إن مقام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء مقام رفعة واستمداد، فهي باب يُفتح به رجاء القبول، ووسيلة تستجلب بها الرحمة من الرحمن.
إنها إعلان بالولاء لصاحب الرسالة الخاتمة، وإقرار بفضل من حمل الأمانة وأدى الرسالة وبلغ الأمانة.
فيها اعتراف بأن الهداية كانت عبره، وبأن الفلاح في الدنيا والآخرة متصل بهديه.
وهي فيض من حب ينساب في القلوب، يعبِّر عن امتناننا للواسطة التي أخرجتنا من الظلمات إلى النور.
وما أرجى للدعاء من دعاء تفتتحه الصلاة على خير الورى، وتسكن في ثناياه النفحات المحمدية، فتُرفع الكلمات إلى رب العرش بأملٍ مشفوع بنور المصطفى.
..
إنها إعلان بالولاء لصاحب الرسالة الخاتمة، وإقرار بفضل من حمل الأمانة وأدى الرسالة وبلغ الأمانة.
فيها اعتراف بأن الهداية كانت عبره، وبأن الفلاح في الدنيا والآخرة متصل بهديه.
وهي فيض من حب ينساب في القلوب، يعبِّر عن امتناننا للواسطة التي أخرجتنا من الظلمات إلى النور.
وما أرجى للدعاء من دعاء تفتتحه الصلاة على خير الورى، وتسكن في ثناياه النفحات المحمدية، فتُرفع الكلمات إلى رب العرش بأملٍ مشفوع بنور المصطفى.
..
من تعلَّقت روحه بأهداب النبوة، انقلبت قسوته لينًا، وعماه بصيرةً، وضيق دنياه سعةً.
فيا كريم الجود، نسألك نفحةً من نفحات ذلك الجمال المحمدي، تنفذ إلى القلوب نفوذ النور في الظلمة، فتمحو بها كل دنس، وتغسل بها كل همٍّ وغمّ، فلا نشقى بعدها ولا نضل، ونسير في رضوانك أبد الآبدين.
..
فيا كريم الجود، نسألك نفحةً من نفحات ذلك الجمال المحمدي، تنفذ إلى القلوب نفوذ النور في الظلمة، فتمحو بها كل دنس، وتغسل بها كل همٍّ وغمّ، فلا نشقى بعدها ولا نضل، ونسير في رضوانك أبد الآبدين.
..
لما بلغ بأبي بن كعب رضي الله عنه ما بلغ من الإيمان واليقين بمقدار النبي صلى الله عليه وسلم صرف كل مراداته صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فاغتنى بها عن كل مطلوب.
وللإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم درجات ومراتب ومنازل يترقى فيها العبد حسب ما تبلغه نفسه من تهيئه للتزكية والإقبال على الاستمداد من نوره وهديه.
وللإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم درجات ومراتب ومنازل يترقى فيها العبد حسب ما تبلغه نفسه من تهيئه للتزكية والإقبال على الاستمداد من نوره وهديه.
لما تجلى لنفوس أهل البصائر عظمة النبي صلى الله عليه وسلم، ووقرت في قلوبهم هيبته وجلاله، صرفوا وجوه مراداتهم إليه، وعكفوا على محبته واتباعه، فتبددت عنهم غياهب الحيرة، وارتقوا منازل اليقين.
فإذا الإيمان به ليس محض اعتقادٍ يتراءى في الأذهان، بل هو روح تسرّب إلى الأعماق، فيلطفها وينقيها، ويضيء ظلمتها بنور الهداية. ومن ذلك النور تخرج النفس من ظلمات الجهل إلى ميادين العلم، وتعرج في مدارج الإحسان، حتى تبلغ مقامات العارفين، حيث لا مراد إلا رضاه، ولا غاية إلا اتباع هداه.
فترى العبد إذا أقبل على استمداد النور منه صلى الله عليه وسلم، انكشفت له الحجب، فتشابهت مراتب الدنيا عليه، ولم يلتفت إلى زخرفها ولا مباهجها، بل أصبح كل مطلوب له هو ذكره، وكل مقصود هو الصلاة عليه، إذ فيهما تُفتح أبواب الخيرات، وتتفاضل الرتب، وتُنال السعادة الأبدية.
ولما كانت النفوس على اختلافٍ في قبولها وتهيئها، تفاوت أهل الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم في منازلهم. فمنهم من وقف على ظاهر الاتباع، ومنهم من غاص في أسرار المحبة، ومنهم من فُتح له باب الإحسان، فأصبح يرى النبي صلى الله عليه وسلم قائدًا وسراجًا ينير له دروب السير إلى الله، فلا يخطو خطوة إلا على أثره، ولا ينطق كلمة إلا وفق هديه، وكأنما أضحى قلبه مرآة صافية تعكس أنوار المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فمن بلغ هذه الدرجة، كان حقيقًا أن يستغني عن الدنيا بما فيها، إذ صارت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم له كنزًا لا ينفد، وشجرة وارفة الظلال تُظلّه من لهيب الفتن، وتؤويه في دار السلام.
..
فإذا الإيمان به ليس محض اعتقادٍ يتراءى في الأذهان، بل هو روح تسرّب إلى الأعماق، فيلطفها وينقيها، ويضيء ظلمتها بنور الهداية. ومن ذلك النور تخرج النفس من ظلمات الجهل إلى ميادين العلم، وتعرج في مدارج الإحسان، حتى تبلغ مقامات العارفين، حيث لا مراد إلا رضاه، ولا غاية إلا اتباع هداه.
فترى العبد إذا أقبل على استمداد النور منه صلى الله عليه وسلم، انكشفت له الحجب، فتشابهت مراتب الدنيا عليه، ولم يلتفت إلى زخرفها ولا مباهجها، بل أصبح كل مطلوب له هو ذكره، وكل مقصود هو الصلاة عليه، إذ فيهما تُفتح أبواب الخيرات، وتتفاضل الرتب، وتُنال السعادة الأبدية.
ولما كانت النفوس على اختلافٍ في قبولها وتهيئها، تفاوت أهل الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم في منازلهم. فمنهم من وقف على ظاهر الاتباع، ومنهم من غاص في أسرار المحبة، ومنهم من فُتح له باب الإحسان، فأصبح يرى النبي صلى الله عليه وسلم قائدًا وسراجًا ينير له دروب السير إلى الله، فلا يخطو خطوة إلا على أثره، ولا ينطق كلمة إلا وفق هديه، وكأنما أضحى قلبه مرآة صافية تعكس أنوار المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فمن بلغ هذه الدرجة، كان حقيقًا أن يستغني عن الدنيا بما فيها، إذ صارت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم له كنزًا لا ينفد، وشجرة وارفة الظلال تُظلّه من لهيب الفتن، وتؤويه في دار السلام.
..
أحسب أن من مستوجب البلاغ على العلماء أن يمهدوا للناس سبل تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلموهم طريق الأدب والتوقير له، وحثهم على محبته، والتعلق بأهداب كل شيء متصل به.
فإن الديانة كلها قائمة على الإيمان به وتصديقه، واتباعه في القول والعمل والاعتقاد؛ فلا يقبل الله من أحدٍ صرفًا ولا عدلًا إلا على بساطه وارتسام خطواته.
..
فإن الديانة كلها قائمة على الإيمان به وتصديقه، واتباعه في القول والعمل والاعتقاد؛ فلا يقبل الله من أحدٍ صرفًا ولا عدلًا إلا على بساطه وارتسام خطواته.
..
ما تكلم أحدٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء إلا أصابتني غصة لا يذهبها عني إلا كثرة الصلاة والثناء عليه، استرضاء له صلى الله عليه وسلم، وخشية أن يصيبنا شيء من المؤاخذة بأفعال الجاهلين بمقامه الشريف، ومزاحمة للمقال الباطل بالثناء المتضاعف الذي يدحضه ويذهب به.
وإني لأذكر بذلك تأسيًا بمقام الأصحاب رضوان الله عليهم، إذ كانوا يتغضبون للمقام الشريف له صلى الله عليه وسلم إذا عرضت لهم كلمة جاهل بقدره صلى الله عليه وسلم يخشون أن تسوءه، فيكادون يذهبون بقائلها، حتى يحجزهم بحلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم.
فاللهم صل على سيدنا محمد حق قدره ومقداره العظيم، كما أعليت مقامه وعظمت بيانه وأيدت برهانه، وعلى آله وصحبه.
..
وإني لأذكر بذلك تأسيًا بمقام الأصحاب رضوان الله عليهم، إذ كانوا يتغضبون للمقام الشريف له صلى الله عليه وسلم إذا عرضت لهم كلمة جاهل بقدره صلى الله عليه وسلم يخشون أن تسوءه، فيكادون يذهبون بقائلها، حتى يحجزهم بحلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم.
فاللهم صل على سيدنا محمد حق قدره ومقداره العظيم، كما أعليت مقامه وعظمت بيانه وأيدت برهانه، وعلى آله وصحبه.
..
شفاء_القلب_الجريح_بشرح_بردة_المديح_.pdf
15.4 MB
شفاء القلب الجريح بشرح بردة المديح.
للعلامة محمد الطاهر بن عاشور التونسي، الجد.
أعده وعلق عليه: محمد عواد العواد.
دار التقوى.
للعلامة محمد الطاهر بن عاشور التونسي، الجد.
أعده وعلق عليه: محمد عواد العواد.
دار التقوى.
كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خِدرها، وكان يُعرف في وجهه إذا ما قوبل بما يستحيي منه.
ثم هو على هو عليه من هذه الحال كُلف أن يبلغ دين الله للناس على اختلاف مشاربهم وتنوع أخلاقهم، ووجود الجافي الغليظ منهم، والذي لا يأبه بالحياء إذا ما تكلم ولا خاطب غيره، وفيهم الأجلاف الذين لم يرتاضوا برياض السماحة وسهل الخطاب.
فأيُّ عبْء احتمله صلى الله عليه وسلم، وأي امتحانٍ امتُحنه في جبلته وما طُبع على من كرم النفس ولين الجانب والحياء المنجمع عليه؟! ويكأن حلمه يصدر عن حيائه صلى الله عليه وسلم.
فأي نور كان يمشي على الأرض رسول الله صلوات الله وسلامه عليه؟!
فما تطاوُل آمال المديح إلى
ما فيه من كرمِ الأخلاق والشيَم؟!
ثم هو على هو عليه من هذه الحال كُلف أن يبلغ دين الله للناس على اختلاف مشاربهم وتنوع أخلاقهم، ووجود الجافي الغليظ منهم، والذي لا يأبه بالحياء إذا ما تكلم ولا خاطب غيره، وفيهم الأجلاف الذين لم يرتاضوا برياض السماحة وسهل الخطاب.
فأيُّ عبْء احتمله صلى الله عليه وسلم، وأي امتحانٍ امتُحنه في جبلته وما طُبع على من كرم النفس ولين الجانب والحياء المنجمع عليه؟! ويكأن حلمه يصدر عن حيائه صلى الله عليه وسلم.
فأي نور كان يمشي على الأرض رسول الله صلوات الله وسلامه عليه؟!
فما تطاوُل آمال المديح إلى
ما فيه من كرمِ الأخلاق والشيَم؟!
حاول الملا علي القاري رحمه الله في شرحه للبردة أن يجعل المكتوب على جدارها من التفسير بالغًا من التفنن والتأنق في الأسلوب مبلغًا منيفًا من حسن العبارة وجودة التركيب، والتصرف في أودية البيان، حتى كانت على مقدار في نسج البردة من فنون البديع ومنادح الإحسان في البلاغ عن المعاني والمرادات.
وصلى الله وسلم وبارك على أكرم ممدوح، وأشرف جار، من حل بساح مديحه نُفح، ومن تعرض لكرم أسبابه أُفيض عليه ومنح.
وصلى الله وسلم وبارك على أكرم ممدوح، وأشرف جار، من حل بساح مديحه نُفح، ومن تعرض لكرم أسبابه أُفيض عليه ومنح.
من شيمة المحب أنه إذا شامَ برقًا من محبوبه، أو هبت الريح من تلقاء أرضه، أو تخيل طيفه = أن يكثر الكلام عنه، ويلهج لسانه به.
فكيف بمن هو ثاوٍ في قلوبنا، يُذكرنا إياه طلوع الفجر وتعاقب الصلوات، وجريان لساننا بالصلاة والسلام عليه في كل صلاة.
فاللهم صلِّ وسلم دائمًا أبدًا على حبيبك خير الخلق كلهم.
فكيف بمن هو ثاوٍ في قلوبنا، يُذكرنا إياه طلوع الفجر وتعاقب الصلوات، وجريان لساننا بالصلاة والسلام عليه في كل صلاة.
فاللهم صلِّ وسلم دائمًا أبدًا على حبيبك خير الخلق كلهم.
ينبغي أن يعلم أهل العلم والمشتغلون به أن بحثهم في علومه صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بجنابه الشريف من أحواله وشمائله يبلغه ويسرُّه ويفرح به من أمته، ووصوله إليه صلى الله عليه وسلم من جهة الصلاة عليه ببلاغ الملك، أو باطلاعه على أعمال أمته، أو بطرق من التصرف لا يعلمها إلا الله تعالى.
ولقد تواتر عن كثير من أهل العلم به صلى الله عليه وسلم، والتصنيف في مناقبه وأحواله، وكثير من علومه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه، ويأتيهم في رؤاهم تحقيقًا لهذا المعنى وتعضيدًا لهم ورعاية.
فلو لم يكن من جراء الاشتغال بهذا إلا فرحه ومسرته صلى الله عليه وسلم، وأن المشتغل بهذا على نظر منه وعناية = لكفى بهذا شرفًا ومنقبة ومَندبة إلى العمل به؛ لأن المحب ساعٍ في مسرة حبيبه، وإشهاده لما يكون من اشتغاله بأمره وأحواله وأنبائه، وتحريه لأموره، وامتلاء خاطره بالتفكر فيه.
فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد ما حبَّر الناس في شمائله وفضائله ومواهبه وأحواله وعلومه.
..
ولقد تواتر عن كثير من أهل العلم به صلى الله عليه وسلم، والتصنيف في مناقبه وأحواله، وكثير من علومه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه، ويأتيهم في رؤاهم تحقيقًا لهذا المعنى وتعضيدًا لهم ورعاية.
فلو لم يكن من جراء الاشتغال بهذا إلا فرحه ومسرته صلى الله عليه وسلم، وأن المشتغل بهذا على نظر منه وعناية = لكفى بهذا شرفًا ومنقبة ومَندبة إلى العمل به؛ لأن المحب ساعٍ في مسرة حبيبه، وإشهاده لما يكون من اشتغاله بأمره وأحواله وأنبائه، وتحريه لأموره، وامتلاء خاطره بالتفكر فيه.
فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد ما حبَّر الناس في شمائله وفضائله ومواهبه وأحواله وعلومه.
..
من لطيف ما استخرجه الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله من فحوى أمر الله تعالى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
وجوب إكرام المسلمين له صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال بينهم وبينه؛ لأنه أمرهم بإكرام الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينهم وبين ربهم، فإذا كانوا مأمورين بذلك في حضرة العظيم جل جلاله، فوجوب ذلك بينهم وبينه أولى.
..
وجوب إكرام المسلمين له صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال بينهم وبينه؛ لأنه أمرهم بإكرام الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينهم وبين ربهم، فإذا كانوا مأمورين بذلك في حضرة العظيم جل جلاله، فوجوب ذلك بينهم وبينه أولى.
..
ينبغي أن يكون علم العلماء برسول الله ﷺ وأحواله أعلى وأعظم من غيرهم، فإنهم أمناء شريعته، وحفظة حديثه، وورثة علمه، وأدلة دينه.
فالداعي إلى دين الله تعالى ورسوله ﷺ ينبغي أن يكون أعرف بهما من غيره، ليرغب فيهما، ويحسن الدلالة عليهما، ويأخذ بطريق الناس إليهما.
..
فالداعي إلى دين الله تعالى ورسوله ﷺ ينبغي أن يكون أعرف بهما من غيره، ليرغب فيهما، ويحسن الدلالة عليهما، ويأخذ بطريق الناس إليهما.
..