لا أعرف إن كان البعض منكم يشبهني في هذا، لكن أنا امرؤٌ حدسيٌّ، خيالي حاضرٌ باستمرارٍ طيلة الوقت يصنع نسخًا مرئيةً للأشخاص والأشياء، لو قرأت شيئًا في السيرة مثلًا، دون قصد، أتخيل شكل الصحابة في حركاتهم وجلوسهم وصلاتهم وتعاملهم مع الناس في الأسواق والغزوات ومع زوجاتهم داخل بيوتهم؛ سيدنا عمر حازمٌ مُهابٌ لكن قلبه لين، وابن الوليد فارسٌ داهيةٌ صنديدٌ، والسيدة عائشة لا تفارقها براءة الأطفال وحماسة الشباب ووقاره، والسيدة فاطمة يغالبها الحزن كما يغالبها الحب لعلي. أحس أن الخيال سمةٌ ملاصقةٌ لأصحاب الفن، ورئة ثالثةٌ يتنفس بها الكتاب والرسَّامون لكي يخرجوا للناس ما تراه عقولهم وتحسه أفئدتهم.
ما رأيت إنسانًا، رجلًا كان أو امرأةً، أكسبهُ الله رجاحةً في العقل ولينًا في القلب ورقةً في النفس وعذوبةً في اللسان، إلا واجتمع الناس على حبه والحديث معه والاستماع إليه، فكيف بمن حاز قربه الحميم وحبه الدائم والزواج إليه والاستئناس به!
لمثل هذا لا يُوفى شكر الله على نعمائه العمر كله.
لمثل هذا لا يُوفى شكر الله على نعمائه العمر كله.
دي ضريبة التشوهات النفسية والتأثر بأبطال السينما والخلل في تعريف الشجاعة والأمان. في حين الشاب -سواء أخطأ أو أصاب في تقدير الموقف- اختار موقف رجولي شهم، اختارت هي الإساءة لكل بنات جنسها والتشكيك في نضجهم وتفكيرهم. الصحابي كان يغزو فيَقتل أو يُقتل ولا ينقص ذلك من شجاعته شيء.
لذا هذه البنت -ومن على شاكلتها- لن تشعر بالأمان حتى مع أقوى الرجال جسدًا وأشدهم بأسًا عند أول هزيمة أو تقهقر، لأنها تنظر للرجل أنه إله لا يُهزم ولا تسري عليه مشاعر البشر، فلا يحزن ولا يضعف ولا يشتكي حتى داخله أمام عقبات الحياة وهمومها. بل المرأة العاقلة المحبة بصدق تفرق جيدًا بين الجبن والضعف كطباع متأصلة في الرجل في كل المواقف فتحذر وتبتعد، وبين مشاعر الخوف والحزن والألم الفطري الذي قد يتعرض له مع ضغوط الحياة كسائر الأنبياء والصحابة والفرسان الأشاوس وهنا ترمي إليه الكتف الذي يحتاجه فقط ليستعيد توازنه ويمضي يقاتل في الحياة من جديد لأنه الرجل الحامي والمدافع والمقدام.
وهنا أنا لا أزايد على شعورها لأنه باعث داخلي لا إرادي منها، فلا يمكن إنكاره ولا تجاهله، إنما أنكر التشوه النفسي الذي دفع بهذا الشعور من الأساس.
لذا هذه البنت -ومن على شاكلتها- لن تشعر بالأمان حتى مع أقوى الرجال جسدًا وأشدهم بأسًا عند أول هزيمة أو تقهقر، لأنها تنظر للرجل أنه إله لا يُهزم ولا تسري عليه مشاعر البشر، فلا يحزن ولا يضعف ولا يشتكي حتى داخله أمام عقبات الحياة وهمومها. بل المرأة العاقلة المحبة بصدق تفرق جيدًا بين الجبن والضعف كطباع متأصلة في الرجل في كل المواقف فتحذر وتبتعد، وبين مشاعر الخوف والحزن والألم الفطري الذي قد يتعرض له مع ضغوط الحياة كسائر الأنبياء والصحابة والفرسان الأشاوس وهنا ترمي إليه الكتف الذي يحتاجه فقط ليستعيد توازنه ويمضي يقاتل في الحياة من جديد لأنه الرجل الحامي والمدافع والمقدام.
وهنا أنا لا أزايد على شعورها لأنه باعث داخلي لا إرادي منها، فلا يمكن إنكاره ولا تجاهله، إنما أنكر التشوه النفسي الذي دفع بهذا الشعور من الأساس.
للناس رئتان أزيد عليهم بثالثةٍ، ولهم لسانٌ أزيد عليهم بثانٍ؛ قلمي الذي منَّ الله به عليَّ، أطرح به خلجات نفسي حين يغرق الآخرون في بحور دواخلهم.
مشكلة وسائل التواصل أنها تصنع قيمة وهمية لمن لا قيمة له أو لمن فقدها؛ قد تجد شاب/بنت مهمشين واقعيًا بين الناس وبين زملائهم في العمل أو الجامعة وربما حتى في البيت، لا أحد يستمع لأصواتهم أو يلتفت إليهم. فجأةً يجدون وراءهم آلاف المتابعين الذين يصفقون لهم بحرارة، حرية أكبر للخوض في الدين والعلم والسياسة والمجتمع والموضة والسوق بعلم أو بجهل، ولسان متحفز للشتم والسخرية والتكفير والتقعير.
لذلك يغرق الناس -إلا من رحم- في وحل "السوشل ميديا" لأنها تمدهم بهذه القيمة المفتقدة ولو بشكل وهمي، كنوع من التعويض عما يلاقونه في الحياة الواقعية من التهميش والتقليل والإهانة والضآلة الاجتماعية. ولذا لا يتقبلون، بل يهاجمون، أي اختلاف أو نقد لآرائهم، لأن هذا يعد تقييد جديد لهذه الحرية المصطنعة وتهديد لهذه القيمة.
الكل هنا عالم أو فقيه.
لذلك يغرق الناس -إلا من رحم- في وحل "السوشل ميديا" لأنها تمدهم بهذه القيمة المفتقدة ولو بشكل وهمي، كنوع من التعويض عما يلاقونه في الحياة الواقعية من التهميش والتقليل والإهانة والضآلة الاجتماعية. ولذا لا يتقبلون، بل يهاجمون، أي اختلاف أو نقد لآرائهم، لأن هذا يعد تقييد جديد لهذه الحرية المصطنعة وتهديد لهذه القيمة.
الكل هنا عالم أو فقيه.
رغم الذنوب والآثام، وتأرجح المرء بين الهوى والإيمان، أتوق إلى يوم القيامة واصطفاف العباد للحساب؛ يوم يفضح الله المنافقين ويخزي الظالمين، ويظهر الحق ويطمس الباطل، ويُعرف الصادق من الكاذب والمخلص من الخائن، يوم تُبلى السرائر وتنكشف كل الحقائق التي توارت منذ خلق الخير والشر، يوم يَرى كل إنسانٍ مقعده الأخير: إلى جنةٍ أم نارٍ؟
نسألك الأولى برحمتك يا رب، لا غير.
نسألك الأولى برحمتك يا رب، لا غير.
أسعد لنجاحات الطلاب والخريجين كأني أحمل شهادتي الآن مرةً أخرى بين يدي، ويبتهج قلبي إثر خبر خطبة أو زواج فلان كأني اهتديت لضالتي أخيرًا وألفت روحي أنيستها. فهنيئًا لكل مجتهدٍ سعى وحاول مهما كانت درجته، وأنار الله دروبكم بالخير، ووفق كل منكم إلى غايته وحلمه، ورأف بكل مبتئسٍ حزينٍ.
ترجَّل فارس، لينهض آخر.
فحي الله الفوارس، ورفع الجباه، ونصر الدين، ووثَّق العروة.
فحي الله الفوارس، ورفع الجباه، ونصر الدين، ووثَّق العروة.
أود الاعتراف بشيءٍ ما: قد لا أرتاح نفسيًا لأناسٍ هنا أو هناك بمجرد أن ألحظ وجودهم افتراضيًّا أو واقعيًّا، حتى وإن بدا عليهم السمت الديني والأخلاقي أو تشابهنا في بعض المنظومات القيمية. لا تفسير لذلك إلا كونه نفورًا داخليًّا لا سلطان عليه، لطالما خشيت أن أؤذي به مسلمًا بغير حولٍ مني أو سوءٍ منه. لكني أعي وأومن أن النفس بطبعها لا تألف كل الناس، يكفي تهذيبها وتقبل الاختلاف وإحسان الظن وكف الأذى.
هناك شعرةٌ دقيقةٌ تفصل بين تقبل هذا الشعور غير المريح وتفهمه وإدراكه، وبين أن يمتد داخل الإنسان فيغشي القلبَ ويفتح أبوابًا لأمراضه كالغل والكره. لذا من جملة دعائي أن يجمِّل الله قلبي فلا يحمل سوءًا لمسلمٍ حتى وإن لم أستطع أن أطوّعه على حبه أو إلفه، لكن لا يمنع هذا أن أنصفه فأقبل منه الخير وأدع الشر حتى وإن لم يرقني حضوره أو شخصه.
أتذكر قولًا لصديقي محمود سلومة: "أنت في كثير من الأحيان لا تتقبَّل فلانًا من الناس بسبب شيءٍ تَكَوَّن في داخلك عنه، وليس بسببٍ ما فيه هو نفسه ولا بما في حقيقته"، أدرك هذا مليًّا وإن كان القلب عصيًّا عن التقبل، لكن على الأقل لا يستعصي عليه الإنصاف.
والإنصاف عزيز.
هناك شعرةٌ دقيقةٌ تفصل بين تقبل هذا الشعور غير المريح وتفهمه وإدراكه، وبين أن يمتد داخل الإنسان فيغشي القلبَ ويفتح أبوابًا لأمراضه كالغل والكره. لذا من جملة دعائي أن يجمِّل الله قلبي فلا يحمل سوءًا لمسلمٍ حتى وإن لم أستطع أن أطوّعه على حبه أو إلفه، لكن لا يمنع هذا أن أنصفه فأقبل منه الخير وأدع الشر حتى وإن لم يرقني حضوره أو شخصه.
أتذكر قولًا لصديقي محمود سلومة: "أنت في كثير من الأحيان لا تتقبَّل فلانًا من الناس بسبب شيءٍ تَكَوَّن في داخلك عنه، وليس بسببٍ ما فيه هو نفسه ولا بما في حقيقته"، أدرك هذا مليًّا وإن كان القلب عصيًّا عن التقبل، لكن على الأقل لا يستعصي عليه الإنصاف.
والإنصاف عزيز.
تبدل الشعور المفاجئ من أغرب وأحقر الأشياء المهينة المنتشرة في بلادنا وأوطاننا ويسهل تتبعها إثر وقائع وأحداث مختلفة، ولا أفهم ماهية ذلك إلا كونه لؤم وغل ودناءة جمعية إلا من رحم.
مجزرة ممتدة لأكثر من عام، قُتل وهُدم ودُمر وفارق فيها من فارق، ثم تجد نعي وحزن وقت الفجر واحتفال ببطولة أولمبية أو مبارة كرة في المساء.
مشاعر رخيصة مبتذلة، كأنها إثبات حالة لحفظ ماء الوجه، لا تنم عن ضمير حي يقدِّر حرمه هذه الدماء وعظمتها عند الله، طالما أن الأشلاء المعبأة في أكياس -لصعوبة معرفة أصحابها- ليست لخاصة أهلهم، فكله تمام ويلا نشوف يومنا فيه إيه النهاردة!
مجزرة ممتدة لأكثر من عام، قُتل وهُدم ودُمر وفارق فيها من فارق، ثم تجد نعي وحزن وقت الفجر واحتفال ببطولة أولمبية أو مبارة كرة في المساء.
مشاعر رخيصة مبتذلة، كأنها إثبات حالة لحفظ ماء الوجه، لا تنم عن ضمير حي يقدِّر حرمه هذه الدماء وعظمتها عند الله، طالما أن الأشلاء المعبأة في أكياس -لصعوبة معرفة أصحابها- ليست لخاصة أهلهم، فكله تمام ويلا نشوف يومنا فيه إيه النهاردة!
اعتياد الناس مشاهد القتل والتنكيل والدمار، نشأ منذ تدجنت الأجيال على التغاضي عن المظالم الشخصية التي وقعت عليهم في البيوت والمدارس والمواصلات والشوارع وبيئات العمل، فلم يربوا على إنكار الظلم ورد المظالم وأخذ الحقوق وردع السارق والمغتصب والمرتشي و"الفتوَّة" الذي يُغلق الشارع أمامه فلا تسمع لهم همسًا. لقد نجح الغرب منذ تنصيب محمد علي أن ينشيء أجيالًا تبرع في "المشي جنب الحيط" لأنها الطريق الأخف وطأة والأقل ضريبة، لذا حتى وإن سقطت قنبلة نووية في القطاع المجاور لن يتحركوا طالما أن الدمار بعيدٌ عن بيوتهم وأهليهم. لقد اعتادت الجيران على أذى الجار السيء لأنهم ينتظرون كل يوم أن يبادر أي منهم بالانتفاض، لكن كيف يبادر من ليس طبعه الشجاعة وفُطم قلبه على الخوف سنين.
الدماء الشريفة التي تسيل اليوم، سالت أختها منذ 11 عامًا، وقبلها وبعدها، ولا تزال تسيل إثر كل بلاء يصيب هذه الأمة. وبين البداية والنهاية مُنكرون وشامتون، وتائبون وغافلون، وظالمون ومكلومون، وشهداء وقتلة، فهل يستويان مثلًا؟! لا والله، بل أتقرب إلى الله أن جعلنا ممن ينكرون الظلم اليوم وأمس وغدًا، وأثني عليه ثناء من يأتي يوم القيامة فلا يجد في صحيفته موضعًا سفكَ فيه دم مسلمٍ أو فرِحَ بهلاكه أو شمت في مصيبته.
﴿أمْ نجعلُ الذِينَ آمنُوا وعمِلُوا الصَّالحاتِ كَالمُفسِدين في الأرضِ أم نجعلُ المتَّقين كالفُجَّار﴾!
اللهم احشرنا مع المتقين برحمتك.
اللهم احشرنا مع المتقين برحمتك.
يميل الإنسان بطبعه إلى الفهم أكثر مما سواه، لذا يصبر على مُرِّ الوَحدة كَرهًا لأن تعريفها تمتد في نفسه أبعد مما هي عليه حقًّا؛ هي إجمال كل المشاعر والأفكار الأصيلة التي تملأه ويخشى سوء تقديرها إذا اطلع عليها غيره.
لذا أعتقد أنه ابن آدم يرنو إلى التقبل لا غير، ينشد هذه المساحة الآمنة التي يبوح فيها دون أن تُرفع عليه مقصلة الأحكام، يتمنى لو أن له أصدقاء وأحباب لا يرتابون من إبصار هذه المشاعر والأفكار فلا تظل حبيسة كهفها المظلم.
أتدبر قول الله: ﴿ادفَع بالتي هيَ أحسَنُ فإذا الذي بينكَ وبينهُ عداوَةٌ كأنه وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾، فأقول أن هذا تمام الإنصاف بين العباد؛ أن تدع صدرك يَسع أخاك ويشمله من لطفك وحسن ظنك ما يطمئن به فؤاده، فقد لا يكون في نفسه إلا خوف صدودك عنه والريبة مما يمتلئ به.
لذا أفضل ما تقدمه لأخيك أن تسعى لفهمه، وتعطيه المساحة الآمنة ليبوح، فإن أمنك واستكان لك أحبك وأحب قربك، ولم يرعه تقلب النفس وانبساطها، وتعقد الأفكار وتشابكها، وهنا تحديدًا لن يدع للوَحدة سبيلًا لتجره إلى شباكها حين اهتدى أخيرًا إلى الأنس.
لذا أعتقد أنه ابن آدم يرنو إلى التقبل لا غير، ينشد هذه المساحة الآمنة التي يبوح فيها دون أن تُرفع عليه مقصلة الأحكام، يتمنى لو أن له أصدقاء وأحباب لا يرتابون من إبصار هذه المشاعر والأفكار فلا تظل حبيسة كهفها المظلم.
أتدبر قول الله: ﴿ادفَع بالتي هيَ أحسَنُ فإذا الذي بينكَ وبينهُ عداوَةٌ كأنه وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾، فأقول أن هذا تمام الإنصاف بين العباد؛ أن تدع صدرك يَسع أخاك ويشمله من لطفك وحسن ظنك ما يطمئن به فؤاده، فقد لا يكون في نفسه إلا خوف صدودك عنه والريبة مما يمتلئ به.
لذا أفضل ما تقدمه لأخيك أن تسعى لفهمه، وتعطيه المساحة الآمنة ليبوح، فإن أمنك واستكان لك أحبك وأحب قربك، ولم يرعه تقلب النفس وانبساطها، وتعقد الأفكار وتشابكها، وهنا تحديدًا لن يدع للوَحدة سبيلًا لتجره إلى شباكها حين اهتدى أخيرًا إلى الأنس.
تتساءل في عجبٍ: كيف تجتمع الراحة والقلق داخل الإنسان في آنٍ واحدٍ؟ فأجيبها ببصيرة المحب لا بفقه العارف: إنما الراحة مستقرها الروح حين التقت بمن تشبهها، فأبصرت فيها التآلف والتناغم. وأما القلق فدليل صدق؛ حين يجتمع القلب والعقل على الشخص نفسه، تعصف الأفكار من كل قرارٍ ومستقرٍ، كأنما هي جدار دفاعٍ يكذِّب هذا التناغم العجيب في النفس، وتدفع مخاوف الإنسان الدفينة في الخروج لكي تشغله عما وقرَ في قلبه ورَوحه، فيظل عالقًا في وساوسه عن الخذلان والفراق وعوائق الدنيا. إنما يهدأ هذا القلق حين يتصبر الحبيبان بلطف الله في تدبيره، وإن خفيت حكمته عن ناظرهم.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تأثير الشيخ الحصري -رحمه الله- على القُراء الأفارقة بالغ العِظم والعجب وامتداده داخل هذه البلاد أعجب، فتشعر في تلاوتهم كأنما همُ العرب ونحن الأعاجم من طلاقة لسانهم.
اللهم وسِّع منزله في الجنة بكل حرفٍ علّمه وكل آية تلاها.
اللهم وسِّع منزله في الجنة بكل حرفٍ علّمه وكل آية تلاها.
من الأفعال السخيفة السمجة والتي تنم عن جهل وغباء وتظاهر؛ "رمنسة" البلاء والحزن ومشاهد الدماء والقتل والدمار. منذ بدء الطوفان وهناك ثلةٌ من البنات والشباب كل همهم أن يرفقوا صورًا لأشلاء طفلٍ أو أمٍّ ثكلى أو رجلٍ ابتلع لسانه من القهر، مزينة بجملة أدبية رخيصة وفي الختام "لا تصالح، ولن ننسى"، ليتكم تنسوا وتخرسوا وتكفوا أذاكم عنهم عسى أن يواري ذلك خذلاننا لهم. أبدًا لن يستوي القاعدون الآمنون في سربهم ولديهم قوت يومهم ويحملون هواتفهم داخل حجراتهم المكيفة، بالمجاهدين في العراء تحت زَخَّات الرصاص ودوي الصواريخ.