبعد دخول كهف "الشعر"
رأيتُ فيه
عالمًا فريدًا
ومتنفسًا بديعًا
وريفًا مخضرًّا يناديني من زحمة الحياة

الشعر هو البحر، كل موجة فيه لا تشبه الأخرى، واحتياج الشاعر فيه للسباحة شرط للنجاة، يجعل القلم رشيقا، والنفَس رقيقا، كل شيء يقع فيه يتحوّل، تكاد العين لا ترى الأشياء كما هي بين الأوزان والقوافي،
وكلّما تعمّق في هذا البحر سبّاح صارت الأشياء من حوله أعجوبة، وأدمن الغوص في العمق، وكل ما يمر أمام عينيه، أو يعيش في شعوره، أو يتُعب أنفاسه يصبح مادة ثرية في بحر يمتزج فيه الشعر بالشعور.
تصبح الرائحة شطرًا، والألم قافية، والصورة حكاية، والطعم حرفًا..
علمني الشعر أن أستنطق الصامت وأصمّت الناطق، أن أعيش كل شيء بإحساس لغوي يتعدّى ما يجري في دمي إلى ما يجري في دماء الناس.
علمني الشعر الاختصار ورعاية فنية القالب لا مجرد النظم المباشر الساذج.

تعلمت بعد سنوات من الكتابة أن الشاعر ربّما عصر قلبه ليُخرج لك ربع كوب من قهوة مقطّرة مركّزة .

الشعر يريد قوة لا ضعفا
تركيزا لا شتاتا
لبًّا لا قشورا
انتقاء لا حشوا
يأتيك مع الشعر اختزال المعنى مع فصاحة اللفظ وتمام الدلالة، وهذه مهمة صعبة، تحتاج مهارة، وتتطلب عمقا في الفهم ونسجًا للعبارة.
وصياغة المعنى في شطر أو بيت وحده مكتملا لا حاجة لبيت يتم له معناه تحدٍّ فعلي، واختبار ماتع جدا، يستطيعه الشاعر مع الدّربة.

وربّما يتمرّد القلم خفية كطفل عنيد يجرّب الكتابة حتى على الجدران، فإذا جاء تسلّل إلى حجرة العقل ووثب على التنقيح بإبرة مخدّر واضعًا الإرادة في وضعية الطيران، سامحًا لكل المشاعر أن تبدأ وتنتهي وحدها.

علمتني قيود الوزن والدراسة في البلاغة أن أدرك قيمة كل كلمة وكل حرف في البيت، وأن أقوى على التخلّي عن بيت أو شطر أحببتُه؛ لأنّ معناه تكرر في غيره وكان هناك أجزل.

في رحلة المعنى ربما لا تأتي أبيات الشعر مرتبة،
أحيانا أسمع أبياتي بعدما تُنشَد وأقول : لو كان الثالث مكان الثاني لكان متّسقًا أكثر إذا أردتُ أن أكون ناقدة محايِدة، لكنّ سيل الشعور لا يترك مجالًا للزورق أن يجدّف عكس الاتجاه.
أكتشف مع الأيام أنّ أكثر ما تعلمتُه من الشّعر أن أدقق الاختيار وأأنف من الحشو أنفة شديدة،
فالكلمة التي تكتب لتجلس في المكان ولمجرّد أن تملأ طبق الوزن وتُخسِر المعنى هي كلمة ثقيلة لا حاجة لها ، مثلًا سأفترض شطرًا بدهيًّا لا يحتاج توقّدًا:
أهلا بكلّ الصحب والخلانِ

"الصحب والخلان" بمعنى واحد والإتيان بالمرادف إذا لم يكن لمقصد بلاغي وجيه وإضافة معنى مختلف فلا قيمة له، ثمّ "كل" أشبه بكريمة الخفق التي تملأ فراغات الكعك، دسمة إلى أبعد حد، لكنّها لا تعطيك المعنى الحقيقي منها في الشعر إلا نادرًا.
يقول القرطاجني :
"وأحسن الألفاظ ما عذب ولم يبتذل في الاستعمال. وكلامنا ليس واجبا على الشاعر لزومه, بل مؤثرا حيث يمكن ذلك"،
ويقول في اختيار الألفاظ كذلك:"وصناعة الشاعر فيها حسن التأليف والهيئة".
فالغاية ليست أن يجمع الكلمات على وزن ويحسنه، فهذه مفروغ منها ليسير على شرط من شروط الشعر فقط، فالسرّ هو كيف ينظم المعنى الذي جال في نفسه باختيار اللفظ اللائق.
أما إذا بلغ البراعة فسيأتيك في الشعر وكأنه مغنّى بمجرد قراءته.

متى أدرك الشاعر أهمية ألا يكتب القصيدة رفعًا لملام أنه شاعر وعليه أن يُنتج؛ بل يقدّمها مزيّنة مطيّبة يودّ الناظر ألا يرفع عينيه عنها فقد وصل بشعره إلى الإحسان في تلك اللحظة التي رسم فيها شعوره بأدق التفاصيل وأحسن إلى اللغة بكشف كنوزها.
..
يختلف الشعراء في قوتهم مهما أحسنوا بحسب الغرض؛
جاء في صحيح مسلم طلبُ النبي صلى الله عليه وسلم من عبدالله بن رواحة وكعب بن مالك أن يهجوا قريشًا، فلمّا جرّبوا لم يرض النبي بأيٍّ من هجائهما، ثم أرسل لحسان بن ثابت رضي الله عنه فلمّا سمع هجاءه قال: "هجاهم حسان فشفى واشتفى".
على أنّ كلًا منهم كان شاعرًا من شعراء عصر النبوة محسنًا في شعره ، والأمر يتفاوت.
وأحبُّ هذه النتائج،
و هكذا فلتكن الغاية من الشعر أن يشفي في غرضه ويشبعك في موضوعه، وتشعر بعد أن تقرأه بأنك ارتويت.

الإنجاز ليس في مجرّد كتابة الشعر بحدّ ذاتها كتجربة إنسانية او نفثة شاعرية ، بل أضف إلى ذلك المحصّلة:
ماذا ترك هذا البوح في نفس قارئك؟

فواهًا إذا أشعلت القصيدة في نفس القارئ فتيلًا
وفتحت لحياة المعنى في قلبه سبيلًا


*سؤال وصلني، أجيب عنه بالخواطر.

#خاطرة

https://www.tgoop.com/Sha6eAlraghad
شاطئ الرغد
علمني الشعر (١)* الاختيار والتوازن.. إذا أطلّ بدر الشعور وبات متدثّرًا بالأوزان فلا عجب أن تستيقظ شمس الشعر . في صباح يوم ما أذكره جيدًا دخلتُ في فضاء جديد، لم أختر مدرسة الشعر، ولم أقف على عتباتها، ولم أعرف أين تقع بوابتها مطلقًا. الحقيقة أنني وجدت نفسي…
علمني الشعر (٢)
التزوّد والممارسة..
بالأخذ والعطاء..
فالقراءة الواعية والتواضع للمقروء تثمر ممارسة متجددة غير مملة أو اعتيادية، وبدون التواضع لا يستقي الإنسان و لا يطوّر شعره.

🖋️التواضع:
يومًا ما من أيام رحلة الدكتوراه حدث موقف طريف لا أنساه، دخل أستاذ النقد طيّب الله ذكره على القاعة وكان الحديث عن الصنعة الشعرية وسمات الشاعر، فقال : أعلم أنّ في القاعة شاعرتين، فمن هما؟
فلم تتحدث واحدة، ثم قال: لا بأس.
أرى في كل شاعر نزعة غرور ، وأبرز ما يدل عليه أنه يكتب لينشر، كأنه يقول للناس: انظروا إلى شعري الجميل. ثم استأذنته: عفوًا أستاذ إن سمحتَ لي بالتعقيب، فقال: هذه رغدة، تفضلي، قلت: ربّما يكون ما قلتَه منطبقًا على صنف منهم، وفي شعر المتنبي مثلا إلماحات لمثل هذا، لكن الذي لا أشك فيه أنّ هذا التعميم قد يغيّب حقيقة كثير منهم وربما صنّف نفوسهم وحكم على نواياهم، الشاعر يكتب لأنه يريد الكتابة، يكتب لأنه يشعُر، والذي يشعر ينفعل، والذي ينفعل حرفًا، يظهر انفعاله، الانفعال حياة، كم من شاعر يكتب لأنه شعر يقضية أو تألم لمصاب أو تذوّق جمالًا أحبّ مشاركته، وهو في النشر مثل العالم والكاتب والقارئ، كل أولئك ينشرون، ليس أن هذا غرورًا فيهم بل من مسؤولية الكلمة ونشر الخير، وتسجيل التجربة الإنسانية، نحن نحتاج شاعرًا واثقًا ينقل لنا نظرته للدنيا من حوله، لا ينزوي عند الحاجة إليه، وإلا فما قيمته؟، ماقيمة الشعر إن لم يُروَ؟فقال: قبل أن أعقّب، هل عرفتم الآن إجابة سؤالي الأول!".

علمني الشعر أن أنظر إلى كل أطباق القصائد وأتذوّقها حتى لو لم تبدُ لذيذة، وهي مدرسة؛ فإن كانت جيدة تتلمذت، وإن كانت غير ذلك علمتني طعمها ومعيار الجودة والرداءة.
لم يعلمني الشعر الغرور، بل على العكس تماما؛ علمني أن أعرف موقعي وموقفي وأسجل حضوري عندما لا يُشفى الصدر في بعض المقامات إلا بلمسة الشعر.
وأن لا أتردد بعرض قصائدي على خبير إن شككت فيها.
الغرور وغيره شيء متعلّق بالشخصية لا علاقة له بالمجال أو المهنة أو الهواية.

علّمني الشعر أن أتمثّله وأستشهد به، ألّا أحفل بشيء كتبته وعند الناس ما هو أجود منه في موضوعه.
وأنّ عند الناس من الحِكم ما يعجز عن نظمه الشعراء.
وكم من شاعر مغمور لا صيت له كانت كلماته أشد وقعًا من غيره،
وألا تلازم بين الشهرة والشاعر، كل شِين لها باب مختلف، فأمّا الشهرة ففتنة وقلّ من يسلم فيها، وأمّا الشعر فبوابة حكمة لمن عرف طريقها من خلاله.
هناك مواقف تلامسها بعض الأبيات فتجدها تجري على اللسان، ورد في البخاري عن جندب رضي الله عنه قوله: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي ؛ إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقَالَ :
" هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ "، فتمثّل شعر عبدالله بن رواحة رضي الله عنه ، وفي هذا المعنى تخفيف على النفس، ومواساة للآلام بأنفاس الوزن الشجية.
ومن مثل هذا عندما يحصل موقف فتتمثل صديقتي بيتًا شعر كتبته ونسيته فترسله إلي، فيعلّمني الشعر أن أكتبه ليلامس الوجع فيخفف منه، لا أن يزيده، تعلمتُ ذلك عندما رأيت أثره في نفسي وفي نفوس الناس.

🖋️ التزوّد، ألّا أتوقف عن القراءة:
عندما أكتب على وتيرة متتالية ومتصاعدة لتدفق شعوري هادر، كنت أنظر إلى كل قصائدي المتقاربة في الزمن فإذا تشابهت فيها الألفاظ توقفت، وعرفت أنّ عليّ استدرار اللغة، وأن أمكث مع بعض الألفاظ حتى تخرج على نحوٍ أجود، اللفظ لا يأتيك إلا من مخزن تعبّئه بالقراءة والتلقّي والاكتساب مع قدر فطري من البديهة لا شك لا يُستغنى عنه.
عندما أجدني أكثرتُ من لفظ ما ، أعود للمعاجم قارئة لاستخراج مرادف أدقّ في دلالته، لأني قد أحبّ لفظًا وأستهلكه حتى يبلى معي.

القرآن والسنة والتفسير وشروح الحديث ثمّ كتب الأدب والبلاغة مثل: كتب الرافعي والجاحظ وابن المقفع وابن المبرد وعبدالقاهر الجرجاني لمن قدِر عليه، هي من أنفس ما يعطي مخزونًا، السطر فيها له قيمة عالية.
هذه القراءة لغة وإن لم تُقصد لذلك، لكن هناك قراءة أكثر دقة تتوجه إلى ميادين الشعر العربي ذاته من أصوله من المعلقات ودواوين الشعراء هذه تُكسب الآلة وتُحدّها.
ثمّ أي كتاب نافع في بابه يقع بين يديك غالبًا سيعطيك شيئًا تتعلمه أو تنفر منه.

لا يعني أنّ الإنسان مشغول أنه إما أن يأخذ كلّ شيء جملة فيعجز أو يتركه جملة فيهجر، يتدرّج بحسب ما عنده من المتّسع، ولو ترك هاتفه لوجد من الوقت الشيء الكثير المبارك.
وبين فينة وأخرى قلّب في لسان العرب في فصل الدال أو الذال مثلًا لمجرّد معرفة بقعة جديدة من الدهشة لم تغُص فيها، أعدك أن تبقى هناك وتعشق ذلك البحر.

فانظر إلى قدر احتياجك واملأه بالمستطاع، والشعور بالحاجة هو أول أسرار الاستزادة ،يقول الجاحظ: "من أعون الأسباب على تعلّم اللغة فرط الحاجة إلى ذلك. وعلى قدر الضرورة إليها في المعاملة يكون البلوغ فيها، والتقصير عنها".
#خاطرة
شاطئ الرغد
علمني الشعر (٢) التزوّد والممارسة.. بالأخذ والعطاء.. فالقراءة الواعية والتواضع للمقروء تثمر ممارسة متجددة غير مملة أو اعتيادية، وبدون التواضع لا يستقي الإنسان و لا يطوّر شعره. 🖋️التواضع: يومًا ما من أيام رحلة الدكتوراه حدث موقف طريف لا أنساه، دخل أستاذ النقد…
"علمني الشعر ٣"

🖋️ التحدّي:
للوزن قيد دون شك لكل شاعر، لكنه يمثّل تحديًا جميلًا حتى يفصَّل المعنى على مقاساته تمامًا، ثم ما يلبث أن يصير اعتيادًا ومكانًا أليفًا.
وربّما أثّرت كتابة الشعر على النثر أيضًا، فتخرج بعض الجمل بنسق شعري دون قصد.
لولا تحدّي الوزن والقافية ما نشأت الضرورات الشعرية، أذكر في البدايات وأنا في المدرسة قبل أكثر من خمسة عشر عامًا بينما كنت أستشير عمتي رشأ صاحبة "ديوان نِعم"في أبيات إذ نبهتني على خطأ فقلتُ لها: ألا يعد ذلك ضرورة شعرية مقبولة؟
قالت: بلى ولكن إن شئتِ سرتِ على ضرورات شعرية دون حاجة وهذا ضعف، الشاعر الأصيل لا يلجأ للضرورات الشعرية إلا في أضيق الحدود.
فالتزمتُ ذلك ورأيت أثره.

🖋️ الإيقاع والإنشاد:
كثير من قصائدي تخرج باللحن، لذلك أجد أن القافية مقصودة وجزء من المعنى ثم البحر يأتي معها منسابًا وليس جدولًا لتعبئة الكلمات.
وعندما يتحدد بحر الشعر فربما يعلّمك بقسوة أن لا تصارع موجه، بل تركبها مستمتعًا.
أحيانًا قد يحب الشاعر بعض الكلمات ويريد إضافتها وهي متماشية مع الوزن والقافية ولا إشكال منها سوى جانب يتعلّق بالذائقة الشعرية إذ تكون تلك الكلمة مخلّة بالإيقاع في القصيدة ، وهذا تعلّمه الممارسة والتنقيح وعرض القصائد على أصحاب الخبرة؛ أذكر نصيحة عمتي زينب صاحبة ديوان "بوح وروح" كانت تشير لي ببعض الكلمات وتعقّب: أرى هذه الكلمة ليست شاعرية، وأنا على ثقة أن قلمك سيجيء بالأفضل.
فكنت ألتمس الأفضل وأحاول ألا يأخذني حبّ اللفظ إلى التعلّق به، وعندما أتخلّى عن القديم أجد بحرًا من المرادفات غائبة عني وهي أدلّ وأجمل.
..
أخرج البخاري : كان النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ، حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ :
" اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا …"الأبيات، يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.
للرجز إيقاع أنيس يخفف أجواء العمل.
..
قرأتُ غير مرة في الجدل الواسع في علاقة القافية بالمعنى أو الشعور الذي يحسّه الشاعر ، بين متكلّف في الربط وغير آبه مطلقًا.
ومن تجربتي الخاصة أرى أن الإحساس يتحكّم في القافية تحديدًا بشكل غير معقول وغير مقبول للعقل ربما، لكنه لا يختار الوزن؛ لا يميل إلى الكتابة على الوافر أو الهزج أو غيره مهما كان قصيرًا أو طويلاً ، نعم قد يرتاح الشاعر لهذا أو ذاك حسب اعتياده، وكثرة ارتياده، لكن يمكن للشاعر أن ينفث في كل قالب حزنًا أو فرحًا، ولا يعني الطول أنه الأنسب للتأوه، أو القصَر أنه أليق بالفرح، فإنّ المفارقة أن الموجوع قد يميل للاختصار لأن الكلمات لا تفي، والصدر يتنهد بما يكفي، وربما مال السعيد للإسهاب لأن لحظة الفرح أو الحب أو الفخر جاءته بالتهاني والأماني ، فالاختصار شحٌّ في اللحظات الكريمة وللأرواح السخية.

التحكم في القافية عجيب مثير للاهتمام، وأثر حركة الرّويّ الساكنة يختلف عن المتحركة.
لا أبالغ إن قلت أنّي عندنا أقرأ قصيدة ما، فإنّ أوّل ما ألتفت إليه هو القافية ثم كيف صيغَ المعنى لأعرف التدفق الشعوري الذي أصيب به الشاعر، ثم كيف سكبه في الإيقاع والتصوير، حتى هدأ ماراثون الشاعر وسكن قلبه.

يولد أحيانا مطلع قصيدة أبيا مستعصيا إلا أن يكون مطلعًا، ويخرج حينا شطر واحد لين سهل أينما يوجَّه يتوجّه، لكنه يفرض على الشاعر قافية ما ، التحكَم والتحدي هو الإكمال بعد البيت العصي المتفرد الأول، فالبيت الفجائي قد يحسنه الشاعر وغيره أما الجرأة على إكمال القصيدة على ذاك البحر والقافية التي اختارها الشعور البكر فليس يسيرا أبدا؛ وهذا دليل على الرضا والقبول حتى يؤدم بين الشعور والقُدرة على تلك القافية، بما يتضمّن حقوقا من تمام الوفاء بالمعنى واحتراف السبك.

مرّ بي قول العلوي صاحب الطراز: "إذا أراد الشاعر بناء قصيدة مخّض المعنى الذي يريد بناء الشعر عليه في فكره «نثرًا»، وأعدّ له ما يلبسه إياه من الألفاظ التي تطابقه، والقوافي التي توافقه، والوزن الذي سلس له القول عليه"؛ فلم أجد هذا ينطبق معي، الشعر نفثة.. هجمة.. شيء لا يبدأ بإعداد منطقي، ومن تجربتي فلا يخرج الشعر إلا شعرًا ولا يحتاج إلى إعداد المقادير نثرًا كما قال العلوي أو أبو هلال العسكري كذلك: "إذا أردت أن تعمل شعراً فأحضر المعاني التي تريد نظمها فكرك، وأخطرها على قلبك، واطلب لها وزناً يتأتى فيه إيرادها وقافية يحتملها؛ فمن المعاني ما تتمكن من نظمه في قافية ولا تتمكن منه في أخرى"، و ذلك يجدي إذا طُلب الشعر طلبًا؛ ولم يخرج سجية مسترسلًا.

لعنترة قصيدة أقرؤها فأحس بفخامة وفرادة، بل تنتقل القراءة إلى مشاهدة فيلم سينيمائي ثلاثي الأبعاد، الوصف فيها له حلاوة لا تُحكى، مع إيقاع صحراوي آسر، ثم سمعتُ أداء النفيس لها فأيقنت أثر الأداء على التصوير المضاعف:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضبُ
https://m.youtube.com/watch?v=ZmazU36WfZA
#خاطرة
كل أرض سكنتها بقي لها حنين واشتياق..
لكن ذلك الوله واللهفة والحب والفخر يبقى للوطن ..
يومًا ما احتضنتني الخضرة، والتف حولي الثلج، وآنستني الأمطار ، شعرتُ بألفة لأحاديث الطبيعة التي لم أعتدها، وبقيت ذكراها الجميلة متشبثة بي، لكنّ جاذبية كبرى بقيتْ للرمال الذهبية حيث وُلدتُ وكبرتُ وعرفتُ ربي..
حيث أسير بحجابي عزيزة دون مضايقات..
هنا أهنأ بخصوصية المرأة،
باحترامها حيثما سارتْ..
بنظرة إكبار لحجابها وحيائها لا استخفاف وازدراء..
أقفُ في طابور الصرّاف؛ فتحضُر الشهامة حين يأبى الرجل إلا أن يقدّمني احترامًا حتى لا أنتظر خلفه ..
مشاهدُ كثيرة تحكي معانيَ متميزة تربّت عليها النفوس..

قالوا لنا يومًا: بلادكم تبتعثكم للدراسة؟ أنتم محظوظون؛ فنحن نبتعث أنفسنا ونتحمل غربتنا ونتكلّف كثيرًا لبناء عقولنا، لا أحد يهتم بنا.
قلت: نعم تبتعث للعلم وتبتعث للعلاج ولغير ذلك أيضًا، نحن في وطن يبني أفراده ويستثمر فيهم بفضل الله.

في وطني..
عزٌّ ورفعة وثباتٌ على دين الله..
في وطني..
لصوت الأذان خفقة وهيبة، وللقرآن حضور في القلوب والأماكن..

هذا هو الوطن الذي به أعتز..
أبقاه الله شامة بين الأوطان وحماه من كيد العابثين بثباته وقيَمه وأمنِه..

كان النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، فَنَظَرَ إلى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ، أوْضَعَ رَاحِلَتَهُ، وإنْ كانَ علَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا؛ مِن حُبِّهَا.-أخرجه البخاري-

جاء في شرحه:
"دفَع راحلتَه -يَعني ناقتَه- وجَعَلَها تُسرِعُ في السَّيرِ… ليَصِلَ سَريعًا إلى المدينةِ؛ من شِدَّةِ حُبِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمَدينةِ واشتياقِه إليها؛ لأنَّها مُهاجَرُه ووَطَنُه، وفيها أهْلُه ووَلَدُه وأنْصارُه مِن المُؤمنِينَ الَّذينَ هُمْ أحَبُّ النَّاسِ إليه، وقدْ جَبَلَ اللهُ النُّفوسَ على حُبِّ الأوطانِ والحَنينَ إليها، وفَعَلَ ذلك عليه السَّلامُ، وفيه أكرَمُ الأُسوةِ".

من تخلّى عن مبادئ دينه، وترك عزّته، واتبع هواه وأخلد إلى الأرض، فهذا لا يمثّل وطنه، ولا صوت الحق الذي لم يغب فيه.
اللهم أمّنا في أوطاننا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين ..

#خاطرة

https://www.tgoop.com/Sha6eAlraghad
في زمن تدخل فيه الفردانية على الحياة الأسرية وتؤثّر على أبنائها؛ سنحتاج التذكير بقيمة الأسرة وجمال رابطتها ودورنا فيها.
ولأنّ مسيرة الفضائل تولد من رحم الأسرة؛
فإذا خسر الجيل التفافه حول أسرته ضعف شعوره بالانتماء لها؛ وتكونت فجوة عظيمة تظهر نتائجها في شكاوى البرّ وعدم المبالاة بصلة الرحم.

🌊متى آخر مرة عبّرت فيها ابنتكم اليافعة بالمحبة لأمها أو لأبيها أو لإخوتها؟
🌊هل لها مهارات وأفكار لا تشارك الأسرة بها ثمّ هي خارج البيت شخصية مختلفة؟
🌊هل تواجه عقبات في البوح بمشاعرها؟
أو تفعيل المشاعر لسلوك مُحِب؟

ضمن برنامج "مد وجزر" الذي يُعني بالترابط الأسري في مركز الهمة العلياء بالرياض،
يطيب لي تحت "غصن مورق" على شاطئ الهمة أن أجتمع بالفتيات من ١٢ - ٢٠ سنة،
عبر تأصيل قيَمي وحوار وقصيد وأفكار مثمرة نستذكر معنى الأسرة ودفء حضنها ، لنساهم في جعل بنياتنا ثمرات ناضجة مثمِّنة الغصن الذي أورق بهن يومًا..

للتسجيل:
https://alhemmah.sa/products/برنامج-مد-وجزر
"لا جديد"
"عادي"
إجابات ضجِرة من شكل الأيام؛ وإنما اليوم الجديد الذي يتجدد فيه النفَس بحد ذاته جزء من عطايا الإله..
الحمدلله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور..
الحمدلله على أن بلّغنا النور بعد الظلمة، والصباح بعد الليل..
الصباح الذي يقبل علينا في سعة وأمن وصحة لهو صباحٌ من النعيم!
هل حيزت لك الدنيا؟
كثير من الناس استيقظ اليوم وقد حيزت الدنيا له لكنّه لم يبصر إلا الجزء اليسير الذي يفتقده؛ واستشعار الحيازة كلّ صباح ينقل مزاجك من "العادي" إلى "الرائع" يقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا "، صحيح الترمذي.
لا تبحث عن الدهشة الجديدة، بل جدّد نعمة اعتدتها واصنع منها دهشة..
قاعدة الرضا التي يبثها فينا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ؛ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ". صحيح الترمذي.
قال ابن جرير: هذا حديث جامع لأنواع من الخير ; لأن الإنسان إذا رأى من فضُل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك ، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى ، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه ، هذا هو الموجود في غالب الناس ، وأما إذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه ، فشكرها وتواضع ، وفعل فيه الخير .

أهل البلاء يتألمون، ويحمدون الله كل يوم أن الألم إن لم يُفرَج فلم يزدد بهم، وأنّ البلاء أينما وكيفما كان نوعه ما لم يكن في عقلك ودينك ولم يخرق بصيرتك فالحمدلله حمدًا كثيرًا أن كلّف على قدر الوسع، وأعان على الصبر، فكيف إن جاءت بآهِك أجورٌ عظام.
يقول تعالى:
﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا حَرَمًا آمِنًا ويُتَخَطَّفُ النّاسُ مِن حَوْلِهِمْ أفَبِالباطِلِ يُؤْمِنُونَ وبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ﴾
قال ابن عاشور: الِاسْتِفْهامُ إنْكارِيٌّ، وجُعِلَتْ نِعْمَةُ أمْنِ بَلَدِهِمْ كالشَّيْءِ المُشاهَدِ، فَأنْكَرَ عَلَيْهِمْ عَدَمَ رُؤْيَتِهِ.
وقَدْ كانَ أهْلُ مَكَّةَ في بُحْبُوحَةٍ مِنَ الأمْنِ، وكانَ غَيْرُهم مِنَ القَبائِلِ حَوْلَ مَكَّةَ وما بَعُدَ مِنها يَغْزُو بَعْضُهم بَعْضًا ويَتَغاوَرُونَ ويَتَناهَبُونَ، وأهْلُ مَكَّةَ آمِنُونَ لا يَعْدُو عَلَيْهِمْ أحَدٌ مَعَ قِلَّتِهِمْ، فَذَكَّرَهُمُ اللَّهُ هَذِهِ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ.
"ويتخطّف الناس من حولهم"
وجود الضدّ أدعى لإدراك النعمة،
وحتى تستشعر الأمن قلّب ناظريك؛ فإنّ غياب الأمن إصابةٌ في الجذر وكل النعم فروعه المورقة.
في ظلّ أزمة الأمة؛ والقلوب متفطّرة على العجز والضعف، عين تبصر ونفس تذوب، والناس تمسي نيامًا على الأرصفة، وتُصبح على فقد وتِيه، وأرواح تصعد بالآلاف، وعدوُّ شرس متربص، ويح قلوبنا إن بقيَتْ على شرفات غفلاتها متفرّجة على المشاهد وفي أكفّ الشعور كؤوس الشاي المثلج!

بين أروقة "العادي" لا تنسَ أن تلك الحجرات المغلقة التي تطلّ منها نوافذ المعذبين بالصوت والصورة تبصرها وتنال أجرًا يقدّره لك الله إذا حققت الجسد الواحد تعاطفًا وتوادًّا ودعاءً ونويت:
"وأنْفُسُهُمْ مَبْذولَةٌ لوُفُودِهم 
وأموالهُمْ في دارِ مَنْ لم يَفِدْ وَفْدُ"
-المتنبي-
ثمّ أطل الدعاء وألحّ..
وأبشر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"…ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا فهو يقولُ: لو كان لي مثلَ هذا عملتُ فيه مثلَ الذي يعملُ. قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: فهما في الأجرِ سواءٌ…" صحيح ابن ماجه.

إذا أصبحتَ حزينًا فأسعد محزونًا لتسعد،
واذكر أنّ ذلك "العادي" في تقييمك لكل ما حولك يبكي غيرك وداعَه..

#خاطرة

https://www.tgoop.com/Sha6eAlraghad
رحلة تدبّر في سورة النور
تم فتح التسجيل مجددا لمقاعد محدودة..

للتسجيل والاستفسار:
https://store.ethraa.ws/QdDoQAX?fbclid=PAZXh0bgNhZW0CMTEAAaatKz7G4sMiVolXnp6dDGnesVRmZ6c87TovB-oZZjGi8AZpUPxP6IfaZpQ_aem_5i_LTmQfh_qPWwEkyQ26sw
2024/10/01 09:45:03
Back to Top
HTML Embed Code: