tgoop.com/dourarr/21065
Last Update:
فَوَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا بِالطَّعْنِ فِي الْعُلَمَاءِ، وَالِانْتِقَاصِ مِنْهُمْ، وَغَمْزِهِمْ وَعَدَمِ احْتِرَامِهِمْ إِلَّا مِنَ الْحَدَّادِيَّةِ.
وَمَا عَرَفْنَا إِقْصَاءَ السَّلَفِيِّينَ، وَالتَّشَدُّدَ مَعَهُمْ، وَالتَّحْذِيرَ مِنْ مَجَالِسِهِمْ، حَتَّى وَصَفَهُمْ كَبِيرُهُمْ بِ مَرْضَى الْقُلُوبِ إِلَّا مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيعِ وَالتَّشْنِيعِ.
مَعَ مَا اتَّصَفُوا بِهِ مِنَ الْكَذِبِ، وَالْبَغْيِ، وَالْجَهْلِ، وَالْعِنَادِ، وَالتَّلَوُّنِ، وَالْكَيْدِ وَالْمَكْرِ، وَرَدَّ الْحَقِّ، وَإِثَارَةِ الشُّبُهَاتِ، وَالسَّعْيِ بِالنَّمِيمَةِ، وَفُحْشِ اللَّسَانِ، وَبَذَاءَةِ الْأَقْوَالِ، وَالْفُجُورِ فِي الْخُصُومَةِ، وَالطُّعُونِ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَإِيغَارِ الصُّدُورِ، وَالتَّجَسُّسِ، وَالتَّسْجِيلِ دُونَ عِلْمِ الْمَشَايِخِ، مَعَ الْقَطْعِ وَالْبَتْرِ، وَالتَّنْسِيقِ وَالتَّلْفِيقِ ، ثُمَّ إِخْرَاجِ صَوْتِيَّاتِهِمْ لِإِدَانَتِهِمْ، وَالتَّسَتَّرِ بِالْعُلَمَاءِ مَعَ مُخَالَفَةِ مَنْهَجِهِمْ فِي الْبَاطِنِ، وَإِنْكَارِهِمُ التَّحْذِيرَ مِنَ الْمُخَالِفِينَ، وَغَيْرِهَا مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي تَمَيَّزُوا بِهَا.
وَمَا فَرَّقَ الدَّعْوَةَ السَّلَفِيَّةَ إِلَّا أَهْلُ التَّمْيِيعِ؛ وَمَا تَفَرَّقُوا عَنْهَا إِلَّا مِنْ بَعْدِمَا جَاءَتْهُمُ الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ الَّتِي تُدِينُهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾.
فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ لَمْ يَتَفَرَّقُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ الَّذِي بَيَّنَ لَهُمُ الْحَقَّ؛ وَحَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْبَغْيِ وَالتَّعَنُّتُ.
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ» (١٩٥٧) : «أَيْ: إِنَّمَا كَانَ مُخَالَفَتُهُمْ لِلْحَقِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ إِلَيْهِمْ ، وَقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ؛ وَمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا الْبَغْيُ، وَالْعِنَادُ، وَالْمُشَاقَّةُ».
وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَ لَهُمُ الْبَيِّنَةُ .
وَقَوْلِهِ : ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ : وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ بَيْنَ النَّاسِ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (۷۲۸۱) عَنْ جَابِرٍ . قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ» (٢٥٦/١٣): «قَوْلُهُ:وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ بَيْنَ النَّاسِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، فِعْلًا مَاضِيًا؛ وَلِغَيْرِهِ: بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَالتَّنْوِينِ: «فَرْقٌ»؛ وَكِلَاهُمَا مُتَّجِهُ».
فَالسَّلَفِيَّةُ الْحَقَّةُ تُفَرِّقُ بَيْنَ النَّاسَ؛ نَعَمْ ! تُفَرِّقُ بَيْنَ السَّلَفِيَّ وَالْخَلَفِيِّ، وَبَيْنَ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ، وَبَيْنَ الْمُهْتَدِي وَالْمُضِلَّ، وَبَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ، وَبَيْنَ الثَّابِتِ وَالْمُمَيِّعِ الْمُتَلَوِّنِ؛ فَهِيَ كَالْبَحْرِ يَلْفِظُ خَبَثَهُ، وَيُلْقِي غُثَاءَهُ: كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) .
وَقَدْ كَانَ السَّلَفِيُّونَ أُمَّةً وَاحِدَةً، فِي نُصْرَةِ السُّنَّةِ وَأَتْبَاعِهَا، وَقَمْعِ الْبِدْعَةِ وَأَنْوَاعِهَا، وَمُحَارَبَةِ الْحَدَّادِيَّةِ وَأَشْيَاعِهَا ، وَدَكَ حُصُونِ الْحِزْبِيَّةِ وَأَوْضَاعِهَا، حَتَّى عَمَّتِ السُّنَّةُ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ وَأَصْقَاعِهَا، وَتَجَلَّتْ آثَارُهَا عَلَى أَبْصَارِ الطَّوَائِفِ وَأَسْمَاعِهَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ حَتَّى ظَهَرَتْ هَذِهِ الْفِئَةُ الْمُمَيِّعَةُ، وَالطَّائِفَةُ الْمُخَدِّلَةُ الَّذِينَ هَوَّنُوا مِنَ الْقَضَايَا الْمَنْهَجِيَّةِ ، وَتَظَاهَرُوا بِالِانْتِسَابِ إِلَى السَّلَفِيَّةِ، وَتَسَتَرُوا بِاحْتِرَامِ عُلَمَائِهَا ، وَهُمْ حَرْبٌ عَلَى أَهْلِهَا وَأَوْلِيَائِهَا، يُدْخِلُونَ فِي مَنْهَجِهِمْ كُلَّ حِزْبِيٌّ مُخَالِفٍ، وَيُبْعِدُونَ عَنْهُمْ كُلَّ سَلَفِيٌّ مُحَالِفٍ، فَلَا السَّلَفِيَّةَ نَصَرُوهَا وَلَا الْحِزْبِيَّةَ كَسَرُوهَا ، يَتَمَيَّعُونَ تَمَيُّعَ الْمَاءِ، وَيَتَلَوَّنُونَ تَلَوُّنَ الْحِرْبَاءِ؛ فَهُمْ مَنْ فَرَّقَ السَّلَفِيَّةَ، وَتَفَرَّقَ عَنْهَا .
BY قَطْفُ الجََنَى الَدَانِي ١٤٣٨هـ⚘❀•
Share with your friend now:
tgoop.com/dourarr/21065