Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
- Telegram Web
Telegram Web
- كل الأنظمة العربية بلا استثناء تتمنى هزيمة حماس والقسّام.
فمنهم من يصّرح..ومنهم من يلمّح..ومنهم من يمكر ويكيد..ومنهم من يدعم الكيان بشكل مباشر: عسكريا واستخباريا واقتصاديا.
- سقوط القسّام وهزيمتهم يريح الأنظمة العربية من صداع مزمن طال أمده: صداع الحركات الإسلامية والجهادية المتجدد..والتي يتولّد بعضها من بعض انشقاقا أو تجديدا وإصلاحا أو تأسيسا مستأنفا.
- سقوط القسّام وهزيمتهم سيفرع الساحة في نظر الأنظمة فلا يبقى فيها معارضة حقيقية تزعجها، وتضعها في حرج مع النظام الدولي والقوى الكبرى وتحت ضغوط سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية تضعفها أمام شعوبها وتضعف هيبتها وهيمنتها على الجماهير.
- سقوط القسّام وهزيمتهم مطلب موحّد للنظام السياسي العربي من المحيط إلى الخليج..وكلهم يتمنى أن يحدث ذلك في أسرع وقت وأقلّ ضجيج وبأقلّ خسائر ممكنة..بما يحفظ لهم ماء وجوههم إن كان في وجوههم ماء!!
ومن الخيانة ما قتل !!
في ذكرى ثورة نوفمبر..النظام يعطي كل جهة دورا يناسبها:
- العسكر يقومون باستعراض عسكري ضخم ومُبهِر.
- الأكاديميون: ينظّمون ندوات ويقدّمون محاضرات متكلّسة بائسة مكرورة المعنى إن كان فيها معنى!.
- المغنّون: تُنظَّم لهم حفلات ماجنة صاخبة يُعصى فيه الله تعالى..ويُبارَز فيها بالمعاصي.
- الأئمة: يُوجّهون بإلقاء دروس قديمة متجددة حول الذكرى وخطب مهترئة المبنى والمعنى..
- رؤساء الأحزاب والجمعيات: يستخرجون كلّ ما لديهم من لغة الخشب والديماغوجية والكذب عن معاني ودلالات ثورة نوفمبر..ثم يتقيّؤونها على وسائل الإعلام.
- وسائل الإعلام: تتربّع على عرش التملق والثرثرة وتسطيح الوعي والشعبوية.
وهكذا..يشارك الجميع في حفلة تنكّرية قبيحة..لو بُعث الشهداء لجلَدوا المشاركين فيهم جلد البعير..ولتبرؤوا منهم..
قال الشيخ أحمد شاكر في كتابه كلمة الحق ص 126- 137ـ تحت عنوان :

(بيان إلى الأمة المصرية خاصة وإلى الأمة العربية والإسلامية عامة)

أما التعاون مع الإنجليز, بأي نوع من أنواع التعاون, قلّ أو كثر, فهو الردّة الجامحة, والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء, ولا سياسة خرقاء, ولا مجاملة هي النفاق, سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلهم في الكفر والردة سواء, إلا من جهل وأخطأ, ثم استدرك أمره فتاب واخذ سبيل المؤمنين, فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم, إن أخلصوا لله ، لا للسياسة ولا للناس.

ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أنه إذ تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين, من الإنجيليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم, بأي نوع من أنواع التعاون, أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع, فضلا عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين, إنه إن فعل شيئا من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة, أو تطهر بوضوء أو غسل أو تيمم فطهوره باطل, أو صام فرضا أو نفلا فصومه باطل, أو حج فحجه باطل, أو أدى زكاة مفروضة, أو أخرج صدقة تطوعا, فزكاته باطلة مردودة عليه, أو تعبد لربه بأي عبادة فعبادته باطلة مردودة عليه, ليس له في شيء من ذلك أجر بل عليه فيه الإثم والوزر . ألا فليعلم كل مسلم: أنه إذا ركب هذا المركب الدنيء حبط عمله, من كل عبادة تعبد بها لربه قبل أن يرتكس في حمأة هذه الردة التي رضي لنفسه, ومعاذ الله أن يرضى بها مسلم حقيق بهذا الوصف العظيم يؤمن بالله وبرسوله .
هذا الفخر الأجوف بالأوطان القُطْرية الحديثة الذي نراه ونسمعه في كل مناسبة تاريخية..ألا يدخل في عزاء الجاهلية الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن نُغلظ القول لفاعله:
«من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعِضُّوه بِهَنِ أبيه ولا تكنوا» ؟!!
------
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:
«كل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن من نسبٍ أو "بلدٍ" أو "جنسٍ" أو مذهبٍ أو طريقةٍ، فهو من عزاء الجاهلية.»
لما كان الوحي يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الأرض حضارات وأمم كثيرة، في الهند والصين وبيزنطة وفارس..وكانت هناك حضارات وثقافات في أصقاع أخرى من المعمورة..وقبل عصر النبوة الخاتمة بقرون بعيدة جدا..كانت هناك حضارات وثقافات في روما واليونان وفي مصر والشام..وفي بلاد ما وراء النهرين..وفي القارة الأمريكية القديمة (قبل اكتشاف المجرمين الأوروبيين لها) وفي أقاصي آسيا..
كل أولئك لم يقصّ علينا القرآن الكريم من شأنهم شيئا..ولا سمّاهم ولا أشاد بهم ولا ذمّهم..إلا في سياق العموم..ولا اهتمّ أن يعلم المؤمنون عنهم قليلا ولا كثيرا..
لماذا؟
للناس في جواب ذلك أقوال ومذاهب..
لكن أقربها للتصوّر القرآني وأكثرها موافقة لروح الوحي ومواءمة للقصص النبوي، الذي هو رديف القصص القرآني، هي أنّ القرآن الكريم يجعل المركزية الكبرى هي الإيمان..ويجعل موضوعه الأساس هو المؤمنين..في تدافعهم مع الجاهلية والكفر في نطاقهم الجغرافي والبشري الذين كانوا يعيشون فيه..ويبصّر المؤمنين من خلال ذلك بالسنن الإلهية..ويعرّفهم على مناهج الدعوة والحركة والتغيير..ويعلي من قيمة الإيمان والتوحيد والعبودية لله تعالى وحده لا شريك له ولو كان أهله ضعفاء يعيشون على هامش الحضارات والثقافات الكبرى المهيمنة في العالم..ولو كانت معاركهم مع الكفر صغيرة في معايير الحروب الإمبراطورية التي يتقاتل فيها ويتطاحن أهل الكفر والباطل..ولو كانت مدنهم وحواضرهم صغيرة متناثرة في الصحراء أو على أطراف الممالك الكبرى..
لم يحفل التاريخ المكتوب والمدوّن على الصخور والأوراق - والذي لم يكن ذا صلة بالوحي - بأقوام عادٍ وثمود ولوط وشعيب ولقمان وإبراهيم وإسماعيل واليسع وذا الكفل ، ولا بذي القرنين والخضر، ولا بأهل الكهف وأصحاب الأخدود والرجلين صاحبي الجنّتين، بينما كرّر القرآن الكريم أكثر هذه القصص أو جعل بعضها عنوانا لسورة كاملة، وأمر بالاعتبار والاتّعاظ بها والتبصّر فيها.
ولعل أكثر ما فصّل القرآن الكريم فيه من القصص هو قصة موسى وفرعون وبني إسرائيل، ليس احتفالا وتعظيما لحضارة الفراعنة المشركين، بل احتفاء بالإيمان وأثره وتفاعل أهله مع مقتضياته وإبرازا لخطورة الاستبداد والطغيان حين يتمكّن في الأرض ويصبح له السلطان والنفوذ، وبيانا لأساليبه في الإذلال والإخضاع ومحاربة الحق والإيمان..مع غايات أخرى ذات صلة بعلاقة الأمة المسلمة ببني إسرائيل باعتبارهم أكبر أمم الوحي والنبوات قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلّم.
إنّ هذا التصوّر يجعل المؤمنين يعيدون التفكير في كثير من القضايا، وفي طريقة تعاملهم مع العالم من حولهم، وفي ضبط المركزيات كما أرادها الوحي لا كما تؤسس لها الجاهلية ومؤسساتها السياسية والإعلامية والأكاديمية، وأن تفهم نشأة الحضارات وتشكّل الثقافات وتعِيَ طبيعة وحقيقة التدافع معها على ضوء التصورات القرآنية التي لا تزيدها الأيام والتجارب والأحداث والدراسات إلا ثبوتا ورسوخا وصدقا..
هناك كثير من قضايا العقيدة ومسائل الفقه والأخلاق والمروءات وموضوعات الزهد والورع لا ينبغي أن يُخاطَب بها إلا من علت في طلب الكمال هممهم، أو أظهروا استعدادهم لذلك ورغبوا فيه، أو من كان في حلقة علم وتربية يجلس بين يدي عالِم مُربٍّ يترقى به في مدارج الفهم والبصيرة والسلوك..أو على الأقل إن لم يلازمه يكون له ناصحا ومرشدا يحلّ له الإشكالات ويفتح له المغاليق..
أما إلقاء القول على عواهنه وإرسال الكلام بلا زمام ولا خطام في المساجد والمجالس والمناسبات التي يحضرها أخلاط من الناس وأمشاج من الطباع وفئام ممن لا يكاد يفقه ما يسمع إلا دعاء ونداء فهو من الجهل بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم ومناهج ومسالك السلف والعقلاء في التربية والتزكية والتعليم.
بل حتى المحكمات والقطعيات ينبغي أن يُمهَّد لها ويُوطَّأ بما ينفي عنها الغموض ويزيل عنها الشبهات ويجلّي عنها الغبش، ويعرضها في أبهى حلّة وأبلغ بيان، أليس من وصف القرآن ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم أنهما (بلاغ مبين)؟!
نسأل الله التوفيق والسداد..
عن ابي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: (لَتُنقَضَنَّ عُرى الإسلامِ عُروةً عُروةً، فكلما انتقضَت عُروةٌ تشبَّثَ الناسُ بالتي تليها، فأَوَّلُهنَّ نقضًا الحكمُ، وآخرهنَّ الصلاةُ)..والحديث صحيح أو حسن.
هذا حديث يشهد له التاريخ والواقع..
والمطلوب اليوم من العلماء والدعاة والمربّين والمصلحين العناية بأمر (الصلاة) فريضة ونافلة، والترغيب فيها والحث على المحافظة عليها وإقامتها كما أمر الله ورسوله..وهو أمر ليس يسيرا في مثل هذه الظروف والبيئات الاجتماعية والاقتصادية التي أنتجتْها الحداثة ومشتقّاتُها..وفي ظلّ الشهوات العارمة التي تجتاح المجتمعات المسلمة وتعصف بالشباب..
ثم المطلوب ثانيا: أن تكون إقامة الصلاة وترسيخ عروتها سبيلا يمهّد لاسترجاع واستعادة بقيّة العرى التي انتقضت وإحيائها في الأنفس والواقع، وأن تكون الصلاة زادا ورصيدا للعاملين الذين يتدافعون مع الباطل..
أمّا الوقوف عند الصلاة والتشبّث بها وحدها والانسحاب من ميادين التدافع فهو إضعاف لهذه العروة الأخيرة المتبقية من عُرى الإسلام..وهو إفراغ للساحة أمام الحداثة الجاهلية لتكتسح ما تبقى من مساحات ومجالات..
فحيّهلا..
Forwarded from غِراس
«وهكذا بنيت الدولة الحديثة على هذا الفراغ الأخلاقي وانطلقت تخلق في داخلها قيمها الخاصة بها "منطق الدولة" الذي مثل اعتبارات تعلو على كل قيمة اخلاقية باسم "مصلحة الدولة العليا". ففي البداية جرى تجميع البشر ليس على أساس المبادئ بل على أساس المنفعة الذاتية، ثم أصبح عليهم بعد ذلك أن يقبلوا حكم المصلحة الذاتية الجماعية للمؤسسة الجديدة التي خلقوها.

وقد أفاق المسلمون بعد سبات طال ليجدوا أنفسهم قاطنين في عالم الدول القومية هذا، وحكم عليهم أن يخدموا إلى الأبد هذه المؤسسات وأن يعبدوها من دون الله، وأصبح شعار المرحلة وعقيدتهما هما "وطني إن أخطأ أو أصاب" أو "أمتي فوق الجميع". ولم يعد التسبيح بحمد الله هو المطلوب، ولا الجهاد في سبيله، بل أصبح الاعتقاد بأن الوطن هو البديل الأعظم عن شعار "الله أكبر"، بينما أصبح الوطن هو الذي يقاتل في سبيله الناس فيقتلون ويُقتلون. فلا عجب إذن أن يصيب المسلمين دوار مزمن وفقدان للهوية بعد أن شهدوا هذا الإنقلاب في المفاهيم دون أن يكونوا جزءا منه.»

- عبد الوهاب الأفندي، الإسلام والدولة الحديثة، ص ١٢
هناك مغالطة قبيحة تتكرر عند كل مشهد "مخزي" من تمظهرات سعودية بن سلمان المنحلة، إذ يزعم البعض أن هذا التوجه الشعبي نحو الحفلات والغناء والرقص ومختلف أنواع الإباحية هو نتيجة لسنوات من الكبت تحت سلطة دينية كانت تقهر الناس على التدين الظاهر فلما أتيحت لهم فرصة الإختيار أظهروا ميولاتهم المنحرفة بشكل سريع ..!

والرد على هذا الإدعاء في ثلاث نقاط:

* أولا وقبل كل شيء، نحن لا نسلّم أصلا بأن هذه الأعداد التي تملأُ القاعات والساحات تمثل الشريحة الأوسع من الشعب السعودي، ولا يملك المدعون أي إحصائية أو دليل على ذلك سوى زوايا تصوير الكاميرات ..
ولا نسلم أيضا أن هؤلاء المنحرفين اليوم كانوا مستقيمين بالأمس ثم انتكسوا. وقد تكون هي نفس الفئة المترفة من سكان الحواضر مثل الرياض وجدة والتي كانت منذ زمن ترفض ما تسميه مظاهر "الرجعية والأوصولية الدينية" وتتبنى علمنة المجتمع والتأثر بالتغريب والحداثة حتى قبل ظهور هيئة الترفيه والتوجه الأخير لبن سلمان (قهره الله) ..
وهناك مظاهر أوسع بكثير من التمسك بالستر والحشمة ومدارس القرآن وطلب العلم رجالا ونساءً، وحملات إنكار شعبية واسعة ميدانية وفي مواقع التواصل ..

* المجتمع السعودي لم يكن تحت سلطة دينية (كما يزعمون) ثم رفعت قيود هذه السلطة فقط وخُلِّي بينه وبين فطرته، بل تعرض لتوجيه عنيف من سلطة دينية أخرى (دين العلمانية) هي التي قادت موجة الجنون الغنائي والحفلات ومولتها بسخاء وسخرت لها الإعلام واعتقلت كل من يمكنه أن يعارضها وجففت منابع الدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر .. فهل هذه حالة يقاس عليها في تقييم توجهات المجتمع نحو الخير أو الشر؟

* هذه الحياة الدنيا دار بلاء واختبار، والمسلم يتقلب فيها بين إحسان وتقصير، والإيمان يزيد وينقص بالعمل، وحفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، ومناط تكليف الإنسان في الدنيا هو الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية، وفي سبيل ذلك أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين وسنّ بهم الدعوة إلى سبيله والنصيحة لصالح المسلمين، وشرع تشريعات (بحكمته البالغة) يردع بها النفوس عن الزيغ والإنحراف وجعلها من واجبات ولي أمر المسلمين يزع بها بالسلطان ما لا يزعه بالقران، فقد سبق عنده في علمه أنه سيكون عصاة وفسقة ومجرمون رغم بلوغ الرسالة وقيام الحجة فكانت شريعته ضابطة ملزمة ...
ومن يسخر من إلزام المجتمع بالضوابط الشرعية من طرف السلطة بحجة أنها تولد مجتمعا منافقا يلتزم إذا حضرت الرقابة ويعصي إذا غابت فإنه يسخر ضمنيا من شريعة الله الحكيمة التي جمعت بين تكرار النصيحة والدعوة والتوجيه والترغيب في الطاعة وفتح الباب للتوبة وستر العاصين، وأوامر لازمة التنفيذ ملزمة للجميع دونها حدود وتعزيرات واجتهاد من العلماء والحكام في تنفيذها. فضلا على أنه يجادل في أمر إنساني بديهي قامت من أجله القوانين والدساتير لضبط شؤون الناس وحقوقهم، ولكن الحقيقة أنهم لا يريدون إنضباطا بالوحي يحد من مشاريع الهوى والشهوات ولا يعتبرونها من حقوق الناس بين بعضهم ولا يرعون حق الله في خلقه ولا غضبه أو رضاه ..

ملاحظة: (من باب توضيح الواضحات)
لا يعني هذا الكلام أن ما كانت عليه السعودية قبل بن سلمان هو عمل بالشريعة كما يجب، ولا نقبل باختزال شرع الله في الحفاظ على مظاهر تدين عام، ولكن ما كان من تشديد على مظاهر التبرج ومنع الاختلاط والمخادنة واستحالة حدوث اختراقات شيطانية كالتي نراها اليوم لهو خير كله ومن المعينات على حفظ المجتمع.
[د. محمد العريبي]
من أهمّ ما يجب ان يُرَبّى عليه الناشئةُ والشبابُ اليافعون في المحاضن: قوّة الساعد وصلابة الجسم والرياضات القتالية والمبيت في الفيافي والغابات ومهارات التخييم والقدرة على التحمّل الشديد والثبات الانفعالي وقيادة السيارات والدرّاجات وممارسة الأعمال الشاقّة المرهقة كالبناء والفلاحة في الصيف، والسباحة وركوب الخيل (أمّا الرماية فهي أمر ميؤوس منه في ظلّ سطوة المؤسسات الأمنية والعسكرية للدولة الحديثة)..
ومما ينبغي وجوبا أن يُنشَّأ عليه الشباب: مفهوم التضحية، بالوقت والجهد والمال والنفس والراحة، والاستعداد لبذل النفس رخيصة نصرة لله ورسوله وشريعته وأوليائه والمستضعفين في الأرض..
وهذا والذي قبله مرتبطان متلازمان..لا انفكاك بينهما..
فقد نشأ جيلان أو ثلاثة من الشباب في المحاضن التربوية والمدارس القرآنية وفي المساجد على أيدي الدعاة وهم يعانون حالة من الهشاشة النفسية ومن الرخاوة والطراوة و(التأنّش) بلغ بهم مستويات متقدمة من الجبن والفزع حتى من شرطيّ المرور والخوف من البلطجية وفجّار الأحياء والمدن والارتباك والاضطراب في اي موقف فيه عنف وغلظة.
وهذا وذاك مرتبطان بأداء واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع والمحافظة على هيبة ومقام وأمن المصلحين أمام السفهاء من رواّد الملاهي ومستهلكي المخدرات والمهلوسات والمتحرّشين الظالمين ممن لهم علاقة بمواقع النفوذ والسلطة.
هذا مما يقتضيه الواقع..
أما الحالمون والطيّبون ممن ما زالوا يؤمنون بالقوانين والمحاكم وأنها ستحميهم وتسترجع حقوقهم وتوفّر لهم الأمن دون ردع وعصبة وشوكة اجتماعية فأولئك في وادٍ آخر..نحمد الله أن عافى كثيرا من عباده مما ابتلاهم به.
الجهاد الأفغاني ضد السوفييت كان خدمة لأمريكا.
الجهاد الأفغاني ضد أمريكا كان توظيفا وخدمة للصين وروسيا.
الجهاد الشيشاني كان مخترقا أمريكيا لإضعاف روسيا.
الجهاد ضد أمريكا في العراق كان مخترقا من طرف أمريكا لخدمة أمريكا.
الجهاد في الشام كان مخترقا من طرف دول الخليج لصالح أمريكا والغرب ضد روسيا وإيران.
الجهاد في غزة مخترق إيرانيا لخدمة مصالح إيران ضد أمريكا وإسرائيل.
الجهاد في الساحل الإفريقي مخترق وموظف من روسيا وتركيا والصين ضد فرنسا وأمريكا وبريطانيا.
المجاهدون في ليبيا ضد بقايا نظام القذافي وحفتر مخترقون من تركيا ضد الإمارات والسعودية.
المجاهدون في اليمن مخترقون من السعودية وأمريكا ضد إيران..
معارك رد العدوان في سوريا مخترقة تركيا وأمريكيا ضد إيران وحزب الله وروسيا.
الخ..الخ..
الخلاصة: المجاهدون السنّة قومٌ أغبياء بُلْه عُمْي لا عقول لهم ولا فهم ولا وعي..لا يفهمون في حرب ولا سياسة..يخترقهم ويوظّفهم الجميع..ويضرب بهم كل طرف عدوّه..وكل ما فعلوه ويفعلونه عبث لا جدوى له ولا معنى..ولا يجب البتّة وأبدا وإطلاقا أن تتقاطع مصالحهم وخططهم مع أي طرف ولا أن يصلهم إسناد ولا دعم من أي جهة..وإلا فهم خونة وعملاء وينفّذون أجندات الأعداء..وليس من حقهم أبدا أن يخطؤوا ولا أن يسيؤوا تقدير الموقف ولا أن ينهزموا ولا أن تتضرر حواضنهم الشعبية ولا أن يشتروا السلاح أو يحصلوا عليه من أي جهة..فهذه عمالة وخيانة..ولا أن يتحالفوا مع أحد (إلا مع إيران فهي استثناء يُتسامَح معه) ولا أن يخسروا مواقع حرروها ولا أن يحدث بينهم خلافات وخصومات كما يحدث لغيرهم وكما حدث طيلة التاريخ..
والحلّ هو أن يتركوا تحرير أراضيهم وبلدانهم..ويقبلوا بوجود المحتلّين الروس والأمريكان والإيرانيين في بلدانهم..وأن ينتظروا حتى تتبرع هذه الدول بالخروج طواعية بلا مقاومة ولا جهاد..وأن يراعوا خواطر ورغبات وتفضيلات وتحليلات القاعدين..والقعود هنا قعود القلب والهمّة والشجاعة والفكر..أما الجوارح فقد جعل الله لأصحاب الأعذار سعة وفسحة.
(زلزال الشام) من بركات وثمرات (طوفان الأقصى)..
نسبهما ومشكاتهما واحدة.
رحم الله السنوار وإخوانه..فهم من دفعوا الأمة كلها إلى مساحات وعي وفهم وحركة وجهاد جديدة وعميقة.
ما بعد زلزال الشام لن يكون مثل ما بعده أبدا..
سيكون هناك مئات بل آلاف من الشهداء.
وسيكون كرّ وفرّ.
وستكون أخطاء وسوء تقدير وتراجع هنا أو هناك.
وسيتدخل شياطين الإنس والجن وحظوظ الأنفس لتنزغ بين المجاهدين.
وستتدخل منظومة الهيمنة الدولية بكل مكر وخبث وشراسة ودموية لتمنع النصر عن أهله وتمنحه لغير مستحقيه.
وسيكون هناك ضعفاء أنفس وأهل دنيا يل ومنافقون تكشفهم الأيام والأحداث.
وسوف تكون أمور وأحداث وملاحم تطيش لها العقول وتشيب الرؤوس..ولا ينفع فيها إلا الإيمان والاستقامة والبصيرة والأناة والانحياز إلى فسطاط أهل الإيمان.
ورغم ذلك كله..فإنه زلزال شاميّ مبارك..وهو صنو أخيه الطوفان المقدسي..
فليستبشر المؤمنون..وليكثروا من الدعاء والضراعة لله وحده..وليعدّوا ويوطّنوا أنفسهم لارتدادات #زلزال_الشام..الإيمانية والنفسية والفكرية والإعلامية والسياسية والعسكرية..
فاللهم نصرك وتوفيقك للمجاهدين..سدد رأيهم ورميهم..ووحّد صفوفهم..واجمع كلمتهم..وامكر لهم ولا تمكر بهم..
هذه أيام ملحمة على الأعداء..وأيام مرحمة على عموم أهلنا في الشام المبارك.
أحداث الشام الأخيرة جعلت كثيرا من المثقفين والأكاديميين والإعلاميين والشرعيين فضلا عن عموم الناس يؤمنون بنظرية المؤامرة..ويؤلّهون أمريكا التي لن تتحرك نملة سوداء في ليلة ظلماء فوق صخرة صماء في حلب الشهباء أو دمشق الفيحاء إلا بعلمها وإذنها!!
فلنتخيّل الكتائب العسكرية التي تحركت مؤخرا شيوعيين وعلمانيين وملاحدة..وأنهم نسّقوا مع أمريكا وإسرائيل..ألا يحق لهم أن يفعلوا اي شيء لطرد المحتل الروسي والإيراني، والاعتماد على الإمداد التركي والخبرة الأوكرانية؟!!
فكيف وهم أهل البلد الأصلاء الأقحاح..وفيهم العلماء والدعاة والسياسيون والعسكريون والأكاديميون..وقد فرح معهم ملايين من بني جلدتهم ونفروا معهم ويدعون لهم..وينتظرون معهم مزيدا من التقدّم والتوسّع؟!!
هذه بديهية لا أدري والله كيف تغيب عن أذهان الكثير!
يُراد منهم أن ينتظروا مدّة لا يعلمها إلا الله - قد تكون سنوات طوالا - تخت الاحتلال والقهر والحصار والقصف في الشمال؛ فقط لأنّ إيران الطيبة المسكينة التي تنفق أموالها وتجنّد مليشياتها تسند غزة المجاهدة المرابطة المحاصَرة، ولأن روسيا حليفة إيران، وليس من الذوق واللباقة السياسية إزعاجها..أو لأنّ قضية غزة والاهتمام بها ستتراجع إلى المرتبة الثانية إعلاميا!!
أيقول هذا رجل يعرف ماذا يخرج من رأسه؟!
ما لكم؟
كيف تحكمون؟
شوف تلك البراءة والطِّيبة والحرص على وحدة الصفّ وتجنّب الصراعات، وعلى التعاون والتآزر بين الدول الإسلاميّة، وعلى عدم تدخّل الأجانب في الشؤون الداخلية للشعوب المسلمة..
أثّر فيّ التصريح كثيرا..حتى كادتْ عيناي تفيضان من الدمع.
ثم تذكَرتُ المثل المصري: أسمع كلامك أصدّقك..أشوف عمايلك أستغرب.
حينما يتعلق الأمر بإيران ومليشياتها..تسقط الحدود ..وتصبح الجيوش الرسمية بكماء صمّاء..وتُشلّ طائرات أمريكا والعراق وبريطانيا..وتعمى أقمار التجسس..وتصبح الاتفاقيات الدولية بلا معنى..
مليشيات دولة..تتحرك داخل دولة أخرى وتمرّ عبر حدودها لتدخل دولة ثالثة..
عادي جدّا..إنها إيران!! يجب ألا ينتقدها أحد، فهي تقف مع قضية الأمّة المركزية..وذاك يمنحها حق القتل والتدخل والاحتلال والغزو..ويمنح مليشياتها حق الهدنة والصلح مع الكيان..ويعطيها حق التفاوض مع أمريكا والغرب على مشروعها النووي..واقتسام الكعكة في الشرق الأوسط..
أي سلوك وتصرف سُنّي مستقبلا وفي أي بلد يشبه سلوك إيران ومليشياتها سيستنكره ويندد به ويشجبه من يبررون سلوك إيران ويهونون منه..وسوف يرونه تطرفا وغلوا وهدما للدولة الحديثة واعتداء على مؤسساتها وسيادتها..وعمالة للأجنبي وخدمة للكيان الصهيوني وأمريكا..وغباء من أهل السنّة..وعدم فهم وإدراك لتعقيدات المشهد الدولي..الخ الخ الخ..من هذه الترّهات..
هل يمكن أن يتحرك ويتقدّم ويتوسّع المقاومون في سورية دون أي تفاهمات أو تنسيق أو إكراهات من أي طرف دولي أو إقليمي؟
الجواب: لا؟
لأن هذه الأطراف ليست مجرد جهات مراقبة للأحداث أو داعمة ماليا وسياسيا وعسكريا لهذه الجهة أو تلك. بل هي حاضرة على الأرض وفاعلة في الميدان، بجيوشها ومخابراتها وخبرائها وأموالها. ومصالحها تتعارض في ملفات وتلتقي في أخرى.
وهي سوف تضغط أن تحقق أكبر ما يمكن من المكاسب من حركة التوسع والاسترداد الأخيرة منذ أسبوع..أو أن تقلل من خسائره..وسوف تتدخل بأكثر من طريقة وأسلوب..وقد شاهدنا جميعا منذ عشر سنوات: الاختراق الأمني والمالي، والتوظيف عن طريق المعلومات، وغرف العمليات المشتركة (الموب والموك)، والتدخّل العسكري المباشر (الجوي خاصة)، واستثمار الخلافات المذهبية والفكرية بين الفصائل، والإغراق في المفاوضات، والإغراء بالمناصب السياسية، وتشجيع الغلاة لخلط الأوراق وقلب الطاولة على الجميع..إلخ.
وهي أساليب عابرة للزمان والمكان..يمكن إعادة تفعيلها والتنويع والتفريع عليها..ويمكن خلق السياقات والظروف التي تسمح وتسهّل قبولها..
لهذا فحركة التوسّع والاسترداد منذ أسبوع لا تخرج عن سنن وقوانين الحروب التي عرفها التاريخ القديم والمعاصر، وهي معرّضة للتوقف عند نقطة محددة حين تقتضي التوازنات المحلية والإقليمية والدولية ذلك، وللتمدّد نحو المزيد، وللانتكاس والتراجع، وقد حدث ذلك لجيوش ذات خبرة عالية وكفاءات منقطعة النظير، يقودها عباقرة التخطيط العسكري الاستراتيجي في أزمنتهم.
نراقب..ونتابع..ونرصد..ونستبشر خيرا..ونحسن الظن بإخواننا..ونؤمن بعدالة قضيتهم..وبحقهم في جهاد الطغيان والاستبداد من جهة وفي دفع صائل المحتلّين لبلدهم من جهة ثانية..ونتوقع أنهم قد استفادوا من دروس وتجارب دفعوا ثمنها غاليا جدا..ونتولّاهم..ونبرأ من أعدائهم..ونرى انتصارهم سندا ومددا استراتيجيا لجهاد إخوانهم في غزة..
ولله الأمر من قبلُ ومن بعد..
مثلما حدث بعد فتح كابل واندحار الجيش الأفغاني(الوطني) وفتح كابل وانسياح جنود طالبان في كل محافظات أفغانستان..يحدث اليوم بعدما وقع في سورية (مع فارق السياقات والمسارات والمآلات).
الذي حدث ويحدث هو أن أكثر الأطراف تشكيكا وتخويفا وتوقعا للأسوأ من الاحتراب والانقسام ( وقد يقع ذلك..عادي)واستياءً وتحفّظا وأحيانا حسدا مما وقع هي الحركات والجماعات الإسلامية (= التنظيمات)..يغيظ أكثرها أن ما حدث لم يكن على يد قادتها وزعمائها..ولا وفق مناهجها ومقارباتها..وأنه لا ذكر لها ولا دور في أي معركة أو نصر..وأن تحليلاتها وتوقعاتها واستشرافاتها سقطت كلها في الماء..وأنهم خارج دائرة التأثير والفعل..وأن أمثلهم طريقة تحوّل إلى محلل إستراتيجي في قنوات الأنظمة أو على فيسبوك.
داء الحسد قديم وحظوظ الأنفس غلّابة وطلب الجاه والشرف يفسد الدين والقلوب.
والله المستعان.
لا أدري إذا كان فريق أبي محمد الجولاني (أحمد الشرع) ومن معه في أركان القيادة العسكرية والمدنية قد وضعوا آليات لاستقبال وتلقّي ما يكتبه مئات من إخوانهم الناصحين المحبين الحريصين على نجاح التجربة الشامية واستكمال النصر والفتح والتمكين فيها..وأكثرهم ممن خبِر الحرب والسياسة والإدارة علما وعملا..وفيهم عشرات المثقفين والأكاديميين والشرعيين..
هذه الآلية ضرورية جدا جدا في مثل هذه الظروف..خاصة والقيادات العسكرية والمدنية تحت ضغط شديد وإكراهات معقدة واستنزاف وانشغال يومي بل بالساعة بالماجريات التي تشغلهم وتجعلهم في وضع لا يساعد على التفكير الهادئ العميق الاستراتيجي..
أرجو كل من له علاقة بهم أو وصلة إليهم أن ينبههم لهذا..فسينالهم منه خير كبير..وسيصلهم من خلاله من المقترحات والخطط والأفكار ما يجعل البدائل لديهم متوفرة ومتّسقة..تحفظ جهاد المجاهدين وتحمي منجزات الثورة السورية وتسمح لها بمراكمة أدوات القوة..
2024/12/23 07:30:40
Back to Top
HTML Embed Code: