Telegram Web
[مَسْأَلَة: صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ]
وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْأَضْحَى، لَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَلَا فِي نَذْرٍ، وَلَا فِي كَفَّارَةٍ، وَلَا لِمُتَمَتِّعٍ بِالْحَجِّ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْهَدْيِ.
عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ «أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ فَقَالَ لَهُ: كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا».
وعَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ، وَأَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» .
وﺭﻭﻯ ﻧﺒﻴﺸﺔ ﺍﻟﻬﺬﻟﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : ‏( ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻖ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﻛﻞ ﻭﺷﺮﺏ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ‏) ﺃﺧﺮﺟﻪ ﻣﺴﻠﻢ.
ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ لأﺣﻤﺪ‏( ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺋﻤﺎً ﻓﻠﻴﻔﻄﺮ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺃﻳﺎﻡ ﺃﻛﻞ ﻭﺷﺮﺏ ‏) ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ .
[مَسْأَلَة: صَوْمٌ أخْرِجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ]
وَلَا يَحِلُّ صَوْمٌ أُخْرِجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ كَأَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: أَنَا لَا أَدْخُلُ دَارَكَ فَإِنْ دَخَلْتُهَا فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ، أَوْ مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إلَّا بِاَللَّهِ» .
فَصَارَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَعْصِيَةً، وَخِلَافًا لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» وَالنَّذْرُ اللَّازِمُ: هُوَ الَّذِي يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ.والله أعلم.
[مَسْأَلَة: لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَة أَنْ تَصُومَ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْن]
وَلَا يَحِلُّ لِذَاتِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ أَنْ تَصُومَ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ وَأَمَّا الْفُرُوضُ كُلُّهَا فَتَصُومُهَا أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ؛ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تَقْدِرُ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ أَوْ تَقْدِرُ فَلْتَصُمْ التَّطَوُّعَ إنْ شَاءَتْ.
عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ وَلَا تَأْذَنُ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» .مصنف عبد الرزاق.
والْبَعْلُ اسْمٌ لِلسَّيِّدِ، فِي اللُّغَةِ، وَصِيَامُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالْكَفَّارَاتُ، وَكُلُّ نَذْرٍ تَقَدَّمَ لَهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا إيَّاهُ مَضْمُومٌ إلَى رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ كُلَّ ذَلِكَ كَمَا افْتَرَضَ رَمَضَانَ.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] فَأَسْقَطَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الِاخْتِيَارَ فِيمَا قَضَى بِهِ؛ وَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِذْنَ وَالِاسْتِئْذَانَ فِيمَا فِيهِ الْخِيَارُ، وَأَمَّا مَا لَا خِيَارَ فِيهِ وَلَا إذْنَ لِأَحَدٍ فِيهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ وَلَا فِي تَغْيِيرِهِ فَلَا مَدْخَلَ لِلِاسْتِئْذَانِ فِيهِ. والله أعلم.
[مَسْأَلَة: تَدْرِيب الصِّبْيَانِ عَلَى الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ]
وَنَسْتَحِبُّ تَدْرِيبَ الصِّبْيَانِ عَلَى الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ إذَا أَطَاقُوهُ وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» فَذَكَرَ فِيهِمْ الصَّبِيَّ حَتَّى يَحْتَلِمَ.
وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} [آل عمران: ١٠٤] وَتَدْرِيبُهُمْ عَلَى الصَّوْمِ خَيْرٌ.
وَنذكر قَوْلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلشَّيْخِ الَّذِي وَجَدَهُ سَكْرَانَ فِي رَمَضَانَ: وِلْدَانُنَا صِيَامٌ.
[مَسْأَلَة: الإفطار على التمر]
وَيَجِبُ عَلَى مَنْ وَجَدَ التَّمْرَ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ قَدْ تَمَّ وَصَارَ فِي غَيْرِ صِيَامٍ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى خَمْرٍ، أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ، أَوْ زَنَى؛ فَصَوْمُهُ تَامٌّ وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى.
عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ الرَّبَابِ عَنْ عَمِّهَا سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنَّهُ بَرَكَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَمْرًا فَالْمَاءُ فَإِنَّهُ طَهُورٌ». ابن خزيمة وابن حبان في الصحيح.
وعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» . أحمد وأبو داود.
[مَسْأَلَة: فِعْلُ الْخَيْرِ فِي رَمَضَانَ]
وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي رَمَضَانَ
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ النَّاسَ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ. في الصحيحين
وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]
[مَسْأَلَة: دُعِيَ إلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ]
وَمَنْ دُعِيَ إلَى طَعَامٍ - وَهُوَ صَائِمٌ - فَلْيُجِبْ؛ فَإِذَا أَتَاهُمْ فَلْيَدْعُ لَهُمْ وَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ.
عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» . مسلم
وَالصَّلَاةُ الدُّعَاءُ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ» . فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا.
وعن ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا دُعِيَ إلَى طَعَامٍ وَهُوَ صَائِمٌ أَتَاهُمْ فَدَعَا لَهُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: دَعَانِي أَنَسٌ إلَى طَعَامٍ فَقُلْت: إنِّي لَا أَطْعَمُ؟ فَقَالَ: قُلْ: إنِّي صَائِمٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ أَبَاهُ أَوْلَمَ بِالْمَدِينَةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَدْعُو النَّاسَ فَدَعَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَجَابَهُ وَدَعَا لَهُمْ وَرَجَعَ.
👍1
ثلاثة أعمال ليس لها موازين يوم القيامة لعظمتها

1- العفو عن الناس: لم يحدد الأجر..
قال الله تعالى:{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}.

2- الصبر: لم يحدد الأجر قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.

3- الصيام: لم يحدد الأجر (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به)..
[لَيْلَةُ الْقَدْرِ]
لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَاحِدَةٌ فِي الْعَامِ فِي كُلِّ عَامٍ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَاصَّةً، فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ خَاصَّةً، فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا لَا تَنْتَقِلُ أَبَدًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ مِنْ الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ، إلَّا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنْهُ وَلَا بُدَّ.
فَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَأَوَّلُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِلَا شَكٍّ: لَيْلَةُ عِشْرِينَ مِنْهُ؛ فَهِيَ إمَّا لَيْلَةُ عِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ سِتٍّ وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْأَوْتَارُ مِنْ الْعَشْرِ (الْأَوَاخِرِ) .
وإنْ كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ فَأَوَّلُ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ بِلَا شَكٍّ: لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ، فَهِيَ إمَّا لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَإِمَّا لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ أَوْتَارُ الْعَشْرِ بِلَا شَكٍّ.
يقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] فَصَحَّ أَنَّهُ أُنْزِلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ فَصَحَّ ضَرُورَةً أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ لَا فِي غَيْرِهِ.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ يَلْتَمِسُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ أَنْ تُبَانَ لَهُ قَالَ فَلَمَّا انْقَضَيْنَ أَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَقُوِّضَ ثُمَّ أُبِينَتْ لَهُ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَأَمَرَ بِالْبِنَاءِ فَأُعِيدَ ثُمَّ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَإِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَنُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ» . مسلم.
وعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رِجَالًا رَأَوْا أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرَى رُؤْيَاكُمْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَاطْلُبُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» . مسلم
وهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُصَحِّحُ مَا قُلْنَا: إذْ لَوْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ لَمَا كَانَ لِإِعْلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقِيقَةٌ، لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تَثْبُتُ؛ وَإِذَا نُسِّيهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَمِنْ الْمُحَالِ الْبَاطِلِ أَنْ يَعْلَمَهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ؛ وَإِذْ لَمْ يَقْطَعْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِرُؤْيَا مَنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِهِ فَرُؤْيَا مَنْ بَعْدَهُمْ أَبْعَدُ مِنْ الْقَطْعِ بِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّهُ أُرِيَ أَنَّهُ يَسْجُدُ فِي صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ» فَكَانَ ذَلِكَ صَبَاحَ لَيْلَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، قُلْنَا: نَعَمْ، وَقَدْ وَكَفَ الْمَسْجِدُ أَيْضًا فِي صَبِيحَةِ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَسَجَدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَاءٍ وَطِينٍ فعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَأَرَانِي صَبِيحَتَهَا أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، قَالَ: فَمُطِرْنَا لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْصَرَفَ وَإِنَّ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ» .
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ يَقُولُ: ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُفَّ السَّمَاءُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كُلِّهَا فَبَقِيَ الْأَمْرُ بِحَبْسِهِ.
عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

مَنْ لَمْ يَـدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَـلَ بِهِ، وَالجَهْـلَ، فَلَيْسَ لِله حَاجَةٌ فِيْ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ.

- أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ [ ١٩٠٣ ]
[مَسْأَلَة: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ]
وَيُسْتَحَبُّ الِاجْتِهَادُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» وَإِنَّمَا تُلْتَمَسُ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا بِأَنَّ لَهَا صُورَةً وَهَيْئَةً يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ سَائِرِ اللَّيَالِي كَمَا يظنُّ ، إنَّمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: ٣] {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤]
وَقَالَ تَعَالَى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: ٣] {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: ٤] {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] فَبِهَذَا بَانَتْ عَنْ سَائِرِ اللَّيَالِي فَقَطْ وَالْمَلَائِكَةُ لَا يَرَاهُمْ أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[زَكَاةُ الْفِطْرِ]
[مَسْأَلَة: زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ]
ِزَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، وَإِنْ كَانَ مَنْ ذَكَرْنَا جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، -وَالصَّاع أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يُجْزِئُ شَيْءٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، لَا قَمْحَ، وَلَا دَقِيقَ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ، وَلَا خُبْزَ وَلَا قِيمَةَ؛ وَلَا شَيْءَ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا.
عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ - حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ -: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» .مسلم
وعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» .البخاري
فرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهَا وَأَمْرُهُ فَرْضٌ، قَالَ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]
وَأَمَّا الْحَمْلُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَهَا عَلَى كُلِّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، وَالْجَنِينُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ: صَغِيرٍ، فَإِذَا أَكْمَلَ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ انْصِدَاعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَجَبَ أَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ.
عن عَبْدُ اللَّه بْنُ مَسْعُودٍ حدثنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إلَيْهِ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، رِزْقُهُ، وَعَمَلُهُ، وَأَجَلُهُ، ثُمَّ يُكْتَبُ: شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ»
فهُوَ قَبْلَ مَا ذَكَرْنَا مَوَاتَ، فَلَا حُكْمَ عَلَى مَيِّتٍ، فَأَمَّا إذَا كَانَ حَيًّا كَمَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّ حُكْمٍ وَجَبَ عَلَى الصَّغِيرِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.
وعن قَتَادَةَ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يُعْطِي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، وَالْحَمْلِ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُعْطُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، حَتَّى عَنْ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَأَبُو قِلَابَةَ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ وَصَحِبَهُمْ وَرَوَى عَنْهُمْ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْحَمْلِ أَيُزَكَّى عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَالْمُدُّ مِنْ رَطْلٍ وَنِصْفٍ إلَى رَطْلٍ وَرُبْعٍ عَلَى قَدْرِ رَزَانَةِ الْمُدِّ وَخِفَّتِهِ.
وأَهْلَ الْمَدِينَةِ " لَا يَخْتَلِفُ مِنْهُمْ اثْنَانِ فِي أَنَّ مُدَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي بِهِ تُؤَدَّى الصَّدَقَاتُ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ رَطْلٍ وَنِصْفٍ، وَلَا أَقَلَّ مِنْ رَطْلٍ وَرُبْعٍ .

((الصَّاعُ: مِكْيالٌ تُكالُ به الحبوب ونحْوُها. ))
((والمد: مكيال من رطل ونصف إلى رطل وربع. ))
والرطل: معيار يوزن به أو يكال ويزن مئة وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع الدرهم.
والدرهم: يزن حوالي 2.97غرام.

فالرطل= 381.86 غرام
والمد 'باعتباره رطل وثلث'= 509،146غرام.
والصاع= 2036 غرام أي كيلوين وستة وثلاثين غرام.
والله أعلم.
👍4
قال أبو هريرة رضي الله عنه : «ويل للذي لا يعلم ، ولو شاء الله تعالى لعلَّمه ، وويل للذي يعلم ، وهو لا يعمل به، سبع مرات».
[مَسْأَلَة: زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ الرَّقِيقِ]
وَيُؤَدِّيهَا الْمُسْلِمُ عَنْ رَقِيقِهِ، مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ.
عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَعَبْدِهِ صَدَقَةٌ، إلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» ابن خزيمة.
فَأَوْجَبَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي رَقِيقِهِ عُمُومًا.
وَبِهَذَا الْخَبَرِ تَأْدِيَةُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى السَّيِّدِ عَنْ رَقِيقِهِ.
ويَسْقُطُ بهذا الخبر زَكَاة التِّجَارَةِ فِي الرَّقِيقِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبْطَلَ كُلَّ زَكَاةٍ فِي الرَّقِيقِ إلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ.
[مَسْأَلَة: عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَعَلَى مِنْ زَكَاة فِطْره]
فَإِنْ كَانَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَعَلَى سَيِّدَيْهِمَا إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، يُخْرِجُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَالِكَيْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ كَثِيرًا بَيْنَ سَيِّدَيْنِ فَصَاعِدًا.
يقول صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ إلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ» فَهَؤُلَاءِ رَقِيقٌ، وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ رَقِيقٌ، فَالصَّدَقَةُ فِيهِ وَاجِبَةٌ بِنَصِّ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَهَذَا اسْمٌ يَعُمُّ النَّوْعَ كُلَّهُ وَبَعْضَهُ، وَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ، وَبِهَذَا النَّصِّ لَمْ يَجُزْ فِي الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ نِصْفَا رَقَبَتَيْنِ، لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ " رَقَبَةٌ " وَالنَّصُّ جَاءَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ.
[مَسْأَلَة: إخْرَاجُ بَعْضِ الصَّاعِ شَعِيرًا وَبَعْضِهِ تَمْرًا فِي زَكَاة الْفِطْر]
وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ بَعْضِ الصَّاعِ شَعِيرًا وَبَعْضِهِ تَمْرًا، وَلَا تُجْزِئُ قِيمَةٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقِيمَةُ فِي حُقُوقِ النَّاسِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِتَرَاضٍ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ لِلزَّكَاةِ مَالِكٌ بِعَيْنِهِ فَيَجُوزُ رِضَاهُ، أَوْ إبْرَاؤُهُ.
[مسأَلَة: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِج زَكَاة الْفِطْر إلَّا عَنْ نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ]
وَلَيْسَ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ أَبِيهِ، وَلَا عَنْ أُمِّهِ، وَلَا عَنْ زَوْجَتِهِ، وَلَا عَنْ وَلَدِهِ، وَلَا أَحَدٍ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا عَنْ نَفْسِهِ، وَرَقِيقِهِ فَقَطْ.
وَيَدْخُلُ فِي: الرَّقِيقِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ، وَالْمُدَبَّرُونَ، غَائِبُهُمْ وَحَاضِرُهُمْ.
فإيجَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ، وَالْعَبْدِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى: هُوَ إيجَابٌ لَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِهِمْ فِيهِ إلَّا مَنْ أَوْجَبَهُ النَّصُّ، وَهُوَ الرَّقِيقُ فَقَطْ، قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] .
وَوَاجِبٌ عَلَى ذَاتِ الزَّوْجِ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهَا وَعَنْ رَقِيقِهَا، بِالنَّصِّ الَّذِي أَوْرَدْنَا - والله أعلم.
[مَسْأَلَة: الصِّغَارُ مِنْ يدفع زَكَاة الْفِطْر عَنْهُمْ]
وَأَمَّا الصِّغَارُ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجَهَا الْأَبُ، وَالْوَلِيُّ عَنْهُمْ مِنْ مَالٍ إنْ كَانَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَلَا زَكَاةَ فِطْرٍ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ، وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ.
فالْحَقُّ فِي هَذَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى: الْكَبِيرِ، وَالصَّغِيرِ، فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فَقَدْ قَالَ الْبَاطِلَ، وَادَّعَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ.
ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» . فَوَجَدْنَا مَنْ لَا مَالَ لَهُ - مِنْ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ - لَيْسَ فِي وُسْعِهِ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ؛ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يُكَلَّفْهَا قَطُّ، وَلَمَّا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُهَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهَا، بِنَصِّ كَلَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْيَتِيمِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مَحْدُودَةٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الطَّرَفَيْنِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ، فَلَمَّا خَرَجَ وَقْتُهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَجِبَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا وَفِي غَيْرِ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِإِيجَابِهَا بَعْدَ ذَلِكَ نَصٌّ. والله أعلم.
[مَسْأَلَة: لَا يَجِدُ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ]
وَاَلَّذِي لَا يَجِدُ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَلَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِمَا ذُكِرَ أَيْضًا.
فَمَنْ قَدَرَ عَلَى التَّمْرِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الشَّعِيرِ لِغَلَائِهِ، أَوْ قَدَرَ عَلَى الشَّعِيرِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّمْرِ لِغَلَائِهِ، أَخْرَجَ صَاعًا وَلَا بُدَّ مِنْ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ، لِمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا. فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى بَعْضِ صَاعٍ أَدَّاهُ وَلَا بُدَّ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَهُوَ وَاسِعٌ لِبَعْضِ الصَّاعِ، فَهُوَ مُكَلَّفٌ إيَّاهُ، وَلَيْسَ وَاسِعًا لِبَعْضِهِ، فَلَمْ يُكَلَّفْهُ.
[مَسْأَلَة: أَرَادَ إخْرَاجَ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ]
وَمَنْ أَرَادَ إخْرَاجَ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ الصِّغَارِ أَوْ الْكِبَارِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمْ، لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يَهَبَهَا لَهُمْ، ثُمَّ يُخْرِجَهَا عَنْ الصَّغِيرِ، وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يُخْرِجَهَا عَمَّنْ يَعْقِلُ مِنْ الْبَالِغِينَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْهُمْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ فِيمَا يَجِدُ مِمَّا هُوَ قَادِرٌ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْهُ، أَوْ يَكُونُ وَلِيُّهُ قَادِرًا عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ مَالُ غَيْرِهِ مَكَانًا لِأَدَاءِ الْفَرْضِ عَنْهُ؛ إذْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ نَصٌّ؛ فَإِذَا وَهَبَهَا لَهُ فَقَدْ صَارَ مَالِكًا لِمِقْدَارِهَا، فَعَلَيْهِ إخْرَاجُهَا، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ؛ وَلَا يَعْقِلُ؛ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] .
وَأَمَّا الْبَالِغُ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤].
2025/07/14 03:38:21
Back to Top
HTML Embed Code: