وهم بني على وهم:
أخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر أسرى. حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال: «اكلأ لنا الصبح»، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكلأ بلال ما قدر له، ثم استسند إلى راحلته وهو مقابل الفجر فغلبته عيناه، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من الركب حتى ضربتهم الشمس، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بلال: يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتادوا». فبعثوا رواحلهم واقتادوا شيئا، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا، فأقام الصلاة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم قال حين قضى الصلاة: «من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وأقم الصلاة لذكرى }» [طه 20: 14].
قال ابن عبد البر في التمهيد (4: 394): (هكذا روى هذا الحديث عن مالك جميع رواة الموطأ عنه، لا خلاف بينهم في ذلك، وكذلك رواه سفيانُ بنُ عُيينةَ ومعمرٌ في روايةِ عبدِ الرزاقِ عنه عن الزهري مرسلًا كما رواه مالكٌ، وقد وصَله أبانُ العطارُ عن معمرٍ، ووصَله الأوزاعيُّ أيضًا ويونسُ عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة).
رواية الشافعي عن مالك:
والحديث أخرجه الشافعي مختصرًا في كتاب الرسالة وكتاب اختلاف الحديث والأم من طريق مالك بسنده المرسل، ومن طريق الشافعي أخرجه الأصم في المسند (رقم: 826)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (3: 420).
وأخرجه الشافعي بطوله في كتاب السنن المأثورة (رقم: 74) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (3: 134) مقرونا بالقعنبي وابن بكير عن مالك بسنده.
لكن ماذا فعل عبد المعطي قلعجي محقق الكتابين؟!
كأني به وجد الحديث في صحيح مسلم (680) من طريق يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موصولا، فاستجاز لنفسه تصحيح ما ظنه خطئا في أصول الكتابين الخطية، فزاد ذكر أبي هريرة في إسناده بين حاصرتين، ثم علق عليه بقوله: (ما بين الحاصرتين لم يرد في أصول الكتاب المخطوطة، والحديث شهير من رواية ابن شهاب الزهري عن سعيد عن أبي هريرة).
وهكذا وبكل سهولة صار الرواة الثلاثة الكبار الشافعي والقعنبي وابن بكير متفقين على رفع الحديث من طريق مالك.
البناء على الوهم:
ثم أتى الدكتور محمد بسام حجازي حفظه الله في كتابه القيم (موطأ الإمام مالك برواية الشافعي جمعا ودراسة ) (رقم: 11) فأخرج الحديث بواسطة كتاب (السنن المأثورة) من رواية الشافعي عن مالك عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا موصولا.
ثم علق عليه في هامش الكتاب بقوله: (رواه الشافعي في السنن المأثورة، ورواه مختصرًا في المسند والرسالة واختلاف الحديث والأم ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن).
والشافعي والبيهقي لم يروياه في هذه الكتب مختصرا فقط، وإنما مختصرا مرسلا كما بينته.
قال: (وقد وصله الشافعي خلافا لجمهور أصحاب مالك، فرووه من مرسل سعيد بن المسيب، لم يذكروا أبا هريرة، غير أنه تبين صواب وصله، فأخرجه البيهقي في المعرفة من رواية ابن بكير عن مالك).
وقد عرفت أن وصل الحديث في رواية الشافعي في السنن والمأثورة وروايته مقرونا بالقعنبي وابن بكير في معرفة السنن والآثار إنما هو من تصرف المحقق على خلاف ما في الأصول الخطية باعترافه وتنبيهه في هامش الكتابين، لكن بساما يبدو عجل ولم يتنبه لتعليقه كما لم يتنبه لرواية القعنبي التي وصلها المحقق في نفس السياق.
لم تنته رحلة الوهم بعد:
فقد نشر موطأ الإمام مالك برواية ابن بكير، وفيه الحديث الذي نحن بصدده (رقم: 28)، فماذا فعل المحقق؟
لقد أثبت نص الحديث على وفق ما في الأصول وعلى ما هو المعروف من رواية مالك المرسلة، وعلق عليه في الهامش بما يؤيد صحة ما في الأصل وأن الصواب في الرواية الإرسال، وهذا من دلائل إجادته وإتقانه، لكن تمام السلامة عزيز، فقد قال في تعليقه: (ورواه الشافعي في السنن المأثورة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة). قال: (وكذلك رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار من طريق الشافعي موصولا. وكذلك رواه من طريق القعنبي ويحيى بن بكير كلاهما عن مالك موصولا).
وقد عرفت أن كل ذلك لم يكن، لكن المحقق لم يلاحظ تصرف القلعجي في الكتابين فذهب يخطئ أصل الكتابين ويصحح ما عنده في نسخة رواية ابن بكير من الموطأ.
وأخيرا
هذا مثال كثير من تلك الأوهام التي تركب وتبنى على أوهام، ودليل ما ينبغي للمحقق أن يتصف به من التأني في البحث، والبعد عن التصرف في النص، ومراجعة الأصول الخطية والمصادر الثانوية في التحقيق، مع عدم الاتكال الكلي على البرامج الإلكترونية.
أخرج مالك في الموطأ عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر أسرى. حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال: «اكلأ لنا الصبح»، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكلأ بلال ما قدر له، ثم استسند إلى راحلته وهو مقابل الفجر فغلبته عيناه، فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من الركب حتى ضربتهم الشمس، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بلال: يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتادوا». فبعثوا رواحلهم واقتادوا شيئا، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا، فأقام الصلاة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم قال حين قضى الصلاة: «من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وأقم الصلاة لذكرى }» [طه 20: 14].
قال ابن عبد البر في التمهيد (4: 394): (هكذا روى هذا الحديث عن مالك جميع رواة الموطأ عنه، لا خلاف بينهم في ذلك، وكذلك رواه سفيانُ بنُ عُيينةَ ومعمرٌ في روايةِ عبدِ الرزاقِ عنه عن الزهري مرسلًا كما رواه مالكٌ، وقد وصَله أبانُ العطارُ عن معمرٍ، ووصَله الأوزاعيُّ أيضًا ويونسُ عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة).
رواية الشافعي عن مالك:
والحديث أخرجه الشافعي مختصرًا في كتاب الرسالة وكتاب اختلاف الحديث والأم من طريق مالك بسنده المرسل، ومن طريق الشافعي أخرجه الأصم في المسند (رقم: 826)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (3: 420).
وأخرجه الشافعي بطوله في كتاب السنن المأثورة (رقم: 74) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (3: 134) مقرونا بالقعنبي وابن بكير عن مالك بسنده.
لكن ماذا فعل عبد المعطي قلعجي محقق الكتابين؟!
كأني به وجد الحديث في صحيح مسلم (680) من طريق يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موصولا، فاستجاز لنفسه تصحيح ما ظنه خطئا في أصول الكتابين الخطية، فزاد ذكر أبي هريرة في إسناده بين حاصرتين، ثم علق عليه بقوله: (ما بين الحاصرتين لم يرد في أصول الكتاب المخطوطة، والحديث شهير من رواية ابن شهاب الزهري عن سعيد عن أبي هريرة).
وهكذا وبكل سهولة صار الرواة الثلاثة الكبار الشافعي والقعنبي وابن بكير متفقين على رفع الحديث من طريق مالك.
البناء على الوهم:
ثم أتى الدكتور محمد بسام حجازي حفظه الله في كتابه القيم (موطأ الإمام مالك برواية الشافعي جمعا ودراسة ) (رقم: 11) فأخرج الحديث بواسطة كتاب (السنن المأثورة) من رواية الشافعي عن مالك عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا موصولا.
ثم علق عليه في هامش الكتاب بقوله: (رواه الشافعي في السنن المأثورة، ورواه مختصرًا في المسند والرسالة واختلاف الحديث والأم ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن).
والشافعي والبيهقي لم يروياه في هذه الكتب مختصرا فقط، وإنما مختصرا مرسلا كما بينته.
قال: (وقد وصله الشافعي خلافا لجمهور أصحاب مالك، فرووه من مرسل سعيد بن المسيب، لم يذكروا أبا هريرة، غير أنه تبين صواب وصله، فأخرجه البيهقي في المعرفة من رواية ابن بكير عن مالك).
وقد عرفت أن وصل الحديث في رواية الشافعي في السنن والمأثورة وروايته مقرونا بالقعنبي وابن بكير في معرفة السنن والآثار إنما هو من تصرف المحقق على خلاف ما في الأصول الخطية باعترافه وتنبيهه في هامش الكتابين، لكن بساما يبدو عجل ولم يتنبه لتعليقه كما لم يتنبه لرواية القعنبي التي وصلها المحقق في نفس السياق.
لم تنته رحلة الوهم بعد:
فقد نشر موطأ الإمام مالك برواية ابن بكير، وفيه الحديث الذي نحن بصدده (رقم: 28)، فماذا فعل المحقق؟
لقد أثبت نص الحديث على وفق ما في الأصول وعلى ما هو المعروف من رواية مالك المرسلة، وعلق عليه في الهامش بما يؤيد صحة ما في الأصل وأن الصواب في الرواية الإرسال، وهذا من دلائل إجادته وإتقانه، لكن تمام السلامة عزيز، فقد قال في تعليقه: (ورواه الشافعي في السنن المأثورة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة). قال: (وكذلك رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار من طريق الشافعي موصولا. وكذلك رواه من طريق القعنبي ويحيى بن بكير كلاهما عن مالك موصولا).
وقد عرفت أن كل ذلك لم يكن، لكن المحقق لم يلاحظ تصرف القلعجي في الكتابين فذهب يخطئ أصل الكتابين ويصحح ما عنده في نسخة رواية ابن بكير من الموطأ.
وأخيرا
هذا مثال كثير من تلك الأوهام التي تركب وتبنى على أوهام، ودليل ما ينبغي للمحقق أن يتصف به من التأني في البحث، والبعد عن التصرف في النص، ومراجعة الأصول الخطية والمصادر الثانوية في التحقيق، مع عدم الاتكال الكلي على البرامج الإلكترونية.
صورة من ختم مجالس إخوة لي لم تلدهم أمي ولا أعرف أكثرهم بأسمائهم، لكني أشاركهم همومهم وأشكرهم على ملاحظاتهم التي يقينا آخذها بعين الاعتبار وأستفيد منها في طبعات لاحقة للكتاب.
ولقد جعلتها لنفسي قاعدة لا أشذ عنها : إني وإن سررت بمديح المستفيدين بما أنشره من الكتب وشكرهم لي لأنا أشد فرحا بملاحظاتهم وتنبيهاتهم التي تأخذ بيدي إلى مدارج الكمال.
ولقد جعلتها لنفسي قاعدة لا أشذ عنها : إني وإن سررت بمديح المستفيدين بما أنشره من الكتب وشكرهم لي لأنا أشد فرحا بملاحظاتهم وتنبيهاتهم التي تأخذ بيدي إلى مدارج الكمال.
لقد من الله علي هذا العام بالسفر إلى مصر الحبيبة والاستمتاع بأجواء معرض القاهرة للكتاب، وهناك اقتنيت نسختي من كتاب (لطائف الإشارات) للقشيري بتحقيق إبراهيم بسيوني، وهو من الكتب الجليلة التي اعتدت مراجعتها من عهد قديم، ولما رجعت إلى بيتي وبدأت أقارن بين هذه الطبعة وما عندي من مخطوطات الكتاب هالني حجم التصحيف والتحريف والسقط الذي في طبعته.
وللتمثيل فقط هذه مقدمة الكتاب، وما بين المعقوفتين إصلاح لما في المطبوع منه من سقط أو تحريف.
بسم الله الرحمن الرحيم
[حسبي الله وحده وكفى، وصلواته على سيدنا محمد المصطفى]
الحمد لله الذي شرح قلوب أوليائه [لعرفانه]، وأوضح نهج الحق بلائح برهانه، [وأزاح العلة] لمن أراد طريقه، وأتاح النصر لمن ابتغى تحقيقه، وأنزل القرآن هدى وتبيانا، [وجعله لنبيه وصفيه] محمد صلوات الله عليه معجزة وبيانا، وأودع صدور العلماء [معرفة تفسيره] وتأويله، وأكرمهم بعلم قصصه ونزوله، ورزقهم الإيمان بمحكمه ومتشابهه، وناسخه [ومنسوخه]، ووعده ووعيده، وأكرم الأصفياء من عباده بفهم ما أودعه من لطائف أسراره، [واستخلصهم] لاستبصار ما ضمنه من دقيق إشاراته وخفيِّ رموزه بما لوح لأسرارهم من مكنونات [تعريفه]، فوقفوا [لما] خصوا به من أنوار الغيب على ما استتر [من] أغيارهم، ثم نطقوا على [مراتب أنوارهم] وأقدارهم، والحق سبحانه [ملهمهم] بما به [مِنَّةً] يكرمهم، فهم به عنه ناطقون، وعن [الغيب مخبرون، وبه إليه] يشيرون، وعنه [له] يفصحون، والحكم [لله] فى جميع ما [يأتون ويذرون].
وكتابنا هذا يأتى على ذكر طرف من إشارات القرآن على لسان أهل المعرفة، إما من معاني مقولهم، أو قضايا أصولهم، سلكنا فيه طريق الإقلال خشية الملال، مستمدين من الله تعالى عوائد المِنَّة، [متبرِّين] من الحول والمُنَّة، مستعصمين من الخطأ [والخطل]، مستوفقين لأصوب القول والعمل، ملتمسين أن يصلي على سيدنا محمد [وعلى آله، متضرعين] ليختم لنا بالحسنى بمَنِّه وإفضاله.
وتيسر الأخذ فى ابتداء هذا الكتاب فى شهور سنة [سبع] وثلاثين وأربعمائة، وعلى الله [تمامه].
وللتمثيل فقط هذه مقدمة الكتاب، وما بين المعقوفتين إصلاح لما في المطبوع منه من سقط أو تحريف.
بسم الله الرحمن الرحيم
[حسبي الله وحده وكفى، وصلواته على سيدنا محمد المصطفى]
الحمد لله الذي شرح قلوب أوليائه [لعرفانه]، وأوضح نهج الحق بلائح برهانه، [وأزاح العلة] لمن أراد طريقه، وأتاح النصر لمن ابتغى تحقيقه، وأنزل القرآن هدى وتبيانا، [وجعله لنبيه وصفيه] محمد صلوات الله عليه معجزة وبيانا، وأودع صدور العلماء [معرفة تفسيره] وتأويله، وأكرمهم بعلم قصصه ونزوله، ورزقهم الإيمان بمحكمه ومتشابهه، وناسخه [ومنسوخه]، ووعده ووعيده، وأكرم الأصفياء من عباده بفهم ما أودعه من لطائف أسراره، [واستخلصهم] لاستبصار ما ضمنه من دقيق إشاراته وخفيِّ رموزه بما لوح لأسرارهم من مكنونات [تعريفه]، فوقفوا [لما] خصوا به من أنوار الغيب على ما استتر [من] أغيارهم، ثم نطقوا على [مراتب أنوارهم] وأقدارهم، والحق سبحانه [ملهمهم] بما به [مِنَّةً] يكرمهم، فهم به عنه ناطقون، وعن [الغيب مخبرون، وبه إليه] يشيرون، وعنه [له] يفصحون، والحكم [لله] فى جميع ما [يأتون ويذرون].
وكتابنا هذا يأتى على ذكر طرف من إشارات القرآن على لسان أهل المعرفة، إما من معاني مقولهم، أو قضايا أصولهم، سلكنا فيه طريق الإقلال خشية الملال، مستمدين من الله تعالى عوائد المِنَّة، [متبرِّين] من الحول والمُنَّة، مستعصمين من الخطأ [والخطل]، مستوفقين لأصوب القول والعمل، ملتمسين أن يصلي على سيدنا محمد [وعلى آله، متضرعين] ليختم لنا بالحسنى بمَنِّه وإفضاله.
وتيسر الأخذ فى ابتداء هذا الكتاب فى شهور سنة [سبع] وثلاثين وأربعمائة، وعلى الله [تمامه].
من مقتنياتي في معرض الكتاب في القاهرة هذا العام ، ولم ألاحظ إهداء المؤلف إلا بعد العودة إلى البيت)) وإن في كثرة الكتب التي تباع في أسواق الكتب المستعملة عِبرة وعَبرة، ولد يسلط سماسرة الكتبيين على ثمرات فؤاد والده التي جمعها بكد الخاطر وضيقة العيش، ولكن كما قال لي أحد أولئك الكتبيين : مصائب قوم عند قوم فوائد.
بين القارئ والكاتب
كتب أحد أصحابي أحبائي في بيان سطوة القارئ على الكاتب :
*لهذه الأسباب، القاريء أكثر دهاء من المؤلف والباحث والمعلم:*
- كلهم انحشروا في فكرة يكتبون عنها، يبحثون عنها، أما القاريء فيحتوي كل الأفكار، وتغرق في عبابه، ولا يبالي.
- كلهم يخدمونه، كلهم يفدونه،
ونهاية أمرهم، وخلاصة أعمارهم، وثمرة تعبهم، ينالها بنظرة من عينه.
- هو المعيار الحاكم، فما رضيه بقي وراج وخلد، وما سخطه ابتذل وبار وهلك.
- ينال كل معارفهم بطرفة عينه، وهم لا ينالون منه شيئا.
- لجبروته، له بسطة من الزمان، يقسم بينهم لمن شاء ما فضل من وقته، ولذلهم لا ينالون رضاه إلا بزبدة أعمارهم.
- يفتقرون، يرحلون، يسجنون، يقتلون، ثم يأتي هذا القاريء يستل حياتهم المثيرة في أيام قلائل، منهمكا مستمتعا متلذذا، يا لروعة قصصهم! ما أجملها!
فأخذني نوع حمية للكاتب المؤلف وأجبته من رأس القلم:
هذه الكتابة من منظور القارئ فقط، ولا أخالف في أنه هكذا يظن نفسه مترفعا مستعليا، ولكن غروره بنفسه يعميه عن أن المؤلف هو الذي يكون تفكيره ولاشعوره، هو الذي يضحكه ويبكيه، هو الذي يجعله ينصاع لأوامره بحر إرادته ظنا من المغرور أنها أفكار منبعثة من أعماق نفسه.
كتب أحد أصحابي أحبائي في بيان سطوة القارئ على الكاتب :
*لهذه الأسباب، القاريء أكثر دهاء من المؤلف والباحث والمعلم:*
- كلهم انحشروا في فكرة يكتبون عنها، يبحثون عنها، أما القاريء فيحتوي كل الأفكار، وتغرق في عبابه، ولا يبالي.
- كلهم يخدمونه، كلهم يفدونه،
ونهاية أمرهم، وخلاصة أعمارهم، وثمرة تعبهم، ينالها بنظرة من عينه.
- هو المعيار الحاكم، فما رضيه بقي وراج وخلد، وما سخطه ابتذل وبار وهلك.
- ينال كل معارفهم بطرفة عينه، وهم لا ينالون منه شيئا.
- لجبروته، له بسطة من الزمان، يقسم بينهم لمن شاء ما فضل من وقته، ولذلهم لا ينالون رضاه إلا بزبدة أعمارهم.
- يفتقرون، يرحلون، يسجنون، يقتلون، ثم يأتي هذا القاريء يستل حياتهم المثيرة في أيام قلائل، منهمكا مستمتعا متلذذا، يا لروعة قصصهم! ما أجملها!
فأخذني نوع حمية للكاتب المؤلف وأجبته من رأس القلم:
هذه الكتابة من منظور القارئ فقط، ولا أخالف في أنه هكذا يظن نفسه مترفعا مستعليا، ولكن غروره بنفسه يعميه عن أن المؤلف هو الذي يكون تفكيره ولاشعوره، هو الذي يضحكه ويبكيه، هو الذي يجعله ينصاع لأوامره بحر إرادته ظنا من المغرور أنها أفكار منبعثة من أعماق نفسه.
الذي يعذر الناس في اختلافهم حول مسائل الاعتقاد وهي من أصول الدين يجب عليه أن يعذرهم فيما هو دون ذلك من الاختلاف في قضايا عملية، أو الموقف من أشخاص لهم وعليهم، وبالأولى في مواقفهم تجاه نفسك، علما بأن الناس لا يعرفون من ضميرك ما تعرفه أنت، فهم معرضون دائما لسوء الفهم والتهم الباطلة، ومن فهم حقيقة عفو الله ومغفرته للناس هانت عليه أخطاء الناس تجاهه واتهاماتهم له.
أخيرا وصلني عملي الأخير أو قبل الأخير أستشفه بيدي وأشمه وأضمه كما كان قبلا سميري وأماني الأيام الطوال والليالي.
كتاب مختصر المختصر أحب كتب أبي محمد الجويني إلى قلبه، أو كما قال هو: شعفي بهذا الكتاب فوق شعفي بغيره، لعلمي بما أودعته، وللمنفعة العائدة به إلى المنتهي والشادي إذا تحفظه.
وشرحه المعتبر وحيد مؤلفه العوض إمام أهل شروان، وهو كذلك الشرح الوحيد الذي عرف أنه وصلنا من شروح مختصر الجويني.
كتاب مختصر المختصر أحب كتب أبي محمد الجويني إلى قلبه، أو كما قال هو: شعفي بهذا الكتاب فوق شعفي بغيره، لعلمي بما أودعته، وللمنفعة العائدة به إلى المنتهي والشادي إذا تحفظه.
وشرحه المعتبر وحيد مؤلفه العوض إمام أهل شروان، وهو كذلك الشرح الوحيد الذي عرف أنه وصلنا من شروح مختصر الجويني.
https://x.com/darfareskw/status/1751178963357954174?s=46&t=UgNTPYzRxzSXN8wPjWZxBA
كتاب التوسط بين الشافعي والمزني في معرض القاهرة الدولي للكتاب لمن أراد الاقتناء
كتاب التوسط بين الشافعي والمزني في معرض القاهرة الدولي للكتاب لمن أراد الاقتناء
كتاب (الاقتضاب في شرح أدب الكتاب) لابن السيد البطليوسي من أفضل شروح كتاب (أدب الكتاب) لابن قتيبة، وأفضل طبعة له إلى الآن هي التي بتحقيق مصطفى السقا وحامد عبد المجيد، ومن خلال معالجتي لنصوص هذا الكتاب بهذه الطبعة تبين لي أنها طبعة رديئة للغاية، شبه خالية من الضبط، وكتاب في اللغة ينشر دون ضبط فاعتبره كأنه لم ينشر، وهذه الطبعة زيادة على ذلك نال حظا وافرا من السقط والتصحيف، وهذا مثال واحد والأمثلة كثيرة:
قال ابن قتيبة: (والنهار: فرخ القطاة).
- فعلق عليه ابن السيد البطليوسي في (الاقتضاب) (2/83) بما نصه: (قال أبو علي البغدادي: هكذا رأيت في هذا الكتاب. تصويب: النهار فرخ الحُباري).
- ونقل هذا النص عن ابن السيد الجذامي في كتاب (الانتخاب) (2/457) بما نصه: (قال أبو علي البغدادي: >هكذا رويت في هذا الكتاب، والصواب: (النهار فرخ الحُباري، والليل فرخ الكروان). كذا قال الأصمعي في كتاب الأبواب).
- والنص كما جاء في هامش نسخة أندلسية عتيقة من (أدب الكتاب) لابن قتيبة برواية أبي نصر عن أبي علي القالي البغدادي: (قال أبو علي: هكذا رويت في هذا الكتاب: (النهار فرخ القطاة). وهو غلط، إنما هو فرخ الحُباري، كذا قال الأصمعي في كتاب الأبواب. وقال أبو نصر: في كتاب الأجناس).
والكتاب في الجملة يجب إعادة تحقيقه بمنهج علمي متزن حتى يمكن الاستفادة منه والاعتماد عليه على ثقة وطمأنينة قلب.
قال ابن قتيبة: (والنهار: فرخ القطاة).
- فعلق عليه ابن السيد البطليوسي في (الاقتضاب) (2/83) بما نصه: (قال أبو علي البغدادي: هكذا رأيت في هذا الكتاب. تصويب: النهار فرخ الحُباري).
- ونقل هذا النص عن ابن السيد الجذامي في كتاب (الانتخاب) (2/457) بما نصه: (قال أبو علي البغدادي: >هكذا رويت في هذا الكتاب، والصواب: (النهار فرخ الحُباري، والليل فرخ الكروان). كذا قال الأصمعي في كتاب الأبواب).
- والنص كما جاء في هامش نسخة أندلسية عتيقة من (أدب الكتاب) لابن قتيبة برواية أبي نصر عن أبي علي القالي البغدادي: (قال أبو علي: هكذا رويت في هذا الكتاب: (النهار فرخ القطاة). وهو غلط، إنما هو فرخ الحُباري، كذا قال الأصمعي في كتاب الأبواب. وقال أبو نصر: في كتاب الأجناس).
والكتاب في الجملة يجب إعادة تحقيقه بمنهج علمي متزن حتى يمكن الاستفادة منه والاعتماد عليه على ثقة وطمأنينة قلب.
كان القفال يقول: (وددت أن أجد قولا للسلف في القنوت في الوتر في جميع السنة، لكني تفحصت عنه فما وجدت أحدًا قال به).
قال القاضي الحسين رحمه الله: (وقد اشتريت كتاب ابن المنذر في اختلاف العلماء لهذه المسألة خاصة، فتفحصت عنها، فلم أجد أحدًا قال به إلا مالكا، فإنه قال بالصوت في الوتر في جميع شهر رمضان دون غيره من الشهور).
ونص ابن المنذر كما في كتاب (الإشراف على مذاهب العلماء):
اختلف أهل العلم في القنوت في الوتر:
1) فرأت طائفة: أن يقنت في السنة كلها في الوتر، هذا قول ابن مسعود، والنخعى، والحسن البصري، وإسحاق، وأبي ثور.
2) وفيه قول ثان: وهو أن لا يقنت إلا في نصف شهر رمضان، روي هذا القول عن علي، وأبي بن كعب، وكان ابن عمر يفعله، وبه قال ابن سيرين، وسعيد بن أبي الحسن، والزهري، ويحيى بن وثاب، ومالك، والشافعي، وأحمد.
3) وفيه قول ثالث: وهو أن يقنت في السنة كلها في الوتر إلا في النصف الأول من رمضان، هذا قول الحسن البصري، خلاف القول الأول، وبه قال قتادة.
4) وفيه قول رابع: وهو أن لا يقنت في الوتر ولا في الصبح، روي ذلك عن ابن عمر، خلاف الرواية الأولى، وروي عن طاووس أنه قال: القنوت في الوتر بدعة.
قال القاضي الحسين رحمه الله: (وقد اشتريت كتاب ابن المنذر في اختلاف العلماء لهذه المسألة خاصة، فتفحصت عنها، فلم أجد أحدًا قال به إلا مالكا، فإنه قال بالصوت في الوتر في جميع شهر رمضان دون غيره من الشهور).
ونص ابن المنذر كما في كتاب (الإشراف على مذاهب العلماء):
اختلف أهل العلم في القنوت في الوتر:
1) فرأت طائفة: أن يقنت في السنة كلها في الوتر، هذا قول ابن مسعود، والنخعى، والحسن البصري، وإسحاق، وأبي ثور.
2) وفيه قول ثان: وهو أن لا يقنت إلا في نصف شهر رمضان، روي هذا القول عن علي، وأبي بن كعب، وكان ابن عمر يفعله، وبه قال ابن سيرين، وسعيد بن أبي الحسن، والزهري، ويحيى بن وثاب، ومالك، والشافعي، وأحمد.
3) وفيه قول ثالث: وهو أن يقنت في السنة كلها في الوتر إلا في النصف الأول من رمضان، هذا قول الحسن البصري، خلاف القول الأول، وبه قال قتادة.
4) وفيه قول رابع: وهو أن لا يقنت في الوتر ولا في الصبح، روي ذلك عن ابن عمر، خلاف الرواية الأولى، وروي عن طاووس أنه قال: القنوت في الوتر بدعة.
بحمد الله انتهيت اليوم من قراءة هذا الكتاب المفيد، وأرى أن عنوان الكتاب - مع مطابقته لواقعه - ظلم مضمونه، وعن نفسي أقول : لقد تأخرت كثيرا في اقتناء الكتاب وقراءته بسبب هذا العنوان الذي لم يكن في مجال اهتمامي، ولكن كل الصيد في جوف الفرا.
١ - الكتاب دحض أغاليط المفوضة ومحاولاتهم إلصاق جهالاتهم بالسلف الكرام بما لا يدع مجالا للشك والنظر.
٢- والكتاب زيادة على تحريره مذهب أحمد بن حنبل الإمام في الإثبات حقق أقوال مجموعة واسعة من الأئمة الآخرين.
٣- وأهم من ذلك كله الكتاب وضع معالم واضحة في طريق إثبات الإثبات مذهبا للسلف، ودحض شبهات المفوضة وتبرئة الأئمة من جهالاتهم، فمن قرأه وتفهمه لا يصعب عليه إن شاء الله تحرير قول أي واحد من أئمة السلف وعلمائهم على ضوء منهج هذا الكتاب.
وللعلم إن هذا الكاتب أحمد الغريب حفظه الله لا تربطني به صلة معرفة سابقة، ولكني أعتقد أن عين الناظر المنصف لا تخطئ أبدا مواطن الإجادة في هذا الكتاب، فجزاه الله خيرا على ما أجاد وأفاد، ووفقه للمزيد.
١ - الكتاب دحض أغاليط المفوضة ومحاولاتهم إلصاق جهالاتهم بالسلف الكرام بما لا يدع مجالا للشك والنظر.
٢- والكتاب زيادة على تحريره مذهب أحمد بن حنبل الإمام في الإثبات حقق أقوال مجموعة واسعة من الأئمة الآخرين.
٣- وأهم من ذلك كله الكتاب وضع معالم واضحة في طريق إثبات الإثبات مذهبا للسلف، ودحض شبهات المفوضة وتبرئة الأئمة من جهالاتهم، فمن قرأه وتفهمه لا يصعب عليه إن شاء الله تحرير قول أي واحد من أئمة السلف وعلمائهم على ضوء منهج هذا الكتاب.
وللعلم إن هذا الكاتب أحمد الغريب حفظه الله لا تربطني به صلة معرفة سابقة، ولكني أعتقد أن عين الناظر المنصف لا تخطئ أبدا مواطن الإجادة في هذا الكتاب، فجزاه الله خيرا على ما أجاد وأفاد، ووفقه للمزيد.
تجدون في هذه الطبعة
١ - تحقيق نص الكتاب على النسخ المقابلة على نسخة ابن العطار تلميذ المؤلف والمصححة بدورها على المؤلف النووي.
٢- تحقيق عنوان الكتاب الصحيح الدال على َمقصوده.
٣- بيان شرط المصنف في نوع الأحاديث المختارة.
٤- ذكر قصة تأليف الكتاب ومراحل جمعه، والمقارنة بينها.
٥- ذكر مصادر المؤلف في الكتاب وسنده إلى أصحابها.
٦- ذكر سند محقق الكتاب إلى المؤلف من طريق شيخه الأستاذ محمد مجير الخطيب شيخ دار الحديث النورية حفظه الله.
٧- ذكر أقوال السلف في بيان الأحاديث الكلية.
٨- ذكر من استدرك على الكتاب.
٩- ذكر تعليقات كل من ابن العطار والحافظ البوصيري على الكتاب.
١٠- ومن جهة الشكل والإخراج بهاء في المنظر لا تخطئه العين مع الحجم المناسب لحمل الكتاب في اليد والتصرف به في وسائل النقل.
تلك عشرة كاملة.
١ - تحقيق نص الكتاب على النسخ المقابلة على نسخة ابن العطار تلميذ المؤلف والمصححة بدورها على المؤلف النووي.
٢- تحقيق عنوان الكتاب الصحيح الدال على َمقصوده.
٣- بيان شرط المصنف في نوع الأحاديث المختارة.
٤- ذكر قصة تأليف الكتاب ومراحل جمعه، والمقارنة بينها.
٥- ذكر مصادر المؤلف في الكتاب وسنده إلى أصحابها.
٦- ذكر سند محقق الكتاب إلى المؤلف من طريق شيخه الأستاذ محمد مجير الخطيب شيخ دار الحديث النورية حفظه الله.
٧- ذكر أقوال السلف في بيان الأحاديث الكلية.
٨- ذكر من استدرك على الكتاب.
٩- ذكر تعليقات كل من ابن العطار والحافظ البوصيري على الكتاب.
١٠- ومن جهة الشكل والإخراج بهاء في المنظر لا تخطئه العين مع الحجم المناسب لحمل الكتاب في اليد والتصرف به في وسائل النقل.
تلك عشرة كاملة.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
تعريف وتنويه مختصر لكتاب المعتبر في تعليل المختصر