Telegram Web
يخطر ببالي كثيراً هذا السؤال :
ماذا من المُمكن أن نفعل كي نعود؟
أجلس مكاني قليلاً لأتأمل سُخرية القدر الذي جعلنا ندخل حيثيات موضوع لم نكن نتوقع عيشه أبداً، أضحك قليلاً على الوضع الذي أصبحنا عليه، ثم أقوم من مكاني لأجيب نفسي الجواب الذي سيحسم جدل العودة بيننا، و أقول: قد تعلمت في الآونة الأخيرة أن المرء منّا مهما جادل عقله، ومبادئه، وحكم قلبه ومشاعره، لن يجد سعادته في موضع ضياعها، لأن الكسر لا يُجبر بإعتذار، والليل الطويل المليء بدموع الوجع لن يُنسى بحضن، والرحيل لا يُنسى بحديثٍ عابر ..
ماذا من المُمكن أن نفعل كي نعود؟ ألا نعود أصلاً، يكفي ما ضاع من العمر على قصة لم تكن تستحق كل هذا الوجع عليها .
أن تبدأ من جديد، لا يعني أبداً أنك فشلت في المرة الأولى، لا يعني أبداً أنك لم تكن صادقاً في المرة الأولى، أن تعيش من جديد، لا يعني أنك لم تعش في المرة الأولى، صحيح أن المرة الأولى تكون فيها المشاعر أكثر اندفاعاً وصدقاً، لكن هذا لا يعني أن مشاعر المرة الثانية كاذبة، هي مشاعر أكثر هدوءاً، أكثر عقلانية، أكثر دراسة، واكثر اقتناعاً بتفاصيل وحجج ودلائل، المرة الأولى هي التجربة التي تسير فيها الطريق بأعين مُغمضة، إن تعرّضت فيها للوجع، ستتعلم في المرة التي بعدها أن ما من قصة تُغمض فيها عينيك ستوصلك لوجهتك ..
المرة الأولى تكون إما حُب كبير، و إما درس أكبر!
ان كل ما حولنا يبدأ من أنفسنا أولاً، كل ما يُؤذينا يستمد قدرته على الأذى من ضعفنا، وهشاشتنا واهتمامنا بمصدره، اننا بحاجة الى الكثير من التغافل لنعبر جسر الحياة، لنجتاز الناس وأحكامهم، فإن تخاذلت خطواتنا واستسلمت سقطنا، وجرفتنا تيارات الحياة الى القاع، حيث لا شيء سوى الخراب فقط .
حقاً إنه وحيد، لكن له ملايين الظلال والأخيلة، إنه يصنع شعباً من ذاتهِ الواحدة .
حين يكون وعيك أكبر من عمرك،
ستثور حتى وأنتَ صامت .
هنالك فكرة قائلة أن الإنسان إما أن يقرأ ليهرب من شيء ما، أو ليجد شيئاً ما، لا أرى فرقاً بين الإثنين، إننا نجد أنفسنا خلال عملية الهروب هذهِ، الأمر لا يتعلّق بمكاننا الآن، بل بالمكان الذي نريد الوصول إليه، وكما تساءل أحدهم ذات مره قائلاً : (ألا يوجد مخرج من العقل؟) منذُ أن قرأت هذا السؤال في مُراهقتي وأنا مُهتم بفهمه أولاً وبالبحث عن إجابته ثانياً، إن كان هنالك مخرج لا يمّر بالموت، فإنه بالتأكيد سيمّر بالكلمات، وبدلاً من الخروج من العقل تماماً، تسمح لنا الكلمات بالخروج من عقل، لتمنحنا لبنات بناء عقل جديد، مُشابه لسابقه ولكن بصورةٍ أفضل، قريب من سابقه ولكن بأسس أكثر متانة، وبمنظر مُطل أجمل بمراحل مما كان عليه .
عندما تكتشف أن سعادتك لا تعتمد على نتائج الآخرين، بل تأتي بكل بساطة نتيجة لتركيزك المُتعمّد على نفسك، فستجد أخيراً الحرية التي هي أقوى رغباتك، مع هذا الفهم سيأتي أيضاً كل ما سبق ورغبت فيه، أو كل ما سوف ترغب فيه يوماً، إن السيطرة على الطريقة التي تشعر بها، وعلى استجابتك للأشياء، أو على استجابتك للآخرين، أو استجابتك للمواقف، ليست مفتاح سعادتك الدائمة وحسب، بل مفتاح كل ما ترغب فيه، إنه أمر يستحق منك كل مجهود تبذله في سبيل تحقيقه .
الأمر مرهون دائماً بحقيقة الإنسان الأولى يا صديقي، المجبول على العطاء سيُعطي مهما كان فقيراً، والمُحب سيجد أسباباً للحب مهما بدا الأمر مُستحيلاً، و سيبحث المُزارع دائماً عن أرضٍ خصبة ليزرعها، والكاتب عن كلمة تُثير شجنه، والمسافر عن مدن جديدة تستحق منه عناء الوصول .
إن السكون هو الشيء الوحيد في هذا العالم الذي ليس له شكل، ولكن بحسب ذلك، لن يكون شيئاً حقاً، كما لو كان ليس من هذا العالم .
كل شيء تبتكره هو تمثيل لشيءٍ آخر، ومن هذا المنطلق فكل ما تبتكره يكون مُفعماً بالمجاز .
‏ما هي الأخطاء التي لا تُصلحها كلمة آسف ؟
في هذهِ الغرفة وجدتني أنسحب إلى هناك، إلى تلك البقعة المُتوارية في كل شخص، بقعة الصمت والإنطواء، فراغ غامق اللون يخص المرء ولا يعني أحداً غيره، ألوذ به عندما يكون الخارج عبثياً أو غير مفهوم، كأن هناك ستارة سريّة تحت تصرفي، أشدها عند الحاجة، فأحجب العالم الخارجي عن عالمي، أشدها بسرعة وبشكل تلقائي عندما تستعصي ملاحظاتي وأفكاري على الإنكشاف بكامل وضوحها، عندما يكون حجبها هو الطريقة الوحيدة لصيانتها، لم أنشغل بشيء هنا ولم أنشغل بأحد، ورغم ذلك أشعر بأسى بالغ يعتريني ولا أعرف سببه .
كانت حياتي مُكتظة بمعارك الآخرين، مُثقلة بشقاء أكبر بكثير ممّا يستحق جسدي الهش ووجهي المُتعب، لقد أردت أن أُشيحه عن الناس وأبقى وحيداً، ولكن هذا لم يُسلّمني من مكر الحياة وشرورها، كنتُ مجبراً على الخروج إلى الدنيا لأضمن قوتي أمام الجميع، ولم أحظى يوماً بيدٍ تمُد المساعدة لي مجاناً .
لا توجد بداخلي شحنة حياة حقيقية، هذا هو الشيء الذي أفتقده كثيراً، أشعر أنني لستُ سوى رعشة من الضجر، عندما أُحاول أن أفعل شيئاً، أرغب في أن أقوم بشيء، وأصاب بتلك الرعشة، شخص آخر ربما لا يُلقي بالاً برعشةٍ مثل هذه، وينساها على الفور، أما أنا فأحملها طويلاً في قلبي .
كأنني قد مت قبل الآن، أعرف هذهِ الرؤيا جيداً، وأعرف أنني أمضي الى ما لستُ أعرف .
في كل وداع، هُناكَ طرف لا يرحل .
2024/11/25 21:40:35
Back to Top
HTML Embed Code: