المثل الأعظم الذي سنجعل وقفتنا معه، هو المثل الذي تتقاصر دونه الأمثلة، والشجاعة التي تظهر كل شجاعة دونها بمراحل، شجاعة النبي ﷺ، القدوة العظمى في التضحية لهذا الدين والثبات عليه والدعوة إليه.
لما دارت الدائرة على المسلمين في أُحد بعد نزول الرماة، وبعد أن كانت الجولة لهم، واشتد الاختلاط في صفوف المسلمين، وبدأت المعركة ينفرط عقدها، كان النبي ﷺ في تسعة نفر من أصحابه، وكان من المتبادر إلى أذهان أهل الضعف والخور، أو إلى أذهان أهل السلامة أن من الأصلح له أن ينسحب بهذه الكوكبة حتى يرجع إلى المدينة، حتى يسلم أصحابه أو حتى يسلم هذه الأمة، لكن النبي ﷺ كان مضرب المثل والقدوة. كان علي بن أبي طالب يقول: "كنا إذا احمرت الحدق، وحمي الوطيس؛ نتقي برسول الله ﷺ". كان دائماً هو المقدَّم ﷺ، فماذا صنع في ذلك الموقف؟
صاح ﷺ: "يا عباد الله! هلموا إليّ أنا رسول الله". وهو يعلم أن صوته سيُسمع عند المشركين قبل المسلمين، وكان الأمر كما كان، لقد سمع المشركون هذا النداء، وكان يعلم النبي ﷺ أن هذا سيسمع وأن الجموع ستجمع، وأن الجيوش ستتوجه نحوه ﷺ، لكنه أراد أن يبين للأمة أن الثبات في الجيوش بثبات قياداتها، وأن المضي بمضي كرامها، ولذلك نادى هذا النداء العظيم ليقول كما قال بعد ذلك في يوم حنين:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
فما كان له ﷺ أن يتخلف عند مواضع التقدم، أو أن يتراجع في مواضع الثبات ﷺ.
نادى هذا النداء ثم تجمعت الجيوش من حوله، فكانت صورة رائعة من صور تضحية الصحابة وفدائهم قلّ أن يجود التاريخ بمثلها مطلقاً، لذلك تجمّع أولئك القوم حول النبي ﷺ، حتى شجّ وجهه الكريم، وسال دمه على جبهته، ودخلت حلقات المغفر في وجنتيه، وكسرت رباعيته ﷺ، حتى قال ﷺ في هذا الموقف: "كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم؟".
درس لنا كيف ضحّى النبي ﷺ وهو أشرف الخلق أجمعين؟ وبذل لأجل هذا الدين، وخاض غمار المعارك حتى سال دمه ولقي الموت؟ ونحن نريدها هينة سهلة، لو كانت هينةً سهلةً لكانت لرسول الله ﷺ، ولو كان الإكرام للصلاح لكان أحق المكرمين هو رسول الله ﷺ، ولو كان النصر يُهدَى لأحد لأُهدي إلى رسول الله ﷺ، ولكنه درس للأمة أنه لا يمكن أن ترفع لها راية، ولا أن تقوم لها قائمة، ولا أن ينتشر دينها، ولا أن تقوى قوتها وتعظم سيادتها إلا بالبذل والتضحية في سبيل الله عز وجل، والثبات على هذا الدين، فلذلك رسم النبي ﷺ هذه الصورة المشرقة الرائعة في الثبات والتضحية في سبيل الله عز وجل حتى كان موئلاً تجمع حوله الصحابة من جديد، وانتهت المعركة نهاية مشرفة، وقد كان من الممكن أن تكون نهايتها أسوأ وأعظم شراً في الهزيمة على المسلمين، ولذلك ضرب النبي ﷺ المثل والقدوة من نفسه.
فإذا كان الرسول ﷺ قد دمي وجهه، وكسرت رباعيته؛ فما على أحد بعده أن يصيبه في سبيل الله عز وجل ما هو أشد وأعظم وأنكى من هذا.
نسأل الله عز وجل أن يجعل لنا في رسوله ﷺ أسوة حسنة، وأن يجعلنا ممن يتأسون بأصحابه رضوان الله عليهم!
مَن يأخذ هذا السيف بحقه؟
نادى النبي ﷺ في يوم أحد ورفع سيفه: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟" فتنادى له الصحابة رضوان الله عليهم وتسابقوا إليه، فقال النبي ﷺ: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟" قالوا: وما حقه يا رسول الله؟! قال: "أن يقاتل مقبلاً غير مدبر"، فتراجع بعضهم لا جبناً وإنما خوفاً أن يقصروا بالوفاء، فتقدم له أبو دجانة وقال: أنا يا رسول الله!
وورد في بعض روايات السيرة أن الزبير تقدم له فمنعه منه النبي ﷺ وأعطاه لـسماك بن خرشة (أبو دجانة) رضي الله عنه، فلما أخذه عصب على رأسه عصابة حمراء فقالت الأنصار: عصب أبو دجانة عصابة الموت! وظل يمشي مشية مختالة، فقال النبي ﷺ: "إن هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن". لأنه موطن إعزاز للإسلام والمسلمين، فماذا صنع أبو دجانة رضي الله عنه؟ عندما أخذ السيف وبدأت المعركة صار ينادي:
أنا الذي عاهدني خليلي ونحن في السفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيول ** أضرب بسيف الله والرسول
ثم فلق به هام المشركين، وشق صفوفهم، وخاض في الموت، وفي حمام الهلاك وهو يجندلهم عن يمينه وشماله، قال: حتى خلصت إلى فارس يخمش الناس خمشاً شديداً فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولول فإذا هو امرأة، فأكرمت سيف رسول الله ﷺ أن تُضرب به امرأة، وكانت هذه هند بنت عتبة رضي الله عنها فقد أسلمت فيما بعد وحسن إسلامها، كانت قد تلثمت وحاربت، وكانت من أشجع المحاربين في تلك المعركة، قال الزبير في بعض روايات السيرة: فرأيت فارساً لا يجد أحداً من المسلمين يزفف -أي: في آخر الرمق- إلا وأجهز عليه، فقلت: لعله يلقاه أبو دجانة، فما زلت أنظر حتى التقيا، ثم رفع أبو دجانة سيفه ولم يُمضِه، فنظرت فإذا هي هند بنت عتبة. وهكذا فعل أبو دجانة رضي الله عنه.
أسد الله حمزة
لما دارت الدائرة على المسلمين في أُحد بعد نزول الرماة، وبعد أن كانت الجولة لهم، واشتد الاختلاط في صفوف المسلمين، وبدأت المعركة ينفرط عقدها، كان النبي ﷺ في تسعة نفر من أصحابه، وكان من المتبادر إلى أذهان أهل الضعف والخور، أو إلى أذهان أهل السلامة أن من الأصلح له أن ينسحب بهذه الكوكبة حتى يرجع إلى المدينة، حتى يسلم أصحابه أو حتى يسلم هذه الأمة، لكن النبي ﷺ كان مضرب المثل والقدوة. كان علي بن أبي طالب يقول: "كنا إذا احمرت الحدق، وحمي الوطيس؛ نتقي برسول الله ﷺ". كان دائماً هو المقدَّم ﷺ، فماذا صنع في ذلك الموقف؟
صاح ﷺ: "يا عباد الله! هلموا إليّ أنا رسول الله". وهو يعلم أن صوته سيُسمع عند المشركين قبل المسلمين، وكان الأمر كما كان، لقد سمع المشركون هذا النداء، وكان يعلم النبي ﷺ أن هذا سيسمع وأن الجموع ستجمع، وأن الجيوش ستتوجه نحوه ﷺ، لكنه أراد أن يبين للأمة أن الثبات في الجيوش بثبات قياداتها، وأن المضي بمضي كرامها، ولذلك نادى هذا النداء العظيم ليقول كما قال بعد ذلك في يوم حنين:
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
فما كان له ﷺ أن يتخلف عند مواضع التقدم، أو أن يتراجع في مواضع الثبات ﷺ.
نادى هذا النداء ثم تجمعت الجيوش من حوله، فكانت صورة رائعة من صور تضحية الصحابة وفدائهم قلّ أن يجود التاريخ بمثلها مطلقاً، لذلك تجمّع أولئك القوم حول النبي ﷺ، حتى شجّ وجهه الكريم، وسال دمه على جبهته، ودخلت حلقات المغفر في وجنتيه، وكسرت رباعيته ﷺ، حتى قال ﷺ في هذا الموقف: "كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم؟".
درس لنا كيف ضحّى النبي ﷺ وهو أشرف الخلق أجمعين؟ وبذل لأجل هذا الدين، وخاض غمار المعارك حتى سال دمه ولقي الموت؟ ونحن نريدها هينة سهلة، لو كانت هينةً سهلةً لكانت لرسول الله ﷺ، ولو كان الإكرام للصلاح لكان أحق المكرمين هو رسول الله ﷺ، ولو كان النصر يُهدَى لأحد لأُهدي إلى رسول الله ﷺ، ولكنه درس للأمة أنه لا يمكن أن ترفع لها راية، ولا أن تقوم لها قائمة، ولا أن ينتشر دينها، ولا أن تقوى قوتها وتعظم سيادتها إلا بالبذل والتضحية في سبيل الله عز وجل، والثبات على هذا الدين، فلذلك رسم النبي ﷺ هذه الصورة المشرقة الرائعة في الثبات والتضحية في سبيل الله عز وجل حتى كان موئلاً تجمع حوله الصحابة من جديد، وانتهت المعركة نهاية مشرفة، وقد كان من الممكن أن تكون نهايتها أسوأ وأعظم شراً في الهزيمة على المسلمين، ولذلك ضرب النبي ﷺ المثل والقدوة من نفسه.
فإذا كان الرسول ﷺ قد دمي وجهه، وكسرت رباعيته؛ فما على أحد بعده أن يصيبه في سبيل الله عز وجل ما هو أشد وأعظم وأنكى من هذا.
نسأل الله عز وجل أن يجعل لنا في رسوله ﷺ أسوة حسنة، وأن يجعلنا ممن يتأسون بأصحابه رضوان الله عليهم!
مَن يأخذ هذا السيف بحقه؟
نادى النبي ﷺ في يوم أحد ورفع سيفه: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟" فتنادى له الصحابة رضوان الله عليهم وتسابقوا إليه، فقال النبي ﷺ: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟" قالوا: وما حقه يا رسول الله؟! قال: "أن يقاتل مقبلاً غير مدبر"، فتراجع بعضهم لا جبناً وإنما خوفاً أن يقصروا بالوفاء، فتقدم له أبو دجانة وقال: أنا يا رسول الله!
وورد في بعض روايات السيرة أن الزبير تقدم له فمنعه منه النبي ﷺ وأعطاه لـسماك بن خرشة (أبو دجانة) رضي الله عنه، فلما أخذه عصب على رأسه عصابة حمراء فقالت الأنصار: عصب أبو دجانة عصابة الموت! وظل يمشي مشية مختالة، فقال النبي ﷺ: "إن هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن". لأنه موطن إعزاز للإسلام والمسلمين، فماذا صنع أبو دجانة رضي الله عنه؟ عندما أخذ السيف وبدأت المعركة صار ينادي:
أنا الذي عاهدني خليلي ونحن في السفح لدى النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيول ** أضرب بسيف الله والرسول
ثم فلق به هام المشركين، وشق صفوفهم، وخاض في الموت، وفي حمام الهلاك وهو يجندلهم عن يمينه وشماله، قال: حتى خلصت إلى فارس يخمش الناس خمشاً شديداً فصمدت له، فلما حملت عليه السيف ولول فإذا هو امرأة، فأكرمت سيف رسول الله ﷺ أن تُضرب به امرأة، وكانت هذه هند بنت عتبة رضي الله عنها فقد أسلمت فيما بعد وحسن إسلامها، كانت قد تلثمت وحاربت، وكانت من أشجع المحاربين في تلك المعركة، قال الزبير في بعض روايات السيرة: فرأيت فارساً لا يجد أحداً من المسلمين يزفف -أي: في آخر الرمق- إلا وأجهز عليه، فقلت: لعله يلقاه أبو دجانة، فما زلت أنظر حتى التقيا، ثم رفع أبو دجانة سيفه ولم يُمضِه، فنظرت فإذا هي هند بنت عتبة. وهكذا فعل أبو دجانة رضي الله عنه.
أسد الله حمزة
نأتي إلى موقف آخر لـحمزة أسد رسول الله ﷺ، ذاك الذي كان الموت يتربص به في ميدان المعركة، لكنه مات غيلة وغدراً، كان رضي الله عنه قد فلق الهام، وقطع الرقاب، وشق صفوف المشركين شقاً، ثم لم يصمد له أحد، ولم يستطع أحد أن يواجهه، حتى جاء وحشي رضي الله عنه (وقد أسلم فيما بعد وصار من الصحابة) لم يكن عنده مهمة في هذه المعركة إلا أن يغتال غيلة وغدراً وخسة ودناءة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، فظل يكمن في أماكن معينة حتى أصاب منه غرة فأنفذ فيه حربته فقتله لوقته رضي الله عنه وأرضاه.
أنس بن النضر مثال الإقدام والثبات
فهذا أنس بن النضر رضي الله عنه وأرضاه يقول قبل المعركة، وهو الذي فاتته غزوة بدر، وفاتَه شرف تلك الغزوة العظيمة، يقول: "لئن أشهدني الله عز وجل يوماً كيوم بدر لَيَرَيَنّ ما أصنع"!
قَسَم عظيم يُبرز فيه هذا الصحابي الجليل أنه سيبذل وسيضحي وسيثبت ويقدم لهذا الدين ما تقر به أعين المسلمين، وما يرضى به عنه الله رب العالمين، يقول ذلك لا قولاً رخواً وهو متكئ على أريكته، ولا يقول ذلك وهو في مجلس اللهو واللعب؛ وإنما يقوله مقسماً بالله عز وجل في مواطن الجد والعز.
فلما جاءت المعركة وجاءت هذه الدائرة، مر أنس رضي الله عنه ببعض الأنصار وقد سرت شائعة قتل النبي ﷺ بعد أن تجمع حوله المشركون وحصل ما حصل، فمر أنس ببعض الأنصار وقد قعدوا على هامش المعركة، وسألهم: ما بكم؟ قالوا: أما شعرت أن محمداً ﷺ قد مات؟ فقال كلمات تسجل في صحائف التاريخ، وتخلد في ذاكرة المسلمين، وتنقش في قلوبهم صوراً محفورة لا تنسى من صور الثبات والتضحية، ومعرفة المنهج، ووضوح الرؤية عند الصحابة رضوان الله عليهم، قال: "فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ﷺ"!
لئن مات النبي ﷺ فما قيمة الحياة بعده؟ ولئن أهينت المقدسات، وانتهكت الأعراض، واعتدي على الدين فما قيمة الحياة؟ هل يبقى المسلم في هذه الحياة ليأكل وينكح مثل بقية الأنعام والدواب والهوام؟ إن المسلم أجل وأرفع من أن تكون هذه غاياته، إنه صاحب مهمة ورسالة يقدم حياته كلها لأجل رسالته وإعلاء رايتها؛ فإن أصيب في دينه أو في رسالته؛ فإنه لا يمكن أن يرضى بالذل في هذه الحياة، ولا يمكن أن يبقى ساكناً وادعاً، بل ينبغي أن يتحرق قلبه، وتتحرك جوارحه، وينطق لسانه، وتنطلق أقدامه، وتنفق أمواله، ولو اقتضى الأمر أن تبذل مهجته وروحه في سبيل الله عز وجل كما فعل الصحب الكرام رضوان الله عليهم، ونداء أنس رضي الله عنه ينادي كل المسلمين: "قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ﷺ".
ثم مضى أنس رضي الله عنه إلى ميدان المعركة، مضى إلى الغبار المثار، إلى السيوف التي تبرق في الضحى، إلى الأعناق التي تقطع، والدماء التي تسيل؛ فلقيه في أثناء مسيره سعد بن معاذ فقال له: "إلى أين يا أبا عمرو؟!" فسطر أنس رضي الله عنه أيضاً الجواب بكلمات عظيمة: "واهاً لريح الجنة، والله إني لأجدها دون أُحد".
قوم أيقنوا بما أخبر الله عز وجل به، واستيقنوا بما أخبر به الرسول ﷺ، وعلموا أن طريق مرضاة الله إنما تكون من طريق إعزاز دين الله عز وجل، ونصر عباد الله، وعدم رضى الذل لدين الله عز وجل.
"واهاً لريح الجنة، والله إني لأجد ريحها دون أحد"، ثم انطلق رضي الله عنه، قال سعد: "فما استطعت أن أمضي مضيه، ولا أن أفري فريه، فمضى يقتل ويضرب حتى استشهد رضي الله عنه وفي جسمه بضع وثمانون ما بين ضربة سيف أو طعنة رمح أو موضع سهم، حتى ما عرف وجهه، وإنما عرفته أخت له ببنانه أو شامة”.
لم يعرف من شدة ما أصابه من ضرب! قال بعض الصحابة: "فأحصيت ما به من ضربات فلم أجد في ظهره منها ضربة قط". كان مقبلاً غير مدبر، ولم تأتِه الضربات من ظهره؛ لأنه لم يولّ ولم يهرب، وإنما كان مضحياً ثابتاً.
ولذلك ضرب مثلاً عظيماً من أمثلة التضحية والثبات على دين الله عز وجل..
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم استأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، وفرق كلمتهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين!
اللهم إنا نسألك رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، خائفون فأمنهم، جائعون فأطعمهم، مشردون فسكنهم، اللهم ارزقهم الصبر والثبات واليقين!
أنس بن النضر مثال الإقدام والثبات
فهذا أنس بن النضر رضي الله عنه وأرضاه يقول قبل المعركة، وهو الذي فاتته غزوة بدر، وفاتَه شرف تلك الغزوة العظيمة، يقول: "لئن أشهدني الله عز وجل يوماً كيوم بدر لَيَرَيَنّ ما أصنع"!
قَسَم عظيم يُبرز فيه هذا الصحابي الجليل أنه سيبذل وسيضحي وسيثبت ويقدم لهذا الدين ما تقر به أعين المسلمين، وما يرضى به عنه الله رب العالمين، يقول ذلك لا قولاً رخواً وهو متكئ على أريكته، ولا يقول ذلك وهو في مجلس اللهو واللعب؛ وإنما يقوله مقسماً بالله عز وجل في مواطن الجد والعز.
فلما جاءت المعركة وجاءت هذه الدائرة، مر أنس رضي الله عنه ببعض الأنصار وقد سرت شائعة قتل النبي ﷺ بعد أن تجمع حوله المشركون وحصل ما حصل، فمر أنس ببعض الأنصار وقد قعدوا على هامش المعركة، وسألهم: ما بكم؟ قالوا: أما شعرت أن محمداً ﷺ قد مات؟ فقال كلمات تسجل في صحائف التاريخ، وتخلد في ذاكرة المسلمين، وتنقش في قلوبهم صوراً محفورة لا تنسى من صور الثبات والتضحية، ومعرفة المنهج، ووضوح الرؤية عند الصحابة رضوان الله عليهم، قال: "فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ﷺ"!
لئن مات النبي ﷺ فما قيمة الحياة بعده؟ ولئن أهينت المقدسات، وانتهكت الأعراض، واعتدي على الدين فما قيمة الحياة؟ هل يبقى المسلم في هذه الحياة ليأكل وينكح مثل بقية الأنعام والدواب والهوام؟ إن المسلم أجل وأرفع من أن تكون هذه غاياته، إنه صاحب مهمة ورسالة يقدم حياته كلها لأجل رسالته وإعلاء رايتها؛ فإن أصيب في دينه أو في رسالته؛ فإنه لا يمكن أن يرضى بالذل في هذه الحياة، ولا يمكن أن يبقى ساكناً وادعاً، بل ينبغي أن يتحرق قلبه، وتتحرك جوارحه، وينطق لسانه، وتنطلق أقدامه، وتنفق أمواله، ولو اقتضى الأمر أن تبذل مهجته وروحه في سبيل الله عز وجل كما فعل الصحب الكرام رضوان الله عليهم، ونداء أنس رضي الله عنه ينادي كل المسلمين: "قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ﷺ".
ثم مضى أنس رضي الله عنه إلى ميدان المعركة، مضى إلى الغبار المثار، إلى السيوف التي تبرق في الضحى، إلى الأعناق التي تقطع، والدماء التي تسيل؛ فلقيه في أثناء مسيره سعد بن معاذ فقال له: "إلى أين يا أبا عمرو؟!" فسطر أنس رضي الله عنه أيضاً الجواب بكلمات عظيمة: "واهاً لريح الجنة، والله إني لأجدها دون أُحد".
قوم أيقنوا بما أخبر الله عز وجل به، واستيقنوا بما أخبر به الرسول ﷺ، وعلموا أن طريق مرضاة الله إنما تكون من طريق إعزاز دين الله عز وجل، ونصر عباد الله، وعدم رضى الذل لدين الله عز وجل.
"واهاً لريح الجنة، والله إني لأجد ريحها دون أحد"، ثم انطلق رضي الله عنه، قال سعد: "فما استطعت أن أمضي مضيه، ولا أن أفري فريه، فمضى يقتل ويضرب حتى استشهد رضي الله عنه وفي جسمه بضع وثمانون ما بين ضربة سيف أو طعنة رمح أو موضع سهم، حتى ما عرف وجهه، وإنما عرفته أخت له ببنانه أو شامة”.
لم يعرف من شدة ما أصابه من ضرب! قال بعض الصحابة: "فأحصيت ما به من ضربات فلم أجد في ظهره منها ضربة قط". كان مقبلاً غير مدبر، ولم تأتِه الضربات من ظهره؛ لأنه لم يولّ ولم يهرب، وإنما كان مضحياً ثابتاً.
ولذلك ضرب مثلاً عظيماً من أمثلة التضحية والثبات على دين الله عز وجل..
اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم استأصل شأفتهم، ودمر قوتهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، وفرق كلمتهم، واجعلهم غنيمة للمسلمين!
اللهم إنا نسألك رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين والمشردين والمبعدين والأسرى والمسجونين والجرحى والمرضى في كل مكان يا رب العالمين! اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، خائفون فأمنهم، جائعون فأطعمهم، مشردون فسكنهم، اللهم ارزقهم الصبر والثبات واليقين!
كان يطلق عليها اسم «غزة عسقلان»، فالمتأمل في حديث رسول الله ﷺ يعلم قدر هذه الأرض وأجرها ومكانتها في الإسلام، فكم من صالح فهم المقصد فلزم ساحل عسقلان مرابطاً..
من مقال: فضل الرباط في غزة
بقلم: الشيخ عماد المبيض - المشرف العام على مؤسسة اتحاد الدعاة في بريطانيا
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/vl01
من مقال: فضل الرباط في غزة
بقلم: الشيخ عماد المبيض - المشرف العام على مؤسسة اتحاد الدعاة في بريطانيا
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/vl01
والظن بالله أنَّ المجاهدَ متى خرج من ثغره ولاقى العدو وثبت وضرب فلا أحسب سيئةً تبقى عليه، أصاب العدوَّ بضربته أو لم يصب، رجع أو لم يرجع، بل الظن أن مقامه والحال هذا مقام رفعة في الدرجات أكثر من كونه مقامَ تكفيرٍ للسيئات.
من مقال: هل يمكن أن ننتصر ونحن على خبثٍ وذنوب؟
بقلم: الشيخ محمد بن محمد الأسطل - من علماء غزة
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/uq7x
من مقال: هل يمكن أن ننتصر ونحن على خبثٍ وذنوب؟
بقلم: الشيخ محمد بن محمد الأسطل - من علماء غزة
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/uq7x
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتيةمقال: حسن البنا شهيد فلسطين
بقلم: أ.د.رشاد بيومي - فك الله أسره
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
بقلم: أ.د.رشاد بيومي - فك الله أسره
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
دعني أتأمل معك في آلام سوريا كمثال، في حياة الناس التي سُحقت، ومقدار السنين والأعمار التي ضاعت كل هذه العقود، والصبر الطويل المقهور المكبوت الذي ذاقوه تحت تلك الطغمة، ثم تأمل معي أنه وفجأة يأتي الفرج
من مقال: ثلاثية الأبطال
بقلم د. أحمد شتيوي - أخصائي طب الأسنان
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/3cx0
من مقال: ثلاثية الأبطال
بقلم د. أحمد شتيوي - أخصائي طب الأسنان
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/3cx0
"حُفت الجنة بالمكاره وحُفت النار بالشهوات".. والطريق مليء بالمصائب والآلام، وليس بالطريق المفروش بالورود والأزهار، والسلعة غالية، لذلك كان لا بد أن يكون الثمن غاليًا؛ ﴿فَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَأُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِمۡ وَأُوذُوا۟ فِی سَبِیلِی وَقَـٰتَلُوا۟ وَقُتِلُوا۟﴾ [آل عمران: ١٩٥] كل ذلك في سبيل الثبات، في سبيل النصرة، نصرة هذا الدين.
خُذ من دمائنا اليوم حتى ترضى
لقد بذلوا الأنفس والمهَج والأموال، تأتي الأخبار أن النبي ﷺ بعد أن أرسل رسله إلى الشام، تطاولت الروم على رسله، وقتلت مجموعة من الرجال دخلوا الشام للدعوة إلى الإسلام سلمًا، ثم الغساسنة تطاولوا على رسول رسول الله ﷺ فقتلوه، فحز ذلك واشتد على النبي ﷺ فأرسل إليهم ثلاثة آلاف رجل حتى تعلم فارس والروم أن في المدينة رجالاً يذودون عن حياض هذا الدين، ويصونون أعراض النساء..
جهّز النبي ﷺ الجيش، ورتب الإمارة، وساروا على بركة الله ووصلوا مؤتة، ثم سمعت الروم بأخبارهم فخرجت مرتزقة الروم العرب بمائة ألف، وخرج نصارى الروم بمائة ألف، فاجتمعا في ذلك اليوم على الثلاثة آلاف أكثر من مائتي ألف مقاتل، أسألكم بالله ماذا يستطيع ثلاثة آلاف من الرجال أن يفعلوا أمام هذا العدد الكبير؟ ماذا يستطيع أن يفعل هؤلاء أمام مائتي ألف من الرجال لو طوقوهم من كل الجهات، أما ينتهى الأمر في ساعات بل أقل من ذلك؟
تشاوروا فيما بينهم: هل نرجع؟ هل نرسل إلى النبي ﷺ نخبره بواقع الحال؟ فقالوا فيما بينهم: أنتم لماذا خرجتم أصلًا؟ وماذا تطلبون؟ وماذا تريدون؟ ألستم طلاب جنة؟ فهذه الجنة قد فتحت أبوابها! الجنة تحت ظلال السيوف! فقالوا: لا طريق إلى المدينة، إما النصر وإما الشهادة.. إما الجنة، وإما الانتصار.
فأعدَّوا العدة ودخلوا قرية يُقال لها مؤتة، وسميت المعركة باسمها، تحصنوا في داخلها، على مدى ستة أيام حرب ضروس، والروم بعددها وعُدَدها تحاول أن تنتصر على هذه القلة، فما استطاعت ستة أيام من الكر والفر، في اليوم السادس قُتل زيد، وفي نفس اليوم قُتل جعفر، وفي نفس اليوم قُتل عبد الله بن رواحة.
في المدينة التف الصحابة رجالًا ونساءً يتابعون الأخبار حيةً على الهواء! يتابعون أخبار الجيش الذي يقاتل من أجل نصرة الإسلام والمسلمين.. أريدك تخيل الواقع اليوم، التفوا حول نبيهم يتابعون أخبار المسلمين، والنبي ينقل لهم أخبار المعركة حية على الهواء وحيًا، واليوم نجلس أمام الشاشات، ونجلس أمام القنوات حتى نتابع أخبار المباريات، هذا الفرق بين الأمس واليوم، هم التفوا يتابعون أخبار المسلمين وهم ينصرون الله عز وجل وينصرون رسوله ﷺ، ونحن اجتمعنا على شاشات وقنوات في ضياع لا يعلمه إلا الله!
قال لهم النبي ﷺ وهو ينقل لهم أخبار المعركة: "أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قُتل شهيداً، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قُتل شهيداً". ثم صمت رسول الله ﷺ حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال ﷺ: "ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قُتل شهيداً". ثم قال ﷺ: "لقد رفعوا إليّ في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب...".
تعالوا نرجع إلى أرض المعركة، فبعد سقوط القادة الثلاثة، حمل الراية ثابت بن أقرم وجعل يصيح: يا للأنصار! فجعل الناس يثوبون إليه، فنظر إلى خالد بن الوليد فقال: خذ اللواء يا أبا سليمان. فقال خالد: "لا آخذه! أنت أحق به.. لك سن وقد شهدتَ بدراً". قال ثابت: خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك!
لم يمضِ على إسلام خالد حينها إلا ثلاثة أشهر، خالد الذي خاض المعارك ضد المسلمين، وصنع بهم ما صنع يوم أحد، اليوم يخوض أول معركة مع الإسلام رافعًا راية لا إله إلا الله.
ثم نادى ثابت بالجيش وقال: أترضون بخالد بن الوليد قائدًا عليكم؟ قالوا رضينا، فتولى خالد الإمارة، وحمل الراية، ثم صعد أعلى مكان في المعركة، وميّز الأرض، وميّز المواقع، وغيّر الميمنة والميسرة، والمقدمة والمؤخرة، وبدأ يصول ويجول في المدينة.
وبعد أن نعى النبي ﷺ زيداً، وجعفراً، وابن رواحة للناس قال: "حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم".
وقد حمى الوطيس، حمي بمعنى الكلمة، القتال حينها لم يكن كالقتال اليوم، قتال الجبناء، قتال الفرّار الذين يرمون القنابل، ويهاجمون النساء والأطفال، بل كان الرجل يواجه الرجال، فتطاير الرؤوس، وتتقطع الأشلاء، لك أن تتخيل في ذلك اليوم تعداد المسلمين ثلاثة آلاف، وهم يواجهون أكثر من مائتي ألف! يعني كان مطلوبًا من الرجل الواحد أن يواجه سبعين رجلًا من الكفار، أسألك بالله من أين استمد القوة؟ وأي صنف من الرجال هؤلاء؟
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ** إذا جمعتنا يا جرير المجامع
خُذ من دمائنا اليوم حتى ترضى
لقد بذلوا الأنفس والمهَج والأموال، تأتي الأخبار أن النبي ﷺ بعد أن أرسل رسله إلى الشام، تطاولت الروم على رسله، وقتلت مجموعة من الرجال دخلوا الشام للدعوة إلى الإسلام سلمًا، ثم الغساسنة تطاولوا على رسول رسول الله ﷺ فقتلوه، فحز ذلك واشتد على النبي ﷺ فأرسل إليهم ثلاثة آلاف رجل حتى تعلم فارس والروم أن في المدينة رجالاً يذودون عن حياض هذا الدين، ويصونون أعراض النساء..
جهّز النبي ﷺ الجيش، ورتب الإمارة، وساروا على بركة الله ووصلوا مؤتة، ثم سمعت الروم بأخبارهم فخرجت مرتزقة الروم العرب بمائة ألف، وخرج نصارى الروم بمائة ألف، فاجتمعا في ذلك اليوم على الثلاثة آلاف أكثر من مائتي ألف مقاتل، أسألكم بالله ماذا يستطيع ثلاثة آلاف من الرجال أن يفعلوا أمام هذا العدد الكبير؟ ماذا يستطيع أن يفعل هؤلاء أمام مائتي ألف من الرجال لو طوقوهم من كل الجهات، أما ينتهى الأمر في ساعات بل أقل من ذلك؟
تشاوروا فيما بينهم: هل نرجع؟ هل نرسل إلى النبي ﷺ نخبره بواقع الحال؟ فقالوا فيما بينهم: أنتم لماذا خرجتم أصلًا؟ وماذا تطلبون؟ وماذا تريدون؟ ألستم طلاب جنة؟ فهذه الجنة قد فتحت أبوابها! الجنة تحت ظلال السيوف! فقالوا: لا طريق إلى المدينة، إما النصر وإما الشهادة.. إما الجنة، وإما الانتصار.
فأعدَّوا العدة ودخلوا قرية يُقال لها مؤتة، وسميت المعركة باسمها، تحصنوا في داخلها، على مدى ستة أيام حرب ضروس، والروم بعددها وعُدَدها تحاول أن تنتصر على هذه القلة، فما استطاعت ستة أيام من الكر والفر، في اليوم السادس قُتل زيد، وفي نفس اليوم قُتل جعفر، وفي نفس اليوم قُتل عبد الله بن رواحة.
في المدينة التف الصحابة رجالًا ونساءً يتابعون الأخبار حيةً على الهواء! يتابعون أخبار الجيش الذي يقاتل من أجل نصرة الإسلام والمسلمين.. أريدك تخيل الواقع اليوم، التفوا حول نبيهم يتابعون أخبار المسلمين، والنبي ينقل لهم أخبار المعركة حية على الهواء وحيًا، واليوم نجلس أمام الشاشات، ونجلس أمام القنوات حتى نتابع أخبار المباريات، هذا الفرق بين الأمس واليوم، هم التفوا يتابعون أخبار المسلمين وهم ينصرون الله عز وجل وينصرون رسوله ﷺ، ونحن اجتمعنا على شاشات وقنوات في ضياع لا يعلمه إلا الله!
قال لهم النبي ﷺ وهو ينقل لهم أخبار المعركة: "أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قُتل شهيداً، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قُتل شهيداً". ثم صمت رسول الله ﷺ حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال ﷺ: "ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قُتل شهيداً". ثم قال ﷺ: "لقد رفعوا إليّ في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب...".
تعالوا نرجع إلى أرض المعركة، فبعد سقوط القادة الثلاثة، حمل الراية ثابت بن أقرم وجعل يصيح: يا للأنصار! فجعل الناس يثوبون إليه، فنظر إلى خالد بن الوليد فقال: خذ اللواء يا أبا سليمان. فقال خالد: "لا آخذه! أنت أحق به.. لك سن وقد شهدتَ بدراً". قال ثابت: خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك!
لم يمضِ على إسلام خالد حينها إلا ثلاثة أشهر، خالد الذي خاض المعارك ضد المسلمين، وصنع بهم ما صنع يوم أحد، اليوم يخوض أول معركة مع الإسلام رافعًا راية لا إله إلا الله.
ثم نادى ثابت بالجيش وقال: أترضون بخالد بن الوليد قائدًا عليكم؟ قالوا رضينا، فتولى خالد الإمارة، وحمل الراية، ثم صعد أعلى مكان في المعركة، وميّز الأرض، وميّز المواقع، وغيّر الميمنة والميسرة، والمقدمة والمؤخرة، وبدأ يصول ويجول في المدينة.
وبعد أن نعى النبي ﷺ زيداً، وجعفراً، وابن رواحة للناس قال: "حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم".
وقد حمى الوطيس، حمي بمعنى الكلمة، القتال حينها لم يكن كالقتال اليوم، قتال الجبناء، قتال الفرّار الذين يرمون القنابل، ويهاجمون النساء والأطفال، بل كان الرجل يواجه الرجال، فتطاير الرؤوس، وتتقطع الأشلاء، لك أن تتخيل في ذلك اليوم تعداد المسلمين ثلاثة آلاف، وهم يواجهون أكثر من مائتي ألف! يعني كان مطلوبًا من الرجل الواحد أن يواجه سبعين رجلًا من الكفار، أسألك بالله من أين استمد القوة؟ وأي صنف من الرجال هؤلاء؟
أولئك آبائي فجئني بمثلهم ** إذا جمعتنا يا جرير المجامع
بأصناف هؤلاء الرجال تنتصر الأمة على العدد والعدة.
يوم أن استغاث أبو عبيدة رضي الله عنه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب المدد، أرسل له أربعة، قال له: "أرسلت لك أربعة كل واحد بألف"، ومرة أخرى أرسل له رجلًا واحداً هو المقداد بن عمرو، وقال عمر لقائد المسلمين هناك: أرسلت لك رجلًا سمعت النبي ﷺ يقول عنه: "جيش فيه المقداد لا يهزم بإذن الله".
كم نحتاج إلى قراءة سيرة أولئك الرجال، كم نحتاج أن نعيد ماضي أولئك الآباء والرجال!
غيّر خالد الميمنة والميسرة، وبدأ يصول ويكر مع الرجال والأبطال، حاولت الروم أن تطوّق المسلمين ما استطاعوا، في اليوم الأخير من المعركة غيّر خالد الموازين، وأرسل رجالًا خلف الجيش يثيرون الغبار، ويكبّرون ويملأون أرض المعركة بالتكبير، خافت الروم قالوا على مدى سبعة أيام ونحن نقاوم لم نستطع، الآن وقد أتاهم مدد من المدينة كيف نستطيع أن نقاومهم؟
ثم بدأ خالد مع مائة من الرجال يصولون ويكرّون، حتى أوقعوا فيهم مقتلة لم تشهدها الروم من قبل، ثم بدأ يسحب الرجال من أرض المعركة بخطة عبقرية عجيبة يشهد له التاريخ بها حتى يومنا هذا، فأخرج الجيش من أرض المعركة، بعد أن أدب الروم، وبيّن لهم أن بالمدينة رجالاً يذودون عن حياض هذا الدين.
لذلك قال الله عز وجل عنهم: ﴿وَٱلَّذِینَ لَا یَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا۟ بِٱللَّغۡوِ مَرُّوا۟ كِرَامࣰا * وَٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِّرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ لَمۡ یَخِرُّوا۟ عَلَیۡهَا صُمࣰّا وَعُمۡیَانࣰا﴾ [الفرقان: 73-74] الباطل من احتفالات وأعياد ما أنزل الله بها من سلطان، أفراحنا في انتصارات المسلمين لا في اللهو واللعب والضياع، كانوا يحتفلون بانتصاراتهم في بدر والقادسية واليرموك، فأين انتصارات المسلمين اليوم؟ يقول قائلهم: رفعنا راية لا إله إلا الله في ملاعب الكرة، بعد أن كانت تُرفع في أرض القتال! رفعها الرجال.. كانوا أصحاب عاهات وإعاقات، لم تحُل بينهم وبين الوصول إلى الجنة.
عمرو بن الجموح أعرج شديد العرجة يأتي إلى أبنائه حتى يشهد معركة أُحد مع المسلمين، فيقولون له: أنت من أهل الأعذار وقد عذرك الله! فيجادل أبناءه ويجادلونه في ردّه عن القتال، فيذهبون به إلى النبي ﷺ، ويخبره النبي ﷺ أنه من أهل الأعذار، فيقول بأعلى صوته: "يا رسول الله والله لأطئنّ بعرجتي الجنة"!
والله لن تحول إعاقتي بيني وبين الجنة! وقد صدق فيما قال، وكان من شهداء هذا اليوم، لما رأى النبي ﷺ صدقه قال: "خلوا بينه وبين ما يريد".
قد تقول أعرج.. بل أقول لك بل الأعمى! فليس الأعمى أعمى البصر، لكن العمى عمى البصيرة، ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِی فِی ٱلصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، يوم أن نادَى عمر بخروج جيش اليرموك، خرج ابن أم مكتوم، خرج مع الخارجين ولبس عدة القتال، فقال له عمر: إلى أين؟ قال: يا ابن الخطاب تحول بيني وبين الشهادة؟ قال عمر: ماذا تصنع معهم؟ قال: أُكثّر سواد المسلمين!
فإن لم تكن معهم فلا تكن ضدهم، لا تحارب أهل الاستقامة، إن لم تستطع أن تفعل فعلهم فلا تكن ضدهم..
خرج فلما صفت الصفوف لم يقف مع المتأخرين خلف الصفوف، بل توسط أرض المعركة، وقال لهم: "أنا أكفيكم الراية".
أنا أحمل راية لا إله إلا الله في أرض المعركة لا في الملاعب والمدرجات، أحملها والدماء تسيل والأشلاء تتطاير، أتدري معنى حمل الراية؟ من أصعب المهمات في أرض المعركة أن تحمل الراية، فكل فريق يسعى لإسقاط راية الفريق الآخر.
وبدأت الرياح والنبال تأتي يمنةً ويسرةً، وهو قد رفعها ثابتًا راسخًا في أرض المعركة، بدأت المعركة مع طلوع الشمس، تعداد المسلمين أربعون ألفًا يزيدون أو ينقصون، تعداد الفريق الكافر مائتان وأربعون ألفًا، لم يأتِ مغيب شمس ذلك اليوم إلا وقد حُسمت المعركة، أوقع المسلمون في الروم في ذلك اليوم مقتلة بلغت أكثر من مائة وعشرين ألفًا من الكفار! وصلّى خالد في آخر اليوم في خيمة قائدهم.
كانوا يساومون المسلمين قبل دخول المعركة، طلب قائدهم ماهان خالداً ليبرز إليه فيما بين الصفين فيجتمعا في مصلحة لهم فقال ماهان: إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاماً وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها.
يريد أن يكسر عزة المؤمن، وثبات الصادقين، فقال له خالد في عزة المؤمنين المستمدة من كتاب الله: "إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم. فجئنا لذلك". ثم كبّر خالد وكبّر الجيش معه.
يقول أحدهم لأبي عبيدة في أرض المعركة: إني قد عزمت على الشهادة ولقاء النبي ﷺ فأوصني. قال: أقرئ النبي مني السلام، وقل له: إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، أقرئ النبي مني السلام، وقل له جزاك الله خير ما جازى نبيًا عن أمته، وقل له: إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.
يوم أن استغاث أبو عبيدة رضي الله عنه بعمر بن الخطاب رضي الله عنه يطلب المدد، أرسل له أربعة، قال له: "أرسلت لك أربعة كل واحد بألف"، ومرة أخرى أرسل له رجلًا واحداً هو المقداد بن عمرو، وقال عمر لقائد المسلمين هناك: أرسلت لك رجلًا سمعت النبي ﷺ يقول عنه: "جيش فيه المقداد لا يهزم بإذن الله".
كم نحتاج إلى قراءة سيرة أولئك الرجال، كم نحتاج أن نعيد ماضي أولئك الآباء والرجال!
غيّر خالد الميمنة والميسرة، وبدأ يصول ويكر مع الرجال والأبطال، حاولت الروم أن تطوّق المسلمين ما استطاعوا، في اليوم الأخير من المعركة غيّر خالد الموازين، وأرسل رجالًا خلف الجيش يثيرون الغبار، ويكبّرون ويملأون أرض المعركة بالتكبير، خافت الروم قالوا على مدى سبعة أيام ونحن نقاوم لم نستطع، الآن وقد أتاهم مدد من المدينة كيف نستطيع أن نقاومهم؟
ثم بدأ خالد مع مائة من الرجال يصولون ويكرّون، حتى أوقعوا فيهم مقتلة لم تشهدها الروم من قبل، ثم بدأ يسحب الرجال من أرض المعركة بخطة عبقرية عجيبة يشهد له التاريخ بها حتى يومنا هذا، فأخرج الجيش من أرض المعركة، بعد أن أدب الروم، وبيّن لهم أن بالمدينة رجالاً يذودون عن حياض هذا الدين.
لذلك قال الله عز وجل عنهم: ﴿وَٱلَّذِینَ لَا یَشۡهَدُونَ ٱلزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا۟ بِٱللَّغۡوِ مَرُّوا۟ كِرَامࣰا * وَٱلَّذِینَ إِذَا ذُكِّرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِ رَبِّهِمۡ لَمۡ یَخِرُّوا۟ عَلَیۡهَا صُمࣰّا وَعُمۡیَانࣰا﴾ [الفرقان: 73-74] الباطل من احتفالات وأعياد ما أنزل الله بها من سلطان، أفراحنا في انتصارات المسلمين لا في اللهو واللعب والضياع، كانوا يحتفلون بانتصاراتهم في بدر والقادسية واليرموك، فأين انتصارات المسلمين اليوم؟ يقول قائلهم: رفعنا راية لا إله إلا الله في ملاعب الكرة، بعد أن كانت تُرفع في أرض القتال! رفعها الرجال.. كانوا أصحاب عاهات وإعاقات، لم تحُل بينهم وبين الوصول إلى الجنة.
عمرو بن الجموح أعرج شديد العرجة يأتي إلى أبنائه حتى يشهد معركة أُحد مع المسلمين، فيقولون له: أنت من أهل الأعذار وقد عذرك الله! فيجادل أبناءه ويجادلونه في ردّه عن القتال، فيذهبون به إلى النبي ﷺ، ويخبره النبي ﷺ أنه من أهل الأعذار، فيقول بأعلى صوته: "يا رسول الله والله لأطئنّ بعرجتي الجنة"!
والله لن تحول إعاقتي بيني وبين الجنة! وقد صدق فيما قال، وكان من شهداء هذا اليوم، لما رأى النبي ﷺ صدقه قال: "خلوا بينه وبين ما يريد".
قد تقول أعرج.. بل أقول لك بل الأعمى! فليس الأعمى أعمى البصر، لكن العمى عمى البصيرة، ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِی فِی ٱلصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦]، يوم أن نادَى عمر بخروج جيش اليرموك، خرج ابن أم مكتوم، خرج مع الخارجين ولبس عدة القتال، فقال له عمر: إلى أين؟ قال: يا ابن الخطاب تحول بيني وبين الشهادة؟ قال عمر: ماذا تصنع معهم؟ قال: أُكثّر سواد المسلمين!
فإن لم تكن معهم فلا تكن ضدهم، لا تحارب أهل الاستقامة، إن لم تستطع أن تفعل فعلهم فلا تكن ضدهم..
خرج فلما صفت الصفوف لم يقف مع المتأخرين خلف الصفوف، بل توسط أرض المعركة، وقال لهم: "أنا أكفيكم الراية".
أنا أحمل راية لا إله إلا الله في أرض المعركة لا في الملاعب والمدرجات، أحملها والدماء تسيل والأشلاء تتطاير، أتدري معنى حمل الراية؟ من أصعب المهمات في أرض المعركة أن تحمل الراية، فكل فريق يسعى لإسقاط راية الفريق الآخر.
وبدأت الرياح والنبال تأتي يمنةً ويسرةً، وهو قد رفعها ثابتًا راسخًا في أرض المعركة، بدأت المعركة مع طلوع الشمس، تعداد المسلمين أربعون ألفًا يزيدون أو ينقصون، تعداد الفريق الكافر مائتان وأربعون ألفًا، لم يأتِ مغيب شمس ذلك اليوم إلا وقد حُسمت المعركة، أوقع المسلمون في الروم في ذلك اليوم مقتلة بلغت أكثر من مائة وعشرين ألفًا من الكفار! وصلّى خالد في آخر اليوم في خيمة قائدهم.
كانوا يساومون المسلمين قبل دخول المعركة، طلب قائدهم ماهان خالداً ليبرز إليه فيما بين الصفين فيجتمعا في مصلحة لهم فقال ماهان: إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاماً وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها.
يريد أن يكسر عزة المؤمن، وثبات الصادقين، فقال له خالد في عزة المؤمنين المستمدة من كتاب الله: "إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم. فجئنا لذلك". ثم كبّر خالد وكبّر الجيش معه.
يقول أحدهم لأبي عبيدة في أرض المعركة: إني قد عزمت على الشهادة ولقاء النبي ﷺ فأوصني. قال: أقرئ النبي مني السلام، وقل له: إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً، أقرئ النبي مني السلام، وقل له جزاك الله خير ما جازى نبيًا عن أمته، وقل له: إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً.
فأين الرجال اليوم؟ ها هو الأقصى يلفّ جراحه، والمسلمون جموعهم آحاد، يا ويحنا ماذا أصاب شبابنا وشيبنا؟ أو ما لنا سعد ولا مقداد؟ لماذا يتساقط الناس أما الشهوات، أمام المغريات، وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون؟
الذي يريد ما عند الله لا يهون ولا يضعف..
﴿وَكَأَیِّن مِّن نَّبِیࣲّ قَـٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیرࣱ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَاۤ أَصَابَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِینَ * وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِیۤ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾[آل عمران: ١٤٧].
الذي يريد ما عند الله لا يهون ولا يضعف..
﴿وَكَأَیِّن مِّن نَّبِیࣲّ قَـٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّیُّونَ كَثِیرࣱ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَاۤ أَصَابَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسۡتَكَانُوا۟ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلصَّـٰبِرِینَ * وَمَا كَانَ قَوۡلَهُمۡ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِیۤ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾[آل عمران: ١٤٧].
القرآن معجزة عابرة للمكان بل عابرة للأزمان؛ إنها كبرى معجزات النبي الأمي ﷺ؛ أعجزت أهلها العرب لغة وبلاغة، وأعجزت الثقلين عقيدة وشريعة وأخلاقاً، بل أعجزتهم في الحديث عن عوالم الشهادة والغيب بتفاصيل لا زالت تتحدى العلماء وكل كشوفهم العلمية.
من مقال القرآن معجزة زمانية-مكانية.. أكبر دليل على نبوة محمد ﷺ
بقلم أ. د جمال بن عمار الأحمر الأنصاري - سفير الهيئة في الجزائر
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/u1ti
من مقال القرآن معجزة زمانية-مكانية.. أكبر دليل على نبوة محمد ﷺ
بقلم أ. د جمال بن عمار الأحمر الأنصاري - سفير الهيئة في الجزائر
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/u1ti
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتيةمقال: سلاحنا كرامتنا
بقلم: أ.عماد ابراهيم
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
بقلم: أ.عماد ابراهيم
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
إن الوثنية تغلغلت إلى الديانة المسيحية باسم المسيحية وفي ستارها، حتى أخذوا شهيداً من شهدائهم ولقبوه بأوصاف الآلهة، ثم صنعوا له تمثالاً، وبهذه الطريقة انتقل الشرك وعبادة الأوثان..
من مقال: نحو منهج حركي في دراسة السيرة النبوية 3
بقلم: أ.د خير الدين خوجة - سفير الهيئة في البلقان
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/6rk7
من مقال: نحو منهج حركي في دراسة السيرة النبوية 3
بقلم: أ.د خير الدين خوجة - سفير الهيئة في البلقان
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/6rk7
تُعامل السيرة النبوية وكأنها مجرد أحداث تاريخية شُبعت بحثًا وتحقيقًا، دون أن نُمعن النظر في جوهرها التطبيقي، وكيف يمكن أن تكون منهاجًا حيًا يُنير واقعنا اليومي، لا مجرد سردٍ يُقرأ في الكتب. لم ندرسها كطريقة حياة، بل كقصص تُروى، ولهذا لم تصبح جزءًا من وعينا الجمعي كما ترسخت في نفوس الصحابة حين تعلموها من النبي ﷺ نفسه.
السيرة في مناهجنا.. الغائب الحاضر
لماذا لم تُدرّس السيرة للأطفال كما تُدرّس تحية العلم والشعارات الوطنية؟ لأن من يتحكم في صناعة الوعي يدرك أن بناء الأمم يبدأ بصغارها، ولهذا دُسَّت السموم في المناهج، حتى لا ينشأ جيل يسأل الأسئلة التي يخاف منها كل مستبدٍّ ومعتدٍ.
ماذا لو كان أطفالنا يتعلمون من الرسول ﷺ كما تعلم منه الصحابة؟
كانوا سيسألون بأسئلتهم البريئة والعميقة في آن واحد:
• هل كان النبي ﷺ سيطل على الكعبة من برج الساعة في رمضان؟
• هل سيصعد فوقها ليشرف على توسعتها، بينما تُستباح دماء المسلمين في الشرق والغرب؟ (حاشاه من ذلك).
• ماذا سيقول لجنود الحدود الذين يحرسون الأرض؟ وهل سيعد من يحاول القدوم إليها غازيًا أم طالب حق؟
• أيّ الدول الإسلامية اليوم ستكون دولته؟ وهل سيتفرق العرب من جديد؟
• كم “مُسيلمة” سيبعث إليه برسالة يدّعي فيها أنه شريك في الأمر؟
هل كان سيرى في جامعة الدول العربية امتدادًا لـ حلف الفضول الذي نصر المظلوم، أم حلفًا آخر لا يُشبه إلا “لعقة الدم” و”نادي قريش”؟
لو طبّقنا السيرة.. لما أضعنا الطريق
لم تكن السيرة دروسًا نظرية، بل منهجًا لصناعة النهضة. لو أننا أحببناه حقًا واتبعنا خطواته، لما وجدنا أنفسنا نكرر أخطاء الماضي، ولما وقعنا في الفخاخ ذاتها التي سقط فيها الشريف حسين بن علي عندما حلم بـ”مملكة عربية” على أجزاء من أرض العرب، بدلاً من أمة موحدة كما أرادها النبي ﷺ.
أين سيكون النبي اليوم؟
لو كان بيننا اليوم، أين سيكون؟
• في غزة، يحفر الأنفاق بيديه الشريفتين، ويشرف على بناء خندق جديد حولها، ويعد أصحابه بأنهم ظاهرون على عدوهم ولن يضرهم من خذلهم، ويقرأ عليهم: ﴿وَلِيُدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الإسراء: 7].
• في دمشق، يعيد تأسيس الدولة، يكتب صحيفة جديدة للمدينة، ويعمر المساجد ليكون منطلق الدعوة والجهاد من جديد.
• في الأسواق، يفتتح سوقًا بعيدًا عن الاستغلال الرأسمالي، يعيد إحياء الاقتصاد الإسلامي ليكون عادلاً ومنصفًا، لا رهينةً للبنوك الربوية والاستهلاك المفرط.
• بين الناس، يحدثهم عن بدر وأحد، عن يوم حنين إذ ﴿أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم﴾، عن فقه الأولويات، وعن أن التنافس ليس على الدنيا، بل على ﴿جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾.
• في السياسة، يرسل عدة رسائل مفادها: “أسلم تسلم”، دون خوف أو تملق أو مواربة.
السيرة.. جسرنا إلى المستقبل
لهذا كله، حق علينا أن نجعل السيرة أسلوب حياتنا، لا مجرد قصص تُحكى في كتب التاريخ. أن نكون الجسر الذي يصل أطفالنا بتعاليم النبي ﷺ، حتى لو بالغ أعداؤنا في التغطية عليها، وحتى لو حاولوا تغييبها عن مناهجنا.
نحن بحاجة إلى تعليم السيرة تطبيقياً، يضمن أن تنشأ الأجيال القادمة على العدل والحق، حتى يكون لهم نصيبٌ من نور النبي، ورجاء شفاعته يوم القيامة، ﴿یَوۡمَ لَا یَنفَعُ مَالࣱ وَلَا بَنُونَ﴾ [الشعراء: 88].
والحمد لله رب العالمين
السيرة في مناهجنا.. الغائب الحاضر
لماذا لم تُدرّس السيرة للأطفال كما تُدرّس تحية العلم والشعارات الوطنية؟ لأن من يتحكم في صناعة الوعي يدرك أن بناء الأمم يبدأ بصغارها، ولهذا دُسَّت السموم في المناهج، حتى لا ينشأ جيل يسأل الأسئلة التي يخاف منها كل مستبدٍّ ومعتدٍ.
ماذا لو كان أطفالنا يتعلمون من الرسول ﷺ كما تعلم منه الصحابة؟
كانوا سيسألون بأسئلتهم البريئة والعميقة في آن واحد:
• هل كان النبي ﷺ سيطل على الكعبة من برج الساعة في رمضان؟
• هل سيصعد فوقها ليشرف على توسعتها، بينما تُستباح دماء المسلمين في الشرق والغرب؟ (حاشاه من ذلك).
• ماذا سيقول لجنود الحدود الذين يحرسون الأرض؟ وهل سيعد من يحاول القدوم إليها غازيًا أم طالب حق؟
• أيّ الدول الإسلامية اليوم ستكون دولته؟ وهل سيتفرق العرب من جديد؟
• كم “مُسيلمة” سيبعث إليه برسالة يدّعي فيها أنه شريك في الأمر؟
هل كان سيرى في جامعة الدول العربية امتدادًا لـ حلف الفضول الذي نصر المظلوم، أم حلفًا آخر لا يُشبه إلا “لعقة الدم” و”نادي قريش”؟
لو طبّقنا السيرة.. لما أضعنا الطريق
لم تكن السيرة دروسًا نظرية، بل منهجًا لصناعة النهضة. لو أننا أحببناه حقًا واتبعنا خطواته، لما وجدنا أنفسنا نكرر أخطاء الماضي، ولما وقعنا في الفخاخ ذاتها التي سقط فيها الشريف حسين بن علي عندما حلم بـ”مملكة عربية” على أجزاء من أرض العرب، بدلاً من أمة موحدة كما أرادها النبي ﷺ.
أين سيكون النبي اليوم؟
لو كان بيننا اليوم، أين سيكون؟
• في غزة، يحفر الأنفاق بيديه الشريفتين، ويشرف على بناء خندق جديد حولها، ويعد أصحابه بأنهم ظاهرون على عدوهم ولن يضرهم من خذلهم، ويقرأ عليهم: ﴿وَلِيُدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [الإسراء: 7].
• في دمشق، يعيد تأسيس الدولة، يكتب صحيفة جديدة للمدينة، ويعمر المساجد ليكون منطلق الدعوة والجهاد من جديد.
• في الأسواق، يفتتح سوقًا بعيدًا عن الاستغلال الرأسمالي، يعيد إحياء الاقتصاد الإسلامي ليكون عادلاً ومنصفًا، لا رهينةً للبنوك الربوية والاستهلاك المفرط.
• بين الناس، يحدثهم عن بدر وأحد، عن يوم حنين إذ ﴿أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم﴾، عن فقه الأولويات، وعن أن التنافس ليس على الدنيا، بل على ﴿جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾.
• في السياسة، يرسل عدة رسائل مفادها: “أسلم تسلم”، دون خوف أو تملق أو مواربة.
السيرة.. جسرنا إلى المستقبل
لهذا كله، حق علينا أن نجعل السيرة أسلوب حياتنا، لا مجرد قصص تُحكى في كتب التاريخ. أن نكون الجسر الذي يصل أطفالنا بتعاليم النبي ﷺ، حتى لو بالغ أعداؤنا في التغطية عليها، وحتى لو حاولوا تغييبها عن مناهجنا.
نحن بحاجة إلى تعليم السيرة تطبيقياً، يضمن أن تنشأ الأجيال القادمة على العدل والحق، حتى يكون لهم نصيبٌ من نور النبي، ورجاء شفاعته يوم القيامة، ﴿یَوۡمَ لَا یَنفَعُ مَالࣱ وَلَا بَنُونَ﴾ [الشعراء: 88].
والحمد لله رب العالمين
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتية مقال: الثبات على الحق أول النصر
بقلم: د.عبد الرحمن البر- فك الله أسره
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
بقلم: د.عبد الرحمن البر- فك الله أسره
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
كنت كثيراً ما أستمع إلى بعض أجوبته ومداخلاته عندما يُسأل عن بعض مخالفيه في المنهج كالشيخ محمد الغزالي، أو الشيخ الشعراوي أو الأستاذ سيد قطب رحم الله الجميع، فيبدأ حديثه دائماً بالترحم عليهم ثم يلتمس لهم الأعذار
من مقال: العلم والرّحمة في حياة الحويني
بقلم: الشيخ حسن شبّاني - سفير الهيئة في كندا
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/1g52
من مقال: العلم والرّحمة في حياة الحويني
بقلم: الشيخ حسن شبّاني - سفير الهيئة في كندا
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/1g52
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
المقالات الصوتية
مقال: إنقاذ فلسطين واجب ديني
بقلم:علماء الجامع الأزهر - رحمهم الله
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
مقال: إنقاذ فلسطين واجب ديني
بقلم:علماء الجامع الأزهر - رحمهم الله
استمع الآن إلى المقال كاملاً 🎧
لقَد وُجد دومًا إيمانٌ وكفر، وحقٌّ وباطل، وظلمٌ وعدل، وخيرٌ وشرّ، ولكلّ طرفٍ أنصارٌ يقومون به، فأهلُ الحقِّ يقومون به وبه يعدِلُون، وأهلُ الباطل يقومُون له وبه يَجورُون، وقد قضى سبحانه أن تكونَ العاقبةُ للمتقين
من مقال: لا يكون التمكين إلا باتخاذ أسبابه
بقلم الشيخ جلال الدين حمصي - سفير الهيئة في لبنان
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/zwmz
من مقال: لا يكون التمكين إلا باتخاذ أسبابه
بقلم الشيخ جلال الدين حمصي - سفير الهيئة في لبنان
اقرأ المقال كاملاً: https://supportprophetm.com/zwmz