"صلاةُ الليلِ برءٌ للحنايا
وتطبيبٌ، وتخفيفٌ، وأُنسُ"

 يأتي رمضان في حينه..
في أوانه تمامًا!
وقد بلغت الروحُ مبلغَها من الظّمأ المتّقد إلى كوثره العذب، وإلى هناءة مغتسله البارد.

يأتي وقد ضجَّ الاشتياقُ بالنفس إلى سكينته، وتفرّقت الرُّوح لهفةً واحتراقًا إلى موارد الرحمات الإلهية؛ فتطفئ به ما أورثه حولٌ كامل من شتاتٍ وتوزُّعٍ أخلدت معه النفس إلى المشقّة والرهق.

فالحمد لله، حمدًا كثيرًا على أن شرع شهر الرحمة، وعلى أن أشهدنا مواسم الفضل والخير والإحسان، فبلّغنا بكرمه ومنّته أيامها..

فلا حُرمنا وإياكم حسن القبول والقيام بحقّه والإحسان فيه، وأسأله أن يوالي علينا مواسم رحمته ونحن في نعمةٍ متجدّدة تامّةٍ سابغة.

الحمد لله .. وبعد، 
النداء الثاني!
الليلة هي الليلة السادسة من الشهر؛ ذهابها بمثابة الإعلان عن رحيل خمس الشهر الأول.
تأمل لو أن رجلًا سُلِب خمس ماله، كيف يكون حاله.

الحقيقة التي ربما تأتي مؤلمة أن هذا الخمس لن يعود إلا بصحائف مسطورة يوم القيامة بما أودعت فيه من عمل، والحقيقة الأكثر إيلامًا أن ناسًا مثلنا عاشوا تلك الأيام أزمنة مضت، مرت عليهم الليلة تلو الليلة ..  فرطوا مثل ما فرطنا .. هم الآن تحت التراب لعل منهم من يتحسر لكن الحسرة هناك لا يعلم حقيقتها إلا الله ثم من عاينها بعد انقضاء الأجل.

لا نزال في حاجة إلى من يوقظنا من غفلتنا ولا تزال السوق قائمة قبل حسرات انقضاء الشهر.

ختم القرآن أكثر من ثلاث ختمات في رمضان وإن كان بلا تدبّر يُثاب عليه المرء، فلا يثبطنّك أحدهم عن كثرة تلاوته، هناك من فُتح عليه بكثرة التلاوة وإن لم يفقه المعنى، وهناك من فُتح عليه بالتدبّر ويقتصر على ذلك بختمة واحدة، الطريقة التي تجد فيها قلبك حاضرًا الزمها، فضل الله واسع🌧️🌿.

‏مِن خبايَا اﻷعمال الصالحة التي بإمكانك
إخفائها عن الناس هي تلاوة القرآن وختمه في
زمن تحدِّده أنت، وتستمر علىٰ ذلك حتىٰ تلقى
اللّٰه.

الشنقيطي

"وقتٌ مُجَاب، وربٌّ وهَّاب"

رجائي أن يُذكر والديّ في دعواتكم 🤍

قال ابن الجوزي رحمه الله :

‏إذا لم يختم المسلم القرآن تلاوة في رمضان شهر القرآن، فلن يختمه في سائر السنة إلا -أن يشاء الله- ‏وعدم الختم خذلان، يستوجب إدامة الدعاء، بكشف الغمة، ورفع الغفلة عن القلب.

‏إن الدعاء يُغالب الأقدار ..
- إياك أن تُهزم 🤍

"يا مؤنس الصالحين بالطاعات .. أكرمنا"

الحمد لله .. وبعد،
انقضى الثلث الأول من الشهر وذهبت ساعاته إلى كتاب مسطور يراه أحدنا يومًا ما عند تطاير الصحف.
ذهبت لحظات الدعة والكسل والفتور ولم يبق من لذتها شيء، اللهم إلا شيء من الحسرة على الفوات، .. طويت الدقائق والساعات والبرامج والخطرات فلم يبق إلا ما كان فيه من عمل صالح؛ حتى التسبيحة لا يضيعها الله.

وهكذا سينقضي الثلث الأوسط قريبًا، ثم العشر الأواخر.
بل وهكذا تنقضي الأعمار؛ فإذ دخل  الإنسان حفرته استفاق.

فاللهم أيقظنا من طول الرقاد وألهمنا رشدنا ما بقي من شهرنا واختمه لنا بالفرح لا الحسرات.
آمين

أحمد سيف

ياعباد الله !
مضى من الشهر الثلث؛ والثلث كثير! !
من فرط فيما مضى
فليحسن فيما بقي
فالعبرة بالخواتيم..

الحمد لله .. وبعد،
النداء الثالث!
الليلة هي بداية الثلث الأوسط الذي هو بمثابة المحطة الأخيرة قبيل العشر الأواخر
هاته  العشر التي عادة ما يهمن علينا فيها شيء من الكسل وربما الزهد في الطاعة

نصيحتي التي أُسر بها إلى كل من قصَّرَ وفرَّطَ في ثلث الشهر الأول ويشعر بالحسرة والألم: عُد بقلبك إلى الليلة الأولى ثم هيِّئ قلبك الآن إلى استقبال رحمة الله..
نعم والله .. رحمة الله.
الله الذي فتح لك أبواب الجنان وأغلق أبواب النيران وصفد لك الشياطين.
وظاهر كلام الإمام أحمد وطوائف أن سلسلة الشياطين وإغلاق أبواب جهنم=  محمولة على ظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي سلسلة حقيقية؛ نؤمن بها كما جاءت.

خلاصة ما يُفهم من كلام العلماء: أنك لا تزال في شهر تُفتح فيه أبواب الرحمة وتُغلق فيه أبواب جهنم وهذا يكفيك لتنفض عن نفسك غبار الكسل.

كل ما عليك الآن - مهما بلغ تقصيرك - أن تغادر بقلبك حدود الدنيا فتُبصر أبواب الجنة وقد فُتحت لك وأبواب النار وقد أُحكم غلقها .. وشياطين الجن وقد غُلَّت في سلاسلها من أجلك= هذه يا أخي رحمة الله التي أعدها لك وأريدك أن تستحضرها قبل أن تستحضر تقصيرك.


إذا عقلت هذا؛ فقم الآن واعزم أمرك على الاستقامة .. ثم اعمل واعلم أن اليسير اليوم كثير!

قم الليل وأطل المناجاة وصل واستحضر دموع الندم على ما فات ..
صُم وراقب صيامك وانوِ الخير .. وأقبل على كلام تكلم به ربنا ورتِله ترتيلًا.

استجمع قوى نفسك ولا تحملك قسوة قلبك وعزوف نفسك على ترك العمل.
جاهد وحاول ولا تنشغل كثيرًا بعدم تلذذك بالعبادات ولا تلتفت لقسوة قلبك هذا طبيعي جدًا لمن هم مثلنا.
أكرر: لا تكثر الانشغال بمسألة قسوة قبك أو عدم حضوره أو عدم تلذذك بالآيات .. المهم هنا أن تجاهد  نفسك.


تزود إلى العشرة الأخيرة من الليلة، ووطن نفسك ..  من يضيع العشرين يُصعب عليه جدًا الإحسان في العشر الأواخر؛ فلا تضيع نفسك وتغبنها مرتين!
والله المستعان

أحمد سيف

‏"سيستجيب .. وسَتُصبح قصة جبرك أملًا للآخرين"

هل يشعر أحد منا أننا بالفعل اقتربنا من منتصف الشهر؟
أما أنا فلا؛ بل لا أزال أذكر يوم الجمعة الذي سبق رمضان بليلة وكأنه بالأمس القريب.
هل هذه المشاعر التي نعيشها اليوم وذاك الذهول من انفلات الأيام هو نفس ما يعيشه أهل القبور؟
ربما نعم، نحن في ذهول من انتصاف الشهر، بينا هم في ذهول من انقضاء العمر.
فاللهم حسن الخواتيم

أحمد سيف

أسجُدْ لِرَبِّكَ حينَ يَلفَحُكَ الأسى
‏إنَّ السعادةَ كُلّها أن تَسجُدا

- ضُحاكم يا أوّابين

«إن الملوكَ -إذا شابتْ عبيدُهُمُ
‏في رِقِّهم- عَتَقوهمُ عِتقَ أبرار
‏.
‏وأنتَ يا خالقي أولى بذا كرمًا
‏شِبْنَا بذا الرِّقّ .. فاعتِقنا من النار»