tgoop.com/alkulife/13753
Last Update:
الإعجاز في {إنا أعطيناك}...
مما تكلم فيه كثير من البلاغيين وعلماء التفسير أمر الإعجاز في السور القصيرة مثل سورة الكوثر، خصوصاً بعد ظهور الزنادقة وتشكيكاتهم الباردة.
ومن أراد كلامهم تطلَّبه في مواضعه، غير أنه بدا لي شيء لا أعرف من نبَّه بخصوصه من قبل، مع وجود المعنى العام في كلام العلماء.
هو أن قوله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر} [الكوثر] بحد ذاته فيه وجه إعجاز.
وهو الكلام الإلهي بامتنانٍ على النبي ﷺ.
من الأمور التي تواردت عليها نصوص الكتاب والسنة تعظيم الله عز وجل تعظيماً لا يوجد في دين آخر.
ومن هذا التعظيم إرجاع الفضل له سبحانه في كل خير من خير الدنيا والآخرة، حتى لا يغتر العبد، ويرى عظيم منَّة الله عز وجل عليه.
كما ورد في الحديث: "«لا يَدخُلُ أحدٌ منكم الجنةَ بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه برحمةٍ وفضل»، ووضع يده على رأسه".
وفي بداية الوحي نقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم).
ونقرأ: {الحمد لله رب العالمين • الرحمن الرحيم} [الفاتحة].
كلها إشارات إلى المنَّة الإلهية في الوحي، وأن منَّة الله عز وجل على عباده لا تقتصر على الأكل والشرب والنعم الحسية والمعنوية التي يُقِر بها الجميع فرعاً عن نعمة الإيجاد، وإنما نعمته في التشريعات والثواب الجزيل عظيمة.
وهذا المعنى تجده عاماً في النصوص، حتى في خطاب أهل الجنة: {فمنَّ الله علينا ووقانا عذاب السموم} [الطور].
يشاهدون منَّة الله عليهم أكثر من مشاهدة العمل، بل إذا تأمَّلوا في منَّته رأوا عملهم قليلاً أمامها، ومع ذلك العمل بحد ذاته منَّة ولا بد منه.
فجاء بعدها: {فصلِّ لربك وانحر} [الكوثر].
وكان النبي ﷺ يصلي حتى تتفطر قدماه، فإذا عوتب قال: «أفلا أكون عبداً شكوراً؟» يعني شكراً على هذه المنَّة، من مغفرة الذنب وإعطاء الكوثر، وتكليف النفس التكاليف الشاقة على بقية الناس من دلائل النبوة.
وفي النحر مشهور سخاؤه، حتى إنه في حجة الوداع أهدى مائة بدنة، نحر منها ثلاثاً وستين غير ما أهدى عن أزواجه، كله لله عز وجل شكراً، وإنما تلزمه واحدة.
والدين الذي يكون من الله يكون التعظيم فيه لله عز وجل أكثر من أي دين آخر، وحقُّ الله عز وجل فيه فوق كل حق، وكل خير يُرجع فيه إلى الله عز وجل، ودفع كل شر يُرجع فيه لله عز وجل.
BY قناة | أبي جعفر عبدالله الخليفي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkulife/13753