يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
وقالوا في المحتال من الناس: ( أعير من عيايرة مصر ) وعيايرة: جمع عيار بمعنى اللص المحتال وذلك لما كانوا يشاهدونه ويعلمونه من حيل اللصوص المصريين مما لم يكن يخطر لهم في بلادهم على بال.
ولهم في ذكر حيل العيارين واللصوص في مصر حكايات كثيرة، لا يتسع المجال لذكرها هنا.
وقالوا في المحتال من الناس: ( أعير من عيايرة مصر ) وعيايرة: جمع عيار بمعنى اللص المحتال وذلك لما كانوا يشاهدونه ويعلمونه من حيل اللصوص المصريين مما لم يكن يخطر لهم في بلادهم على بال.
ولهم في ذكر حيل العيارين واللصوص في مصر حكايات كثيرة، لا يتسع المجال لذكرها هنا.
حُكي أن الشيخ أحمد بن قاسم تلميذ الشيخ أحمد بن حجر ذهب إلى مصر، وكان يحضر مدارس الشيخ محمد الرملي ويباحثه، وكان الشيخ الرملي يطالع كثيراً ويبيت ساهراً لتحقيق المباحث والمسائل، فقالت له أمه: ما لك يا محمد تُتعب نفسك في المطالعة؟
فقال لها: إن رَجُلا غريباً دخل البلد ويحضر مدارسنا ويُباحثنا في المسائل، هذا الذي حملني على كثرة المطالعة، فلما أصبحت سألت عن الرجل الغريب فدلوها عليه وجاءت إليه وقالت له: أنت ممنوع من حضور مدارس ولدي محمد.
وهذا من رحمة الأبوين.
فقال لها: إن رَجُلا غريباً دخل البلد ويحضر مدارسنا ويُباحثنا في المسائل، هذا الذي حملني على كثرة المطالعة، فلما أصبحت سألت عن الرجل الغريب فدلوها عليه وجاءت إليه وقالت له: أنت ممنوع من حضور مدارس ولدي محمد.
وهذا من رحمة الأبوين.
يقول الدكتور عبدالرحمن العثيمين رحمه الله :
كانت بين السيد أحمد صقر ومحمود شاكر نفرة فترة من الزمان، فسعيت في الإصلاح بينهما، وقلت للسيد أحمد صقر: أصغركما سنا هو من سيذهب برفقتي إلى الآخر، فانطلقت بالسيد أحمد صقر إلى محمود شاكر فتعانقا وبكيا، ونام سيد ليلته تلك في بيت محمود شاكر، وكان الشيخ محمود يغطيه بالشرشف ويقول له: اتغط
كويس يا سيد ما تبردش.
كانت بين السيد أحمد صقر ومحمود شاكر نفرة فترة من الزمان، فسعيت في الإصلاح بينهما، وقلت للسيد أحمد صقر: أصغركما سنا هو من سيذهب برفقتي إلى الآخر، فانطلقت بالسيد أحمد صقر إلى محمود شاكر فتعانقا وبكيا، ونام سيد ليلته تلك في بيت محمود شاكر، وكان الشيخ محمود يغطيه بالشرشف ويقول له: اتغط
كويس يا سيد ما تبردش.
يقول الشيخ محمد الموسى رحمه الله : من صور تواضع الشيخ ابن باز رحمه الله أنه لا يحتقر النصيحة أو الفائدة من أي أحد ، أذكر أنه في يوم من الأيام اتصل شاب صغير بسماحة الشيخ ، وقال : يا سماحة الشيخ الناس بأشد الحاجة إلى علماء يفتونهم ، وأقترح على سماحتكم أن تجعلوا في كل مدينة مفتياً ليسهل الاتصال .
فقال سماحة الشيخ : ما شاء الله ، أصلحك الله ، كم عمرك ؟
فقال: ثلاثة عشر عاماً .
فقال لي سماحة الشيخ : هذا اقتراح طيب ، يستحق الدراسة ، اكتب إلى الأمين العام لهيئة كبار العلماء بهذا ، فكتبتُ ما أملى به ، ومما جاء في كتابه : أما بعد فقد اتصل بي بعض الناصحين ، وقال : إنه يقترح وضع مفتين في كل بلد ، ونرى عرضه على اللجنة الدائمة ، لنتبادل الرأي في الموضوع.
وقرأت مرة أن فتاة صغيرة اتصلت بإمارة المدينة المنورة راغبة في التحدث إلى الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله، ولأنها صغيرة وتكرر منها الإتصال أوصلوها بالأمير، فاحتسبت لديه في إغلاق محلات بيع الأشرطة الغنائية بالمنطقة المركزية، فاستجاب لها رحمه الله وأمر بإغلاقها.
فقال سماحة الشيخ : ما شاء الله ، أصلحك الله ، كم عمرك ؟
فقال: ثلاثة عشر عاماً .
فقال لي سماحة الشيخ : هذا اقتراح طيب ، يستحق الدراسة ، اكتب إلى الأمين العام لهيئة كبار العلماء بهذا ، فكتبتُ ما أملى به ، ومما جاء في كتابه : أما بعد فقد اتصل بي بعض الناصحين ، وقال : إنه يقترح وضع مفتين في كل بلد ، ونرى عرضه على اللجنة الدائمة ، لنتبادل الرأي في الموضوع.
وقرأت مرة أن فتاة صغيرة اتصلت بإمارة المدينة المنورة راغبة في التحدث إلى الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله، ولأنها صغيرة وتكرر منها الإتصال أوصلوها بالأمير، فاحتسبت لديه في إغلاق محلات بيع الأشرطة الغنائية بالمنطقة المركزية، فاستجاب لها رحمه الله وأمر بإغلاقها.
يقول الشيخ الألباني رحمه الله : فإنني في بعض الأحيان قد يبدر مني أثناء حديثي عبارات في أشخاص أو كلمات في أعيان أو هيئات ، ما قلتها إلّا غيّرةٍ على الدِين واهتماماً بأحكامه ، لا تحريضاً على أحد ولا إثارة لأحقاد أحد وليس هذا غريباً من أمثالنا نحن الخلف والمحاطين بظلمات من الفتن ، فمثل هذه الكلمات لا يجوز أن يُبنى عليها اتهام لقائليها ، ولكن ابتلينا في العصر الحاضر بأناس يتتبعون العثرات والمتشابهات ويعرضون عن المُحكمات الواضحات المؤكدات لما قلنا ، بقصد إيقاع الفتنة بين الإخوة المؤمنين ، أو بينهم وبين بعض أولياء الأمور ، ولذلك رأينا أن نعدل بعض الكلمات التي تبين لنا بعد دراسة محتويات كثير من الأشرطة المنسوخة أنها من ذاك القبيل ، وأن الأولى عدم النطق بها ، ثم ليمت المفسدون في الأرض غيظاً.
من الطرائف أن عربياً كان يعمل بأندونيسيا تقدم بدعوى على هولندي ( يوم أن كانت أندونيسيا مستعمرة هولندية ) ، كان هذا العربي يعمل عند الهولندي فلطمه ، فاشتكاه
فقال له الحاكم : إن القانون عندنا يقضي بتغريم اللاطم خمس روبيات يدفعها للملطوم .
فقال العربي : وبماذا تحكم لي ؟
قال : نحكم عليه أن يدفع لك خمس روبيات لقاء اللطمة .
فما كان من العربي إلا أن تحسس جيبه فوجد فيه خمس روبيات ، فهوى بيده على الحاكم ولطمه ثم أخرج من جيبه خمس روبيات وقال له : خذ هذه قيمة اللطمة.
وبما أن ( الكفّ بالكفّ يذكر ) ، كنت ذكرت مرة قصة الشيخ عبدالكريم الدرويش رحمه الله حيث سمع بالعراق رجلاً يسب الدِين فصفعه 13 كفاً فحكم عليه بدفع 13 روبية، فأعطاهم كل ما معه وكانت 14 روبية وقال أريد بها كفاً .
فقال له الحاكم : إن القانون عندنا يقضي بتغريم اللاطم خمس روبيات يدفعها للملطوم .
فقال العربي : وبماذا تحكم لي ؟
قال : نحكم عليه أن يدفع لك خمس روبيات لقاء اللطمة .
فما كان من العربي إلا أن تحسس جيبه فوجد فيه خمس روبيات ، فهوى بيده على الحاكم ولطمه ثم أخرج من جيبه خمس روبيات وقال له : خذ هذه قيمة اللطمة.
وبما أن ( الكفّ بالكفّ يذكر ) ، كنت ذكرت مرة قصة الشيخ عبدالكريم الدرويش رحمه الله حيث سمع بالعراق رجلاً يسب الدِين فصفعه 13 كفاً فحكم عليه بدفع 13 روبية، فأعطاهم كل ما معه وكانت 14 روبية وقال أريد بها كفاً .
كان الشيخ ابن باز رحمه الله يعمر المجلس بالفوائد والإجابة على الأسئلة ، وحصل أن حديثاً طويلاً دار حول الرقية ، وتلبس الجني بالإنسي ،
ومما دار في ذلك المجلس أن الشيخ عبدالعزيز السدحان ذكر أنه ورد في ترجمة أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله أنه رقى رجلاً فيه مس من الجن ، فتكلمت على لسانه جنّية ، فقالت لأحمد بن نصر : يا شيخ لن أخرج من هذا الرجل حتى يدع القول بخلق القرآن .
فتبسم سماحة الشيخ بن باز رحمه الله وقال : ما شاء الله ، هذه جنّية سنّية ، هذه من أهل السنة والجماعة .
ومما دار في ذلك المجلس أن الشيخ عبدالعزيز السدحان ذكر أنه ورد في ترجمة أحمد بن نصر الخزاعي رحمه الله أنه رقى رجلاً فيه مس من الجن ، فتكلمت على لسانه جنّية ، فقالت لأحمد بن نصر : يا شيخ لن أخرج من هذا الرجل حتى يدع القول بخلق القرآن .
فتبسم سماحة الشيخ بن باز رحمه الله وقال : ما شاء الله ، هذه جنّية سنّية ، هذه من أهل السنة والجماعة .
☝️
نقل السخاوي قول أبي العباس الميورقي : الاشتغال بنشر أخبار فضلاء العصر، ولو بتاريخهم، من علامات سعادة الدنيا والآخرة فهم شهود الله في أرضه .
نقل السخاوي قول أبي العباس الميورقي : الاشتغال بنشر أخبار فضلاء العصر، ولو بتاريخهم، من علامات سعادة الدنيا والآخرة فهم شهود الله في أرضه .
كان الشيخ عبدالقادر بن عمر التغلبي الشيباني الحنبلي الصوفي الدمشقي ( تـ 1135) لا يخالط الحكام ولا يدخل اليهم، وألجأته الضرورة مرة لأداء شهادة عند قاضي دمشق فدخل وجلس، فناوله الخادمُ فنجان القهوة فتناوله ووضعه بقرب فمه وأوهم القاضي أنه شربه ثم أعطاه للخادم، فعرف القاضي ذلك لأنه كان يلاحظه فقال له: أراك تورعتَ عن شرب قهوتنا، فمن أين تكتسب؟
فقال: مِنْ عمل يدي في تجليد الكتب، وقد حججتُ بحمد الله تعالى أربع مرات
فقال له القاضي: كيف هذا؟
فقال له: إن الله تعالى خلق آدم واحدًا وبارك في ذريته حتى ملأوا الدنيا، كذلك يبارك الله تعالى في الرزق الحلال القليل حتى يكون كثيرًا، فأذعن القاضي لذلك وأثنى عليه.
فقال: مِنْ عمل يدي في تجليد الكتب، وقد حججتُ بحمد الله تعالى أربع مرات
فقال له القاضي: كيف هذا؟
فقال له: إن الله تعالى خلق آدم واحدًا وبارك في ذريته حتى ملأوا الدنيا، كذلك يبارك الله تعالى في الرزق الحلال القليل حتى يكون كثيرًا، فأذعن القاضي لذلك وأثنى عليه.
حكي عن الشيخ مجد الدين ابن دقيق العيد والد قاضي القضاة تقي الدين أن الشيخ مجد الدين كان كثير الإحسان إلى أصحابه يسعى لهم على قدر استحقاقهم فيمن يصلح للحكم ، وفيمن يصلح للعدالة ، فجاءه بعض طلبته وشكا إليه رقة الحال ، وكثرة الضرورة ، فقال له: أكتب قصتك وأنا أتحدث مع الولد ، فكتب ذلك الطالب: المملوك فلان يقبل الأرض وينهي أنه فقير ومظرور (بالظاء) وقليل الحض (بالضاد) وناولها للشيخ ، فلما قرأها تبسم وقال: يا فقير سبحان الله ضرك قائم ، وحظك ساقط .
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
وأما في الزمن الحاضر فقد سمعت عدداً من الثقات يحدثون عن جَمّال من أهل بريدة معروف، عاش قبل نحو مائة سنة أو تزيد قليلاً أنه قال : خرجت على بعيري ابتغي الحطب لأجلبه في سوق بريدة، وكان الوقت شتاء وقد هبت ريح شمالية شرقية شديدة البرد، فكان لابد من شجرة استتر بها عن هذه الريح الباردة التي تؤذيني وتؤذي بعيري، لأن البعير يبرد أيضاً كما يبرد الإنسان، فلم أجد إلا شجرة من شجر (العشر) وكنت أسمع بأنها من منازل الجن كما يسمع غيري، ولكنني كنت مضطراً لها فعقلت بعيري في ذراها، بمعنى أنه جعلها بينه وبين المريح الباردة، ثم سميت الله وتمت تحتها .
قال : ولما كنت بين النائم واليقظان شعرت بأن رجلاً كبير في السن وامرأة عجوز أقبلا على الشجر فقال (الشايب ) وهو ينبهني للجلوس (إهه) كالشيخ الذي لا يسهل عليه الجلوس : من رواق ظهرنا، وجلس.
فقالت العجوز : (إهه) كذلك وقالت تكمل البيت :
لين جينا النفود
فقال الشايب : بالشجيرة قعدنا
فقالت العجوز : عند راع القعود
قال الرجل : فقلت : أسمعوا، إن كان أنتم جن فأنا أبو الجن، والله ما همّيتموني، أنا بردان وأبي اتظلل بها الشجرة .
قال : فقال الشايب : أنا أعرف أنك أبو الجن وأُمهم أيضاً ،ونعرف أننا ما لنا قدرة على عقلك، لكن ترانا إن ما رحت عن شجرتنا نجفل بعيرك ولا تلقاه ولا عُقب ( بعد ) ثلاثة أيام .
قال : فتصورت بعيري قد هرب مني في هذا البرد والمشقة ،فتركت الشجرة لهما ! .
يقول العبودي : عندما صار ذلك الرجل يحدث بهذا، وأن الشايب (الجنّي) قال له : أنت أم الجن أيضاً، لقبه الناس (أم الجن) وهو لقب لحقه، ولحق ذريته وأدركتهم يلقبون به .
وأما في الزمن الحاضر فقد سمعت عدداً من الثقات يحدثون عن جَمّال من أهل بريدة معروف، عاش قبل نحو مائة سنة أو تزيد قليلاً أنه قال : خرجت على بعيري ابتغي الحطب لأجلبه في سوق بريدة، وكان الوقت شتاء وقد هبت ريح شمالية شرقية شديدة البرد، فكان لابد من شجرة استتر بها عن هذه الريح الباردة التي تؤذيني وتؤذي بعيري، لأن البعير يبرد أيضاً كما يبرد الإنسان، فلم أجد إلا شجرة من شجر (العشر) وكنت أسمع بأنها من منازل الجن كما يسمع غيري، ولكنني كنت مضطراً لها فعقلت بعيري في ذراها، بمعنى أنه جعلها بينه وبين المريح الباردة، ثم سميت الله وتمت تحتها .
قال : ولما كنت بين النائم واليقظان شعرت بأن رجلاً كبير في السن وامرأة عجوز أقبلا على الشجر فقال (الشايب ) وهو ينبهني للجلوس (إهه) كالشيخ الذي لا يسهل عليه الجلوس : من رواق ظهرنا، وجلس.
فقالت العجوز : (إهه) كذلك وقالت تكمل البيت :
لين جينا النفود
فقال الشايب : بالشجيرة قعدنا
فقالت العجوز : عند راع القعود
قال الرجل : فقلت : أسمعوا، إن كان أنتم جن فأنا أبو الجن، والله ما همّيتموني، أنا بردان وأبي اتظلل بها الشجرة .
قال : فقال الشايب : أنا أعرف أنك أبو الجن وأُمهم أيضاً ،ونعرف أننا ما لنا قدرة على عقلك، لكن ترانا إن ما رحت عن شجرتنا نجفل بعيرك ولا تلقاه ولا عُقب ( بعد ) ثلاثة أيام .
قال : فتصورت بعيري قد هرب مني في هذا البرد والمشقة ،فتركت الشجرة لهما ! .
يقول العبودي : عندما صار ذلك الرجل يحدث بهذا، وأن الشايب (الجنّي) قال له : أنت أم الجن أيضاً، لقبه الناس (أم الجن) وهو لقب لحقه، ولحق ذريته وأدركتهم يلقبون به .
يقول الشيخ محمد الموسى رحمه الله : لا فرق عند سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله بين الفقير والغني ، والشريف والوضيع ، والسفير والوزير ، فهم يجتمعون جميعاً على المائدة ، وكل من أكل مع سماحته جعل يلتفت هنا وهناك ينظر في وجوه الناس على تباينهم ، واختلاف ألسنتهم ، ومراتبهم وألوانهم ، فهذا عربي ، وهذا أعجمي ، وهذا أسود وهذا أبيض ، وهذا من قريب وهذا من بعيد .
وفي أحد الأيام قال له أحد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ : يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون أدب الأكل ، ولا يحسُن الجلوس معهم فلو انفردت عنهم ، وأرحت نفسك من هؤلاء .
فقال سماحة الشيخ رحمه الله : أنا الذي وضعت الطعام لهم ، وهم جاءوا إلي ، وراحتي بالأكل معهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل مع أصحابه ومع الفقراء حتى مات ، ولي فيه أسوة ، وسوف أستمر على هذا إلى أن أموت ، والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه ، ويذهب إلى غيرنا .
وفي أحد الأيام قال له أحد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ : يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون أدب الأكل ، ولا يحسُن الجلوس معهم فلو انفردت عنهم ، وأرحت نفسك من هؤلاء .
فقال سماحة الشيخ رحمه الله : أنا الذي وضعت الطعام لهم ، وهم جاءوا إلي ، وراحتي بالأكل معهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل مع أصحابه ومع الفقراء حتى مات ، ولي فيه أسوة ، وسوف أستمر على هذا إلى أن أموت ، والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه ، ويذهب إلى غيرنا .
قال أبو حيان في البحر بعد كلام ساقه عن الإمام الرازي: ولما حللت بديار مصر ورأيت كثيراً من أهلها يشتغلون بجهالات الفلاسفة ظاهراً من غير نكير أحد تعجبت من ذلك، إذ كنا نشأنا في جزيرة الأندلس على التبرئ من ذلك والإنكار له، وإذا بيع كتاب في المنطق، إنما يباع خفية ولا يتجاسر أن ينطق بلفظ " المنطق " إنما يسمونه " المفعل " ، حتى أن صاحبنا وزير الملك ابن الأحمر أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن الحكيم كتب إلينا كتاباً من الأندلس يسألني أن أشتري أو أنتسخ كتاباً لبعض شيوخنا في المنطق، فلم يتجاسر أن ينطق بالمنطق وهو وزير وسماه لي بالمفعل.
يقال رجلا أنكر خَلْقَ الخُنفس وقال: لا فائدة فيها بوجه، فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الحكماء وأيس من برئها، فسمع رجلا ينادي على أدوية لأمراض، ذكر منها: من به قرحة صعبة فدواها حاضر، فشكى له ما به، فقال: إئتني بخنفس! فرضّها وجعلها على قرحته، فبرئت بسرعة، فعجب من ذلك وتاب من اعتراضه، وعلم أن لله حكمة في كل شيء.
(خُرما ما ياكل)
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
أصله أن درويشاً أعجميا نزل ضيفاً على أعراب في الصحراء ولم يكن عندهم ما يقدمونه له في طعام العشاء إلا التمر ، وكما يقول المثل الشعبي (خاطر الليل مجفي) والخاطر هنا : الضيف، يريدون أن الضيف الذي يأتيهم في الليل ويكونون قد فرغوا من عشائهم، يصعب عليهم أن يصنعوا له عشاء جديداً، وهذا ما جعله مجفواً.
المهم قال لهم الدرويش : (خُرما ما ياكل) .
يريد أن يوضح لهم أنه لا يأكل التمر في العشاء
فسألوه : ماذا يأكل؟
فأجاب : لحم ياكل .
فضحكوا منه واستسفهوا رأيه، إذ من أين لهم اللحم في البرّية وليس بقربهم جزّار .
فقال لهم : الله كريم يا بدوي!
وبعد قليل نزل عليهم ضيف كبير هو شيخ قبيلة ، فأسرعوا يذبحون له ذبيحة ويطبخونها، وعندما قدموها كان الأعجمي الدرويش يأكل معهم وهو يقول : ( الله كريم يا بدوي ) ،فذهبت هذه أيضاً مثلاً .
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
أصله أن درويشاً أعجميا نزل ضيفاً على أعراب في الصحراء ولم يكن عندهم ما يقدمونه له في طعام العشاء إلا التمر ، وكما يقول المثل الشعبي (خاطر الليل مجفي) والخاطر هنا : الضيف، يريدون أن الضيف الذي يأتيهم في الليل ويكونون قد فرغوا من عشائهم، يصعب عليهم أن يصنعوا له عشاء جديداً، وهذا ما جعله مجفواً.
المهم قال لهم الدرويش : (خُرما ما ياكل) .
يريد أن يوضح لهم أنه لا يأكل التمر في العشاء
فسألوه : ماذا يأكل؟
فأجاب : لحم ياكل .
فضحكوا منه واستسفهوا رأيه، إذ من أين لهم اللحم في البرّية وليس بقربهم جزّار .
فقال لهم : الله كريم يا بدوي!
وبعد قليل نزل عليهم ضيف كبير هو شيخ قبيلة ، فأسرعوا يذبحون له ذبيحة ويطبخونها، وعندما قدموها كان الأعجمي الدرويش يأكل معهم وهو يقول : ( الله كريم يا بدوي ) ،فذهبت هذه أيضاً مثلاً .
يقول الكُتبي قاسم الرجب في مذكراته : كنتُ قد استوردتُ كثيرًا من الكتب النفيسة النادرة ، ولكنني عجزت عن بيعها وتصريفها ، فبارت عندي وتكدست في مكتبتي ومخزني وحِرت فيما أفعل بها لأتخلص منها فقد تضايقت نفسياً منها ، وأصابني ضيق مادي من جراء ما تجمع لديَّ منها ، فأخذتُ أُسجِّل أسماءها ، وعرضت مشكلتي على أحد أصدقاء المكتبة وقلت له : ما رأيك لو كتبنا عن المكتبة العامة وانتقدناها لخلوها من هذه الكتب ؟
فاستحسن هذه الفكرة ورحّب بها ، وكانت له علاقة وثيقة بإحدى الجرائد ، وطلبتُ إلى صديقنا أن يلوم وزارة المعارف على إهمالها المكتبة العامة وعدم تزويدها بما تحتاج إليه مما يجدُّ من الكتب المهمة والصادرة حديثاً، وذكرنا عناوين تلك الكتب ، فصدرت الجريدة ذات صباح ، وإذا بمدير المكتبة العامة يأتي إلى مكتبتي المتواضعة ، ووقع نظره على معظم الكتب التي نشرت الجريدة أسماءها حسبما ذكرت ، فقال : إنني أُريد شراء هذه الكتب جميعًا ، وفعلا اشتراها ، فرزمتها ودفع لي ثمنها كاملاً .
فاستحسن هذه الفكرة ورحّب بها ، وكانت له علاقة وثيقة بإحدى الجرائد ، وطلبتُ إلى صديقنا أن يلوم وزارة المعارف على إهمالها المكتبة العامة وعدم تزويدها بما تحتاج إليه مما يجدُّ من الكتب المهمة والصادرة حديثاً، وذكرنا عناوين تلك الكتب ، فصدرت الجريدة ذات صباح ، وإذا بمدير المكتبة العامة يأتي إلى مكتبتي المتواضعة ، ووقع نظره على معظم الكتب التي نشرت الجريدة أسماءها حسبما ذكرت ، فقال : إنني أُريد شراء هذه الكتب جميعًا ، وفعلا اشتراها ، فرزمتها ودفع لي ثمنها كاملاً .
روى أوسكار وايلد: أنه كان هناك رجل يجتمع حوله أهل القرية في المساء فيقص عليهم ما رآه في يومه ذاك، وكان أهل القرية يطربون لقصصه فكان يحدثهم حديث الخيال عن حورية البحر التي رآها والجنيات اللاتي يتراقصن، وذات يوم ذهب بعيدا على غير عادته، فرأى حورية على الشاطئ وجنيات يتراقصن فخاف، وحين اجتمعوا حوله في المساء وسألوه عما شاهده قال لهم: لم أر اليوم شيئًا .. يريد وايلد أن يقول: إن الحقيقة تخنق الخيال.
يقول الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في يوم من الأيام كان عندي دائرة قهوة (دورية)، وكانت وقت الضحى دخل علينا الوالد، وجلس يشرب القهوة، وكان سليمان الصالح العليان رجل الأعمال المعروف رحمه الله معنا بالدائرة، فسأل سليمانُ الوالد، وقال له: الأمريكان يا شيخ يقولون: إنهم يحاولون يطلعون القمر، وش رأيك يا شيخ؟
فردَّ عليه الشيخ، وقال: هذا ممكن يا سليمان، وبواسطة آلة ترفعهم إلى القمر أو أي سلطان آخر، فقرأ رحمه الله الآية من سورة الرحمن: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ ، وكان في ذلك اليوم في الدائرة عشرةُ أشخاص حاضرين وسامعين كلام الوالد، فتعجبوا من كلامه لأن ذلك كان سنة 1360هـ تقريبًا، وفي 1418هـ لمَّا كنت في سويسرا ذهبت إلى فندق للسلام على الشيخ عبدالعزيز التويجري وهو يحبُّ الوالد كثيرًا جزاه الله خيرًا وكان يقول: ما عمري سافرت لعُنَيزة إلا وأروح للشيخ ابن سعدي للسلام عليه في بيته.
والمهم كان معنا في صالة الفندق 15 شخصًا من الجماعة، ومن أهل الخليج، ومن بين الحضور رجل أمريكي كان عضوًا سابقًا بالكونجرس الأمريكي، فتحدث الشيخ التويجري، وقال للأمريكي بواسطة المترجم وهو يشير عليَّ: هذا الرجل قد عَرَف أبوه أنكم أيها الأمريكان سوف تذهبون إلى القمر منذ 60 عامًا، فتعجَّب الأمريكي من مقالة الشيخ التويجري أشدَّ العجب، ثم قال الأمريكي: هو (يقصد الوالد) يعترف ويصدِّق وصولنا إلى القمر قبل 60 سنة! وعندنا في أمريكا أناس كثيرون يكذِّبون ذلك وينكرون طلوعنا ونزولنا على القمر...؟!
فردَّ عليه الشيخ، وقال: هذا ممكن يا سليمان، وبواسطة آلة ترفعهم إلى القمر أو أي سلطان آخر، فقرأ رحمه الله الآية من سورة الرحمن: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ ، وكان في ذلك اليوم في الدائرة عشرةُ أشخاص حاضرين وسامعين كلام الوالد، فتعجبوا من كلامه لأن ذلك كان سنة 1360هـ تقريبًا، وفي 1418هـ لمَّا كنت في سويسرا ذهبت إلى فندق للسلام على الشيخ عبدالعزيز التويجري وهو يحبُّ الوالد كثيرًا جزاه الله خيرًا وكان يقول: ما عمري سافرت لعُنَيزة إلا وأروح للشيخ ابن سعدي للسلام عليه في بيته.
والمهم كان معنا في صالة الفندق 15 شخصًا من الجماعة، ومن أهل الخليج، ومن بين الحضور رجل أمريكي كان عضوًا سابقًا بالكونجرس الأمريكي، فتحدث الشيخ التويجري، وقال للأمريكي بواسطة المترجم وهو يشير عليَّ: هذا الرجل قد عَرَف أبوه أنكم أيها الأمريكان سوف تذهبون إلى القمر منذ 60 عامًا، فتعجَّب الأمريكي من مقالة الشيخ التويجري أشدَّ العجب، ثم قال الأمريكي: هو (يقصد الوالد) يعترف ويصدِّق وصولنا إلى القمر قبل 60 سنة! وعندنا في أمريكا أناس كثيرون يكذِّبون ذلك وينكرون طلوعنا ونزولنا على القمر...؟!
في ترجمة المبارك بن المبارك الضرير الوجيه النحوي أنه قد التزم سماحة الأخلاق ، وسعة الصدر ، فكان لا يغضب من شيء ، ولم يره أحد قط حردان ، وشاع ذلك عنه ، وبلغ ذلك بعض الحرفاء ، فقال: ليس له من يغضبه ، ولو أغضب لما غضب ، وخاطروه على أن يغضبه ، فجاءه ، فسلم عليه ، ثم سأله عن مسألة نحوية ، فأجابه الشيخ بأحسن جواب ، ودله على محجّة الصواب .
فقال له: أخطأت ، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ، وسهل طريقته ، وبين له حقيقته .
فقال له: أخطأت أيها الشيخ ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ، ويهتدي بك في العلوم ، وهذا مبلغ معرفتك ، فلاطفه ، وقال: له يا بني لعلّك لم تفهم الجواب ، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت .
قال له : كذبت ، لقد فهمتُ ما قلتَ ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم .
فقال له الشيخ : وهو يضحك قد عرفت مرادك ، ووقفت على مقصودك ، وما أراك إلا وقد غُلبت ، فأد ما بايعت عليه ، فلست بالذي تغضبني أبدا ، وبعد يا بني : فقد قيل إن بقّة جلست على ظهر فيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران ، فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست ، فكيف أستمسك إذا أنت طرت ، والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ، ولا تفهم الجواب ، فكيف أستاء منك؟! .
فقال له: أخطأت ، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ، وسهل طريقته ، وبين له حقيقته .
فقال له: أخطأت أيها الشيخ ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ، ويهتدي بك في العلوم ، وهذا مبلغ معرفتك ، فلاطفه ، وقال: له يا بني لعلّك لم تفهم الجواب ، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت .
قال له : كذبت ، لقد فهمتُ ما قلتَ ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم .
فقال له الشيخ : وهو يضحك قد عرفت مرادك ، ووقفت على مقصودك ، وما أراك إلا وقد غُلبت ، فأد ما بايعت عليه ، فلست بالذي تغضبني أبدا ، وبعد يا بني : فقد قيل إن بقّة جلست على ظهر فيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران ، فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست ، فكيف أستمسك إذا أنت طرت ، والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ، ولا تفهم الجواب ، فكيف أستاء منك؟! .