tgoop.com/lahoilahoooooooooo/2983
Last Update:
و الخلاصة فقد كان القصد من ذكر هاتين الروايتين خصوص لفظ «سواد» و «خيال» و «فؤاد» في الرواية الأولى، و لفظ «سواد» و «خيال» و «بياض» في الثانية. و ذلك لأنّ المراد بها تلك العوالم الثلاثة الموجودة في الإنسان، فالسواد كناية عن عالم البدن و المادّة، لأنّ عالم البدن و الطبع مُبتلى بالآلام و المصائب و مُعرّض للحوادث و التغييرات و للكون و الفساد، و محدود بالزمان و المكان و أعراض المادّة، حيث عُبِّر عنه في الرواية ب- «أظلم العوالم».
و الخيال بمعنى عالم المثال و الذهن الذي يتعامل مع الصور بشكل دائميّ، فلا تتجاوز دائرة نشاطه الشكلَ و الصورةَ و التصوّرَ و التصديقَ.
أمّا البياض فكناية عن عالم النفس الناطقة و حقيقة الإنسان المجرّدة و المنزّهة عن المادّة و الطبع، و عن شكل و صورة و حدود و ثغور عالم المثال؛ و السبحة في بحر التحرّر و الإنطلاق. و هو معنى الفؤاد الذي ورد في الرواية الأولى، كما إنّ السجدة عبارة عن غاية التذلّل و العبوديّة و مقام الفناء.
و عليه فإنّ معنى ذلك سيصبح: يا إلهي، لقد قَدِمْتُ بجميع مراتب و درجات وجودي، من الطبع و البدن، و من الخيال و المثال، و من النفس و الحقيقة إلى مقام التسليم و العبوديّة المحضة و الفناء في ساحتك المقدّسة، فليس هناك في أي منها شائبة للأنانيّة و الشخصيّة و الاستكبار و الاستقلال رزقنا الله ذلك بمحمّد و آله صلواته عليهم و سلامه.
كلام المرحوم الميرزا جواد آقا الملكيّ التبريزيّ في العوالم الثلاثة
و لهذا المعنى فقد صرّح آية الحقّ و اليقين، زين الحكماء و العرفاء الشامخين، الحاجّ الميرزا جواد آقاى الملكيّ التبريزيّ أعلى الله مقامه الشريف في كتاب «المراقبات أو أعمال السنة» ص ۸٥ ضمن أعمال ليلة النصف من شعبان بقوله:
وَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ سَجَدَاتٌ بِدَعَوَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، وَ في بَعْضِهَا إشَارَةٌ إلى الْمَراتِبِ الثَّلَاثَةِ للإنْسَانِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: «سَجَدَ لَكَ سَوَادِي وَ خَيَالِي وَ بَيَاضِي» وَ هُوَ كَالنَّصِّ بِعَالَمِهِ الْمَحْسُوسِ فَإنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ مَادَّةٍ وَ مِقْدَارٍ، وَ عَالَمِهِ الْمِثَالِ وَ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ صُورَةٍ وَ رُوحٍ، وَ عَالَمِهِ الْحَقِيقِيّ الذي بِهِ صَارَ إنْسَاناً يَعنِي حَقِيَقَةَ نَفْسِهِ وَ هُوَ عَالَمُهُ الذي لَا صُورَةَ فِيهِ وَ لَا مَادَّةَ، وَ هُوَ حَقِيقَتُهُ الْعَالِمَةُ اللَّطِيفَةُ الرَّبانِيَّةُ التي مَنْ عَرفَهَا فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ، أي تَكُونُ مَعْرِفَتُهُ وَسِيلَةً لِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ تعالى.
و كذلك كتب ذلك المرحوم في إجابته على رسالة للمرحوم زين الفقهاء و جمال السالكين الحاجّ الشيخ محمّد حسين الكمبانيّ الأصفهانيّ
سأله فيها إرشاده إلى طريقة للعمل و إلى المقدّمة المؤدّية إلى معرفة الحضرة الأحديّة؛ متعرّضاً إلى هذا المعنى يقول:
و العجب من التصريح بهذه المراتب في سجدة دعاء ليلة النصف من شعبان، و هو وقت وصول الرسالة؛ في قوله:
سَجَدَ لَكَ سَوَادِي وَ خَيَالِي وَ بَيَاضِي.
فأصل المعرفة ذلك الوقت الذي يفنى فيه الثلاثة معاً، حيث إنّ حقيقة السجدة عبارة عن الفناء، و عند الفناء عن النفس بمراتبها يحصل البقاء بالله.
📘كتاب معرفة المعاد جزء ٢ للعلامة الطهراني رضوان الله عليه
https://www.tgoop.com/lahoilahoooooooooo
BY قصة في مباني العرفان ل مدرسة العلامة الطهراني رضوان الله عليه قناة علوم ومباني الإسلام

Share with your friend now:
tgoop.com/lahoilahoooooooooo/2983