Telegram Web
"احفظ الله يحفظك"

الله عزَّ وجلَّ يحفظُ على المؤمن الحافظ لحدوده دينَه، ويحُولُ بينه وبين ما يُفسد عليه دينَه بأنواعٍ مِنَ الحفظ.

وقد لا يشعرُ العبدُ ببعضها، وقد يكونُ كارهًا له، كما قال في حقِّ يوسُف عليه السلام: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: ٢٤].

‏[جامع العلوم والحكم (470/1) لابن رجب]
قال بعضُ العارفين لمريدٍ: أتحفظُ القرآن؟ قال: لا، فقال: واغوثاه بالله! مريد لا يحفظ القرآن.. فَبِمَ يتنعَّم؟ فَبِمَ يترنَّم؟ فَبِمَ يُناجي ربّه عز وجل.

[جامع العلوم والحِكَم (ص/781) لابن رجب]
في الأثر المعروف: [كن عالما أو متعلّماً أو مستمعاً أو مُحبًا لهُم، ولا تكُن الخامس فتهلك]

قال بعض السّلف عند هذا: سبحان الله! لقد جعل الله لهم مخرجاً.

يعني: أنه لا يخرج عن هذه الأربعة الممدوحة إلاّ الخامس الهالك، وهو من ليس بعالم ولا متعلم، ولا مستمع ولا محب لأهل العلم، وهو الهالك.

[مجموع الرسائل (31/1) لابن رجب]
واعلمْ أَن النَّفسَ تُحبُّ الرِّفَعَةَ والعُلوَّ عَلَى أَبناءِ جنسِهَا، وَمن هُنا نشأَ الكِبرُ والحسدُ، ولكن العاقلَ يُنافسُ في العُلوِّ الدائم الباقي الَّذِي فيهِ رضوانُ اللَّه وقُربُهُ وجِوارُهُ، ويَرغَبُ عن العُلوِّ الفاني الزَّائلِ، الَّذِي يعقُبُهُ غَضبُ اللَّه وَسخطُه، وانحطاطُ العبدِ وسُفُولُه وبعدُهُ عَن الله وطردُهُ عنه، فهذا العُلوّ الفاني الَّذِي يُذَمًّ، وهو العتُوُّ والتكبرُ في الأرض بغيرِ الحَقِّ. وأما العُلوُّ الأوَّلُ والحرصُ عليهِ فهو محمودٌ.

[مجموع الرسائل (89/1) لابن رجب]
ولهذا كان أشد الناس عذابًا في الآخرة عالمٌ لم ينفعه الله بعلمه، وهو أشدُّ الناس حسرةً يوم القيامةِ، حيثُ كان معه آلةٌ حيث كان معه آلة يتوصّل بها إلى أعلى الدَّرجات، وأرفع المقامات، فلم يستعملها إلا في التوصُّل إلى أخسِّ الأمور وأدناها وأحقرها، فهو كمن كان معه جواهر نفيسة لها قيمة فباعها ببعر أو شيء مستقذَر.

[مجموع الرسائل (79/1) لابن رجب]
المُحبُّ اسمُ محبوبهِ لا يغيبُ عن قلبهِ ، فلو كُلِّفَ أن ينسى ذكرهُ لما قَدرَ ، ولو كلفَ أن يكُفَّ عن ذكرهِ بلسانِه لما صبرَ :

كيف ينسى المُحبُّ ذكرَ حبيبٍ = اسمهُ في فؤاده مكتوبُ

كان بلالٌ كلما عذَّبه المشركونَ في الرَّمضاءِ على التوحيد ، يقول : أحدٌ ، أحدٌ ، فإذا قالوا له : قُل : اللاَّت والعُزَّى ، قال : لا أُحسِنُهُ :

يُرادُ من القلب نِسيانكُم = وتأبى الطِّباعُ على النَّاقِلِ

كُلّما قويت المعرفةُ ، صار الذِّكرُ يجري على لسانِ الذَّاكِرِ من غير كُلفةٍ ، حتى كان بعضُهم يَجْري على لسانِه في منامِهِ : الله الله .
ولهذا يُلهم أهل الجنّة التسبيح ، كما يُلهمون النَّفس ، وتصير «لا إله إلا الله» لهم ، كالماء البارد لأهل الدُّنيا.

‏[جامع العلوم والحكم (ص/659) لابن رجب]
قال عمر بن العزيز رحمه الله: "من عدَّ كلامَه من عمله قل كلامُه إلا فيما يعنيه".

قال ابن رجب الحنبلي:
وهو كما قال؛ فإن كثيرًا من الناس لا يعُدُّ كلامَهُ مِنْ عَمَلِهِ؛ فيجازفُ فيه ولَا يتحرى.
وقد خفي هذا على معاذ بن جبل رضي الله عنه، حتى سأل عنه النبيَّ ﷺ فقال: أنؤاخذ بما نتكلَّم به؟ فقال: ثَكِلتْكَ أمّك يا معاذ! وهل يكبُّ الناسَ على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم.

‏[جامع العلوم والحكم (312/1) لابن رجب]
كان السلف يجتهدون في أعمال الخير ويَعدُّون أنفسهم من المُقصِّرين المُفرِّطين المُذنبين، ونحن مع إساءتنا نعد أنفسنا من المُحسنين!

كان مالك بن دينار يقول: (إذا ذكر الصالحون: أف لي وتف)، وقال أيوب: (إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل)، وقال يونس بن عبيد: (أعد مائة خصلة من خصال الخير ليس فيَّ منها واحدة)، وقال محمد بن واسع: (لو أن للذنوب رائحة لم يستطع أحد أن يجلس إلي).

[مجموع الرسائل (254/1) لابن رجب]
١- إذا اعترف العبدُ بذنبه
٢- وطلب المغفرة من ربِّه،
٣- وأقرّ له أنّه لا يغفر الذنوب غيره =
كان جديراً أنْ يُغفر له.

ولهذا قال في الحديث: (فاغفرلي إنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت)،
وكذلك في دعاء سيد الاستغفار،
وكذلك في الدعاء الذي علّمه الصديق أن يقوله في صلاته.

وإلى هذا الإشارة في القرآن: {ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله}.

[مجموع الرسائل (147/1) لابن رجب]
وأما صيام يوم النصف منه فغير منهي عنه فإنه من جملة أيام البيض الغر المندوب إلى صيامها من كل شهر

[لطائف المعارف (ص/136) لابن رجب]
في فضل ليلة نصف شعبان أحاديث.. متعددة وقد اختلف فيها فضعفها الأكثرون وصحح ابن حبان بعضها وخرجه في صحيحه

[لطائف المعارف (ص/136) لابن رجب]
ليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة.

وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها وقد قيل أنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك.

فمنهم من قبله منهم وافقهم على تعظيمها منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم.

وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة وهو قول أصحاب مالك وغيرهم وقالوا: ذلك كله بدعة.

[لطائف المعارف (ص/137) لابن رجب]
واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:

أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ووافقهم إسحاق بن راهوية على ذلك وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ببدعة نقله عنه حرب الكرماني في مسائله.

والثاني: أنه يكره الإجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى.

[لطائف المعارف (ص/137) لابن رجب]
لا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان.

ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد.

فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

واستحبها في رواية لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود وهو من التابعين.

فكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام.

[لطائف المعارف (ص/138) لابن رجب]
ينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة [ليلة النِّصف من شعبان] لذكر الله تعالى، ودعائه بغفران الذنوب، وستر العيوب، وتفريج الكروب، وأن يقدم على ذلك التوبة، فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب.

[لطائف المعارف (ص/138) لابن رجب]
قال الشافعي رضي الله عنه:
بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال:
ليلة الجمعة
والعيدين
وأول رجب
ونصف شعبان.

[لطائف المعارف (ص/136) لابن رجب]
من كان عليه شيء من قضاء رمضان وجب عليه قضاؤه مع القدرة، ولا يجوز له تأخيره إلى ما بعد رمضان آخر لغير ضرورة، فإن فعل ذلك وكان تأخيره لعذر مستمرّ بين الرّمضانين، كان عليه قضاؤه بعد رمضان الثاني، ولا شيء عليه مع القضاء.

وإن كان ذلك لغير عذر؛ فقيل: يقضي ويطعم مع القضاء لكلّ يوم مسكينا، وهو قول مالك والشّافعيّ وأحمد اتباعا لآثار وردت بذلك. وقيل: يقضي ولا إطعام عليه، وهو قول أبي حنيفة. وقيل: يطعم ولا يقضي، وهو ضعيف.

[لطائف المعارف (ص/242) لابن رجب]
قال مُعلَّى بن الفضل: كانوا يدعون الله ستةَ أشهرٍ أن يُبلِّغَهم رمضانَ، ثم يدعونه ستةَ أشهر أن يتقبَّل منهم.

وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتَسلَّمْه منِّي مُتقبَّلا.

[لطائف المعارف (ص/264) لابن رجب]
إذا رمضانُ أتى مقبلاً = فأقبِل فبالخير يُستقبلُ

لعلَّك تُخطِئهُ قابلاً = وتأتي بعُذرٍ فلا يُقبَلُ

[لطائف المعارف (ص/266) لابن رجب]
كم ممّن أمّل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله، فصار قبله إلى ظلمة القبر.

كم من مستقبل يوما لا يستكمله، ومؤمّل غدا لا يدركه. إنّكم لو أبصرتم الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره.

[لطائف المعارف (ص/266) لابن رجب]
2025/02/17 14:12:22
Back to Top
HTML Embed Code: