Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
- Telegram Web
Telegram Web
أَدِيـمْ .. pinned «رحلة العمر ----------- في سير العبد إلى ربه سبحانه وتعالى طرق مختلفة يسلكها، ومحطات مختلفة يتوقف فيها.. لكن بعض هذه الطرق والمحطات لا يمكن تجاوزها أبدا، ليس لتميزها الفعلي فحسب، وإنما أيضا لفرادة حدوثها. تلك الأعمال التي قد تضيف إليها أو تحاول جبر ما أصابك…»
أَدِيـمْ ..
قال محمد بن علي بن الحسين: فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقال بيده فعقد تسعا، فقال: "مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين لم يحج، ثم أذن في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج. فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم…
قال جابر: "فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه،
ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته."

كان النبي صلى الله عليه وسلم في حجته مع أصحابه ميسرا عليهم، وقد كان هذا من عادته في عموم أموره كما في الحديث: "ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن حراما". ولكن تيسيره في الحج كان أكثر وأعظم.. ولهذا ترك للناس صيغة التلبية التي أرادوا ما لم يكن بها شرك، ولزم هو تلبيته عليه الصلاة والسلام.

وكان من تلبية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "لبيك وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل".

ومن حسن الاقتداء، أن الإنسان إذا رأى شخصا يفعل الخير الذي له فيه سعة، فلا يحسن به أن يلزمه بشيء مخصوص، فيضيق عليه، وربما كسل عن الخير الذي هو قائم به.

قال جابر: "لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة".

وقد كان هذا حال كثير من الصحابة رضوان الله عليهم. لأن الناس في الجاهلية كانوا يعدون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض. فلم يكونوا يعرفون دخول العمرة في الحج، كما يفعل القارن والمتمتع. ولهذا لما أدى النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، قال:

"لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة.

فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج -مرتين- لا، بل لأبد أبد".

وهكذا اختلف إهلال الصحابة رضوان الله عليهم، فمنهم من أهل بعمرة ثم أهل بالحج بعد ذلك (متمتع)، ومنهم من أهل بحج (مفرد)، ومنهم من أهل بحج وعمرة وأدخل العمرة في الحج بغير حل (قارن).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم قارنا، ساق الهدي ولم يحل..

ثم أتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه من اليمن ومعه بعض بُدن النبي صلى الله عليه وسلم..

(3)
يتبع.
أَدِيـمْ ..
قال جابر: "فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه، ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته." كان النبي صلى الله عليه…
قال جابر: "وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل، ولبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة للذي صنعت، مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها، فقال: صدقت صدقت، ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، قال: فإن معي الهدي، فلا تحل، قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم وقصروا، إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي"

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل عليا رضي الله عنه إلى اليمن قاضيا وجامعا للصدقات، ولكنه رجع حتى يحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه بعض هديه، فلما كان في طريقه ومر بالميقات أراد أن يُحرم بالحج، لكنه لم يقل (لبيك عمرة، أو حجة..)، بل قال قول المؤمن دقيق الاتباع: "اللهم إني أهللت بما أهلّ به رسولك!" مع أنه لا يعرفه بالضبط، ولكنه أهلّ به على الإجمال حين غاب عنه تفصيله.

وهذا درس عظيم جدا، أن تجتهد في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمرك، فإن غاب عنك أمره قلت: يارب.. أريد أن أفعل مثله، فاجعلني على نهجه!

ولما وصل علي رضي الله عنه إلى مكة، وجد فاطمة رضي الله عنها قد حلّت، أي أنها جعلت طوافها وسعيها عمرة ثم أحلت، وستحرم مرة أخرى بالحج.. فأنكر عليها ذلك؛ لأنهم -كما سبق- لم يكونوا يعرفون العمرة في أشهر الحج. فذهب علي للنبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك، فقال: "صدَقت صدَقت"، وسأله عن إحرامه فقال له أنه قال: (أهللت بما أهل به رسولك)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن معي الهدي، فلا تحل".. وكان مجموع الهدي الذي أتى به علي رضي الله عنه والذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مائة بدنة. فحلّ الناس وقصروا شعرهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن ساق الهدي معه.


قال جابر: "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس ".

هؤلاء الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي وجعلوها عمرة، أحرموا بالحج يوم التروية، وقد أحرموا من الأبطح الذي كان نزولهم به مع النبي صلى الله عليه وسلم..

وركب النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الثامن ونزل بمنى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. وهذه الصلوات التي صلاها كان يقصر فيها الرباعية. وبعد طلوع الشمس في اليوم التاسع أمر أن تضرب له قبة بنمرة.. وكانت قريش تعتقد أنه سيقف في ذلك الوقت عند المشعر الحرام (جبل بمزدلفة)، أي قبل ذهابه إلى عرفة. ولكنه لم يفعل ذلك وخالفهم فيه. كما خالفهم في دخول العمرة في الحج الذي لم يكونوا يعرفونه.

فجاوز المشعر وأتى عرفة ونزل بالقبة التي ضربت له، حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته فرحّلت له حتى يركبها، ونزل ببطن الوادي (وادي عرنة)، فخطب في الناس خطبة عرفة..
(4)
يتبع
أَدِيـمْ .. pinned «نسيم الرجاء ______ استوقفني اليوم في سورة النساء قول الله سبحانه وتعالى: "إن الله نعمّا يعظكم به".. فنعمت العظة التي نجدها في القرآن!.. لا أوامر أحسن من أوامر الله، ولا نواهي أولى مما ينهانا عنه، ولا منهاج أرقى أو أجمل من منهاج القرآن في الوعظ.. واستحضرت…»
فإني أدعو الله سبحانه وأقول: اللهم اغفر لأهل هذه القناة واكتبهم في هذا اليوم الفضيل من عتقائك.. اللهم حقق رجاءهم واقض حوائجهم وأجب دعواتهم في مرضاتك.. اللهم أعذنا وإياهم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.. اللهم آتهم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقهم عذاب النار.. يارب وأهلينا وأحبابنا والمسلمين 🤲🏻🤍
khtb_msjd_33.pdf
1.4 MB
خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس يوم عرفة خطبة عظيمة اشتملت على جملة من مقاصد الإسلام وأحكامه، منها:

- تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرمة شديدة.

- وضع أمور الجاهلية وإرساء أحكام الإسلام بدلا منها، وذلك في الدماء والأموال وغيرها.. وأيضا في بعض أحكام الحج.

- استنطاق الناس فيما هم قائلون إذا سئلوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبليغه الرسالة، وكأنه يودعهم وداعا خاصا عليه السلام.

- الوصية بالنساء، وذكر حق الرجل على زوجته والمرأة على زوجها.

- الوصية بتقوى الله سبحانه.

- التحذير من الاختلاف والاقتتال ومفارقة الجماعة.

ولكن خطبة يوم عرفة لم تكن خطبته الوحيدة في الحج، بل خطب النبي صلى الله عليه وسلم عدة خطب، منها: خطبة في يوم السابع بمكة، وخطبة عرفة، وخطبة يوم النحر، وخطبة يوم النفر الأول بمنى. وهذه أربعة.. وفي بعض الأقوال أنها ثلاثة، وفي بعضها أنها خمسة.

وكل هذه الخطب عظيمة المكانة لأنها بمثابة الوصية التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بها أصحابه، ولشرف المكان والزمان والشعيرة، ولأنها كانت بحضور الجمع الأكبر من المسلمين وقتئذ.

وهذا الملف به جمع لأحاديث تلك الخطب مع تعليقات خفيفة، فطالعوه🌷
أَدِيـمْ ..
قال جابر: "وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل، ولبست ثيابا صبيغا، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة للذي صنعت،…
وبعد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، قام للصلاة..

قال جابر: "ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلا، حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه"

صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر ركعتين ركعتين ولم يصل بينهما شيئا.. ثم ركب حتى أتى موقف عرفة، فاتجه إلى الجبل وعلا قليلا حتى كانت الأحجار في أسفل الجبل بمحاذاة بطن ناقته (ولم يصعد فوق الجبل).. وكان اجتماع الناس واصطفافهم بين يديه، واستقبل القبلة ليدعو.. حتى غربت الشمس!

كان ذلك من قبل وقت العصر، حتى تأكد غياب قرص الشمس.. وقد أورد النسائي في السنن بإسناد صحيح من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال:

"كنت ردف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، فتناوله بيده وهو رافع اليد الأخرى".

وذلك من حرصه صلى الله عليه وسلم على الدعاء، وأن لا تضيع لحظة من هذا المشهد في غير الثناء على الله سبحانه وسؤاله من فضله، وأن لا يقطع شيء دعاءه حتى وإن كان شيئا عابرا كالإمساك بخطام الناقة!

وهذا هو الوقت، فالهمة الهمة.. ارفعوا أيديكم وادعوا، أسوة برسولنا صلى الله عليه وسلم.. عسى الله أن لا يردنا إلا مقبولين مجبورين🍃

(5)

يتبع..
أَدِيـمْ .. pinned «وبعد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، قام للصلاة.. قال جابر: "ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل…»
تقبل الله منا ومنكم.. عيدكم مبارك وسعيد 🍃
أَدِيـمْ ..
وبعد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، قام للصلاة.. قال جابر: "ثم أذن، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل…
قال جابر: "ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس، السكينة السكينة، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا"

بعد غروب الشمس في عرفات، دفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مزدلفة فقضى بها ليلة العاشر من ذي الحجة، وأوصى الناس في سيرهم بالسكينة وعدم التزاحم ما استطاعوا.. وهذه أبرز أعمال هذه الليلة:

- صلاة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.
- النوم والراحة بعد مشقة اليوم.
- صلاة الفجر في وقته بأذان وإقامة.
- التوجه نحو المشعر الحرام والوقوف به والدعاء حتى قبيل شروق الشمس.

وفي أيامنا هذه، قليل جدا من يلتزم بهذه الأفعال في هذه الليلة. وهي أكثر ليالي الحج التي تحدث بها المخالفات. فالأكثر لا ينتظر في مزدلفة إلى الفجر، وبعضهم لا ينتظر إلا ساعات قليلة ويدفع من مزدلفة حتى من قبل منتصف الليل. وكل ذلك بسبب الزحام الشديد.. فعلى كثرة الناس الذين اجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم وكونهم مد البصر عن اليمين والشمال ومن بين يديه ومن خلفه مثل ذلك؛ إلا أن الأعداد اليوم تفوق عشرة أمثال هذا العدد. والسعيد من يسدد ويقارب ويلتمس السنة ما استطاع.

اللهم تقبل من حجاج بيتك وأتمم عليهم نعمتك، وتقبل منا على تقصيرنا.. وارزقنا الحج المبرور وتابع لنا بين الحج والعمرة 🤲🏻

(6)

يتبع.
أَدِيـمْ ..
قال جابر: "ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس، السكينة السكينة، كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين،…
قال جابر رضي الله عنه: "وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر"


وفي حديث آخر أن امرأة من خثعم أتت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن جواز حجها عن أبيها لكونه كبير السن لا يستقر على الراحلة، فجعل الفضل رضي الله عنه ينظر إليها.

وقد أردف النبي صلى الله عليه وسلم الفضل بن العباس، وهو دافع من مزدلفة.. وأردف أسامة بن زيد وهو دافع من عرفة كما تقدم.

وفي هذا الفعل من الفضل رضي الله عنه بيان أن الفاضل يخشى عليه من الزلل كما يخشى على المفضول.

وبيان أن غض البصر واجب على الرجل إلا في حالات مخصوصة، وليس منها حالة الفضل رضي الله عنه. ولذلك حوّل النبي صلى الله عليه وسلم وجهه.

وبيان أن إنكار المنكر باليد أولى من اللسان، وأنه يتكرر إذا تكرر المنكر. ولذلك لما لم يقدر على الامتناع عن النظر من أول مرة ونظر مرة أخرى، حول النبي صلى الله عليه وسلم وجهه مرة ثانية.

وفيه رأفة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدير الإنكار بقدر المنكر، فلم يزد على أن حوّل وجهه.

وفيه أن إحرام المرأة في وجهها، ويجوز لها أن تكشف وجهها وهي محرمة. ولم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم من المرأة أن تغطي وجهها ولو بغير مخيط عند ذلك الموقف.

ومن المنكرات الشائعة، إطلاق البصر عند أداء المناسك من حج وعمرة. والأكثر شيوعا هو إطلاق البصر في الطواف.

وقد ذكر ابن الجوزي رحمه الله موقفا عجيبا من إطلاق البصر في الطواف يشهد لهذه المعاني، وذلك في كتابه مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن.. وذلك أن خالد بن يزيد بن معاوية حج مع عبد الملك بن مروان، وكان خالد من رجالات قريش وعلمائهم. وكان جليل القدر عند عبد الملك.

وكان يطوف يوما، فرأى رملة بنت الزبير بن العوام، فوقعت في نفسه ولم يستطع أن يصرف فكره عنها. وحدث عبد الملك بذلك فأرسل يخطبها له. فقالت: لا والله، أو يطلق نساءه!

وكان له امرأتان، فطلقهما لأجلها!!

وأنشد فيها شعرا قال فيه:

أحب بني العوام طرا لأجلها ** ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا

تجول خلاخيل النساء ولا أرى ** لرملة خلخال يجول ولا قُلبا!

وهذا وقع لرجل موصوف بالعلم والصلاح، ما كان يظن أن يقع ذلك له. ووقع له وهو في زمان الحج، وفي بيت الله الحرام!

فجدير بالمرء أن يحرص على غض البصر، ولا يتهاون في نظرة واحدة، فلعله لا يسلم منها.. والله المسؤول أن يعافينا وأهلينا والمسلمين.

(7)

يتبع.
أَدِيـمْ ..
قال جابر رضي الله عنه: "وأردف الفضل بن عباس، وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحول رسول…
قال جابر: "حتى أتى بطن محسر، فحرك قليلا، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بيده، ثم أعطى عليا، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب، يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا فشرب منه"

ركب النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة حتى أتى جمرة العقبة من الطريق الوسطى الموصلة إليها، فرمى سبع حصيات يكبر مع كل حصاة. ورمى من بطن الوادي يعني جعل مكة عن شماله ومنى عن يمينه. ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ونحر علي رضي الله عنه باقي المائة. وقد أشركه النبي صلى الله عليه وسلم معه في الهدي.

وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من لحوم هذه الذبائح وشرب من مرقها، وكذلك علي رضي الله عنه.

والذبح يكون للقارن والمتمتع، أما المفرد (من أهل بالحج فقط) فإنه لا يسوق الهدي.

وهذا الحديث لم يذكر فيه الحلق، ولكن ذكر في أحاديث أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه بعد أن رمى الجمرة الكبرى وذبح البدن.

ثم توجه إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة. وكان قارنا فلم يسع مرة أخرى بين الصفا والمروة.

ولما وجد بني عبد المطلب يسقون الحجيج من زمزم حثهم على ذلك، وشرب مما ناولوه من الماء.

وبهذه الأفعال الثلاثة (الرمي، طواف الإفاضة، الحلق أو التقصير) يتم التحلل. وبتحقق اثنين منها يتحصل ما يسمى التحلل الأصغر (يحل كل شيء ما عدا النساء).

وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم الحرج في ترتيب هذه الأفعال عمن سأله، فكان يقول لمن يسأله: "احلق ولا حرج.. ارم ولا حرج.. افعل ولا حرج" صلى الله عليه وسلم.

وهذه الأفعال كلها تتم في اليوم العاشر، ثم يعود الحاج بعدما ينجزها إلى منى ليبيت فيها ويكمل بقية رمي الجمار في الأيام التالية.

وقد رمى النبي صلى الله عليه وسلم باقي الجمرات في أيام التشريق بعد الزوال. ولم يتعجل النبي صلى الله عليه وسلم، بل رمى في أيام التشريق كلها.

(8)
اليوم (الحادي عشر من ذي الحجة) يسمى يوم القرّ؛ لأن الحجيج يقرّون فيه بمنى بعدما أدوا نسكهم ويتفرغون لرمي الجمرات في أيام التشريق، ولذكر الله سبحانه وتعالى.

وقد ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن قرط رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر".

فهذا من الأيام العظيمة التي يحسن بالمسلم أن يعظم الله فيها بكثرة الذكر والعبادة.
أَدِيـمْ .. pinned «اليوم (الحادي عشر من ذي الحجة) يسمى يوم القرّ؛ لأن الحجيج يقرّون فيه بمنى بعدما أدوا نسكهم ويتفرغون لرمي الجمرات في أيام التشريق، ولذكر الله سبحانه وتعالى. وقد ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن قرط رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أعظم الأيام…»
Forwarded from أَدِيـمْ ..
(كذلك سخرها لكم لتكبروا الله):
في تعليق نفيس للإمام القرطبي رحمه الله على تقرير نعمة تسخير الأنعام لنا وهي أعظم منا أبدانا وأقوى منا أعضاء يقول:
"ذلك ليعلم العبد أن الأمور ليست على ما تظهر إلى العبد من التدبير، وإنما هي بحسب ما يريدها العزيز القدير، فيغلب الصغير الكبير ليعلم الخلق أن الغالب هو الله الواحد القهار فوق عباده." اهـ

قلتُ: فلعل هذا معنى من مناسبة ذكر التكبير بعدها، وعند الذبح كذلك، كي لا يطغى الإنسان بقدرته على هذه المخلوقات المسخرة، وإنما يعلم أن ربه أقوى منه وأقدر وأكبر.. وأنه لولا تسخيره تلك الأنعام له لما ذلّت له ولما قدر منها على شيء.. والله أعلم.
في ذهني خواطر كثيرة، وأفكار وددت أن أكتبها حتى لا يئدها الشغل والنسيان. وببالي عدة موضوعات أومن بأهمية النقاش حولها، وإضافة بعض الإضاءات التي وددت لو أضافها أحد غيري فأراحني من عناء الفكر. ولكني منذ مدة طويلة أجد في نفسي حرجا من الكتابة ومن الحديث حتى في الأوساط النسائية المغلقة. وقد دعيت أكثر من مرة إلى إعداد مواد صوتية في بعض اهتماماتي فتعللت واعتذرت، وعندي ما يشغلني فعلا ولكن الحقيقة أنني لم أنشط. وذلك الحرج سببه الرئيس هو كثرة ما أقرؤه من انتقادات للكتابات والأحاديث التي تحمل فكرة جيدة ولكنها لا تحترز من أفكار سيئة. لم يعد قول شيء جيد كافيا، بل صار المطلوب أن تعتذر عن كل المعاني السيئة التي قد تُفهم من كلامك، أو حتى من سكوتك!

لابد أن تضع احترازا لكل شيء، وإلا سينهال عليك أناس بما يسمونه نقدا، ولكنه ليس كذلك.. بل هو في عمومه انتقاص وتجريح، وافتراض لاحتمال لم يذكره المتكلم. وهذا مما يثبط العزم عن الحديث.. إلا ما كان من فئة قليلة، نتشارك معها الهموم، ونجر معها الأقدام المثقلة، ونجلس معها في الظل.

والله المسؤول أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يحيينا على الإسلام والسنة ويتوفانا عليهما.
2025/07/05 15:56:55
Back to Top
HTML Embed Code: