#السؤال :
عند تزاحم الأعمال والأدعية في الليالي المباركة مثلا وضيق الوقت، ما الأعمال المقدمة على غيرها وما الضابط في ذلك؟

الجواب:
أولاً: أجاب العلامة المجلسي -رح- عن هذا السؤال لكثرة التعقيبات المروية بعد الصلوات، فقال إن ضاق الوقت فالمقدم تعقيبات معينة ذكرها ثم قال معللاً اختيارها: " هذه الأدعية والأذكار بحسب السند أقوى، والأولى بالمراعاة من بين هذه التعقيبات ما كان سنده أقوى، وموسوماً بالصحة، أو كان في شرحه مزيد فضل ظاهر، والله تعالى يعلم¹. "

فالمقدم هي الأدعية التي يحرز انتسابها للمعصوم -ع- سواء أحرز ذلك بالسند أو مطلق القرائن، ومن بعدها تأتي الأقوى احتمالاً فالأقل.

ثانياً: قد يكون السبب في ذلك أنه " لا ريب أن الدعاء بالمنقول أولى. " كما قال الشيخ محمد تقي المجلسي²، فمن الراجح أن يتحرى المؤمن ويبحث عن الأدعية التي يحرز أنها من أدعية المعصومين -ع- وليست من غيرهم ومن اختراع المخترعين، فإنشاء الدعاء وتأليفه وإن كان جائزاً إلا أنه مرجوح في قبال أدعية المعصومين -ع-.

فروى ثقة الإسلام الكليني -رح- بسند معتبر إلى عبد الرحيم القصير أنه قال: دَخَلتُ عَلى أبي عَبدِ اللهِ -ع- فَقُلت: جُعِلتُ فِداكَ إنّي اختَرَعتُ دُعاء، قالَ -ع-: " دَعني مِن اختِراعِك!. إذا نَزَلَ بِكَ أمرٌ فافزَع إلى رَسولِ -ص- وصَلِّ رَكعَتَينِ تُهْدِيهِما إلى رَسولِ اللهِ -ص-³. "

قال العلامة المجلسي -رح-: " وظاهره المنع من إنشاء الدعاء وكأنه على الكراهة، لا سيما عند إمكان سماع الدعاء عن الإمام. أو هو تحريص على التعلم، وإلا فقد ورد في الأخبار الكثيرة جواز إنشاء الدعاء، بل ورد: خير الدعاء ما جرى على لسانك، وإن احتمل أن يكون المراد: من الأدعية المنقولة⁴. "

ثالثاً: مما يزهد أيضاً في الأدعية المخترعة احتمال وجود خطأ في التعبير فيها أو سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى ولو من غير قصد وعلم، بخلاف أدعية المعصومين الذي يبلغون رسالات ربهم، ويعرفون كيف يخاطبون الله عز وجل ويستجلبون رحمته وفضله ورضوانه.

فروى ثقة الإسلام الكليني -رح- بسند صحيح عن إمامنا أبي الحسن الكاظم -ع- أن أحدهم كتب له في دعاءٍ: الحَمدُ للهِ مُنتَهى عِلمِه، فكتب -ع- إليه: " لا تَقولَنَّ مُنتَهى عِلمِه؛ فلَيسَ لِعِلمِهِ مُنتَهى، ولكن قُل: مُنتَهى رِضاه⁵. "

__

١- مقباس المصابيح، ص١١٣.
٢- روضة المتقين، ج٢، ص٨١٨.
٣- الكافي الشريف، ط الإسلامية، ج٣، ص٤٧٦.
٤- ملاذ الأخيار، ج١، ص٤٣٣.
٥- الكافي الشريف، ط الإسلامية، ج١، ص١٠٧.