‏مَن أرادَ أن يتصبّغ بصبغةِ مولانا ابا الفضل العباس⁩ عَلَيهِ السّلام، فليزرعْ في أعماقِ وجوده بذرةَ النصحية⁩، وإرادة الخير للآخرين، ثمّ يرسل أغصانها على لسانه، ويُطعِمهم ثمارها في أفعاله وسلوكه.
‏
كان العباسُ عَلَيهِ السّلام، ناصحاً⁩، هكذا تقولُ في زيارته: ‏"أَشْهَدُ لَكَ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْوَفاءِ وَالنَّصِيحَة".

‏كانَ قلبُ العباس⁩ (عليهِ السّلام) ألمعيًّا، فريدًا، فهُو سيفٌ إن عارَك وقاتَل، وهو رايةٌ إن بيّنَ ونصَح، وهو قِربةٌ إن أغاثَ وأنجَد، لكنّه -في كُلِّه المُشرِقِ هذا- كان قلبَ الحسين⁩ (عليهِ السّلام)، فأيّ مُصيبةٍ تلك التي احتوشَتْ أبا عبدالله عند جسَدِ أبي الفضل؟!

‏كان أبو الفضل العباس يحمل يوم عاشوراء سيف الحق بيد، وماء الحياة بيد أخرى.. فقطعوا يديه حتى يسقط على الأرض ويراق ماء الحياة، غير أنّ يديه تحوّلت إلى ملايين الأيدي تحمل الماء إلى العطاشى في كلّ يوم، وتدافع عن المظلومين والمضطهدين في كل مكان.

‏ينتقل العبّاس عليه السلام من جيل إلى جيل، ليس كتراث للإنسانية فحسب، بل كعامل مساعد لضمير البشريّة كلّما عصفت به أزمة المُثُل العليا.

• مَا مِنْ عَبْدٍ شَرِبَ الْمَاءَ :

عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام إِذَا اسْتَسْقَى الْمَاءَ فَلَمَّا شَرِبَهُ رَأَيْتُهُ قَدِ اسْتَعْبَرَ وَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِدُمُوعِهِ ثُمَّ قَالَ لِي يَا دَاوُدُ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَمَا مِنْ عَبْدٍ شَرِبَ الْمَاءَ فَذَكَرَ الْحُسَيْنَ وَلَعَنَ قَاتِلَهُ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَحَطَّ عَنْهُ مِائَةَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ مِائَةَ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَكَأَنَّمَا أَعْتَقَ مِائَةَ أَلْفِ نَسَمَةٍ وَحَشَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلِجَ الْفُؤَادِ.

- كامل الزيارات : ١٠٦

‏ثم خرج علي الأكبر واستأذن أباه في القتال

‏" ثم نظر إليه نظرة آيسٍ منه وأرخى عينيه وبكى "

‏وقال : اللهم اشهد ، فقد برز إليهم غلام أسبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومَنطقاً برسولك صلى الله عليه وآله وسلم ، وكنا إذا اشتقنا لنبيك نظرنا إليه "

‏ساعد الله قلبك يا أباعبدالله💔

‏فجاء الحسينُ عليه السلام حتى وقف على مصرع ولده علي الأكبر عليه السلام فقال:

‏" قتل اللهُ قوماً قتلوك يا بُني، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حُرمة الرسول! " وانهملتْ عيناه بالدموع ثم قال:

‏" على الدنيا بعدك العفاء"

‏- الإرشاد للمفيد (ره)

نعي استشهاد علي الاكبر -عليه السلام-

عاشوراء مدرسة التسامي، علي الأكبر (عليه السلام) أحد نماذج هذه المدرسة العظيمة.

يابن شبيب ! إن الحسين (عليه السلام) ذُبح كما يُذبح الكبش !

وَلَطَمَتْ عَلَيْكَ الْحُورُ الْعِينُ..

أحد أوجه تصنيف الليالي الأولى من شهر محرم .. ليلة العباس أو القاسم أو الأكبر أو الأنصار حتى يتمكن المستمع من أن يعيش حالة تِلك المصيبة من خلال تخصيص ليلة خاصه لها ..

‏فما حال مولانا الإمام الحسين .. ‏{ الذي عاش تِلك الفجائع في يوم واحد } ولم يقتصر على السماع ‏" بل رأى مصارعهم بعينـهِ ".

كـيف يُـقتل .. !

‏من عَبرَ عنـهُ الحُسين بأنهُ أشبه الناس خلقاً وخُلقا ومنطقاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسـلم .. !

‏قُتِلَ مُقطعاً إرباً إربا

‏قُتِلَ عطشانا

‏" تـبّـاً لـهـاتيكَ القلوب القاسيه "

‏وما أجرأهم على سفك دماء ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

‏"اِحذَرْ أنْ تستخفَّ بغُلامٍ لَم يبلغِ الحُلمَ بعْد!"

هذا درسُ القاسم بن الحسن (عليه السلام)

🔴 الشواهد القرآنية في مسيرة الإمام الحسين عليه السلام (7)

🔻الآية: ﴿وما كنتُ متّخذَ المضلّين عضُدًا﴾
(سورة الكهف، الآية 51)

📜 الرواية:
ثم سار الحسين (عليه السلام) حتى نزل القطقطانة، فنظر إلى فُسطاط مضروب، فقال: «لمن هذا الفسطاط؟» فقيل له: «لعبيد الله بن الحُرّ الجُعفي». فأرسل إليه الحسين (عليه السلام) وقال: «أيّها الرجل، إنك مذنب خاطئ، وإن الله عز وجل آخذك بما أنت صانع، إن لم تتب إليه في ساعتك هذه، فتنصرني، فيكون جدي شفيعك بين يدي الله تبارك وتعالى». فقال: «يا ابن رسول الله، والله، لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك، ولكن هذا فرسي خذه إليك، فوالله، ما ركبته قط وأنا أروم شيئًا إلا بلغته، ولا أرادني أحد إلا نجوتُ عليه، فدونك، فخُذه».
فأعرض عنه الحسين (عليه السلام) بوجهه، ثم قال: «لا حاجة لنا فيك، ولا في فرسك. وما كنتُ متخذَ المضلّين عضُدًا. ولكن فُرّ، لا لنا ولا علينا. فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت ثم لم يُجبنا، كبّه الله على وجهه في نار جهنم». [الأمالي – الشيخ الصدوق – ص ٢١٩]

وقد رُوي في كتاب مقتل الحسين لأبي مخنف: إن الحسين (عليه السلام) قام يتمشّى إلى عبيد الله بن الحُرّ الجُعفي وهو في فُسطاطه، حتى دخل عليه وسلّم عليه.
فقام إليه ابن الحُرّ وأخلَى له المجلس، فجلس ودعاه إلى نصرته. فقال عبيد الله بن الحُرّ: «والله، ما خرجتُ من الكوفة إلا مخافةَ أن تدخلها، فلا أُقاتلَ معك. ولو قاتلتُ، لكنتُ أول مقتول. ولكن هذا سيفي وفرسي فخُذهما». فأعرض عنه بوجهه، فقال: «إذا بخلتَ علينا بنفسك، فلا حاجة لنا في مالك. وما كنتُ متّخذَ المضلّين عضُدًا». [تفسير أهل البيت عليهم السلام، ج٨، ص٥١٤ – نور الثقلين]

🔻تفسير الآية:
﴿وما كنتُ متّخذَ المضلّين عضُدًا﴾
نفى الله تعالى عن ذاته المقدسة أن يكون بحاجة إلى معينٍ من المضلّين عن سبيله، الذين يُفسدون على الناس إيمانهم وتوجّههم إليه. فكيف يستعين سبحانه بمن يُخالف مشيئته وإرادته؟ إن الله يريد الخير والصلاح، والمضلّ لا يريد إلا الفساد والانحراف، فكيف يُتخذ عونًا من يُعارض هدف الرسالة [التفسير الواضح]

🔻شاهد الآية:
هذه الآية جاءت في الأصل تنزيهًا لله سبحانه وتعالى عن أن يتخذ الشيطان أو ذريته أو من يُضلّ الناس أعوانًا له. وقد استشهد الإمام الحسين (عليه السلام) بهذه الآية ردًّا قرآنيًّا صريحًا على رفض عبيد الله بن الحُرّ نصرته بنفسه، رغم أنه عرض عليه المساعدة المادية (سيفه وفرسه). ففي نظر الإمام، هذه ليست نصرة حقيقية، بل أقرب إلى “شراء صمت”، وهو موقف يُشبه التخاذل أو المداراة على حساب الحق. لقد أراد الإمام (عليه السلام) أن يُشبّه موقف عبيد الله بموقف المضلّين، لا لأنه يُنكر الحق، بل لأنه يعرفه ويُعرض عنه، وهو بذلك ليس جاهلًا، وإنما متقاعس عن نصرة الحق، فيُصبح بذلك ممن يُثبّطون غيرهم، ويضلّونهم عن الاستجابة للحق. فالإمام الحسين (عليه السلام) لا يقبل أنصاف المواقف، ولا يستنصر بمن يبخل بنفسه في ميدان الحق، فمثل هذا ليس أهلًا لأن يكون عضدًا أو نصيرًا. والإمام، بما أنه حجة الله على الأرض، يسير وفق منطق الوحي، فلا يرضى أن يُحيط به أو يستنصر بمن يمثّل التخاذل والضعف.

• كيفَ تخرجُ مِن الذُنوب كيومِ ولدتك أمّك؟!

في روايةٍ واردة عن الإمام الصَادق -عليه السلام- أنَّهُ مَن صلىٰ علىٰ النَّبي بهٰذه الكَيفيّة، خرجَ مِن الذُنوب كَيوم ولدته أُمّه:

"صَلواتُ الله وصَلوات ملائكته وأنبيائه ورُسله وجَميع خَلقه علىٰ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد والسَلام عليه وعليهم ورحمةُ الله وبركاته."