🔹 *الإجازات في الأسانيد*
كان شيخنا كان حريصا في الحصول على الإجازت في الأسانيد، شأن السلف الصالح من المحدّثين، فإنه وإن كان درس أمّهات الكتب الحديثية -المذكورة آنفا- وقد حصل له الإجازة من أساتذته كما هو العرف السائد لدى أساتذة الحديث في الديار، إلا أنه لم يقتنع بذلك، وكلما سنحت له الفرصة اغتنمها للازدياد من هذه الفضيلة المتوارثة، فحصل على الإجازة من الشيوخ الكبار الذين لم يقدَّر له شرف التلمذ عليهم قراءةً مباشرةً.
ومن هؤلاء المشايخ:
الشيخ محمد حسن بن محمد المشاط المكي المالكي، المدرس بالحرم المكي سابقا، والشيخ ياسين الفادائي المكي، والشيخ أحمد كفتارو مفتي جمهورية سوريا، والشيخ عبد الله بن أحمد الناخبي، والشيخ مولانا محمد زكريا الكاندهلوي، والشيخ المقرئ مولانا محمد طيب القاسمي، والشيخ العلامة ظفر أحمد العثماني، والشيخ مولانا محمد سرفرازخان الصفدر (رحمهم الله تعالى جميعا).
🔹 *الدراسات والشهادات الجامعية*
ولم يتركه نهمه وحرصه في تحصيل العلوم والثقافات أن يظل بعيدا عن العلوم الحديثة وما يجري في الجامعات العصرية، فكان يقتضي ذلك فقاهته وطموحه، فاشترك في اختبار المولوي الفاضل، والمنشي الفاضل وحصل على شهادتهما من جامعة بنجاب سنة 1378 الهجرية.
🔹 *الجد والمثابرة في حياته الدراسية وزمن التدريس*
كان الشيخ الراحل قد يحكي للطلاب ما تجشّم في حياته الدراسية، وكيف ركّز على الدروس المختلفة في عهد طلبها، ثم في تدريس الموادّ الدراسية المختلفة، وإن هذه الرغبة الخالصة في الطلب لا يزال معه كالشعار والدثار في آخر عمره. ولطالما ينهمك في المطالعة إلى انقضاء الليل وطلوع الفجر. وكان مصداقا للمقولة المشهورة: اطلب العلم من المهد إلى اللحد. بمثل هذا الجد والمطالعة الواسعة والملازمة الدائمة للأساتذة الكبار وفقهاء الأمصار والديار وبخاصة والده الماجد (رحمه الله) تذوق الفقه وعرف مقاصد الشريعة وأصول الاستنباط في الحوادث النازلة والمسائل المستجدّة والراهنة. وإن الشيخ كان يكثر من قراءة هذه الآية الكريمة والاستدلال بها: فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (التوبة/ 122).
كان متأثرا بهذه الآية للغاية، وبلغ تأثره بها إلى أن جعلها شعارَ جامعة دار العلوم كراتشي التي يديرها ويُشرف عليها. ولا تزال توجد حلاوة قراءته لهذه الآية الكريمة في الأذهان والآذان، حيث يرددها في الحفلات المتعددة مع الطلاب ويذكّر بها، مؤكدا الطلاب على العمل والتأسي بما فيها من الأوامر «التفقه» و»الإنذار». وكان له وقفة رائعة مع كلمة «ليتفقّهوا» ويستنبط منها المصطلح العام وهو التفقه في الدين وضرورته في كل زمان. هذا القول سمعته مرارا وتكرارا ويشهد به كل من حضر تلك الحفلات. وكان السامع لا يمكنه إلا أن يعترف بأن الشيخ قدر تشرّب هذه الآية وجعلها نصب عينيه في كل حين ومكان، وأنها قد تسرّت في تفكيره وأعماق قلبه. فأصبح آية (رمزا) لهذه الآية الكريمة. وإن آثاره الفقهية ومقالاته العلمية والفتاوى الصادرة بقلمه وتصحيحه وتوقيعه، خيرُ شاهد في هذا المجال. (وللحديث بقية... )
(فاتحة مجلة ”الصحوة الإسلامية“ العدد (170-169)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران)
كان شيخنا كان حريصا في الحصول على الإجازت في الأسانيد، شأن السلف الصالح من المحدّثين، فإنه وإن كان درس أمّهات الكتب الحديثية -المذكورة آنفا- وقد حصل له الإجازة من أساتذته كما هو العرف السائد لدى أساتذة الحديث في الديار، إلا أنه لم يقتنع بذلك، وكلما سنحت له الفرصة اغتنمها للازدياد من هذه الفضيلة المتوارثة، فحصل على الإجازة من الشيوخ الكبار الذين لم يقدَّر له شرف التلمذ عليهم قراءةً مباشرةً.
ومن هؤلاء المشايخ:
الشيخ محمد حسن بن محمد المشاط المكي المالكي، المدرس بالحرم المكي سابقا، والشيخ ياسين الفادائي المكي، والشيخ أحمد كفتارو مفتي جمهورية سوريا، والشيخ عبد الله بن أحمد الناخبي، والشيخ مولانا محمد زكريا الكاندهلوي، والشيخ المقرئ مولانا محمد طيب القاسمي، والشيخ العلامة ظفر أحمد العثماني، والشيخ مولانا محمد سرفرازخان الصفدر (رحمهم الله تعالى جميعا).
🔹 *الدراسات والشهادات الجامعية*
ولم يتركه نهمه وحرصه في تحصيل العلوم والثقافات أن يظل بعيدا عن العلوم الحديثة وما يجري في الجامعات العصرية، فكان يقتضي ذلك فقاهته وطموحه، فاشترك في اختبار المولوي الفاضل، والمنشي الفاضل وحصل على شهادتهما من جامعة بنجاب سنة 1378 الهجرية.
🔹 *الجد والمثابرة في حياته الدراسية وزمن التدريس*
كان الشيخ الراحل قد يحكي للطلاب ما تجشّم في حياته الدراسية، وكيف ركّز على الدروس المختلفة في عهد طلبها، ثم في تدريس الموادّ الدراسية المختلفة، وإن هذه الرغبة الخالصة في الطلب لا يزال معه كالشعار والدثار في آخر عمره. ولطالما ينهمك في المطالعة إلى انقضاء الليل وطلوع الفجر. وكان مصداقا للمقولة المشهورة: اطلب العلم من المهد إلى اللحد. بمثل هذا الجد والمطالعة الواسعة والملازمة الدائمة للأساتذة الكبار وفقهاء الأمصار والديار وبخاصة والده الماجد (رحمه الله) تذوق الفقه وعرف مقاصد الشريعة وأصول الاستنباط في الحوادث النازلة والمسائل المستجدّة والراهنة. وإن الشيخ كان يكثر من قراءة هذه الآية الكريمة والاستدلال بها: فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ. (التوبة/ 122).
كان متأثرا بهذه الآية للغاية، وبلغ تأثره بها إلى أن جعلها شعارَ جامعة دار العلوم كراتشي التي يديرها ويُشرف عليها. ولا تزال توجد حلاوة قراءته لهذه الآية الكريمة في الأذهان والآذان، حيث يرددها في الحفلات المتعددة مع الطلاب ويذكّر بها، مؤكدا الطلاب على العمل والتأسي بما فيها من الأوامر «التفقه» و»الإنذار». وكان له وقفة رائعة مع كلمة «ليتفقّهوا» ويستنبط منها المصطلح العام وهو التفقه في الدين وضرورته في كل زمان. هذا القول سمعته مرارا وتكرارا ويشهد به كل من حضر تلك الحفلات. وكان السامع لا يمكنه إلا أن يعترف بأن الشيخ قدر تشرّب هذه الآية وجعلها نصب عينيه في كل حين ومكان، وأنها قد تسرّت في تفكيره وأعماق قلبه. فأصبح آية (رمزا) لهذه الآية الكريمة. وإن آثاره الفقهية ومقالاته العلمية والفتاوى الصادرة بقلمه وتصحيحه وتوقيعه، خيرُ شاهد في هذا المجال. (وللحديث بقية... )
(فاتحة مجلة ”الصحوة الإسلامية“ العدد (170-169)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران)
الإصدار الجديد من مجلة الصحوة الإسلامية (١٧٠-١٦٩) الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان. إيران.
الإصدار الجديد
مجلة الصحوة الإسلامية، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان - إيران.
مجلة الصحوة الإسلامية، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان - إيران.
*الجيل المنشود*
بقلم: سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي
إن العالم المعاصر الذي نعيش فيه، حافل بالأزمات والمشكلات، لا تنتهي أزمة إلا إلى أزمة، ولا مشكلة إلا إلى ما هو أكبر وأصعب، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي، أو خلقي أو...
بدأت الشعوب تيأس من عمل الحكّام والحكومات التي تطلق الوعود الكاذبة، وعندما تطالبها الشعوبُ بحقوقها المسلّمة، تتوسل إلى العنف والتهديد وقمع الاحتجاجات وتقييد الحريات.
بعد سقوط الخلافة الإسلامية توزع العالم الإسلامي إلى دول ودويلات، نرى الجماعات والأحزاب، سواء كانت سياسية أو إسلامية، تستنزفُ طاقاتِها الخلافاتُ الداخلية، مما جعلها ضعيفة في العمل والتأثير على أرض الواقع. مؤتمرات لا حاصل لها، وحوارات دون جدوى، وحفلات لا تأثير لها في الواقع، أصبح العلماء يشكون العامة والعامة غير مرتاحين بالعلماء، وكل خسر ثقة الآخر، والمثقفون فقدوا ثقتهم بكلا الفريقين، كأن لهم لغة لا تُفهم، وبهم مشكلات لا حل لها، ولهم شبهات لا إجابة عنها.
فمن للناس في هذه الأوضاع المتأزّمة، ومن للشعوب المضطهدة في هذا الظلام الحالك، ومن للأمة الإسلامية المتوزعة دولا وبلادا، فهل من مغيث يغيث الجميع؟ وهل من منقد ينقذ الغرقى؟ وهل من طبيب يُسعف المرضى؟
إن مما يزيدنا أسىً وأسفا أن ههنا فئات كثيرة، كل منها يلقي المسؤولية على الأخرى وتعذر نفسها، مبررة يأسها وقنوطها من الإصلاح.
الأوضاع الراهنة لو كانت في العصور السالفة -أي قبل ختم النبوة- لبُعث نبيّ إلى البشرية التاعسة، ليُخرجها من الظلمات إلى النور بإذن ربها. إلا أن رحمة الله تعالى لم تنقطع وعناياته لم تنته بالعباد والبلاد، فجعل برحمته وفضله سيدنا محمد ﷺ خاتم الأنبياء والمرسلين ورحمة للعالمين، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، فلما بُعث النبي ﷺ، بعثت أمته كذلك لمواصلة طريقته المثلى وتحقيق أهدافه العليا، وهذا هو المعنى الذي فهمه أصحابه وتلاميذه، وأيقنوا به، مشمّرين عن ساق الجد، واصلين الليل بالنهار، لتبليغ رسالات ربهم، نيابةً عن نبيّهم، فشرّقوا وغرّبوا، وقد وطأت أقدامهم أرجاء المعمورة. وأصبح الناس يدخلون في دين الله أفواجا، وعلت رأية الإسلام وكلمتُه، وتنكّست كلمة الجاهلية، وساد العدل والهدوء العالم، وارتاحت البشرية وذاقت طعم الحياة الآمنة الهنيئة السعيدة، في ظل العدالة الاجتماعية التي طبّقها الإسلام.
وبهذا وفّق صحابة النبي ﷺ وخلفاؤه الصادقون أن يثبتوا أن النبوة وإن ختمت بمحمد ﷺ ولكنّ فيوضها وبركاتها وتعاليمها باقية خالدة، وإنها لجديرة بالتجلي والإضاءة في كل عصر ومصر، وضامنة للسعادة والنجاة والنجاح في شؤون الحياة البشرية كافة.
فكلما فسدت الأوضاع واشتدت الأزمات في أي ناحية في نواحي الحياة، يمكن البشرية الرجوع إلى تعاليم الإسلام الخالدة، لأن تعاليم الإسلام لا تفقد قدرتها في إصلاح المجتمع، وتزكية الأخلاق، وتربية النفوس إلى قيام الساعة. إذن حقت للبشرية التائهة أن تتطلع إلى منقذ ينتشلها من دوامة الأزمات، ويهديها إلى برّ الأمان والمحجّة البيضاء التي ليلها ونهارها سواء.
وههنا تشتد الحاجة إلى رجال أقوياء مخلصين جادّين، يتخذون من حياة المجددين الأوائل نبراسا لإصلاح المجتمع وإنقاذ البشرية، وهؤلاء هم المنشودون في العصر الراهن.
فما أحوج العالم المعاصر إلى جماعة مؤمنة وإلى فتية آمنوا بربهم، هدفُهم إسعاد الناس في الدارين، ويُبلون في هذا المجال بلاءً حسنا، لا ييأسون من روح الله ولا يتكاسلون في أداء الواجبات، ولا يكونون في ضيق مما يمكر به الأعداء والمفسدون والأشرار المعاندون، ولا يخافون لومة لائم في ميادين الكفاح والجهاد.
نعم! هذه هي مواصفات الفئة المؤمنة المنشودة التي تتطلع إليها البشرية التاعسة الرازحة تحت وطأة النظم الجائرة ونير الحكومات الفاسدة والحكّام المستبدين الغاشمين.
فالسوال الهامّ الذي يطرح نفسه هنا متوجّها إلى ذوي الخبرة والفكرة من الرجال ويتطلب إجابةً منهم: كيف السبيل إلى تكوين هذه الفئة؟ ومن الذي يقوم بتربيّة هذه الجماعة وإعدادها؟ وما هو تخطيط المربّين الناجحين لإنشاء هذا الجيل؟!
فهل يُرجى من المعاهد الدينية أو الجامعات العصريّة والمراكز الثقافيّة، إنجابُ الرجال المنشودين الذين يلبّون حاجات العصر ويُسعدون العباد؟
فهل من إجابة مبشّرة. وهل من عزم وأمل للتغيير والإصلاح وهل.... وهل....؟!
واللهُ المستعان وعليه التكلان.
(افتتاحية مجلة "الصحوة الإسلامية" العدد (١٧٦)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان)
بقلم: سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي
إن العالم المعاصر الذي نعيش فيه، حافل بالأزمات والمشكلات، لا تنتهي أزمة إلا إلى أزمة، ولا مشكلة إلا إلى ما هو أكبر وأصعب، منها ما هو سياسي، ومنها ما هو اقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي، أو خلقي أو...
بدأت الشعوب تيأس من عمل الحكّام والحكومات التي تطلق الوعود الكاذبة، وعندما تطالبها الشعوبُ بحقوقها المسلّمة، تتوسل إلى العنف والتهديد وقمع الاحتجاجات وتقييد الحريات.
بعد سقوط الخلافة الإسلامية توزع العالم الإسلامي إلى دول ودويلات، نرى الجماعات والأحزاب، سواء كانت سياسية أو إسلامية، تستنزفُ طاقاتِها الخلافاتُ الداخلية، مما جعلها ضعيفة في العمل والتأثير على أرض الواقع. مؤتمرات لا حاصل لها، وحوارات دون جدوى، وحفلات لا تأثير لها في الواقع، أصبح العلماء يشكون العامة والعامة غير مرتاحين بالعلماء، وكل خسر ثقة الآخر، والمثقفون فقدوا ثقتهم بكلا الفريقين، كأن لهم لغة لا تُفهم، وبهم مشكلات لا حل لها، ولهم شبهات لا إجابة عنها.
فمن للناس في هذه الأوضاع المتأزّمة، ومن للشعوب المضطهدة في هذا الظلام الحالك، ومن للأمة الإسلامية المتوزعة دولا وبلادا، فهل من مغيث يغيث الجميع؟ وهل من منقد ينقذ الغرقى؟ وهل من طبيب يُسعف المرضى؟
إن مما يزيدنا أسىً وأسفا أن ههنا فئات كثيرة، كل منها يلقي المسؤولية على الأخرى وتعذر نفسها، مبررة يأسها وقنوطها من الإصلاح.
الأوضاع الراهنة لو كانت في العصور السالفة -أي قبل ختم النبوة- لبُعث نبيّ إلى البشرية التاعسة، ليُخرجها من الظلمات إلى النور بإذن ربها. إلا أن رحمة الله تعالى لم تنقطع وعناياته لم تنته بالعباد والبلاد، فجعل برحمته وفضله سيدنا محمد ﷺ خاتم الأنبياء والمرسلين ورحمة للعالمين، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، فلما بُعث النبي ﷺ، بعثت أمته كذلك لمواصلة طريقته المثلى وتحقيق أهدافه العليا، وهذا هو المعنى الذي فهمه أصحابه وتلاميذه، وأيقنوا به، مشمّرين عن ساق الجد، واصلين الليل بالنهار، لتبليغ رسالات ربهم، نيابةً عن نبيّهم، فشرّقوا وغرّبوا، وقد وطأت أقدامهم أرجاء المعمورة. وأصبح الناس يدخلون في دين الله أفواجا، وعلت رأية الإسلام وكلمتُه، وتنكّست كلمة الجاهلية، وساد العدل والهدوء العالم، وارتاحت البشرية وذاقت طعم الحياة الآمنة الهنيئة السعيدة، في ظل العدالة الاجتماعية التي طبّقها الإسلام.
وبهذا وفّق صحابة النبي ﷺ وخلفاؤه الصادقون أن يثبتوا أن النبوة وإن ختمت بمحمد ﷺ ولكنّ فيوضها وبركاتها وتعاليمها باقية خالدة، وإنها لجديرة بالتجلي والإضاءة في كل عصر ومصر، وضامنة للسعادة والنجاة والنجاح في شؤون الحياة البشرية كافة.
فكلما فسدت الأوضاع واشتدت الأزمات في أي ناحية في نواحي الحياة، يمكن البشرية الرجوع إلى تعاليم الإسلام الخالدة، لأن تعاليم الإسلام لا تفقد قدرتها في إصلاح المجتمع، وتزكية الأخلاق، وتربية النفوس إلى قيام الساعة. إذن حقت للبشرية التائهة أن تتطلع إلى منقذ ينتشلها من دوامة الأزمات، ويهديها إلى برّ الأمان والمحجّة البيضاء التي ليلها ونهارها سواء.
وههنا تشتد الحاجة إلى رجال أقوياء مخلصين جادّين، يتخذون من حياة المجددين الأوائل نبراسا لإصلاح المجتمع وإنقاذ البشرية، وهؤلاء هم المنشودون في العصر الراهن.
فما أحوج العالم المعاصر إلى جماعة مؤمنة وإلى فتية آمنوا بربهم، هدفُهم إسعاد الناس في الدارين، ويُبلون في هذا المجال بلاءً حسنا، لا ييأسون من روح الله ولا يتكاسلون في أداء الواجبات، ولا يكونون في ضيق مما يمكر به الأعداء والمفسدون والأشرار المعاندون، ولا يخافون لومة لائم في ميادين الكفاح والجهاد.
نعم! هذه هي مواصفات الفئة المؤمنة المنشودة التي تتطلع إليها البشرية التاعسة الرازحة تحت وطأة النظم الجائرة ونير الحكومات الفاسدة والحكّام المستبدين الغاشمين.
فالسوال الهامّ الذي يطرح نفسه هنا متوجّها إلى ذوي الخبرة والفكرة من الرجال ويتطلب إجابةً منهم: كيف السبيل إلى تكوين هذه الفئة؟ ومن الذي يقوم بتربيّة هذه الجماعة وإعدادها؟ وما هو تخطيط المربّين الناجحين لإنشاء هذا الجيل؟!
فهل يُرجى من المعاهد الدينية أو الجامعات العصريّة والمراكز الثقافيّة، إنجابُ الرجال المنشودين الذين يلبّون حاجات العصر ويُسعدون العباد؟
فهل من إجابة مبشّرة. وهل من عزم وأمل للتغيير والإصلاح وهل.... وهل....؟!
واللهُ المستعان وعليه التكلان.
(افتتاحية مجلة "الصحوة الإسلامية" العدد (١٧٦)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان)
الإصدار الجديد من مجلة "الصحوة الإسلامية" (۱۷۶)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران.
مجلة الصحوة الإسلامية pinned «الإصدار الجديد من مجلة "الصحوة الإسلامية" (۱۷۶)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران.»
*استقبال العام الهجري الجديد.. وقفات للتقويم ومحاسبةالذات*
✍️ *بقلم:* سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي
انقضى العام الرابع والأربعون بعد الأربعمائة والألف من هجرة النبي ﷺ، وها قد دخلنا العام الهجري الجديد (١٤٤٥)، وإننا مطالَبون عقلا وشرعا أن نقف مع أنفسنا ونحاسبها: ماذا صنعنا في هذا العام؟ وماذا قدمّنا فيه وماذا أخّرنا؟ ماذا تزوّدنا لآخرتنا؟ ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟ فالمحاسبة تعيننا على تفادي أسباب الخسارة، والاستزادة من أسباب الربح. قال العلماء: ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسَه كل يوم، فإن لم يفعل ففي كل شهر، فإن لم يفعل فكل عام. ولا يماطل أكثر من ذلك. وإذا وجدنا بعد التقويم والمحاسبة توفيقات للخير، نشكر الله عليها، وإن وجدنا تقصيرا أو تفريطا في جنب الله، وفي حق أنفسنا، وفي حقوق الناس، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، فعلينا أن نبكي ونستغفر ونندم، محاولين الاستدراك في العام الجديد ما استطعنا. وهذا هو دأب الصالحين وطريق السعداء والناجحين، أما أهل الغفلة والبطالة فلا يهمهم شيء من التفريط والتقصير، وهم في غفلتهم معرضون.
انتهاء العام يعني مُضيّ ٣٦٠ يوم علينا، ألم ينقص من حياتنا هذا القدر من الأيام؟ فهل تعود هذه الأيام إلى أعمارنا مرّة أخرى لنغتنمها ونقضيها في أعمال الخير لصالح أنفسنا وشعبنا وبلدنا وأمتنا؟ كلاّ إنها لن تعود، مهما اجتهدنا وبذلنا الجهود، فهذه سنة الله في الكون، إذن لا سبيل إلى إعادة الأيام السالفة والساعات التالفة والأوقات الضائعة. إننا لو أضعنا ذهبا أو فضة أو شيئاً آخر كان بإمكاننا أن نعيده، ولكن الوقت لا يمكن إعادته، فما مضى فات ولا يعود. ومن ثمّ قيل: إن الوقت هو أغلى من الذهب والفضة والجواهر واللآلئ، لأن الوقت إنما هو الحياة.
وما أحسن ما قال الشيخ يوسف القرضاوي -رحمه الله-في إحدى خُطَبِه: «ما هي حياتك أيها الإنسان؟ هي الوقت الذي تقضيه من المهد إلى اللحد، من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة، من صرخة الوضع إلى أنّة النزع. فالذين يُضيعون ويقتلون أوقاتهم إنما يقتلون أنفسهم ولا يشعرون، إنهم ينتحرون انتحاراً بطيئاً، ولا يفقهون».
إننا نعيش في عصر السرعة والإنجاز والتنافس، نرى أمماً وبلاداً تصل النهار بالليل في السعي والاجتهاد، كدٌّ في النهار وسهرٌ بالليل، وتخطيط وبرمجة مستمرّة، لما يصب في صالح هذه الأمم، وصالح بلادها وشعوبها، وتبيِّت المؤامرات ضد المسلمين والبلاد الإسلامية. وهذه الأمم هي التي تُنتج وتخترع، وتُبدع وتبتكر، أما المسلمون فقد ظلوا متعوّدين استهلاك ما يُنتج غيرُهم، مستفيدين مما يخترع ويصنعه أعداؤهم. وكم من المسلمين يحاولون تقليد الأجانب متهوّرين ويباهون بذلك، وليس في الإيجابيات، بل في ارتكاب المعاصي، وفي الاستهزاء بالدين وفي الإهمال في العبادة، والابتعاد عن الحياء، وارتكاب الفحشاء والمجون، ومتابعة الأزياء والموضات، وتعاطي المسكرات والمخدرات! فلماذا لا يقلّدونهم في دراسة العلوم والتكنولوجيا؟ لماذا لا ينافسونهم في الصناعة والاختراع؟ لماذا لا يقلّدونهم في فنّ الإدارة وتسخير الطاقات الكونيّة لصالح البشرية؟ هل نسوا أو تناسوا ما أوصاهم به ربهم، "وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ".
إن الذي يؤسفنا ويؤلمنا أن المسلمين لا سيما الجيل المعاصر يباهي بالتأسي بالغرب في الأمور التي لا صلة لها بالتقدم والرقي والازدهار، متجاهلا سرّ النجاح والقوة والتقدم. وإلى هذا يشير الشاعر الحكيم محمد إقبال، في قوله:
قوت مغرب نه از چنگ و رباب
نی ز رقص دختران بی حجاب
نی ز سحر ساحران لاله روست
نی ز عریان ساق و نی از قطع موست
محکمی او را نه از لادینی است
نی فروغش از خط لاتینی است
قوت افرنگ از علم و فن است
از همین آتش چراغش روشن است
"قوة الغرب ليست من الطبل والطنبور، ولا من رقص الفتيات السافرات، وليست قوته من سحر النساء الفاتنات، ولا من السيقان العاريات، أو قطع الشعر وتجميله. إنّما قوة الغرب من دراسة العلوم والفنون. فمن هذا الوقود اتّقدت مصابيحه". ثم يضيف قائلاً وهو يخاطب الشاب المؤمن، مثيرا غيرته:
حکمت از قطع و برید جامه نیست
مانع علم و هنر عمامه نیست
علم و فن را ای جوان شوخ و شنگ
مغز می باید، نه ملبوس فرنگ
"لا تحصل الحكمة والعلم بالملابس ونوع خياطتها، فلا يمنع لبس العمامة من حصول الحكمة والفن، واعلم أيها الشاب المتأنّق الجميل، إنما يكون حصول العلم والفن بالمخّ والذكاء، وليس بزيّ الإفرنج ولباسه".
ألم يأن للمسلمين لا سيما العلماء والمربّين والموجّهين، أن يُجدّدوا النظر في جميع شؤونهم، مشمّرين عن ساق الجدّ، لتوجيه الجيل المعاصر وإصلاح المجتمع؟ ألم يأن لهم أن يحذروا من التسويف وإضاعة الأوقات والفرص؟ ألم يحذرنا سلفنا من التسويف قائلين: إن «سوف» جند من جنود إبليس. ولنعم ما قال القائل:
ولا أؤخر شغلَ اليوم عن كسل
إلى غدٍ إنّ يوم العاجزين غدُ
✍️ *بقلم:* سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي
انقضى العام الرابع والأربعون بعد الأربعمائة والألف من هجرة النبي ﷺ، وها قد دخلنا العام الهجري الجديد (١٤٤٥)، وإننا مطالَبون عقلا وشرعا أن نقف مع أنفسنا ونحاسبها: ماذا صنعنا في هذا العام؟ وماذا قدمّنا فيه وماذا أخّرنا؟ ماذا تزوّدنا لآخرتنا؟ ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟ فالمحاسبة تعيننا على تفادي أسباب الخسارة، والاستزادة من أسباب الربح. قال العلماء: ينبغي للمسلم أن يحاسب نفسَه كل يوم، فإن لم يفعل ففي كل شهر، فإن لم يفعل فكل عام. ولا يماطل أكثر من ذلك. وإذا وجدنا بعد التقويم والمحاسبة توفيقات للخير، نشكر الله عليها، وإن وجدنا تقصيرا أو تفريطا في جنب الله، وفي حق أنفسنا، وفي حقوق الناس، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، فعلينا أن نبكي ونستغفر ونندم، محاولين الاستدراك في العام الجديد ما استطعنا. وهذا هو دأب الصالحين وطريق السعداء والناجحين، أما أهل الغفلة والبطالة فلا يهمهم شيء من التفريط والتقصير، وهم في غفلتهم معرضون.
انتهاء العام يعني مُضيّ ٣٦٠ يوم علينا، ألم ينقص من حياتنا هذا القدر من الأيام؟ فهل تعود هذه الأيام إلى أعمارنا مرّة أخرى لنغتنمها ونقضيها في أعمال الخير لصالح أنفسنا وشعبنا وبلدنا وأمتنا؟ كلاّ إنها لن تعود، مهما اجتهدنا وبذلنا الجهود، فهذه سنة الله في الكون، إذن لا سبيل إلى إعادة الأيام السالفة والساعات التالفة والأوقات الضائعة. إننا لو أضعنا ذهبا أو فضة أو شيئاً آخر كان بإمكاننا أن نعيده، ولكن الوقت لا يمكن إعادته، فما مضى فات ولا يعود. ومن ثمّ قيل: إن الوقت هو أغلى من الذهب والفضة والجواهر واللآلئ، لأن الوقت إنما هو الحياة.
وما أحسن ما قال الشيخ يوسف القرضاوي -رحمه الله-في إحدى خُطَبِه: «ما هي حياتك أيها الإنسان؟ هي الوقت الذي تقضيه من المهد إلى اللحد، من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة، من صرخة الوضع إلى أنّة النزع. فالذين يُضيعون ويقتلون أوقاتهم إنما يقتلون أنفسهم ولا يشعرون، إنهم ينتحرون انتحاراً بطيئاً، ولا يفقهون».
إننا نعيش في عصر السرعة والإنجاز والتنافس، نرى أمماً وبلاداً تصل النهار بالليل في السعي والاجتهاد، كدٌّ في النهار وسهرٌ بالليل، وتخطيط وبرمجة مستمرّة، لما يصب في صالح هذه الأمم، وصالح بلادها وشعوبها، وتبيِّت المؤامرات ضد المسلمين والبلاد الإسلامية. وهذه الأمم هي التي تُنتج وتخترع، وتُبدع وتبتكر، أما المسلمون فقد ظلوا متعوّدين استهلاك ما يُنتج غيرُهم، مستفيدين مما يخترع ويصنعه أعداؤهم. وكم من المسلمين يحاولون تقليد الأجانب متهوّرين ويباهون بذلك، وليس في الإيجابيات، بل في ارتكاب المعاصي، وفي الاستهزاء بالدين وفي الإهمال في العبادة، والابتعاد عن الحياء، وارتكاب الفحشاء والمجون، ومتابعة الأزياء والموضات، وتعاطي المسكرات والمخدرات! فلماذا لا يقلّدونهم في دراسة العلوم والتكنولوجيا؟ لماذا لا ينافسونهم في الصناعة والاختراع؟ لماذا لا يقلّدونهم في فنّ الإدارة وتسخير الطاقات الكونيّة لصالح البشرية؟ هل نسوا أو تناسوا ما أوصاهم به ربهم، "وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ".
إن الذي يؤسفنا ويؤلمنا أن المسلمين لا سيما الجيل المعاصر يباهي بالتأسي بالغرب في الأمور التي لا صلة لها بالتقدم والرقي والازدهار، متجاهلا سرّ النجاح والقوة والتقدم. وإلى هذا يشير الشاعر الحكيم محمد إقبال، في قوله:
قوت مغرب نه از چنگ و رباب
نی ز رقص دختران بی حجاب
نی ز سحر ساحران لاله روست
نی ز عریان ساق و نی از قطع موست
محکمی او را نه از لادینی است
نی فروغش از خط لاتینی است
قوت افرنگ از علم و فن است
از همین آتش چراغش روشن است
"قوة الغرب ليست من الطبل والطنبور، ولا من رقص الفتيات السافرات، وليست قوته من سحر النساء الفاتنات، ولا من السيقان العاريات، أو قطع الشعر وتجميله. إنّما قوة الغرب من دراسة العلوم والفنون. فمن هذا الوقود اتّقدت مصابيحه". ثم يضيف قائلاً وهو يخاطب الشاب المؤمن، مثيرا غيرته:
حکمت از قطع و برید جامه نیست
مانع علم و هنر عمامه نیست
علم و فن را ای جوان شوخ و شنگ
مغز می باید، نه ملبوس فرنگ
"لا تحصل الحكمة والعلم بالملابس ونوع خياطتها، فلا يمنع لبس العمامة من حصول الحكمة والفن، واعلم أيها الشاب المتأنّق الجميل، إنما يكون حصول العلم والفن بالمخّ والذكاء، وليس بزيّ الإفرنج ولباسه".
ألم يأن للمسلمين لا سيما العلماء والمربّين والموجّهين، أن يُجدّدوا النظر في جميع شؤونهم، مشمّرين عن ساق الجدّ، لتوجيه الجيل المعاصر وإصلاح المجتمع؟ ألم يأن لهم أن يحذروا من التسويف وإضاعة الأوقات والفرص؟ ألم يحذرنا سلفنا من التسويف قائلين: إن «سوف» جند من جنود إبليس. ولنعم ما قال القائل:
ولا أؤخر شغلَ اليوم عن كسل
إلى غدٍ إنّ يوم العاجزين غدُ
وأختم الكلمة بما نقله الإمام ابن المبارك عن الإمام الحسن البصري وهو: "يا ابن آدم! إياك والتسويف، فإنك بيومك ولستَ بغدٍ، فإن يكن غدٌ لك، فكن في غد كما كنتَ في اليوم، وإن لم يكن لك غد، لم تندم على ما فرّطتَ في اليوم"، وكان رحمه الله يقول: أدركتُ أقواماً كان أحدُهم أشحَّ على عمره منه على دراهمه ودنانيره. (كتاب الزهد لابن المبارك: ص 51).
إذن علينا أن نحاول لتدارك ما فاتنا في العام المنصرم، مصمِّمين العزم على اغتنام الفرص المُتاحة حاضرًا ومستقبلا، وإيجاد تغيير إيجابيّ في جميع شؤون الحياة. وليكن نُصب أعيننا قول السلف: «من استوى يوماه فهو مغبون». فكيف بمن استوى عاماه، وكيف بمن كان يومه شراً من أمسه، وعامه المقبل شرّا من عامه المنصرم؟!
ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
(فاتحة العدد الجديد لمجلة الصحوة الإسلامية، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران)
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
https//www.tgoop.com/moftyqasemy
إذن علينا أن نحاول لتدارك ما فاتنا في العام المنصرم، مصمِّمين العزم على اغتنام الفرص المُتاحة حاضرًا ومستقبلا، وإيجاد تغيير إيجابيّ في جميع شؤون الحياة. وليكن نُصب أعيننا قول السلف: «من استوى يوماه فهو مغبون». فكيف بمن استوى عاماه، وكيف بمن كان يومه شراً من أمسه، وعامه المقبل شرّا من عامه المنصرم؟!
ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
(فاتحة العدد الجديد لمجلة الصحوة الإسلامية، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران)
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
https//www.tgoop.com/moftyqasemy
Telegram
مجلة الصحوة الإسلامية
مجلة إسلامية شهرية تصدر عن جامعة دارالعلوم بمدينة زاهدان |ايران .
أهم مجلة لأهل السنة في إيران باللغة العربية
#مجلة_مستقلة
للتواصل وإرسال مقالاتكم
@mosalman_M89Bot
أهم مجلة لأهل السنة في إيران باللغة العربية
#مجلة_مستقلة
للتواصل وإرسال مقالاتكم
@mosalman_M89Bot
Forwarded from عبد الرحمن محمد جمال (.)
*العام الهجري الجديد، هل المسلمون جديرون بقيادة العالم؟*
عبد الرحمن محمد جمال
نستهل العام الهجري الجديد والعالم يخضع حروبا طاحنة ويعاني من التضخم وانعدام الأمن والفوضى ما يندر نظيره في التاريخ المعاصر، ومن جانب أصبحت الأرض تعاني من الحرارة غير المسبوقة مما ينذر بازدياد المشكلات الصحية وبحرائق غير المسبوقة للغابات نتيجة الحرارة وأزمات غير هذه كثيرة.
بالنسبة للعالم الإسلامي فإن الدول الإسلامية تعيش أزمات وتشهد عواصف تعاني منها منذ مدة طويلة ومازالت هذه الدول ضعيفة منهارة متطفلة على مائدة الشرق والغرب في كل الإنتاجات وعلى كل الأصعدة. ولا يوجد بارقة أمل للتغيير إلا إذا قدر الله ذلك تقديرا.
أصبح العالم بعد الحرب الشرسة التي خضعتها ولا تزال تخضعها روسيا وأوكرانيا مباشرة وعالم الشرق والغرب نيابة، في مأزق كبير وفي شح من المواد الغذائية وازاد التضخم المتسارع في أكثر دول العالم، وأصبح العالم مهدا للصراعات والاختلافات والضغائن، وأصبحت الحياة في هذا العالم المضطرب أشبه بحياة الغابات، كل يتربص الدوائر بالآخر وكل يريد أن يفترس أو يبطش بمن دونه حسب قدرته وقوته.
كان العالم البشري قبل البعثة المحمدية على صاحبها ألف وألف تحية يعيش شبه ما يعيشه اليوم، فوضى وانحطاط وافتراس وحروب و...جاء الإسلام برسالته الخالدة فنفخ في هذا العالم الميت روحا جديدة وأخرجه من ظلمات الجهل والحيوانية إلى نور العلم والهدى والإنسانية. فهل هناك بارقة أمل أن يأخذ العالم الإسلامي زمام الأمور من جديد، وأن يأخذ بناصية الشعوب والملل وأن يقدم للعالم البشري ما يفتقره من الإنسانية والحرية والمساواة وما إلى ذلك؟
أقول: أي نعم، ليس هناك ديانة تتكفل بإخراج البشر من هذا المأزق الكبير إلا الدين الإسلامي الحنيف الذي كتب الله له الخلود وكتب له أن يعيش مادام لهذه الدنيا من رمق. ولكن ترى كيف؟ أليس العالم الإسلامي بنفسه متطفلا على موائد الشرق والغرب؟ أليس العالم الإسلامي يعيش أزمات وحروبا وانقساما؟ أليس المسلمون متخلفين في الأخلاق والديانة؟ أليس الغدر والخيانة والرشوة والكذب والفجور فاشيا في الدول الإسلامية؟
هات دولة إسلامية تختلف عن دول العالم في الأخلاق والديانة وتطبق الشريعة الإسلامية الغراء ككل؟ ثم ألا ترى المسلمين يشبهون الكفار ويقلدونهم ندا لند وشبرا بشبر؟! وأليس العالم الإسلامي يستورد كل إنتاجاته وموارده من دول الكفر؟ أليس العالم الإسلامي هو الذي يشعر بالخذلان دون العالم الغربي، هو الذي يرجى ولا يخشى، يأخذ ولا يمنح، يستورد ولا يورد، يحارَب ولا يحارِب؟! أليس ولو قلت: إنه يقدم الروحانية والغرب يعطيه المادية، فأقول: هل حصل هذا التبادل؟ ثم كم يتميز العالم الإسلامي بروحانيته حتى يشعر الغرب بالعطش ويهرول نحو العالم الإسلامي؟ أليس المسلمون أسوأ حالا من الغربيين أنفسهم في الروح والدين؟ أليس علماء المسلمين هم مصدر الشر فضلا عن العامة والدهماء إلا من عصم ربك؟ أليس علماء المسلمين يفتي بعضهم على بعض بالكفر والقتل والدمار ألا يتولون كبر الدماء التي تهراق في البلاد الإسلامية دون هوادة؟ فإذن كيف يرجى للعالم الإسلامي العليل أن يقدم للعالم البشري المتعطش الخير والسعادة، وينفخ فيه الأمل؟!
منذ زمان وعلماء الإسلام يدعون إلى الإصلاح، ويبشرون بالفتح المبين والفجر المشرق، ويهتفون بالصحوة الإسلامية وبإقبال شباب الإسلام إلى العودة إلى حضن الإسلام من جديد، منذ زمان والمفكرون يدّعون أن العالم الإسلامي بدأ يقوم على قدميه، ويصحو من غفوته وينهض من كبوته وأن الغرب بدأ بالأفول! منذ زمان ويهتف علماءنا بأن الغرب مفتقر في الأخلاق والروحانية وسوف يمد يد الافتقار إلى المسلمين، ولكن هل حدث ذلك؟ أليس العكس هو الصحيح، ألسنا نشعر أن الغرب هو المتفوق في العلم والمادية والأخلاق و....
يبدو أن بعض المسلمين يعيشون في عالم الأحلام وأن ما حدسه المفكرون المسلمون من أن المستقبل للإسلام ليس إلا مجرد حلم، لأن الواقع يقول غير ذلك، إلا إذا قدر الله للأجيال اللاحقة أن يأخذوا بناصية العالم البشري. فإن المسلمين وإن كانوا يحملون عقيدة نابعة إلا أنهم لا يحملون تلك العقيدة الصافية إلا مشوهة إلا ماشاء الله!
هل يكفي الادعاءات والشعارات الجافة، وهل يغني الشعار عن الحقيقة شيئا، وهل إيجاد روح الأمل فقط يكفي لأن نقود العالم، وإذا كان يكفي فإن كثيرا من المفكرين الإسلاميين منذ زمان يدعون إلى الأمل والتفاؤل، فماذا حدث؟ هل حدث تغيير أم عكس ذلك؟ إن كثيرا من المفكرين المعاصرين الذين دعوا إلى الإصلاح وإيجاد الصحوة وبشروا بنبوغ المسلمين وأهليتهم لقيادة العالم البشري المعاصر مع الأسف لم يقدموا شيئا على أرض الواقع، شخصوا الداء وكبروه ولكن لم يصفوا دواء ناجعا، ولم يقدموا حلولا جذرية، ولم يستطيعوا أن يقنعوا ضمير الشباب المعاصر الحيوي المتطلع. وكان كلامهم لا يتجاوز عن أن يكون كمسكن يسكن الألم لأمد غير بعيد، ثم يعود الألم كما كان بل أشد.
عبد الرحمن محمد جمال
نستهل العام الهجري الجديد والعالم يخضع حروبا طاحنة ويعاني من التضخم وانعدام الأمن والفوضى ما يندر نظيره في التاريخ المعاصر، ومن جانب أصبحت الأرض تعاني من الحرارة غير المسبوقة مما ينذر بازدياد المشكلات الصحية وبحرائق غير المسبوقة للغابات نتيجة الحرارة وأزمات غير هذه كثيرة.
بالنسبة للعالم الإسلامي فإن الدول الإسلامية تعيش أزمات وتشهد عواصف تعاني منها منذ مدة طويلة ومازالت هذه الدول ضعيفة منهارة متطفلة على مائدة الشرق والغرب في كل الإنتاجات وعلى كل الأصعدة. ولا يوجد بارقة أمل للتغيير إلا إذا قدر الله ذلك تقديرا.
أصبح العالم بعد الحرب الشرسة التي خضعتها ولا تزال تخضعها روسيا وأوكرانيا مباشرة وعالم الشرق والغرب نيابة، في مأزق كبير وفي شح من المواد الغذائية وازاد التضخم المتسارع في أكثر دول العالم، وأصبح العالم مهدا للصراعات والاختلافات والضغائن، وأصبحت الحياة في هذا العالم المضطرب أشبه بحياة الغابات، كل يتربص الدوائر بالآخر وكل يريد أن يفترس أو يبطش بمن دونه حسب قدرته وقوته.
كان العالم البشري قبل البعثة المحمدية على صاحبها ألف وألف تحية يعيش شبه ما يعيشه اليوم، فوضى وانحطاط وافتراس وحروب و...جاء الإسلام برسالته الخالدة فنفخ في هذا العالم الميت روحا جديدة وأخرجه من ظلمات الجهل والحيوانية إلى نور العلم والهدى والإنسانية. فهل هناك بارقة أمل أن يأخذ العالم الإسلامي زمام الأمور من جديد، وأن يأخذ بناصية الشعوب والملل وأن يقدم للعالم البشري ما يفتقره من الإنسانية والحرية والمساواة وما إلى ذلك؟
أقول: أي نعم، ليس هناك ديانة تتكفل بإخراج البشر من هذا المأزق الكبير إلا الدين الإسلامي الحنيف الذي كتب الله له الخلود وكتب له أن يعيش مادام لهذه الدنيا من رمق. ولكن ترى كيف؟ أليس العالم الإسلامي بنفسه متطفلا على موائد الشرق والغرب؟ أليس العالم الإسلامي يعيش أزمات وحروبا وانقساما؟ أليس المسلمون متخلفين في الأخلاق والديانة؟ أليس الغدر والخيانة والرشوة والكذب والفجور فاشيا في الدول الإسلامية؟
هات دولة إسلامية تختلف عن دول العالم في الأخلاق والديانة وتطبق الشريعة الإسلامية الغراء ككل؟ ثم ألا ترى المسلمين يشبهون الكفار ويقلدونهم ندا لند وشبرا بشبر؟! وأليس العالم الإسلامي يستورد كل إنتاجاته وموارده من دول الكفر؟ أليس العالم الإسلامي هو الذي يشعر بالخذلان دون العالم الغربي، هو الذي يرجى ولا يخشى، يأخذ ولا يمنح، يستورد ولا يورد، يحارَب ولا يحارِب؟! أليس ولو قلت: إنه يقدم الروحانية والغرب يعطيه المادية، فأقول: هل حصل هذا التبادل؟ ثم كم يتميز العالم الإسلامي بروحانيته حتى يشعر الغرب بالعطش ويهرول نحو العالم الإسلامي؟ أليس المسلمون أسوأ حالا من الغربيين أنفسهم في الروح والدين؟ أليس علماء المسلمين هم مصدر الشر فضلا عن العامة والدهماء إلا من عصم ربك؟ أليس علماء المسلمين يفتي بعضهم على بعض بالكفر والقتل والدمار ألا يتولون كبر الدماء التي تهراق في البلاد الإسلامية دون هوادة؟ فإذن كيف يرجى للعالم الإسلامي العليل أن يقدم للعالم البشري المتعطش الخير والسعادة، وينفخ فيه الأمل؟!
منذ زمان وعلماء الإسلام يدعون إلى الإصلاح، ويبشرون بالفتح المبين والفجر المشرق، ويهتفون بالصحوة الإسلامية وبإقبال شباب الإسلام إلى العودة إلى حضن الإسلام من جديد، منذ زمان والمفكرون يدّعون أن العالم الإسلامي بدأ يقوم على قدميه، ويصحو من غفوته وينهض من كبوته وأن الغرب بدأ بالأفول! منذ زمان ويهتف علماءنا بأن الغرب مفتقر في الأخلاق والروحانية وسوف يمد يد الافتقار إلى المسلمين، ولكن هل حدث ذلك؟ أليس العكس هو الصحيح، ألسنا نشعر أن الغرب هو المتفوق في العلم والمادية والأخلاق و....
يبدو أن بعض المسلمين يعيشون في عالم الأحلام وأن ما حدسه المفكرون المسلمون من أن المستقبل للإسلام ليس إلا مجرد حلم، لأن الواقع يقول غير ذلك، إلا إذا قدر الله للأجيال اللاحقة أن يأخذوا بناصية العالم البشري. فإن المسلمين وإن كانوا يحملون عقيدة نابعة إلا أنهم لا يحملون تلك العقيدة الصافية إلا مشوهة إلا ماشاء الله!
هل يكفي الادعاءات والشعارات الجافة، وهل يغني الشعار عن الحقيقة شيئا، وهل إيجاد روح الأمل فقط يكفي لأن نقود العالم، وإذا كان يكفي فإن كثيرا من المفكرين الإسلاميين منذ زمان يدعون إلى الأمل والتفاؤل، فماذا حدث؟ هل حدث تغيير أم عكس ذلك؟ إن كثيرا من المفكرين المعاصرين الذين دعوا إلى الإصلاح وإيجاد الصحوة وبشروا بنبوغ المسلمين وأهليتهم لقيادة العالم البشري المعاصر مع الأسف لم يقدموا شيئا على أرض الواقع، شخصوا الداء وكبروه ولكن لم يصفوا دواء ناجعا، ولم يقدموا حلولا جذرية، ولم يستطيعوا أن يقنعوا ضمير الشباب المعاصر الحيوي المتطلع. وكان كلامهم لا يتجاوز عن أن يكون كمسكن يسكن الألم لأمد غير بعيد، ثم يعود الألم كما كان بل أشد.
Forwarded from عبد الرحمن محمد جمال (.)
لأن العلاج لم يكن جذريا بل سطحيا عابرا.
إذن لا يوجد بارقة أمل للتغيير في العالم البشري المعاصر، إلا إذا حدثت معجزة وإلا إذا قدر الله ذلك تقديرا.
أعود فأقول: إن العالم الإسلامي رغم كل هذه العلات ورغم كل هذه النقائص يتأهل أن يخرج البشرية من هذه الأزمات، لأن الإسلام هو الذي يستحق أن يملأ الفراغ الموجود في العالم ليس إلا، ولكن هل نحن حقيقة جديرون بذلك؟
https://www.tgoop.com/abdulrahmmane
مجلة الصحوةالإسلاميةالعدد الجديد،
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
إذن لا يوجد بارقة أمل للتغيير في العالم البشري المعاصر، إلا إذا حدثت معجزة وإلا إذا قدر الله ذلك تقديرا.
أعود فأقول: إن العالم الإسلامي رغم كل هذه العلات ورغم كل هذه النقائص يتأهل أن يخرج البشرية من هذه الأزمات، لأن الإسلام هو الذي يستحق أن يملأ الفراغ الموجود في العالم ليس إلا، ولكن هل نحن حقيقة جديرون بذلك؟
https://www.tgoop.com/abdulrahmmane
مجلة الصحوةالإسلاميةالعدد الجديد،
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
Telegram
عبد الرحمن محمد جمال
نحو نهضة كتابية أدبية وفكرية
حرق القرآن؛ حرية التعبير أم نشر للكراهية؟!
✍️ سيد مسعود
بينما كان المسلمون يحتفلون بعيد الأضحى في أنحاء العالم، مكبّرين مهلّلين، ذابحين الأضاحي، مهنئا بعضُهم بعضا بحيلولة هذه المناسبة المباركة، في ظل هذه الأجواء السعيدة، أبت الحكومة السويدية إلا أن تشارك المسلمين احتفالاتهم. وما كانت مشاركتها وعيديّتها إلا استفزاز ملياري مسلم، بالسماح لحرق القرآن للمتطرف النصراني سلوان موميكا، (وهو لاجئ عراقي يعيش في السويد). وفعلا تم حرق القرآن وركله وسب النبيﷺ أمام أكبر جامع في عاصمة السويد. وتحت حماية مشددة من الشرطة السويدية.
ليست هذه المرة الأولى لحرق القرآن في أراضي السويد، فسابقا وخلال الأشهر السبعة الماضية قام اليميني المتطرف راسموس بالودان (دنماركي الأصل)، وزعيم حزب الخط المتطرف، بحرق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم، بعد أن تلقى ضوءا أخضر من الحكومة السويدية. ثم تكرر هذا العمل المستفز في السويد وفي بعض البلاد الأخرى كالدنمارك وغيرها، في غضون الأيام والأسابيع الماضية، حيث تعرض القرآن للإساءة والتدنيس.
حادثة حرق المصحف الشريف في السويد مثلّت صدمة كبيرة واستفزازاً لمشاعر مئات الملايين من المسلمين حول العالم. وأدت إلى غضب إسلامي وعربي في مختلف البلاد وأدى إلى حرق السفارة السويدية في العراق واستدعاء السفير السويدي لدى بعض البلاد، وانطلاق مسيرات في أنحاء العالم، احتجاجا على هذا العمل المستفز الشنيع.
لا شك أن إحراق القرآن استفزاز أحمق، وتطرّف أخرق، وجريمة منكرة، وفعلٌ ضال منحرف، وإصرار متهوّر على خطاب الحقد والكراهيّة والعنصريّة البغيضة التي يقوّض أمن المجتمعات ورقيّها، ووقود حقيقي لإشعال نيران التطرف والإرهاب، الذي يعانيه العالم كله، وتأجيج للمشاعر، وانتهاك صارخ لحق ما يقرب من مليارين من المسلمين، إذ لا يوجد على وجه الارض مسلم إلا وهو محب لكتاب الله تعالى القرآن، ومحب لنبه ﷺ، بل ومنهم من يفتدى الإسلام والقرآن والنبي ﷺ بروحه وأهله وماله.
هناك محاولات مزعومة لإدراج هذا العمل المستفز ضمن حريّة التعبير، ولكنها خلط للأوراق وليس إلا، إذ العمل مرفوض دينا وخلقا وعُرفا ودبلوماسيا وبكل ألوان الرفض. فالحرية بمفهومها العام ليست مطلقة، بل لها قواعد وضوابط يجب أن يتم التقيد بها واحترام حدودها. فلا يمكن لأي مجتمع أو فئة أو دولة تحترم نفسها وترفع شعارات حرية الرأي والتعبير أن تكون صادقة، متى ما لم تكن قادرة على رعاية مشاعر الآخر واحترامه وتفهّم قيمه ومقدّساته. إن حرية التعبير تتجسد في ثقافة السلام والتسامح والاحترام المتبادل والحوار والتعايش بين الأمم والشرائع والحضارات، لا في الاستخفاف بالقيم والرموز والمقدسات ولا في ممارسة العنصرية والتطرف ضد الآخر. وهل حرق علم السويد داخلٌ ضمن حرية التعبير؟ وهل هناك حرية التعبير في حرق علم الألوان؟ وهل هناك حرية التعبير في حرق التوراة المحرفة؟ أم أن حرية التعبير درعُهم التي يتدرّعون بها عند الإساءة للمسلمين ومقدساتهم فقط؟!
قال سلوان موميكا في مقطع له قبل القيام بعمله الإجرامي، "إن سبب إحراقه للقرآن هو أنه كتاب إرهابي يحرّض على العنف". هذا والقرآن منع المسلمين منعا باتّا عن النيل من مقدسات الآخرين حتى النيل من أوثان الناس ناهيا: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ. ما يُفهم منه مدى عناية القرآن باحترام المخالف وتأكيده على التعايش السلمي. فالقرآن لم ولن يحرّض على العنف، وما يحرّض على العنف والكراهية هي الإساءة إلى المقدسات لدى المليارين من الناس، التي يفسرّها سلوان موميكا وأمثاله بحرية التعبير! ولأنها تهدّد الأمن والسلام والتعايش السلمي وبناء المجتمعات الفضلى.
هذه التصرفات الغبيّة لا يفسرها بحرية الرأي إلا المكابر والجاحد، فحرية الرأي أن ينتقد ما ورد في القرآن لا الركل واللطخ بدم الخنزير والحرق ! إنها ليس في سبيل توسيع دائرة حرية التعبير بل في تعزيز التطرف والكراهية بين مختلف الشعوب والشرائع، كما أنها تعتبر انتهاكاً صارخاً للمبادئ والمواثيق الحقوقية الإنسانية والدولية، والتي يأتي على رأسها احترام خصوصيات الآخر الدينية والثقافية.
وقد قام بعض البلاد الأروبية والمنظمات الغربية بإدانة حرق القرآن، معتبرا إياه تطرفا واستفزازا للمشاعر، ولكن رغم هذا يتكرر الاعتداء على القرآن والمقدسات الأخرى في تلك البلاد. مما يؤكد على أن الإدانات الفارغة لم تعد مجدية في هذا المجال. وإنما تحتاج هذه الظاهرة المذمومة إلى التوسل بالطرق القانونية لوقفها ومكافحتها وكذلك كل الأفعال المتطرّفة والدعوات الباعثة على الكراهية.👇
✍️ سيد مسعود
بينما كان المسلمون يحتفلون بعيد الأضحى في أنحاء العالم، مكبّرين مهلّلين، ذابحين الأضاحي، مهنئا بعضُهم بعضا بحيلولة هذه المناسبة المباركة، في ظل هذه الأجواء السعيدة، أبت الحكومة السويدية إلا أن تشارك المسلمين احتفالاتهم. وما كانت مشاركتها وعيديّتها إلا استفزاز ملياري مسلم، بالسماح لحرق القرآن للمتطرف النصراني سلوان موميكا، (وهو لاجئ عراقي يعيش في السويد). وفعلا تم حرق القرآن وركله وسب النبيﷺ أمام أكبر جامع في عاصمة السويد. وتحت حماية مشددة من الشرطة السويدية.
ليست هذه المرة الأولى لحرق القرآن في أراضي السويد، فسابقا وخلال الأشهر السبعة الماضية قام اليميني المتطرف راسموس بالودان (دنماركي الأصل)، وزعيم حزب الخط المتطرف، بحرق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم، بعد أن تلقى ضوءا أخضر من الحكومة السويدية. ثم تكرر هذا العمل المستفز في السويد وفي بعض البلاد الأخرى كالدنمارك وغيرها، في غضون الأيام والأسابيع الماضية، حيث تعرض القرآن للإساءة والتدنيس.
حادثة حرق المصحف الشريف في السويد مثلّت صدمة كبيرة واستفزازاً لمشاعر مئات الملايين من المسلمين حول العالم. وأدت إلى غضب إسلامي وعربي في مختلف البلاد وأدى إلى حرق السفارة السويدية في العراق واستدعاء السفير السويدي لدى بعض البلاد، وانطلاق مسيرات في أنحاء العالم، احتجاجا على هذا العمل المستفز الشنيع.
لا شك أن إحراق القرآن استفزاز أحمق، وتطرّف أخرق، وجريمة منكرة، وفعلٌ ضال منحرف، وإصرار متهوّر على خطاب الحقد والكراهيّة والعنصريّة البغيضة التي يقوّض أمن المجتمعات ورقيّها، ووقود حقيقي لإشعال نيران التطرف والإرهاب، الذي يعانيه العالم كله، وتأجيج للمشاعر، وانتهاك صارخ لحق ما يقرب من مليارين من المسلمين، إذ لا يوجد على وجه الارض مسلم إلا وهو محب لكتاب الله تعالى القرآن، ومحب لنبه ﷺ، بل ومنهم من يفتدى الإسلام والقرآن والنبي ﷺ بروحه وأهله وماله.
هناك محاولات مزعومة لإدراج هذا العمل المستفز ضمن حريّة التعبير، ولكنها خلط للأوراق وليس إلا، إذ العمل مرفوض دينا وخلقا وعُرفا ودبلوماسيا وبكل ألوان الرفض. فالحرية بمفهومها العام ليست مطلقة، بل لها قواعد وضوابط يجب أن يتم التقيد بها واحترام حدودها. فلا يمكن لأي مجتمع أو فئة أو دولة تحترم نفسها وترفع شعارات حرية الرأي والتعبير أن تكون صادقة، متى ما لم تكن قادرة على رعاية مشاعر الآخر واحترامه وتفهّم قيمه ومقدّساته. إن حرية التعبير تتجسد في ثقافة السلام والتسامح والاحترام المتبادل والحوار والتعايش بين الأمم والشرائع والحضارات، لا في الاستخفاف بالقيم والرموز والمقدسات ولا في ممارسة العنصرية والتطرف ضد الآخر. وهل حرق علم السويد داخلٌ ضمن حرية التعبير؟ وهل هناك حرية التعبير في حرق علم الألوان؟ وهل هناك حرية التعبير في حرق التوراة المحرفة؟ أم أن حرية التعبير درعُهم التي يتدرّعون بها عند الإساءة للمسلمين ومقدساتهم فقط؟!
قال سلوان موميكا في مقطع له قبل القيام بعمله الإجرامي، "إن سبب إحراقه للقرآن هو أنه كتاب إرهابي يحرّض على العنف". هذا والقرآن منع المسلمين منعا باتّا عن النيل من مقدسات الآخرين حتى النيل من أوثان الناس ناهيا: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ. ما يُفهم منه مدى عناية القرآن باحترام المخالف وتأكيده على التعايش السلمي. فالقرآن لم ولن يحرّض على العنف، وما يحرّض على العنف والكراهية هي الإساءة إلى المقدسات لدى المليارين من الناس، التي يفسرّها سلوان موميكا وأمثاله بحرية التعبير! ولأنها تهدّد الأمن والسلام والتعايش السلمي وبناء المجتمعات الفضلى.
هذه التصرفات الغبيّة لا يفسرها بحرية الرأي إلا المكابر والجاحد، فحرية الرأي أن ينتقد ما ورد في القرآن لا الركل واللطخ بدم الخنزير والحرق ! إنها ليس في سبيل توسيع دائرة حرية التعبير بل في تعزيز التطرف والكراهية بين مختلف الشعوب والشرائع، كما أنها تعتبر انتهاكاً صارخاً للمبادئ والمواثيق الحقوقية الإنسانية والدولية، والتي يأتي على رأسها احترام خصوصيات الآخر الدينية والثقافية.
وقد قام بعض البلاد الأروبية والمنظمات الغربية بإدانة حرق القرآن، معتبرا إياه تطرفا واستفزازا للمشاعر، ولكن رغم هذا يتكرر الاعتداء على القرآن والمقدسات الأخرى في تلك البلاد. مما يؤكد على أن الإدانات الفارغة لم تعد مجدية في هذا المجال. وإنما تحتاج هذه الظاهرة المذمومة إلى التوسل بالطرق القانونية لوقفها ومكافحتها وكذلك كل الأفعال المتطرّفة والدعوات الباعثة على الكراهية.👇
وعليه، فالمطلوب من هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الغربية -فيما إذا كانت صادقة في إدانتها واستنكارها لمثل هذه التصرفات، وفي تأكيدها على أمن المجتمعات ومكافحتها لظاهرة التطرف والإرهاب-وضع قوانين تمنع التعرض للرموز والمقدسات في الشرائع والأديان كافة.
*وفي الأخير يجب أن تكون لنا تجاه هذه الحادثة وقفات:*
🔹أولا: إنّ الصراع بين الحق والباطل ومحاولات النيل من شعائر الأمة الإسلامية من قبل الأعداء والحاقدين على الشريعة الإسلامية، ليس وليد اليوم وابن الساعة، بل كان ولا يزال إلى قيام الساعة، إلا أن الله قد تكفّل بحفظ القرآن، كما قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. فمهما أحرقوا النسخ الورقية من القرآن الكريم، سيبقى نوره في الصدور مشرقا متلألأ محفوظا بحفظ الله له. وإنّ النيل من القرآن يزيد المسلمين تمسكا به، إذ لم يحرقوا القرآن إلا لأنه حي، ولو كان ميتا لتركوه. حرّقوه لأنه مؤثر، ولو كان معطّلا لتركوه. حرّقوه لأنه قويّ يتمدّد، ولو كان ضعيفا يتقهقر لتركوه. حرقوه لأنه كلام الله، يذكّرهم بعجزهم عن الاتيان بمثله أو إطفاء نوره: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
🔹ثانيا: يجب على المسلمين أن يفيقوا من سباتهم، وأن يواجهوا هذه الأحداث بوعي وتبصّر، وليعلموا أنه ما تطاول من تطاول على القرآن الكريم والمقدسات الإسلامية إلا عندما ضعفت الأمة واتبعدت عن مصدر عزها.
🔹ثالثا: قد آن الأوان لتعلن الأمة بحكّامها وشعوبها وعلمائها عن رفضها القاطع للنيل من القرآن الكريم والتطاول على النبي ﷺ، وبذل قصارى الجهود لتنفيذ خطة عمل لمكافحة الإسلاموفوبيا حول العالم، والضغط على الغرب وإقناعه على سن قانون يحظر هذه التصرفات المسيئة، إغلاقا لباب الاعتداء على الإسلام بالكامل. كما يجب على البلاد الإسلامية قطع العلاقات السياسية مع حكومة السويد والضغط عليها بكل الطرق السياسية والدبلوماسية المتاحة حتى تعتذر، كما أن الشعوب الإسلامية ينبغي لها أداء دورها الفعّال وذلك عن طريق مقاطعة جميع المنتجات السويدية. لأن السويد وأخواتها إذا رأت قوة في رد فعل المسلمين، تحسب لهم ألف حساب، وتقلّ جرأتهم على فعل ما يستفزّهم.
🔹رابعا: يتوقّع من الجالية المسلمة في السويد أن يكون لها ردّ فعل قوي تجاه الحادثة، مع التزامها بالإطار القانوني والأخلاقي والحضاري.
🔹خامسا: مثل هذه الوقائع كما ينبغي أن تزيد المسلمين وعيا ويقظة بالواقع وفخرا واعتزازا بدينهم، كذلك ينبغي أن تشعرهم بالتقصير في التعريف بدينهم وقيمهم، ومن ثم النهوض لتوظيف التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي توظيفا إيجابيا للذبّ عن القرآن والسنة وبيان مكانة القرآن وأخلاق النبي ﷺ بأدب ونصح وحكمة. فما زال الكثير من الناس في عصر العولمة يجهلون عظمة هذا الدين ومكارم أخلاق سيد المرسلين، مما يؤكد على المسلمين وخصوصا العلماء والدعاة الاضطلاع بأعباء هذا الواجب.
والله المستعان.
https://www.tgoop.com/alsayyed_m
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
*وفي الأخير يجب أن تكون لنا تجاه هذه الحادثة وقفات:*
🔹أولا: إنّ الصراع بين الحق والباطل ومحاولات النيل من شعائر الأمة الإسلامية من قبل الأعداء والحاقدين على الشريعة الإسلامية، ليس وليد اليوم وابن الساعة، بل كان ولا يزال إلى قيام الساعة، إلا أن الله قد تكفّل بحفظ القرآن، كما قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ. فمهما أحرقوا النسخ الورقية من القرآن الكريم، سيبقى نوره في الصدور مشرقا متلألأ محفوظا بحفظ الله له. وإنّ النيل من القرآن يزيد المسلمين تمسكا به، إذ لم يحرقوا القرآن إلا لأنه حي، ولو كان ميتا لتركوه. حرّقوه لأنه مؤثر، ولو كان معطّلا لتركوه. حرّقوه لأنه قويّ يتمدّد، ولو كان ضعيفا يتقهقر لتركوه. حرقوه لأنه كلام الله، يذكّرهم بعجزهم عن الاتيان بمثله أو إطفاء نوره: «يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
🔹ثانيا: يجب على المسلمين أن يفيقوا من سباتهم، وأن يواجهوا هذه الأحداث بوعي وتبصّر، وليعلموا أنه ما تطاول من تطاول على القرآن الكريم والمقدسات الإسلامية إلا عندما ضعفت الأمة واتبعدت عن مصدر عزها.
🔹ثالثا: قد آن الأوان لتعلن الأمة بحكّامها وشعوبها وعلمائها عن رفضها القاطع للنيل من القرآن الكريم والتطاول على النبي ﷺ، وبذل قصارى الجهود لتنفيذ خطة عمل لمكافحة الإسلاموفوبيا حول العالم، والضغط على الغرب وإقناعه على سن قانون يحظر هذه التصرفات المسيئة، إغلاقا لباب الاعتداء على الإسلام بالكامل. كما يجب على البلاد الإسلامية قطع العلاقات السياسية مع حكومة السويد والضغط عليها بكل الطرق السياسية والدبلوماسية المتاحة حتى تعتذر، كما أن الشعوب الإسلامية ينبغي لها أداء دورها الفعّال وذلك عن طريق مقاطعة جميع المنتجات السويدية. لأن السويد وأخواتها إذا رأت قوة في رد فعل المسلمين، تحسب لهم ألف حساب، وتقلّ جرأتهم على فعل ما يستفزّهم.
🔹رابعا: يتوقّع من الجالية المسلمة في السويد أن يكون لها ردّ فعل قوي تجاه الحادثة، مع التزامها بالإطار القانوني والأخلاقي والحضاري.
🔹خامسا: مثل هذه الوقائع كما ينبغي أن تزيد المسلمين وعيا ويقظة بالواقع وفخرا واعتزازا بدينهم، كذلك ينبغي أن تشعرهم بالتقصير في التعريف بدينهم وقيمهم، ومن ثم النهوض لتوظيف التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي توظيفا إيجابيا للذبّ عن القرآن والسنة وبيان مكانة القرآن وأخلاق النبي ﷺ بأدب ونصح وحكمة. فما زال الكثير من الناس في عصر العولمة يجهلون عظمة هذا الدين ومكارم أخلاق سيد المرسلين، مما يؤكد على المسلمين وخصوصا العلماء والدعاة الاضطلاع بأعباء هذا الواجب.
والله المستعان.
https://www.tgoop.com/alsayyed_m
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
Telegram
سيد مسعود | sayyedmasoud
مراسلة المشرف
@sayyedmasoud
@sayyedmasoud
الإصدار الجديد من مجلة الصحوة الإسلامية، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران
مجلة الصحوة الإسلامية pinned «الإصدار الجديد من مجلة الصحوة الإسلامية، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران»
استُشهد إسماعيل هنية ولكن الكفاح مستمرّ
✍️ سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي
فاجأنا وفاجأ العالم الإسلاميّ نبأ استشهاد البطل المجاهد الداعية الدكتور إسماعيل هنية، قائد حركة حماس والمجاهدين، إثر عمليّة اغتيال جبانة من قبل الكيان الصهيونيّ المحتلّ، في العاصمة الإيرانيّة طهران، حيث دعي إلى حفل تنصيب الرّئيس الإيرانيّ الجديد، واستغلّ العدوّ الحاقد الفرصة وارتكب الخيانة، ناقضا المواثيق الدوليّة والقيم الأخلاقيّة.
إنّنا إذ ندين هذا العمل الإجراميّ، نبارك للمجاهد الكبير إسماعيل هنية هذه الشهادة التي كانت أسمى أمانيه، وهو الذي قدّم عددا من أولاده وأهل بيته شهداء في سبيل الله، ثم لحق بهم وبركب الشهداء قبله.
ونقول في هذا السياق للعدوّ الغاشم: اعلموا أنّ الكفاح مستمر إلى تحرير المسجد الأقصى والأراضي المقدسة، وأنّ هذه الأعمال الإجراميّة الجبانة لن تفتّ في عضد المجاهدين، ولن تسبّب ضعف همم المجاهدين واستكانتهم، ولن توقف استمرار الجهاد والمقاومة، ولن توهِن عزم المخلصين الباسلين، بل تزيدهم قوة وحماسا، وجرأة وصبرا، وصلابة وإصرارا في مقاومة الاحتلال.
إننا ندعو العالم الإسلامي وأحرار البشرية إلى إدانة جرائم إسرائيل، وتجديد النظر في موافقهم بشأن الكيان الصهيوني. كما نرجو كافة المجاهدين أن يشعروا بخطورة الأوضاع الراهنة ويسعوا لتوحيد صفوفهم والقيام بواجبهم بشأن المستقبل، ونندب المسلمين حكومات وشعوبا إلى الشعور بمسؤولياتهم الدينيّة وقيمهم الأخلاقيّة التي ألزمهم الدين الإسلامي إيّاها تجاه المظلومين وقضيّة المسجد الأقصى، باتّخاذ موقف موحّد مشرّف حاسم، غير خائفين لومة لائم، وغير مبالين سخط القوى الكبرى كأمريكا وحلفائها، مستعينين بالله ومتوكّلين عليه وهو المستعان والقادر والناصر والمعين.
وليعلم المسلمون أنظمة وشعوبا، وعلماء ومثقّفين، ورجالا ونساء، أنّ العالم الإسلامي وقع في محنة غير مسبوقة، فلا يخفى على أحد ما يجرى في أرض فلسطين وقطاع غزة: و«ما يوم حليمة بسِرّ».
فالحرب العمياء التي هي مستمرّة منذ أكثر من ثلاثمائة يوم وقد ذهب ضحيّتها أكثر من أربعين ألف شهيد وآلاف من الجرحى والمصابين من أهل غزّة، ودع عنك التهجير والتشريد، وتقويض البيوت والمساجد والمدارس، وتدمير البُنى التحتيّة والمرافق العامّة وتحويل المدينة بأكملها إلى أنقاض.
ألا يكفي كلّ هذا لإيقاظ أولي الغيرة والمروءة من المسلمين؟ فهل ينتظرون إبادة جماعيّة أكبر مما يجري؟ أو ينتظرون هُدنة مُخزية؟ هبْ أننا وافقنا البعض في أنّ حركة حماس أخطأت في اتخاذ المواقف في البداية؟ ولكن هل هذا سيكون مبرّرا لخذلان إخوتنا المسلمين؟ وهل تشفي صدور الأمّة هزيمة حماس وقتل الأبرياء من الرجال والنساء والولدان؟ أين علماء الأمة الإسلامية؟ أين الأحزاب السياسية والجماعات الدينية؟ متى يصحون؟ ومتى يتحركون؟ ومتى يأتمرون؟ ومتى يُقدمون؟ وإلى متى يستمرّ هذا الصموت الفاضح من الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية؟ ألا يستنصركم المستضعفون، مستصرخين، فأين أسماعنا وأفئدتنا من قول الله عزوجل:" وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر". وإن قلتم بينكم وبين العدوّ الصهيوني مواثيق ومعاهدات، فنقول: وهل راعى العدو هذه المواثيق والأعراف تجاهكم وتجاه المسلمين، ألم ينقض المواثيق الدولية باستخدام الأسلحة الفتّاكة، ألم يخرق القوانين بقتل الأبرياء والأطفال والنساء وقصف المشافي والمرافق العامة؟! ألم يغزُنا في عقر ديارنا، وهل للكيان الصهيوني مبرِّر في خرق سيادة إيران وإطلاق الصاروخ في عاصمتها واغتيال ضيف حضر البلاد خلال رحلة قانونية؟
ولنعم ما قال ربنا عز من قائل: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً}.
إذن علينا أن نستفيق من غفوتنا وغفلتنا، ونميّز العدوّ من الصديق ولا نغمض أعيننا عما يجري حولنا من المؤامرات والدسائس، ولا ننامَ، لأننا لو نِمنا، فلا يُنام عنا. ولنتيقن أن كاتب التاريخ أمسك قلمه ليسطّر عنا وعما نفعله، فسوف يعلّق على سجلّ أعمالنا، والأجيال القادمة أما تثني علينا وتدعو لنا، وإما تلعننا وتتبرأ منا، فلا نكوننّ عبرة للآخرين، بل أسوة ومفخرة لمن بعدنا.
فهل من مدّكر، وهل من معتبر وهل من ناصر لدين الحق؟!
وفي الأخير نعزّي أسرة الشهيد الراحل وجميع المجاهدين والأمّة الإسلاميّة برحيل رجل من رجالها ورمز من رُموزها، ونسأل الله تعالى أن يتغمّد الشهيد الراحل برحمته، ويرضى عنه، ويرفع درجاته، ويَسُدّ الثُّلمة التي الذي حدثت بفقده، وينصر خلفاء الفقيد بالعزم والحزم والتدبير والحكمة، مواصلةً لمسيرته، ويشفي صدور قوم مؤمنين.
سائلين الله تعالى التوفيق والسّداد، مستعيذين به من الخزي والخذلان. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[فاتحة مجلة "الصحوة الإسلامية" العدد (١٨٣-١٨٢)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران]
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
✍️ سماحة الأستاذ المفتي محمد قاسم القاسمي
فاجأنا وفاجأ العالم الإسلاميّ نبأ استشهاد البطل المجاهد الداعية الدكتور إسماعيل هنية، قائد حركة حماس والمجاهدين، إثر عمليّة اغتيال جبانة من قبل الكيان الصهيونيّ المحتلّ، في العاصمة الإيرانيّة طهران، حيث دعي إلى حفل تنصيب الرّئيس الإيرانيّ الجديد، واستغلّ العدوّ الحاقد الفرصة وارتكب الخيانة، ناقضا المواثيق الدوليّة والقيم الأخلاقيّة.
إنّنا إذ ندين هذا العمل الإجراميّ، نبارك للمجاهد الكبير إسماعيل هنية هذه الشهادة التي كانت أسمى أمانيه، وهو الذي قدّم عددا من أولاده وأهل بيته شهداء في سبيل الله، ثم لحق بهم وبركب الشهداء قبله.
ونقول في هذا السياق للعدوّ الغاشم: اعلموا أنّ الكفاح مستمر إلى تحرير المسجد الأقصى والأراضي المقدسة، وأنّ هذه الأعمال الإجراميّة الجبانة لن تفتّ في عضد المجاهدين، ولن تسبّب ضعف همم المجاهدين واستكانتهم، ولن توقف استمرار الجهاد والمقاومة، ولن توهِن عزم المخلصين الباسلين، بل تزيدهم قوة وحماسا، وجرأة وصبرا، وصلابة وإصرارا في مقاومة الاحتلال.
إننا ندعو العالم الإسلامي وأحرار البشرية إلى إدانة جرائم إسرائيل، وتجديد النظر في موافقهم بشأن الكيان الصهيوني. كما نرجو كافة المجاهدين أن يشعروا بخطورة الأوضاع الراهنة ويسعوا لتوحيد صفوفهم والقيام بواجبهم بشأن المستقبل، ونندب المسلمين حكومات وشعوبا إلى الشعور بمسؤولياتهم الدينيّة وقيمهم الأخلاقيّة التي ألزمهم الدين الإسلامي إيّاها تجاه المظلومين وقضيّة المسجد الأقصى، باتّخاذ موقف موحّد مشرّف حاسم، غير خائفين لومة لائم، وغير مبالين سخط القوى الكبرى كأمريكا وحلفائها، مستعينين بالله ومتوكّلين عليه وهو المستعان والقادر والناصر والمعين.
وليعلم المسلمون أنظمة وشعوبا، وعلماء ومثقّفين، ورجالا ونساء، أنّ العالم الإسلامي وقع في محنة غير مسبوقة، فلا يخفى على أحد ما يجرى في أرض فلسطين وقطاع غزة: و«ما يوم حليمة بسِرّ».
فالحرب العمياء التي هي مستمرّة منذ أكثر من ثلاثمائة يوم وقد ذهب ضحيّتها أكثر من أربعين ألف شهيد وآلاف من الجرحى والمصابين من أهل غزّة، ودع عنك التهجير والتشريد، وتقويض البيوت والمساجد والمدارس، وتدمير البُنى التحتيّة والمرافق العامّة وتحويل المدينة بأكملها إلى أنقاض.
ألا يكفي كلّ هذا لإيقاظ أولي الغيرة والمروءة من المسلمين؟ فهل ينتظرون إبادة جماعيّة أكبر مما يجري؟ أو ينتظرون هُدنة مُخزية؟ هبْ أننا وافقنا البعض في أنّ حركة حماس أخطأت في اتخاذ المواقف في البداية؟ ولكن هل هذا سيكون مبرّرا لخذلان إخوتنا المسلمين؟ وهل تشفي صدور الأمّة هزيمة حماس وقتل الأبرياء من الرجال والنساء والولدان؟ أين علماء الأمة الإسلامية؟ أين الأحزاب السياسية والجماعات الدينية؟ متى يصحون؟ ومتى يتحركون؟ ومتى يأتمرون؟ ومتى يُقدمون؟ وإلى متى يستمرّ هذا الصموت الفاضح من الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية؟ ألا يستنصركم المستضعفون، مستصرخين، فأين أسماعنا وأفئدتنا من قول الله عزوجل:" وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر". وإن قلتم بينكم وبين العدوّ الصهيوني مواثيق ومعاهدات، فنقول: وهل راعى العدو هذه المواثيق والأعراف تجاهكم وتجاه المسلمين، ألم ينقض المواثيق الدولية باستخدام الأسلحة الفتّاكة، ألم يخرق القوانين بقتل الأبرياء والأطفال والنساء وقصف المشافي والمرافق العامة؟! ألم يغزُنا في عقر ديارنا، وهل للكيان الصهيوني مبرِّر في خرق سيادة إيران وإطلاق الصاروخ في عاصمتها واغتيال ضيف حضر البلاد خلال رحلة قانونية؟
ولنعم ما قال ربنا عز من قائل: {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً}.
إذن علينا أن نستفيق من غفوتنا وغفلتنا، ونميّز العدوّ من الصديق ولا نغمض أعيننا عما يجري حولنا من المؤامرات والدسائس، ولا ننامَ، لأننا لو نِمنا، فلا يُنام عنا. ولنتيقن أن كاتب التاريخ أمسك قلمه ليسطّر عنا وعما نفعله، فسوف يعلّق على سجلّ أعمالنا، والأجيال القادمة أما تثني علينا وتدعو لنا، وإما تلعننا وتتبرأ منا، فلا نكوننّ عبرة للآخرين، بل أسوة ومفخرة لمن بعدنا.
فهل من مدّكر، وهل من معتبر وهل من ناصر لدين الحق؟!
وفي الأخير نعزّي أسرة الشهيد الراحل وجميع المجاهدين والأمّة الإسلاميّة برحيل رجل من رجالها ورمز من رُموزها، ونسأل الله تعالى أن يتغمّد الشهيد الراحل برحمته، ويرضى عنه، ويرفع درجاته، ويَسُدّ الثُّلمة التي الذي حدثت بفقده، وينصر خلفاء الفقيد بالعزم والحزم والتدبير والحكمة، مواصلةً لمسيرته، ويشفي صدور قوم مؤمنين.
سائلين الله تعالى التوفيق والسّداد، مستعيذين به من الخزي والخذلان. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[فاتحة مجلة "الصحوة الإسلامية" العدد (١٨٣-١٨٢)، الصادرة عن جامعة دار العلوم زاهدان- إيران]
https://www.tgoop.com/alsahvatulislamiya
Telegram
مجلة الصحوة الإسلامية
مجلة إسلامية شهرية تصدر عن جامعة دارالعلوم بمدينة زاهدان |ايران .
أهم مجلة لأهل السنة في إيران باللغة العربية
#مجلة_مستقلة
للتواصل وإرسال مقالاتكم
@mosalman_M89Bot
أهم مجلة لأهل السنة في إيران باللغة العربية
#مجلة_مستقلة
للتواصل وإرسال مقالاتكم
@mosalman_M89Bot