فائدة :
-----
وخصَّ المتكلمون اسمَ الدليل بما دلَّ بالمقطوع به من السمعي والعقلي، وأما الذي لا يفيد إلا الظن فيسمونه أمارة، وحكاه في التلخيص " عن معظم المحققين.

وزعم الآمدي أنه اصطلاح الأصوليين أيضا ، وليس كذلك ، بل المصنفون في أصول الفقه يُطلقون الدليل على الأعم من ذلك.

- الزركشي-  

هذه المسألة تُشبه مسألة" الداعي" التي بحَثها الإمام الرازي في كثير من كتبه وخصوصا في التفسير، وردّ بها كثيرا على الخصوم، حتى إنه قال : " واعلم أنه متى شرَعتِ المعتزلة في الحكمة والفلسفة والأمر والنهي فلا طريق فيه إلا معارضته بسؤال الداعي؛ فإنه يهدِم كل ما يذكرونه ".

مقطع مفيد، مع عدم موافقتي للشيخ حفظه الله في تهوينه من فروع علم النفس في الدراسات الحديثة.

"إنما يَنْسَلُّ عن ضبط الشرع من لم يُحِطْ بمحاسنه، ولم يطّلع على خفاياه ومكامنه، فلا يسبق إلى مكرمةٍ سابقٌ إلا ولو بحث عن الشريعة لألفاها أو خيرًا منها في وضع الشرع".

[ إمام الحرمين ].

والمَغانم في وضْع الشرع ليست مقصودة؛ فإن الغرَض التجرُّد للجهاد؛ إعلاءً لكلمة الله وحياطةً للمِلة، والمغانم ليست معمودة مقصودة؛ إذ لا يليق بمحاسن الشريعة أن تَجعل بذْلَ المُهَج والتغرير بالأرواح ذريعةً إلى تحصيل المغانم.

- إمام الحرمين الجويني -

وصرَّح العلامة بوتين الأثري أن عقيدة النووي قد اشتملت على تأويلات وبِدع كلامية كثيرة واصطلاحات يونانية تأثرا بالمعتزلة والفلاسفة، وقرر إصلاح ذلك كله في تصنيف معتبر، أسماه" التحفة الروسية في تعديل العقيدة النووية ":

ربَّةَ الوجهِ الصَّبُوحِ
أنتِ عُنوانُ الأمَلْ
أَسْكِري باللَّثمِ رُوحي
خَمرةُ الرُّوح الْقُبَلْ.

أحد ما شَدا به غِرِّيد حَلَب الشهباء المُوغِل في الطرَب الأصيل/ صباح فخري، رحمه الله.

ويُلاحظ أنه استعمل " الصَّبُوح " في معنى الجميل المضيء المُشْرِق، في حين أنَّ كُتب اللغة تُنبِئنا بأن " الصَّبُوح " هو الشراب أو الطعام الذي يتناوله الناس في وقت الغداة.

جاء في لسان العرب : " وَالصَّبُوحُ : كُلُّ مَا أُكِلَ أَوْ شُرِبَ غُدْوَةً ، وَهُوَ خِلَافُ الْغَبُوقِ.

وَالصَّبُوحُ : مَا أَصْبَحَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرَابِهِمْ فَشَرِبُوهُ ، وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنِ اللَّيْثِ : الصَّبُوحُ : الْخَمْرُ ... ".

وأما معنى الوضاءة والإشراق فيُستعمَل له لفظ " الصَّبِيح " يقال : فلان صَبِيح الوجه : أي جميله ومضيئه.

وفي لسان العرب : " وَرَجُلٌ صَبِيحٌ وَصُبَاحٌ بِالضَّمِّ : جَمِيلُ ، وَالْجَمْعُ صِبَاح ... وَقَالَ اللَّيْثُ : الصَّبِيحُ : الْوَضِيءُ الْوَجْهِ ".

ولو قال :" المليح " لسلم من هذا كله.

وأنا جالس في مكانٍ ترامى إلى سمعي - أيضا - صوت السيدة أم كلثوم، تقول :

أطفِئ لَظَى القلبِ بشهدِ الرِّضَاب.

هكذا بكسر الراء، والصواب ضمُّها.

والرُّضاب هو رِيق المحبوب، والرُّضَاب أيضا : ما يَرْضُبُه الإنسان من رِيقه، كأنه يَمتصُّه.

وإذا قَبَّل جاريتَه رضب ريقها.

وفي الحديث : كأني أنظر إلى رُضَابِ بِزَاقِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

البِزَاق : ما سال ، والرُّضَاب منه : ما تَحَبَّبَ وانتشَر ، يريد : كأني أنظر إلى ما تحبَّب وانتشر من بزاقه ، حين تفَل فيه، على حدِّ ما ذَكَره صاحب اللسان.

وأعجَبُ من هذا أنها عادت فقالت : أشعِل لظى القلب.... إلخ، ولم أستحسن هذا .

وأعتقد أن البيت الموازي لبيت رامي هذا من ترجمة السيد أحمد الصافي النجفي للرباعيات هو قوله:

أطفِئْ بماءِ الكَرْمِ نِيرانَ الأسَى
فلسوفُ تَذهَبُ في الهَواءِ هَباءَ.

وهذا البيت أشعَر، وبيت رامي أنسب للغناء، والله أعلم.

عِيشةٌ لا حُبَّ فيها جدولٌ لا ماءَ فيه!.

إيَّاك أن تُبادر إلى إنكارِ مسألةٍ قالَها فَيْلَسُوفٌ أو مُعتزليٌّ-مثلًا- وتقول:"هذا مذهبُ الفلاسفة أو المعتزلة"؛ فإن هذا قولُ مَنْ لا تحصيلَ له؛إذ ليسَ كلُّ ما قاله الفيلسوفُ-مثلًا- يكونُ باطلًا، فعسى أن تكون تلك المسألةُ ممَّا عنده مِن الحقِّ، ولا سِيَّما إن كان الشارعُ -صلى الله عليه وسلم- صرَّح بها أو أحدٌ من علماءِ الأمة من الصحابةِ والتابعين والأئمةِ المجتهدين، وقد وَضَع الحكماءُ من الفلاسفة كُتبًا كثيرةً مشحونةً بالحِكَمِ والتبرِّي من الشهواتِ ومَكَايدِ النفوسِ وما انطَوَتْ عليه مِن خَفَايَا الضَّمائرِ، وكلُّ ذالك علمٌ صحيحٌ مُوافِقٌ للشرائع، فلا تُبادرْ -يا أخي- في مثل ذالك.

-اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر للشيخ الرئيس العلامة عبد الوهاب الشعراني المصري رضي الله تعالى عنه-

والرَّجُلُ كلُّ الرجل مَن يصبر على العافية، ومعنى الصبر عليها : أن لا يَركَن إليها، ويَعلم أن كل ذلك مُستودَع عنده، وعسى أن يُسترجَع على القُرب.

وإنما كان الصبر على السَّرّاء أشَدَّ؛ لأنه مقرونٌ بالقدرة، ومن العصمة أن لا تَقدِر.

والصبر على الحجامة والفصد إذا تولاه غيرُك أيسرُ من الصبر على فصدِك نفسَك وحجامتك نفسَك، والجائع عند غَيبة الطعام أقدرُ على الصبر منه إذا حضرته الأطعمة الطيبة اللذيذة وقدَر عليها؛ فلهذا عظُمت فتنةُ السَّرّاء.

- الإمام الغزالي-

هدأت العاصفة، وانتهى التريند؟

طيب يا جماعة، بالنسبة لموضوع " مجسم الكعبة" في السعودية فهو غير حقيقي، دي عبارة عن أربع شاشات عرض تفاعلية متصلة بالسقف، والعرض التفاعلي دا قديم أصلا كان في أكتوبر 2023، ومفيش أي مجسمات للكعبة ولا كان فيه أصنام ولا أي شيء من هذا.

طبعا مش منتظر واحد مغفّل يفهم من كلامي دا أني بدافع عن حفلات المسخرة دي ..

كل ما أريد أن أقوله أن الإنسان العاقل ميصحّش يكون منساق كدا ورا كلام داير ومنتشر من غير ما يعرف مصدره كويس، ولا أنه يشارك في كل حاجة ويهيص في كل هيصة وخلاص، ومفيش داعي للتزيُّد، الواقع والله مليان بلاوي حقيقية هي لوحدها كافية للحديث من غير أي افتكاسات ولا أكاذيب إضافية.

«إن المرأة الإسـ ـرائـ ـيـ ـليّة محتلة وإن لم تحمل السلاح، جزء من منظومة تقهر غيرها من النساء وتحرق قلوبهن على أطفالهن وأزواجهن وعائلاتهن، محتلة وإن ادعت المدنية، محتلة ومجرمة وإن نشرت صورها بشعر منسدل وخصر نحيل، محتلة وتساهم عبر استغلال جسدها بتحقير المرأة والتقليل من مكانتها وتسويقها كأداة جنسية، محتلة ومجندة وجزء من الجيش الاحتياطي. الإسـ ـرائـ ـيـ ـليّة تبقى محتلة طالما كانت جزءاً من هذا الكيان والـ ـفـ ـلسـ ـطينيّة مقاومة وإن لم تحمل سلاحًا وإن هربت ونزحت بأطفالها خشية الموت، مقاومة ولا يمكن مقارنتها لا هنا ولا في أي مناسبة أخرى بمجرمة لا يرف لها جفن لطفل يدهس تحت الدبابة».

شيخة البهاويد.

نقلا عن كريم محمد.

أخرج أبو نُعيم، وابن عساكر، وصاحب السيرة الشامية، وغيرهم، عن وهب بن مُنبِّه رحمه الله قال:

"قرأتُ في واحد وسبعين كتابا، فوجدتُّ في جميعها: إن الله تعالى لم يُعطِ جميعَ الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنبِ عقلِ محمد - صلى الله عليه وسلم- إلا كحبَّةِ رمل من جميع رمال الدنيا، وإن محمدا- صلى الله عليه وسلم- لَأرجَحُ الناس عقلا ".

من دون التزامٍ = لن تبدأ أبدا.
ومن دون استمراريةٍ = لن تنهي ما بدأت.

خذ هذه القاعدة في كلّ شيء لا تزال تسوِّفه وتؤجِّله كسلا أو انشغالا، كحفظ قرآنٍ، أو تعلُّم لغات أجنبية.. الخ، فالتزم لتبدأ، ثم استمر - ولو مع إقلالٍ - لتنهي.

من التنبيهات التربوية النابهة ما ذكَره العلامة الأنبابي في " رسالة تأديب الصبيان " وأحسبه نقَله من الإمام الغزالي، وهو قوله:" ولا يرتقي لمرتبةٍ من مراتب التأديب وهو يَرى ما دونها كافيًا" اه.

وهي عبارة جميلة ومَبدأ أخلاقي راقي؛ وذلك لأن المقصود هو التربية والتعليم والتأديب، وليس التعذيب، فإذا كان المقصود يحصُل بضربٍ من ضروب التأديب فإن مُجاوزته إلى ما فوقه لا يخلو من حظوظ النفس ومن شهوة الانتقام والتشفّي والاستسلام للغيظ، وهو بهذا يدخل في دائرة الظُلم، والظُّلم قبيحٌ كله.

ولو رُوعِيَ هذا المبدأ أيضا في سائر العلاقات الاجتماعية لتفادَى به المرء كثيرا من المشاكل والتصرفات الخاطئة؛ إذ بعض ما نخسره من العلاقات أو نخطئ فيه من المشكلات هو بسبب القفز على مرحلة كان يجب أن نسلكها، وبسبب تجاوُز حلول ممكنة كان من الممكن أن نُجرِّبها، ولكننا قفَزنا عليها وتخطَّيناها ولم نُوجِد طرقا ومسالك أخرى.

مبدأ التدرج في علاج المشكلات هذا إن لم يؤتِ ثمرته في حل كل مشكلة فهو على الأقل مُخلِّص من الشعور بالندم، ومُبلِغ للنفس عُذرها، وقد قال القائل:

ومُبْلِغُ نفسٍ عُذرَها مِثلُ مُنجِحِ.

وكلُّ مَن يكون مُستعِدًّا لصناعةٍ فكلما توجَّه إليها بسرعة أكثر حصَلتْ له ثمرتُها أسرَع، ويجبُ حثُّ طالبِ كلِّ فنٍّ على استيفاء ما يتعلق بفنِّه من جميع العلوم؛ فإن تقصير الطموح في اكتساب ذلك من أشنع الخصال وأفسدِها.

- نصير الدين الطوسي ت672 هـ -

أسباب الانحياز المعرفي لا تنحصر في أن مسوغات الرأي الذي يعتقده الشخص قوية وجديرة بالإذعان والقبول؛ بل قد يكون ما يظنه أدلة وبراهين هي مجرد أوهام وخيالات عند غيره، وإنما يكوِّن الانحيازَ المعرفي أمورٌ خفية ودقيقة يكتسبها وعيه الباطني غير الملحوظ على مدى السنين، يأخذها الشخص من البيئة والصِبا والعادة التي هي طَبيعة ثانية ومن الخُلطة بالأصدقاء الموافقين له في المَشرب.

وحتى علاقة الحب تؤثر أحيانا في نفس الانحياز الفكري؛ وقد ذكر المؤرخون أن عمران بن حطان، كان في أول أمره من أهل السنة، ثم أحَبَّ امرأةً من الخوارج، وكانت حسنةً جميلةً جدا، وكان هو دميم الشكل، فأراد أن يرُدَّها إلى السنة، فأبَت عليه، فارتد هو إلى مذهب الخوارج.

ولهذا كثيرا ما ينص الإمام الرازي في كتبه على أن الهداية هي في الحقيقة من الله، لا هي بقوة الدليل ولا بكثرة الشواهد؛ لأن كون الدليل قويا يدخله النزاع أصلا، وما يكون عند قوم دليلا يكون عند آخرين شبهة ووهما، فالعبرة بما هو الحق في نفس الأمر، وإلا فالناس كلٌّ مُعجَب برأيه.

وقد كان من رحمة الله أنه لم يُعلّق النجاةَ على إصابة الحق الذي هو حق في نفس الأمر، وإنما علَّقها على سلامة القصد وبذْل الوسع في إصابة الصواب.

" ليس العائق في فهمنا للشعر الجاهلي هو صعوبة ألفاظه وتراكيبه، بل العائق هو أننا صِرنا منفصلين عن طبيعة البيئة الجاهلية نفسها وعن موضوعاتها في شعر الشعراء".

المُهيِّج