Telegram Web
-
جُبِل الإنسان على التفكّر والتأمّل فيما فاته، مع فقدان القدرة على تقدير ما يمتلك من نِعَم، فعينه لا ترى سوى المستقبل البعيد، فيجد نفسه محاصرًا في شِباك اندفاعاته وأحلامه، ويُغمى عليه جماليات الحاضر.

- فإنه قلّما يعيش لحظته ويُحسن إدارتها، إذ هو غالبًا مهووسٌ بالتخطيط للمستقبل، متجاوزًا حاضره، فيأكل عمره أو يأكله، فلا هو نال ما طلب، ولا فاز بما تمنّى، فحال مستقبله سيكون كحاضره حين يأتي، وسيكون حينها مشغولًا بالتخطيط لمستقبلٍ آخر، فيفوت على نفسه الاستمتاع باللحظة والعيش معها، حتى تتداركه المنيّة وهو على هذا الحال، وهذا هو الخسران المبين.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
لِيطمَئنَّ قلبُك
- السّلام عَليكم ورحمة اللهِ وبركاته، أثناء تجوالي في تطبيق "تليجرام"، صادفت قناة لأحد الأشخاص، ومن خلال كتاباته واقتباساته بدا لي أنه يمرّ بظرف نفسي صعب؛ فكل محتواها يكسوه الحزن وتغيب عنه روح الحياة، وهو حال كثير من القنوات التي يغلب عليها الكآبة. …
-

اللهم يا كاشف الضرّ، ويا مُنزل السّكينة، فرّج كرب المبتلين، وأنر قلوبًا غشاها الحزن، وابعث في أرواحهم نسيم الرجاء، واملأ أيامهم طمأنينةً وسلامًا.

اللهم اجعل في كلّ همٍّ فرجًا، وفي كلّ ضيقٍ مخرجًا، وارزقهم أنسًا من عندك، وكفايةً تسدّ عنهم ما أحزنهم، وهيئ لهم من عبادك من يؤازرهم، ويكون لهم عونًا وسندًا، فإنك نعم المعين، ونعم الوكيل.
لِيطمَئنَّ قلبُك
- ذو الكرامة لا يقف على باب أحدٍ من البشر مرتين (: إن وقف مرةً لعذرٍ قاهر، أو حسنِ ظنٍّ بالموقوف ببابه، فإنه لا يُكرّرها، ولو قُطعت سالفته، أو قُرِّض بالمقاريض. هذا إذا قُضيت حاجته، وأُجيب إلى طلبه، فكيف لو أُهمل أو رُدّ! لا تُذِلّ نفسك لأحدٍ مهما كان،…
-
ذو الكرامة لا يُكرّر الوقوف على الأبواب؛ فإن اضطرّ مرةً، أعرض عن الثانية، فالسؤال مذلّة، إلا للوالدين، ومن ذلّ لغيرهما، سلّم رقبته للهون، والكرامة إذا تناثرت، عجز الخلق عن جمعها، فاطلب الحوائج بعزّة، فالأقدار سائرة لا تتوقف.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
𓂃 ִֶָ

يا صاحب القلب المصابر، إن البلاء منازِلٌ ينزلها العبد، يُبتلى فيها ليُختبر صبره ويُقاس فيها صدق رجائه؛ فإن رآه الناس هزيمةً وانكسارًا، فهو عند أهل البصائر رفعة في المقام، وزيادة في الأجر، وسُلَّمٌ إلى القرب.

كلما رماك الدهر بنَكَبةٍ، سقطت أرضًا، واضطرب منك الجنان، وتبددت منك القوى، فلم تر من الناس مأمنًا، ولا فيهم سندًا، فأعرضت عنهم، وآثرت الخلوة بربك، وقلت في قرار القلب: ستمضي، كما مضت أختها، فربّي الذي كفاني الأولى لا يعجز عن الثانية.

ثم أتتك شدّة أثقلَ، وكربٌ أعظم، هزّ منك ما كنت تظنه قد بَرَأ، وأعادك إلى ضعفٍ لم تبلغه من قبل، ولكنك ما انكسرت، بل نهضت، ولو على رجاءِ مثقل، لأنك عرفت أن البلاء زائل، وأن الرحمة آتية، وأن وعد الله لا يُخلف، وكيف لا تُسرّ حين تسمع قول نبيّك ﷺ: حتى الشوكة يُشاكها، يُكتب له بها أجر؟ فكل ألمٍ فيك له أجر، وكل وجعٍ يُحفظ، وكل دمعٍ في هدأة الليل له شاهد في السماء.

فامشِ في درب الصبر، وإن خارت عزائمك يومًا، فالغد يَجمعها، وإن ذل جسدك، فروحك تأبى الخنوع، وإن بعدت عن الناس، فما بعدت عن الرحمن، وإن بكيت، فدمعتك لا تَغيب عن عين الله، ولا تُنسى عند ملائكته، فاجعل من الصبر زادًا، ومن اليقين سلاحًا، وانظر صوب الفرج فإنه قريب، وإن مع كل ضيقٍ يُسْرَين لا يُخطئانك.

إنّ ربّك الذي خلقك لا تغيب عنه همسةٌ تُسرّ، ولا غصةٌ تُكتم، ولا دمعٌ يسيل في سواد الليل، يعلم خفِيَّ السرائر، ويُحصي أنفاسك، ويغفر ضعفاتك، فوالله ما نسي لك صمتًا سكتَّ فيه عن شكوى، ولا عتبًا حبسْته في قلبك رجاءً، ولا قهرًا دفنته حياءً، ولا ألمًا كتمته صبرًا وتوكلًا عليه، فاهدأ؛ فإنك في كنف من لا يغفل، وتحت عين من لا ينام، ولا يسهو عن دعوةٍ تُرفع، ولا وجعٍ يُخبأ، وإنّ الله لا يضيع لك دمعًا سال، ولا شكوى لم تُقَلْ، ولا موقفًا صبرت فيه، وإن لم يعلمه الناس.

ثق بربّك؛ فإن الخير إذا أتى منه، لا يُحبس، والوعد إن خرج من عنده، لا يُخلف، والبلاء إن نزل، فإنما ليرفعك، وإن الأجر معه لا يفنى، بل يدّخر لك في يومٍ تُبعثر فيه الصحائف وتوزن فيه القلوب.

- أمُّ عبدِ اللهِ.
2025/07/14 17:51:11
Back to Top
HTML Embed Code: