كان من عادة الشاعر والأديب عبدالرحمن صدقي كلما نشر كتاباً أن يهدي إلى زوجته نسخة مجلدة عليها إهداء منه لها. فلما توفيت أراد أن تستمر هذه العاده فكتب لها شعرًا:

إليكِ وراءَ القبرِ أُهدِي كتابيا
كعهدي وما زالت عهودي كما هِيا

وما تمَّ حتى انطاع أَمرُكِ للردى
فأنشأ يرمي كيف شاءَ المراميا

فأنتِ التي حَبَّبتِ لي عُقْرَ مكتبي
وهيَّأتِ لي جوَّ الكتابةِ صافيا

شريكةَ دَرْسي لا أرى عنكِ سلوةً
فإنك طَرْزٌ لا أرى لك ثانيا

وما عَجَبٌ أن ظلَّ وحْيُكِ باقيًا
فما زلتِ بعد الموتِ ملءَ حياتيا

عبدالرحمن صدقي -ديوان من وحي المرأة ص١١٢

بوّبَ الإمام ابن أبي شيبة في مصنفه فقال: الرَّجُلُ يصيبه الجوعُ أو يضيق عليه الرزق ما يدعو به. ( ٧ / ٩٤ )

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : ضاف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهنَّ طعاماً، فلم يجد عند واحدة منهنَّ، فقال: ( اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت، فأُهديت إليه شاةٌ مَصْلية ( أي مشوية) فقال: هذه من فضل الله، ونحن ننتظر الرحمة.

يقول الشيخ علي الطنطاوي في ذكرياته ( ٣ / ١٢٧ ) عن الشيخ محمد نصيف رحمه الله : كان تاريخًا ناطقاً، كان قاموساً للرجال، كانت عنده معلومات لم أجدها بعده في كتاب، ولم أجد مثلها عند أحد.اه

كانت له مكتبة نفسية اشتملت على نوادر الكتب والمخطوطات والصحف والمجلات. تحدث عن بداية تكوينها فقال :

(كنتُ صغير السِّنّ، وحصلت لي رغبة في اقتناء الكتب وفي طلب العلم، وحضر الشيخ عبدالقادر التلمساني من مصر ومعه كتب نفيسة، منها تفسير ابن جرير الطبري، في ثلاثين جُزْءًا، وأخبرني بأن ثمن النسخة الواحدة منه خمسة جنيهات ذهبية، فجئتُ لجدي عمر أفندي نصيف، رحمه الله، وقلتُ له : إنني أرغب في شراء النسخة، وهي تقع في ثلاثين جزءًا بخمسة جنيهات، وطلبتُ إليه إعطائي المبلغ، فقال لي:

نسخة واحدة بمئة وخمسين جنيهًا؟ هذا مبلغ كبير يشتري لك دارًا تؤجرها بعشرة جنيهات سنويًا . فقلت له : كلا يا جدي هي خمسة جنيهات فقط لجميع الأجزاء الثلاثين. وعندئذٍ رأيتُ ابتسامة تعلو جبينه، وقال لي : خذ إليك المبلغ، وسأترك لك حرية شراء الكتب التي ترغب فيها إلى حدود مبلغ ألف جنيه ذهبًا عندي .

عندما قدَّمتُ المبلغ للشيخ التلمساني وحدثته بما جرى بيني وبين جدي وما فوَّضني به من شراء الكتب لي، إلى ألف جنيه يعطيني إياها قال الشيخ التلمساني رحمه الله : هذه بركة الصدق.

ومنذ ذلك الحين بدأتُ في شراء الكتب حتى تكونت هذه المكتبة الحافلة التي تراها).

الذي رأى وسمع محمد نصيف ( صفحة من تاريخ الثقافة في جُدة- لحسين بافقيه ص١٠٢ -١٠٣

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

لا شك أن لذة العلم أعظم اللذات، واللذة التي تبقى بعد الموت وتنفع في الآخرة هي لذة العلم بالله والعمل له.

مجموع الفتاوى ( ٤ / ١٦٢)

مْبَكِّية الحِصْني تِقَاها ظْلاَلها :

الحِصني : الثعلب أخذاً من كنيته المشهورة في القديم والحديث : (أبو الحُصين ) والضَّمير فيه للريح الباردة الشديدة .

يقولون : إنه إذا اشتد البرد في الشتاء ، فإن الثعلب يجعل باب جُحْرِهِ إلى جهة مطلع الشمس حتى إذا طلعت استقبلها يستدفيء بأشعتها من شدة البرد في أول النهار ، فيحدث أحياناً أن تكون الريح آتية من مطلع الشمس . قالوا : فلا يستطيع الثعلب آنذاك إلا أن يستقبلها ويبكي من شدة بردها لأنَّ التَشَرُّقَ لا ينفعه .

وأصله عند العرب القدماء من التَشَرُّق وهو الجلوس في الشمس في الشتاء في الصباح قال الجاحظ : تقول العرب ( الشمس أرحم بِنَا ) وقيل لبعض العرب : أي يوم أنفع ؟ قال يَوم شمال وشمس . قال بعضهم لامرأته :

تَمنَّيْن الطَّلاَقَ وأنتِ عندي
بعيشٍ مثل مَشْرقَة الشَّمَال

قال ابن منظور : المشرقة : موضع القُعُود للشمس وفيه أربع لغات : مشْرُقة ، ومَشْرَقة بضم الراء وفتحها وشَرقة بفتح الشين ، وتسكين الراء ، ومِشْرَاق ، وتشرقت : أي جلست فيه .

الأمثال العامية في نجد للشيخ محمد العبودي - المجلد الرابع ص١٣١٢

: لا تحكم على الظاهر :

يقول الشيخ علي القصار: كنتُ إذا رأيت الشيخ عبدالله ( اليونيني)أهابه، كأنه أسد، فإذا دنوتُ منه وددتُ أني أشق قلبي وأجعله فيه.

تاريخ الإسلام للذهبي ( ٢٦/ ٤٩٨)

بحمد الله وفضله الطبعة الثالثة.

قال صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة).

وسلوك الطريقِ لالتماس العلم يدخُلُ فيه سلوكُ الطريق الحقيقي ، وهو المشيُ بالأقدام إلى مجالسِ العلماء ، ويدخلُ فيه سلوكُ الطُّرق المعنويَّة المؤدِّية إلى حُصولِ العلمِ ، مثل حفظه ، ودارسته ، ومذاكرته ، ومطالعته ، وكتابته ، والتفهُّم له ، ونحو ذلك مِنَ الطُّرق المعنوية التي يُتوصَّل بها إلى العلم .

ابن رجب الحنبلي - جامع العلوم والحكم ( ٢ /٢٩٧ - ٢٩٨)

: أخلاق العلماء :

فمن وجد لي خطأ، فليخبرني به لأصلحه، ووالله الذي جلَّت قدرته، وتعالت عظمته، لو أن لي سعة تقوم بما أريد، لكنتُ أبذل مالاً لمن ينبهني على خطأي، فكلما نبهني أحد على خطأ، أعطيته دينارًا.

ولقد نبهني غير واحد على أشياء فيه( أي تفسيره نظم الدرر) فأصلحتها، وكنت أدعو لهم، وأثني عليهم، وأقول لهم هذا الكلام، ترغيباً في المعاودة إلى الانتقاد، والاجتهاد في الإسعاف بذلك والإسعاد.

البقاعي - مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور ص١٠٥

قال قائل: أراني إذا دُعيتُ باسمي دون لقبي شقَّ ذلك عليَّ جداً، بخلاف السلف، فإنهم كانوا يُدْعَون بأسمائهم.

فقيل له: هذا لمخالفة العادات، لأنَّ أُنسَ النفوس بالعادة طبيعة ثابتة؛ ولأن الاسم عند السلف لم يكن دالاً على قِلَّةِ رُتْبة المدعو،
واليوم صارت المنازل في القلوب تُعلمُ بأمارة الاستدعاء، فإذا قصَّر دلّ على تقصير رُتْبته فيقع السخطُ لما وراء الاستدعاء. فلما صارت المخاطبات موازين المقادير، شَقَّ على المحطوط من رْتْبته قولاً، كما شق عليه فعلاً.

ابن القيم - بدائع الفوائد ( ٣/ ١١٢٥ -١١٢٦)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

(لِكُل نَبِي دَعْوَة مُسْتَجَابَة، فتعجَّلَ كُل نبي دَعْوَتَه، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتِي يَوم الْقِيَامَة ، فهي نَائلَة إِنْ شَاء اللهُ من مَات مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِك باللَّه شَيْئا) رواه مسلم

قال ابن الجوزي- رحمه الله: (هذا من حُسْنِ تَصرُّفِه صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه جَعَلَ الدَّعوةَ فيما ينبغي، ومن كَثرةِ كَرَمِه؛ لأنَّه آثر أُمَّتَه على نفسِه، ومن صِحَّة نَظَرِه؛ لأنه جعَلَها للمذنبين من أُمتِه؛ لكونهم أحوجَ إليها من الطائعين).

فتح الباري لابن حجر - (١١ / ٩٧)

ومن الغيرة : الغيرة على دقيق العلم، وما لا يدركه فهم السامع أن يُذكر له، ولهذه الغيرة قال علي بن أبي طالب : حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله ؟

ابن القيم - روضة المحبين ص٤٢٦

حلقة عن القراءة أرجو أن تجدوا فيها ما يفيد.