[ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً ]؛ حزيناً؛ وذلك لَمَّا عبدَ قومُه العِجلَ مِن ذَهَبٍ، الذي صنَعه لهم السَّامِري، [ قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ ]؛ بشعرِ رأسِ أخِيه، [ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي ]؛ فنهاهُم هارُون عن عبادَةِ العِجْلِ فلم يَنتهوا، واستضعفُوه، ولم يَسمعُوا مِنه، وكادُوا أن يقتلُوه .. فلم تَكُن لهارُون عليه السلام عليهم نفس قوَّة وهيبَة موسى عليه السلام، ونفس سُلطتِه، [ فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ]الأعراف:150. هارُون عليه السلام هو أخٌ لموسَى عليه السلام من أبوَيه، ومعَ ذلك هارُون لم يخاطِب أخاه موسى بقولِه يا ابنَ أبي .. وإنما قال يا ابنَ أُمِّي؛ استِعطَافاً لأخِيه موسَى، وتَذكيراً له بأن كلاهما قد اجتمَعَا في بطنٍ واحِدٍ؛ وهو ألصقُ مَكانٍ لمعاني الرَّحِم، والترَّاحُمِ، والرِّفقِ .. وكذلك لِمَا كان بينَ موسى وبينَ أمِّه المؤمنة الصَّابرة من مواقف إيمانيَّة عظيمَة؛ عندما ألقَته في اليمِّ ـ بوَحي مِن اللهِ ـ وهو طفلٌ رَضيعٌ؛ لتدفَع عنه القتلَ، وشَرَّ فرعون، وجُنده .. وبما للأمِّ من حقٍّ مغلَّظ ـ أغلظ من حقِّ الأبِ ـ يحملُ الأخَ على أن يرحَم أخَاه، ويَعطُفَ عليه، ولا يَأخذه بالشدَّة والقُسْوةِ .. وأنَّ أمَّه التي ضحَّت وخاطَرت مِن أجلِه بالكثِير، والتي يحبها موسى كثَيراً، لا تَقبلُ، ولَا تَرضَى مِنه هذه الشدَّة بحقِّ أخِيه هارُون .. كلُّ هذه المعَاني الآنفةِ الذِّكر ـ وربما غيرها ممَّا لا نعلَمُه ـ اختزلهَا هارُون عليه السلام بقولِه يا [ ابْنَ أُمَّ ] .. وما إن سمعَ موسى عليه السلام هذه الكلمَات مِن أخِيه هارُون، إلَّا وهَدَأ غضَبُه، وقال معتَذراً، ومُستَسمِحاً، ودَاعياً لنفسِه ولأخِيه هارُون:[ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ]الأعراف:151.
b 36.pdf
951.2 KB
هذا الكتاب " أحكام ومسائل رمضانية "؛ تناولنا فيه جميع الأحكام ذات العلاقة بصيام شهر رمضان .. وهو مترجم إلى الإنكليزية، والفرنسية، والفارسية، فمن أرادها فهي منشورة في الموقع، قسم المؤلفات .. والحمد لله رب العالمين.
[ وَاللَّهُ يَقْضِي ]؛ يحكمُ على الأشيَاءِ، [ بِالْحَقِّ ]؛ فلَا يَصدرُ عنه إلا حقٌّ .. وما يَقولُ اللهُ عنه أنَّه حقٌّ؛ فهو الحقُّ، وما يقولُ عنه أنه باطلٌ فهو الباطلُ .. وما يقولُ عنه أنَّه خيرٌ؛ فهو الخيرُ، ومَا يقولُ عنه أنه شرٌّ؛ فهو الشرُّ .. وما يقولُ عنه أنه حَلالٌ، فهو الحَلالُ .. وما يقولُ عنه أنه حرَامٌ، فهو الحرَامُ، فمردُّ الحُكمِ على الأشياءِ مَدْحاً أو ذَمَّاً إلى اللهِ وحده سُبحانه وتعالى؛ لأنَّه هو الأعلَم، وهو الخالِقُ، وهو الربُّ، وهو الإلهُ، والمعبُودُ بحقٍّ، [ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ]؛ وهم الطواغِيت التي يَعبدونها مِن دُونِ اللهِ، على اختلافِ صورِها، وأجناسِها، ومسمياتِها، [ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ ]غافر:20. ذِي بال .. فقضَاؤهم وحكمهم على الأشياءِ باطلٌ، وضَعيفٌ يَعتريه النَّقصُ، والضعفُ، لا يُلتفَت إليه .. ضرره يَغلبُ نَفعَه .. فليسَ من حقِّهم وخصوصياتِهم أن يحكموا على الأشياءِ مدْحَاً أو ذمَّاً؛ لأنهم مخلُوقُون، ومربوبُون، ومجبُولُون على العَجْزِ، والقُصورِ، والضَّعفِ، والجَهلِ .. فما يقولُون عنه زيناً قد يَكُون شيناً في ميزانِ الله، وما يقولُون عنه شيناً، قد يكون زيناً في ميزانِ اللهِ .. وما يَستحسنونَه اليومَ قد يستقبحُونَه غَداً، وما يَستقبحُونَه غداً، قد يَستحسنونَه في اليومِ التَّالي؛ فهذا متوقعٌ مِنهم؛ لأنهم مخلوقُون، ومجبولُون على الخطأِ والقُصورِ .. قالَ رجلٌ أمامَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ مَدْحي زينٌ، وإنَّ ذمِّي شينٌ، قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:" ذاكَ اللهُ الذي لا إله إلَّا هو ". من أعظمِ الشركِ، والبلاءِ الذي ابتُلي به الناسُ أنَّهم يَردُّون معرفَةَ الحقَّ، والباطلِ .. والخيرِ، والشرِّ .. والقُبحِ، والحسنِ لغيرِ اللهِ .. ويجعلُون هذا الغَير ـ أياً كانت صفته، وكان اسمه ـ حَكماً في معرفَةِ حقيقةِ الأشياءِ، وشريكاً للهِ في الحكمِ على الأشياءِ، وتحديدِ صِفَةِ الأشياءِ .. وهذا الخلافُ في تحديدِ من له الحقُّ في الحكمِ على الأشياءِ مَدحاً أو ذمَّاً .. مِن أكبرِ الأسبابِ في عمليةِ الصِّراعِ والتدافُعِ بين الحقِّ والباطِلِ، بين المؤمنِين والكافرِين عبر التاريِخ كُله، وفي زمانِنَا، وكلِّ زمانٍ، وإلى أن تقومَ السَّاعَةُ!
" ارفع راسك فوق .. أنت سوري حر "؛ يبدو هذا الشعار لا يشمل السوريين المسجونين ظلماً وعدواناً، منذ أكثر من عقدٍ في سجون لبنان، سجن رومية وغيره .. ذنبهم أنهم من أنصار الثورة؟!!
" ارفع راسك فوق .. أنت سوري حر"؛ هذا الشعار حرام على السوريين إلى أن يحرروا آخر أسير سوري مظلوم في سجون لبنان، وغيرها .. وإلى أن يحرروا آخر شبر من أرض سوريا من أيدي الشيوعيين الانفصاليين الإرهابيين قسد ...!
أعرف أن الملفات الاقتصادية والسياسية التي تنشغل بها حكومتنا السورية كثيرة .. وهي هامة .. ولكن لا أعرف ملفاً الانصراف إليه، والاهتمام به، أوجب وأهم من ملف السجناء السوريين المظلومين، ومعهم الشيخ أحمد الأسير، وإخوانه، في سجون لبنان؛ سجن رومية وغيره، الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا من أنصار الثورة السورية .. قال صلى الله عليه وسلم:" فكُّوا العاني "؛ أي الأسير، وقال:" إنَّ على المسلمين من فيئهم أن يُفادوا أسيرهم ". ومن حق المسلم على المسلم أن لا يُسلِمه للظلم، وللظالمين!
[ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ]؛ لِمَن وقعَ في اليَأسِ، والقنُوطِ، [ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ]الحجر:49-50. لمَن وقعَ في الجفَاءِ، والإرْجَاءِ!
[ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ]؛ يومٌ لَكَ، ويومٌ عَليك، يَومٌ تَنالُ مِن عدوِّك، ويومٌ يَنالُ عدوُّك مِنك، يومٌ تَنتصرُ، ويومٌ تُهزَم فيه، يومٌ تَدُولُ، ويَوم تُدَالُ .. هكَذا هو الحَال، وهكذا هي الحيَاة؛ فلا عِزٌّ يَدُوم، ولا مُلْكٌ يَدُوم، يُعِزُّ اللهُ مَن يَشاءُ، ويُذلُّ مَن يشَاءُ، يَرفعُ مُن يَشاءُ، ويخفضُ مَن يَشَاء .. فلَا شِدَّةٌ تَدُومُ، ولَا رَخاءٌ يَدُوم، ولرُبَّما اتَّسَعَ مَضِيقٌ، وضَاقَ واسِع، [ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ ]؛ وهذا مِن البَلاءِ، والتَّمحِيصِ، وليتَحقَّق معنى الاختِبَار في الأرضِ؛ ليُعرَف المؤمنُ الصَّابرُ، الشَّاكِرُ، الذي يَأخذُ بأسبَابِ النَّصرِ والتمكِين، مِن غَيرِه، [ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء ]آل عمران:140. ولكي يَصطَفي مِن عِبَادِه المؤمنِين الشُّهدَاءَ .. ويُرسِلُ إلى النَّارِ حطَبَها، ووقُودَها .. وهذا مِن مُقتَضيَاتِ ولوازِمِ المُدَاولَةِ، والانتِقَالِ مِن حَالٍ إلى حَال!
[ إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً ]؛ مُشركاً، [ فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى ]طه:74. هذه عقُوبَةُ مَن يموتُ على الكُفْرِ والشِّرْكِ .. أمَّا مَن يموتُ مؤمناً، وعلى التَّوحِيدِ؛ مَهمَا كان منه مِن ذَنبٍ أو تَقصيرٍ فإنه يُترَك إلى مشيئةِ اللهِ؛ إن شاءَ عذَّبَه، وإن شاء عَفَا عَنه .. ولو عَذَّبَه لا يخلِّدُه في النَّارِ خلُودَ الكافِرِ المشْرِك.
س: انتشرت بين الناس هذه الصيغة من الدعاء:" الله يحفظكم من البلاء، ومن كل بلاء "؛ فهل هذه الصيغة في الدعاء صحيحة ...؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. ابتداء لا يجوز للمرء أن يسأل الله البلاء، أو أن يستشرف البلاء، ويعرض نفسه للبلاء، ولما ليس له به طاقة؛ فهذه تزكية للنفس على الله .. وتهلكة نُهينا عنها .. لكن إذا نزل به البلاء، عليه أن يصبر، ويحتسب، ولا حرج أن يأخذ بالأسباب الممكنة التي تدفع عنه البلاء، أو تخفف منه .. كما يجوز له أن يسأل الله تعالى أن يرفع عنه البلاء .. وأن يسأله اللطف أو التخفيف في البلاء .. وأن يسأله العفو والعافية .. فهذه المعاني جائزة، يجوز للمرء أن يسألها من ربه سبحانه وتعالى .. أما الصيغة الواردة في السؤال:" الله يحفظكم ـ أو الله يحفظني ـ من البلاء، ومن كل بلاء "؛ فهذه الصيغة أتحفَّظ عليها، لا أستحسنها، بل ولا أرى جوازها، وذلك لمعنيين: أولهما؛ أن هذه الصيغة في الدعاء تتصادم مع الغاية من الوجود والحياة؛ وهي أن الحياة الدنيا ـ شئنا أم أبينا، كما أرادها الله ـ دار اختبار وبلاء، لا يمكن أن تخرج عن هذا المعنى، والتوصيف، كما قال تعالى:[ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ]الملك:2. [ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ]الأنعام:165. [ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ]هود:7. [ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ]محمد:31. والبلاء يكون في الخير والشر؛ كما قال تعالى:[ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ]الأنبياء:35. فمن نشد حياة بلا بلاء، تخلو من البلاء، ومن دون بلاء .. عليه أن ينشد الحياة في كوكب آخر غير كوكب الأرض .. وأن ينشد حياةً لا موت فيها. ثانيهما، أن البلاء أمر حتمي للمؤمن، لا مفر، ولا خلاص منه، لا بد من أن يصيبه شيء من البلاء .. فمن يطلب أن لا يبتلى قط؛ كمن يطلب أن لا يكون مؤمناً .. قال تعالى:[ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ]البقرة:155. وقوله:[ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ ]؛ هذا الشيء؛ يزيد حيناً، وينقص حيناً، وفق مشيئة الله تعالى .. وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه .. ". وعن أبي سعيد الخدري قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حرَّهُ بين يدي فوق اللحاف. فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك! قال إنَّا كذلك يُضَعَّفُ لنا البلاء ويُضعَّف لنا الأجر ". قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء "، قلت يا رسول الله ثم من؟ قال:" ثم الصالحون؛ إنْ كان أحدُهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء ". وفي رواية:" أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم العُلماء، ثم الصالحون ". وقال صلى الله عليه وسلم:" إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخَطُ ". وسئل رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم؛ فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه ". وفي الحديث القدسي:" يقول الله تعالى ــ لنبيّه عليه الصلاة والسلام ــ: إني مبتليكَ، ومُبتلٍ بك "مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الرجلَ ليكونُ عند الله المنزلةُ، فما يبلُغها بعملٍ، فما يزالُ يبتليه بما يكرهُ حتى يُبلِغَهُ إيَّاها ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أعرابيٌّ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" هل أخذتكَ أم مِلْدَم ــ يعني الحمّى ــ؟" قال: وما أم مِلدم؟ قال:" حرٌّ بين الجلد واللحم "، قال: لا، قال:" فهل صُدِعت؟"، قال: وما الصداع؟ قال:" ريح تعترض الرأس، تضربُ العروقَ "، قال: لا، قال: فلما قام، قال:" من سرَّه أن ينظر إلى رجلٍ من أهلِ النار " أي فلينظره. وغيرها كثير من النصوص التي تفيد أن المؤمن لا بد من أن يطاله نصيبه المكتوب من البلاء .. وأن البلاء سنة من سنن الله في خلقه ماضية لا يمكن ردها أو إبطالها إلا في موضع واحد فقط؛ وهو الجنَّة، جعلني الله وإياكم من أهل الجنَّة.
الجواب: الحمد لله رب العالمين. ابتداء لا يجوز للمرء أن يسأل الله البلاء، أو أن يستشرف البلاء، ويعرض نفسه للبلاء، ولما ليس له به طاقة؛ فهذه تزكية للنفس على الله .. وتهلكة نُهينا عنها .. لكن إذا نزل به البلاء، عليه أن يصبر، ويحتسب، ولا حرج أن يأخذ بالأسباب الممكنة التي تدفع عنه البلاء، أو تخفف منه .. كما يجوز له أن يسأل الله تعالى أن يرفع عنه البلاء .. وأن يسأله اللطف أو التخفيف في البلاء .. وأن يسأله العفو والعافية .. فهذه المعاني جائزة، يجوز للمرء أن يسألها من ربه سبحانه وتعالى .. أما الصيغة الواردة في السؤال:" الله يحفظكم ـ أو الله يحفظني ـ من البلاء، ومن كل بلاء "؛ فهذه الصيغة أتحفَّظ عليها، لا أستحسنها، بل ولا أرى جوازها، وذلك لمعنيين: أولهما؛ أن هذه الصيغة في الدعاء تتصادم مع الغاية من الوجود والحياة؛ وهي أن الحياة الدنيا ـ شئنا أم أبينا، كما أرادها الله ـ دار اختبار وبلاء، لا يمكن أن تخرج عن هذا المعنى، والتوصيف، كما قال تعالى:[ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ]الملك:2. [ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ]الأنعام:165. [ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ]هود:7. [ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ]محمد:31. والبلاء يكون في الخير والشر؛ كما قال تعالى:[ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ]الأنبياء:35. فمن نشد حياة بلا بلاء، تخلو من البلاء، ومن دون بلاء .. عليه أن ينشد الحياة في كوكب آخر غير كوكب الأرض .. وأن ينشد حياةً لا موت فيها. ثانيهما، أن البلاء أمر حتمي للمؤمن، لا مفر، ولا خلاص منه، لا بد من أن يصيبه شيء من البلاء .. فمن يطلب أن لا يبتلى قط؛ كمن يطلب أن لا يكون مؤمناً .. قال تعالى:[ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ]البقرة:155. وقوله:[ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ ]؛ هذا الشيء؛ يزيد حيناً، وينقص حيناً، وفق مشيئة الله تعالى .. وفي الحديث عن سعد بن أبي وقاص، قال: قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل، يُبتلى العبد على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه .. ". وعن أبي سعيد الخدري قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه فوجدت حرَّهُ بين يدي فوق اللحاف. فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك! قال إنَّا كذلك يُضَعَّفُ لنا البلاء ويُضعَّف لنا الأجر ". قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء "، قلت يا رسول الله ثم من؟ قال:" ثم الصالحون؛ إنْ كان أحدُهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يحويها وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء ". وفي رواية:" أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم العُلماء، ثم الصالحون ". وقال صلى الله عليه وسلم:" إن عِظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السَّخَطُ ". وسئل رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال:" الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم؛ فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه ". وفي الحديث القدسي:" يقول الله تعالى ــ لنبيّه عليه الصلاة والسلام ــ: إني مبتليكَ، ومُبتلٍ بك "مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم:" إن الرجلَ ليكونُ عند الله المنزلةُ، فما يبلُغها بعملٍ، فما يزالُ يبتليه بما يكرهُ حتى يُبلِغَهُ إيَّاها ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أعرابيٌّ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:" هل أخذتكَ أم مِلْدَم ــ يعني الحمّى ــ؟" قال: وما أم مِلدم؟ قال:" حرٌّ بين الجلد واللحم "، قال: لا، قال:" فهل صُدِعت؟"، قال: وما الصداع؟ قال:" ريح تعترض الرأس، تضربُ العروقَ "، قال: لا، قال: فلما قام، قال:" من سرَّه أن ينظر إلى رجلٍ من أهلِ النار " أي فلينظره. وغيرها كثير من النصوص التي تفيد أن المؤمن لا بد من أن يطاله نصيبه المكتوب من البلاء .. وأن البلاء سنة من سنن الله في خلقه ماضية لا يمكن ردها أو إبطالها إلا في موضع واحد فقط؛ وهو الجنَّة، جعلني الله وإياكم من أهل الجنَّة.
[ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ]هود:43. هذا المشهَدُ قد لا يَتكرَّرُ بعينِه .. لكن قَد يتَكرَّر مَا يُشابهه ويُماثِلُه مِئات وآلاف المرَّات، في أزمنَةٍ، وأمكنَةٍ مختلفَةٍ .. كم هُم هؤلاء الذين تَغرُّهم الأسبَابُ؛ قد تَكُونُ حصُوناً، وقصُوراً، وخنَادِقَ، وأنفَاقاً، وجُدُراً مُرتفِعَةً، أو مناصِبَ، ومراكِزَ حكُومِيَّة، وغَيرِها من الوسَائلِ الواقِيَةِ .. ويَظنُّون أنها تمنَعَهُم مِن قَدَرِ اللهِ، وحكمِ اللهِ إذا ما نزَلَ بِهم .. فيَأتيهم اللهُ من حيثُ لم يحتَسِبُوا، ويخيبُ فألُهم، وظَنُّهم .. وتخيبُ معَهم أسبَابُهم ووسائلُهم التي اعتَصَمُوا بها، وظنُّوا أنَّها مانِعَتهم من أمرِ اللهِ؟!
[ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ]الروم:33. هذا الفَريقُ من الناس، عجيبٌ في أطوارِه، وأخلاقِه؛ يَعرفُون اللهَ في الشدَّة وحَسب؛ فإذا نزلَ بهم بلاءُ شدَّةٍ، نسُوا ما كانُوا يَعبدُون مِن دُونِ اللهِ، وعادُوا إلى اللهِ؛ يتَضرَّعُون إليه بالدُّعاء؛ ليكشفَ عنهم الضرَّ، والبلاءَ، فإذا كشفَ اللهُ عنهم البلاءَ، واستبدلَ ضرَّاءهم بالسَّرَّاءِ، والخيرِ .. نَسوا ما كانُوا يَدعُون به، وعادُوا مِن جَديدِ إلى الشركِ، ودُعاءِ غيرِ اللهِ .. وعادُوا إلى الفسُوقِ، والعصيانِ .. وهذا الفريقُ الجحُود مِن الناسِ يتَكررُ في كثيرٍ من الأزمنَةِ والأمكنَةِ .. نماذجُه كثيرةٌ ومُشَاهَدَة .. لَا يَقتصرُ على زَمن دُونَ زَمَن!
محور المقاومة يبكي على بشار الأسد، ويعتبر سقوط نظامه خسارة كبيرة للمقاومة، ولمحور المقاومة .. ونتنياهو، ومن خلفه الصهاينة اليهود؛ يبكون على بشار الأسد، ويعتبرون سقوط نظامه خسارة كبيرة لإسرائيل .. لأن بشار الأسد كان يحقق للطرفين معاً مطلباً هاماً؛ وهو إذلال، وقهر، وتفقير المواطن السوري، وتغييبه عن الساحة، والمشاركة، ودائرة التأثير!
[ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ]النحل:106. مَن اتَّسَعَ صَدْرُه للكُفْرِ، واطمَأَنَّ إليه، ورَضِي به، وانعَقَدَ عليه قَلبُه .. يَكفُر، ويخرُج مِن دَائرَةِ الإسلامِ، وإن لم يَفعَلْهُ، ولم يُشارِكْ في فِعْلِه .. ولا يُعذَرُ بالإكراهِ؛ لأنَّ الإكراهَ سُلطانُه على الجوارِحِ الظَّاهِرَة، وليسَ له سُلطَانٌ على القَلبِ .. وهذا يَستدعي الحذَر والانتبَاه من أن يُحسِّنَ أحدُنا الكُفرَ، ويَرضَى به، ويُجادِلَ عَنه، وهو جالِسٌ على أرِيكَتِه .. ثم يحسَبُ أن ذلك لا يَضرُّه، ولَا يَضرُّ إيمانَه!
نُسَر لكلِّ حل يوفر على السوريين دماءهم، ويضع أوزار الحرب فيما بينهم، ليتفرغوا لخدمة وبناء بلدهم .. وإني لأرجو أن يكون الحل مع قسَد، وأخواتها من هذا القبيل .. وأن لا تبقى قسَد تعمل لصالح دول غربية وأجنبية .. وأن لا تكون لهذه الدول ـ في المستقبل! ـ بمثابة مسمار جُحا في الجسد السوري، يُمَكِّنهم من التدخل بالشأن السوري، وزعزعة الأوضاع في سوريا، وقتما وكيفما شاؤوا، وتكون حجتهم في التدخل مسمار جُحا، وحماية مسمار جُحا؛ والذي هو قَسَد ...؟!!
أول قانون يجب أن يُسَن في سوريا الجديدة: تجريم وملاحقة ومُساءلة كل من يتعرَّض للذاتِ الإلهية، وللأنبياء والرسل، وبخاصَّة سيد الخلق، وخاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم بالشتم، والانتقاص .. لا بارك الله في دولة يُشتَم فيها الله، ويشتم فيها أنبياؤه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ثم هي لا تُنكرُ، ولا تُحرِّكُ ساكناً!!
[ هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي . كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً . وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ]طه :30-34. المرءُ العَاقِلُ يحرصُ أن يتخذَ لنفسِه أخَاً ـ سواء كان من أبوَيه أم أخٌ له في الإيمانِ ـ ليتقوَّى به على الإيمانِ، وطاعَةِ اللهِ، ونصرَةِ الحقِّ .. وعلى التَّسْبِيحِ والذِّكْرِ على المستَوى الشَّخصِي، وعلى المستَوى العَام .. وأجَلُّ الذِّكْرِ وأعلاهُ تَوحيدُ اللهِ تعالى، وعبادَتُه في جميعِ ميَادِين الحيَاةِ .. وحتَّى يَكونَ التَّسبيحُ والذِّكْرُ كَثيراً، يَنبغي أن يكونَ الذِّكرُ ثقافةً، ومِنهاجَ حيَاةٍ، وفي كلِّ مكانٍ؛ في البيتِ، وفي العمَلِ، وفي المتجَرِ، والمصنَعِ، وفي المسْجِدِ، والمدَارسِ، والجامِعَاتِ، وفي السُّوقِ .. وعند التَّأمُّلِ، والتدبُّرِ، والتَّفكرِ .. وفي جميعِ مؤسَّسَات الحكْمِ، والدولةِ .. وعند كلِّ حركةٍ من حركاتِ الإنسانِ تَراهُ يَذكرُ اللهَ؛ فيرجعُ إليه، وإلى شَرعِه؛ ليلتَمِس حكمَهُ، ورِضَاه فيمَا يَعملُ أو يقُول، فتَشيعُ بين الناسِ، وفي المجتمعَاتِ، والمجالِسِ، ثقافَةُ وقيمُ التَّسبِيح، والذِّكْرِ .. وتَلهجُ القُلوبُ، والألسنُ بالذِّكرِ، والتَّسْبيحِ .. حينئذٍ يتحقَّقُ معنى:[ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً . وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً ].
[ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ]؛ يَتَّبع غيرَ فهمِ ونَهجِ ما أجمَعَ عليه المؤمنُون؛ وبخاصَّة المؤمنِين الأوائِل؛ في القُرُون الثَّلاثَةِ الأُولى مِن بعثَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والمشْهُود لها بالخيريَّةِ والفَضْلِ، [ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً ]النساء:115. والآيةُ فيها دَليلٌ على حجيَّةِ الإجمَاعِ، وعلى كُفرِ مَن يخالِفُ الإجمَاعَ المُحَقَّق.
[ لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً ]النور:63. وَجهٌ آخَر صحيحٌ ومُعتبر لمعنى " الدُّعاء "؛ وهو أن دُعاءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ليسَ كدُعاءِ غَيرِه، فدُعَاؤهُ مُستَجابٌ لَا يُرَد، ليسَ بينَه وبينَ اللهِ حجَابٌ .. فاحذَرُوا أن تَعصُوه، وتخالِفُوا أمرَه، وسُنَّتَه، فيَطالكُم دُعاؤه عَليكم، ويُصيبكُم مُقتضَى الدُّعاء .. واللهُ تعالى يحذِّر المسلمين من الاستخفافَ بدعاءِ النبي صلى الله عليه وسلم أو التَّهاون به .. والسؤالُ الذي يَطرحُ نفسَه: هل هذا المعنى مُقتصِرٌ على حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعلى مَن كان يَعيشُ في زمانِه من المسلِمين .. أم أنه يَشمل المسلمين في زمانِه، وفي كلِّ زَمانٍ، وإلى قيامِ الساعَةِ .. وكَيف؟؟ والجواب عن هذا السؤالِ: أن دُعاءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَطالُ ويشملُ مَن كان يعيشُ في زمانِه، وفي كلِّ زمَانٍ، وإلى قيامِ السَّاعةِ .. فالقُرآن الكريم لم يتنزَّل لزمَنٍ دُونَ زَمَن .. وصِفَةُ ذلك أن هناك أعمَالاً محرَّمَة قد حرَّمَها اللهُ، وحرَّمها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .. وقد ثبتَ في السنَّةِ الصَّحيحَةِ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد دَعا على من يَرتكبها، ويَقع فيها، أو يُعِين عليها .. وهي كثيرة جداً لو أردنا الإحصَاء .. وبالتَّالي مَن يتجرَّأ على تلكِ الأعمالِ والمعَاصِي ـ في أيِّ زمانٍ كان يعيشُ ـ عليه أن يحذَر أن يصيبَه دُعاءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، الثَّابت في سُنَّتِه، والبَاقي إلى يومِ القِيَامَة .. فالذنبُ الذي دعَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على مُقتَرِفه، أشدّ وزراً من الذَّنبِ، أو المعصيةِ المجرَّدَةِ التي لم يخصٌّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مُقترفَها بالدَّعاءِ عليه .. ودُعاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعد موتِه، كدُعَائِه في حيَاتِه .. فالحذَر، الحذَر!
الوظائف الحكومية في سوريا الجديدة، وما بعد انتصار الثورة، ينبغي أن تخضع للمعايير الثلاثة التالية: أولاً، الكفاءة. ثانياً، الصفة الثورية للموظف؛ فمن شارك في الثورة، وقدَّم وضحَّى، يُقدَّم على من لم تكن له أية تضحية أو مشاركة .. فإذا تساوى اثنان في الكفاءة، قُدِّم أكثرهما تضحية ومشاركة في الثورة. ثالثاً: مدى حسن السيرة الذاتية، وخلوها من سوابق التشبيح والإجرام .. فإن العمل بهذه المعايير يحقق العدل، ويساعد على السلم الأهلي، ويضمن العدالة الانتقالية.