Telegram Web
ما قامت السماوات والأرض إلا من أجل تحقيق "لا إله إلا الله"
2
الذي جرّب دفء يدي، سيظل يبحثُ عنه في كل يدٍ ممتدة.
فن الوَداع

في كل علاقة، يبقى الوداع اختبارًا حقيقيًا لأخلاقنا وعمق إنسانيتنا، ليست النهاية بحد ذاتها ما يترك الأثر، بل الطريقة التي نختار بها أن ننهي الرحلة، الوداع ليس ساحة حرب ولا مساحة للانتصار أو الهزيمة، بل فرصة لنغلق الأبواب برفق، ونعبر منها بسلام.

ما أجمل أن نغادر علاقاتنا كما نودّع أحبّتنا في المطارات، بابتسامة ودعاء، لا بجروح وكلمات عالقة في الصدور، ليس المهم أن تبقى دائمًا، بل أن تترك خلفك أثرًا طيبًا يُذكر بالخير مهما تباعدت الطرق.

لا تجعل رحيلك ذكرى ثقيلة على أحد، ولا تسمح أن يتحوّل وداعك إلى معركة خاسرة، غادر بلطف، وودّع برقي، لتظل صورتك نقية في القلوب مهما طال الزمن.
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليّت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
‏الإنسان كائن يؤرقه الذم أكثر من فرحه بالمدح.. فلو وجد مئةً يثنون عليه وواحداً يذمه.. لترك المئةَ وتساءل عن سبب كرهِ هذا الواحد؟
‏نحن هكذا.. تلهينا أمور عادية عن لحظاتنا الجيدة.. بدل أن نستمتع بالمحبة.. نهدر وقتنا في القلق من كره أحدهم.. وننسى حقيقة أن الإنسان لا يمكن أن يحبه الجميع.. ولو كان أنقى أهل الأرض.
أمي التي باعت قمح قلبها

كانت أمي تحمل بين يديها حبات القمح كما تحمل الأم وليدها، تقلبها في راحتيها، تنقيها من الشوائب، وتخبئها في جرارٍ صغيرة تحت السرير.
كنت أسألها دائمًا:
“لِمَ كل هذا الحرص يا أمي؟”
فتبتسم وتقول:
“هذا القمح هو قوتكم في الأيام الصعبة.”

مرت الأيام الصعبة سريعًا، كما تنبأت أمي.
مرض أبي، وباعت أول جرّة من القمح لتدفع ثمن علاجه.
قالت لي يومها وهي تمسح دموعها:
“العمر غالٍ، وما القمح إلا رزق يُرزق.”

بعد أشهر قليلة، جاء أخي الصغير راكضًا يخبرها عن فرصة لدراسة الهندسة في المدينة الكبرى، لكنه لا يملك مصاريف التسجيل.
سكتت طويلًا تلك الليلة، ثم أخرجت جرّة القمح الثانية، وضعتها في كيسٍ قديم، وباعتها في السوق.
قالت لي بعد أن عاد أخي للمدينة:
“القلب لا يمل من البذل… سنزرع غيرها يومًا ما.”

أما أختي الكبرى، فقد خطبها شاب فقير لكنه طيب القلب، ولم يكن يملك مالًا لشراء ذهب الزفاف.
في ليلة هادئة، جلستْ أمي أمام الجرّة الأخيرة، تقلّب الحبات بأصابعها الطويلة.
ثم قالت وكأنها تحدث نفسها:
“القمح زينة البيت، لكن ذهب البنات أثمن.”
وباعتها.

أصبحت أمي خالية اليدين، ولم يبقَ في بيتنا سوى ذكريات القمح، ورائحة الكفاح العالقة في كل زاوية.

مرت السنين.
أخي تخرج من الجامعة وسافر إلى الخارج، بالكاد يتصل كل بضعة أشهر ليخبرنا عن نجاحاته.
أختي تعيش حياتها الهادئة مع زوجها، ولم تعد تزورنا إلا نادرًا.
أما أنا، فقد التحقتُ بعمل مرهق في المدينة، ولم أعد أرى أمي إلا في الأعياد.

ذات يوم، وصلني خبر مرضها.
عدتُ مسرعًا، وجدتُها جالسة على الأرض، نحيلة، شاحبة، لكنها تبتسم كأنها ما زالت تحتفظ بحبات القمح في قلبها.

قلت لها:
“أريد أن أردّ لكِ كل ما أخذته منكِ.”
فنظرت إليّ بعينيها المتعبتين وقالت:
“القمح زرعتهُ ليكون لكم، أما أنا… فحياتي كانت حصادي.”

ماتت أمي بعد أيام قليلة، وعندما فتحتُ صندوقها القديم، وجدتُ حفنةً من القمح مخبأة في زاوية بعيدة، وكأنها تقول لي:
“هذه آخر بذور قلبي… ازرعها.”
‏تأتي أيام مهمتها أن تجعل المرء يشعر بنعمة أيام لم يتذوق حلاوتها في حينها، لكنه لا يتعلم درس الامتنان لله على كل لحظة؛ فالبشر كما قال مصطفى محمود: «مصنوعون من الفناء، ولا نُدرك الأشياء الا في لحظة فنائها»
قد يبني الرجل بدل البيت بيوتًا
ولكن وحدها المرأة التي تجعل من البيت سكنًا.
بعد كل فقد.. تحتشد بذاكرتك فكرة أن الحياة لا تعدو كونها لحظة فرح مع الأحبة.. وأن كل هذا السعي الحثيث لإثبات الوجود.. العراك.. الكره.. دهس الآخرين صوب هدفك.. الشهرة.. الرغبة في الثراء.. كلها تبدو ضئيلة أمام تيبس نقطة دمٍ بجسدك.. وتدرك بعدها أنك قد لهوت عن لحظاتك الجيدةِ بمشاعر غير نقيةٍ كان يمكنك تجاوزها.. ثم تترك كل هذا وراءك بعد رجاءٍ ولو لعودةٍ قصيرةٍ للاعتذار من كل الناس.. حتى عن التفاتةٍ غير مقصودةٍ آذتهم.

لا شيء مهم والله.. لا شيء
‏من الأحاديث ما تعود منها بشوق لصمتك.. حاملاً ندماً خفياً.. متحسراً على كلماتك التي لطالما دسستها لمن يستحقها.. ثم بذرتها بطيش على غيره.
‏من الأحاديث ما تدخلها كإنسان ما.. وتخرج منها كآخر.. محتشداً بفكرة أن الفضول عثرة في طريق احتفاظك بقيمتك.. وأن بعضهم فخاخ تغريك بفاكهة الكلام
خدعك الحنين فعدت.. وها أنت وقد تُركت من جديد.. ترتب الحسرات في رف قلبك مثل قطعٍ ثمينة.
‏تمشي على مهلك
‏أخيراً..
‏لقد عرفت أن شيئاً لا
يستحق أن تصل إليه
‏بلهفتك.
‏مشكلتك.. أنك تقوم بإلغاء المسافات بينك وبين الآخرين تماماً.. لذلك أنت دائماً في ورطة.. ولا تعلم كم هو مهم أن تتمسك بمسافة ولو قصيرة جداً مع الناس.. إنها ستنقذك في اللحظة الحاسمة.. حين تكتشف أن اقترابك أخطر مما كنت تراه وأنت بعيد.
‏توافدت عليك كل الأشياء.. في اللحظة التي توقفت فيها لهفتك إليها.. الأمر مربك وغريب.. لكنه على كل حال مريح.. مريحٌ لأنك لم تعد تبالي.. ولأنه وضع انتظاراتك الطويلة عند حدها أخيراً.
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليّت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
مثل ظل..
تعبُرك كل الأشياء
بسهولة..
حتى الأيام.
😢2
هوّن عليك.. الكلّ قابلٌ للترك.. بما فيهم أنت.
👍1
‏الصمت يا رب..
‏مدّنا به بغزارةٍ كي لا نموت
‏بجرعةٍ زائدةٍ من
‏الكلام.
يتطاولُ السِّلك
كثيراً..
ويتّسع له قلبُ الإبرة.
‏مشكلة البعض معك.. أنه لا مشكلة لديك معهم.. يغضبهم أنك مهتم بشأنك فقط.
2025/07/13 21:29:50
Back to Top
HTML Embed Code: