SULIMANALNAJRAN Telegram 1418
فتوى أصولية في مستند الإجماع وحجيته وقوته:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير شيخنا الفاضل
كيف حالكم عساكم بخير ..
أنا أتابع قناتكم العلمية المفيدة في التلجرام وهناك سؤال أود الاستفسار عنه ولتعم الفائدة
السؤال: فضيلة الدكتور وفقكم الله
هل الإجماع حجة في نفسه أو لابد من وجود دليل من الكتاب أو السنة ثم يجمع عليه فيكون حجة وإذا اجتهد العلماء في عصر من العصور على أمر ما وأصدرت فيه فتوى بالإجماع هل يكون حجة؟ وهل دليل الإجماع هو أقوى الإدلة في الاستدلال؟ أرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة وبارك الله فيكم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..حياكم الله أخي الفاضل الشيخ حسين:
هذا السؤال مركب من عدة أسئلة:
1 ـ هل الإِجماع حجة بنفسه أولا بد من جود دليل من الكتاب والسنة ثم عليه فيكون حجة؟
ـ نعم الأصل أن كل إجماع لا بد له من مستند وهو قول الجمهور بل حكي فيه الإِجماع قال الآمدي:"اتفق الكل على أن الأمة لا تجتمع عن الحكم إلا عن مأخذ ومستند يوجب اجتماعها"، وحكى إمام الحرمين في باب القراض من النهاية كما يقول الرزكشي: عن الشافعي أنه قال: الإجماع إن كان حجة قاطعة سمعية، فلا يحكم أهل الإجماع بإجماعهم، وإنما يصدر الإجماع عن أصل اهـ.، وهذا هو الصحيح إذ لا توجد مسألة أجمع العلماء عليها إلا لها مستند كما يجزم بذلك ابن تيمية، لكن لا يلزم أن يكون نصا كقول ابن تيمية هنا، بل يكون الإجماع عن اجتهاد وقياس ومصلحة، كاجتهاد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في ترتيب المصحف، واجتهادهم في توسيع المسجد النبوي والمسجد الحرام واجتهادهم في جمع المصحف، واجتهادهم في ترتيب المصحف؛ فكلها لم يكن مستندها النص، إنما كان المستند المصلحة، فالإجماع كاشف عن وجود دليل استندوا عليه، هذا الدليل قد يكون نصا وقد يكون قياسا كما في إجماعهم على أن شحم الخنزير كلحمه، وعلى أن الوصية والدين مقدمة على الإرث بحق الإخوة مع أن النص ورد في الزوج والزوجة والأب والأم، وكالإجماع على الزكاة في الجواميس قياسا على البقر، وقد يكون مصلحة المصالح.
2 ـ إذا اجتهد العلماء وأجمعوا هل يكون حجة؟
ـ هذا يعتمد على الأصل الذي أجمعوا عليه فإن أجمعوا على قياس وبقيت دلالة القياس فيكون حجة، وقد قال العلماء بأن الإِجماع ينقل الحكم من كونه ظنيا إلى كونه قطعيا. كما أجمع الصحابة على أن في الحمامة في صيد الحرم شاة، اعتمدوا في ذلك على ما بينهما من الشبه، فيبقى الحكم لبقاء العلة،وكذا كل المسائل السابقة التي ذكرت.
أما إذا كان انعقاد الإجماع على مصلحة من المصالح فينظر في مناط هذه المصلحة وبقاء معناها فإن بقيت عين المصلحة فيبقى الإِجماع، أما إذا تغيرت المصلحة فيتغير الإجماع تبعا لتغير المصلحة، قال التفتازاني في التلويح: "وذكر فخر الإسلام رحمه الله تعالى في باب الإجماع أن نسخ الإجماع بالإجماع جائز، وكأنه أراد أن الإجماع لا ينعقد البتة بخلاف الكتاب, والسنة, فلا يتصور أن يكون ناسخا لهما, ويتصور أن ينعقد إجماع لمصلحة ثم تتبدل تلك المصلحة فينعقد إجماع ناسخ له, والجمهور على أنه لا ينسخ, ولا ينسخ به; لأنه لا يكون إلا عن دليل شرعي, ولا يتصور حدوثه بعد النبي عليه السلام, ولا ظهوره لاستلزامه إجماعهم أولا على الخطأ مع لزوم كونه على خلاف النص, وهو غير منعقد . . اهـ ، وقد أجمع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على أمور كثيرة مصلحية يمكن أن تتغير خاصة فيما يتعلق بالسياسة الشرعية فهذه كلها قابلة للتغير بحسب الأزمان.
3 ـ هل دليل الإجماع أقوى الأدلة؟
نعم الإجماع ـ متى صح ـ أقوى من النص من جهتين:
الأول: أنه يقطع الاجتهاد فمتى ثبت الإجماع فلا اجتهاد مع الإجماع، قال السبكي(ت756هـ): «الاجتهاد مع قيام الإجماع خطأ ، ولو صدر من واحد لسفهنا كلامه ، وقضينا عليه ، بما نقضي على خارق الإجماع".
الثاني: أن الإجماع مفهم لغموض النصوص موضح لدلاتها مبين معناها كاشف عن حكمها مباشرة، نافٍ نسخها أو تخصيصها أو تقييدها أو الإضمار بها أو نفي حقيقتها، قال الطحاوي(ت321هـ) :«وإنما يلتمس علم ما اختلف فيه ؛ مما أجمع عليه".
وبهذا نفهم معنى ما ذكره أهل العلم من تقديم الإجماع على أخبار الآحاد : أن مقصودهم به قوة الدلالة على المراد ، لا التدافع والتقابل بينهما إذ لا يوجد إجماع صحيح يخالف نصا صحيحا؛ فالمراد به : أن ما نأخذه من الإجماع من الدلالة على الأحكام أقوى مما نأخذ من خبر فرد جاء إلينا ، وهذا مشاهد في حركة الحياة ؛ فليس ما يستقر في الذهن من حدث أجمع عليه الكافة ، مثل خبر جاء إلينا من طريق واحد ، حتى لو كان المخبر على أشرف وأجل الأوصاف ؛ للإيرادات والعوارض والاحتمالات التي ترد على خبر الفرد .
......يتبع:



tgoop.com/SulimanAlnajran/1418
Create:
Last Update:

فتوى أصولية في مستند الإجماع وحجيته وقوته:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير شيخنا الفاضل
كيف حالكم عساكم بخير ..
أنا أتابع قناتكم العلمية المفيدة في التلجرام وهناك سؤال أود الاستفسار عنه ولتعم الفائدة
السؤال: فضيلة الدكتور وفقكم الله
هل الإجماع حجة في نفسه أو لابد من وجود دليل من الكتاب أو السنة ثم يجمع عليه فيكون حجة وإذا اجتهد العلماء في عصر من العصور على أمر ما وأصدرت فيه فتوى بالإجماع هل يكون حجة؟ وهل دليل الإجماع هو أقوى الإدلة في الاستدلال؟ أرجو من فضيلتكم توضيح هذه المسألة وبارك الله فيكم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..حياكم الله أخي الفاضل الشيخ حسين:
هذا السؤال مركب من عدة أسئلة:
1 ـ هل الإِجماع حجة بنفسه أولا بد من جود دليل من الكتاب والسنة ثم عليه فيكون حجة؟
ـ نعم الأصل أن كل إجماع لا بد له من مستند وهو قول الجمهور بل حكي فيه الإِجماع قال الآمدي:"اتفق الكل على أن الأمة لا تجتمع عن الحكم إلا عن مأخذ ومستند يوجب اجتماعها"، وحكى إمام الحرمين في باب القراض من النهاية كما يقول الرزكشي: عن الشافعي أنه قال: الإجماع إن كان حجة قاطعة سمعية، فلا يحكم أهل الإجماع بإجماعهم، وإنما يصدر الإجماع عن أصل اهـ.، وهذا هو الصحيح إذ لا توجد مسألة أجمع العلماء عليها إلا لها مستند كما يجزم بذلك ابن تيمية، لكن لا يلزم أن يكون نصا كقول ابن تيمية هنا، بل يكون الإجماع عن اجتهاد وقياس ومصلحة، كاجتهاد الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في ترتيب المصحف، واجتهادهم في توسيع المسجد النبوي والمسجد الحرام واجتهادهم في جمع المصحف، واجتهادهم في ترتيب المصحف؛ فكلها لم يكن مستندها النص، إنما كان المستند المصلحة، فالإجماع كاشف عن وجود دليل استندوا عليه، هذا الدليل قد يكون نصا وقد يكون قياسا كما في إجماعهم على أن شحم الخنزير كلحمه، وعلى أن الوصية والدين مقدمة على الإرث بحق الإخوة مع أن النص ورد في الزوج والزوجة والأب والأم، وكالإجماع على الزكاة في الجواميس قياسا على البقر، وقد يكون مصلحة المصالح.
2 ـ إذا اجتهد العلماء وأجمعوا هل يكون حجة؟
ـ هذا يعتمد على الأصل الذي أجمعوا عليه فإن أجمعوا على قياس وبقيت دلالة القياس فيكون حجة، وقد قال العلماء بأن الإِجماع ينقل الحكم من كونه ظنيا إلى كونه قطعيا. كما أجمع الصحابة على أن في الحمامة في صيد الحرم شاة، اعتمدوا في ذلك على ما بينهما من الشبه، فيبقى الحكم لبقاء العلة،وكذا كل المسائل السابقة التي ذكرت.
أما إذا كان انعقاد الإجماع على مصلحة من المصالح فينظر في مناط هذه المصلحة وبقاء معناها فإن بقيت عين المصلحة فيبقى الإِجماع، أما إذا تغيرت المصلحة فيتغير الإجماع تبعا لتغير المصلحة، قال التفتازاني في التلويح: "وذكر فخر الإسلام رحمه الله تعالى في باب الإجماع أن نسخ الإجماع بالإجماع جائز، وكأنه أراد أن الإجماع لا ينعقد البتة بخلاف الكتاب, والسنة, فلا يتصور أن يكون ناسخا لهما, ويتصور أن ينعقد إجماع لمصلحة ثم تتبدل تلك المصلحة فينعقد إجماع ناسخ له, والجمهور على أنه لا ينسخ, ولا ينسخ به; لأنه لا يكون إلا عن دليل شرعي, ولا يتصور حدوثه بعد النبي عليه السلام, ولا ظهوره لاستلزامه إجماعهم أولا على الخطأ مع لزوم كونه على خلاف النص, وهو غير منعقد . . اهـ ، وقد أجمع الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على أمور كثيرة مصلحية يمكن أن تتغير خاصة فيما يتعلق بالسياسة الشرعية فهذه كلها قابلة للتغير بحسب الأزمان.
3 ـ هل دليل الإجماع أقوى الأدلة؟
نعم الإجماع ـ متى صح ـ أقوى من النص من جهتين:
الأول: أنه يقطع الاجتهاد فمتى ثبت الإجماع فلا اجتهاد مع الإجماع، قال السبكي(ت756هـ): «الاجتهاد مع قيام الإجماع خطأ ، ولو صدر من واحد لسفهنا كلامه ، وقضينا عليه ، بما نقضي على خارق الإجماع".
الثاني: أن الإجماع مفهم لغموض النصوص موضح لدلاتها مبين معناها كاشف عن حكمها مباشرة، نافٍ نسخها أو تخصيصها أو تقييدها أو الإضمار بها أو نفي حقيقتها، قال الطحاوي(ت321هـ) :«وإنما يلتمس علم ما اختلف فيه ؛ مما أجمع عليه".
وبهذا نفهم معنى ما ذكره أهل العلم من تقديم الإجماع على أخبار الآحاد : أن مقصودهم به قوة الدلالة على المراد ، لا التدافع والتقابل بينهما إذ لا يوجد إجماع صحيح يخالف نصا صحيحا؛ فالمراد به : أن ما نأخذه من الإجماع من الدلالة على الأحكام أقوى مما نأخذ من خبر فرد جاء إلينا ، وهذا مشاهد في حركة الحياة ؛ فليس ما يستقر في الذهن من حدث أجمع عليه الكافة ، مثل خبر جاء إلينا من طريق واحد ، حتى لو كان المخبر على أشرف وأجل الأوصاف ؛ للإيرادات والعوارض والاحتمالات التي ترد على خبر الفرد .
......يتبع:

BY مدونة سليمان بن محمد النجران


Share with your friend now:
tgoop.com/SulimanAlnajran/1418

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Choose quality over quantity. Remember that one high-quality post is better than five short publications of questionable value. The imprisonment came as Telegram said it was "surprised" by claims that privacy commissioner Ada Chung Lai-ling is seeking to block the messaging app due to doxxing content targeting police and politicians. Invite up to 200 users from your contacts to join your channel Unlimited number of subscribers per channel The group also hosted discussions on committing arson, Judge Hui said, including setting roadblocks on fire, hurling petrol bombs at police stations and teaching people to make such weapons. The conversation linked to arson went on for two to three months, Hui said.
from us


Telegram مدونة سليمان بن محمد النجران
FROM American