قناة الشيخ أبي بكر الحمادي

سبحانه وتعالى، لا تستهن بشيء من الذنوب والمعاصي، لا تستهن بالخيانة وتقول هذا شيء يسير، في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن غلاما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أصيب بسهم فمات، فقال الناس هنيئا له الجنة، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : لا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها من الغنائم قبل أن تقسم لتشتعل عليه ناراً في قبره، شملة وهي عبارة عن كساء صغير يؤتزر به ليس له كبير قيمة أخذ ذلك عن طريق الخيانة فقال فيه النبي عليه الصلاة والسلام ما قال، صارت ناراً تشتعل عليه في قبره، إن الشملة التي أخذها من الغنائم قبل أن تقسم لتشتعل عليه ناراً أي في قبره، فلما سمع الناس بذلك جاء رجل بشراك أو بشراكين فقال النبي عليه الصلاة والسلام: شراك من نار أو قال شراكان من نار. والشراك عبارة عن سير صغير كالحبل القصير الذي يوضع في النعل بين الأصبوعين، فشيء يسير وحبل قصير ومع هذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: شراك من نار، أو يكون على أعلى القدم شيء يسير يكون على أعلى القدم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : شراك من نار أو قال شراكان من نار، أخذها عن طريق الخيانة وهو شيء يسير، فكيف بالذي يكون ما هو أعظم من ذلك وما هو أكبر من ذلك، يؤتمن على حقوق الناس وعلى أموال الناس فيسعى بالخيانة ويأخذ ما لا يحل له من أموال الناس ومن حقوق الناس، كيف يكون حاله والعياذ بالله، كم هي الذنوب التي يستهين بها العبد.

لا تستهن يا عبد الله بالظلم ولو كان شيئاً يسيراً لا تحتقر ذلك وتقول هذا شيء يسير، جاء في مسلم من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:"مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ، فقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ له النَّارَ، وَحَرَّمَ عليه الجَنَّةَ فَقالَ له رَجُلٌ: وإنْ كانَ شيئًا يَسِيرًا يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: وإنْ قَضِيبًا مِن أَرَاكٍ.
أي السواك حتى ولو كان سواكا أخذته بغير حق أخذته ظلماً فقد وجبت لك النار وحرمت عليك الجنة، بعود من أراك بسواك فكيف بالذي يأخذ أموالاً طائلة من أموال الناس، يجترأ على حقوق الناس، يجترأ على الفقراء والمساكين، يجترأ على الأرامل، يجترأ على اليتامى، يجترأ على ضعفاء الناس فيأخذ أموال الناس بغير حق بأنواع من الظلم والعياذ بالله كيف يكون حاله وأين يكون مآله ؟ في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:" من أخذ قيد شبر من الأرض ظلماً طوقه من سبع أراضين، قيد شبر هذا المقدار اليسير إن أخذته من أرض بظلم طوقته من سبع أراضين، إن مددت أرضك في أرض أخيك شيئاً يسيراً ولو مقدار شبر وأخذت ذلك ظلما بغير حق قلت هذا شيئاً يسير فتعديت على حق أخيك بهذا المقدار اليسير ودخلت في أرضه بهذا المقدار اليسير مقدار شبر طوقت ذلك من سبع أراضين يوم القيامة، وهذا في أرض المحشر قبل أن يرى العبد مآله ومصيره إما إلى الجنة وإما إلى النار، فيبقى العبد في عذاب شديد في أرض المحشر في يوم كان مقداره خمسون ألف سنة، وهو في عذاب شديد يخسف به في الأرض على قول جماعة من أهل العلم، وقد جاء أيضا في بعض الأحاديث خسف به إلى سبع أراضين، فيخسف به إلى سبع أراضين يوم القيامة فيبقى في عذاب شديد قبل أن يرى مآله ومصيره إما إلى الجنة وإما إلى النار، فلا تستهن بالظلم ولا تقول هذا شيء يسير، لا تظلم صغيراً ولا كبيرا، ولا تظلم ذكرا ولا أنثى، ولا تظلم مسلماً ولا كافرا، الظلم حرام حتى على الكافرين فضلا أن تظلم مسلماً بغير حق، لا يجوز لك أن تظلم ولا الحيوان، لا تظلم كلبا ولا تظلم هرة ولا تظلم بقرة ولا شاة الظلم ظلمات يوم القيامة كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال النبي عليه الصلاة والسلام :" دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها إذ هي حبستها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، ظلمت هرة بالحبس حبستها حتى ماتت لا هي أطعمتها وسقتها حين حبستها ولا تركتها تمشي وتأخذ رزقها من خشاش الأرض أي من حشرات الأرض فظلمت هرة فدخلت النار والعياذ بالله، إياك والظلم ولا تستهن بظلم أحد ولا تقول هذا شيء يسير اتق الله عز وجل، اتق الله عز وجل فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ولن تبقى في الدنيا مآلك إلى الموت اليوم أو غد أو بعد غد، لن تعمر قد مات من قبلك مات الآباء والأجداد ومات كثير من الأصحاب والأحباب وماتت أمم وانتقلوا إلى ربهم سبحانه وتعالى وسوف يجازي الله سبحانه وتعالى العباد على ما عملوا إن خيراً فخير وإن شرا فشر.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا وإياكم كل سوء مكرور، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

224 views18:53