رأينا في هذه الحرب كثرة الساقطين، لكن ما زال هناك كثير من الشامخين.
نعاني من قبل السابع قلة الدعاة القائلين بالقول السديد، وضعف علم أكثر المتصدرين، لكن حبانا الله بثلة من أهل الفضل في كل محافظة نتعلم منهم، ونستمع إليهم، ونلقي استشكالاتنا بين يديهم.
مذ بدأت الزلزلة فقد ضوؤهم وغاب صوتهم، ومنهم من يُعذر لحاله، ومنهم -وهم كثر- من تركوا واجبهم يأسا أو إيثارا لراحة بالهم.
في هذه الشدة، ومن بين يأسنا، وكثرة أسئلتنا في مواضيع شتى، وتعطشنا لأهل القول السديد، والرأي الحكيم، بقي الشيخ : «نائل مصران» محافظا على ثغره، ثابتا من موقفه، لا ينثني عن نهجه.
واليوم يؤكدون خبر استشهاده، ووالله لتعجز الكلمات عن رثائه، والتكلم في طريق صدقه، رحم الله روحه الطاهرة، وطيب ثراه، وألحقنا به وهو راض عنا.
نعاني من قبل السابع قلة الدعاة القائلين بالقول السديد، وضعف علم أكثر المتصدرين، لكن حبانا الله بثلة من أهل الفضل في كل محافظة نتعلم منهم، ونستمع إليهم، ونلقي استشكالاتنا بين يديهم.
مذ بدأت الزلزلة فقد ضوؤهم وغاب صوتهم، ومنهم من يُعذر لحاله، ومنهم -وهم كثر- من تركوا واجبهم يأسا أو إيثارا لراحة بالهم.
في هذه الشدة، ومن بين يأسنا، وكثرة أسئلتنا في مواضيع شتى، وتعطشنا لأهل القول السديد، والرأي الحكيم، بقي الشيخ : «نائل مصران» محافظا على ثغره، ثابتا من موقفه، لا ينثني عن نهجه.
واليوم يؤكدون خبر استشهاده، ووالله لتعجز الكلمات عن رثائه، والتكلم في طريق صدقه، رحم الله روحه الطاهرة، وطيب ثراه، وألحقنا به وهو راض عنا.
وضع الشيخ محمد الأسطل قرابة عشر محاضرات يستحسن سماعها لطالب الفقه في المرحلة الأولى والثانية، وقد شاهدت بعضها فوجدت فيها من النفع ما وجدت، وهذا رابط المحاضرات:
https://youtube.com/playlist?list=PLypbuZ07eyKfqS1IF_reQdvFvCH5fjRqq&si=fr5_mlpgJvfalaqn
https://youtube.com/playlist?list=PLypbuZ07eyKfqS1IF_reQdvFvCH5fjRqq&si=fr5_mlpgJvfalaqn
YouTube
محاضرات منهجية فقهية
هذه محاضرات منهجية فقهية أوصى بسماعها الشيخ محمد الأسطل في كتاب معارج العلوم (صـ٥٦٥-٥٦٦) للمتفقه خلال انشغاله بالمرحلة الأولى والثانية، وهي مساعدة له في التق...
تيسر لي -بفضل الله- أن ألخص محاضرة مفاتيح علم الفقه، للشيخ عبد السلام الشويعر -وفقه الله-، وهي عظيمة النفع، مليئة بالمنهجيات، وهذا رابطها، ويليه تلخيصها:
https://youtu.be/75mEAVuDGMI?si=3QAQlwiNl2Pkspse
https://youtu.be/75mEAVuDGMI?si=3QAQlwiNl2Pkspse
YouTube
محاضرة (مفاتيح علم الفقه) للشِّيخ د. عبدالسلام الشويعر
📍 اشترك في القناة وفعل جرس التنبيهات 🔔 ليصلك كل جديد _https://www.youtube.com/channel/UCKsLY1z0nAXS81p_cmYL00g
🎐 للمزيد من محاضرات فضيلة الشيخ :
https://www.youtube.com/playlist?list=PLl9thoP_s9vVUmEXwTwi0K90RzCtebhVm
🎐 للمزيد من محاضرات فضيلة الشيخ :
https://www.youtube.com/playlist?list=PLl9thoP_s9vVUmEXwTwi0K90RzCtebhVm
مفاتيح علم الفقه||
📌مقدمة:
🔺١. بيان فضل هذا العلم العظيم:
🔖 من اتصف به وكان حريصا على اكتسابه فإنه يكون من خير الناس على الإطلاق:
- صح عن النبي ﷺ أن قال: «من يرد الله به خيرا يفَقهه في الدين».
- وقال ﷺ: «خيراكم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا».
📍قالوا إن الفقه من أعظم العلوم:
- لأن المرء يحتاجه في سفره وإقامته وفي نومه ويقظته..
- يُسأل أكثر مما يسأل غيرُه من أصحاب العلوم الشرعية الأخرى مما يدل أن حاجة الناس لهذا العلم كثيرة.
- يؤجر على تعلمه، و تعليمه، والتفكير فيه والاجتهاد في مسائله،
-يؤجر على عمله بهذا الفقه، قال تعالى: { ليبلوكم أيكم أحسن عملا }، قال الفضيل: «أحسن العمل أخلصه وأصوبه».
🔺٢. ما هو الفقه الحقيقي؟
- صح عن النبي ﷺ أنه قال: «إنما العلم الخشية»، فالعلم الحقيقي الصحيح إنما هو الذي يورث الخشية وإلا فوبال على صاحبه.
🔖ويكُتَسبُ العلم الحقيقي بسُبُل منها:
١. أن يحرص طالب العلم على تفقد قلبه دوما هل أخلص قلبه لله عز وجل أم لا..
٢. أن يحرص على التواضع فيه، فمن لم يتواضع في تحصيله لن يناله.
• لطيفة| المرء إذا تعب في تحصيل العلم بقي في قلبه، وأثر في نفسه، ونفعه الله به، وأما من أتاه العلم وهو متكؤ على وسادته يتكلم في كلام الله فذاك غير موفق.
٣. أن يكون طالب العلم -والفقه بالخصوص- مكثرا من سؤال الله له الهداية، والالتجاء إليه بسؤال الفقه، والسداد فيه.
- جاء في قول الله -سبحانه- أن عباده الصالحين كانوا يقولون { واجعلنا للمتقين إماما }، وأعظم الإمامة في الدين الإمامة في العلم.
٤. الفقه في الحقيقة هو الذي يزيد صاحبه زيادة في العبادة، وكثرة في تطبيق السنة.
٥. الفقه الحقيقي يكون له أثر في الترجيح، وهو: الخشية في الترجيح، فيتورع فيه، ويتهيب في الفتوى.
• لطيفة| العلم يورِثُ لا أعلم!
• يقول أهل العلم: الخلاف إذا علمه العالم أثر في ترجيحه وتوقَّفَ في المسألة، وهذا الخلاف إذا علمه الجاهل استطال على الحلال والحرام!
٦. الفقيه على الحقيقة هو الذي يخشى الله عز وجل، ويخشى أن يقع في المشتبه ناهيك أن يقع في الحرام.
٧. أن يحرص على تبليغ العلم، ويبذل كل ما يستطيع في ذلك، فلا يكون ضنينًا بعلمٍ ولا بخيلا به.
٨. أن يفرح بتعلم الناس العلم وإن لم ينسب إليه.
📌كيف يتحقق العلم بالفقه:
- لا يُورَث العلم بالفقه ميراثا، ولا يولد المرء فقيها، وإنما يتحصل بالبذل والكسب، وقد قال النبي ﷺ: «إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه».
- لا بد أن تسترخص وقتك في تحصيل العلم قراءة وحفظا وفهما ومجالسة لأهله..
ـ الناس في الفقه ليسوا سواء بل درجات ومنازل مختلفة، فهم بين مقل ومتوسط ومرتفع.
🔺الفقه نوعان:
📍١. فقه بالفعل: وهو أن يكون المرء في نفسه فقيها، فإذا سُأل عن مسألة أجاب من غير أن يرجع لكتاب.
🔖وهناك طرق لذلك لا بد منها:
١. أن يحرص المرء على حفظ الأصول الشرعية (كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ)
• يجب على المرء أن يعنى بكتاب الله:
أ. فيكون له ورد من قراءته.
ب. ويحرص على حفظه.
ج. وأن يتعلم تفسيره، ويتعلم الاستدلال منه، فمن العجب أن يُسأل المرء عن مسألة فيفتي بقاعدة أو بقول فقيه أو بقول ناظم وينسى الاستدلال بقول الله عز وجل.
• أن يُعنى بالسنة، والمقصود أحاديث الأحكام بالخصوص حفظا وفهما.
٢. حفظ المتون أو استظهارها، وإلا فلا يكون فقيها، قال التستري:
وبعدُ فالفقه عظيم المنزلة ** قد اصطفى الله خيار الخلق له
لكنه -بل كل علم يوضع- ** بدون حفظ لفظه لا ينفع
٣. لا بد من كمال الآلة، فيكون متضلعا بلغة الفقه ومطلعا على مسائله، وملتحما وممتزجا به.
- ألح الله أن يفتح لك هذا الباب، فهذا منه وحده.
٤. أن يُعنى بأخذ الفقه من أهله، ويكون هذا بملازمة أحد من أهل العلم، وللأخذ عن أهل العلم شروط:
أ. يؤخذ العلم عن من عرف به.
ب. لا بد أن يكون كبيرا في سنه، وروي عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تزال هذه الأمة بخير ما أخذوا العلم عن الأكابر»، أي: أكابر السن، والمعروفون بالعلم.
٥. أن يحرص على معرفة الفروع؛ فإنه لا فقه إلا بمعرفة فروع كثيرة.
٦. لا بد أن يكون عارفا بعلم الخلاف مضطلعا به، وهذه تكون بعد معرفة الفروع.
🔖والمعرفة لعلم الخلاف نوعان:
١. معرفة الخلاف النازل: أن يعرف الخلاف في مذهبه..
• اطلاع المرء على كل الخلاف من المحالات ولا شك، لكن من المهم في معرفة الخلاف:
- أن يعرف المذهب، فيأخذ كتابا معتمدا في المذهب
- ويعرف الرواية الثانية: كراوية الشيخ تقي الدين، وتلميذه، وأئمة الدعوة.
٢. معرفة الخلاف العالي: وهو درجات، أدناها معرفة الخلاف في المذاهب الأربعة، ثم المذاهب المتبوعة، وأقوال الصحابة.
• فوائد معرفة الخلاف:
١. معرفة المأخذ، أي أصل المسألة، فلا يمكن أن يعرف سبب الخلاف والمأخذ فيه إلا أن يعرف الخلاف.
٢. توسع المدارك، وتوسع باب الاجتهاد إن كان من أهله.
٣. تجعل المرء يفهم المسألة
٧. أن يكثر من إدامة النظر في كلام الفقهاء.
- لطيفة| إذا التذ المرء بالفقه فهو الفقيه.
📌مقدمة:
🔺١. بيان فضل هذا العلم العظيم:
🔖 من اتصف به وكان حريصا على اكتسابه فإنه يكون من خير الناس على الإطلاق:
- صح عن النبي ﷺ أن قال: «من يرد الله به خيرا يفَقهه في الدين».
- وقال ﷺ: «خيراكم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا».
📍قالوا إن الفقه من أعظم العلوم:
- لأن المرء يحتاجه في سفره وإقامته وفي نومه ويقظته..
- يُسأل أكثر مما يسأل غيرُه من أصحاب العلوم الشرعية الأخرى مما يدل أن حاجة الناس لهذا العلم كثيرة.
- يؤجر على تعلمه، و تعليمه، والتفكير فيه والاجتهاد في مسائله،
-يؤجر على عمله بهذا الفقه، قال تعالى: { ليبلوكم أيكم أحسن عملا }، قال الفضيل: «أحسن العمل أخلصه وأصوبه».
🔺٢. ما هو الفقه الحقيقي؟
- صح عن النبي ﷺ أنه قال: «إنما العلم الخشية»، فالعلم الحقيقي الصحيح إنما هو الذي يورث الخشية وإلا فوبال على صاحبه.
🔖ويكُتَسبُ العلم الحقيقي بسُبُل منها:
١. أن يحرص طالب العلم على تفقد قلبه دوما هل أخلص قلبه لله عز وجل أم لا..
٢. أن يحرص على التواضع فيه، فمن لم يتواضع في تحصيله لن يناله.
• لطيفة| المرء إذا تعب في تحصيل العلم بقي في قلبه، وأثر في نفسه، ونفعه الله به، وأما من أتاه العلم وهو متكؤ على وسادته يتكلم في كلام الله فذاك غير موفق.
٣. أن يكون طالب العلم -والفقه بالخصوص- مكثرا من سؤال الله له الهداية، والالتجاء إليه بسؤال الفقه، والسداد فيه.
- جاء في قول الله -سبحانه- أن عباده الصالحين كانوا يقولون { واجعلنا للمتقين إماما }، وأعظم الإمامة في الدين الإمامة في العلم.
٤. الفقه في الحقيقة هو الذي يزيد صاحبه زيادة في العبادة، وكثرة في تطبيق السنة.
٥. الفقه الحقيقي يكون له أثر في الترجيح، وهو: الخشية في الترجيح، فيتورع فيه، ويتهيب في الفتوى.
• لطيفة| العلم يورِثُ لا أعلم!
• يقول أهل العلم: الخلاف إذا علمه العالم أثر في ترجيحه وتوقَّفَ في المسألة، وهذا الخلاف إذا علمه الجاهل استطال على الحلال والحرام!
٦. الفقيه على الحقيقة هو الذي يخشى الله عز وجل، ويخشى أن يقع في المشتبه ناهيك أن يقع في الحرام.
٧. أن يحرص على تبليغ العلم، ويبذل كل ما يستطيع في ذلك، فلا يكون ضنينًا بعلمٍ ولا بخيلا به.
٨. أن يفرح بتعلم الناس العلم وإن لم ينسب إليه.
📌كيف يتحقق العلم بالفقه:
- لا يُورَث العلم بالفقه ميراثا، ولا يولد المرء فقيها، وإنما يتحصل بالبذل والكسب، وقد قال النبي ﷺ: «إنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه».
- لا بد أن تسترخص وقتك في تحصيل العلم قراءة وحفظا وفهما ومجالسة لأهله..
ـ الناس في الفقه ليسوا سواء بل درجات ومنازل مختلفة، فهم بين مقل ومتوسط ومرتفع.
🔺الفقه نوعان:
📍١. فقه بالفعل: وهو أن يكون المرء في نفسه فقيها، فإذا سُأل عن مسألة أجاب من غير أن يرجع لكتاب.
🔖وهناك طرق لذلك لا بد منها:
١. أن يحرص المرء على حفظ الأصول الشرعية (كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ)
• يجب على المرء أن يعنى بكتاب الله:
أ. فيكون له ورد من قراءته.
ب. ويحرص على حفظه.
ج. وأن يتعلم تفسيره، ويتعلم الاستدلال منه، فمن العجب أن يُسأل المرء عن مسألة فيفتي بقاعدة أو بقول فقيه أو بقول ناظم وينسى الاستدلال بقول الله عز وجل.
• أن يُعنى بالسنة، والمقصود أحاديث الأحكام بالخصوص حفظا وفهما.
٢. حفظ المتون أو استظهارها، وإلا فلا يكون فقيها، قال التستري:
وبعدُ فالفقه عظيم المنزلة ** قد اصطفى الله خيار الخلق له
لكنه -بل كل علم يوضع- ** بدون حفظ لفظه لا ينفع
٣. لا بد من كمال الآلة، فيكون متضلعا بلغة الفقه ومطلعا على مسائله، وملتحما وممتزجا به.
- ألح الله أن يفتح لك هذا الباب، فهذا منه وحده.
٤. أن يُعنى بأخذ الفقه من أهله، ويكون هذا بملازمة أحد من أهل العلم، وللأخذ عن أهل العلم شروط:
أ. يؤخذ العلم عن من عرف به.
ب. لا بد أن يكون كبيرا في سنه، وروي عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تزال هذه الأمة بخير ما أخذوا العلم عن الأكابر»، أي: أكابر السن، والمعروفون بالعلم.
٥. أن يحرص على معرفة الفروع؛ فإنه لا فقه إلا بمعرفة فروع كثيرة.
٦. لا بد أن يكون عارفا بعلم الخلاف مضطلعا به، وهذه تكون بعد معرفة الفروع.
🔖والمعرفة لعلم الخلاف نوعان:
١. معرفة الخلاف النازل: أن يعرف الخلاف في مذهبه..
• اطلاع المرء على كل الخلاف من المحالات ولا شك، لكن من المهم في معرفة الخلاف:
- أن يعرف المذهب، فيأخذ كتابا معتمدا في المذهب
- ويعرف الرواية الثانية: كراوية الشيخ تقي الدين، وتلميذه، وأئمة الدعوة.
٢. معرفة الخلاف العالي: وهو درجات، أدناها معرفة الخلاف في المذاهب الأربعة، ثم المذاهب المتبوعة، وأقوال الصحابة.
• فوائد معرفة الخلاف:
١. معرفة المأخذ، أي أصل المسألة، فلا يمكن أن يعرف سبب الخلاف والمأخذ فيه إلا أن يعرف الخلاف.
٢. توسع المدارك، وتوسع باب الاجتهاد إن كان من أهله.
٣. تجعل المرء يفهم المسألة
٧. أن يكثر من إدامة النظر في كلام الفقهاء.
- لطيفة| إذا التذ المرء بالفقه فهو الفقيه.
📍٢. فقه بالقوة: أي بالبذل، وهذا يكون ببحثه ونظره بالكتب وما في حكمها.
🔖 لتنمية الفقه بالقوة:
١. لا بد من أن يعرف مصطلحات الفقهاء.
المصطلحات الأساسية ثلاثة أنواع:
أ. مصطلحات الأحكام الشرعية، وهي التي بني عليها ثلث علم الفقه.
ب. مصطلحات الأبواب، (باب الضمان عند الشافعية كفالة، عند الحنابلة ضمان).
ج. مصطلحات الألفاظ في الكلام، وهي على أنواع:
- كمعرفة حكاية الخلاف، كالفرق بين تعبيرهم بالصحيح، والأظهر، والأصح، (عند الشافعي القول: وهو ما كان منسوبا للشافعي، وأما الوجه: فهو اجتهاد من أحدهم)..
د. مصطلحات القائلين، (الشافعية عند إطلاقهم للإمام: فإنهم يعنون الجُوَيني لا الشافعي)...
٢. معرفة ترتيب الأبواب، فتعرف مظنة الباب بسرعة.
٣. معرفة الكتب، وأهم ما يعرف بالكتب ثلاثة أمور:
أ. الفرق بينها من حيث التجريد والتدليل، فبعضها ذكر فيها الأدلة مفصلة وبعضها لا.
ب. معرفة نوع الدليل الذي يُذكر، فبعضهم يعنى بالتعليل والقواعد والمناطات..
ج. معرفة نوع الخلاف الذي يُذكر، فمن الكتب ما تَذكر الخلاف المذهبي، وبعضهم أدنى فلا يذكر إلا رواتين، وبعضهم أكثر..
د. أن يعنى المرء بمعرفة المعتمد من النقول والكتب، فليس كل ما كتب ونقل بمعتمدٍ.
هـ. معرفة الزمان الذي كتب به، فليس كل فرع فقهي في كتاب ينزل على زماننا.
~والحمد لله رب العالمين~
🔖 لتنمية الفقه بالقوة:
١. لا بد من أن يعرف مصطلحات الفقهاء.
المصطلحات الأساسية ثلاثة أنواع:
أ. مصطلحات الأحكام الشرعية، وهي التي بني عليها ثلث علم الفقه.
ب. مصطلحات الأبواب، (باب الضمان عند الشافعية كفالة، عند الحنابلة ضمان).
ج. مصطلحات الألفاظ في الكلام، وهي على أنواع:
- كمعرفة حكاية الخلاف، كالفرق بين تعبيرهم بالصحيح، والأظهر، والأصح، (عند الشافعي القول: وهو ما كان منسوبا للشافعي، وأما الوجه: فهو اجتهاد من أحدهم)..
د. مصطلحات القائلين، (الشافعية عند إطلاقهم للإمام: فإنهم يعنون الجُوَيني لا الشافعي)...
٢. معرفة ترتيب الأبواب، فتعرف مظنة الباب بسرعة.
٣. معرفة الكتب، وأهم ما يعرف بالكتب ثلاثة أمور:
أ. الفرق بينها من حيث التجريد والتدليل، فبعضها ذكر فيها الأدلة مفصلة وبعضها لا.
ب. معرفة نوع الدليل الذي يُذكر، فبعضهم يعنى بالتعليل والقواعد والمناطات..
ج. معرفة نوع الخلاف الذي يُذكر، فمن الكتب ما تَذكر الخلاف المذهبي، وبعضهم أدنى فلا يذكر إلا رواتين، وبعضهم أكثر..
د. أن يعنى المرء بمعرفة المعتمد من النقول والكتب، فليس كل ما كتب ونقل بمعتمدٍ.
هـ. معرفة الزمان الذي كتب به، فليس كل فرع فقهي في كتاب ينزل على زماننا.
~والحمد لله رب العالمين~
أعجز من أين أبدأ في التحدث عن المآسي التي نعيشها، والابتلاءات التي نتجرعها.
لقد وصل الضيق بنا ذروته، يعيش الغزي يومه وهو يتلوَّى من الجوع، وفي كل بضعة أيام ينزح من مكان إلى آخر، مثقل الأعباء، خاوي الأمعاء، لا يحمل نقودا ليترحل، فتجده يزحف بأغراضه زحفا، يجر أمه الكبيرة بيديه ويحمل صغيره على كتفيه، وحقيبته على ظهره!
لم نشعر من بداية الحرب بألم القهر ومرارة الخذلان كما نشعر به هذه الأيام، حبة الذرة الصفراء، رأس الكفر، سافك الدماء وقاتل الأبرياء، يتجول في بلاد المسلمين، ويأخذ منهم الجزية وهم صاغرون، ونحن نقطع ونذبح بصواريخه وراجماته! فوا حسرتاه على الإسلام وأهله!
تعبدوا ما شئتم، وادعوا ما شئتم، وضحوا ما شئتم، وأسعدوا أطفالكم ما شئتم، فوالله ثم والله لو عرفتم معنى شعيرة الحج لخجلتم من قيامكم بمكة ونحن في هذا الحال!
ولنا موعد مع من خذلنا في ساحة القيامة، وقد غفرت ذنوبنا كلها، وأوقفكم الله بين أيدينا نأخذ حقنا منكم.
فانتظروا .. إنا منتظرون!
لقد وصل الضيق بنا ذروته، يعيش الغزي يومه وهو يتلوَّى من الجوع، وفي كل بضعة أيام ينزح من مكان إلى آخر، مثقل الأعباء، خاوي الأمعاء، لا يحمل نقودا ليترحل، فتجده يزحف بأغراضه زحفا، يجر أمه الكبيرة بيديه ويحمل صغيره على كتفيه، وحقيبته على ظهره!
لم نشعر من بداية الحرب بألم القهر ومرارة الخذلان كما نشعر به هذه الأيام، حبة الذرة الصفراء، رأس الكفر، سافك الدماء وقاتل الأبرياء، يتجول في بلاد المسلمين، ويأخذ منهم الجزية وهم صاغرون، ونحن نقطع ونذبح بصواريخه وراجماته! فوا حسرتاه على الإسلام وأهله!
تعبدوا ما شئتم، وادعوا ما شئتم، وضحوا ما شئتم، وأسعدوا أطفالكم ما شئتم، فوالله ثم والله لو عرفتم معنى شعيرة الحج لخجلتم من قيامكم بمكة ونحن في هذا الحال!
ولنا موعد مع من خذلنا في ساحة القيامة، وقد غفرت ذنوبنا كلها، وأوقفكم الله بين أيدينا نأخذ حقنا منكم.
فانتظروا .. إنا منتظرون!
لا تأتي ليلةُ العيدِ حتى يطلع في سمائها نجمان مختلفان، نجم سعود ونجم نحوس، أما الأول فللسعداء الذين أعدوا لأنفسهم صنوف الأردية والحلل، ولأولادهم اللعب والتماثيل، ولأضيافهم ألوان المطاعم والمشارب، ثم ناموا ليلتهم نومًا هادًا مطمئنًا، تتطاير فيه الأحلام الجميلة حول أسرَّتهم تطاير الحمائم البيضاء حول المروج الخضراء، أما الثاني فللأشقياء الذين يبيتون ليلتهم على مثل جمر الغضى، يئنون في فراشهم أنينًا يتصدع له القلب، ويذوب له الصخر؛ حزنًا على أولادهم الواقفين بين أيديهم، يسألونهم بألسنتهم أو بأعينهم: ماذا أعدوا لهم في هذا اليوم من ثياب يفاخرون به أندادهم، ولعب جميلة يزينون بها مناضدهم؟ فيعللون بوعود يعلمون أنهم لا يستطيعون الوفاء بها.
المنفلوطي، النظرات.
المنفلوطي، النظرات.
تعلمك الأيام:
أن اليد التي تمد إلى الخلق ستكسر، واليد التي تمد إلى رب الخلائق ستجبر.
أن اليد التي تمد إلى الخلق ستكسر، واليد التي تمد إلى رب الخلائق ستجبر.
مرت أيام ذي الحجة والناس فيها في ضيق أنساهم جوَّها، وغرَّب عليهم بهجتها، جوع نهش لحومنا، ونزوح مزق ظهورنا، وقهرٌ تربع على صدورنا، إنها والله أيام ثقال، مرت، وستمر..
كنا نعيش في مثلها أياما هنية، نأكل فيها ونشرب كما غيرنا من الناس، لكن قضى الله أن تعصف بنا أصناف الشدائد، وتحل علينا ألوان المصائب!
ننظر -بدموع تملأ الجفون- إلى مظاهر العيد عند غيرنا ونتذكر أيامنا السعيدة التي طُوى بساطُها وكأن دهرا ما كان، إلا أنها زرعت بفؤادنا شجرة الأشجان.
في أيام الأكل والشرب عند المسلمين نذهب -برأي من لا يعاني المأساة- كالحمقى إلى «فخاخ الموت» التي تُسمى بـ (أماكن توزيع المساعدات)، ولسنا كذلك والله، لكنه الجوع الذي يهد الشديد، ويبكي الطفل، وينقش النحول على وجوهنا.
أي كاتب سيجرؤ على تسطير هذه الحقبة من الزمان، وهو يسطر العار والشنار الذي كتبته أمةٌ مسلمة على نفسها؟
بأي محبرة سيُكتب أن مئات المسلمين تُزهق أرواحهم غدوًا وعشيًا وسط إذعان وخضوع عربي؟
كم كتاب سيكتب في المآسي والمصائب والبؤس الذي أصاب المسلمين في هذه البقعة؟!
أنزل الله عليك -أيتها البقعة المباركة- رحمته وعونه، وثبت الله أهلك وصبرهم على مصائبهم، وانتقم من كل متخاذل ساه غافل عن أصوات المناشدين المكلومين!
كنا نعيش في مثلها أياما هنية، نأكل فيها ونشرب كما غيرنا من الناس، لكن قضى الله أن تعصف بنا أصناف الشدائد، وتحل علينا ألوان المصائب!
ننظر -بدموع تملأ الجفون- إلى مظاهر العيد عند غيرنا ونتذكر أيامنا السعيدة التي طُوى بساطُها وكأن دهرا ما كان، إلا أنها زرعت بفؤادنا شجرة الأشجان.
في أيام الأكل والشرب عند المسلمين نذهب -برأي من لا يعاني المأساة- كالحمقى إلى «فخاخ الموت» التي تُسمى بـ (أماكن توزيع المساعدات)، ولسنا كذلك والله، لكنه الجوع الذي يهد الشديد، ويبكي الطفل، وينقش النحول على وجوهنا.
أي كاتب سيجرؤ على تسطير هذه الحقبة من الزمان، وهو يسطر العار والشنار الذي كتبته أمةٌ مسلمة على نفسها؟
بأي محبرة سيُكتب أن مئات المسلمين تُزهق أرواحهم غدوًا وعشيًا وسط إذعان وخضوع عربي؟
كم كتاب سيكتب في المآسي والمصائب والبؤس الذي أصاب المسلمين في هذه البقعة؟!
أنزل الله عليك -أيتها البقعة المباركة- رحمته وعونه، وثبت الله أهلك وصبرهم على مصائبهم، وانتقم من كل متخاذل ساه غافل عن أصوات المناشدين المكلومين!
أشد ما يفكر الغزي به في يومه، ويشغل فكرَه، ويهز سكنه، من أين سيدبر مؤنة يومه؟ وكيف سيطعم أطفاله؟ وأنى له بمال قارون ليرجع من السوق ببعض الأكل؟ وغيرها من التساؤلات التي وراءها العدو التليد، والسلاح العنيد، «الجوع الشديد!».
آخُذُك الساعة في جولة سريعة ورحلة خاطفة إلى صحاري غزة، أطلعك كيف تعذب تلك الأمعاء في كل دقيقة تمر، ولا أخبرك عن شيء سمعت عنه، أو شعرت في غابر الأزمان به، إنما حياة يعاصرها ويعانيها الكاتب نفسُه!
يأتي علي العشاءُ وعصافيرُ في بطني تزقزق، نصب يصيبني ويتعبني، يقعدني عن كل شيء أود فعلَه، وليس بيدي حيلة لأدفع هذا الشر المستطير، ولا أملك سيف لحم مشوي أُغِير به على هذا العدو فآتي عليه، أو كسرة من خبز أخفف من شدته ووطأته، فلا أملك إلا حلًا يريحني لبعض الوقت من عذاب دائم وهو النوم!
أستيقظ -بعد سبعين منبه- لصلاة الفجر، تحت أصوات الصواريخ التي تهز الأرض هزا، وتملأ -وسط العتمة الحالكة- الجو لهبا، وبين زن الزنانات القريبة التي تشعرك بضوئها الأحمر أنها تحمل صاروخًا سينزل عليك أنت وحدك، وأنا أسمع صوت القذائف بحذافير انطلاقها إلى أن تضرب هدفها = أذهب إلى المسجد لا ألوي على شيء من ذا، فليست هذه الصلاة حركاتٍ عاديةً يُفرَّط فيها، أو أن أثرها في يومي يمر مرورا سريعا، بل إن في قرآنها لسكون يخيم على القلب، فيريحه من آلامه وأحزانه، يفتت الأسوار التي أحاطت به لما يسمع قوله: «فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا».
بعد ما أنهي بعض وردي من القرآن أرجع إلى مسرعا إلى فراشي، ليس نعاسا ولا كسلا بل هروبا من الجوع الذي كأنما يحمل سوطا يَضرِبُ به جسدي!
أستيقظ بعد ساعة على استنفار الوالدة، (يا أمجد، يا نومان، يا كسلان، فرغ الماء من الخزان)، أفرك عيني، وأخلع أردية الخمول، وأستعين بالله على بداية يوم جديد.
أذهبُ خاوي الأمعاء إلى حمل جرادل الماء من مكان بعيد، تذيقني الشمس فيه ويلاتها، فلا ظل يحميني من شعاها، ومع كل جردل من الماء ينصبُّ من جبيني مثله من العرق، ولست أسلم من حر الرمال، إذ حذائي بلاستيكي قد انشق أسفله بالكامل، ومع كل خطوة تغوص بعض رجلي في جمرٍ رملي.
ثم أرجع وقد استحال جسدي الشديد إلى خرقة بالية ملقاة على الأرض، لكنني أعلم جيدا -مع كل نفَس يمر- أن ورقاتي تتساقط، والدقائق تتسابق، وعمري يتلاشي، فآخذ مصحفي وأراجع ما علي لأسمعه لصديقي في المسجد، وفي كل هذا والعدو ينهش من لحمي، ويُبرِزُ عظمات وجهي!!
أكبر مدة وقت في الصيف هي الصباح، وكما تراني فيه أتراوح على هذا الكتاب العزيز في هذا الوقت.
وعندي ليس هذا نفلا ولا أراه كثيرا، بل اعلم أن في كل بيت غزي حزن وضيق وهم وغم، وأثقال تنوء عن حملها الجبال، فكيف تراني في شدة الألم والحزن الذي أصابنا وضرب أكبادنا من غير زاد إيماني روحي أستعين به وأتقوى؟ وكيف بي أمنع الروح عن زادها فوق ما مُنع الجسد من قوته وزاده!
لا تسألني كيف يكون حال من يعيش كل هذه الأهوال ولا يكون له زاد من القرآن، يؤنسه ويهون عليه ويعلله، وهذا الأثر لا يحصل إلا باستحضار دائم لمعاني الوحي.
أعود من صلاة الظهر وقد بدا الناس لي أرغفةَ خبز طازجة، تعلوها حمرة تضيف لها بعض القرمشة، وأسير الخطوة وأختها على مكث يعلوه القلق، هل سأجد رغيفي؟ هل سأحظى بمنقذي من وحل الجوع؟ فأرد على نفسي: (إنت ونصيبك).
تتقلب النتيجة من يوم إلى يوم بحسب الظروف، لكن أشد الأيام ذلك الذي أدخل فيه البيت وأنادي مع أول فتحة يسيرة على أخي الأصغر، ثم في الأخرى على أخي الأكبر وهكذا حتى أناديهم كل باسمه ولقبه فلا مجيب، وكأن البيت الضيق الذي يضج حركة ويتخبط أهله فيه ببعضهم قد استحال إلى صحراء مقفرة جدباء، فأنظر إليهم فإذا هم ملقون على الأرض لا تسمع لهم همسا، كأنهم أصحاب الكهف في رقودهم وسكونهم! فأعرف أن الجوع قد فتتهم وأسواطه قد أهلكتهم!
أسألهم عن سر التأخر الشديد في إحضار الطحين، فتجيبني والدتي بصوت ضعيف خافت: نفذ المال، وخرج أبوك من الصباح يبحث عن أقل عمولة ليأتي ببعض الطحين يسد رمقنا ويعيد الروح فينا.
أتى والدي بعد دقائق، معه كيسين صغيرين، يعلوه الهم والضيق، وسَوْرة الغضب بائنة في عينيه، فيجلس وينفّس لنا -وهو يتميز من الغيظ- ما حمل في صدره من قهر من جشع مصاصي الدماء، ويحدثنا عن الأسعار الفلكية، وما آل إليه السوقُ من غلاء وقلة شراء.
نأخذ الطحين منه، ونعجنه على عجل، ويأخذه أخي إلى الخباز، ثم بعد دَور طويل يأخذ العشرين رغيفا، فيرجع وقد طهت أمي العدس الذي أحضره أبي بضعف سعره عشر مرات، ونأكل هته اللقيمات المغموسة بجبال من القهر والضيق،
وبعد أن ينتهي الطعام نسأل الوالدة على قلب رجل واحد: (فش كمان؟!)،
- مضلش غير كل واحد نص رغيف للعِشا!
آخُذُك الساعة في جولة سريعة ورحلة خاطفة إلى صحاري غزة، أطلعك كيف تعذب تلك الأمعاء في كل دقيقة تمر، ولا أخبرك عن شيء سمعت عنه، أو شعرت في غابر الأزمان به، إنما حياة يعاصرها ويعانيها الكاتب نفسُه!
يأتي علي العشاءُ وعصافيرُ في بطني تزقزق، نصب يصيبني ويتعبني، يقعدني عن كل شيء أود فعلَه، وليس بيدي حيلة لأدفع هذا الشر المستطير، ولا أملك سيف لحم مشوي أُغِير به على هذا العدو فآتي عليه، أو كسرة من خبز أخفف من شدته ووطأته، فلا أملك إلا حلًا يريحني لبعض الوقت من عذاب دائم وهو النوم!
أستيقظ -بعد سبعين منبه- لصلاة الفجر، تحت أصوات الصواريخ التي تهز الأرض هزا، وتملأ -وسط العتمة الحالكة- الجو لهبا، وبين زن الزنانات القريبة التي تشعرك بضوئها الأحمر أنها تحمل صاروخًا سينزل عليك أنت وحدك، وأنا أسمع صوت القذائف بحذافير انطلاقها إلى أن تضرب هدفها = أذهب إلى المسجد لا ألوي على شيء من ذا، فليست هذه الصلاة حركاتٍ عاديةً يُفرَّط فيها، أو أن أثرها في يومي يمر مرورا سريعا، بل إن في قرآنها لسكون يخيم على القلب، فيريحه من آلامه وأحزانه، يفتت الأسوار التي أحاطت به لما يسمع قوله: «فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا».
بعد ما أنهي بعض وردي من القرآن أرجع إلى مسرعا إلى فراشي، ليس نعاسا ولا كسلا بل هروبا من الجوع الذي كأنما يحمل سوطا يَضرِبُ به جسدي!
أستيقظ بعد ساعة على استنفار الوالدة، (يا أمجد، يا نومان، يا كسلان، فرغ الماء من الخزان)، أفرك عيني، وأخلع أردية الخمول، وأستعين بالله على بداية يوم جديد.
أذهبُ خاوي الأمعاء إلى حمل جرادل الماء من مكان بعيد، تذيقني الشمس فيه ويلاتها، فلا ظل يحميني من شعاها، ومع كل جردل من الماء ينصبُّ من جبيني مثله من العرق، ولست أسلم من حر الرمال، إذ حذائي بلاستيكي قد انشق أسفله بالكامل، ومع كل خطوة تغوص بعض رجلي في جمرٍ رملي.
ثم أرجع وقد استحال جسدي الشديد إلى خرقة بالية ملقاة على الأرض، لكنني أعلم جيدا -مع كل نفَس يمر- أن ورقاتي تتساقط، والدقائق تتسابق، وعمري يتلاشي، فآخذ مصحفي وأراجع ما علي لأسمعه لصديقي في المسجد، وفي كل هذا والعدو ينهش من لحمي، ويُبرِزُ عظمات وجهي!!
أكبر مدة وقت في الصيف هي الصباح، وكما تراني فيه أتراوح على هذا الكتاب العزيز في هذا الوقت.
وعندي ليس هذا نفلا ولا أراه كثيرا، بل اعلم أن في كل بيت غزي حزن وضيق وهم وغم، وأثقال تنوء عن حملها الجبال، فكيف تراني في شدة الألم والحزن الذي أصابنا وضرب أكبادنا من غير زاد إيماني روحي أستعين به وأتقوى؟ وكيف بي أمنع الروح عن زادها فوق ما مُنع الجسد من قوته وزاده!
لا تسألني كيف يكون حال من يعيش كل هذه الأهوال ولا يكون له زاد من القرآن، يؤنسه ويهون عليه ويعلله، وهذا الأثر لا يحصل إلا باستحضار دائم لمعاني الوحي.
أعود من صلاة الظهر وقد بدا الناس لي أرغفةَ خبز طازجة، تعلوها حمرة تضيف لها بعض القرمشة، وأسير الخطوة وأختها على مكث يعلوه القلق، هل سأجد رغيفي؟ هل سأحظى بمنقذي من وحل الجوع؟ فأرد على نفسي: (إنت ونصيبك).
تتقلب النتيجة من يوم إلى يوم بحسب الظروف، لكن أشد الأيام ذلك الذي أدخل فيه البيت وأنادي مع أول فتحة يسيرة على أخي الأصغر، ثم في الأخرى على أخي الأكبر وهكذا حتى أناديهم كل باسمه ولقبه فلا مجيب، وكأن البيت الضيق الذي يضج حركة ويتخبط أهله فيه ببعضهم قد استحال إلى صحراء مقفرة جدباء، فأنظر إليهم فإذا هم ملقون على الأرض لا تسمع لهم همسا، كأنهم أصحاب الكهف في رقودهم وسكونهم! فأعرف أن الجوع قد فتتهم وأسواطه قد أهلكتهم!
أسألهم عن سر التأخر الشديد في إحضار الطحين، فتجيبني والدتي بصوت ضعيف خافت: نفذ المال، وخرج أبوك من الصباح يبحث عن أقل عمولة ليأتي ببعض الطحين يسد رمقنا ويعيد الروح فينا.
أتى والدي بعد دقائق، معه كيسين صغيرين، يعلوه الهم والضيق، وسَوْرة الغضب بائنة في عينيه، فيجلس وينفّس لنا -وهو يتميز من الغيظ- ما حمل في صدره من قهر من جشع مصاصي الدماء، ويحدثنا عن الأسعار الفلكية، وما آل إليه السوقُ من غلاء وقلة شراء.
نأخذ الطحين منه، ونعجنه على عجل، ويأخذه أخي إلى الخباز، ثم بعد دَور طويل يأخذ العشرين رغيفا، فيرجع وقد طهت أمي العدس الذي أحضره أبي بضعف سعره عشر مرات، ونأكل هته اللقيمات المغموسة بجبال من القهر والضيق،
وبعد أن ينتهي الطعام نسأل الوالدة على قلب رجل واحد: (فش كمان؟!)،
- مضلش غير كل واحد نص رغيف للعِشا!
تنسد المعدة لساعة أو ساعتين، ثم ترجع إلى أنينها وصراخها، يشتاق الرجل بعض الحلويات، وطفله إلى بعض البسكويت، وبنته إلى قليل من (الشبسي)، ناهيك أننا لم نر اللحوم منذ أشهر، وهكذا يضل الغزي في جوع دائم مهلك، يرجو الموت في كل دقيقة ليرتاح من جبال الآلام.
نحن باختصار: نريد أن نعيش حياة كريمة فيها -على الأقل- وجه من السعادة، أما حياتنا هذه فجحيم نعيشه في الدنيا التي يلتذ أهلها فيها.
نحن باختصار: نريد أن نعيش حياة كريمة فيها -على الأقل- وجه من السعادة، أما حياتنا هذه فجحيم نعيشه في الدنيا التي يلتذ أهلها فيها.
تحولت غزة إلى غابة مليئة بالذئاب والأسُود، يضيع الضعيف والشريف والعفيف بين أنيابهم!
نحن في المصائب نصنع زمننا الخاص بنا، نحاول أن نقطعه قبل أن يقطعنا، يتجلى الزمن هنا عدوًّا خفيًّا، لو لم يكن كذلك لما حاولنا خداعه، وفي النهاية نكتشف أنه يتغلّب علينا، يسرق أعمارنا المنفلتة من بين أصابعنا، ويتركنا حُطامًا على قارعة الأيام.
أيمن العتوم، لايسمعون حسيسها.
أيمن العتوم، لايسمعون حسيسها.
عندما تجلس إلى أحد إخوانك، وتبث له همَّك، وتعلمُه بما يشغل بالك، ثم تراه قد قاسمك حزنَك، وأخذ مسحة من الكآبة التي عليك، يخفف هذا من ألمك، ويهون من مصابك، وإن لم يَحمل منه شيئا..
مما يزيدنا عذابا فوق عذاباتنا مشهد الخذلان هذا، شعورنا أن غزة بأهلها بقعة منسية، أو أنها مكان للبلايا والمصائب «وقانا الله ما أصاب أهلها!»..
وهكذا فقط!!
بعد انقطاع الشبكة لأيام، نفتح الهاتف، نسرع إلى القنوات الإخبارية، نهرول -بين آلاف الرسائل التي لم نقرأها- إلى محرك البحث ونكتب «غزة» . . «مفاوضات» . . «مساعدات»، وفي كل محاولة تصدمنا النتيجة أنه (لا يوجد نتائج)!!
دخلت المنطقة في حرب جديدة، فانصرفت لها العيون، واهتم بها الصحفيون، ونحن قد تكاثف علينا الغبار، وقبعنا في مؤخرة ما يذكر، فلا جدوى لتحريك الأمة بأنين الأطفال، وغوث النساء، وعجز الرجال، وحتى بشلالات الدماء!
مما يزيدنا عذابا فوق عذاباتنا مشهد الخذلان هذا، شعورنا أن غزة بأهلها بقعة منسية، أو أنها مكان للبلايا والمصائب «وقانا الله ما أصاب أهلها!»..
وهكذا فقط!!
بعد انقطاع الشبكة لأيام، نفتح الهاتف، نسرع إلى القنوات الإخبارية، نهرول -بين آلاف الرسائل التي لم نقرأها- إلى محرك البحث ونكتب «غزة» . . «مفاوضات» . . «مساعدات»، وفي كل محاولة تصدمنا النتيجة أنه (لا يوجد نتائج)!!
دخلت المنطقة في حرب جديدة، فانصرفت لها العيون، واهتم بها الصحفيون، ونحن قد تكاثف علينا الغبار، وقبعنا في مؤخرة ما يذكر، فلا جدوى لتحريك الأمة بأنين الأطفال، وغوث النساء، وعجز الرجال، وحتى بشلالات الدماء!