Telegram Web
هم قوم يختبئون خلف اسم الحكمة والعقل، يطلبون منك ألا تفعل شيئا يجرح مشاعر الكفار، ولو كان هؤلاء عند حسان - رضي الله عنه - وهو يذب عن النبي صلى الله عليه وسلم و يفري المشركين بلسانه، لقالوا : كان الأولى أن تذهب فتتبسم في وجوههم لتعلمهم أخلاق الأسلام .
‏أهم وظائف الورد القرآني هي إمرار المعاني الكبار على القلب، والتي يتعلق صلاح القلب برسوخها فيه، ومن عيون كلام السعدي رحمه الله في ذلك قوله : [ والله تعالى يُثنِّي في القرآن الأمور الكبار التي يحتاج القلب لمرورها عليه كل وقت، لتستقر في القلب فتثمر من الخير بحسب ثبوتها في القلب ] .
ليس من صفة المؤمن أنه لايذنب، لكن من صفته أنه لاينسى ذنوبه التي اقترفها، فهو يحفظها ليستغفر منها، جاء عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما في تفسير قول الله :( هذا ماتوعدون لكل أواب حفيظ ) أي : حفظ ذنوبه حتى رجع عنها .
يهذب القرآن النفوس بالوعظ، ويدعوها إلى إعمال العقل والتفكر، وهذا هو البناء القرآني المتوازن، فإنَّ إعمال العقل مع عدم تهذيب النفس يحرف عمل العقل من البحث عن الحقيقة إلى البحث عن أهواء النفس، وتلمس المخارج .
يقع في ظن بعض الناس أن دلالة القرآن مقصورة على الدلالة الخبرية، فيغفلون عن الأدلة العقلية التي ساقها القرآن لتقرير الحق، قال ابن تيمية رحمه الله :
‏( عامَّةُ ما يأتي به حُذَّاق النظار من الأدلة العقلية يأتي القرآن بخلاصتها، وبما هو أحسن منها ).
القصص القرآنية جاءت للاعتبار، ومِن عمل المؤمن عند تدبرها ملاحظة أوجه الشبه بينها وبين مايمر به من أحداث .
‏يقول الدهلوي رحمه الله :
‏( ما من بلاء كان فيما سبق من الزمان إلا وهو موجود اليوم بطريق الأنموذج، فمقصود القرآن بيان كليات تلك المفاسد لا خصوص الحوادث ).
يتعرض القلب في وسائل التواصل الاجتماعي لشبهات كثيرة، فمن الناس مَن يتزلزل قلبه عند أول شبهة، ومنهم من يتشرب قلبه الشبهة فتبقى في نفسه حسيكة، والموفق من ظهر له ضعفها لقوة الحق في قلبه، وقد قال ابن القيم رحمه الله : ( الباطل له دهشة وروعة في أوله فإذا ثبت له القلب رد على عقبيه ).
إنكار المنكر بالقلب يعني أن تلتفت لقلبك فتتأكد أنه مازال ينبض بالولاء لله .. أنه ما زال يغار على ربه من أن تنتهك حرماته أمام عينيك .. أنه مازال يعرف المعروف وينكر المنكر وإن لم يستطع التغيير .
الحجج في القرآن على القضية الواحدة تأتي بأساليب مختلفة، وهذه الطريقة هي التي يسميها القرآن : تصريف الآيات .
‏فمن فاته الاعتبار بآية أدركته الأخرى، ومن لم يوقظه أسلوب أيقظه أسلوبٌ آخر، يقول الله عز وجل :
‏( انظر كيف نُصَرِّفُ الآيات لعلهم يفقهون ) .
إذا مرَّ بك قول الله في القرآن : ( ذلكم الله ربكم .. )، فلا تمرَّ بها مرورَ من لايهتم ..
‏ذلكم الله ربك يُعرِّف نفسه إليك ..
‏يخبرك عن أفعاله وصفاته لتعرفه .. لتحبه .
‏وما أسوأ فعلَ العبد حين يمر بها مرورَ الغافلين .
يقوم التكوين القرآني للإنسان على دعائم :
‏الأولى : تذكيره بأنه ملاق ربه يوماً ما فمحاسب على عمله .
‏الثانية : تعريفه بخالقه، وإشعاره بعدم القدرة على الاستغناء عنه .
‏الثالثة : إقناعه بحسن ما يُدعى إليه من التوحيد والعبادات .
‏الرابعة : إحضاره بين الأمم الغابرة ليرى مصارع العصاة .
‏لا يجتمع في قلب المؤمن التعلّق بالدنيا وطلب المنازل العُليا في الآخرة معًا، ومن تعلّق بالدنيا أصابه حزنٌ على ما فاته، وهمٌ على مستقبله، والإنسانُ مجبولٌ على حب اللذة العاجلة، إلا أنه من عرف حقيقة الدنيا أدرك أنها زائلة مضمحلة ناقصة مهما عظم نعيمها، وأن الآخرة خيرٌ وأبقى..!
‏إن رأيته وهو يعصي، فأنت لم تره وهو يجلد ذاته، ويواجه ضميره، ويقسو على نفسه، ورُب ذنب كان سبب لحب الله، لأنه تاب: (إن الله يحب التوابين).
‏وأوجز المناوي رحمه الله فى معني البلاء وقال:

‏ومن ظن أن شدة البلاء هوان بالعبد فقد ذهب لبه وعمي قلبه فقد ابتلي من الأكابر ما لا يحصى.
‏والله سبحانه إذا أراد أن يرحم عبدا، أسكن في قلبه الرأفة والرحمة، وإذا أراد أن يعذبه، نزع من قلبه الرحمة والرأفة، وأبدله بهما الغلظة والقسوة.

‏ابن القيم
‏﴿ اللهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنوا يُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّور )

‏يخرجهم سبحانه كلما أذنبوا فيتوبوا .. كلما جهلوا فيعلموا .. كلما تعثروا فيقوموا ،
‏يخرجهم في كل مرة من الظلمة إلى النور .. لك الحمد ربنا على لطفك وعفوك وكرمك .
‏إذا تبت توبة صادقة محت الذنب، فإذا عدت للذنب حوسبت على الجديد فقط، فتب ولا تيأس، وتوبتك تكون بالإقلاع الفوري عن الذنب والعزم على عدم الرجوع إليه والندم على فعله، ولا يبطل التوبة رجوعك إلى الذنب لكن عد فتب ولا تيأس، والله يعين.
تكلّف الشاب أخلاق الشيوخ والمبالغة في ذلك؛ يُحدث خدشاً في شخصيته، ويدخله إلى عالَمٍ لا ينتمي إليه، ويسلب منه لذة العيش مع أبناء جيله، ويُهْرِم حاسة المرح الأصيلة في روحهِ قبل أوانها. الهَيبة والوقار والرزانة لا يخلقها التكلّف، وإنما الثقة بالنفسِ والتكيّف مع الطبيعةِ الإنسانية.
2025/07/14 11:52:12
Back to Top
HTML Embed Code: