This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📚66 باب قول الله تعالى: {يظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ}📚
📚 المتن 📚
📚باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154]
وقوله: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6].
قال ابن القيم في الآية الأولى: فسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته. ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره الله على الدين كله. وهذا هو ظن السوء الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا الظن السوء لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.
فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء. ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا؛ فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك، هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمةوإلا فإني لا إخالك ناجيا📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: يقول رحمه الله باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154]، وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا [آل عمران:168]، وقوله سبحانه: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6] .
ثم ذكر كلام ابن القيم رحمه الله في هذا الباب، والمقصود من هذا الباب بيان أن كثيرا من الناس لا يسلم لله حكمته، ولا يسلم لله قدره السابق، ولا يسلم لله ما أراده سبحانه من تنبيه العباد على أغلاطهم وأخطائهم حتى يستعدوا وحتى ينتبهوا، بل أساؤوا الظن بالله من وجوه كثيرة: منهم من يظن أن ما يقع من الأشياء التي تخالف هواه أنه لم يكن عن حكمة ولا عن قدر سابق، ومنهم من يظن أنه بمجرد المشيئة لا عن حكمة فقط، ومنهم من يظن أن الله جار على عباده وظلمهم حتى فعل كذا وفعل كذا، ظلم فلان وأخر فلانا وأصح فلانا وأمرض فلانا لماذا؟
فهذه أمور الناس الكثيرة، ولهذا قال في المنافقين: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [آل عمران:154] في قصة أحد لما وقعت وقعة أحد وجرى على المسلمين ما جرى من الهزيمة والجراح وقتل سبعين منهم يوم أحد نجم النفاق، تكلم المنافقون بما تكلموا به وظنوا بالله غير الحق فيقولون هل لنا من الأمر شيء؟ هل لنا تصرف في هذا الأمر، ويقولون: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران:154] يعني أننا مجبورون وليس لنا أمر، ولكن قادنا محمد إلى هذا الأمر حتى وقع ما وقع، وهذا كله من جهلهم وضلالهم، وقلة بصيرتهم وعمى قلوبهم، فلهذا ظنوا بالله ظن السوء، وظنوا أن ما وقع لم يكن عن حكمة بالغة، وظنوا أن الله لا ينصر رسوله، وأن هذا النبي سيضمحل أمره وستكون الدائرة عليه، وظنوا أن ما وقع لم يكن إلا بمجرد المشيئة، فصار ظنهم هذا يجمع بين سوء الظن بالله من جهة أنه لا ينصر أولياءه ولا ينصر رسوله، ومن جهة أنه لا يعمل عن حكمة ولا تقع أفعاله عن حكمة بل لمجرد المشيئة المجردة، فهذا كله باطل، ولهذا بين الله في كتابه العظيم حكمه وأسراره فيما يفعله، وفيما يقضيه، وفيما يشرعه ، وأنه يبتلي عباده بالسراء والضراء والشدة والرخاء ليبتليهم وليمحص ما في قلوب المؤمنين، ويمحق الكافرين، وليتب المؤمنون إليه ويستغفروه، وليعدوا أنفسهم إعدادا عظيما للقائه ، والقيام بحقه .
قال جل وعلا في كتابه العظيم: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ [آل
📚 المتن 📚
📚باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154]
وقوله: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6].
قال ابن القيم في الآية الأولى: فسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته. ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره الله على الدين كله. وهذا هو ظن السوء الذي ظن المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا الظن السوء لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.
فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء. ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا؛ فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك، هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمةوإلا فإني لا إخالك ناجيا📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: يقول رحمه الله باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران:154]، وقوله تعالى: الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا [آل عمران:168]، وقوله سبحانه: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6] .
ثم ذكر كلام ابن القيم رحمه الله في هذا الباب، والمقصود من هذا الباب بيان أن كثيرا من الناس لا يسلم لله حكمته، ولا يسلم لله قدره السابق، ولا يسلم لله ما أراده سبحانه من تنبيه العباد على أغلاطهم وأخطائهم حتى يستعدوا وحتى ينتبهوا، بل أساؤوا الظن بالله من وجوه كثيرة: منهم من يظن أن ما يقع من الأشياء التي تخالف هواه أنه لم يكن عن حكمة ولا عن قدر سابق، ومنهم من يظن أنه بمجرد المشيئة لا عن حكمة فقط، ومنهم من يظن أن الله جار على عباده وظلمهم حتى فعل كذا وفعل كذا، ظلم فلان وأخر فلانا وأصح فلانا وأمرض فلانا لماذا؟
فهذه أمور الناس الكثيرة، ولهذا قال في المنافقين: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [آل عمران:154] في قصة أحد لما وقعت وقعة أحد وجرى على المسلمين ما جرى من الهزيمة والجراح وقتل سبعين منهم يوم أحد نجم النفاق، تكلم المنافقون بما تكلموا به وظنوا بالله غير الحق فيقولون هل لنا من الأمر شيء؟ هل لنا تصرف في هذا الأمر، ويقولون: لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران:154] يعني أننا مجبورون وليس لنا أمر، ولكن قادنا محمد إلى هذا الأمر حتى وقع ما وقع، وهذا كله من جهلهم وضلالهم، وقلة بصيرتهم وعمى قلوبهم، فلهذا ظنوا بالله ظن السوء، وظنوا أن ما وقع لم يكن عن حكمة بالغة، وظنوا أن الله لا ينصر رسوله، وأن هذا النبي سيضمحل أمره وستكون الدائرة عليه، وظنوا أن ما وقع لم يكن إلا بمجرد المشيئة، فصار ظنهم هذا يجمع بين سوء الظن بالله من جهة أنه لا ينصر أولياءه ولا ينصر رسوله، ومن جهة أنه لا يعمل عن حكمة ولا تقع أفعاله عن حكمة بل لمجرد المشيئة المجردة، فهذا كله باطل، ولهذا بين الله في كتابه العظيم حكمه وأسراره فيما يفعله، وفيما يقضيه، وفيما يشرعه ، وأنه يبتلي عباده بالسراء والضراء والشدة والرخاء ليبتليهم وليمحص ما في قلوب المؤمنين، ويمحق الكافرين، وليتب المؤمنون إليه ويستغفروه، وليعدوا أنفسهم إعدادا عظيما للقائه ، والقيام بحقه .
قال جل وعلا في كتابه العظيم: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ [آل
عمران:165-167]. فله الحكمة البالغة في ابتلاء هؤلاء وهؤلاء، فالمؤمنون ابتلوا ليتمحض إيمانهم وتكفر سيئاتهم، وليعدوا العدة من جديد للقاء ربهم والاستقامة على دينه، وليحاسبوا أنفسهم بترك المعاصي والمخالفات، وليبادروا بالتوبة إلى الله ، والكفار يمحقوا ويدمروا ويقطع دابرهم، والمنافقون ليفضحوا ويظهر خزيهم وباطلهم، فله الحكمة البالغة في كل شيء ، وربك هو الأحكم والأعلم جل وعلا، فمن ظن أنه سبحانه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة فيضمحل معها الحق فقد أساء بالله الظن، أما كون المسلمين قد يقع عليهم هزيمة، قد يبتلون بقتل بعضهم، قد يبتلون بجراحات، هذا واقع ليبتليهم، ليرفع درجاتهم وليكفر سيئاتهم، ويضرعوا إليه وليعدوا العدة ويجتنبوا أسباب الهزيمة، ولهذا جرى عليهم ما جرى يوم أحد، لكن ما استقر ذلك بل نصرهم الله بعد ذلك وأعزهم وقضى على عدوهم وهزمهم يوم الأحزاب، وهزمهم يوم فتح مكة، وصارت الدائرة للمسلمين، والعاقبة للمتقين.
ولكن أعداء الله من المنافقين قد فسدت قلوبهم فلم يعقلوا الحق ولم يفهموه وأساؤوا الظن بالله جل وعلا وبرسوله وبالمؤمنين، وصارت الدائرة على أعداء الله، والهزيمة على أعداء الله، والنصر والتوفيق لأولياء الله كما قال : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وقال : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:40-41].
وهذا الوعد لا يقدح فيه ما قد يقع من هزيمة في بعض الأحيان، ومن قتل بعض المؤمنين ليتخذهم شهداء ، وليمحص ما في قلوب المؤمنين، فهذا من حكمته سبحانه، ومن فضله على أوليائه أن يمحصهم ويعدهم إعدادًا أكمل، ويتخذهم شهداء، ويرفع درجاتهم في الآخرة، إلى غير هذا من حكمته .
ولأن الناس لو نصروا دائما ولم يصبهم شيء من الخلل لربما ابتلوا بالعجب والكبرياء وعدم الخضوع لله وعدم الاعتراف بتقصيرهم ونقصهم، وربما لظنوا أن هذا لحيلتهم وقوتهم وأعمالهم، فإذا ابتلاهم الله بهذه الأشياء انكسرت نفوسهم وعرفوا عيوبهم وضرعوا إلى الله وانقادوا لأمره، وتباعدوا عن أسباب غضبه ، والواجب على المؤمن أن يفتش عن نفسه، وأن ينظر ويحاسبها لعله يسلم من هذا البلاء، ولهذا قال المؤلف: ففتش نفسك هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمةوإلا فإني لا إخالك
يعني: لا أظنك ناجيا، إن فتش نفسه وجد عندها عيوبا كثيرة، ووجد عندها اعتراض على القدر، ووجد عندها عيوبا في نفسها، وفي أعمالها إلا من عصم ربك، فعلى المؤمن أن يفتش نفسه وأن يجاهدها لعله ينجو، لعله يسلم من هذا البلاء الذي وقع فيه المنافقون، ووقع فيه ضعفاء الإيمان، ووقع فيه الكافرون. وأن يؤمن جازما أن ربه حكيم عليم، وأن ما يقضيه عن حكمة بالغة، وعن قدر سابق، وله في الحكمة البالغة والأسرار العظيمة من تهيأة عباده المؤمنين لما هو أفضل، ومن رفع درجاتهم واتخاذ شهداء منهم، ومن تكفير سيئاتهم ومن تنبيههم على أخطائهم حتى يستعدوا وحتى يتوبوا إلى غير هذا من الحكم.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
ولكن أعداء الله من المنافقين قد فسدت قلوبهم فلم يعقلوا الحق ولم يفهموه وأساؤوا الظن بالله جل وعلا وبرسوله وبالمؤمنين، وصارت الدائرة على أعداء الله، والهزيمة على أعداء الله، والنصر والتوفيق لأولياء الله كما قال : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، وقال : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:40-41].
وهذا الوعد لا يقدح فيه ما قد يقع من هزيمة في بعض الأحيان، ومن قتل بعض المؤمنين ليتخذهم شهداء ، وليمحص ما في قلوب المؤمنين، فهذا من حكمته سبحانه، ومن فضله على أوليائه أن يمحصهم ويعدهم إعدادًا أكمل، ويتخذهم شهداء، ويرفع درجاتهم في الآخرة، إلى غير هذا من حكمته .
ولأن الناس لو نصروا دائما ولم يصبهم شيء من الخلل لربما ابتلوا بالعجب والكبرياء وعدم الخضوع لله وعدم الاعتراف بتقصيرهم ونقصهم، وربما لظنوا أن هذا لحيلتهم وقوتهم وأعمالهم، فإذا ابتلاهم الله بهذه الأشياء انكسرت نفوسهم وعرفوا عيوبهم وضرعوا إلى الله وانقادوا لأمره، وتباعدوا عن أسباب غضبه ، والواجب على المؤمن أن يفتش عن نفسه، وأن ينظر ويحاسبها لعله يسلم من هذا البلاء، ولهذا قال المؤلف: ففتش نفسك هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمةوإلا فإني لا إخالك
يعني: لا أظنك ناجيا، إن فتش نفسه وجد عندها عيوبا كثيرة، ووجد عندها اعتراض على القدر، ووجد عندها عيوبا في نفسها، وفي أعمالها إلا من عصم ربك، فعلى المؤمن أن يفتش نفسه وأن يجاهدها لعله ينجو، لعله يسلم من هذا البلاء الذي وقع فيه المنافقون، ووقع فيه ضعفاء الإيمان، ووقع فيه الكافرون. وأن يؤمن جازما أن ربه حكيم عليم، وأن ما يقضيه عن حكمة بالغة، وعن قدر سابق، وله في الحكمة البالغة والأسرار العظيمة من تهيأة عباده المؤمنين لما هو أفضل، ومن رفع درجاتهم واتخاذ شهداء منهم، ومن تكفير سيئاتهم ومن تنبيههم على أخطائهم حتى يستعدوا وحتى يتوبوا إلى غير هذا من الحكم.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
شرح باب: قوله تعالى :" يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية" بشرح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
⤴️⤴️⤴️⤴️
#الباب_السادس_والستون
⤴️⤴️⤴️⤴️
#الباب_السادس_والستون
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📚67 باب ما جاء في منكر القدر📚
📚 المتن 📚
📚وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي ﷺ: الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره رواه مسلم.
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من مات على غير هذا فليس مني.
وفي رواية لأحمد: إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. وفي رواية لابن وهب قال رسول الله ﷺ: فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار.
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب فقلت في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبدالله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي ﷺ" حديث صحيح. رواه الحاكم في صحيحه.📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: هذا الباب فيما يتعلق بالقدر، لما كان الإيمان بالقدر من أصول الإيمان وضع المؤلف هذا الباب في كتاب التوحيد لأن ذلك مما يحصل به التوحيد وينتفي به الكفر، ولهذا قال: باب ما جاء في منكري القدر، يعني من الوعيد الشديد والتحذير الأكيد من إنكاره..
قد كان المسلمون في عهده ﷺ قد آمنوا بالقدر وسلموا لله أمره، ثم نبغت نابغة بعد ذلك في آخر عهد الصحابة وبعد ذلك فأنكروا القدر، وقالوا: الأمر أنف، وزعموا أن في إثبات القدر خلافا للعدل، وكيف تقدر الأمور ثم يعاقب العاصي والكافر على ما فعل جهلا منهم وضلالا والتباسا بالأمر عليهم، أما أهل الحق من أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي ﷺ ومن سار على نهجهم فقد آمنوا بالقدر وصدقوه، وأن الله قدر المقادير وكتبها سبحانه، فلا يقع في ملكه ما لا يريد، بل قدر كل شيء وأحصى كل شيء، وهو العالم بكل شيء.
وكان الإمام الشافعي رحمه الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله يقول في شأن القدرية: ناظروهم بالعلم فإن أقروا به خصموا، وإن أنكروه كفروا، والمعنى قولوا لهم: هل الله يعلم الأشياء قبل وجودها؟ فإذا قالوا: نعم يعلم قبل وجودها فهذا هو القدر، هذا هو القدر أن الله علم الأشياء وكتبها عنده، فهو يعلمها قبل أن تقع، يعلم من يكفر ومن يعصي ومن يؤمن، يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، فإن أنكروه وقالوا: لا يعلم كفروا، لأنهم في هذه الحالة نسبوا إلى الله الجهل، والله يقول: إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال:75]، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12] فمن نسب ربه إلى الجهل وأنه لا يعلم الأشياء فقد طعن فيه غاية الطعن وتنقص فيه غاية النقص، فيكون كافرا، ولهذا ذهب جم غفير من أهل العلم من أهل السنة والجماعة إلى كفر القدرية، وأنهم كفار لأنهم كذبوا بقدر الله وأنكروا علمه بالحقيقة.
وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال في حديث عمر لما سأله جبرائيل عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، وقد دل على هذا كتاب الله حيث قال : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22]، وقال سبحانه: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70] فهو بين كل شيء وقدر كل شيء إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12].
وقد دل كتاب الله على سبق علمه بالأشياء، وهذا هو القدر، ودلت السنة على ذلك، فمن أنكر ذلك وزعم أنه لا قدر فهو كافر مكذب لهذه النصوص، متعدٍ لحدود الله، ناسبا إلى ربه الجهل وعدم العلم، ولهذا قال ابن عمر لما بلغوه قال: إذا لقيتموهم فقل لهم: إن ابن عمر برئ منكم، ولستم مني ولست منكم، وقال: لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، وهكذا قال زيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وحذيفة بن اليمان، وعبدالله بن مسعود، وهكذا قال أهل السنة والجماعة، فالواجب على أهل كل مسلم وعلى كل مكلف يدخل في الإسلام أن يؤمن بالقدر ويصدق بعلم الله في الأشياء.
والإيمان بالقدر يشمل أمورا أربعة:
📚 المتن 📚
📚وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا، ثم أنفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي ﷺ: الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره رواه مسلم.
وعن عبادة بن الصامت أنه قال لابنه: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب. فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني سمعت رسول الله ﷺ يقول: من مات على غير هذا فليس مني.
وفي رواية لأحمد: إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة. وفي رواية لابن وهب قال رسول الله ﷺ: فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره أحرقه الله بالنار.
وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب فقلت في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبدالله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن ثابت، فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي ﷺ" حديث صحيح. رواه الحاكم في صحيحه.📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: هذا الباب فيما يتعلق بالقدر، لما كان الإيمان بالقدر من أصول الإيمان وضع المؤلف هذا الباب في كتاب التوحيد لأن ذلك مما يحصل به التوحيد وينتفي به الكفر، ولهذا قال: باب ما جاء في منكري القدر، يعني من الوعيد الشديد والتحذير الأكيد من إنكاره..
قد كان المسلمون في عهده ﷺ قد آمنوا بالقدر وسلموا لله أمره، ثم نبغت نابغة بعد ذلك في آخر عهد الصحابة وبعد ذلك فأنكروا القدر، وقالوا: الأمر أنف، وزعموا أن في إثبات القدر خلافا للعدل، وكيف تقدر الأمور ثم يعاقب العاصي والكافر على ما فعل جهلا منهم وضلالا والتباسا بالأمر عليهم، أما أهل الحق من أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي ﷺ ومن سار على نهجهم فقد آمنوا بالقدر وصدقوه، وأن الله قدر المقادير وكتبها سبحانه، فلا يقع في ملكه ما لا يريد، بل قدر كل شيء وأحصى كل شيء، وهو العالم بكل شيء.
وكان الإمام الشافعي رحمه الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله يقول في شأن القدرية: ناظروهم بالعلم فإن أقروا به خصموا، وإن أنكروه كفروا، والمعنى قولوا لهم: هل الله يعلم الأشياء قبل وجودها؟ فإذا قالوا: نعم يعلم قبل وجودها فهذا هو القدر، هذا هو القدر أن الله علم الأشياء وكتبها عنده، فهو يعلمها قبل أن تقع، يعلم من يكفر ومن يعصي ومن يؤمن، يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، فإن أنكروه وقالوا: لا يعلم كفروا، لأنهم في هذه الحالة نسبوا إلى الله الجهل، والله يقول: إنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الأنفال:75]، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12] فمن نسب ربه إلى الجهل وأنه لا يعلم الأشياء فقد طعن فيه غاية الطعن وتنقص فيه غاية النقص، فيكون كافرا، ولهذا ذهب جم غفير من أهل العلم من أهل السنة والجماعة إلى كفر القدرية، وأنهم كفار لأنهم كذبوا بقدر الله وأنكروا علمه بالحقيقة.
وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال في حديث عمر لما سأله جبرائيل عن الإيمان قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، وقد دل على هذا كتاب الله حيث قال : مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22]، وقال سبحانه: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70] فهو بين كل شيء وقدر كل شيء إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12].
وقد دل كتاب الله على سبق علمه بالأشياء، وهذا هو القدر، ودلت السنة على ذلك، فمن أنكر ذلك وزعم أنه لا قدر فهو كافر مكذب لهذه النصوص، متعدٍ لحدود الله، ناسبا إلى ربه الجهل وعدم العلم، ولهذا قال ابن عمر لما بلغوه قال: إذا لقيتموهم فقل لهم: إن ابن عمر برئ منكم، ولستم مني ولست منكم، وقال: لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، وهكذا قال زيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وحذيفة بن اليمان، وعبدالله بن مسعود، وهكذا قال أهل السنة والجماعة، فالواجب على أهل كل مسلم وعلى كل مكلف يدخل في الإسلام أن يؤمن بالقدر ويصدق بعلم الله في الأشياء.
والإيمان بالقدر يشمل أمورا أربعة:
يشمل: علم الله بالأشياء وكتابته لها، وأنه خالق كل شيء ومقدر كل شيء، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فجميع المخلوقات هو الذي خلقها سبحانه وتعالى بمشيئته جل وعلا، وحكمته ، وقدرته العظيمة، فلا بد من هذه الأمور الأربعة:
الإيمان بعلم الله وأن الله علم كل شيء.
وأنه كتب كل شيء.
وأنه خالق لكل شيء.
وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
هذه مراتب القدر الأربع، من آمن بها فقد آمن بالقدر، ومن كذب بشيء منها فقد كذب بشيء من القدر.
وهكذا حديث عبادة بن الصامت حين قال: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان، يعني راحة الإيمان وطمأنينته وذوقه إلا بالإيمان بالقدر، يعني حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، لأنه إذا آمن بهذا استراح قلبه واطمأن وأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، ويعمل ما شرع الله، ويأخذ بالأسباب وهو مطمئن القلب لن يصيبه إلا ما كتب الله له، فلا يلقي بنفسه إلى التهلكة، ولا يتعدى حدود ربه، بل يأخذ بالأسباب، ويعمل بالأسباب، ويتقي أسباب الشر، ويعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له.
وبين عبادة أنه من مات على هذا أن الرسول ﷺ قال: ليس منا، من مات ولم يؤمن بالقدر أحرقه الله بالنار، فلا بد من الإيمان بأن تعلم ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، هذا ..... القدر من مات.. بعض معناه فإنك إذا آمنت بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله، فقد عرفت أن الله قدر الأشياء ومضى بها علمه .
وهكذا ... الديلمي، وهو عبدالله بن الديلمي ابن فيروز الديلمي تابعي معروف سأل زيد بن ثابت وأبي بن كعب وحذيفة بن اليمان وابن مسعود عن ذلك فأخبروه: أنه لو أنفق مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، وأنه لا بد من الإيمان بالقدر، وإلا فإن أعماله حابطة، وهذا يدل على أنهم اعتقدوا وأرادوا أنه يكفر بذلك لأن الله قال: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] فالذي لا تقبل أعماله ولا تقبل نفقاته هو كافر الذي لم يتحقق فيه الإيمان، فمن أنكر القدر فقد كذب بشيء من الإيمان، وركن من أركان الإيمان، فحينئذ لا تقبل أعماله ولا تقبل نفقاته حتى يؤمن بالقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، هذا هو الواجب على المسلمين جميعا أن يؤمنوا بأن الله علم الأشياء وأحصاها قبل أن تكون وكتبها، وأنه هو الخلاق العليم، الله خالق كل شيء ، وأن ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:28-29]، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام:112]، وهو سبحانه ..... لكل شيء، والقادر على كل شيء، والخالق لكل شيء، والمدبر لكل شيء ، فعلى العبد أن يؤمن بذلك وأن يصدق بذلك.
وقد صح عن رسول الله ﷺ من حديث عبدالله بن عمرو عند مسلم قال ﷺ: إن الله قدر المقادير على الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء فالأمر قد أحكم ومضى به علم الله وكتابته ، وهو الخلاق مدبر الأمور، خالق الأشياء ومصرفها كما يشاء على ما قدرها عليه وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2]، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21] فكل شيء قد قدره وأحصاه وكتبه وعلمه، فلا يخرج عن ملكه ما لا يريد، ولا يقع في ملكه ما لا يريد، بل كل شيء تحت تصرفه وتدبيره ومشيئته ، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة، فمن استقام عليه فقد استقام على الحق، ومن حاد عنه فقد حاد عن الحق.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
الإيمان بعلم الله وأن الله علم كل شيء.
وأنه كتب كل شيء.
وأنه خالق لكل شيء.
وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
هذه مراتب القدر الأربع، من آمن بها فقد آمن بالقدر، ومن كذب بشيء منها فقد كذب بشيء من القدر.
وهكذا حديث عبادة بن الصامت حين قال: يا بني إنك لن تجد طعم الإيمان، يعني راحة الإيمان وطمأنينته وذوقه إلا بالإيمان بالقدر، يعني حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، لأنه إذا آمن بهذا استراح قلبه واطمأن وأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، ويعمل ما شرع الله، ويأخذ بالأسباب وهو مطمئن القلب لن يصيبه إلا ما كتب الله له، فلا يلقي بنفسه إلى التهلكة، ولا يتعدى حدود ربه، بل يأخذ بالأسباب، ويعمل بالأسباب، ويتقي أسباب الشر، ويعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له.
وبين عبادة أنه من مات على هذا أن الرسول ﷺ قال: ليس منا، من مات ولم يؤمن بالقدر أحرقه الله بالنار، فلا بد من الإيمان بأن تعلم ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، هذا ..... القدر من مات.. بعض معناه فإنك إذا آمنت بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله، فقد عرفت أن الله قدر الأشياء ومضى بها علمه .
وهكذا ... الديلمي، وهو عبدالله بن الديلمي ابن فيروز الديلمي تابعي معروف سأل زيد بن ثابت وأبي بن كعب وحذيفة بن اليمان وابن مسعود عن ذلك فأخبروه: أنه لو أنفق مثل أحد ذهبا ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر، وأنه لا بد من الإيمان بالقدر، وإلا فإن أعماله حابطة، وهذا يدل على أنهم اعتقدوا وأرادوا أنه يكفر بذلك لأن الله قال: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] فالذي لا تقبل أعماله ولا تقبل نفقاته هو كافر الذي لم يتحقق فيه الإيمان، فمن أنكر القدر فقد كذب بشيء من الإيمان، وركن من أركان الإيمان، فحينئذ لا تقبل أعماله ولا تقبل نفقاته حتى يؤمن بالقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، هذا هو الواجب على المسلمين جميعا أن يؤمنوا بأن الله علم الأشياء وأحصاها قبل أن تكون وكتبها، وأنه هو الخلاق العليم، الله خالق كل شيء ، وأن ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:28-29]، وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [الأنعام:112]، وهو سبحانه ..... لكل شيء، والقادر على كل شيء، والخالق لكل شيء، والمدبر لكل شيء ، فعلى العبد أن يؤمن بذلك وأن يصدق بذلك.
وقد صح عن رسول الله ﷺ من حديث عبدالله بن عمرو عند مسلم قال ﷺ: إن الله قدر المقادير على الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء فالأمر قد أحكم ومضى به علم الله وكتابته ، وهو الخلاق مدبر الأمور، خالق الأشياء ومصرفها كما يشاء على ما قدرها عليه وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2]، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21] فكل شيء قد قدره وأحصاه وكتبه وعلمه، فلا يخرج عن ملكه ما لا يريد، ولا يقع في ملكه ما لا يريد، بل كل شيء تحت تصرفه وتدبيره ومشيئته ، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة، فمن استقام عليه فقد استقام على الحق، ومن حاد عنه فقد حاد عن الحق.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📚68 باب ما جاء في المصورين📚
📚 المتن 📚
📚 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة أخرجاه.
ولهما عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله.
ولهما عن ابن عباس: سمعت رسول الله ﷺ يقول: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم. ولهما عنه مرفوعا: من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ.
ولمسلم عن أبي الهياج قال: «قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته».📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: باب ما جاء في المصورين، هذا الكتاب العظيم له شأن عظيم وفوائد جمة، ولا يعرف أنه سبق التأليف على منواله إلا ما وجد في تأليف المقريزي في نحو هذا الكتاب، لكن بينهما فرق عظيم، فالمقصود أن هذا الكتاب له فائدة كبيرة رحم الله مؤلفه، ومن جملة ما فيه هذا الباب العظيم: باب ما جاء في المصورين، وقصد المؤلف بهذا الكتاب بيان توحيد العبادة، وبيان ما ينافيه من الشرك الأكبر كما تقدم، وبيان أنواعا من الشرك، وأنواعا من البدع، وأنواعا من المعاصي التي تقدح في التوحيد وتنقص ثواب أهله، ومن جملة ذلك ما يتعلق بالتصوير وكونه من الكبائر التي تنقص ..... الموحدين وتعرضهم لغضب الله ..... ولهذا ذكر هذا الباب في هذا الكتاب، باب ما جاء في المصورين، فالمصورون هم الذين يضاهئون بخلق الله بتصوير الحيوانات سواء باليد، أو بأي آلة، إذا كان المصور من ذوات الأرواح مثل بني آدم أو من غيرهم كالطيور والحيوانات الأخرى، ولما كان التصوير من الكبائر وفيه من الوعيد ما فيه، رأى المؤلف رحمه الله أن يذكره في هذا الكتاب تحذيرًا لأهل التوحيد وأهل الإيمان من هذه المعصية التي تنقص إيمانهم وتضعف إيمانهم.
الحديث الأول: ذكر فيه المؤلف خمسة أحاديث، كلها صحيحة، كلها عظيمة، كلها مخرجة في الصحيحين ماعدا الأخير فقد انفرد به مسلم، يقول ﷺ: يقول الله : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة متفق عليه. المعنى: لا أحد أظلم، هذه العبارة ومن أظلم؟ استفهام معناه النفي، يعني لا أحد أظلم من هذا الذي قام بهذا العمل من هذا العامل، والمراد التحذير والتنفير من هذا العمل، ولهذا جاءت في القرآن في مواضع وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:21]، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا [الكهف:57] إلى غير ذلك من الآيات التي فيها هذا الأسلوب العظيم المحذر المنفر من العمل الذي .... في هذه الآيات، وهكذا هنا: يقول الله : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي يعني يصور كتصويري، فليخلقوا ذرة يعني إن كان عندهم قوة فليخلقوا ذرة من هذه الذرات المعروفة، يكون لها صفات هذه الذرة من العقل والشم والمشي وغير ذلك مما هو من خصائصها، وهي حيوان صغير لكن فيها عجائب هذه الذرة وغرائب، فإن كان عندهم قدرة فليخلقوا ذرة.
أو ليخلقوا حبة لها شأنها في الإنبات والنفع للناس، أو شعيرة فإذا كان حتى في الجماد يعجزون عن هذا الشيء فكيف بالحيوانات، فالمقصود أن مخلوقات الرب التي لها خصائصها لا يستطيع خلقها العباد، فالواجب أن يقف الإنسان عند حده، وأن يتقي الله في ذلك، وأن يحذر أن يقع في محارم الله فيهلك ويخسر الدنيا والآخرة.
الحديث الثاني: حديث عائشة: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله يقوله النبي ﷺ، وفي اللفظ الآخر: أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون رواه ابن عباس وغيره، وفي اللفظ الآخر: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم.
وفي حديث ابن عباس المذكور هنا حديثين:
أحدهما: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم.
والحديث الثاني: من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة، وليس بنافخ.
هذه كلها تدل على أن التصوير من الكبائر، وقد أجمع العلماء على ذلك، أجمع أهل العلم على أن تصوير ذوات الأرواح من الكبائر ومن المحرمات إذا كان له ظل، أما إذا كان لا ظل له كالصور في الجدران وفي الألواح وفي الملابس وفي القراطيس فقد خالف في هذا بعض التابعين، وأجمع الأئمة الأربعة والجمهور على أنه محرم أيضا كالذي له ظل، وقول الجمهور هو الصواب، فإن الأحاديث عامة تعم ما ظل له وما لا ظل له، وتعم التصوير الشمسي المعروف الآن وهو الفوتوغرافي وتعم غيره، فإنها عامة، وقد دل على عمومها قوله ﷺ لما قدم على عائشة ذات يوم فرأى على مخدع لها ستر فيه تصوير هتكه وغضب وقال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم والستر ليس فيه شيء له ظل، هو من جنس التصوير الشمسي، ويدل عليه أيضا ما وقع في يوم الفتح من محوه الصور التي في جدران الكعبة، وأخذ الماء الذي قدمه له أسامة أو غيره ومحا الصور
📚 المتن 📚
📚 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة أخرجاه.
ولهما عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله.
ولهما عن ابن عباس: سمعت رسول الله ﷺ يقول: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم. ولهما عنه مرفوعا: من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ.
ولمسلم عن أبي الهياج قال: «قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته».📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: باب ما جاء في المصورين، هذا الكتاب العظيم له شأن عظيم وفوائد جمة، ولا يعرف أنه سبق التأليف على منواله إلا ما وجد في تأليف المقريزي في نحو هذا الكتاب، لكن بينهما فرق عظيم، فالمقصود أن هذا الكتاب له فائدة كبيرة رحم الله مؤلفه، ومن جملة ما فيه هذا الباب العظيم: باب ما جاء في المصورين، وقصد المؤلف بهذا الكتاب بيان توحيد العبادة، وبيان ما ينافيه من الشرك الأكبر كما تقدم، وبيان أنواعا من الشرك، وأنواعا من البدع، وأنواعا من المعاصي التي تقدح في التوحيد وتنقص ثواب أهله، ومن جملة ذلك ما يتعلق بالتصوير وكونه من الكبائر التي تنقص ..... الموحدين وتعرضهم لغضب الله ..... ولهذا ذكر هذا الباب في هذا الكتاب، باب ما جاء في المصورين، فالمصورون هم الذين يضاهئون بخلق الله بتصوير الحيوانات سواء باليد، أو بأي آلة، إذا كان المصور من ذوات الأرواح مثل بني آدم أو من غيرهم كالطيور والحيوانات الأخرى، ولما كان التصوير من الكبائر وفيه من الوعيد ما فيه، رأى المؤلف رحمه الله أن يذكره في هذا الكتاب تحذيرًا لأهل التوحيد وأهل الإيمان من هذه المعصية التي تنقص إيمانهم وتضعف إيمانهم.
الحديث الأول: ذكر فيه المؤلف خمسة أحاديث، كلها صحيحة، كلها عظيمة، كلها مخرجة في الصحيحين ماعدا الأخير فقد انفرد به مسلم، يقول ﷺ: يقول الله : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة متفق عليه. المعنى: لا أحد أظلم، هذه العبارة ومن أظلم؟ استفهام معناه النفي، يعني لا أحد أظلم من هذا الذي قام بهذا العمل من هذا العامل، والمراد التحذير والتنفير من هذا العمل، ولهذا جاءت في القرآن في مواضع وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا [الأنعام:21]، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا [الكهف:57] إلى غير ذلك من الآيات التي فيها هذا الأسلوب العظيم المحذر المنفر من العمل الذي .... في هذه الآيات، وهكذا هنا: يقول الله : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي يعني يصور كتصويري، فليخلقوا ذرة يعني إن كان عندهم قوة فليخلقوا ذرة من هذه الذرات المعروفة، يكون لها صفات هذه الذرة من العقل والشم والمشي وغير ذلك مما هو من خصائصها، وهي حيوان صغير لكن فيها عجائب هذه الذرة وغرائب، فإن كان عندهم قدرة فليخلقوا ذرة.
أو ليخلقوا حبة لها شأنها في الإنبات والنفع للناس، أو شعيرة فإذا كان حتى في الجماد يعجزون عن هذا الشيء فكيف بالحيوانات، فالمقصود أن مخلوقات الرب التي لها خصائصها لا يستطيع خلقها العباد، فالواجب أن يقف الإنسان عند حده، وأن يتقي الله في ذلك، وأن يحذر أن يقع في محارم الله فيهلك ويخسر الدنيا والآخرة.
الحديث الثاني: حديث عائشة: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله يقوله النبي ﷺ، وفي اللفظ الآخر: أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون رواه ابن عباس وغيره، وفي اللفظ الآخر: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم.
وفي حديث ابن عباس المذكور هنا حديثين:
أحدهما: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم.
والحديث الثاني: من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة، وليس بنافخ.
هذه كلها تدل على أن التصوير من الكبائر، وقد أجمع العلماء على ذلك، أجمع أهل العلم على أن تصوير ذوات الأرواح من الكبائر ومن المحرمات إذا كان له ظل، أما إذا كان لا ظل له كالصور في الجدران وفي الألواح وفي الملابس وفي القراطيس فقد خالف في هذا بعض التابعين، وأجمع الأئمة الأربعة والجمهور على أنه محرم أيضا كالذي له ظل، وقول الجمهور هو الصواب، فإن الأحاديث عامة تعم ما ظل له وما لا ظل له، وتعم التصوير الشمسي المعروف الآن وهو الفوتوغرافي وتعم غيره، فإنها عامة، وقد دل على عمومها قوله ﷺ لما قدم على عائشة ذات يوم فرأى على مخدع لها ستر فيه تصوير هتكه وغضب وقال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم والستر ليس فيه شيء له ظل، هو من جنس التصوير الشمسي، ويدل عليه أيضا ما وقع في يوم الفتح من محوه الصور التي في جدران الكعبة، وأخذ الماء الذي قدمه له أسامة أو غيره ومحا الصور
التي كانت هناك.
فالمقصود: أنه يعم ما له ظل وما لا ظل له، فالواجب الحذر من ذلك، وأن يبتعد المؤمن عن هذه القاذورة، ويحذرها لما فيها من التعرض لغضب الله وعقابه .
س: .....؟
الشيخ: وكذلك يجب إزالتها وطمسها لقوله في الحديث الأخير: لا تدع صورة إلا طمستها يعني أزلتها وغيرتها، والطمس يكون بالمحو ويكون بإزالتها وإتلافها، ولا قبرا مشرفا يعني مرتفعا إلا سويته لأن الرسول ﷺ نهى عن البناء على القبور لأنه من وسائل الشرك، وهكذا الصور من وسائل الشرك، ولهذا وقع الشرك في قوم نوح بأسباب الصور لما صوروا ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا، لما صوروا هذه الصور ونصبوها في مجالس أهلها دس عليهم الشيطان أن هؤلاء لهم شأن وأنهم ينفعون من تضرع بهم إلى الله، ومن توسل بهم، وأنه يستسقى بهم، ويستغاث بهم، حتى وقع الشرك نعوذ بالله.
فأصل الصور وسيلة للشرك، وهي مضاهاة لخلق الله، والبناء على القبور كذلك وسيلة للشرك وتعظيم الموتى كما قد وقع ذلك من الناس لما صوروا ولما بنوا وقع الشرك، فالواجب الحذر، الواجب على ولاة الأمور وعلى عامة الناس الحذر من هذه الأشياء والبعد عنها طاعة لله ولرسوله، وحذرا من إيقاع الناس في الشرك ووسائله التي وقع فيها من قبلنا من قوم نوح وغيرهم.
أما ما يتعلق بما وقع فيه الناس اليوم من الحاجة إلى بعض الصور، فهذا يقيد بقيده، من باب الإكراه لأنه اضطر إلى ذلك فهو من باب المكره على الشيء في ..... أو ما أشبه ذلك مما قد يضطر إليه فيأخذ ذلك وهو غير راض وكاره لهذا الشيء لكن عند الضرورة إليها.
وهي أيضا تمنع دخول الملائكة كما في الحديث الصحيح: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة، ولا كلب لكن يستثنى من ذلك ما يكون ممتهنا ولا يجوز تصويره ولو ممتهن، ولكن إذا استعمل الممتهن في الفراش لا يمنع من دخول الملائكة، كما أن الكلب الذي للحرث والزرع والماشية لا يمنع من دخول الملائكة لأنه مأذون فيه ومرخص فيه، وهكذا ما يمتهن لا يمنع من دخول الملائكة، لكن لا يجوز تصويره، لا يجوز للمصور أن يصوره، لكن لو اشترى بساطا وبسطه ونحوه كالوسادة هذا لا يمنع دخول الملائكة أنه ممتهن.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
فالمقصود: أنه يعم ما له ظل وما لا ظل له، فالواجب الحذر من ذلك، وأن يبتعد المؤمن عن هذه القاذورة، ويحذرها لما فيها من التعرض لغضب الله وعقابه .
س: .....؟
الشيخ: وكذلك يجب إزالتها وطمسها لقوله في الحديث الأخير: لا تدع صورة إلا طمستها يعني أزلتها وغيرتها، والطمس يكون بالمحو ويكون بإزالتها وإتلافها، ولا قبرا مشرفا يعني مرتفعا إلا سويته لأن الرسول ﷺ نهى عن البناء على القبور لأنه من وسائل الشرك، وهكذا الصور من وسائل الشرك، ولهذا وقع الشرك في قوم نوح بأسباب الصور لما صوروا ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا، لما صوروا هذه الصور ونصبوها في مجالس أهلها دس عليهم الشيطان أن هؤلاء لهم شأن وأنهم ينفعون من تضرع بهم إلى الله، ومن توسل بهم، وأنه يستسقى بهم، ويستغاث بهم، حتى وقع الشرك نعوذ بالله.
فأصل الصور وسيلة للشرك، وهي مضاهاة لخلق الله، والبناء على القبور كذلك وسيلة للشرك وتعظيم الموتى كما قد وقع ذلك من الناس لما صوروا ولما بنوا وقع الشرك، فالواجب الحذر، الواجب على ولاة الأمور وعلى عامة الناس الحذر من هذه الأشياء والبعد عنها طاعة لله ولرسوله، وحذرا من إيقاع الناس في الشرك ووسائله التي وقع فيها من قبلنا من قوم نوح وغيرهم.
أما ما يتعلق بما وقع فيه الناس اليوم من الحاجة إلى بعض الصور، فهذا يقيد بقيده، من باب الإكراه لأنه اضطر إلى ذلك فهو من باب المكره على الشيء في ..... أو ما أشبه ذلك مما قد يضطر إليه فيأخذ ذلك وهو غير راض وكاره لهذا الشيء لكن عند الضرورة إليها.
وهي أيضا تمنع دخول الملائكة كما في الحديث الصحيح: لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة، ولا كلب لكن يستثنى من ذلك ما يكون ممتهنا ولا يجوز تصويره ولو ممتهن، ولكن إذا استعمل الممتهن في الفراش لا يمنع من دخول الملائكة، كما أن الكلب الذي للحرث والزرع والماشية لا يمنع من دخول الملائكة لأنه مأذون فيه ومرخص فيه، وهكذا ما يمتهن لا يمنع من دخول الملائكة، لكن لا يجوز تصويره، لا يجوز للمصور أن يصوره، لكن لو اشترى بساطا وبسطه ونحوه كالوسادة هذا لا يمنع دخول الملائكة أنه ممتهن.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📚69 باب ما جاء في كثرة الحلف📚
📚 المتن 📚
📚 وقول الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب أخرجاه.
وعن سلمان: أن رسول الله ﷺ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل (الله) بضاعته: لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي الصحيح عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا- ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن.
وفيه عن ابن مسعود: أن النبي ﷺ قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته.
وقال إبراهيم: "كانوا يضربوننا على الشهادة ونحن صغار".📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: قال رحمه الله: باب ما جاء في كثرة الحلف، أراد المؤلف بهذا بيان أن كثرة الحلف نقص في الإيمان، ونقص في التوحيد، لأن كثرة الحلف تفضي إلى شيئين: أحدهما: التساهل في ذلك وعدم المبالاة، والأمر الثاني: الكذب، فإن من كثرت أيمانه وقع في الكذب، فينبغي التقلل من ذلك وعدم الإكثار من الأيمان، ولهذا قال سبحانه: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] هذا الأمر للوجوب يجب حفظ اليمين إلا من حاجة لها، فالمؤمن يحفظها ويصونها إلا من حاجة، لمصلحة شرعية، أو عند الخصومة والحاجة إليها ونحو ذلك، ولا يكثر منها، فإنه متى أكثر وقع في الكذب، ووقع في التساهل، وظن به الكذب.
ذكر المؤلف رحمه الله هنا أربعة أحاديث وأثرا عن إبراهيم.
الحديث الأول: عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب، وفي اللفظ الآخر: ممحقة للربح والحديث هذا رواه الشيخان، وهو حديث عظيم صحيح يدل على أن كثرة الحلف من أسباب الوقوع في الخطإ، فهو يعتني باليمين لينفق السلعة، ولكنه يقع في الخطر وهو محق الكسب وقلة البركة، فـ الحلف منفقة للسلعة يعني مدرج لها يحلف: والله أن هذه بكذا، والله أنها تسوى كذا، والله إنها طيبة، والله والله، يغر الراغب، يغر الناس الذين يسومون منه، وربما صدقوه فاشتروه، ولكنها ممحقة للكسب هي ممحقة لربحه الذي يتعاطاه بسبب تساهله في هذه اليمين، وفي اللفظ الآخر يقول ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان بما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر، هذا يدل على أن تنفيق السلع قد يقع بالكذب وقد يقع بالصدق، لكن كثرة الأيمان توقع في الكذب، وربما جره الطمع وساقه الطمع إلى أن يحلف، فالواجب الحذر، ثم هذه الأيمان من أسباب محق البركة ومن أسباب الوقوع فيما حرم الله، فليحذرها المؤمن.
وهكذا حديث سلمان الفارسي أبو عبدالله يقول عن النبي ﷺ أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زاني أشيمط يعني شيخ قد شمطه الشيب وعائل مستكبر يعني فقير مستكبر مع فقره يتكبر الغني، قد يتكبر لأجل المال ولكن الفقير أي شيء يدعوه إلى التكبر إلا أنه سجية له، وشيء استقر في قلبه نعوذ بالله. ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه هذا فيه الحذر من هذه الخصال، وأن الزنا قبيح ومنكر ولا سيما من الشيخ فإنه أكبر وأقبح، فالشاب قد يؤوب إلى رشده، قد يتوب، ولكن الشيخ ما الذي حمله إلا أن هذا شيء قد استقر عليه وبقي في قلبه وعاد عليه، نعوذ بالله من ذلك، تكون الجريمة أكبر وأعظم والإثم أشد.
وهكذا العائل الفقير، الغني قد يتوب، وقد ينتبه إذا زاد ماله، لكن هذا الفقير لماذا يتكبر، هذا يدل على أن الداعي في قلبه كبير، قال العلماء: وهذا يدل على عظم الذنب مع قلة الداعي وضعف الداعي، فإن الدعوة إلى الشيء من أسباب ضعف الدعوة إلى الفاحشة، إلى الجماع، والشاب أقوى، فإذا كان يعتاد الزنا مع شيبته دل على أنها سجية له، وأنه شيء مستقر في قلبه نسأل الله العافية.
وهكذا العائل يتكبر مع فقره، هذا يدل على أن الكبر سجية له، وأنه صفة له ملازمة.
وهكذا الرجل الذي جعل الله بضاعته، وهو الشاهد في الباب كونه لا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه، هذا فيه الوعيد على هذا العمل، وما ذاك إلا لأن هذا العمل يجره إلى الكذب ويوقعه في الحرام إذا اعتاد ذلك، واستكثر من ذلك وقع في الكذب.
وهكذا الحديث الثالث: حديث عمران بن حصين يقول النبي ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم يعني القرن الثاني والثالث، قال عمران: فلا أدري هل ذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا.
📚 المتن 📚
📚 وقول الله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89].
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب أخرجاه.
وعن سلمان: أن رسول الله ﷺ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، ورجل جعل (الله) بضاعته: لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه رواه الطبراني بسند صحيح.
وفي الصحيح عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -قال عمران فلا أدري أذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا- ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن.
وفيه عن ابن مسعود: أن النبي ﷺ قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته.
وقال إبراهيم: "كانوا يضربوننا على الشهادة ونحن صغار".📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: قال رحمه الله: باب ما جاء في كثرة الحلف، أراد المؤلف بهذا بيان أن كثرة الحلف نقص في الإيمان، ونقص في التوحيد، لأن كثرة الحلف تفضي إلى شيئين: أحدهما: التساهل في ذلك وعدم المبالاة، والأمر الثاني: الكذب، فإن من كثرت أيمانه وقع في الكذب، فينبغي التقلل من ذلك وعدم الإكثار من الأيمان، ولهذا قال سبحانه: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] هذا الأمر للوجوب يجب حفظ اليمين إلا من حاجة لها، فالمؤمن يحفظها ويصونها إلا من حاجة، لمصلحة شرعية، أو عند الخصومة والحاجة إليها ونحو ذلك، ولا يكثر منها، فإنه متى أكثر وقع في الكذب، ووقع في التساهل، وظن به الكذب.
ذكر المؤلف رحمه الله هنا أربعة أحاديث وأثرا عن إبراهيم.
الحديث الأول: عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب، وفي اللفظ الآخر: ممحقة للربح والحديث هذا رواه الشيخان، وهو حديث عظيم صحيح يدل على أن كثرة الحلف من أسباب الوقوع في الخطإ، فهو يعتني باليمين لينفق السلعة، ولكنه يقع في الخطر وهو محق الكسب وقلة البركة، فـ الحلف منفقة للسلعة يعني مدرج لها يحلف: والله أن هذه بكذا، والله أنها تسوى كذا، والله إنها طيبة، والله والله، يغر الراغب، يغر الناس الذين يسومون منه، وربما صدقوه فاشتروه، ولكنها ممحقة للكسب هي ممحقة لربحه الذي يتعاطاه بسبب تساهله في هذه اليمين، وفي اللفظ الآخر يقول ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان بما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر، هذا يدل على أن تنفيق السلع قد يقع بالكذب وقد يقع بالصدق، لكن كثرة الأيمان توقع في الكذب، وربما جره الطمع وساقه الطمع إلى أن يحلف، فالواجب الحذر، ثم هذه الأيمان من أسباب محق البركة ومن أسباب الوقوع فيما حرم الله، فليحذرها المؤمن.
وهكذا حديث سلمان الفارسي أبو عبدالله يقول عن النبي ﷺ أنه قال: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زاني أشيمط يعني شيخ قد شمطه الشيب وعائل مستكبر يعني فقير مستكبر مع فقره يتكبر الغني، قد يتكبر لأجل المال ولكن الفقير أي شيء يدعوه إلى التكبر إلا أنه سجية له، وشيء استقر في قلبه نعوذ بالله. ورجل جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه هذا فيه الحذر من هذه الخصال، وأن الزنا قبيح ومنكر ولا سيما من الشيخ فإنه أكبر وأقبح، فالشاب قد يؤوب إلى رشده، قد يتوب، ولكن الشيخ ما الذي حمله إلا أن هذا شيء قد استقر عليه وبقي في قلبه وعاد عليه، نعوذ بالله من ذلك، تكون الجريمة أكبر وأعظم والإثم أشد.
وهكذا العائل الفقير، الغني قد يتوب، وقد ينتبه إذا زاد ماله، لكن هذا الفقير لماذا يتكبر، هذا يدل على أن الداعي في قلبه كبير، قال العلماء: وهذا يدل على عظم الذنب مع قلة الداعي وضعف الداعي، فإن الدعوة إلى الشيء من أسباب ضعف الدعوة إلى الفاحشة، إلى الجماع، والشاب أقوى، فإذا كان يعتاد الزنا مع شيبته دل على أنها سجية له، وأنه شيء مستقر في قلبه نسأل الله العافية.
وهكذا العائل يتكبر مع فقره، هذا يدل على أن الكبر سجية له، وأنه صفة له ملازمة.
وهكذا الرجل الذي جعل الله بضاعته، وهو الشاهد في الباب كونه لا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه، هذا فيه الوعيد على هذا العمل، وما ذاك إلا لأن هذا العمل يجره إلى الكذب ويوقعه في الحرام إذا اعتاد ذلك، واستكثر من ذلك وقع في الكذب.
وهكذا الحديث الثالث: حديث عمران بن حصين يقول النبي ﷺ: خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم يعني القرن الثاني والثالث، قال عمران: فلا أدري هل ذكر بعد قرنه مرتين أو ثلاثا.
لكن المحفوظ مرتين فقط، هذا المحفوظ من حديث عمر ، وما رواه أحمد في المسند ومن حديث ابن مسعود كما هنا: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم وقال في حديث عمران: ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن يعني تتغير الأحوال بعد القرون المفضلة الثلاث، تتغير الأحوال حتى توجد الخيانة، ويوجد عدم الوفاء بالنذر، ويوجد شهادة الزور، يعني تكثر بعد القرون المفضلة لضعف الإيمان، وكثرة الجهل، وكثرة الأخلاط الذين تضر خلطتهم، فلهذا يوجد شهادة الزور، ويشهد وما استشهد كذبا لطمع أو قرابة أو عداوة، ويخون ولا يؤتمن في أمانته وفي سائر أموره لضعف الإيمان، أو عدم الإيمان، وينذر ولا يبالي ولا يوفي ينذر الطاعات ولكن لا يوفي، والله مدح المؤمنين بقوله: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7]، والنبي ﷺ قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه فالواجب الوفاء بنذر الطاعة وعدم الوفاء بنذر المعصية، من نذر طاعة وجب عليه الوفاء، النذر لا ينبغي، النبي ﷺ نهى عن النذر قال: إنه لا يأتي بخير، وقال: لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل فلا ينبغي النذر، ولكن إذا نذر طاعة فعليه الوفاء كأن ينذر لله عليه أن يصلي كذا، أن يصوم كذا، أن يتصدق بكذا، فليبر في نذره إذا أتى نذرا يوافق الشرع طاعة لله ، أما إذا نذر أن يشرب الخمر، أو يعق والديه، أو يقطع الرحم، أو يقطع الطريق، هذه نذور باطلة لا أصلها، لا يجوز الوفاء بها، والصواب أن فيها كفارة يمين، ولا يجوز الوفاء بهذه النذور التي هي معصية.
وقوله: ويظهر فيهم السمن يعني بسبب إقبالهم على الدنيا واجتهادهم في التنعم بنعيمها، يغلب عليهم السمن، يعني سمن الأجسام لعظم الغفلة وكثرة الشهوات والنعم يكثر السمن، وهذا واقع في الناس، ولكن لا يلزم أن يكون كل من كان سمينا أن يكون عاصيا لا، قد يقع السمن في أناس طيبين، لكن مراد النبي ﷺ أنه يغلب على الناس، يكثر فيهم بسبب إقبال الناس على الدنيا وكثرة التنعم فيها، يكثر السمن ويظهر في الناس بسبب هذا الأمر، وهو إشارة إلى الغفلة والإعراض وقلة الاستعداد للآخرة، ولهذا تعظم الأبدان ويكثر السمن في الناس من هذه الحيثية، ولا يلزم من هذا كما تقدم أن يكون كل سمين فيه شر لا، قد يكون سمينا وقد يكون من خيرة الناس كما وقع في الأولين.
وفي حديث ابن مسعود: خير الناس قرني هذا يعم الناس كلهم، خير الناس الصحابة -أصحاب النبي ﷺ- بعد الأنبياء ثم الذين يلونهم التابعون، ثم أتباع التابعين، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته من قلة المبالاة والاستهتار وعدم المبالاة بالأيمان والشهادات، فلا يبالي يشهد أو يحلف لقلة إيمانه وضعف إيمانه، وأما المؤمن لا، لا يشهد إلا عن صدق ولا يحلف إلا عن حاجة.
قال إبراهيم -يعني النخعي- وهو إبراهيم بن يزيد النخعي تابعي صغير رحمه الله يقول: إنهم كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار، أي كان السلف يؤدبون أولادهم إذا قالوا: أشهد ويحلف، ويقول: وعهد الله، يضربوننا حتى لا يعتاد هذا إذا كبر، ويسهل عليه الأيمان الفاجرة والعهود الظالمة والشهادة الرديئة، يعني يؤدبونهم ويوجهونهم حتى لا يتكلموا بهذا إلا على بصيرة، لأن الصبي إذا اعتاد هذا في صغره قد يتساهل به في كبره، ولا يتحرى الصدق، وهذا من دلائل عناية السلف بالأخلاق الفاضلة، وحرصهم على تربية الأولاد على الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة، وهذا هو الواجب على المؤمنين أن يربوا أولادهم على الأخلاق الفاضلة، وأن يعتنوا بهم حتى لا يعتادوا ما حرم الله ، وحتى لا يتساهلوا فيما يجب... أو يجب اجتنابه.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
وقوله: ويظهر فيهم السمن يعني بسبب إقبالهم على الدنيا واجتهادهم في التنعم بنعيمها، يغلب عليهم السمن، يعني سمن الأجسام لعظم الغفلة وكثرة الشهوات والنعم يكثر السمن، وهذا واقع في الناس، ولكن لا يلزم أن يكون كل من كان سمينا أن يكون عاصيا لا، قد يقع السمن في أناس طيبين، لكن مراد النبي ﷺ أنه يغلب على الناس، يكثر فيهم بسبب إقبال الناس على الدنيا وكثرة التنعم فيها، يكثر السمن ويظهر في الناس بسبب هذا الأمر، وهو إشارة إلى الغفلة والإعراض وقلة الاستعداد للآخرة، ولهذا تعظم الأبدان ويكثر السمن في الناس من هذه الحيثية، ولا يلزم من هذا كما تقدم أن يكون كل سمين فيه شر لا، قد يكون سمينا وقد يكون من خيرة الناس كما وقع في الأولين.
وفي حديث ابن مسعود: خير الناس قرني هذا يعم الناس كلهم، خير الناس الصحابة -أصحاب النبي ﷺ- بعد الأنبياء ثم الذين يلونهم التابعون، ثم أتباع التابعين، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته من قلة المبالاة والاستهتار وعدم المبالاة بالأيمان والشهادات، فلا يبالي يشهد أو يحلف لقلة إيمانه وضعف إيمانه، وأما المؤمن لا، لا يشهد إلا عن صدق ولا يحلف إلا عن حاجة.
قال إبراهيم -يعني النخعي- وهو إبراهيم بن يزيد النخعي تابعي صغير رحمه الله يقول: إنهم كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار، أي كان السلف يؤدبون أولادهم إذا قالوا: أشهد ويحلف، ويقول: وعهد الله، يضربوننا حتى لا يعتاد هذا إذا كبر، ويسهل عليه الأيمان الفاجرة والعهود الظالمة والشهادة الرديئة، يعني يؤدبونهم ويوجهونهم حتى لا يتكلموا بهذا إلا على بصيرة، لأن الصبي إذا اعتاد هذا في صغره قد يتساهل به في كبره، ولا يتحرى الصدق، وهذا من دلائل عناية السلف بالأخلاق الفاضلة، وحرصهم على تربية الأولاد على الأخلاق الكريمة والصفات الحميدة، وهذا هو الواجب على المؤمنين أن يربوا أولادهم على الأخلاق الفاضلة، وأن يعتنوا بهم حتى لا يعتادوا ما حرم الله ، وحتى لا يتساهلوا فيما يجب... أو يجب اجتنابه.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📚70 باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه📚
📚 المتن 📚
📚 وقوله: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:91].وعن بريدة قال: «كان رسول الله ﷺ إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا فقال:
اغزوا بسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال-، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام؛ فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين.
فإن أبوا أن يتحولوا منها؛ فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنْزلهم، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا.
رواه مسلم.📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: يقول رحمه الله: باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه، يعني باب ما جاء فيه من تعظيمهما والتحذير من إخفارهما، والتحذير أيضا من جعلهما للناس؛ لأن جعلهما للناس وسيلة إلى إخفارهما، فليس لولاة الأمور أن يجعلوا للناس ذمة الله وذمة نبيه، ولكن يجعلوا لهم ذمة الأمير، ذمة الرئيس، ذمة الملك وذمة أصحابه دون ذمة الله وذمة نبيه، وهذا من باب تعظيم ذمة الله وتعظيم ذمة نبيه، وهذا من مقام إكمال التوحيد وإكمال الإيمان، ولهذا ذكر المؤلف هذه الترجمة هنا في كتاب التوحيد؛ لأن تعظيم ذمة الله وذمة نبيه من كمال الإيمان ومن كمال التوحيد، ولأن إخفارهما نقص في التوحيد ونقص في الإيمان وضعف في الإيمان ووسيلة للتلاعب، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91] إذا عاهدتم أحدا فأوفوا، فلو جعل ذمة الله وذمة نبيه فالواجب أن يوفي وإن كان أخطأ في جعل ذمة الله وذمة نبيه لكن عليه أن يوفي بذلك وعليه ألا يخفر، والإخفار النقض، هذا هو الإخفار أخفر نقض وغدر، فإذا جعل ذمة الله وذمة نبيه فالواجب عليه أن يوفي وألا يخفر ولا يغدر، ولكن ليس له أن يجعل ذمة الله وذمة نبيه كما تقدم.
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:91] أي لا تنقضوا العهود بعد ما أكدوها بالأيمان الشديدة والمعاهدة بل أوفى، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34]، ويقول النبي ﷺ: يرفع لكل غادر يوم القيامة لواء عند استه ينادى عليه: هذه غدرة فلان ابن فلان، وهذا وعيد عظيم يدل على وجوب الوفاء بالعهود وتحريم نقض العهود.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي المخرج في صحيح مسلم قال عن النبي ﷺ أنه كان إذا بعث بعثا أو أمير أميرا على الجيش يوصيه بتقوى الله إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، عن النبي ﷺ إذا بعث بعوثا من الجيوش أو الأمراء كان يوصيهم بتقوى الله، كان النبي ﷺ يوصي الأمراء والجيش بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا، يوصي الأمير نفسه بتقوى الله، ويوصي أيضا بمن معه من المسلمين خيرا يقول: اتق الله فيهم، ارفق بهم، إلى غير هذا من الوصايا التي تنفعهم، ثم يقول له: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- شك من الراوي هل قال: خصال أو خلال، والمعنى واحد، الخلال هي الخصال، لكن من باب عناية الرواة وتحفظهم وحرصهم على أداء الرواية كما سمعوا رحمهم الله، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم أولا إلى الإسلام، ادعهم إلى أن يسلموا، إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ودينوا بالإسلام، هذا أول شيء يدعى إليه الكفار كما أمر النبي ﷺ معاذا لما بعثه إلى اليمن أن يدعوهم إلى هذا، هذا أول شيء، فإذا دخلوا في الإسلام علمهم أركانه من صلاة وغيرها، فإن هم أجابوا لك أجابوك لذلك فادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، يعني من الأعراب إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إذا تحولوا منها فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا ولم يتحولوا فأخبرهم أنهم يكونوا كأعراب المسلمين؛ يجري عليهم حكم الله في الأوامر والنواهي، ولا يكن لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، من بقي في الأعرابية لم يكن له حق من بيت المال ولا يكن له حق فيما يحصل من الغنائم حتى يجاهد، فإن أبوا الدخول في الإسلام وأبوا
📚 المتن 📚
📚 وقوله: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:91].وعن بريدة قال: «كان رسول الله ﷺ إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا فقال:
اغزوا بسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال-، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام؛ فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين.
فإن أبوا أن يتحولوا منها؛ فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله تعالى، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنْزلهم، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا.
رواه مسلم.📚
📚 شرح الشيخ 📚
الشيخ: يقول رحمه الله: باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه، يعني باب ما جاء فيه من تعظيمهما والتحذير من إخفارهما، والتحذير أيضا من جعلهما للناس؛ لأن جعلهما للناس وسيلة إلى إخفارهما، فليس لولاة الأمور أن يجعلوا للناس ذمة الله وذمة نبيه، ولكن يجعلوا لهم ذمة الأمير، ذمة الرئيس، ذمة الملك وذمة أصحابه دون ذمة الله وذمة نبيه، وهذا من باب تعظيم ذمة الله وتعظيم ذمة نبيه، وهذا من مقام إكمال التوحيد وإكمال الإيمان، ولهذا ذكر المؤلف هذه الترجمة هنا في كتاب التوحيد؛ لأن تعظيم ذمة الله وذمة نبيه من كمال الإيمان ومن كمال التوحيد، ولأن إخفارهما نقص في التوحيد ونقص في الإيمان وضعف في الإيمان ووسيلة للتلاعب، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91] إذا عاهدتم أحدا فأوفوا، فلو جعل ذمة الله وذمة نبيه فالواجب أن يوفي وإن كان أخطأ في جعل ذمة الله وذمة نبيه لكن عليه أن يوفي بذلك وعليه ألا يخفر، والإخفار النقض، هذا هو الإخفار أخفر نقض وغدر، فإذا جعل ذمة الله وذمة نبيه فالواجب عليه أن يوفي وألا يخفر ولا يغدر، ولكن ليس له أن يجعل ذمة الله وذمة نبيه كما تقدم.
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:91] أي لا تنقضوا العهود بعد ما أكدوها بالأيمان الشديدة والمعاهدة بل أوفى، قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34]، ويقول النبي ﷺ: يرفع لكل غادر يوم القيامة لواء عند استه ينادى عليه: هذه غدرة فلان ابن فلان، وهذا وعيد عظيم يدل على وجوب الوفاء بالعهود وتحريم نقض العهود.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي المخرج في صحيح مسلم قال عن النبي ﷺ أنه كان إذا بعث بعثا أو أمير أميرا على الجيش يوصيه بتقوى الله إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، عن النبي ﷺ إذا بعث بعوثا من الجيوش أو الأمراء كان يوصيهم بتقوى الله، كان النبي ﷺ يوصي الأمراء والجيش بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا، يوصي الأمير نفسه بتقوى الله، ويوصي أيضا بمن معه من المسلمين خيرا يقول: اتق الله فيهم، ارفق بهم، إلى غير هذا من الوصايا التي تنفعهم، ثم يقول له: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال -أو خلال- شك من الراوي هل قال: خصال أو خلال، والمعنى واحد، الخلال هي الخصال، لكن من باب عناية الرواة وتحفظهم وحرصهم على أداء الرواية كما سمعوا رحمهم الله، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم أولا إلى الإسلام، ادعهم إلى أن يسلموا، إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ودينوا بالإسلام، هذا أول شيء يدعى إليه الكفار كما أمر النبي ﷺ معاذا لما بعثه إلى اليمن أن يدعوهم إلى هذا، هذا أول شيء، فإذا دخلوا في الإسلام علمهم أركانه من صلاة وغيرها، فإن هم أجابوا لك أجابوك لذلك فادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، يعني من الأعراب إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إذا تحولوا منها فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا ولم يتحولوا فأخبرهم أنهم يكونوا كأعراب المسلمين؛ يجري عليهم حكم الله في الأوامر والنواهي، ولا يكن لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، من بقي في الأعرابية لم يكن له حق من بيت المال ولا يكن له حق فيما يحصل من الغنائم حتى يجاهد، فإن أبوا الدخول في الإسلام وأبوا
التحول من دارهم إلى دار المهاجرين -إذا أسلموا- فاسألهم الجزية، الثالث الخصيلة الثالثة، فإن أجابوا إلى الجزية فاقبل منهم وكف عنهم ويبقون على دينهم، وهذا في اليهود والنصارى والمجوس كما قال الله في سورة براءة قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] وهذا مما قيدت به السنة بالكتاب، جاءت السنة مطلقة وجاء الكتاب مقيدا، فالسنة هنا مقيدة بالكتاب العزيز، وقد ألحق النبي ﷺ بأهل الكتاب المجوس، ألحقهم بهم وجعلهم كاليهود والنصارى في أخذ الجزية فقط لا في حل الطعام والنساء بل في أخذ الجزية فقط، فاستعن بالله وقاتلهم، هذا فيه وجوب الاستعانة بالله، وأن المسلمين يستعينون بربهم في قتال أعدائهم، ولا يعتمدون على قواهم وأنفسهم لا، بل عليهم أن يستعينوا بالله ويسألوه النصر ويضرعوا إليه ويستقيموا على دينه حتى ينصرهم .
ثم بين له ماذا يفعل إذا حاصر أهل الحصون قال: وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه، الحصون الأبنية والقلاع، المحلات المبنية كان يتحصن فيها أهل الكتاب في الغالب، ما يكونوا مع الأعراب في الغالب، أهل الكتاب يكونون في الحصون يعني في المحلات المحصنة من قرى وأشباهها ومدن وأشباهها فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه، هذا من الرباعي أخفر يخفر مثل أعلم يعلم وأكرم يكرم، فالإخفار مصدر أخفر مثل إعلام مصدر أعلم وإكرام مصدر أكرم، والإخفار هو نقض العهد بخلاف الخفر الثلاثي فإنه الحماية والنصرة، يقال خفره يخفره ويخفره إذا حماه ونصره، يخفر آل فلان يعني يحميهم وينصرهم ويحوطهم، وإذا جاءت بالألف أخفره يعني أزال حمايته ونقض عهده، ويقال خفره يخفره إذا حماه ونصره، وخافر القوم الذي يمشي معهم ويحميهم، كانت العرب إذا جاءت في بلاد غير بلادها أخذوا خفيرا من القبيلة حتى يحميهم من جماعته ويؤمنهم من جماعته، يسمى الخفير والحامي، والمعنى أن الواجب على المسلمين إذا أعطوا عهدا وميثاقا أن لا يخفروا، ولكن ليس لهم أن يجعلوا ذمة الله وذمة نبيه، بل يجعلوا ذمتهم هم لأنهم إذا وقع منهم الإخفار صار في حقهم أسهل من الإخفار لذمة الله وذمة نبيه، وإن كان هذا لا يجوز وهذا لا يجوز، ولكن بعض الشر أهون من بعض، بعض الكبائر أشد من بعض، فالإخفار والغدر بذمة الله وذمة نبيه أشد وأعظم إثما من الإخفار والغدر بذمته وذمة أصحابه، وإن كلاهما لا يجوز.
وهكذا لا ينزلهم على حكم الله، إذا قالوا: أنزلنا على حكم الله من حصونهم، فليقل: أنزلكم على حكمي وحكم أصحابي، ولا بأس أن يقول أجتهد إن شاء الله وأحرص على موافقة الشرع، ولكن لا أنزلكم على حكم الله لأني قد أغلط، مثل ما قال النبي ﷺ: فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا، فالإنسان قد يغلط في حكمه، فلا يقل حكمه الله بل يقول حكمي واجتهادي، وأنا أنظر واجتهد وأنفذ فيكم الشرع من باب الحيطة لئلا يقول حكم الله فيغلط في حكم الله، قد يحكم بحكم لا يوافق حكم الله فيكون في هذا قد كذب على الله عندما يقول حكم الله، ولهذا قال: فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا. هذا أمره النبي ﷺ بهذا من باب الحيطة كما أمر في الذمة بذلك، فالإخفار في ذمة الله أشد، وغلطه في حكم الله أشد، الغلط في حكمه هو أسهل، وهذا من باب الآداب الشرعية في إعطاء العهود والمواثيق وفي إنزال العدو على الحكم، يكون على حكم العبد وعلى اجتهاد ولي الأمر وما يراه موافقا لشرع الله، لكن لا يقول إن هذا الذي قلته هو حكم الله لأنه قد يغلط في بعض المسائل التي يجتهد فيها.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله
ثم بين له ماذا يفعل إذا حاصر أهل الحصون قال: وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه، الحصون الأبنية والقلاع، المحلات المبنية كان يتحصن فيها أهل الكتاب في الغالب، ما يكونوا مع الأعراب في الغالب، أهل الكتاب يكونون في الحصون يعني في المحلات المحصنة من قرى وأشباهها ومدن وأشباهها فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه، هذا من الرباعي أخفر يخفر مثل أعلم يعلم وأكرم يكرم، فالإخفار مصدر أخفر مثل إعلام مصدر أعلم وإكرام مصدر أكرم، والإخفار هو نقض العهد بخلاف الخفر الثلاثي فإنه الحماية والنصرة، يقال خفره يخفره ويخفره إذا حماه ونصره، يخفر آل فلان يعني يحميهم وينصرهم ويحوطهم، وإذا جاءت بالألف أخفره يعني أزال حمايته ونقض عهده، ويقال خفره يخفره إذا حماه ونصره، وخافر القوم الذي يمشي معهم ويحميهم، كانت العرب إذا جاءت في بلاد غير بلادها أخذوا خفيرا من القبيلة حتى يحميهم من جماعته ويؤمنهم من جماعته، يسمى الخفير والحامي، والمعنى أن الواجب على المسلمين إذا أعطوا عهدا وميثاقا أن لا يخفروا، ولكن ليس لهم أن يجعلوا ذمة الله وذمة نبيه، بل يجعلوا ذمتهم هم لأنهم إذا وقع منهم الإخفار صار في حقهم أسهل من الإخفار لذمة الله وذمة نبيه، وإن كان هذا لا يجوز وهذا لا يجوز، ولكن بعض الشر أهون من بعض، بعض الكبائر أشد من بعض، فالإخفار والغدر بذمة الله وذمة نبيه أشد وأعظم إثما من الإخفار والغدر بذمته وذمة أصحابه، وإن كلاهما لا يجوز.
وهكذا لا ينزلهم على حكم الله، إذا قالوا: أنزلنا على حكم الله من حصونهم، فليقل: أنزلكم على حكمي وحكم أصحابي، ولا بأس أن يقول أجتهد إن شاء الله وأحرص على موافقة الشرع، ولكن لا أنزلكم على حكم الله لأني قد أغلط، مثل ما قال النبي ﷺ: فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا، فالإنسان قد يغلط في حكمه، فلا يقل حكمه الله بل يقول حكمي واجتهادي، وأنا أنظر واجتهد وأنفذ فيكم الشرع من باب الحيطة لئلا يقول حكم الله فيغلط في حكم الله، قد يحكم بحكم لا يوافق حكم الله فيكون في هذا قد كذب على الله عندما يقول حكم الله، ولهذا قال: فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا. هذا أمره النبي ﷺ بهذا من باب الحيطة كما أمر في الذمة بذلك، فالإخفار في ذمة الله أشد، وغلطه في حكم الله أشد، الغلط في حكمه هو أسهل، وهذا من باب الآداب الشرعية في إعطاء العهود والمواثيق وفي إنزال العدو على الحكم، يكون على حكم العبد وعلى اجتهاد ولي الأمر وما يراه موافقا لشرع الله، لكن لا يقول إن هذا الذي قلته هو حكم الله لأنه قد يغلط في بعض المسائل التي يجتهد فيها.
📚 المصدر موقع الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
#لا_نسمح_بحذف_الرابط 🚫⤵️
https://www.tgoop.com/charhkiatabtawhidbinbaz
♻️ ساهم في نشر المنشور فالدال على الخير كفاعله