لماذا سُمُـوق؟🌷
لكل سعيٍ في الدنيا بواعث تحثّه وتهرول به، ولا أرجى ولا أعلى ولا أشرف ولا أكرم ولا أغنى من باعثِ الوحي وحبّ الله في سعي المسلمة؛ فهيَ إن مشت فبنورِ الله، وإن تطلّعت فإلى حبّ الله وطلب رضاه في ملكوته، والفوز بذكره في جوف السماوات.
يضرب الوحي أعظمَ مثالٍ على دلالة الحياة الحقّة في الدنيا: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾، ﴿فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ أي: "بنور العلم والإيمان والطاعة"، فليس بين مسيرِ الميت والحيّ إلا زوادة النور، والمسلمة تعرفُ فتلزم، وتلزمُ فتصبر، ومن تطلّعت إلى الله بفراغٍ مما سواه؛ كُفيت ونصرت ووصلت برحمته وهداه.
🟣 في سُمُوق.. آمل أن يكون أوّل أولويات المسلمة سعيها في تحقيق العبوديّة، أن يكون همّها واحد، ولوجه واحد، أن تعرج بروحها إلى خالقها بقلب فاض من معاني التعبّد والحب ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
🟣 في سُمُوق .. نقرأ، نتأمّل، نتحاور، رجاء أن يُنير لنا مولانا الطريق إليه، ويُبصّرنا بسُبل الوصول إليه، عسى أن يجعلنا ممن كان لهن ذكرًا في السّماء.
📎 للانضمام (للنساء):
https://www.tgoop.com/saamuq
لكل سعيٍ في الدنيا بواعث تحثّه وتهرول به، ولا أرجى ولا أعلى ولا أشرف ولا أكرم ولا أغنى من باعثِ الوحي وحبّ الله في سعي المسلمة؛ فهيَ إن مشت فبنورِ الله، وإن تطلّعت فإلى حبّ الله وطلب رضاه في ملكوته، والفوز بذكره في جوف السماوات.
يضرب الوحي أعظمَ مثالٍ على دلالة الحياة الحقّة في الدنيا: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾، ﴿فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ أي: "بنور العلم والإيمان والطاعة"، فليس بين مسيرِ الميت والحيّ إلا زوادة النور، والمسلمة تعرفُ فتلزم، وتلزمُ فتصبر، ومن تطلّعت إلى الله بفراغٍ مما سواه؛ كُفيت ونصرت ووصلت برحمته وهداه.
https://www.tgoop.com/saamuq
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
وصية محفزة وشجية، إلى السائرين إلى ربهم:
السائر إلى اللَّه والدار الآخرة، بل كلُّ سائرٍ إلى مقصد، لا يتم سيرُه ولا يصلُ إلى مقصوده إلا بقوَّتين: قوَّة علمية، وقوَّة عملية.
فبالقوَّة العلمية؛ يبصر منازل الطريق ومواضع السلوك، فيقصدها سائرًا فيها، ويجتنب أسباب الهلاك، ومواضع العطب، وطرقَ المهالك المنحرفة عن الطريق الموصل؛ فقوَّتُه العلمية كنورٍ عظيم بيده، يمشي به في ليلة مظلمة شديدة الظلمة، فهو يبصرُ بذلك النورِ ما يقع الماشي في الظلمة في مثله من الوِهاد والمتالف، ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره، ويبصر بذلك النور أيضًا أعلامَ الطريقَ وأدلتها المنصوبة عليها، فلا يضل عنها؛ فيكشف له النور عن الأمرين: أعلام الطريق، ومعاطبها.
وبالقوَّة العملية؛ يسير حقيقةً، بل السيرُ هو حقيقة القوَّة العملية، فإنَّ السيرَ هو عمل المسافر، وكذلك السائر إلى ربِّه إذا أبصرَ الطريق وأعلامَها، وأبصرَ المعاثر والوهاد والطرق الناكبة عنها، فقد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقيَ عليه الشطر الآخر، وهو أن يضع عصاه على عاتقه، ويشمِّر مسافرًا في الطريق، قاطعًا منازلها منزلةً بعد منزلةٍ، فكلَّما قطع مرحلةً استعدَّ لقطع الأُخرى، واستشعر القرب من المنزل، فهان عليه مشقَّةُ السفر.
وكلَّما شكت نفسه من كلال السير ومواصلة الشد والرحل وعَدَها قُربَ التلاقي وبردَ العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطًا وفرحًا وهمَّة. فهو يقول: يا نفس أبشري، فقد قرب المنزل، ودنا التلاقي، فلا تنقطعي في الطريق دون الوصول، فيحال بينك وبين منازل الأحبة، فإن صبرتِ وواصلتِ السُّرى وصلتِ حميدةً مسرورةً جذِلةً، وتلقَّتك الأحبة بأنواع التحف والكرامات، وليس بينك وبين ذلك إلا صبر ساعةٍ، فإنَّ الدنيا كلها كساعة من ساعاتِ الآخرة، وعمرك درجة من درج تلك الساعة، فاللَّه اللَّه لا تنقطعي في المفازة، فهو واللَّه الهلاك والعطب لو كنت تعلمين!، فإن استصعبتْ عليه فليذكِّرها ما أمامها من أحبابها، وما لديهم من الإكرام والإنعام، وما خلفها من أعدائها وما لديهم من الإهانة والعذاب وأنواع البلاءِ، فإنْ رجعت فإلى أعدائها رجوعُها، وإن تقدَّمت فإلى أحبابها مصيرُها، وإن وقفت في طريقها أدركها أعداؤها، فإنَّهم وراءَها في الطلب، فلا بدَّ لها من قسم من هذه الأقسام الثلاثة فلتختر أيها شاءت.
وليجعلْ حديث الأحبة حاديَها وسائقَها، ونورَ معرفتهم وإرشادهم هاديَها ودليلَها، وصدقَ ودادهم وحبهم غذاءَها وشرابَها ودواءَها، ولا يوحشنَّه انفرادُه في طريق سفره، ولا يغترَّ بكثرة المنقطعين، فألمُ انقطاعه وبعاده واصلٌ إليه دونهم، وحظُّه من القرب والكرامة مختصٌّ به دونهم، فما معنى الاشتغال بهم والانقطاع معهم؟
وليعلمْ أنَّ هذه الوحشة لا تدوم، بل هي من عوارض الطريق، فسوف تبدو له الخيام، وسوف يخرج إليه المتلقون يهنئونه بالسلام والوصول إليهم. فيا قرَّةَ عينه إذ ذاك، ويا فرحته إذ يقول:
﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾
ولا يستوحشْ ممَّا يجده من كثافة الطبع، ودرَن النفس، وبطءِ سيرها، فكلَّما أدمن السير وواظبَ عليه غدوًّا ورواحًا وسحرًا قرُبَ من المنزل، وتلطفت تلك الكثافة، وذابت تلك الخبائث والأدران، وظهرت عليه همَّة المسافرين وسيماهم، فتبدَّلت وحشتُه أُنسًا، وكثافتُه لطافة، ودرنُه طهارة.
- | ابن القيم، طريق الهجرتين |
السائر إلى اللَّه والدار الآخرة، بل كلُّ سائرٍ إلى مقصد، لا يتم سيرُه ولا يصلُ إلى مقصوده إلا بقوَّتين: قوَّة علمية، وقوَّة عملية.
فبالقوَّة العلمية؛ يبصر منازل الطريق ومواضع السلوك، فيقصدها سائرًا فيها، ويجتنب أسباب الهلاك، ومواضع العطب، وطرقَ المهالك المنحرفة عن الطريق الموصل؛ فقوَّتُه العلمية كنورٍ عظيم بيده، يمشي به في ليلة مظلمة شديدة الظلمة، فهو يبصرُ بذلك النورِ ما يقع الماشي في الظلمة في مثله من الوِهاد والمتالف، ويعثر به من الأحجار والشوك وغيره، ويبصر بذلك النور أيضًا أعلامَ الطريقَ وأدلتها المنصوبة عليها، فلا يضل عنها؛ فيكشف له النور عن الأمرين: أعلام الطريق، ومعاطبها.
وبالقوَّة العملية؛ يسير حقيقةً، بل السيرُ هو حقيقة القوَّة العملية، فإنَّ السيرَ هو عمل المسافر، وكذلك السائر إلى ربِّه إذا أبصرَ الطريق وأعلامَها، وأبصرَ المعاثر والوهاد والطرق الناكبة عنها، فقد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقيَ عليه الشطر الآخر، وهو أن يضع عصاه على عاتقه، ويشمِّر مسافرًا في الطريق، قاطعًا منازلها منزلةً بعد منزلةٍ، فكلَّما قطع مرحلةً استعدَّ لقطع الأُخرى، واستشعر القرب من المنزل، فهان عليه مشقَّةُ السفر.
وكلَّما شكت نفسه من كلال السير ومواصلة الشد والرحل وعَدَها قُربَ التلاقي وبردَ العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطًا وفرحًا وهمَّة. فهو يقول: يا نفس أبشري، فقد قرب المنزل، ودنا التلاقي، فلا تنقطعي في الطريق دون الوصول، فيحال بينك وبين منازل الأحبة، فإن صبرتِ وواصلتِ السُّرى وصلتِ حميدةً مسرورةً جذِلةً، وتلقَّتك الأحبة بأنواع التحف والكرامات، وليس بينك وبين ذلك إلا صبر ساعةٍ، فإنَّ الدنيا كلها كساعة من ساعاتِ الآخرة، وعمرك درجة من درج تلك الساعة، فاللَّه اللَّه لا تنقطعي في المفازة، فهو واللَّه الهلاك والعطب لو كنت تعلمين!، فإن استصعبتْ عليه فليذكِّرها ما أمامها من أحبابها، وما لديهم من الإكرام والإنعام، وما خلفها من أعدائها وما لديهم من الإهانة والعذاب وأنواع البلاءِ، فإنْ رجعت فإلى أعدائها رجوعُها، وإن تقدَّمت فإلى أحبابها مصيرُها، وإن وقفت في طريقها أدركها أعداؤها، فإنَّهم وراءَها في الطلب، فلا بدَّ لها من قسم من هذه الأقسام الثلاثة فلتختر أيها شاءت.
وليجعلْ حديث الأحبة حاديَها وسائقَها، ونورَ معرفتهم وإرشادهم هاديَها ودليلَها، وصدقَ ودادهم وحبهم غذاءَها وشرابَها ودواءَها، ولا يوحشنَّه انفرادُه في طريق سفره، ولا يغترَّ بكثرة المنقطعين، فألمُ انقطاعه وبعاده واصلٌ إليه دونهم، وحظُّه من القرب والكرامة مختصٌّ به دونهم، فما معنى الاشتغال بهم والانقطاع معهم؟
وليعلمْ أنَّ هذه الوحشة لا تدوم، بل هي من عوارض الطريق، فسوف تبدو له الخيام، وسوف يخرج إليه المتلقون يهنئونه بالسلام والوصول إليهم. فيا قرَّةَ عينه إذ ذاك، ويا فرحته إذ يقول:
﴿يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾
ولا يستوحشْ ممَّا يجده من كثافة الطبع، ودرَن النفس، وبطءِ سيرها، فكلَّما أدمن السير وواظبَ عليه غدوًّا ورواحًا وسحرًا قرُبَ من المنزل، وتلطفت تلك الكثافة، وذابت تلك الخبائث والأدران، وظهرت عليه همَّة المسافرين وسيماهم، فتبدَّلت وحشتُه أُنسًا، وكثافتُه لطافة، ودرنُه طهارة.
- | ابن القيم، طريق الهجرتين |
﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾
وجملة ﴿واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ عطف على جملة ﴿واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ عطفًا يُؤذن بأنَّ لهذين الوصفين أثرًا في أنُّه يُريد الآخرة، فيكون كالتّعليل، وهو يفيد أنّ حظ الآخرة هو الحظُّ الحقُّ، ولذلك يريده العزيز الحكيم.
فوصف العزيز يدلُّ على الاستغناء عن الاحتياج، وعلى الرفعة والمقدرة، ولذلك لا يليق به إلا محبة الأمور النفيسة، وهذا يُومئ إلى أن أولياءه ينبغي لهم أن يكونوا أعزاء، كقوله في الآية الأخرى ﴿ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ﴾؛ فلأجل ذلك كان اللائق بهم أن يربأوا بنفوسهم عن التّعلق بسفاسف الأمور وأن يجنحوا إلى معاليها.
ووصف الحكيم: يقتضي أنّه العالم بالمنافع الحق على ما هي عليه؛ لأن الحكمة العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه.
| الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير |
وجملة ﴿واللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ عطف على جملة ﴿واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ عطفًا يُؤذن بأنَّ لهذين الوصفين أثرًا في أنُّه يُريد الآخرة، فيكون كالتّعليل، وهو يفيد أنّ حظ الآخرة هو الحظُّ الحقُّ، ولذلك يريده العزيز الحكيم.
فوصف العزيز يدلُّ على الاستغناء عن الاحتياج، وعلى الرفعة والمقدرة، ولذلك لا يليق به إلا محبة الأمور النفيسة، وهذا يُومئ إلى أن أولياءه ينبغي لهم أن يكونوا أعزاء، كقوله في الآية الأخرى ﴿ولِلَّهِ العِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ﴾؛ فلأجل ذلك كان اللائق بهم أن يربأوا بنفوسهم عن التّعلق بسفاسف الأمور وأن يجنحوا إلى معاليها.
ووصف الحكيم: يقتضي أنّه العالم بالمنافع الحق على ما هي عليه؛ لأن الحكمة العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه.
| الطاهر ابن عاشور، التحرير والتنوير |
Forwarded from مبادرة | سُمُـوق
جهزي مشروبكِ، وشاركي رابط اللقاء مع صديقة.. وكوني بالقرب ☕️ 💗
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
عودة بعد انقطاع إلى عادة الخميس والجمعة؛ إطلالة مفتوحة: (ثقافية، فكرية، سياسية، تاريخ، ..)☕️ 💡
مع كل إطلالة في التاريخ؛ عند مآثر الأمجاد، وفي مواطن الشدة والألم، وعند رايات الصمود والثبات، يحاصرني السؤال الكبير: ما الهدف؟ ما الغاية؟ ما قيمة الوجود؟
مع هذه الإطلالة يكون حضور مركزيات الوحي أسطع وأقوى، ومعها تتيقن النفس بأن لها سيرها الخاص بها إلى ربها، وتحدياتها الملائمة لظروف زمانها، وابتلائها الذي به تثبت صمودها لخالقها، ومع هذه الإطلالة تزداد حرارة القلب الحيّ بأمنيته السماوية أن يكون نورانيًا مذكورًا عند خالقه، ومعها يستنير القلب باسم الله "العليم"، فيزداد إيمانًا ورضا.
وحسب هذه الإطلالة ترسيخ معنى أن المؤمن ليس إلا نفسًا عاملة في تحقيق كلمة الله، أما حظ نفسه فهو في غير هذه الدنيا!
مع كل إطلالة في التاريخ؛ عند مآثر الأمجاد، وفي مواطن الشدة والألم، وعند رايات الصمود والثبات، يحاصرني السؤال الكبير: ما الهدف؟ ما الغاية؟ ما قيمة الوجود؟
مع هذه الإطلالة يكون حضور مركزيات الوحي أسطع وأقوى، ومعها تتيقن النفس بأن لها سيرها الخاص بها إلى ربها، وتحدياتها الملائمة لظروف زمانها، وابتلائها الذي به تثبت صمودها لخالقها، ومع هذه الإطلالة تزداد حرارة القلب الحيّ بأمنيته السماوية أن يكون نورانيًا مذكورًا عند خالقه، ومعها يستنير القلب باسم الله "العليم"، فيزداد إيمانًا ورضا.
وحسب هذه الإطلالة ترسيخ معنى أن المؤمن ليس إلا نفسًا عاملة في تحقيق كلمة الله، أما حظ نفسه فهو في غير هذه الدنيا!
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from غمـامة
هذه الآية جامعة لعلم الله كافّة؛ فمن أسماء الله: (العليم)، الذي يعلم ما في أقطار السّموات والأرض، ويعلم دبيب خطرات النُّفوس، وأحاديثها، وهذه الآية من أعظم ما يُربت على قلب المؤمن ويُجنّبه مواطن القلق، إذ أنّ الله يعلم ما في نفسه، ويعلم حاله، ولا يخفى عليه أمره، وأمر المؤمن كلّه تحت تدبير الله وعلمه الذي لا يُحاط به وصفٌ ولا بيَان، وعلمه تعالى بكلّ ما في تلك العوَالم؛ تستدعي من المؤمن تسليمًا لمن يعلم مواطن مصلحته، فهو العليم بخيرة الأمور وشرّها، وربّما كره المؤمن قدرًا فكان خيرًا له، لأنّ الله يعلم أنّ هذا القدر سيجتبيه إليه، ولربّما يصرف عنه أمورًا لا يفقه ضررها على شأنه كافّة.
ومن ثمرات الإيمان باسم الله العليم؛ تفويض القلب إلى مالكه ومدبّر أمره، تفويضًا يستدعي منه اطمئنانًا وتسليمًا لا يعتريه حرجٌ ولا ضيق، وطبيعة العبد -جهولٌ ظلوم- ومن جهله؛ أنّه يريد اختيار التّدبير بنفسه، وبحسب جهله يظنّه خيرٌ له، ويصول في دنياه ويجول وهو يُريد هذا القدر، وهذا التدبير، ولربّما أرهقَ نفسه بكثرة التفاته إلى تدبيره لنفسه، ولكنّ الله بحكمته وعلمه يُريد من عبده شأنٌ آخر، ومقامٌ آخر، وهو الذي بعلمه يسوق إليه المبشّرات وإن تأخّرت.
ومن ثمرات الإيمان باسم الله العليم؛ تجريد القلب من مُلكة العلم المُطلق، ونسب حاله إلى الجهل أقرب، لأنّ المؤمن كلّما عرف ربّه العليم؛ ازداد تجرّدًا من أحواله التي يظنّ فيها أنّه يعلم مواطن مصلحته، فيزداد افتقارًا وتسليمًا لتدبير العليم، ويزداد توكّلا وتفويضًا لمالكه ومدبّر أمره، فلا يبقى في نفسه شكٌ بمُجريات أقداره، ويطمئنّ، كما لو أنّه ملك الدُّنيا بأسرها، ﴿والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾.
ومن ثمرات الإيمان باسم الله العليم؛ تفويض القلب إلى مالكه ومدبّر أمره، تفويضًا يستدعي منه اطمئنانًا وتسليمًا لا يعتريه حرجٌ ولا ضيق، وطبيعة العبد -جهولٌ ظلوم- ومن جهله؛ أنّه يريد اختيار التّدبير بنفسه، وبحسب جهله يظنّه خيرٌ له، ويصول في دنياه ويجول وهو يُريد هذا القدر، وهذا التدبير، ولربّما أرهقَ نفسه بكثرة التفاته إلى تدبيره لنفسه، ولكنّ الله بحكمته وعلمه يُريد من عبده شأنٌ آخر، ومقامٌ آخر، وهو الذي بعلمه يسوق إليه المبشّرات وإن تأخّرت.
ومن ثمرات الإيمان باسم الله العليم؛ تجريد القلب من مُلكة العلم المُطلق، ونسب حاله إلى الجهل أقرب، لأنّ المؤمن كلّما عرف ربّه العليم؛ ازداد تجرّدًا من أحواله التي يظنّ فيها أنّه يعلم مواطن مصلحته، فيزداد افتقارًا وتسليمًا لتدبير العليم، ويزداد توكّلا وتفويضًا لمالكه ومدبّر أمره، فلا يبقى في نفسه شكٌ بمُجريات أقداره، ويطمئنّ، كما لو أنّه ملك الدُّنيا بأسرها، ﴿والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾.
Forwarded from مبادرة | سُمُـوق
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
«تكون أشدّ ما تكون ألمًا بسبب محنة إخوانك، وتسلط المجرمين على المؤمنين، فضلًا عن آلامك الخاصة، فتقرأ قوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ فكأن بردًا نزل بقلبك.. سبحان الله العظيم، حروف قليلة فيها من المعاني والراحة النفسية ما تعجز كتب عن وصفه!
وما وجدت في تفسير: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ أبدع من قول البقاعي: "تنزيلُ الأمور في مراتبها مع إحكامِ عواقبها"، فكأن المعنى؛ اعمل على ضعفك، وتَحمّل ألمك، وخُذ بالأسباب على قِلتها، وهو "يُدبِّرُ الأمر"، يُتمُ الخير ويُحْكمُ النتائج».
وما وجدت في تفسير: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ أبدع من قول البقاعي: "تنزيلُ الأمور في مراتبها مع إحكامِ عواقبها"، فكأن المعنى؛ اعمل على ضعفك، وتَحمّل ألمك، وخُذ بالأسباب على قِلتها، وهو "يُدبِّرُ الأمر"، يُتمُ الخير ويُحْكمُ النتائج».
Forwarded from غمـامة
من أبرز المَواضع القُرآنية التي يتجلّى فيها آثار اسم الله الحكيم؛ حكمته من خلق آدم، حين قال تعالى: ﴿وإذ قال ربُّك للملائكةِ إنّي جاعلٌ في الأرضِ خليفةً قالوا أتجعلُ فيها من يُفسِدُ فيها ويسفكُ الدِّماءَ ونحنُ نُسبِّحُ بِحمدكَ ونُقدِّس لكَ قال إنّي أعلمُ ما لا تعلمون وعلَّم آدمَ الأسماءَ كلَّها ثمَّ عرَضَهم على الملائكةِ فقالَ أنبئُوني بأسماءِ هؤلاءِ إن كنتُم صادقين قالوا سُبحانكَ لا علمَ لنا إلا ما علَّمتنا إنّك أنتَ العليمُ الحَكيم﴾
ومعلومٌ أنّ الملائكة حين أخبرهم الله عن خلق آدم؛ استنكروا في بداية الأمر، وتعجّبوا كيف يخلق الله من الخليفة من يعصيَه، وقالوا بصيغة الاستفهام: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدِّماء)، وفي استنكارهم مَفاد؛ أنّهم لا علم لهم إلا ما علّمهم الله، إذ أنّهم لو علِموا الحكمة من خلق آدم؛ من عمارة الأرض إصلاحًا وتعبّدا واستخلافًا لمن يأتي بعده؛ لما أظهروا التعجُّب والسّؤال!
ومن حكمة الله التي تتجلّى في إخباره تعالى لملائكته خلق آدم؛ ما قاله أبي حيّان في تفسيره، فمن حكمته: "إرادة الله أن يُطلع الملائكة على ما في نفس إبليس من الكِبر، وأن يُظهر ما سبَق عليه في علمه"، ومن حكمته ما قاله ابن عبَّاس: "أن يبلوَ طاعة الملائكة، أو أن يُظهر عجزهم عن الإحاطة بعلمه، أو أن يُظهر علوّ قدر آدم في العِلم، أو يعلّمنا الأدب معه وامتثال الأمر عقلنا معناه أو لم نعقله".
ومن تجلّيات اسم الله الحكيم في تلك الآيات؛ أنّه خلق آدم عليه السلام ونفخ فيه من روحه لعمارة الأرض إصلاحًا وتعبّدا، والحكيم من معانيها؛ الذي يضع الأشياء في مواضعها من غير أن يدخل تدبيره خللٌ ولا زلل، ومن حكمته في إخباره للملائكة عن خلق آدم دروس وعبر يُستفاد منها؛ أهمّية الاستسلام للأوامر الإلهيّة والأقدار وإن بدا للمؤمن جهله بعواقب الأمر، إذ أنّ هذه الآيات تزيد من استسلام العبد لربّه وحُكمه الذي يُجريه في أقداره الكونية والشرعية.
ويُستفاد من هذه الآية؛ أنّ العبد قد يعتريه من بعض الأقدار أو بعض التّكاليف الشرعية تساؤلاتٌ وشكوك، وقد يغيب عن ذهنه الحكمة من هذا التكليف وهذا القدر، ولكنّ المؤمن إذا تضلّع قلبه فقهًا من معنى اسم الله العليم الحكيم؛ استسلم انقيادًا لعلم ربّه وحكمته، ولم تعُد لديه مُنازعة تجول في خلجات نفسه، بل استسلامٌ يقوده لمعنى الثقة بأمر الله وما يُجريه عليه في مملكته.
ويُستفاد منها؛ أنّ الاستسلام لأحكام الله يقود العبد لمراتب عالية من مراتب الإيمان، فالملائكة حين أيقنوا شرف علم آدم واختصاصه لهذه المنزلة؛ أعلنوا بذلك شهادتهم بعلم الله الكافي وحكمته المُحيطة في أرجائه، في آية تُدوى في المحاريب إلى قيام السّاعة: ﴿سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
ومن شأن الاعتراف بحكمة الله وعلمه؛ ترك منازعة الأقدار، وترك مُزاحمتها بالشّكوك والأسئلة، فالله تعالى حكيمٌ يضع الأمور في مكانها من غير أن يُخالط تدبيره خللٌ ولا زلل، فكم في هذه الآية من عِبَر، لو تأمَّلها المؤمن حقّ التأمُّل، وراعى هداياتها، حتمًا سيجد بها ذوقًا وحلاوةً لمعنى التّسليم الشّرعي، والذي لا يأتي حتى يعرف العبد ربّه بأسمائهِ وصفاته.
ومعلومٌ أنّ الملائكة حين أخبرهم الله عن خلق آدم؛ استنكروا في بداية الأمر، وتعجّبوا كيف يخلق الله من الخليفة من يعصيَه، وقالوا بصيغة الاستفهام: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدِّماء)، وفي استنكارهم مَفاد؛ أنّهم لا علم لهم إلا ما علّمهم الله، إذ أنّهم لو علِموا الحكمة من خلق آدم؛ من عمارة الأرض إصلاحًا وتعبّدا واستخلافًا لمن يأتي بعده؛ لما أظهروا التعجُّب والسّؤال!
ومن حكمة الله التي تتجلّى في إخباره تعالى لملائكته خلق آدم؛ ما قاله أبي حيّان في تفسيره، فمن حكمته: "إرادة الله أن يُطلع الملائكة على ما في نفس إبليس من الكِبر، وأن يُظهر ما سبَق عليه في علمه"، ومن حكمته ما قاله ابن عبَّاس: "أن يبلوَ طاعة الملائكة، أو أن يُظهر عجزهم عن الإحاطة بعلمه، أو أن يُظهر علوّ قدر آدم في العِلم، أو يعلّمنا الأدب معه وامتثال الأمر عقلنا معناه أو لم نعقله".
ومن تجلّيات اسم الله الحكيم في تلك الآيات؛ أنّه خلق آدم عليه السلام ونفخ فيه من روحه لعمارة الأرض إصلاحًا وتعبّدا، والحكيم من معانيها؛ الذي يضع الأشياء في مواضعها من غير أن يدخل تدبيره خللٌ ولا زلل، ومن حكمته في إخباره للملائكة عن خلق آدم دروس وعبر يُستفاد منها؛ أهمّية الاستسلام للأوامر الإلهيّة والأقدار وإن بدا للمؤمن جهله بعواقب الأمر، إذ أنّ هذه الآيات تزيد من استسلام العبد لربّه وحُكمه الذي يُجريه في أقداره الكونية والشرعية.
ويُستفاد من هذه الآية؛ أنّ العبد قد يعتريه من بعض الأقدار أو بعض التّكاليف الشرعية تساؤلاتٌ وشكوك، وقد يغيب عن ذهنه الحكمة من هذا التكليف وهذا القدر، ولكنّ المؤمن إذا تضلّع قلبه فقهًا من معنى اسم الله العليم الحكيم؛ استسلم انقيادًا لعلم ربّه وحكمته، ولم تعُد لديه مُنازعة تجول في خلجات نفسه، بل استسلامٌ يقوده لمعنى الثقة بأمر الله وما يُجريه عليه في مملكته.
ويُستفاد منها؛ أنّ الاستسلام لأحكام الله يقود العبد لمراتب عالية من مراتب الإيمان، فالملائكة حين أيقنوا شرف علم آدم واختصاصه لهذه المنزلة؛ أعلنوا بذلك شهادتهم بعلم الله الكافي وحكمته المُحيطة في أرجائه، في آية تُدوى في المحاريب إلى قيام السّاعة: ﴿سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
ومن شأن الاعتراف بحكمة الله وعلمه؛ ترك منازعة الأقدار، وترك مُزاحمتها بالشّكوك والأسئلة، فالله تعالى حكيمٌ يضع الأمور في مكانها من غير أن يُخالط تدبيره خللٌ ولا زلل، فكم في هذه الآية من عِبَر، لو تأمَّلها المؤمن حقّ التأمُّل، وراعى هداياتها، حتمًا سيجد بها ذوقًا وحلاوةً لمعنى التّسليم الشّرعي، والذي لا يأتي حتى يعرف العبد ربّه بأسمائهِ وصفاته.
هذه المعرفة بالرب جل جلاله تفيض معها الدموع، ويستنير القلب بالحبّ لخالقه، وتأمن النفس بملاذها إليه؛ فهذا الاسم الجليل وهو (الرحمن) من أصول الأسماء الحسنى، فاقتران ربوبيّته برحمته عظيم عظيم!
اللهم ارزقنا حسن الفهم عن أسمائك وصفاتك لنبلغ بها سنام العبودية، اللهم ارزقنا حبّك، حبًا لا يخالطه حبٌّ هو أعلى منه في صدورنا، ولا أكبر منه في نفوسنا، حتَّى تشغل قلوبنا به عن السرور بغيره.
- | مدارج السالكين، ابن القيم |
اللهم ارزقنا حسن الفهم عن أسمائك وصفاتك لنبلغ بها سنام العبودية، اللهم ارزقنا حبّك، حبًا لا يخالطه حبٌّ هو أعلى منه في صدورنا، ولا أكبر منه في نفوسنا، حتَّى تشغل قلوبنا به عن السرور بغيره.
- | مدارج السالكين، ابن القيم |
Forwarded from مبادرة | سُمُـوق
من يتأمل في موقف آسية امرأت فرعون يجد عجبًا، فقد أتتها الدنيا راغمة فصرفت نفسها عنها، وقالت: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾، علق ابن القيم على دعوتها فقال: "فطلبت كون البيت عنده قبل طلبها أن يكون في الجنة؛ فإن الجار قبل الدار" .. إنَّها تُريد الله، تُريده حقًا!
وأيّ نعيم نفضت يديها وقلبها عنه؟ نعيم الملك والسلطان والجاه والمال والخدم، ورغم ذلك أشاحت آسية عن نعيم تتقطع له نفوس الأرض قاطبة لتقول: "أريد الله"!، ولأجل هذا الثبات على طريق العبودية لله تعالى عُذبت آسية عذابًا شديدة من فرعون وقومه، وقبض الله روحها وهي ثابتة على هذا الطريق؛ فصارت مثلاً للمؤمنين في ثباتها على الإيمان، وقال النبي ﷺ أنها من أفضل نساء الجنة.
واليوم؛ ربما عاركتنا نفوسنا لشهوة عارضة فكنا أسرع من الريح في الاستجابة لها، وينازعنا الهوى فيغلبنا مرارًا مع كل معصية، ويجد الشيطان منفذًا متاحًا لبث سمومه في نفوسنا؛ فأين ثبات آسية مني ومنكِ؟ وأين إرادة قلوبنا القوية لله؟ فهل نحن نُريد الله حقًا؟
واليوم؛ ربما تضعف قيمة العبودية لدى المُسلمة عندما تُختبر وتمتحن، وتستسلم سريعًا مع كل داع يدعوها؛ فأين شموخ آسية منا وهي تُعذب ويُسلب منها كل النعيم لأجل أنها أرادت خالقها عز وجل؟
آسية الصالحة.. منارة هدى لكل مؤمنة، تُعلّمنا آسية درسًا في الثبات على طريق العبودية، تُعلّمنا آسية كيف تكون إرادة النفوس لخالقها، تُعلّمنا التضحية والبذل والصبر على طريق الحق، تُعلّمنا آسية التطلّع إلى السماء والنظر إلى الآخرة.
ويسطع في قصتها درسًا عظيمًا؛ وهو:
أن لا يضمحل عند كل مسلمة دورًّا نورانيًّا تستمد من خلاله قيمة مقدسة لوجودها؛ وهو دور أنها أمة لله، أن لا تفقد فرصة الوصول لمكانة سماوية بأن تكون شيئًا مذكورًا في الملكوت الأعلى؛ من خلال دورها الأساسي المتمثل بعبوديتها لله.
وأيّ نعيم نفضت يديها وقلبها عنه؟ نعيم الملك والسلطان والجاه والمال والخدم، ورغم ذلك أشاحت آسية عن نعيم تتقطع له نفوس الأرض قاطبة لتقول: "أريد الله"!، ولأجل هذا الثبات على طريق العبودية لله تعالى عُذبت آسية عذابًا شديدة من فرعون وقومه، وقبض الله روحها وهي ثابتة على هذا الطريق؛ فصارت مثلاً للمؤمنين في ثباتها على الإيمان، وقال النبي ﷺ أنها من أفضل نساء الجنة.
واليوم؛ ربما عاركتنا نفوسنا لشهوة عارضة فكنا أسرع من الريح في الاستجابة لها، وينازعنا الهوى فيغلبنا مرارًا مع كل معصية، ويجد الشيطان منفذًا متاحًا لبث سمومه في نفوسنا؛ فأين ثبات آسية مني ومنكِ؟ وأين إرادة قلوبنا القوية لله؟ فهل نحن نُريد الله حقًا؟
واليوم؛ ربما تضعف قيمة العبودية لدى المُسلمة عندما تُختبر وتمتحن، وتستسلم سريعًا مع كل داع يدعوها؛ فأين شموخ آسية منا وهي تُعذب ويُسلب منها كل النعيم لأجل أنها أرادت خالقها عز وجل؟
آسية الصالحة.. منارة هدى لكل مؤمنة، تُعلّمنا آسية درسًا في الثبات على طريق العبودية، تُعلّمنا آسية كيف تكون إرادة النفوس لخالقها، تُعلّمنا التضحية والبذل والصبر على طريق الحق، تُعلّمنا آسية التطلّع إلى السماء والنظر إلى الآخرة.
ويسطع في قصتها درسًا عظيمًا؛ وهو:
أن لا يضمحل عند كل مسلمة دورًّا نورانيًّا تستمد من خلاله قيمة مقدسة لوجودها؛ وهو دور أنها أمة لله، أن لا تفقد فرصة الوصول لمكانة سماوية بأن تكون شيئًا مذكورًا في الملكوت الأعلى؛ من خلال دورها الأساسي المتمثل بعبوديتها لله.
أشد ما يُؤثر بي؛ نموذج آسية امرأت فرعون ومريم بنت عمران، يتحرك قلبي معهن كثيرًا، يُبكيني هذا الوصول إلى الله تعالى وهذه الإرادة الصادقة.
أتأمل في الصالحتين آسية ومريم.. هنَّ نساء مثلُنا، لم يُخلقنّ من نورٍ، معجونات بالفطرة التي عُجنت نفوسنا منها، لهن رغبات، وأحلام، وأماني، كما لدى نفوسنا من تطلعات ومرادات، ولهنّ كذلك مخاوف، وآلام، وأحزان متتالية، وابتلاءات أشد وأنكى، فهؤلاء الصالحات لم يخلقنّ بفطرة مغايرة عن البشر؛ ولكن جوهر "العبودية" كان كبيرًا في حياتهن!، وهنا السر":(
أحبّ لقلبي ولقلب كل مُسلمة أن يجول في فلك هذه القدوات السماوية التي بثها الوحي، عن همومهن وأحلامهن، وفي مواطن البلاء والفتن، وفي أوصافهن التي ذُكرت في القرآن؛ من حبّ الله، والصدح بإعلاء كلمته، والتطلع إلى الآخرة، وفي قيم المؤمنة، من الحشمة، والعزة، والثبات، وصناعة الجيل الرباني.. لعل حرارة الشعور، والتطلع الصادق إلى مقامات السماء يطير بالقلوب إليها.
أتأمل في الصالحتين آسية ومريم.. هنَّ نساء مثلُنا، لم يُخلقنّ من نورٍ، معجونات بالفطرة التي عُجنت نفوسنا منها، لهن رغبات، وأحلام، وأماني، كما لدى نفوسنا من تطلعات ومرادات، ولهنّ كذلك مخاوف، وآلام، وأحزان متتالية، وابتلاءات أشد وأنكى، فهؤلاء الصالحات لم يخلقنّ بفطرة مغايرة عن البشر؛ ولكن جوهر "العبودية" كان كبيرًا في حياتهن!، وهنا السر":(
أحبّ لقلبي ولقلب كل مُسلمة أن يجول في فلك هذه القدوات السماوية التي بثها الوحي، عن همومهن وأحلامهن، وفي مواطن البلاء والفتن، وفي أوصافهن التي ذُكرت في القرآن؛ من حبّ الله، والصدح بإعلاء كلمته، والتطلع إلى الآخرة، وفي قيم المؤمنة، من الحشمة، والعزة، والثبات، وصناعة الجيل الرباني.. لعل حرارة الشعور، والتطلع الصادق إلى مقامات السماء يطير بالقلوب إليها.
إن المعرفة بالله تملأ قلبك أنسًا بالله، ثم أنسًا بالحياة، وأنسًا بالكون والكائنات، وأنسًا بالموت، الذي لن ترى فيه -إذ تقف عليه- إلا موعدًا جميلاً، للقاء جميل، مع رب جميل؛ فذلك ذوق الإحسان في قمة المشاهدات الإيمانية، وإنما الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
ألا يا حسرة على الناس إذ جهلوا بالله!
حتى إذا وجدت ما وجدت، وعرفت من ربك ما عرفت، أبت عليك معرفتك وما فاضت به عليك من جمال الأخوة الكونية؛ إلا أن تسعى بهذا الخير إلى الناس كل الناس، داعيًا إلى الله ومعرفًا به، لا يمكن لعارف بالله حقًّا إلا أن يكون داعية إليه، وهل يستطيع المحب أن يكتم من محبته شيئًا؟! إن الوجدان ليضيق عن كتمان جمال تشرق أنواره على الكون كله، ولا يمكن للنور إلا أن ينير!
- | فريد الأنصاري، بلاغ الرسالة القرآنية |
ألا يا حسرة على الناس إذ جهلوا بالله!
حتى إذا وجدت ما وجدت، وعرفت من ربك ما عرفت، أبت عليك معرفتك وما فاضت به عليك من جمال الأخوة الكونية؛ إلا أن تسعى بهذا الخير إلى الناس كل الناس، داعيًا إلى الله ومعرفًا به، لا يمكن لعارف بالله حقًّا إلا أن يكون داعية إليه، وهل يستطيع المحب أن يكتم من محبته شيئًا؟! إن الوجدان ليضيق عن كتمان جمال تشرق أنواره على الكون كله، ولا يمكن للنور إلا أن ينير!
- | فريد الأنصاري، بلاغ الرسالة القرآنية |
Forwarded from قناة | بَيــان.
•
إذا رأى المؤمن من أخيه ما يُعجبه من صلاح الحال، أو من نعمة المال، أو العافية، أو فتوح العلم والدعوة والبيَان، فليقرن إعجابه بذكر الله ويقول: تبارك الله، اللهم بارك له فيما أعطيته، فإنّ العين المُعجبة تقع حتى وإن لم يقصد صاحبها إلحاق الضرر والأذيّة، فكم من نعمة كان يتمتّع بها صاحبها، فذهبت عنه أدراج الرّياح، وكم من فضل ساقه الله لعبده فحُرم بركتها ودوامها بسبب شخص رأى ما يُعجبه من هذا الحال، ولم يقرن لحظته تلك بذكر الله والدعاء له بالبركة، وبالرغم أنّها لا تُكلّف المؤمن شيئًا، ولا تأخذ منه وقتًا، بل تزيده سلامةٌ في صدره وامتثالًا لسنّة نبيّنا محمّد واقتداءً بقوله: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يُعجبه فليدع له بالبركة فإنّ العين حقّ)، وكم ممن غفل عن الدعاء لأخيه بالبركة لظنّه أنّ العين مقتصرة على شرّ الأنفس، ولظنّه أنّه لا يؤذي أخيه كونه يحمل له ودًا ومحبّة، ولكنّ المحبّة وحدها لا تكفي، بل لا بُد من ذكر الله والدعاء لمن يُحب بما يُحبّ أن يسمعه!
وكم من مُحب آذى من يُحبّه بلا أن يشعر، فذهبت عنه عافيته، وفضلٌ آتاه الله إيّاه، وذهبت عنه نعمة كانت باقية لو أنّ أخيه قرن ما يُعجبه بالدعاء له بالبركة والذكر الحَسن، وما من شيء يغلب القدر كمثل العين حين تقع فتغيّر القدر بأكمله، وتبدّل الحال إلى أرذله، وتعقب صاحب النّعمة إلى أحوال متردّية من المَهالك والعطب الذي لا يعلم سببه، وكم من فضل آتاه الله عبده؛ فحُرم منها بسبب مُحبّ غير بغيض، أحيانًا المؤمن يغفل عن تلك المَعاني، ويظنّ أنّ هذا باب يفتح عليه الوَساوس والشكوك، وقد يظنّ أنّ أمثاله لا يصدر منهم شيئًا يؤذي غيرهم، وهذه آفة نفسية وحيلة شيطانيّة قلّ من يفقه دبيبها إليه، والمؤمن لا يخسر شيئًا إذا دعا لأخيه بالبركة وقرن لحظة إعجابه بالشيء بقول: ماشاءالله تبارك الله، اللهم بارك له، ولكن تركه للدعاء ولو بحسن نيّة؛ قد تتغيّر بها حياة من أمامه وتتعطّل عنده الكثير من المَصالح التي كانت تجري تحت يده، غير أنّ ذكر الله عبوديّة، والملائكة تدعو لمن دعا لأخيه بقولهم ولك بالمثل، وسلامة القلب والنيّة لا تنفع ولا تغني شيئًا ما لم يتمثّل المؤمن بحديث نبيّنا محمّد: (هلّا إذا رأيت ما يُعجبك برّكت)!
إذا رأى المؤمن من أخيه ما يُعجبه من صلاح الحال، أو من نعمة المال، أو العافية، أو فتوح العلم والدعوة والبيَان، فليقرن إعجابه بذكر الله ويقول: تبارك الله، اللهم بارك له فيما أعطيته، فإنّ العين المُعجبة تقع حتى وإن لم يقصد صاحبها إلحاق الضرر والأذيّة، فكم من نعمة كان يتمتّع بها صاحبها، فذهبت عنه أدراج الرّياح، وكم من فضل ساقه الله لعبده فحُرم بركتها ودوامها بسبب شخص رأى ما يُعجبه من هذا الحال، ولم يقرن لحظته تلك بذكر الله والدعاء له بالبركة، وبالرغم أنّها لا تُكلّف المؤمن شيئًا، ولا تأخذ منه وقتًا، بل تزيده سلامةٌ في صدره وامتثالًا لسنّة نبيّنا محمّد واقتداءً بقوله: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يُعجبه فليدع له بالبركة فإنّ العين حقّ)، وكم ممن غفل عن الدعاء لأخيه بالبركة لظنّه أنّ العين مقتصرة على شرّ الأنفس، ولظنّه أنّه لا يؤذي أخيه كونه يحمل له ودًا ومحبّة، ولكنّ المحبّة وحدها لا تكفي، بل لا بُد من ذكر الله والدعاء لمن يُحب بما يُحبّ أن يسمعه!
وكم من مُحب آذى من يُحبّه بلا أن يشعر، فذهبت عنه عافيته، وفضلٌ آتاه الله إيّاه، وذهبت عنه نعمة كانت باقية لو أنّ أخيه قرن ما يُعجبه بالدعاء له بالبركة والذكر الحَسن، وما من شيء يغلب القدر كمثل العين حين تقع فتغيّر القدر بأكمله، وتبدّل الحال إلى أرذله، وتعقب صاحب النّعمة إلى أحوال متردّية من المَهالك والعطب الذي لا يعلم سببه، وكم من فضل آتاه الله عبده؛ فحُرم منها بسبب مُحبّ غير بغيض، أحيانًا المؤمن يغفل عن تلك المَعاني، ويظنّ أنّ هذا باب يفتح عليه الوَساوس والشكوك، وقد يظنّ أنّ أمثاله لا يصدر منهم شيئًا يؤذي غيرهم، وهذه آفة نفسية وحيلة شيطانيّة قلّ من يفقه دبيبها إليه، والمؤمن لا يخسر شيئًا إذا دعا لأخيه بالبركة وقرن لحظة إعجابه بالشيء بقول: ماشاءالله تبارك الله، اللهم بارك له، ولكن تركه للدعاء ولو بحسن نيّة؛ قد تتغيّر بها حياة من أمامه وتتعطّل عنده الكثير من المَصالح التي كانت تجري تحت يده، غير أنّ ذكر الله عبوديّة، والملائكة تدعو لمن دعا لأخيه بقولهم ولك بالمثل، وسلامة القلب والنيّة لا تنفع ولا تغني شيئًا ما لم يتمثّل المؤمن بحديث نبيّنا محمّد: (هلّا إذا رأيت ما يُعجبك برّكت)!
في منزلة الشوق إلى الله عز وجل، وترتيب درجات هذا الشوق؛ علق ابن القيم على المرحلة الثالثة من الشوق إلى الله بأنه:
«شوق إليـه، لا لعلة ولا لسبب ولا ملاحظ فيه غير ذاتـه».
«شوق إليـه، لا لعلة ولا لسبب ولا ملاحظ فيه غير ذاتـه».
كُـوَّة.. في نورها وخطواتها الأولى، يا ربنا اجعلها تضيءُ قنديل السَّير إليك🩶
الحلم هنا، تجسد بالخطوات الأولى والصغيرة والمتعثرة، والأمل والرجاء فيها كبير🌧️
الحلم هنا، تجسد بالخطوات الأولى والصغيرة والمتعثرة، والأمل والرجاء فيها كبير
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
قناة | فُـرات
كُـوَّة.. في نورها وخطواتها الأولى، يا ربنا اجعلها تضيءُ قنديل السَّير إليك🩶 الحلم هنا، تجسد بالخطوات الأولى والصغيرة والمتعثرة، والأمل والرجاء فيها كبير🌧️
من باب مشاركة المسرات، ولأجل القلوب الكريمة التي ابتهجت معي بكُوَّة في نسختها الماضية، وشاركتني الرحلة فيها؛ أحببت مشاركة هذه الفرحة💕
ولرفيقات كُوَّة في نسختها الأولى عن بعد -سحبت- عليكنَّ في هذه النسخة بتطبيقها على أرض الواقع :)
لا زلت على الوعد، سنقيمها سويًا مرارًا وتكرارًا بحول الله🩷
ولرفيقات كُوَّة في نسختها الأولى عن بعد -سحبت- عليكنَّ في هذه النسخة بتطبيقها على أرض الواقع :)
لا زلت على الوعد، سنقيمها سويًا مرارًا وتكرارًا بحول الله
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM