Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
1313 - Telegram Web
Telegram Web
#مقال

مقامات الإيمان

الإيمان هو الأصل في العبودية لله تعالى، وقد أجمع أهل السنة والجماعة على أنَّه يزيد بطاعة الله وينقص بمعصيته، وفي زيادة الإيمان مقامات عظيمة ورفيعة، وأعلاها ما وصل إليه الأنبياء والمرسلون ثُمَّ الصديقون والشهداء وغيرهم من أهل المقامات العالية عند الله تعالى.
ولا ريب أنَّ الإيمان من أعظم النعم الربانية، والمنح الإلهية، يقول تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:6-7]، وكل من حقَّق أصل الإيمان فهو داخل فيهم، ولكن الذين أنعم الله عليهم درجات ومقامات وليسوا على مرتبة واحدة، ولهذا كانت الجنَّة درجات عظيمة، يقول تعالى في أهل مقامات الإيمان: {فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69]، ويقول تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32].

ومن أعلى مقامات الإيمان: العلم بالله، والجهاد في سبيل الله، فهذان مقامان عاليان؛ لأنَّهما يتضمَّنان أعلى درجات اليقين بالله، وفيهما من بذل الجهد والمجاهدة والصبر أمرًا لا يعرفه إلا من خَبَرَ حقيقة كل منهما.
فالعالم يبذل حياته ووقته وأيامه في تعلُّم العلم، وآثاره في الناس كبيره من إقامة الحق والدفاع عنه والصبر عليه، والمجاهد في سبيل الله يبذل نفسه لإقامة الحق والدفاع عنه، ويصبر على ذلك.

والعلاقة بين العلم والجهاد: أنَّ الأول من الحياة في سبيل الله، والثاني: يفضي إلى الموت في سبيل الله، ويجتمعان في أمرين شريفين:
الأمر الأول: القيام بالحق.
والأمر الثاني: الدفاع عنه.
وفي هذين الأمرين معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ويتفرَّع عن مقام العلم بالله، والجهاد في سبيله سائر شعب الإيمان وفضائله، فإنَّ العلم أصل دافع للعمل الصالح، والجهاد أصل دافع لمجاهدة النفس والشيطان وأعداء الدين، وبهما يقوم الإيمان في النفس والمجتمع.
والعلم أحد طرق الجهاد في سبيل الله، ولهذا أمر الله تعالى نبيه بالجهاد بالقرآن فقال تعالى: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان:52]، ويكون ببيان الحق والدفاع عنه كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة:73]، وجهاد الكفار بالسنان، وجهاد المنافقين بالبيان، ولهذا كان من الجهاد بيان باطل الأديان المحرَّفة، والمذاهب الإلحادية، وكشف زيف الفرق الضالة، والشبهات الباطلة، وبهذا يتحقق بالعلم الجهاد بالبيان.
وأعلى من ذلك: الجمع بين جهاد البيان والسنان كما كان علماء الصحابة والتابعين يجاهدون الكفار والمنافقين، فكل علماء الصحابة مجاهدون، ومن أبرز العلماء المجاهدين عبدالله بن المبارك وغيره من علماء السلف الصالح.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1291
#مقال

ورضوا بالحياة الدنيا «١»

المراد بالرضا بالحياة الدنيا: اعتقاد أنَّها المبدأ والمنتهى، والركون إليها، وجعلها غاية الأمر، ونهاية القصد، وهي المعنى المطلوب للحياة، وهذا ما يقتضي تهوين الآخرة، وشَغْل الحياة عنها بكافة وسائل اللهو، وطرق الشهوات، ومسالك الملذَّات.
وهذا التصور يُسمَّى في مجال الفكر المعاصر: العلمانية، وهي ترجمة خاطئة لمصطلح (secularism)، وأقرب المعاني الصحيحة (الدنيوية/اللادينية)، فهي تُرسِّخ الرضا بالدنيا، وترى في الدِّين ترسيخ الآخرة، وعلى هذا بنى العلمانيون مذهبهم في مركزية الدنيا وغائيتها، ومن لوازم ذلك الغفلة عن الآخرة، واعتبارها أمرًا مظنونًا، وكل البرامج في هذا التصوُّر يجب أن تكون دنيوية، أما الآخرة فهي قناعة شخصية لا تُبنى عليها الحياة، وليست أصلًا لمعنى الحياة.
والرضا بالحياة الدنيا هي أحد معالم الحياة المعاصرة التي يسعى الغرب إلى ترويجها من خلال أدواته الإعلامية والتعليمية وبرامجه للأسرة والمرأة والشباب، ويرسخه من خلال المواثيق والمعاهدات الدولية باعتباره حقًّا أصيلًا من حقوق الإنسان، وقد تأثر بها كثير من المسلمين، ليس في مجال الفكر فقط بل غدت تيارًا شعبيًّا يمارسه البعض بصورة لا واعية، وهذا من نتائج الانفتاح على الغرب.
وهذا التصوُّر الدنيوي مع كونه شركًا بالله تعالى فهو مُدمِّر للعقيدة والأخلاق والقيم والنفس والمجتمع؛ لأنَّه فكر من عقل قاصر ينابذ العبودية التي خُلق من أجلها الإنسان، والإيمان الذي هو معنى الحياة، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء:82]، وقد جاء في إبطال هذا المشروع وآثاره قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7-8].
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1294
#مقال

ورضوا بالحياة الدنيا «٢»

الرضا بالحياة الدنيا من صفات المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقد يُوجد في المسلمين من يشابههم في هذه الصفة، ويكون ذلك بسبب ضعف الإيمان بالآخرة في قلبه وقلَّة اليقين بها، فتكون دنياه مقدَّمة على كل شيء.
وهذا ما يجعل المسلم يُفرِّط في الواجبات وينتهك المحرَّمات، فلا يردعه إيمانه عن أكل الحرام والفواحش والظلم، وغيرها من المعاصي والذنوب.
ولهذا كان الحرص على الحياة الدنيا مهلك لصاحبه، فقد ثبت عن كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ)، [الترمذي في سننه برقم: «2376»].
والرضا بالدنيا أساس الذلة والمهانة والغثائية ونزع المهابة من الأعداء كما ثبت عن ثوبان قال قال رسول الله ﷺ: (يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَهْنَ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)، [أبو داود في سننه برقم: «4297»].
ونرى اليوم استهانة اليهود بالمسلمين، وهم يستذلون طائفة منهم استذلالًا رهيبًا، وتنقل صورهم على القنوات، وتشاهدها بقية الأمم، وأهل الإسلام لا يُحرِّكون ساكنًا، هذه الحالة هي نفسها المقصودة بالحديث.

وقد يتعجَّب البعض من تحمُّل المسلمين للقتل والأذى، وأن يجود المجاهد بنفسه في سبيل الله مقبلًا غير مدبر، في حالة نادرة في زمان الوهن والتعلق بالدنيا، ويزول العجب بمعرفة مقام الآخرة في نفوس المؤمنين، والصورة التامة بين حالة الإذلال والاستبسال في جهاد الأعداء تدُلُّ على أنَّ التعلُّق بالدنيا مهين، والتعلُّق بالآخرة مُعز لجناب صاحبه، ولدار الآخر خير، ولأجر الآخرة أكبر.
والدواء الناجع لمشكلة الرضا بالدنيا والوهن هو: التذكير بالآخرة، وربط الأمة بها علمًا وعملًا، وتقليل الاهتمام بالدنيا والزهد فيها والإقبال على الآخرة، يقول تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [الأعلى:16-17]، وفي المسند مرفوعًا: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَحْمِي عَبْدَهُ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ ، كَمَا تَحْمُونَ مَرْضَاكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَوُّفًا لَهُ عَلَيْهِ) [أحمد في مسنده برقم: «24122»، وروي عن جندب البجلي: (حب الدنيا رأس كل خطيئة)، ولا يصح مرفوعًا.
وهذا ما يريده الله تعالى منَّا بعكس ما تريده العلمانية الدنيوية كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27].
ولهذا ينبغي ملء الحياة بالتذكير بالآخرة والعمل لها في كافة وسائل التواصل ومجتمعات الناس، فهو الكفيل ببقاء الأمة حية متيقظة مؤمنة متعلقة بالله تعالى، تصنع الدنيا على منهاج الآخرة، لأن الدنيا مزرعة الآخرة.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1297
ذم السلف الصالح لعلم الكلام.pdf
1.4 MB
#مستلات

⬛️| ذم السلف الصالح لعلم الكلام

مستل من كتاب: «حقيقة التوحيد بين اهل السنة والمتكلمين»
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami
#مقال

الأزمات وحسن الظن بالله

من المحكمات العقدية: أنَّ حسن الظن بالله من معالم إيمان القلب، والقنوط من رحمة الله من علامات الكفر، وحسن الظن بالله يرجع إلى العلم به تعالى وحكمته البالغة، فالبلاء الذي يحصل للمؤمنين هو امتحان ربَّاني يعود إلى مقصد عظيم وهو ظهور إيمان العبد وصبره وشكره لله تعالى.
ويأتي الفرج من الله تعالى لمَّا يبلغ البلاء أعلى درجاته، ويكون مصاحبًا له إيمان عميق، وعلم عظيم بالله، في هذه الحالة التي يتعانق فيها الإيمان العميق، والعلم العظيم يأتي الفرج الربَّاني.
كما حصل في قصة فَقْد يعقوب -عليه السلام- لأحب أبنائه إليه على يد بعض أبنائه الحاسدين، ثم عَمِي، ثم فقد ابنه الآخر المحبوب، وهو مع كل هذه المصائب مؤمن إيمانًا عميقًا، فحقَّق مقام الصبر الجميل بلا اعتراض على أمر الله، وهو مع ذلك عالم بالله، ولم يتطرق القنوط واليأس من رحمة الله إلى قلبه، ويدل على أنَّ المصائب لم تزده إلا إيمانًا قوله: {إِنَّمَا ‌أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف:86]، وعلمه بالله هو أنَّ رحمته تتنزَّل حيث تبلغ المصيبة ذروتها، والإيمان قمته، ويدل على ثقته بذلك قوله وهو في ذروة الأزمة والمصيبة: {يَابَنِيَّ اذْهَبُوا ‌فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87].
ولمَّا حاصر فرعون وجنوده موسى وأصحابه قالوا إنَّا لمدركون، قال: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:61]، فجاء الفرج الربَّاني بالآية الكبرى وهو انفلاق البحر ونجاتهم، وغرق فرعون وجنوده.
وهكذا الحال في كثير من الأزمات الصعبة في الأمة، كان الإيمان وحسن الظن بالله، والعلم به تعالى هو النهج الفسيح الذي تتبدَّل معه الأحوال وتكون العاقبة للمؤمنين.
وإنَّ الرجاء بالله عظيم في أن ينصر إخواننا في فلسطين، وأن يلطف بهم، وأن يغلب عدوهم، ويكسر شوكة الكافرين والمنافقين، وهو خير مرجو، وخير مأمول، فلا يشقى من توكل عليه، وأحسن الظن به، ودعاه وسأله.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1300
#مقال

ورضوا بالحياة الدنيا «٣»

يبدو الفارق المنهجي بين المنهج الإيمانيِّ والمنهج الدنيوي في الآثار والحياة الواقعية، فالمؤمن يجعل الدنيا وسيلة في العمل للآخرة، فهي حقل لزراعة الأعمال النافعة في الآخرة، ولهذا فبرنامجه لبناء حياته ومستقبله في الآخرة يكون بتحقيق رضوان الله بالصالحات، وترك محارمه.
فأغلب وقته يبذله لهذه الغاية، فيعطي من وقته وماله وحياته ويبني خططه على هذا الأساس، فلا يرى في بذل الوقت والجهد والمال والحال إلا ربحًا خالصًا إذا كان لله والدار الآخرة، وكل المتاعب والأذى الذي يجده ينقلب إلى لذة وسعادة؛ لأنَّ غايته الآخرة، بل إنَّه يجود بنفسه في سبيل الله، والجود بالنفس أغلى غاية الجودِ، فكل حياته لله.
أما الدنيوي؛ فحياته كلها لأجل الدنيا، يشقى لها، ويتعب من أجلها، ثم يجدها ظلًّا زائلًا، فالمال يذهب، والعمر يتبخر، والجمال يذبل، والشهرة تزول، والحياة تنتهي، ولن يأتيه من الدنيا إلا ما كتبه الله له.
والسبب أن نفس الدنيوي متعلقة بالعاجلة، ولا تشعر بقيمة الآخرة كما قال تعالى: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} [القيامة:20-21].
فالفارق بين المنهجين يتجلَّى في دوافع العمل وقوة النشاط في أمر الدنيا والآخرة، كما يكون في الإرادة والغاية والمقصد، ويظهر في تلقي المصائب والآلام، ويبرز في الأماني والطموح والتطلعات، فالمؤمن يتمنى رضا الله، ويطمح إلى جنته، ويتطلع إلى كثرة العمل الصالح، والدنيوي أمنيته مكاسب مالية أو مناصب دنيوية، وهذا طموحه وتطلعاته التي ينفق فيها نفيس الوقت والجهد والهم والفكر والنشاط، فكلٌ يعمل على شاكلته.
ولهذا نجد الخطاب المدني يَعِدُ النَّاس بفردوس أرضي خيالي لا واقع له، فالدنيوية تبعث على التنافس كما نراه في الرأسمالية المتوحشة التي لا ترحم فقيرًا، ولا تسعى على أرملة، ولا تعمل أمرًا إلا لمكاسب دنيوية محضة، وهذا التنافس هو أصل الحروب والقتل والفتك بالإنسانية كما نشاهده اليوم، فلا يوجد في جعبة الخطاب المدني إلا وعود برَّاقة وأماني زائفة، والحريات المزعومة هي التي يصنعها الأقوياء على ما يرغبون، وأكبر ضحاياها المرأة المخدوعة، والشباب المغرور، فلا حرية إلا للفساد والانحلال الأخلاقي، أما المرأة التي تطحنها آلات القتل العسكرية الرأسمالية فلا ذكر لها، والمرأة الفقيرة الضعيفة لا يهتمون بها، فالحرية للأزياء الفاتنة، والتعري الفاضح، والعلاقات الآثمة.
وعلى هذا؛ فإنَّ الخطاب المدني لا يحقق أي مكاسب حقيقية حتى في أمور الدنيا التي هي غاية قصده، وإنَّما مهامه الحقيقية هي إشغال الناس عن غاية وجودهم وهي العبودية لله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56].
والمخرج من الفتنة يكون بالعودة الصادقة إلى الله، والعمل للآخرة، وإقامة الدين، والدفاع عنه، والعمل بمنهاج الأنبياء، وهذا المخرج هو سفينة نوح الوحيدة من تركها فهو من الهالكين.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1303
#عمق للدراسات العقدية
يسرنا في مركز التأصيل أن نعلن عن إطلاق أول برنامج متخصص في الدراسات العقدية:
برنامج عمق للدراسات العقدية
🚀 انطلق معنا في رحلة علمية منهجية لتأصيل الفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية.
الفيلم التعريفي بالبرنامج:
https://www.youtube.com/watch?v=7HdJdh-C_l0
رابط التسجيل:
https://forms.gle/8ptHs8TiRpFJtsvM6
رابط المنصة التعليمية:
https://www.taseel-edu.com/
رابط قناة التليجرام:
https://www.tgoop.com/OmqAqeehah
#عمق للدراسات العقدية
#مركز التأصيل للدراسات والبحوث
📆 التسجيل متاح الآن
#مقال

الاستواء معلوم «١»

الإيمان بالله من أعظم أصول الإيمان، ويتضمن ذلك الإيمان بصفاته عز وجل، وهي من المحكمات الظاهرة، ولهذا أجمع الصحابة والتابعون على الإيمان بها وإثباتها، ولم يقع الابتداع في الصفات إلا مع مقالة الجهمية المعطِّلة، وظهور علم الكلام المذموم، وهو علم منفصل عن مشكاة النبوة في التلقي والاستدلال، وقد تنوَّعت الفرق الضالة التي ظهرت من عباءة هذا العلم الفاسد.
ولمَّا ظهرت الفرق والشبهات والأهواء في صفات الله تعالى؛ تكلَّم أئمة السُّنَّة في بيان الحق، وتأصيل منهجه بكلام مختصر معمق مبارك؛ كان بمثابة القواعد والأصول لتمييز الحق عن الباطل.
ومن العبارات السيَّارة للسلف الصالح في الإيمان بالصفات: قول الإمام مالك بن أنس (ت:١٧٩هـ): (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)، وهو أثر صحيح النسبة إلى الإمام مالك، وصح معناه عن شيخه ربيعة بن أبي عبدالرحمن فرُّوخ التيمي المعروف بربيعة الرأي (ت:١٣٦هـ)، وروي عن أم سلمة رضي الله عنها، ومرفوعًا إلى النبي ﷺ، ولا يصح، وهو مشهور عن الإمام مالك -رحمه الله-.
وهذا الأثر ملخص منهجي مركَّز لمنهج السلف في التلقي والاستدلال، وهو قاعدة كلية في إثبات صفات الله تعالى.

فهو يتضمن القواعد التالية:
💡 أولًا: أنَّ الإيمان بصفات الله تعالى واجب، وأنَّ إنكارها أو تأويلها محرَّم؛ لأنَّه بدعة وضلالة، والإيمان يقتضي التسليم والانقياد بما جاء به الوحي من الإيمان بالصفات.
💡 ثانيًا: أنَّ معاني الصفات معلومة مفهومة؛ لأنَّ الخطاب بها جاء بلسان عربي مبين، وعلى ذلك فإن معانيها: (غير مجهولة)؛ لأنَّ الله تعالى وصف آياته بالبينات، والقرآن بالنور، وما كان كذلك فلا يمكن أن يكون مجهول المعاني.
💡 ثالثًا: أنَّ لصفات الله كيفيات لا نعلمها؛ لأنَّ الله لم يُعلِمنا إيَّاها؛ فهي مجهولة لنا، يجب أن نثبت صفاته بمعانيها وكيفياتها اللائقة بها، أمَّا المعاني فهي مدركة؛ لأنَّها مرتبطة باللفظ العربي المعروف، وأمَّا الكيفيات فمجهولة لنا يجب الإيمان بها والتسليم.
💡 رابعًا: أنَّ السؤال عن الكيفية بدعة؛ لأنَّه سؤال عمَّا استأثر الله بعلمه، وتطلُّب للغيب بما لم يُعلِمنا الله إيَّاه، وهذا من ابتغاء الفتنة والبحث عن حقائق الغيب وهو طريق أهل الزيغ كما قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:7].

وهذه الإشارة المختصرة يمكن بسطها بالأدلة كما فعل علماء السُّنَّة في كتبهم، وكل معانيها مكتنَزَة في عبارة الإمام مالك رحمه الله تعالى، وهذا يدل على شرف علم أئمة السَّلف، ومقام كلامهم العميق، ومنزلة فقههم للوحي، وعلو معانيهم الرفيعة، ولكن هذه القاعدة المالكية الشريفة لم تسلم من التشغيب والعبث بمعانيها من قبل أهل الأهواء، وهذا غير مستغرَب؛ فقد أوَّلوا كلام الله ورسوله، وعبثوا بمعاني الوحي، وأنزلوها في غير منازلها، بل عزلوا تلقي العقائد من الوحي، وأقاموا مصادر طاغوتية يعارضون بها الوحي، ويُحرِّفون معانيه لتسلم لهم مصادرهم الباطلة، وسوف نبيِّن ذلك لاحقًا بإذن الله تعالى.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1308
#مقال

الاستواء معلوم «٢»

لا يُعرف عن أحدٍ من سلف الأمة في القرون المفضَّلة أنَّه زعم أنَّ معاني صفات الله تعالى مجهولة، وغير معلومة المعاني، وعباراتهم المبثوثة في كتب الاعتقاد المسندة تدُلُّ على ذلك، ومن جملة هذه العبارات: عبارة الإمام مالك رحمه الله تعالى، وهي العبارة المشهورة: «الاستواء معلوم».
ونسبة التفويض إلى السلف كذبٌ عليهم، وتفاسير السَّلف لمعاني الصفات المنتشرة في كتب التفسير يعرفها كل من شم رائحة العلم، ولكن الهوى يُعمي ويصم.
ولم يظهر الزعم بأنَّ صفات الله تعالى مجهولة المعاني إلا في أروقة علم الكلام المذموم، وهو مذهب التفويض، ويقرر هذا المذهب أنَّه لا يمكن التمييز بين صفات الله تعالى من جهة معانيها، فلا يفهم المخاطَب فرقًا بين صفة الحياة والعلم والقدرة والإرادة والنزول والاستواء وغيرها من الصفات.
وهو مذهب فاسد يقتضي أنَّ الله خاطبنا بما يُشبه الألغاز، والكلمات التي لا معنى لها، أو لا يمكن أن نفهم لها معنى، وهذا قدح في حكمة الله وتشريعه، وفي بيان الوحي وإعجازه.

وقد قام نفاة الصفات بتحريف عبارات السلف في معاني صفات الله كما حرَّفوا الآيات والأحاديث الواردة فيها، وممَّا حرَّفُوه قول الإمام مالك رحمه الله، فزعموا أنَّ معنى قوله: «الاستواء معلوم» أي: معلوم أنَّ الله تعالى ذكره في كتابه، أمَّا معنى الاستواء فهو ليس معلومًا! ولا يمكن أن نفهمه بلسان العرب، ولا نجريه على ظاهره في اللغة.
وهذا تحريف لمقالة مالك، فإن عبارات السَّلف يجب أن تُفهم في السياق المنهجي لتعاملهم مع نصوص الوحي، فهم يُثبتون الصفات على ظاهرها -وهو المعنى اللغوي الذي تدُلُّ عليه الكلمة في سياقها- مع نفي التشبيه عنه تعالى.
فلم يزعم أحدٌ أنَّ السَّلف يقولون في نصوص الغيب كاليوم الآخر، والملائكة، والجن، والروح وغيرها بأنَّها غير مفهومة المعاني، بل يفهمون معانيها دون كيفياتها، وهكذا الأمر في صفات الله تعالى.

وألفاظ السَّلف يُفسِّر بعضها بعضًا في رواياتها المختلفة، فقد جاءت روايات مقالة الإمام مالك بقوله: «الاستواء معلوم»، و«الاستواء غير مجهول»، و«استواؤه معقول»، وهذه الألفاظ تدُلُّ على أنَّ معانيها معلومة.
قال الدارمي (ت:٢٨٠هـ): «وصدق مالك، لا يُعقل منه كيف، ولا يُجهل منه الاستواء» [انظر: الرد على الجهمية، ت:الرياشي، ص١٤٥]، وقال أبو عمر بن عبدالبر (ت:٤٦٣هـ): «والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو: العلو والارتفاع على الشيء، والاستقرار» [انظر: التمهيد، ت:بشار، «٥/ ١٤٢»]، وهذا ما فسَّر به التابعون معنى الاستواء كأبي العالية (ت:٩٠هـ)، ومجاهد (ت:١٠١هـ)، فقالوا الاستواء: العلو والارتفاع، رواه البخاري في كتاب التوحيد، ومثله عند الطبري عن الربيع بن أنس (ت:١٣٩هـ)، وهذا يدُلُّ على فهم معنى الاستواء، وأمثاله كثير.

وقد صرَّح عدد من علماء أهل السُّنَّة بالعلم بمعاني الصفات، فقال الدارمي (ت:٢٨٠هـ) عن الصفات: «تلك معناها بيِّنٌ للأمة، لا اختلاف بيننا وبينكم وبين المسلمين في معناها المفهوم المعقول عند جميع المسلمين» [انظر: الرد على الجهمية، ت:الرياشي، ص١٨٧»]، وقال أبو نصر السجزي (ت:٤٤٤هـ): «الواجب أن يُعلم أنَّ الله تعالى إذا وصف نفسه بصفة هي معقولة عند العرب، والخطاب ورد بها عليهم بما يتعارفون بينهم، ولم يُبيِّن سبحانه أنَّها بخلاف ما يعقلونه، ولا فسَّرها النبي ﷺ لمَّا أدَّاها بتفسير يخالف الظاهر، فهي على ما يعقلونه ويعرفونه» [انظر: رسالة السجزي إلى أهل زبيد، ت:باكريم، ص٢٢٧-٢٢٨].

والأصول الكلية لمنهج السَّلف في التلقي والاستدلال تدُلُّ على العلم بمعاني الصفات؛ فالله تعالى أنزل كتابه بلسان عربي مبين، ووصفه بأنه روحٌ ونورٌ وضياءٌ وبينات وهدى، ونحو ذلك من الصفات، والغاية من الوحي هداية النَّاس، وإقامة الحجة، وهذا يقتضي أنَّ معانيه مفهومة، ولو لم تكن كذلك لما تحقَّقتْ تلك الأوصاف، وما حصلت الهداية، ولم تقم به الحجة.
ولا يمكن أن يُخاطب الله تعالى النَّاس بألفاظٍ لا معنى لها، أو لا يمكن إدراك معانيها؛ لأنَّ الحكمة من نزول الوحي، وإرسال الرسل لا يتحقَّق مع الجهل بمعاني صفات الله تعالى، وأعلى العلم وأرفعه: العلم بالله تعالى وصفاته، وهو أصل الهداية، فلا يمكن أن يكون معرفة معاني صفاته مجهولًا.
..
https://www.tgoop.com/dr_alsolami/1311
2025/01/08 07:38:16
Back to Top
HTML Embed Code: