اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ
وَاعْلَمْ بِأنَّ المَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
وَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ الكِرَامُ فَإنَّهَا
نُوَبٌ تَنُوبُ اليَوْمَ تُكْشَفُ فِي غَدِ
أوَمَا تَرَى أنَّ المَصَائِبَ جَمَّةٌ
وَتَرَى المَنِيَّةَ لِلعِبَادِ بِمَرْصَدِ
مَنْ لَمْ يُصَبْ مِمَّنْ تَرَى بِمُصِيبَةٍ
هَذَا سَبِيلٌ لَسْتَ فِيهِ بِأوْحَدِ
وَإذَا أتَتْكَ مُصِيبَةٌ تَشْجَى بِهَا
فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
- يُنسب بعضها للشاعر أبي العتاهية.
وَاعْلَمْ بِأنَّ المَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
وَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ الكِرَامُ فَإنَّهَا
نُوَبٌ تَنُوبُ اليَوْمَ تُكْشَفُ فِي غَدِ
أوَمَا تَرَى أنَّ المَصَائِبَ جَمَّةٌ
وَتَرَى المَنِيَّةَ لِلعِبَادِ بِمَرْصَدِ
مَنْ لَمْ يُصَبْ مِمَّنْ تَرَى بِمُصِيبَةٍ
هَذَا سَبِيلٌ لَسْتَ فِيهِ بِأوْحَدِ
وَإذَا أتَتْكَ مُصِيبَةٌ تَشْجَى بِهَا
فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
- يُنسب بعضها للشاعر أبي العتاهية.
المطلب الثالث
سياسة الشيطان في غواية الإنسان
هذا العنوان عام، والمقصود خاصِّ بالباب الذي نعالجه.
وبعد..
فإنّ الشيطانَ لما طرد من رحمة اللّٰه لم يحتمل أن ينجو بنو آدم دونه، وقد أدرك أن نقطة الضعف فيهم هي نظام الشهوات الذي ركبه اللّٰه فيهم، ومن هنا اتخذ من كشف العورات منطلقًا لخطة إغوائهم؛ كما قال تعالى: قَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَنُ لِيُبْدِىَ لهُمَا مَا وُرِىَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَآتهِمَا) [الأعراف: ٢٠]، وذلك عبر جسر الوعود المزيفة من الترغيب بالخلود والملك الدائم، ولهذا {قَالَ يَآدَمُ هَلْ أَدُلَّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكِ لَا يَبْلَىٰ ) [طه: ١٢٠].
ثم أراد خلع عمود الإيمان من القلب سعيًا في توحيد المصير بدخول نار السعير، وإن فشل فلا أقل من خلخلة ذلك العمود ليدخل المؤمن النار أولاً وإن دخل الجنة آخرًا، وفي أضعف الأحوال ينجح في حط درجته في الجنة، وبهذا تلتقي جميع الخطط في زحزحة مادة الإيمان عن القلب كلها أو بعضها.
وهذه الأهداف الكبيرة لا بد لها من خطط معقدة.
وفي وضوحٍ تامّ بيَّن اللّٰه جل وعلا علاقتنا بالشيطان بقوله:
( إِنَّ الشَّيْطَنَ لَكُمْ عَدُوٌ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًا) [فاطر: ٦]..
وبدأت المعركة على هذا الأساس، ولنتصور قلب المؤمن حصنا مستهدفا لقلع مادة الإيمان منه، والأعمالُ الفاضلةُ والصفات الحسنة الساكنة فيه بمثابة الجنود الذين سيصدون اعتداء الشياطين.
وبدأت المعركة!.
وأول أخبار المواجهات بيننا وبينه بدأت بتقدم الشيطان وجنده إلى الحصن، وفرضوا عليه حصارًا رباعيًا أعلمتنا به سورة الأعراف عبر تسجيل تهديد الشيطان لبني آدم بقوله: { ثُمَّ لَـَٔاتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ١٧]؛ أي: لآتينهم من جميع الجهات بالتزهيد في الآخرة، والترغيب في الدنيا، وإلقاء الشبهات وتحين الشهوات.
وما إن أحس المؤمنون بتقدم العدو حتى امتشقوا السلاح، واعتلوا الأسوار، وأعدوا خطط الدفاع سريعًا، وقام من يُحرض المؤمنين على القتال، ويرغب في الشهادة، ويزهد في الدنيا، وينفر من التثاقل إلى الأرض، وتمكن المجاهدون بهذا لمستوى من الجهوزية العسكرية من صد كل محاولة لاختراق الحصن، وكلما أعاد الشيطان الكرّة ضُرب جنده بالحديد، وانتكسوا من جديد.
وبقي النزال على هذا الحال أيامًا وأسابيع!.
وبدأ اليأس يسيطر على القوات الشيطانية، وأخذ الإحباط منهم كل مأخذ، حتى اضطر الشيطان لإعادة التخطيط والتدبير، وأخيرًا لاحت في ذهنه فكرة خطيرة! فكرةٌ كفيلة بنزع سلاح القوم من غير قطرة دم! بل وقادرة على إخضاع المجاهدين لتسليم أنفسهم بأنفسهم، فها الذي يتردد في صدره يا ترى؟!.
لما حلَّ الظلام جمع الشيطان جنده وقسَّمهم ثلاثة أقسام:
فريق يركب الخيل، وفريق راجل يمشي، وفريق مدني لا سلاح معه، وأمر الفريقين الأولين بالاختفاء عن المشهد بالكلية، والبقاء على جاهزيةٍ للهجوم، وكلّف الفريق الثالث بإنشاء معالم حياة آمنة، من بيوت وسوق وحدائق وغير ذلك، ثم عقد مهرجانات غنائية صاخبة، فيها الأكل والشرب واللهو والنساء والرقص، وهكذا!.
وتابع المجاهدون ذلك باهتهام، وما إن اكتمل البناء حتى ارتفعت أصوات الغناء، ورأى المجاهدون تمايل النساء، ومظاهر الفرح والصخب، ولا يشكَّون أن
هذا خدعة، لكن مع استمرار الحال على ذلك أيامًا تراخوا ووضعوا السلاح
مع إمكانية امتشاقه بسرعة عند أي طارى، ثم قرر عددٌ منهم النزول ليكتشفوا الأمر عن قرب، وعادوا يخبرون إخوانهم بأن القوم قرروا العيش في سلام، وانهم ملوا الحروب، وهم في النهاية أهل لذات وشهوات لا أكثر ولا أقل!.
واستطاع هؤلاء من خلال الاحتكاك المباشر أن يستميلوا بعض المجموعات المؤمنة بالمال، ووعدوهم بإصلاح الحال، فعادوا يبشرون إخوانهم أن اللّٰه كفاكم القتال، وفتح لكم بابًا من الخير، وبدأت الوفود تتتابع في النزول، وآل الأمرُ بأكثرهم إلى الاختلاط بهم، ومؤاكلتهم، وحضور حفلاتهم على ما فيها من اختلاط وفسادٍ وعورات، واقترفوا معهم السيئات!.
وفي وسط هذا التساقط المظلم ما زالت هناك فئةٌ مؤمنةٌ ثابتةٌ تصدح فيهم:
احذروا هؤلاء، لقد سقطتم في الامتحان، هذه حيلة كبرى لإبادتكم، لكن صوت هذه الفئة خافتْ في وسط صخب الكثرة الساقطة.
وصورة المشهد الآن أنّ الكثرةَ نزلت في الميدان، وأن بقيةً صالحةً ما غادرت الحصن، وما زالت على العهد تحرس الثغور الموكلة بها.
وفجأة! يأمر الشيطان جنده الذين غيّبهم عن الأنظار بالتقدم بسرعة البرق، وتتحرك القوتان الراكبة والراجلة وتتمكن من أبواب الحصن ومنافذه، ويكتشف المؤمنون أنهم وقعوا في الفخ، واستدرجوا في كمين محكم، وأنهم مُقَتّلون لا محالة، والكارثة أن السلاح عنهم بعيد، مسافةً وقلبًا، فما عادت قلوبهم على عهدها من طلب الشهادة والإقبال على الجنة، وأين ماهم فيه الآن من وسخ الشهوات مما كانوا عليه من الطهارة والخشية وبيع النفوس رخيصة في
سياسة الشيطان في غواية الإنسان
هذا العنوان عام، والمقصود خاصِّ بالباب الذي نعالجه.
وبعد..
فإنّ الشيطانَ لما طرد من رحمة اللّٰه لم يحتمل أن ينجو بنو آدم دونه، وقد أدرك أن نقطة الضعف فيهم هي نظام الشهوات الذي ركبه اللّٰه فيهم، ومن هنا اتخذ من كشف العورات منطلقًا لخطة إغوائهم؛ كما قال تعالى: قَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَنُ لِيُبْدِىَ لهُمَا مَا وُرِىَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَآتهِمَا) [الأعراف: ٢٠]، وذلك عبر جسر الوعود المزيفة من الترغيب بالخلود والملك الدائم، ولهذا {قَالَ يَآدَمُ هَلْ أَدُلَّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكِ لَا يَبْلَىٰ ) [طه: ١٢٠].
ثم أراد خلع عمود الإيمان من القلب سعيًا في توحيد المصير بدخول نار السعير، وإن فشل فلا أقل من خلخلة ذلك العمود ليدخل المؤمن النار أولاً وإن دخل الجنة آخرًا، وفي أضعف الأحوال ينجح في حط درجته في الجنة، وبهذا تلتقي جميع الخطط في زحزحة مادة الإيمان عن القلب كلها أو بعضها.
وهذه الأهداف الكبيرة لا بد لها من خطط معقدة.
وفي وضوحٍ تامّ بيَّن اللّٰه جل وعلا علاقتنا بالشيطان بقوله:
( إِنَّ الشَّيْطَنَ لَكُمْ عَدُوٌ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًا) [فاطر: ٦]..
وبدأت المعركة على هذا الأساس، ولنتصور قلب المؤمن حصنا مستهدفا لقلع مادة الإيمان منه، والأعمالُ الفاضلةُ والصفات الحسنة الساكنة فيه بمثابة الجنود الذين سيصدون اعتداء الشياطين.
وبدأت المعركة!.
وأول أخبار المواجهات بيننا وبينه بدأت بتقدم الشيطان وجنده إلى الحصن، وفرضوا عليه حصارًا رباعيًا أعلمتنا به سورة الأعراف عبر تسجيل تهديد الشيطان لبني آدم بقوله: { ثُمَّ لَـَٔاتِیَنَّهُم مِّنۢ بَیۡنِ أَیۡدِیهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَیۡمَـٰنِهِمۡ وَعَن شَمَاۤىِٕلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَـٰكِرِینَ }
[سُورَةُ الأَعۡرَافِ: ١٧]؛ أي: لآتينهم من جميع الجهات بالتزهيد في الآخرة، والترغيب في الدنيا، وإلقاء الشبهات وتحين الشهوات.
وما إن أحس المؤمنون بتقدم العدو حتى امتشقوا السلاح، واعتلوا الأسوار، وأعدوا خطط الدفاع سريعًا، وقام من يُحرض المؤمنين على القتال، ويرغب في الشهادة، ويزهد في الدنيا، وينفر من التثاقل إلى الأرض، وتمكن المجاهدون بهذا لمستوى من الجهوزية العسكرية من صد كل محاولة لاختراق الحصن، وكلما أعاد الشيطان الكرّة ضُرب جنده بالحديد، وانتكسوا من جديد.
وبقي النزال على هذا الحال أيامًا وأسابيع!.
وبدأ اليأس يسيطر على القوات الشيطانية، وأخذ الإحباط منهم كل مأخذ، حتى اضطر الشيطان لإعادة التخطيط والتدبير، وأخيرًا لاحت في ذهنه فكرة خطيرة! فكرةٌ كفيلة بنزع سلاح القوم من غير قطرة دم! بل وقادرة على إخضاع المجاهدين لتسليم أنفسهم بأنفسهم، فها الذي يتردد في صدره يا ترى؟!.
لما حلَّ الظلام جمع الشيطان جنده وقسَّمهم ثلاثة أقسام:
فريق يركب الخيل، وفريق راجل يمشي، وفريق مدني لا سلاح معه، وأمر الفريقين الأولين بالاختفاء عن المشهد بالكلية، والبقاء على جاهزيةٍ للهجوم، وكلّف الفريق الثالث بإنشاء معالم حياة آمنة، من بيوت وسوق وحدائق وغير ذلك، ثم عقد مهرجانات غنائية صاخبة، فيها الأكل والشرب واللهو والنساء والرقص، وهكذا!.
وتابع المجاهدون ذلك باهتهام، وما إن اكتمل البناء حتى ارتفعت أصوات الغناء، ورأى المجاهدون تمايل النساء، ومظاهر الفرح والصخب، ولا يشكَّون أن
هذا خدعة، لكن مع استمرار الحال على ذلك أيامًا تراخوا ووضعوا السلاح
مع إمكانية امتشاقه بسرعة عند أي طارى، ثم قرر عددٌ منهم النزول ليكتشفوا الأمر عن قرب، وعادوا يخبرون إخوانهم بأن القوم قرروا العيش في سلام، وانهم ملوا الحروب، وهم في النهاية أهل لذات وشهوات لا أكثر ولا أقل!.
واستطاع هؤلاء من خلال الاحتكاك المباشر أن يستميلوا بعض المجموعات المؤمنة بالمال، ووعدوهم بإصلاح الحال، فعادوا يبشرون إخوانهم أن اللّٰه كفاكم القتال، وفتح لكم بابًا من الخير، وبدأت الوفود تتتابع في النزول، وآل الأمرُ بأكثرهم إلى الاختلاط بهم، ومؤاكلتهم، وحضور حفلاتهم على ما فيها من اختلاط وفسادٍ وعورات، واقترفوا معهم السيئات!.
وفي وسط هذا التساقط المظلم ما زالت هناك فئةٌ مؤمنةٌ ثابتةٌ تصدح فيهم:
احذروا هؤلاء، لقد سقطتم في الامتحان، هذه حيلة كبرى لإبادتكم، لكن صوت هذه الفئة خافتْ في وسط صخب الكثرة الساقطة.
وصورة المشهد الآن أنّ الكثرةَ نزلت في الميدان، وأن بقيةً صالحةً ما غادرت الحصن، وما زالت على العهد تحرس الثغور الموكلة بها.
وفجأة! يأمر الشيطان جنده الذين غيّبهم عن الأنظار بالتقدم بسرعة البرق، وتتحرك القوتان الراكبة والراجلة وتتمكن من أبواب الحصن ومنافذه، ويكتشف المؤمنون أنهم وقعوا في الفخ، واستدرجوا في كمين محكم، وأنهم مُقَتّلون لا محالة، والكارثة أن السلاح عنهم بعيد، مسافةً وقلبًا، فما عادت قلوبهم على عهدها من طلب الشهادة والإقبال على الجنة، وأين ماهم فيه الآن من وسخ الشهوات مما كانوا عليه من الطهارة والخشية وبيع النفوس رخيصة في
ذات الله؟!!.
أذلّتهم المعصية، وجعلتهم ينتظرون قرار الشيطان فيهم، وقام الشيطان يقطع ذهولهم ويقول: لن أفتك بكم، ولكن سأشارككم في حصنكم!، فكادوا يرقصون طريبًا من الفرح، لكنه قطع عليهم فرحهم قائلاً: إن شركتي ليست على التحديد، ولكن على الشيوع، بمعنى أني لن أجعل جزءًا من الحصن لي وجزءًا لكم، ولكن نتشارك في كل جزءٍ فيه مناصفةً، فلي في كل بيت وسيارة ومتاع النصف، ولكم كذلك، أما الأفراد الذين ما زالوا يحرسون ثغورهم فلن أخوض حربًا معهم؛ لأنهم على استعداد بالقتال بحيث لا أصل إلى واحدٍ منهم إلا إذا قتل منا نفرًا، فهؤلاء لا سلطان لي عليهم إلا من المناوشات الخفيفة!.
ولم يملك القوم إلا الموافقة على هذه الشركة المجحفة، لكنها أهون في نظرهم من الطرد التام، وبدأت معالم هذه الشركة تظهر في الأموال والأولاد وعموم التصرفات.
فالمال مثلاً نصفه ينفق في رضا الرحمن، ونصفه في سبيل الشيطان، وقد يأتي من حلال، وهذا حقُّ الرحمن، لكنه ينفق في حرام، وهذا نصيب الشيطان.
الولد مسلم على دين الرحمن، لكن تربيته على مبادئ الشيطان، فالذي ينظر في هويته يقول: إنه مسلم، والذي ينظر في أفعاله يقول: إنه شيطان!.
تجد الواحد فيهم يصلي امتثالاً لأمر الرحمن، لكن لا يجعل
صلاته في المسجد تماشيًا مع رغبة الشيطان.
والذي يصلي في المسجد اتباعًا لحق الرحمن تجده لا يخشع في صلاته، أو لا يستفيد منها في ميدان حياته؛ فتجده يماطل في المعاملات المالية، أو يعق والديه، أو يظلم زوجته وأولاده، أو يشرب الدخان، أو يقطع الأرحام، أو يحضر المسلسلات والأفلام، وينظر إلى الحرام، وربما صافح النساء، وحادث الفتيات، وكان من ينتهك محارم اللّٰه في الخلوات.
وبالجملة؛ فإنه يجتهد في إنجاز حقوق اللّٰه من الصلاة وطلب العلم والجهاد وغير ذلك من العبادات، لكنه يلتزم بالعقود التي أبرمها مع الشيطان، بحيث من ينظر إلى صفاته في الجانب الأول يشهد له بالخيرية والفضل، ومن ينظر إلى خصاله في الجانب الآخر يعتقد أنه من شرار الخلق، اجتمعت شخصيتان متقابلتان متعاكستان في جثةٍ واحدة!.
والآن بعد أن اطلعت على طرفٍ من السياسة الشيطانية في غواية الناس ناشدتك الله؛ هل هناك مكر صادر عن مخلوق أعظم من هذا المكر؟! هل هناك استدراج أنكد من هذا الاستدراج؟! هل هناك ازدواجية أشأم من هذه الازدواجية التي تفرزها هذه السياسة؟!.
وبعد، فإنَّ مجملَ هذا المشهد التمثيلي ما هو إلا محاولةُ تقريبٍ ميسر للإجمال الوارد في أيات الإسراء:
{ وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَیۡهِم بِخَیۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا یَعِدُهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ إِلَّا غُرُورًا ،إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنࣱۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِیلࣰا }
[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: ٦٤-٦٥].
بالله عليك أعد تلاوة الآيتين مستحضرًا المشهد العسكري الفائت، ومتأملاً روعة التعبير وعظمة التصوير!.
إنَّ الآية الأولى تقول: استفز الشيطان العباد الصالحين من أماكنهم بصوت الشهوات والغناء ، واستدرجهم به من حصنهم إلى العراء، حتى إذا صاروا ببعدٍ عنه وعن اسلحتهم اجلب عليهم بقواته الراكبة والراجلة، وأخذ يملي عليهم شروط عقد الشركة معهم، ويعدهم بأن لهم النصرة على من أرادهم بسوء وشر.
ولعل أشد الوعود هو إغراء الوعد بالعفو والمغفرة بعد الذنب والخطيئة، وهي الثغرة التي يدخل منها الشيطان على كثير من القلوب التي يعز عليه غزوها من ناحية المجاهرة بالمعصية والمكابرة، فيتلطف حينئذ إلى تلك النفوس المتحرجة، ويزين لها الخطيئة وهو يلوح لها بسعة الرحمة الإلهية، وشمول العفو والمغفرة؛ لئلا تتحسس من الذنب والمعصية، ومن أدلة ذلك قول إخوة يوسف: { ٱقۡتُلُوا۟ یُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضࣰا یَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِیكُمۡ وَتَكُونُوا۟ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمࣰا صَـٰلِحِینَ }
[سُورَةُ يُوسُفَ: ٩]، ومنها قوله تعالى عن بني إسرائيل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا ٱلْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا ٱلْأَدَنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُلَنَا [الأعراف: ١٦٩].
لكن فئة من الناس لم يكن للشيطان فيهم نصيب، ولا له عليهم سلطان، وهم الذين تناولتهم الآية الثانية، أولئك الذين حفظوا أمر اللّٰه في أنفسهم فحفظهم اللّٰه يوم اللقاء، مكرُ اللّٰه لهم أعظمُ من مكر الشيطان وحزبه بهم، أولئك ذخائر اللّٰه الذين تحدث عنهم الرافعي فقال وأحسن القول: إن عباد اللّٰه الصَّالحين في تاريخ الشياطين كأسماء المواقع التي تنهزم فيها جيوش المقاتلين.
[فصل سياسة الشيطان في غواية الانسان من كتاب تحصيل المرام في علاج مشكلة الشهوات والنظر إلى الحرام للشيخ محمد بن محمد الأسطل ص ٢٠-٢٥]
أذلّتهم المعصية، وجعلتهم ينتظرون قرار الشيطان فيهم، وقام الشيطان يقطع ذهولهم ويقول: لن أفتك بكم، ولكن سأشارككم في حصنكم!، فكادوا يرقصون طريبًا من الفرح، لكنه قطع عليهم فرحهم قائلاً: إن شركتي ليست على التحديد، ولكن على الشيوع، بمعنى أني لن أجعل جزءًا من الحصن لي وجزءًا لكم، ولكن نتشارك في كل جزءٍ فيه مناصفةً، فلي في كل بيت وسيارة ومتاع النصف، ولكم كذلك، أما الأفراد الذين ما زالوا يحرسون ثغورهم فلن أخوض حربًا معهم؛ لأنهم على استعداد بالقتال بحيث لا أصل إلى واحدٍ منهم إلا إذا قتل منا نفرًا، فهؤلاء لا سلطان لي عليهم إلا من المناوشات الخفيفة!.
ولم يملك القوم إلا الموافقة على هذه الشركة المجحفة، لكنها أهون في نظرهم من الطرد التام، وبدأت معالم هذه الشركة تظهر في الأموال والأولاد وعموم التصرفات.
فالمال مثلاً نصفه ينفق في رضا الرحمن، ونصفه في سبيل الشيطان، وقد يأتي من حلال، وهذا حقُّ الرحمن، لكنه ينفق في حرام، وهذا نصيب الشيطان.
الولد مسلم على دين الرحمن، لكن تربيته على مبادئ الشيطان، فالذي ينظر في هويته يقول: إنه مسلم، والذي ينظر في أفعاله يقول: إنه شيطان!.
تجد الواحد فيهم يصلي امتثالاً لأمر الرحمن، لكن لا يجعل
صلاته في المسجد تماشيًا مع رغبة الشيطان.
والذي يصلي في المسجد اتباعًا لحق الرحمن تجده لا يخشع في صلاته، أو لا يستفيد منها في ميدان حياته؛ فتجده يماطل في المعاملات المالية، أو يعق والديه، أو يظلم زوجته وأولاده، أو يشرب الدخان، أو يقطع الأرحام، أو يحضر المسلسلات والأفلام، وينظر إلى الحرام، وربما صافح النساء، وحادث الفتيات، وكان من ينتهك محارم اللّٰه في الخلوات.
وبالجملة؛ فإنه يجتهد في إنجاز حقوق اللّٰه من الصلاة وطلب العلم والجهاد وغير ذلك من العبادات، لكنه يلتزم بالعقود التي أبرمها مع الشيطان، بحيث من ينظر إلى صفاته في الجانب الأول يشهد له بالخيرية والفضل، ومن ينظر إلى خصاله في الجانب الآخر يعتقد أنه من شرار الخلق، اجتمعت شخصيتان متقابلتان متعاكستان في جثةٍ واحدة!.
والآن بعد أن اطلعت على طرفٍ من السياسة الشيطانية في غواية الناس ناشدتك الله؛ هل هناك مكر صادر عن مخلوق أعظم من هذا المكر؟! هل هناك استدراج أنكد من هذا الاستدراج؟! هل هناك ازدواجية أشأم من هذه الازدواجية التي تفرزها هذه السياسة؟!.
وبعد، فإنَّ مجملَ هذا المشهد التمثيلي ما هو إلا محاولةُ تقريبٍ ميسر للإجمال الوارد في أيات الإسراء:
{ وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَیۡهِم بِخَیۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا یَعِدُهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ إِلَّا غُرُورًا ،إِنَّ عِبَادِی لَیۡسَ لَكَ عَلَیۡهِمۡ سُلۡطَـٰنࣱۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِیلࣰا }
[سُورَةُ الإِسۡرَاءِ: ٦٤-٦٥].
بالله عليك أعد تلاوة الآيتين مستحضرًا المشهد العسكري الفائت، ومتأملاً روعة التعبير وعظمة التصوير!.
إنَّ الآية الأولى تقول: استفز الشيطان العباد الصالحين من أماكنهم بصوت الشهوات والغناء ، واستدرجهم به من حصنهم إلى العراء، حتى إذا صاروا ببعدٍ عنه وعن اسلحتهم اجلب عليهم بقواته الراكبة والراجلة، وأخذ يملي عليهم شروط عقد الشركة معهم، ويعدهم بأن لهم النصرة على من أرادهم بسوء وشر.
ولعل أشد الوعود هو إغراء الوعد بالعفو والمغفرة بعد الذنب والخطيئة، وهي الثغرة التي يدخل منها الشيطان على كثير من القلوب التي يعز عليه غزوها من ناحية المجاهرة بالمعصية والمكابرة، فيتلطف حينئذ إلى تلك النفوس المتحرجة، ويزين لها الخطيئة وهو يلوح لها بسعة الرحمة الإلهية، وشمول العفو والمغفرة؛ لئلا تتحسس من الذنب والمعصية، ومن أدلة ذلك قول إخوة يوسف: { ٱقۡتُلُوا۟ یُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضࣰا یَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِیكُمۡ وَتَكُونُوا۟ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمࣰا صَـٰلِحِینَ }
[سُورَةُ يُوسُفَ: ٩]، ومنها قوله تعالى عن بني إسرائيل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا ٱلْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا ٱلْأَدَنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُلَنَا [الأعراف: ١٦٩].
لكن فئة من الناس لم يكن للشيطان فيهم نصيب، ولا له عليهم سلطان، وهم الذين تناولتهم الآية الثانية، أولئك الذين حفظوا أمر اللّٰه في أنفسهم فحفظهم اللّٰه يوم اللقاء، مكرُ اللّٰه لهم أعظمُ من مكر الشيطان وحزبه بهم، أولئك ذخائر اللّٰه الذين تحدث عنهم الرافعي فقال وأحسن القول: إن عباد اللّٰه الصَّالحين في تاريخ الشياطين كأسماء المواقع التي تنهزم فيها جيوش المقاتلين.
[فصل سياسة الشيطان في غواية الانسان من كتاب تحصيل المرام في علاج مشكلة الشهوات والنظر إلى الحرام للشيخ محمد بن محمد الأسطل ص ٢٠-٢٥]
🔸️تأمل حديث الشيخ وفقه الله عن سياسة الشيطان في غواية الإنسان وانظر بينه وبين سياسة شيطان العصر (أمريكااا) ووكيلها في الشرق الأوسط (إسرٰائييل) في مشاركة الدول والشعوب في مقدارتهم وممتلكاتهم وبسط سيطرتهم ونفوذهم عليها وتركهم جهاد عدوهم وانقيادهم له = فكانت غَزَّٰة مثالا للبقية المؤمنة التي ما تركت أمر ربها وبقيت مجاهدة في سبيله وأحبط الله بها الكثير من المكائد وأنجاهم من شَركِ شيطانَ العصر .
{ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِیدࣱ }
[سُورَةُ قٓ: ٣٧]
[سُورَةُ قٓ: ٣٧]
• اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي ، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي ، وَمَا أَنْتَ أَعْـلَمُ بِهِ مِنّـِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي ، وَخَطَئِي وَعَمْدِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي.
اللهم اكسر بنا شوكتهم
اللهم نكس بنا رايتهم
اللهم أذل بنا قادتهم
اللهم حطم بنا هيبتهم
اللهم أزل بنا دولتهم
اللهم أنزل بنا قدرك فيهم بالزوال والتدمير والتتبير يارب العالمين
اللهم حقق بنا آمال شعبنا بالعودة والتحرير والصلاة في الأقصى محرراً مطهراً يا نعم المولى ونعم النصير
اللهم اشف بنا صدور قوم مؤمنين
وصل اللهم على محمد وآله وصحبه أجمعين
اللهم نكس بنا رايتهم
اللهم أذل بنا قادتهم
اللهم حطم بنا هيبتهم
اللهم أزل بنا دولتهم
اللهم أنزل بنا قدرك فيهم بالزوال والتدمير والتتبير يارب العالمين
اللهم حقق بنا آمال شعبنا بالعودة والتحرير والصلاة في الأقصى محرراً مطهراً يا نعم المولى ونعم النصير
اللهم اشف بنا صدور قوم مؤمنين
وصل اللهم على محمد وآله وصحبه أجمعين
«اللهُمَّ ما مَننت به فتمّمه، وما أنعمت به فلا تَسلبه، وما سترته فلا تهتكه، وما علمتهُ فاغفره.»
- أبو الحسن الخلعيّ.
- أبو الحسن الخلعيّ.
يا قهار..
يا قاهر الجبابرة.. يا ملك الدنيا والآخرة..
اقهر من قهرنا.. اقهر من ظلمنا.. اقهر عدونا..
اجعلنا لعدونا قاهرين، واجعل لنا الغلبة على القوم الظالمين.
يا قاهر كل شيء.. يا من لا يعجزه شيء..
اقهر الطغاة الجبابرة، وأشفِ صدورنا في الدنيا قبل الآخرة.
يارب اللهم غزة .. اللهم جباليا .. اللهم كل أمتنا ♡
يا قاهر الجبابرة.. يا ملك الدنيا والآخرة..
اقهر من قهرنا.. اقهر من ظلمنا.. اقهر عدونا..
اجعلنا لعدونا قاهرين، واجعل لنا الغلبة على القوم الظالمين.
يا قاهر كل شيء.. يا من لا يعجزه شيء..
اقهر الطغاة الجبابرة، وأشفِ صدورنا في الدنيا قبل الآخرة.
يارب اللهم غزة .. اللهم جباليا .. اللهم كل أمتنا ♡
" يا غُربةَ الأرضِ هل أرضٌ سَتَجَمعُنا ،،بَعدَ الشَتاتِ وَ قَد ضَاقَت بِنا الحيَلُۦ💔؟!"
مَا اغتبتُ أحَدًا قَط مُنذُ عَلِمتُ أنَّ الغيبة تَضُرُّ أهلَها .
- الإمامُ البُخاري .
- الإمامُ البُخاري .
- نَدفَعُ البَلاءُ بالإيمَانِ وَإن ضُرِبنَا في أعماقِنَا نَصطَبِر !.
ـ لا بَأس هِيَ دُنيَا تَختَبِرُ مَن عَلَيهَا
-لِتَختَارَ الآخِرةُ أهلَهَا -.
ـ لا بَأس هِيَ دُنيَا تَختَبِرُ مَن عَلَيهَا
-لِتَختَارَ الآخِرةُ أهلَهَا -.