Telegram Web
إذا ضاقت نفسك وشعرت أن الله لن يقبلك فتذكر أنه أنزل في حق من أذنب بكبيرةٍ قوله سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، وأنه خاطب مُسرِفِي هذه الأمة بقوله سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وهذا خطابه للمسرف فكيف بمن دونه!
اندلاع الحرب من جديد أمرٌ ثقيلٌ على النفوس، خاصة بما تتضمنه من تضييق وخوفٍ وجوع ونقصٍ من الأموال والأنفس والثمرات وتكاليف باهظة على النزوح وغيره.

ومن أكثر المواضع التي تُثبِّت وتسدد وتُسكِّن قوله سبحانه:
{وكأين من نبي قاتل معه رِبِّيُون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين.
وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
فآتاهم الله ثواب الدين وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين}.

اللهم أحق بنا الحق وأبطل بنا الباطل.
اللهم خذنا إلى العافية عن قريب.
اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل، أنت مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
قمت بتخصيص قناة للكتب وكذلك للسلاسل المسجلة ليتوفر منها نسخة صوتية، وهذا رابطها:

https://www.tgoop.com/mastal2025
إنَّ ربنا الكبير قادرٌ أن ينصرنا على عدونا بغير كبير جهـ.ـدٍ وجـ.ـهـ.ـاد؛ ولكن لا بد من القتـ.ـال؛ ليُصطفى الشـ.ـهـ.ـداء، وتُجزى الأعمال، ويتميز الأبرار من الفجار، كما قال سبحانه: {ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض، والذين قتلـ.ـوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم، سيهديهم ويصلح بالهم، ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم} سورة محمد [4-6].

فلا خوف على من قُتِـ.ـلَ في سبيل الله؛ ولكن الخوف على من ضيع أمانة الدين وخذل إخوانه المؤمنين، هذه رسالة الآيات فأعد قراءتها جيدًا.
هذه الليلة أول ليالي العشر الأواخر، وهي من الليالي الفردية التي يمكن أن تكون ليلة القدر بناءً على ما يترجح من القول بتنقل ليلة القدر، وقد ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أريها في إحدى السنوات بعلامةٍ وكانت ليلةَ الحادي والعشرين.
ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر، وهذا الفضل يعم كل الليلة، وعليه فقيام جزء من الليل كالبدء من الساعة الواحدة هو قيامٌ لجزءٍ من الليلة وإدراكٌ لجزءٍ من الأجر.

وسعيًا في تحصيل الفضل كله أنصح بأن تبدأ الصلاة بعد أن تصلي التراويح جماعةً بقليل وتبقى تصلي ما شاء الله أن تصلي، فإذا غلبك النوم نمت قليلًا واحتسبت نومتك كقومتك، ثم تواصل حتى السحور.

واستعن على طول القيام وحسن اليقظة بما تعرفه من نفسك من معيناتٍ ومنبِّهاتٍ كالقهوة والتمر وغير ذلك.

أسأل الله أن يعينك ويقويك ويفتح لك من خزائن فضله فتحًا لا إغلاق بعده.
إذا استشاط العدو فالصبر عبادة الوقت، وواجب الوقت، {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا}، {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}، {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}.
الليالي العشر كلها من ليالي الفضل، وحتى إذا لم تكن الليلة منها ليلةَ القدر فهي ليلة مغفرة ورحمة وعتقٍ ورحمة وفضل وإجابة للدعاء، فهذه الأيام تُفتح فيها أبواب السماء فاحتشد لها قوتك وعزمك وصبرك، ولا تستعظم ذنبًا أن يُغفر ولا حاجةً أن تُقضى، والله ذو رحمةٍ واسعةٍ وذو فضلٍ عظيم.
وصلت بعض كتبي إلى الضفة لدى دار العماد للنشر والتوزيع، وللدار فرعٌ في رام الله شارع الإرسال عمارة الإسراء، وفرعٌ في الخليل شارع وادي التفاح بجانب مجمع السيارات، وكذا في شارع عين سارة بجانب مبنى البلدية.

والكتب الموجودة فيما بلغني: سراج الغرباء، وفقه الاستدراك، والحركة النسوية، وأنيس المتعبد.
حرب غزة يوميات ومشاهدات [٥٩]
(واجعلوا بيوتكم قبلة)
كنا نتمنى أن تدخل علينا العشر ونحن في حال أحسن من هذه الحال، ولا يقدِّر الله لعباده إلا الخير.
من مشاهد التوحيد والإيمان في هذه الحرب مشهد القدرة وتقليب الأحوال: يسرا وعسرا، ونعيما وبؤسا، وحربا وسلما... إلخ.
الإخوة من أول أيام رمضان يسألون عن الاعتكاف ويخططون له ويرتبون، وما كان أحد يظن أن الحرب تعود من جديد، وتعود المساجد إلى سابق عهدها أسيفة على خلوها من الراكعين الساجدين العاكفين.
والموفَّق الحازم لا يَعوقه عن طاعة ربه شيء، ولا يتقيد برسم دون رسم، ويستعين اللهَ في أحواله كلها.
وأجل موارد الاستعانة: أن يستعين العبد بربه على طاعته وعبادته، ففي فاتحة الكتاب: (إياك نعبد وإياك نستعين) فجعل العبادة قرينةَ الاستعانة، وفي التنزيل: (فاعبده وتوكل عليه)، (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا).
فيا أهلنا في غزة، إنْ حيل بينكم وبين المساجد فاجعلوا بيكم قبلة، وجِدوا واجتهدوا في طاعة ربكم، واعلموا أن العبادة والضراعة والإنابة مع الأخذ بالأسباب من أعظم أسباب تفريج الكروب.
وأنصح أهل كل بيت أن يجتمعوا على من يؤمهم في القيام إن استطاعوا، فإن القيام مع الجماعة يُعان فيه المرء، ومَن قَوي على القيام وحده فهذا صنيع جماعة من السلف كانوا يعتزلون الناس ويصلون في بيوتهم، جاء ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر والقاسم وسالم وعروة وربيعة ومالك في ٱخرين.
وأنصح بختمة في قيام العشر، فإنه أعون على الجد، وأعظم في الأجر.
ولا تشقُّوا على النساء والصغار والكبار بطول القراءة والقيام، واسلكوا سبيل من سلف بالزيادة في الركعات وتقليل المقروء ليعان الضَّعَفة على العبادة، وقد أجمع أهل العلم على أن صلاة الليل ليس لها حد ولا عدد معين، فصلوا ما شئتم، وأقبلوا بقلوبكم على ربكم، وجاهدوا أنفسكم في الخشوع والضراعة فإن ذلك مقصود العبادة.
وهذه فرصة عظيمة للعبادة مع الأهل، ومتابعتهم وترغيبهم وتشجيعهم، فإن كثيرا منا مقصرون في ذلك.
إخواني الأحبة، أرُوا الله في هذه الليالي من أنفسكم خيرا، وتعرضوا فيها لنفحاته ورحماته، فإنها أفضل ليالي السنة، وفيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم، ولا يحرم خيرَها إلا محروم.
وأمِّلوا وأبشروا، فوالله لتُخْلَفُن بالسلامة والعافية، وليجزينكم الله أعظم الجزاء إن صبرتم واتقيتم، ولتصيرَن أيامكم هذه من أحاديث المجالس والذكريات.
اللهم فرجا قريبا عاجلا يا أرحم الراحمين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم أبرم لنا إبراما رشيدا يعَز فيه أولياؤك، ويذل فيه أعداؤك، ويحكم فيه بشرعك.
بسام بن خليل الصفدي
الخميس ٢٠ رمضان ١٤٤٦
https://www.tgoop.com/DBasam
بما أن الاعتكاف في مساجد قطاعنا الحبيب أصبح متعذرًا (لا يمكن الإتيان به أصلًا) أو متعسرًا (يمكن الإتيان به بمشقة شديدة)، فكيف يمكن أن نحيي هذه السُّنة في ظل هذه الظروف؟

يبين ابن القيم في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" مقصود الاعتكاف الأعظم، فيقول: "وشرع لهم الاعتكاف، الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، وجمعيته عليه، والخلوة به، والانقطاع عن الانشغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه، بحيث يصير ذكره، وحبه، والإقبال عليه من هموم القلب وخطراته، فيستولي عليه بدلها، فيصير الهم كله به، والخطرات كلها بذكره، والتفكير في تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله، بدلاً من أنسه بالخلق، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور، حين لا أنيس له، ولا ما يفرح به سواه".

وحينئذ، إذا تعذرت أو تعسرت الوسيلة الأصلية لتحقيق هذا المقصد، فالسبيل يكمن في الانتقال إلى وسائل بديلة تعمل على تحقيقه. وهذه الوسائل البديلة تقوم على فكرة القيام بأعمال الاعتكاف خارج المسجد، تحقيقًا لمقاصد الاعتكاف ما أمكن.

وتتمثل أعمال الاعتكاف في التفرغ لطاعة الله، والاشتغال بذكره ودعائه، والانقطاع عن الناس إن لم يحتاجوك لأمر ضروري –خاصة في مثل هذه الظروف– وتلاوة القرآن، والإكثار من النوافل، وتجنب ما لا يعنيك من أحاديث الدنيا قدر المستطاع، ولا بأس بقليل من الحديث المباح مع الأهل وغيرهم لمصلحة، ومعاشرة جلسائك بالمعروف، كما لو كانوا رفقاءك في المعتكَف؛ فإن ما لا يُدرك كله، لا يُترك جُلّه، والميسور لا يسقط بالمعسور.

وإني لأدرك –وأنا شاهد على معاناة الحياة الرهيبة– أن تحقيق هذا القدر ليس سهلًا، خاصة مع الضرورة الملحة للسعي في قضاء حوائج الناس، وهي من أعظم الواجبات في هذا الوقت، والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية: من تعبئة المياه، وتوفير الطعام الذي يوشك على النفاد من الأسواق، وشحن البطاريات لإضاءة اللِّدَّات (LEDs = Light Emitting Diodes)، وجمع الخشب والكراتين لطهي الطعام، وغيرها من وجوه المعاناة التي لا تنتهي.

وفوق هذا كله، يُعدّ المرء محظوظًا إن لم يُجبَر على النزوح من مكان إقامته، أو لم تهدده أوامر العدو بالإخلاء. ثم تأتي قسوة الظروف داخل الخيام، حيث تتكدس العائلة كلها في خيمة واحدة، ويشتد الشحّ في المصاحف، حتى إن عدة خيام لا تكاد تجد مصحفًا، ومن لم يكن حافظًا وأراد ختم القرآن في العشر الأواخر، سيُعْيِيه حتى توفير إضاءة بسيطة أو شحن هاتفه.

فَأْوُوا إِلَى طاعة ربكم يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا. والمأمول من الرب الكريم أن يكتب لنا أجر الاعتكاف وأن يرزقنا بركاته وآثاره التربوية.
هذه موعظة قديمة في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان، وقد جاءت عابرة ثم استفدت من فكرتها في أحد مواضع كتاب (فقه الاستدراك).
نحن في زمن جلد الكافر والفاجر وعجز الثقة، زمن تقلُّبِ الذين كفروا في البلاد، وأمام غلبة الباطل وبطشه وخضوع الأمة لعدوها في احتلالٍ غير مباشر فلا عمل لنا إلا الثبات والجَلَد والصبر، {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا}، {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}.
بانتظارنا أيام ثقال في معركة تطول، لكن البشر مهما اشتد بطشهم فليسوا سوى أدوات في تنفيذ القدر، وعسى الله أن يجعل غزة اليد التي تتغير بها المعادلات في المنطقة فتذل أنظمةٌ بعد علو، وتنفتح للأمة آفاق بعد انغلاق، وليس البكاء -والله- على من قضى نَحبَه وهو في طريقه إلى الله يعمل لم يبدل ولم يغير؛ وإنما على من تهاون وخذل وقصَّر.

فوطِّنوا أنفسكم على الثبات والصبر والجَلَد، واستعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
أيام العشر الأواخر أيام مغفرةٍ ورحمةٍ وعفوٍ وبركةٍ وفضل، وأنى كان حالك فالله يقبلك ويوفقك ويفتح لك الأبواب، فاترك صخب الدنيا وما يشتتك وأجِّلْ كلَّ أو جُلَّ ما يشغلك، واجمع شتات قلبك وارصد أهم حوائجك وطموحاتك واطرق باب ربك في قيام كل ليلة؛ فإنَّ الربَّ كريم وفضله لا ينقطع.
إذا ضاقت نفسك وشعرت أن الله لن يقبلك فتذكر أنه أنزل في حق من أذنب بكبيرةٍ قوله سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، وأنه خاطب مُسرِفِي هذه الأمة بقوله سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وهذا خطابه للمسرف فكيف بمن دونه!
جاء العيد وغزة بخير، فلا زالت القطعة من الأُمَّةِ بخيرٍ ما دامت تحمل سلاحها وتقاتل عدوها وإن كان ميزان القوة لصالح العدو، وإن تكاليف المدافعة والإباء أيسر من تكاليف الاستسلام والانحناء فضلًا عن التدجين والاحتواء.

تقبل الله مني ومنكم، وكل عام وأنتم بخير.
بدخول العيد ينفتح باب الذكريات مع الشهداء، وبهذا تنفجر جروحٌ كانت نائمة، وتخرج زفراتٌ كانت كامنة.

ومع اشتداد ألم الفراق لا سيما لكثرة الأحبة الذين رحلوا إلى الله فإنَّ مما يواسي الإنسان ذلك المعنى الذي وجدت القرآن يُثبِّت به القلوب ويسكب به على النفوس برد السكينة والطمأنينة، وهو وإن كان معروفًا ولم يكن محصورًا بالشهداء إلا أن إبرازه في آيات الجهاد والاستشهاد أو في سياق الحديث عن المعارك يعطيه تأثيرًا زائدًا في وقت الحروب يُقيت الإنسان وقت الحاجة لشدة ما يعرض على القلب من ألم الفراق.

هذا المعنى هو أن الله يخبرنا في جملةٍ من المواضع أن الشهيد وكذا غيره لم يترك أهله لمكانٍ مجهول ومصيرٍ مجهول؛ بل إنه انتقل من المقام عند أهله إلى المقام عند ربه على ما هو عليه من السَّعد والأنس والرزق الحسن، فهو الآن عند الله، فليس الذي صار إليه هو المآل المخيف الذي تذهب عليه النفس حسرات؛ بل إنه عند الله الولي الحميد الرحمن الرحيم الرؤوف الودود الكريم.

اقرأ هذا المعنى في هذه الآيات:
{بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]
{وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158]
{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: 198]
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 54، 55].

وقد أبرز النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى يوم مؤتة حين أخبر الصحابة باستشهاد القادة الثلاثة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، وقال وعيناه تذرفان: "ما يسرهم أنهم عندنا".

فلو لم يقضوا نَحبَهم في المعركة لبقوا في الحياة عند نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا ألذ في الدنيا من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنهم الآن عند ربهم!

بل تجاوزت آية آل عمران ذلك حين ذكرت أن الشهداء مُعتنون بأخبار من خلفهم ممن لم يلحق بهم كما قال سبحانه: {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ} [آل عمران: 170]، فهم يُسرَّون بلحوق من لحق بهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم، فهم الآن عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله.

فيما من فقدت أحدًا ترجو أن يبقى عندك اعقل هذه البشرى من ربك.
"من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر" أي السنة كما عند مسلم، وذلك أن صيام رمضان بعشرة أشهر وصيام الستة من شوال بشهرين.

ويذكر الشافعية أنَّ المراد كصيامها فرضًا فيأخذ الصائم لها أجر الصيام الواجب، وإلا فلا خصوصية لكون الصوم في شوال لأنَّ الحسنة بعشر أمثالها في شوال وغيره.

وأخذ بعض الفقهاء من قوله: "أتبعه" أن الأفضل صيامها متتابعةً متصلةً بيوم العيد، وإن كان يَصدُقُ على من صامها جوف الشهر أو فرَّقها في جميعه أنه أتبع رمضان بصيام ستة من شوال.
2025/04/09 12:06:05
Back to Top
HTML Embed Code: