tgoop.com/fatomiat/1724
Last Update:
زُهيرة
بقلم : فاطمة الهادي
صبي ما به عيب غير أنه فقير الجيب غني القلب ينظر إليه بعض الناس بأذدراء وكِبر ولكنه كان يقهرهم بأبتسامة غراء تنبع من حنايا قلبه الطيب ليخبرهم بأنه قنوع والقناعه لاتشتري ، يرتدي ثوب مهترئ ويملك آخر جيد ولكن لا يرتديه إلا في الأعياد ، يتجول من شارع الى آخر بحثاً عن الرزق ؛ تارة يبيع المناديل وتارة يبيع قوارير المياه التي تكسوها زخات الندى الباردة التي تشبه عرق جبينه ، أوقف أحدهم سيارته الفارهة ليعطيه مالًا ظنا منه أنه متسول ، إلتقط أحمد صندوق مناديل سقط منه سهوا وأعطاه لذلك السيد من خلال نافذة السيارة
_تفضل _ومد له صندوق المناديل الورقية هذا_ مقابل المال الذي أعطيتني أنا لست متسول ، وهذا ماتبقى لك من مال .
إستيقظ أحمد وهو يفرك عينيه ليعلم إن هذه لم تكن إلا ذكريات طفولته البائسة التي لا تزال أطياف تفاصيلها ورهقها يزوره كل ما غمض له جفن بعد أن أشتد عضده وقوي عوده أصبح يحن لتلك الأيام التي ينام فيها خالي الوِفاض من كل شيء تملأه السكينة رغم أنف الفقر لا مسؤولية تثقل كاهله ولاشيء يشغل تفكيره
اما الآن فهو أب لبنت صغيرة تُدعى (زُهيرة) رزق بها بعد سنين عددا ، وزوج لأسماء
ذات يوم سقطت صغيرته فجأة فهرول بها فزِعاً إلى أحد المراكز الطبية ليعلم أنها مُصابة بثقب في القلب وتقررت لها عملية جراحية عاجلة لحرج وضعها الصحي ، كان مبلغ العملية يرهق تلابيب قلبه حاول فعل كل ما بوسعه لتدبير الآلاف التي ستحرمه من زُهيرة إذا لم يجمعها كانت هذه الالاف من الجنيهات حاسمة كالحياة والممات طرق كل الابواب ولكنها سدت بوجهه اسودت الدنيا في عينيه بل أصبحت أكثر عتمة من زي قبل .
أخيرًا فكر بطرق باب الحرام الذي يخافه ويتجنبه كثيرا مبرره الوحيد لإقناع نفسه التي لا ترضى أن تلين للحرام " ابنتي ستموت وأنا رجل فقير لا أملك شيئاً ولا أحدَ يساعدني "
صوت نحيبه ليلا أيقظ زوجته فسمعته وهو يهمهم بكلمات تفوح وجعا
" سأسرق ويسامحني الله على ما أفعل سأنهب ويسامحني الله سأفعل كل شيء يأتني بالمال سأتوب ويسامحني الغفور الرحيم إخِتلطت دموعه مع جبينه الذي يمتليء بالعرق
ربتت زوجته على كتفه بيدٍ حنون وهمست له : ما بِك يا أحمد ؟ أي سرقة تنوي القيام بها ؟ مالكَ والحرام ؟ سيعاقبك الله ؛ إنه غفور رحيم لكنه شديدُ العقاب عشنا طويلاً فقراء أتريد أن تُدخل دارنا قرشاً حراماً بعد كل هذه السنوات ، هل ستُشفي زُهيرة صغيرتنا؟
مسح مدمعه المنهمر وأجابها بصوت مبحوح " لقد تعبت يا أسماء "
ردت عليه بأبتسامة تشع ُ أملاً سيعوضنا الله وسيخرجنا من هذه العتمة ، سيُضحِكنا فرحاً
بكيا طويلا تِلك الليلة ودعيا الله كثيرا ًو كثيرا
حمداه على نِعمُ لا تُحصي ولا تعد
بعد أيام عِدة جاء أحمد إلى زوجته فَرِحًا وهو يردد
_ فعلتها ياأسماء فعلتها ستشفى إبنتنا وسيتغير حالنا
صمتت أسماء وقالت له بحذر من أين لك هذا يأحمد
هل طرقت باب الحرام ومن ثم أجهشت بالبكاء
_لا تغضبي مني يا زوجتي سأحكي لك كل شيء
قبل أيام ذهبت إلى أحدى المستشفيات لأجد من يرق قلبه لحال إبنتي وأثناء ذلك سمعت رجلا يتحدث بالهاتف وقد كانت خيبة الأمل واضحة في صوته ( لم أجد من يتطوع لأبني بكُلية أخشى أن يموت أمام ناظري أرجوك ساعدني ) حينها تذكرت إبنتي وسألته إذا كان يمكنني أن أساعده مقابل بضع من الأموال تهلل وجه الرجل فرحا وذهبنا لعمل الفحوصات اللازمة وكانت النتيجة مبشرة لتطابق العينات ، وقعت على عدد من الأوراق وبعدها أعطاني مبلغا من المال لعملية زهيرة
نددت أسماء لفعلة أحمد وكادت أن تنفجر من الغيظ وسألته بحنق متى ستكون عملية النقل!؟
_ ستكون بعد عملية زُهيرة هكذا كان إتفاقي مع الرجل .
لم يأبه أحمد لكلام أسماء وإعتراضها وسخطها وذهبا إلى المستشفى ، أجريت العملية لأبنته ونجحت بحمدالله وحان الآن وقت الذهاب ليوفي بعهده لنقل الكلية وقبل أن يذهب أتاه إتصال من ذلك الرجل
_ كيف حالك ياأحمد أتمنى أن تكون قد وفقت في عملية ابنتك
_ الحمدلله هي بخير الآن وسآتي غدًا للوفاء بوعدي
قاطعه الرجل قائلاً لقد توفى ابني البارحة بفايروس كورونا بعد مخالطته لزوج أبنتي الكبرى الذي كان قادماً من الصين ، نحن الأن في الحجر الصحي ، والمبلغ الذي أعطيتك إياه لا ترده لي فهو رزق ساقه الله إليك ومن ثم أغلق الهاتف ......
#إنتهت
زُهيرة
#مجلة_نوابغ_الفن العدد الرابع ☁️☂️☂️
BY فطوميات ✨💛
Share with your friend now:
tgoop.com/fatomiat/1724