.
" قال ابن أبي حسان: سئل الإمام مالك عن اثنين وعشرين مسألة فما أجاب إلا في اثنتين بعد أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال بعضهم: ما سمعتُ قط أكثر قولا من الإمام مالك: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
ترتيب المدارك والموافقات.
وكان الإمام مالك لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
سير أعلام النبلاء "
.
" قال ابن أبي حسان: سئل الإمام مالك عن اثنين وعشرين مسألة فما أجاب إلا في اثنتين بعد أن أكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال بعضهم: ما سمعتُ قط أكثر قولا من الإمام مالك: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
ترتيب المدارك والموافقات.
وكان الإمام مالك لا يفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
سير أعلام النبلاء "
.
❤9
.
"من أجمل التدبرات للشيخ السعدي في تفسير آية:
{ أولئك على هدًى من ربهم}
أتى بـ (على) في هذا الموضع الدالة على الاستعلاء، وفي الضلالة يأتي بـ (في) كما في قوله {وإنا أو إيَّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مُبين} لأن صاحب الهدى مُستَعْلٍ بالهدى، مرتفع به، وصاحب الضلالة منغمسٌ فيه محتقر."
.
"
{ أولئك على هدًى من ربهم}
أتى بـ (على) في هذا الموضع الدالة على الاستعلاء، وفي الضلالة يأتي بـ (في) كما في قوله {وإنا أو إيَّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مُبين} لأن صاحب الهدى مُستَعْلٍ بالهدى، مرتفع به، وصاحب الضلالة منغمسٌ فيه محتقر."
.
❤12
وكان من دعائه ﷺ:
«وأخلِف عليَّ كُلَّ غائبة لي بِخير».
"قيل: أي أسألك أن تجعلَ لي عوضًا حاضرًا، ممّا غاب عليَّ وفات، ولا أتمكَّن من إدرَاكه، سواء ما غاب عنِّي من مال، أو ولد، أو أيِّ أمر من الأمور، حتى يعود إليَّ بالخَير العاجل أو الآجل..
ففيه سؤال الله التَّعويض والتَّفويض.”
رزقنا الله تمام التسليم والتفويض له.. وأخلف الله علينا كل غائبة بخير.♥️
«وأخلِف عليَّ كُلَّ غائبة لي بِخير».
"قيل: أي أسألك أن تجعلَ لي عوضًا حاضرًا، ممّا غاب عليَّ وفات، ولا أتمكَّن من إدرَاكه، سواء ما غاب عنِّي من مال، أو ولد، أو أيِّ أمر من الأمور، حتى يعود إليَّ بالخَير العاجل أو الآجل..
ففيه سؤال الله التَّعويض والتَّفويض.”
رزقنا الله تمام التسليم والتفويض له.. وأخلف الله علينا كل غائبة بخير.♥️
❤12
استوقفني كثيراً هذا الحديث💔!
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ طِيبَ نَفْسٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ لِي، فَقَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ، مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ»، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟» فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ، فَقَالَ ﷺ: «وَاللهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ».
- صحيح ابن حبان
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ طِيبَ نَفْسٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ لِي، فَقَالَ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ، مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ»، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟» فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ، فَقَالَ ﷺ: «وَاللهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ».
- صحيح ابن حبان
❤11
هدايات آية /
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
#معنى [بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة]السعدي
----------------------
•○●التغيير يبدأ منك !
لن يغير الله حالك من شقاء إلى رخاء وخير وسرور إلّا بالطاعة والتقرب إليه
ولن يغير الله حال أحدا من الرخاء إلى شدة وشقاء وضيق إلا بمعصية اقترفها و بطر يتغنى به ...
وهذا من عدل الله وكمال رحمته
■قَـالَ ابْـنُ الـقَـيِّـمِ :
" وَالعَبْدُ إِنْ غَيَّرَ المَعصِيَةَ بالطَّاعَةِ ، غَيَّرَ اللَّهُ عَلَيهِ العُقوبَةَ بِالعَافِيَةِ ، والذُّلَ بِالعِزِّ " .
[ الدَّاءُ وَالدَّوَاء ]
💡تخيّر أي تغيير تأمله أي عاقبة تتمناها ثم اسعى لها
لا بد من سعي 👌
#ومضة 💡
بث في نفسك الأمل
لكن لاتنتظر من السراب ماء
لابد من عمل
ومن أراد التغيير، من أراد السعادة والعز والعافية فليسلك طريقها
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
《اللهم اجعل سعينا في مراضيك
واجعل ما نستقبل من الزمان خير لنا مما مضى
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
#معنى [بأن ينتقلوا من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية، أو من شكر نعم الله إلى البطر بها فيسلبهم الله عند ذلك إياها.وكذلك إذا غير العباد ما بأنفسهم من المعصية، فانتقلوا إلى طاعة الله، غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء إلى الخير والسرور والغبطة والرحمة]السعدي
----------------------
•○●التغيير يبدأ منك !
لن يغير الله حالك من شقاء إلى رخاء وخير وسرور إلّا بالطاعة والتقرب إليه
ولن يغير الله حال أحدا من الرخاء إلى شدة وشقاء وضيق إلا بمعصية اقترفها و بطر يتغنى به ...
وهذا من عدل الله وكمال رحمته
■قَـالَ ابْـنُ الـقَـيِّـمِ :
" وَالعَبْدُ إِنْ غَيَّرَ المَعصِيَةَ بالطَّاعَةِ ، غَيَّرَ اللَّهُ عَلَيهِ العُقوبَةَ بِالعَافِيَةِ ، والذُّلَ بِالعِزِّ " .
[ الدَّاءُ وَالدَّوَاء ]
💡تخيّر أي تغيير تأمله أي عاقبة تتمناها ثم اسعى لها
لا بد من سعي 👌
#ومضة 💡
بث في نفسك الأمل
لكن لاتنتظر من السراب ماء
لابد من عمل
ومن أراد التغيير، من أراد السعادة والعز والعافية فليسلك طريقها
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
《اللهم اجعل سعينا في مراضيك
واجعل ما نستقبل من الزمان خير لنا مما مضى
❤6
••
الإنسان مُبتلى في مشاعره وقلبه..
تؤلمني كُل نظرة قاسية، وكُل صَوت يرتفع عليّ و كل أسلوب أشعر فيه غلظة و شدة
وكُل كلمة تخرج من فَم أحدهم لا يُلقي لها بالاً، فتكون خنجرًا في قلبي!
، ألا ليت قلبي أشدّ صلابة..
ما كنتُ تألمتُ مثلما أتألم ولا عانيتُ مثلما أُعاني.
😭
راقت لي
الإنسان مُبتلى في مشاعره وقلبه..
تؤلمني كُل نظرة قاسية، وكُل صَوت يرتفع عليّ و كل أسلوب أشعر فيه غلظة و شدة
وكُل كلمة تخرج من فَم أحدهم لا يُلقي لها بالاً، فتكون خنجرًا في قلبي!
، ألا ليت قلبي أشدّ صلابة..
ما كنتُ تألمتُ مثلما أتألم ولا عانيتُ مثلما أُعاني.
😭
راقت لي
❤12
من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال)متفق عليه .
هذا الحديث من جوامع الكلم، لأن أنواع الرذائل ثلاثة: نفسية وبدنية وخارجية، والحديث مشتمل على الاستعاذة منها جميعا .
(اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال)متفق عليه .
هذا الحديث من جوامع الكلم، لأن أنواع الرذائل ثلاثة: نفسية وبدنية وخارجية، والحديث مشتمل على الاستعاذة منها جميعا .
❤12
[فصل: المعاصي تعمي القلب]
" ومن عقوباتها أنها تعمي القلب، فإن لم تعمه أضعفت بصيرته ولابد، وقد تقدم بيان أنها تضعفه ولابد، فإذا عمي القلب وضعف، فاته من معرفة الهدى وقوته على تنفيذه في نفسه وفي غيره، بحسب ضعف بصيرته وقوته.
فإن الكمال الإنساني مداره على أصلين: معرفة الحق من الباطل، وإيثاره عليه.
وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة إلا بقدر تفاوت منازلهم في هذين
الأمرين، وهما اللذان أثنى الله بهما سبحانه على أنبيائه بهما في قوله تعالى: ﴿واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار﴾ [ص: ٤٥].
فالأيدي: القوة في تنفيذ الحق، والأبصار: البصائر في الدين، فوصفهم بكمال إدراك الحق وكمال تنفيذه، وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسام، فهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق وأكرمهم على الله تعالى.
القسم الثاني: عكس هؤلاء، من لا بصيرة له في الدين، ولا قوة على تنفيذ الحق، وهم أكثر هذا الخلق، وهم الذين رؤيتهم قذى العيون وحمى الأرواح وسقم القلوب، يضيقون الديار ويغلون الأسعار، ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار.
القسم الثالث: من له بصيرة بالحق ومعرفة به، لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه ولا الدعوة إليه، وهذا حال المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله منه.
القسم الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة، لكنه ضعيف البصيرة في الدين، لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، بل يحسب كل سوداء تمرة وكل بيضاء شحمة، يحسب الورم شحما والدواء النافع سما.
وليس في هؤلاء من يصلح للإمامة في الدين، ولا هو موضع لها سوى القسم الأول، قال الله تعالى: ﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾ [السجدة: ٢٤].
فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين، وهؤلاء هم الذين استثناهم الله سبحانه من جملة الخاسرين، وأقسم بالعصر - الذي هو زمن سعي الخاسرين والرابحين - على أن من عداهم فهو من الخاسرين، فقال تعالى ﴿والعصر - إن الإنسان لفي خسر - إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ [العصر: ١-٣].
ولم يكتف منهم بمعرفة الحق والصبر عليه، حتى يوصي بعضهم بعضا به ويرشده إليه ويحضه عليه.
وإذا كان من عدا هؤلاء فهو خاسر، فمعلوم أن المعاصي والذنوب تعمي بصيرة القلب فلا يدرك الحق كما ينبغي، وتضعف قوته وعزيمته فلا يصبر عليه، بل قد يتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطل حقا والحق باطلا، والمعروف منكرا والمنكر معروفا، فينتكس في سيره ويرجع عن سفره إلى الله والدار الآخرة، إلى سفره إلى مستقر النفوس المبطلة التي رضيت بالحياة الدنيا، واطمأنت بها، وغفلت عن الله وآياته، وتركت الاستعداد للقائه، ولو لم يكن في عقوبة الذنوب إلا هذه وحدها لكانت داعية إلى تركها والبعد منها، والله المستعان.
وهذا كما أن الطاعة تنور القلب وتجلوه وتصقله، وتقويه وتثبته حتى يصير كالمرآة المجلوة في جلائها وصفائها فيمتلئ نورا، فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مسترق السمع من الشهب الثواقب، فالشيطان يفرق من هذا القلب أشد من فرق الذئب من الأسد، حتى إن صاحبه ليصرع الشيطان فيخر صريعا، فيجتمع عليه الشياطين، فيقول بعضهم لبعض: ما شأنه؟
فيقال: أصابه إنسي، وبه نظرة من الإنس:
فيا نظرة من قلب حر منور
يكاد لها الشيطان بالنور يحرق
أفيستوي هذا القلب وقلب مظلم أرجاؤه، مختلفة أهواؤه، قد اتخذه الشيطان وطنه وأعده مسكنه، إذا تصبح بطلعته حياه، وقال: فديت من لا يفلح في دنياه ولا في أخراه؟
قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها
فأنت قرين لي بكل مكان
فإن كنت في دار الشقاء فإنني
وأنت جميعا في شقا وهوان ".
- ابن القيم
" ومن عقوباتها أنها تعمي القلب، فإن لم تعمه أضعفت بصيرته ولابد، وقد تقدم بيان أنها تضعفه ولابد، فإذا عمي القلب وضعف، فاته من معرفة الهدى وقوته على تنفيذه في نفسه وفي غيره، بحسب ضعف بصيرته وقوته.
فإن الكمال الإنساني مداره على أصلين: معرفة الحق من الباطل، وإيثاره عليه.
وما تفاوتت منازل الخلق عند الله تعالى في الدنيا والآخرة إلا بقدر تفاوت منازلهم في هذين
الأمرين، وهما اللذان أثنى الله بهما سبحانه على أنبيائه بهما في قوله تعالى: ﴿واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار﴾ [ص: ٤٥].
فالأيدي: القوة في تنفيذ الحق، والأبصار: البصائر في الدين، فوصفهم بكمال إدراك الحق وكمال تنفيذه، وانقسم الناس في هذا المقام أربعة أقسام، فهؤلاء أشرف الأقسام من الخلق وأكرمهم على الله تعالى.
القسم الثاني: عكس هؤلاء، من لا بصيرة له في الدين، ولا قوة على تنفيذ الحق، وهم أكثر هذا الخلق، وهم الذين رؤيتهم قذى العيون وحمى الأرواح وسقم القلوب، يضيقون الديار ويغلون الأسعار، ولا يستفاد من صحبتهم إلا العار والشنار.
القسم الثالث: من له بصيرة بالحق ومعرفة به، لكنه ضعيف لا قوة له على تنفيذه ولا الدعوة إليه، وهذا حال المؤمن الضعيف، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله منه.
القسم الرابع: من له قوة وهمة وعزيمة، لكنه ضعيف البصيرة في الدين، لا يكاد يميز بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، بل يحسب كل سوداء تمرة وكل بيضاء شحمة، يحسب الورم شحما والدواء النافع سما.
وليس في هؤلاء من يصلح للإمامة في الدين، ولا هو موضع لها سوى القسم الأول، قال الله تعالى: ﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾ [السجدة: ٢٤].
فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين نالوا الإمامة في الدين، وهؤلاء هم الذين استثناهم الله سبحانه من جملة الخاسرين، وأقسم بالعصر - الذي هو زمن سعي الخاسرين والرابحين - على أن من عداهم فهو من الخاسرين، فقال تعالى ﴿والعصر - إن الإنسان لفي خسر - إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ [العصر: ١-٣].
ولم يكتف منهم بمعرفة الحق والصبر عليه، حتى يوصي بعضهم بعضا به ويرشده إليه ويحضه عليه.
وإذا كان من عدا هؤلاء فهو خاسر، فمعلوم أن المعاصي والذنوب تعمي بصيرة القلب فلا يدرك الحق كما ينبغي، وتضعف قوته وعزيمته فلا يصبر عليه، بل قد يتوارد على القلب حتى ينعكس إدراكه كما ينعكس سيره، فيدرك الباطل حقا والحق باطلا، والمعروف منكرا والمنكر معروفا، فينتكس في سيره ويرجع عن سفره إلى الله والدار الآخرة، إلى سفره إلى مستقر النفوس المبطلة التي رضيت بالحياة الدنيا، واطمأنت بها، وغفلت عن الله وآياته، وتركت الاستعداد للقائه، ولو لم يكن في عقوبة الذنوب إلا هذه وحدها لكانت داعية إلى تركها والبعد منها، والله المستعان.
وهذا كما أن الطاعة تنور القلب وتجلوه وتصقله، وتقويه وتثبته حتى يصير كالمرآة المجلوة في جلائها وصفائها فيمتلئ نورا، فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مسترق السمع من الشهب الثواقب، فالشيطان يفرق من هذا القلب أشد من فرق الذئب من الأسد، حتى إن صاحبه ليصرع الشيطان فيخر صريعا، فيجتمع عليه الشياطين، فيقول بعضهم لبعض: ما شأنه؟
فيقال: أصابه إنسي، وبه نظرة من الإنس:
فيا نظرة من قلب حر منور
يكاد لها الشيطان بالنور يحرق
أفيستوي هذا القلب وقلب مظلم أرجاؤه، مختلفة أهواؤه، قد اتخذه الشيطان وطنه وأعده مسكنه، إذا تصبح بطلعته حياه، وقال: فديت من لا يفلح في دنياه ولا في أخراه؟
قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها
فأنت قرين لي بكل مكان
فإن كنت في دار الشقاء فإنني
وأنت جميعا في شقا وهوان ".
- ابن القيم
❤6